الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِي، وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ كَاسِبٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ كُرَيْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ"، فَقَالَا: رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ مُغِيرَةَ، فَوَقَفَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قُلْت لَهُمَا: فَالْوَهْمُ مِمَّنْ؟ قَالَا: مَا نَدْرِي، مَنْ مُغِيرَةُ، أَوْ مَنْ ابْنُ كَاسِبٍ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا اُخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ عَنْ عُقْبَةَ مَرْفُوعًا: كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَهُوَ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَحْمُولٌ عَلَى نذر اللجاج الَّذِي يَخْرُجُ مَخْرَجَ الْأَيْمَانِ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَلَنَا قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، وَهِيَ كَالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ، قُلْت: وَرُوِيَتْ أَيْضًا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
فَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ سَمِعْت عَطَاءً يَقُولُ: بَلَغَنَا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، وَكَذَلِكَ نَقْرَأَهَا، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ، وَالْأَعْمَشِ، قَالَا: فِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، قَالَ أَبُو إسْحَاقَ: وَكَذَلِكَ نَقْرَأَهَا، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيٍّ: فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ 1 - فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ" عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، انْتَهَى. وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى.
1 في "تفسير سورة البقرة - باب الحج أشهر معلومات" ص 276 - ج 2.
فَصْلٌ فِي الْكَفَّارَةِ
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلِيَأْتِ بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ، ثُمَّ لِيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 2 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ،
2 في "النذور - باب من ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً" ص 48 - ج 2، وعند البخاري في "الأيمان والنذور" عن عبد الرحمن بن سمرة ص 980 - ج 2.
وَلِيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك"، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْحِنْثِ، وَالتَّكْفِيرِ لِمَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَلَمْ أَجِدْهُ بِلَفْظِ: ثُمَّ لِيُكَفِّرْ، إلَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَاسِمِ بْنِ ثابت بن حازم السَّرَقُسْطِيِّ فِي "كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ"، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلَاءِ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ أَبُو إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَمَ عِنْدَهُ، فَسَأَلَ صِبْيَتُهُ أُمَّهُمْ الطَّعَامَ، فَقَالَتْ: حَتَّى يَجِيءَ أَبُوكُمْ، فَنَامَ الصِّبْيَةُ، فَجَاءَ أَبُوهُمْ، فَقَالَ: اشْتَهَيْت الصِّبْيَةَ، فَقَالَتْ: لَا، كُنْت أَنْتَظِرُ مَجِيئَك، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَطْعَمَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَيْقِظِيهِمْ، وجيء بِالطَّعَامِ، فَسَمَّى اللَّهَ، وَأَكَلَ، ثُمَّ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ بِاَلَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِهِ، ثُمَّ لِيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ"، انْتَهَى. قَالَ السَّرَقُسْطِيُّ: اشْتَهَيْت - أَيْ أَطْعَمَتْهُمْ شَهْوَتَهُمْ.
فَائِدَةٌ: الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، وَعَدَمِ الْجَوَازِ، وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالثَّانِي مَذْهَبُنَا، وَاسْتِنْبَاطُ ذَلِكَ مِنْ تَتَبُّعِ أَلْفَاظِهِ، وَاخْتِلَافِ رِوَايَاتِهِ، فَنَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، روى عَنْ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي لَفْظٍ: الْحِنْثُ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ، وَفِي لَفْظٍ: الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ، قَالَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ".
فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1: " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ"، وَفِي لَفْظٍ لَهُ:" فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ".
وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَخْرَجَاهُ أيضاً تقديم الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، وَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِتَقْدِيمِ الْحِنْثِ عَلَى الْكَفَّارَةِ.
وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ:"إنِّي وَاَللَّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا كَفَّرْت عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ"، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا:"إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي"، وَوُهِمَ الْمُنْذِرِيُّ
1 في "النذور والأيمان" ص 48 - ج 2.
2 عند البخاري في "آخر النذور والأيمان" ص 995 - ج 2، اللفظ الآخر عنده في "باب الاستثناء في الأيمان" ص 994 - ج 2، وعند مسلم في "النذور والأيمان" ص 47 - ج 2.
فِي "مُخْتَصَرِ السُّنَنِ" فَقَالَ: لَمْ يَذْكُرْهُ مُسْلِمٌ إلَّا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ - يَعْنِي تَقْدِيمَ الْكَفَّارَةِ - بَلْ ذَكَرَهُ بِاللَّفْظِ الْآخَرِ، وَلَفْظُهُ:" إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتهَا"، وَفِي لَفْظٍ: فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِّرْ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ، قَالَ: إنِّي وَاَللَّهِ مَا نَسِيتهَا.
وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا 1 بِاللَّفْظَيْنِ، فَرِوَايَةُ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ فِيهَا حُجَّةٌ للشافعية، لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ بِالْفَاءِ، وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ، وَعَنْهُ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ، الثَّانِي: أَنَّهُمْ مُعَارِضُونَ بِرِوَايَةِ تَقْدِيمِ الْحِنْثِ، وَلِذَلِكَ عَقَدَ لَهَا النَّسَائِيّ "بَابَ الْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْحِنْثِ"2، وَقَدْ تَقْوَى رِوَايَةُ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ بِفِعْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ3، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَسَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ كَانُوا يُكَفِّرُونَ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَأَخْرَجَ عَنْ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ نَحْوَهُ، الثَّالِثُ: أَنَّهُ عَقَّبَ الْجُمْلَتَيْنِ، وَالْوَاوُ بَيْنَهُمَا لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا، كَمَا قِيلَ ذَلِكَ فِي "آيَةِ الْوُضُوءِ"، بَقِيَ الْإِشْكَالُ فِي رِوَايَةِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ مَعَ الْعَطْفِ - بِثُمَّ - وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ وَقَعَتْ فِي ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ: أَحَدُهَا: مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَالثَّانِي: مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ، وَالثَّالِثُ: مِنْ رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ.
فَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ4، قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: حَدَّثَنَا محمد بن يحيى القطعي، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك، ثُمَّ آتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ"، انْتَهَى. وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" 5 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيِّ ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لَا يَحْنَثُ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى كَفَّارَةَ الْيَمِينِ، فَقَالَ: "لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلَّا كَفَّرْت عَنْ
1 في "النذور والأيمان" ص 48 - ج 2.
2 وقد أخرج الهيثمي عن معاوية بن الحكم السلمي، وعن عبد الرحمن بن أذينة عن أبيه، وعن عبد الله بن عمرو، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين فرأى خيراً منها، فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير" ص 184 - ج 4.
3 راجع النسائي في "النذور والأيمان - باب الكفارة بعد الحنث" ص 144 - ج 2، وأخرج فيه حديث عدي بن حاتم، وأبي الأحوص عن أبيه، وعبد الرحمن بن سمرة.
4 عند أبي داود في "الأيمان والنذور - باب الحنث إذا كان خيراً" ص 109 - ج 2، وعند النسائي في "باب الكفارة قبل الحنث" ص 144 - ج 2.
5 في "الأيمان والنذور" ص 301 - ج 4.
يَمِينِي، ثُمَّ أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ"، انْتَهَى. وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَهَذَا فِي "الْبُخَارِيِّ" 1 عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ إذَا حَلَفَ، إلَى آخِرِهِ، بِتَقْدِيمِ الْحِنْثِ، وَعَطْفِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَاوِ.
وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" 2 عَنْهَا أَنَّ عَبْدًا لَهَا اسْتَعْتَقَهَا، فَقَالَتْ: لَا أَعْتَقَهَا اللَّهُ مِنْ النَّارِ إنْ أَعْتَقَتْهُ، فَمَكَثَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ! سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ لِيَفْعَلْ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ"، فَأَعْتَقَتْ الْعَبْدَ، ثُمَّ كَفَّرَتْ عَنْ يَمِينِهَا"، انْتَهَى. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهَا قَدَّمَتْ الْحِنْثَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ مِنْ نُسْخَةٍ أُخْرَى، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُعَارَضَةٌ بِحَدِيثِ تَقْدِيمِ الْحِنْثِ، مَعَ الْعَطْفِ بِثُمَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ تَقْتَضِي وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَعَجِبْت مِنْ الْبُخَارِيِّ 3 كَيْفَ تَرْجَمَ فِي كِتَابِهِ "بَابَ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ"، فَذَكَرَ فِيهَا حَدِيثَ أَبِي مُوسَى بِلَفْظِ: إنِّي لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتهَا، وَحَدِيثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ بِلَفْظِ: فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مُطَابِقٍ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عِنْدَهُ فِي الْحَدِيثَيْنِ، فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُشِيرَ إلَيْهَا فِي "التَّرْجَمَةِ".
فائدة أخرى: وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى إنِّي لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ أَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْكَفَّارَةِ، وَكَذَا فِيهِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، ثُمَّ رَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَحَادِيثِ الْكَفَّارَةِ، ولكن وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد 4 عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا:" وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَدَعْهَا، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا"، مُخْتَصَرٌ. قَالَ أَبُو دَاوُد: الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا: " وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، إلَّا مَا لَا يُعْبَأُ بِهِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ، قَالَ: وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَيْضًا، انْتَهَى.
1 عند البخاري في "أوائل كتاب الأيمان والنذور" ص 980 - ج 2.
2 وأخرجه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ص 185 - ج 4، كما في التخريج، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات، إلا أن عبد الله بن حسن لم يسمع من أم سلمة، انتهى.
3 قلت: غرض المخرج من هذا الكلام النقد على الإمام البخاري، فإنه عقد ترجمة "باب الكفارة قبل الحنث وبعده" وأورد فيها حديث أبي موسى بلفظ: إلا أتيت الذي هو خير، وتحللتها: ص 994 - ج 2، وحديث عبد الرحمن بن سمرة بلفظ: فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك: ص 995 - ج 2، ولم يشر فيها إلى حديث أبي موسى المذكور قبيل هذا الباب: ص 994 - ج 2، بلفظ: إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير، وحديث عبد الرحمن بن سمرة المذكور في مبدأ "كتاب الأيمان والنذور" ص 980 - ج 2، وكان ينبغي أن يشير إليهما تحت هذه الترجمة للتطبيق، والله أعلم.
4 "باب الحالف يستثني بعد ما يتكلم" ص 116 - ج 2.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ نَذَرَ وَسَمَّى فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا سَمَّى"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَفِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ 1 عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، وَأَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ، فَقَالَ عليه السلام:"لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْت قَاضِيَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاقْضِ اللَّهَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ"، انْتَهَى. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: إنَّ أُمِّي.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ 2 عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ"، انْتَهَى. وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ "بَابَ النَّذْرِ فِي الطَّاعَةِ".
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 3 فِي "حَدِيثِ الْقَضَاءِ" عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ"، وَفِي لَفْظٍ:"لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ"، مُخْتَصَرٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 4 عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْت فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ:" فَأَوْفِ بِنَذْرِك"، زَادَ الْبُخَارِيُّ: فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ" 5 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْت أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِك بِالدُّفِّ، قَالَ:"أَوْفِي بِنَذْرِك"، قَالَتْ: إنِّي نَذَرْت أَنْ أَذْبَحَ بِمَكَانِ كَذَا - لِمَكَانٍ كَانَ يَذْبَحُ فِيهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ - قَالَ: " لِصَنَمٍ، أَوْ وَثَنٍ؟ " قَالَتْ: لَا، قال:" أوفي بِنَذْرِك"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "الْمَنَاقِبِ" عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت نَذَرْت إنْ رَدَّكَ اللَّهُ صَالِحًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْك بِالدُّفِّ، الْحَدِيثَ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَقَالَ فِيهِ: أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِك بِالدُّفِّ، فَقَالَ عليه السلام:" إنْ كُنْت نَذَرْت فَافْعَلِي، وَإِلَّا فَلَا"، قَالَتْ: بَلْ نَذَرْت،
1 في "النذور والأيمان - باب من مات وعليه نذر" ص 991 - ج 2.
2 "باب النذر في الطاعة" ص 991 - ج 2.
3 في "النذور" ص 45 - ج 2.
4 عند البخاري في "النذور - باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنساناً في الجاهلية، ثم أسلم" ص 991 - ج 2، وعند مسلم في "النذور - باب نذر الكافر ما يفعل فيه إذا أسلم" ص 50 - ج 2، ورواية: فاعتكف ليلة، عند البخاري في "الصوم - باب من لم ير على المعتكف صوماً" ص 274 - ج 1.
5 في "النذور - باب ما يؤمر به من الوفاء" ص 113 - ج 2، وعند الترمذي في "مناقب عمر" ص 216 - ج 2.
فَقَعَدَ عليه السلام، وَقَامَتْ، فَضَرَبَتْ بِالدُّفِّ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَعِنْدِي أَنَّهُ ضَعِيفٌ، لِضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: كَانَ مُرْجِئًا، وَلَكِنْ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ بِهِ، وَزَادَ: فَضَرَبَتْ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ، وَهِيَ تَضْرِبُ، فَأَلْقَتْ الدُّفَّ، وَجَلَسَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ عليه السلام:" إنِّي لَأَحْسَبُ الشَّيْطَانَ يَفْرَقُ مِنْك يَا عُمَرُ"، قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَبِمَعْنَاهُ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ 1 عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى، فَإِنْ شَاءَ مَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، غَيْرَ حِنْثٍ"، انْتَهَى. بِلَفْظِ النَّسَائِيّ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ:"فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَضَى وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ"، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ، ونحوه، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد:" مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَدْ اسْتَثْنَى"، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ:" فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ"، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ غَيْرَ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ، وَقَالَ: إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ كَانَ أَيُّوبَ أَحْيَانًا يَرْفَعُهُ، وَأَحْيَانًا لَا يَرْفَعُهُ، انْتَهَى. قُلْت: رَفَعَهُ غَيْرُهُ، كَمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَدْ اسْتَثْنَى"، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "عِلَلِهِ": رَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَقَدْ تَابَعَهُ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى الْمَكِّيُّ عَنْ نَافِعٍ، فَرَفَعَهُ أَيْضًا، قَالَ: وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ، فَرَوَاهُ عُمَرُ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، انْتَهَى. وَبِسَنَدِ السُّنَنِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ بِالْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ: لَمْ يَحْنَثْ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَقَدْ اسْتَثْنَى، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": رَوَاهُ سُفْيَانُ، وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ مَرْفُوعًا، ثُمَّ شَكَّ أَيُّوبُ فِي رَفْعِهِ، فَتَرَكَهُ، قَالَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَرَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
1 عند النسائي في "الأيمان والنذر - باب من حلف فاستثنى" ص 144 - ج 2، وعند أبي داود "باب الاستثناء في اليمين" ص 108 - ج 2، وعند الترمذي "باب الاستثناء في اليمين" ص 198 - ج 2.
مَوْقُوفًا: مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا مَوْقُوفًا، وَقَالَ فِيهِ: ثُمَّ وَصَلَ الْكَلَامَ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ فِي إثْرِ يَمِينِهِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ1، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ لِي: هَذَا حَدِيثٌ أَخْطَأَ فِيهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، فَاخْتَصَرَهُ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد، قَالَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً"، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الِاتِّصَالِ، فَإِنَّهَا كُلَّهَا بِالْفَاءِ، وَهِيَ لِلتَّعْقِيبِ مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ، وَاسْتَشْكَلَ عَلَى هَذَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، فَأَطَافَ بِهِنَّ، فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ نِصْفَ إنْسَانٍ، فَقَالَ عليه السلام: لَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرْكًا لِحَاجَتِهِ"، انْتَهَى. وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ النَّسَائِيُّ "بَابَ إذَا حَلَفَ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَهَا: هَلْ يَكُونُ اسْتِثْنَاءً؟ " ثُمَّ سَاقَهُ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مِنْ سُلَيْمَانَ عليه السلام إنَّمَا هُوَ الطَّوَافُ، وَقَدْ فَعَلَهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا، فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْيَمِينِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَقَدْ لَا يَكُونُ مِنْ شَرِيعَتِهِمْ اشْتِرَاطُ الِاتِّصَالِ، أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ، لَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا بِكَلَامِهِ، وَفِيهِ تَعَسُّفٌ، وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ فِي لَفْظٍ لَهُمَا: فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ:"وَأَيْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ"، وَأَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ" 2 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ"، انْتَهَى. ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ يَرْفَعُهُ، قَالَ:"وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ"، انْتَهَى. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَزَادَ فِيهِ
1 عند الترمذي في "باب الاستثناء في اليمين" ص 198 - ج 2، وعند النسائي في "باب إذا حلف فقال له رجل: إن شاء الله" ص 148 - ج 2، وعند مسلم في "باب الاستثناء في اليمين" ص 49 - ج 2، وعند البخاري فيه: ص 994 - ج 2.
2 في "باب الحالف يستثي بعد ما يتكلم" ص 115 - ج 2.
الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شَرِيكٍ، قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَغْزُهُمْ، وَقَدْ أَسْنَدَ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، انْتَهَى. قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" مُسْنَدًا، وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ شَرِيكٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ شَرِيكٌ، وَمِسْعَرٌ، فَأَسْنَدَاهُ مَرَّةً، وَأَرْسَلَاهُ أُخْرَى، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ" عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ أَبِي يَعْلَى سَوَاءً، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ" مِنْ جِهَةِ ابْنِ عَدِيٍّ، ثُمَّ قَالَ: وَعَبْدُ الْوَاحِدِ هَذَا لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ، وَالصَّحِيحُ مُرْسَلٌ، انْتَهَى.
أَثَرٌ: في اشتراط الاتصال، أخرج الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" 1 عَنْ عُمَرَ بْنِ مُدْرِكٍ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثَنَا ابن أبي الزناد عن أبيه عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُلُّ اسْتِثْنَاءٍ غَيْرُ مَوْصُولٍ فَصَاحِبُهُ حَانِثٌ، انْتَهَى. وَعُمَرُ بْنُ مُدْرِكٍ ضَعِيفٌ، وَفِي "الْمَعْرِفَةِ" لِلْبَيْهَقِيِّ: وَرَوَى سَالِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ اسْتِثْنَاءٍ مَوْصُولٍ فَلَا حِنْثَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكُلُّ اسْتِثْنَاءٍ غَيْرِ مَوْصُولٍ، إلَى آخِرِهِ.
أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" 2 عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّك إذَا نَسِيت} قَالَ: إذَا شِئْت الِاسْتِثْنَاءَ فَاسْتَثْنِ إذَا ذَكَرْت، وَهِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَسْتَثْنِيَ إلَّا بِصِلَةِ الْيَمِينِ، انْتَهَى. وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الرِّوَايَاتِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ، وَالْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي أَحَادِيثِ الْأُصُولِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّإِ" عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ، إلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللًه صلى الله عليه وسلم: " ماله ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عليه السلام: "فِي سَبِيلِ اللَّهِ" قَالَ: فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مُخْتَصَرٌ. وَهَذَا الرَّجُلُ لَمْ يُسَمَّ فِي الْحَدِيثِ، فَكَوْنُهُ عليه السلام قَالَ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعْدَ قَوْلِ الرَّجُلِ إيَّاهَا، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِانْفِصَالَ غَيْرُ قَاطِعٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 في "النذور" ص 493 - ج 2.
2 قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ص 182 - ج 4 - باب الاستثناء في اليمين "رواه الطبراني في "الصغير - والأوسط" وفيه عبد العزيز بن حصين، وهو ضعيف: وأخرج عن ابن مسعود قال: من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله فقد استثنى، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح، إلا أن القاسم لم يدرك ابن مسعود، انتهى.