المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ - نصب الراية - جـ ٣

[الجمال الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحج

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌باب الجنايات

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْفَوَاتِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌كِتَابُ النكاح

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ

- ‌بَابُ فِي الْأَوْلِيَاءِ والأكفاء

- ‌بَاب الْمَهْر

- ‌بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌بَابُ نِكَاحِ أَهْلِ الشِّرْكِ

- ‌بَابُ الْقَسْمِ

- ‌‌‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطلاق

- ‌السنة في الطلاق

- ‌باب إيقاع الطلاق

- ‌فَصْلٌ فِي تَشْبِيهِ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ

- ‌بَابُ اللِّعَانِ

- ‌بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌باب العدة

- ‌بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ

- ‌بَابُ حضانة الولد ومن أَحَقُّ بِهِ

- ‌بَابُ النَّفَقَةِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌فضل العتق

- ‌بَابٌ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بَعْضُهُ

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌كِتَابُ الأيمان

- ‌من حلف يمينا كاذبا

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ يَمِينًا، وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا

- ‌فَصْلٌ فِي الْكَفَّارَةِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْخُرُوجِ وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْكَلَامِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْعِتْقِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ في الصلاة والصوم والحج

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌مدخل

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا

- ‌بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ

- ‌بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السرقة

- ‌مدخل

- ‌بَابُ مَا يُقْطَعُ فِيهِ وَمَا لَا يُقْطَعُ

- ‌فَصْلٌ فِي الحرز

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ

- ‌كِتَابُ السير

- ‌مدخل

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِتَالِ

- ‌بَابُ الْمُوَادَعَةِ

- ‌بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ

- ‌فَصْلٌ في التنقيل

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ:

- ‌بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌بَابُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ

- ‌بَابُ الْبُغَاةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِبَاقِ

- ‌كِتَابُ الْمَفْقُود

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

الفصل: فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ

فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: "إذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَاَلَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً "، إلَى آخِرِهِ، فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ1، قَالَ: "فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ كَاَلَّذِي يُهْدِي عُصْفُورًا، وَفِي السَّادِسَةِ بَيْضَةً"، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: قَالَ: " فِي الرَّابِعَةِ كَالْمُهْدِي بَطَّةً، ثُمَّ كَالْمُهْدِي دَجَاجَةً، ثُمَّ كَالْمُهْدِي بَيْضَةً"، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الخلاصة": وإسنادهما صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّهُمَا شَاذَّتَانِ، لِمُخَالَفَتِهِمَا الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةَ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَةِ فِي الْحَدِيثِ: "كَالْمُهْدِي جَزُورًا"، قُلْت: هَذِهِ اللَّفْظَةُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مُسْلِمٍ 2 وَلَكِنَّ رواية البدن أَصَحُّ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهَا، فَلَيْسَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَكٌ يَكْتُبُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، مَثَّلَ الْجَزُورَ، ثُمَّ نَزَّلَهُمْ حَتَّى صَغَّرَ إلَى مَثَلِ الْبَيْضَةِ، فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طُوِيَتْ الصُّحُفُ وَحَضَرُوا الذِّكْرَ"، انْتَهَى. وَجَهِلَ هَذَا الْجَاهِلُ جَهْلًا فَاحِشًا، فَقَالَ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا أَصْلَ لَهَا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، فِيمَا عَلِمْت، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1 روايات النسائي في "باب التبكير إلى الجمعة" ص 206 - ج 1.

2 رواية الجزور، عند مسلم في: ص 283.

ص: 99

‌بَابُ الْقِرَانِ

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "الْقِرَانُ رُخْصَةٌ"، قُلْت: غَرِيبٌ جِدًّا.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "يَا آلَ مُحَمَّدٍ أَهِلُّوا بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ 3 عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَهِلُّوا يَا آلَ مُحَمَّدٍ بِعُمْرَةٍ فِي حَجَّةٍ"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ فِي "شَرْحِ الْآثَارِ" عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَهُ.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: أخرجه الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 4 عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، يقول:" لبيك عمرة وحج"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": مُجِيبًا عَنْهُ أَنَّ أَنَسًا كَانَ حِينَئِذٍ صَبِيًّا، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَفْهَمْ الحال، وغلطه صاحب

3 عند الطحاوي في "باب إحرام النبي صلى الله عليه وسلم، أكان قراناً أم أجاز تمتعاً" ص 379 - ج 1.

4 عند البخاري: ص 232، وعند مسلم عن يحيى بن أبي إسحاق، وحميد الطويل، وعبد العزيز بن صهيب: ص 408.

ص: 99

"التَّنْقِيحُ" فَقَالَ: بَلْ كَانَ بَالِغًا بِالْإِجْمَاعِ، بَلْ كَانَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلِأَنَسٍ عَشْرُ سِنِينَ، وَمَاتَ وَلَهُ عِشْرُونَ سَنَةً، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَاهُ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، قَالَ بَكْرٌ: فَحَدَّثْت بِذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ، فَلَقِيت أَنَسًا فَحَدَّثْته بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ أَنَسٌ: مَا يَعُدُّونَنَا إلَّا صِبْيَانًا، سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ 1 عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ بِالْعَقِيقِ: " أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي عز وجل، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ"، انْتَهَى. زَادَ فِي لَفْظٍ: يَعْنِي ذَا الْحُلَيْفَةِ، انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" 2 عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عُمَرَ، كُلَّهُنَّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، إلَّا التي في حَجَّتِهِ: عُمْرَةٌ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةٌ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةٌ مِنْ الْجِعْرَانَةِ مِنْ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي القعدة، وعمرة في حَجَّتِهِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ3، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ دَاوُد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عُمَرَ: عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةُ الْقَضَاءِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ قَابِلٍ، وَالثَّالِثَةُ مِنْ الْجِعْرَانَةِ، وَالرَّابِعَةُ مَعَ حَجَّتِهِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: عَنْ عَمْرٍو، وَعِكْرِمَةَ بِالْعَطْفِ، وَهُوَ وَهَمٌ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا 4 عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مُرْسَلًا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَّا دَاوُد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: دَاوُد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَدُوقٌ، إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يَهِمُ فِي الشَّيْءِ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: حَدِيثُ الصُّبَيّ بْنِ مَعْبَدٍ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "كِتَابِ الْعِلَلِ"، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ 5 عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ

1 عند البخاري في "باب أن العقيق واد مبارك" ص 207، واللفظ الآخر في "المزارعة - في باب بعد باب من أحيا أرضاً مواتاً" ص 314 - ج 1.

2 عند البخاري في مواضع، لكن اللفظ في "المغازي - في باب غزوة الحديبية" ص 597، وعند مسلم: ص 409.

3 عند أبي داود في "باب العمرة" ص 273، وعند الترمذي في "باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم" ص 113.

4 عند الترمذي في "باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم" ص 113.

5 عند ابن ماجه في "باب من قرن الحج والعمرة" ص 219.

ص: 100

ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو طَلْحَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، انْتَهَى. وَحَجَّاجٌ هَذَا هُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ، وَفِيهِ مَقَالٌ.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثَنَا دَاوُد بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ الْمَلِكِ الزَّرَّادِ يَقُولُ: سَمِعْت النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْت سُرَاقَةَ يَقُولُ: قَرَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، انْتَهَى. وَدَاوُد بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْأَوْدِيُّ عَمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إدْرِيسَ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ: كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَأَبِي دَاوُد، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ رَوَاهُ أَخُوهُ ابْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ سُرَاقَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد 1 عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ، كَمْ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَرَّتَيْنِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ اعْتَمَرَ ثَلَاثًا سِوَى الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: وَهُمْ فَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: يَقُولُونَ بِأَفْضَلِيَّةِ الْإِفْرَادِ، وَهُمْ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ، وَالْآخَرُونَ يَقُولُونَ بِأَفْضَلِيَّةِ التَّمَتُّعِ، وَهُمْ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَمَنْ تَبِعَهُمَا، فَلِلشَّافِعِيِّ مِنْ الْأَحَادِيثِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْرَدَ الْحَجَّ، انْتَهَى. بِلَفْظِ مُسْلِمٍ، وَطَوَّلَهُ الْبُخَارِيُّ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 3 عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ الصَّائِغِ عَنْ عبد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام أَفْرَدَ الْحَجَّ، وَأَفْرَدَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، انْتَهَى. وَالْعُمَرِيُّ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ 4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، وَلَمْ يَنْسُبْهُ، فَظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، فَأَعَلَّهُ بِهِ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ النَّسَائِيّ فِيهِ: إنَّهُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ الصَّائِغُ، كَمَا نَسَبَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ صَاحِبُ مَالِكٍ، رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بعضهم مِنْ جِهَةِ حِفْظِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 5 عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مُهِلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، انْتَهَى.

1 أبي داود في "باب العمرة" ص 273.

2 عند البخاري في "باب التمتع والاقران" الخ ص 212 - ج 1، وعند مسلم: ص 389.

3 عند مسلم: ص 404.

4 عند الدارقطني: ص 263.

5 عند مسلم: ص 392.

ص: 101

أَحَادِيثُ الْقَائِلِينَ بِأَفْضَلِيَّةِ التَّمَتُّعِ: وَلِأَحْمَدَ، وَمَالِكٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ مَا أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" 1 عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى، فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ:" مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلُلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ أَيْضًا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" 2 عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: اخْتَلَفَ عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، وَهُمَا بِعُسْفَانَ فِي الْمُتْعَةِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا تُرِيدُ إلَى أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: دَعْنَا عَنْك، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ لِمَنْ قَالَ بِالتَّمَتُّعِ، وإنما هُوَ لِمَنْ قَالَ بِالْقِرَانِ، فَإِنَّ عَلِيًّا أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، وَالتَّمَتُّعُ فِي عُرْفِ الصَّحَابَةِ يَدْخُلُ فِيهِ الْقِرَانُ، قَالَ: وَيَدْخُلُ فِيهِ التَّمَتُّعُ الْخَاصُّ، وَلَمْ يَحُجَّ النَّبِيُّ عليه السلام مُتَمَتِّعًا التَّمَتُّعَ الْخَاصَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ، بَلْ الْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّهُ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَ، الرَّابِعَةُ كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ مِنْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِقَوْلِهِ:" لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْت"، وَثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَ الْحَجِّ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْهُ، وَإِنَّمَا اعْتَمَرَ بَعْدَ الْحَجِّ عَائِشَةُ وَحْدَهَا، فَتَحَصَّلَ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا، وَعَلَى هَذَا يَجْتَمِعُ أَحَادِيثُ الْبَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 3 عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ ذَكَرَ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ، فَقَالَ: قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ 4 عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَ، وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ، وَعُمَرُ حَتَّى مَاتَ، وَعُثْمَانُ حَتَّى مَاتَ، رضي الله عنهم، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا مُعَاوِيَةُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَعَجِبْت مِنْهُ، وَقَدْ حَدَّثَنِي أَنَّهُ قَصَّرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ، انْتَهَى. وَلَيْثٌ هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَفِيهِ مَقَالٌ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ شَاهِدَةٍ

1 عند مسلم: ص 403.

2 عند مسلم: ص 402، وعند البخاري: ص 213 - ج 1.

3 عند مسلم: 402 - ج 1.

4 حديث ابن عباس، عند الترمذي في "باب ما جاء في التمتع" ص 114 - ج 1 إلى قوله: وأول من نهى عنه معاوية.

ص: 102

أَنَّهُ عليه السلام تَمَتَّعَ، وَبَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ فِيهَا الْأَمْرُ بِالتَّمَتُّعِ: فَمِنْهَا مَا أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" 1 عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أَرْضِ قَوْمِي، فَلَمَّا حَضَرَ الْحَجُّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَجَجْت، فَقَدِمْت عَلَيْهِ، وَهُوَ نَازِلٌ بِالْأَبْطَحِ، فَقَالَ لِي:" بِمَ أَهْلَلْت يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ؟ " قَالَ: قُلْت: لَبَّيْكَ بِحَجٍّ كَحَجِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أَحْسَنْت"، ثُمَّ قَالَ:"هَلْ سُقْت هَدْيًا؟ " قُلْت: مَا فَعَلْت، قَالَ:"اذْهَبْ فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ اُحْلُلْ"، فَانْطَلَقْت فَفَعَلْت مَا أَمَرَنِي، وَأَتَيْت امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي، فَغَسَلْت رَأْسِي بِالْخِطْمِيِّ، وَفَلَتُّ رَأْسِي2، ثُمَّ أَهْلَلْت بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ أَيْضًا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" 3 عَنْ بَكْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَبَّى بِالْحَجِّ وَلَبَّيْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ أَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ أَيْضًا عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ، وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إذَا بَرَأَ الدَّبَرْ، وَعَفَا الْأَثَرْ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ:"الْحِلُّ كُلُّهُ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ أَيْضًا عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا نَرَى إلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ، فَأَحْلَلْنَ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ أَيْضًا عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، قَالَتْ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ أَنْ يَحْلُلْنَ بِعُمْرَةٍ، قُلْت: مَا يَمْنَعُك يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَحِلَّ مَعَنَا؟ قَالَ: "إنِّي قَدْ أَهْدَيْت وَلَبَّدْت، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ هَدْيِي"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 4 عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ. فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلُلْ، قُلْنَا: أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ: الْحِلُّ كُلُّهُ"، قَالَ: فَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَمَسَسْنَا الطِّيبَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ، انْتَهَى.

1 عند البخاري في "باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإِهلاله" ص 211 - ج 1، وعند مسلم: ص 401 - ج 1.

2 في - نسخة الدار - "وفلته"[البجنوري] .

3 عند مسلم: ص 404.

4 عند مسلم: ص 391.

ص: 103

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا 1 عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَرَخَ بِالْحَجِّ صُرَاخًا، حَتَّى إذَا طُفْنَا بِالْبَيْتِ، قَالَ:" اجْعَلُوهَا عُمْرَةً، إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ"، قَالَ: فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً فَحَلَلْنَاهَا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ صَرَخْنَا بِالْحَجِّ، وَانْطَلَقْنَا إلَى مِنًى، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ2، وَأَحْمَدُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ، وَقَدْ لَبَّوْا بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ. فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَا طَافُوا بِالْبَيْتِ وَسَعَوْا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَكَأَنَّ الْقَوْمَ هَابُوا ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَوْلَا أَنِّي سُقْت الْهَدْيَ لَأَحْلَلْت"، فَحَلَّ الْقَوْمُ وَتَمَتَّعُوا، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا فُلَيْحِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَبَّدَ رَأْسَهُ وَأَهْدَى، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَمَرَ نِسَاءَهُ أَنْ يَحْلُلْنَ، قُلْنَ: مَا لَك أَنْتَ لَا تَحِلُّ؟ قَالَ: " إني قلدت هدي، وَلَبَّدْت رَأْسِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنْ حَجَّتِي، وَأَحْلِقَ رَأْسِي"، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": هُوَ حَدِيثٌ صحيح على شرط الشيخين.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَفَّانَ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثَنَا حُمَيْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً، إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ"، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": قَالَتْ الْخُصُومُ: فَقَدْ نَقَضْتُمْ أَحَادِيثَكُمْ الْأَوَائِلَ بِهَذِهِ الْأَوَاخِرِ، لِأَنَّكُمْ رَوَيْتُمْ فِي الْأَوَائِلِ أَنَّهُ تَمَتَّعَ، وَفِي الْأَوَاخِرِ أَنَّهُ تَنَدَّمَ، كَيْفَ سَاقَ الْهَدْيَ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَفْسَخَ، وَأَنْتُمْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ تُصَحِّحُوا الْأَوَائِلَ، فَيَبْطُلَ مَذْهَبُكُمْ فِي فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ، أَوْ تُصَحِّحُوا الْأَوَاخِرَ، فَيَبْطُلَ احْتِجَاجُكُمْ بِأَنَّ الرَّسُولَ تَمَتَّعَ، ثُمَّ نَتَكَلَّمُ عَلَى أَحَادِيثِكُمْ، فَنَقُولُ: الْأَوَائِلُ مُعَارَضَةٌ بِالْأَوَاخِرِ، فَأَمَّا الْأَوَاخِرُ: فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ أَصْحَابَهُ بِالْفَسْخِ لِفَضِيلَةِ التَّمَتُّعِ، بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ مَا رَوَيْتُمْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، فَأَمَرَ بِفَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لِيُخَالِفَ الْمُشْرِكِينَ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: بَلْ لَنَا خَاصَّةً، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كَانَتْ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ:

1 عند مسلم: ص 408.

2 عند النسائي في "باب كيف يفعل من أهل بالحج والعمرة" ص 36 - ج 2.

ص: 104

الْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ فَلَا يَنْبَغِي رَدُّهَا، وَإِنَّمَا يُتَمَحَّلُ لَهَا، وَالْوَجْهُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ اعْتَمَرَ، وَتَحَلَّلَ مِنْ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَسَاقَ الْهَدْيَ، ثُمَّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْفَسْخِ، لِيَفْعَلُوا مِثْلَ فِعْلِهِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَحْرَمُوا بِعُمْرَةٍ، وَمَنَعَهُ مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ إلَى عُمْرَةٍ ثَانِيَةٍ عُمْرَتُهُ الْأُولَى وَسَوْقُهُ الْهَدْيَ، فَعَلَى هَذَا تَتَّفِقُ الْأَحَادِيثُ، وَلَا يُرَدُّ مِنْهَا شَيْءٌ، فَإِنْ قَالُوا: كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا التَّأْوِيلُ، وَإِنَّمَا عَلَّلَ بِسَوْقِ الْهَدْيِ لَا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ؟ قُلْنَا: ذَكَرَ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى، وَذَلِكَ جَائِزٌ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْفَسْخِ لِمُخَالَفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، قُلْنَا: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ وَمَنْ لَمْ يَسُقْهُ، ثُمَّ إنَّهُ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَ، كُلَّهَا فِي ذِي الْقِعْدَةِ، إلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ، فَفِعْلُهُ هَذَا يَكْفِي فِي الْبَيَانِ لِأَصْحَابِهِ، وَالْمُشْرِكِينَ أَنَّ الْعُمْرَةَ تَجُوزُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَأْمُرَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ الْمُحْتَرَمِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ لِأَجْلِ مَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَعْتَمِدُونَهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ حَالَ الْجَاهِلِيَّةِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ: فَقَالَ أَحْمَدُ: هُوَ حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ، وَلَا أَقُولُ بِهِ، وَالْحَارِثُ بْنُ بِلَالٍ لَا يُعْرَفُ، وَلَوْ عُرِفَ فَأَيْنَ يَقَعُ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ الصَّحَابَةِ، يَرَوْنَ الْفَسْخَ، وَلَا يَصِحُّ حَدِيثٌ فِي أَنَّ الْفَسْخَ كَانَ لَهُمْ خَاصَّةً، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يُفْتِي بِهِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَشَطْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ: فَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ خَالَفَهُ أَبُو مُوسَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُمَا، ثُمَّ إنَّهُ ظَنٌّ مِنْ أَبِي ذَرٍّ، يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ سُرَاقَةَ قَالَ: أَلِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: "بَلْ لِلْأَبَدِ"، يُرِيدُ أَنَّ حُكْمَ الْفَسْخِ بَاقٍ عَلَى الْأَبَدِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ وُجُوبَ الْفَسْخِ كَانَ خَاصًّا بِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، بَلْ يَجُوزُ لَهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ" رحمه الله: وَمَا جَمَعَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَدْ اعْتَمَرَ وَتَحَلَّلَ مِنْ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَسَاقَ الْهَدْيَ، فَضَعِيفٌ جِدًّا، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ، فَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ أَفْرَدَ، ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْهُ اعْتَمَرَ ضَعِيفٌ أَيْضًا، لِأَنَّ أَحَدًا لَمْ يَعْتَمِرْ مَعَهُ بَعْدَ الْحَجِّ إلَّا عَائِشَةُ رضي الله عنها، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا، وَسَاقَ الْهَدْيَ، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ، وَلَمْ يَتَحَلَّلْ لِأَجْلِ الْهَدْيِ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ كَانَ قَارِنًا وَطَافَ طَوَافَيْنِ

ص: 105

وَسَعَى سَعْيَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ضَعْفَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ قَارِنًا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَسَعَى سَعْيًا وَاحِدًا، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَمِعْت النَّبِيَّ عليه السلام، وَهُوَ بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ:"أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ"، وَهَذَا الْآتِي أَتَاهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ، وَهُوَ ذُو الْحُلَيْفَةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

قَوْلُهُ: وَالْمَقْصُودُ بِمَا رُوِيَ نَفْيُ قَوْلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ: إنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، قُلْت: يَعْنِي بِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ: الْقِرَانُ رُخْصَةٌ، وَقَوْلُ الْجَاهِلِيَّةِ تَقَدَّمَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ 1 عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ، وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إذَا بَرَأَ الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، فَقَدْ حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ عليه السلام صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ: "الْحِلُّ كُلُّهُ"، انْتَهَى. وَرَجَّحَ الْحَازِمِيُّ فِي "كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ" 2 أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُفْرِدًا بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ جَابِرٍ الطَّوِيلُ، قَالَ: فَإِنَّهُ أَحْسَنُ سِيَاقًا، وَأَبْلَغُ اسْتِقْصَاءً، وَغَيْرُهُ لَمْ يَضْبِطْ ضَبْطَهُ، وَالثَّانِي: أَنَّ أَحَدَ الرِّوَايَتَيْنِ كَانَ أَقْرَبَ مَكَانًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ أَنَسًا رَوَى أَنَّهُ عليه السلام قَرَنَ، وَابْنُ عُمَرَ رَوَى أَنَّهُ أَفْرَدَ، وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: كُنْت تَحْتَ جِرَانِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلُعَابُهَا بَيْنَ كَتِفَيْ، فَحَدِيثُهُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ 3 - فِي بَابِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ": وَقَدْ اخْتَلَفَ عَلَيْنَا فِيمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ عليه السلام، فَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: إنَّهُ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ قَرَنَ مَعَ حَجِّهِ عُمْرَةً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَخَلَ مَكَّةَ مُتَمَتِّعًا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهَا حَجَّةً، وَفِي كُلٍّ رِوَايَةٌ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ4، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ: هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ، وَقَدْ دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ،

1 عند مسلم: ص 406، وعند البخاري في "باب التمتع والاقران" ص 212.

2 الوجه الأول، هو التاسع من وجوه الترجيح: ص 11، والثاني هو العاشر من وجوه الترجيح: ص 12.

3 عند ابن سعد في "حجة الوداع" ص 124 في القسم الأول، من الجزء الثاني.

4 عند مسلم: ص 407، وعند أبي داود في "باب إفراد الحج" 249 - ج 1، وعند الترمذي في "باب، قبل باب ما جاء في ذكر فضل العمرة" ص 125 - ج 1.

ص: 106

انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، إنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، فَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شَيْبَةَ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ أَيْضًا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شَيْبَةَ مَرْفُوعًا، وَتَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ مِنْ الرُّوَاةِ لَا يُؤَثِّرُ فِيمَا أَثْبَتَهُ الْحَافِظُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ النَّسَائِيّ 1 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْت عُمْرَتَنَا هَذِهِ، لِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ:"لَا، بَلْ لِلْأَبَدِ، دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِهِ، قَالَ فِي "الْإِمَامِ": قَالَ شَيْخُنَا الْمُنْذِرِيُّ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ سُرَاقَةَ، فَذَكَرَهُ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقَارِنَ يَطُوفُ طَوَافًا وَاحِدًا، وَيَسْعَى سعياً وحداً - يَعْنِي أَنَّ الْعِبَادَتَيْنِ تَتَدَاخَلَانِ - وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ أَنَّهُ عليه السلام لَمَّا طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ:" إنِّي لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ، وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً"، فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ عليه السلام أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى، وَقَالَ:" دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ - مَرَّتَيْنِ - لَا، بَلْ لِلْأَبَدِ".

أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوك، فَقَالَ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إذًا أَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْت عُمْرَةً، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ، قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إلَّا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْت حجاً في عُمْرَتِي، وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقَدِيدٍ، فَلَمْ يَنْحَرْ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَلَمْ يَحْلِقْ، وَلَمْ يُقَصِّرْ حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، فَنَحَرَ، وَحَلَقَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى2.

1 عند النسائي في "باب إباحة فسخ الحج بالعمرة" ص 22 - ج 2، وعند ابن ماجه في "باب التمتع بالعمرة إلى الحج" ص 220، وعند الدارقطني: ص 286.

2 حديث ابن عمر، عند البخاري في مواضع متعددة، ولفظه في: ص 231 - ج 1 في "باب من اشترى الهدي من الطريق"، وعند مسلم: ص 404.

ص: 107

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" أَيْضًا 1 عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا، فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ حَلُّوا. ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 2 عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَاضَتْ بِسَرِفَ، فَتَطَهَّرَتْ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يُجْزِئُ عَنْك طَوَافُك: بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك"، انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ مُجَاهِدٍ مِنْ عَائِشَةَ كَلَامٌ، تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْخَامِسِ وَالثَّمَانِينَ مِنْ "الْحَجِّ".

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ3، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ، وَسَعْيٌ وَاحِدٌ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلَفْظُهُ: مَنْ قَرَنَ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ أَجْزَأَهُ بِهِمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، انتهى.

حديث آخر: أخرج ابْنُ مَاجَهْ 4 عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام لَمْ يَطُفْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا طَوَافًا وَاحِدًا لِعُمْرَتِهِمْ وَحَجَّتِهِمْ، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": قَالَ الْبَرْقَانِيُّ: سَأَلْت الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، فَقَالَ: صَاحِبُ سُنَّةٍ يُخَرَّجُ حَدِيثَهُ، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ الْجَمْعَ بَيْنَ عَطَاءٍ، وطاوس، ومجاهد حسب، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ"5: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، يُقَالُ: إنَّهُ كَانَ يَسْأَلُ عَطَاءً، وَطَاوُسًا عَنْ شَيْءٍ فَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَيَرْوِيهِ بِاتِّفَاقِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ لِذَلِكَ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ 6 حَدَّثَنَا الْبَغَوِيّ حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ عَمْرٍو ثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا لِحَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ،

1 عند البخاري في "باب كيف تهل الحائض والنفساء" ص 211 - ج 1 وعند مسلم: ص 386 - ج 1.

2 عند مسلم: ص 391 في "باب بيان وجوه الاحرام".

3 عند الترمذي في "باب ما جاء أن القارن يطوف طوافاً واحداً" ص 126، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح، تفرد به الدراوردي على ذلك اللفظ، وقد رواه غير واحد عن عبيد الله بن عمر، ولم يرفعوه، وهو أصح.

4 عند ابن ماجه في "باب طواف القارن" ص 219.

5 ليث بن أبي سليم، يكنى: أبا بكر مولى عنبسة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية، قالوا: وتوفي ليث في خلافة أبي جعفر، مختصراً من ابن سعد: ص 243 - ج 6.

6 عند الدارقطني: ص 273 - ج 1.

ص: 108

قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، فَإِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ صَدُوقٌ، رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ، وَمَنْصُورٌ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ شِيعِيٌّ، وَدَاوُد مِنْ شُيُوخِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ حَجَّاجِ 1 بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، انْتَهَى. وَالْحَجَّاجُ ضَعِيفٌ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: مَا طَافَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا طَوَافًا وَاحِدًا، وَسَعْيًا وَاحِدًا لِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، انْتَهَى. وَالرَّبِيعُ ضَعِيفٌ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ2: ثَنَا أَبِي عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قال لي منصور: حدثني 3 أَنْتَ يَا حُصَيْنُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ طَافُوا لِحَجَّتِهِمْ وَعُمْرَتِهِمْ طَوَافًا وَاحِدًا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ضَعِيفٌ، قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ"، هَكَذَا وَجَدْته فِي نُسْخَتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ، وَالصَّوَابُ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَطَافَ لَهُمَا بِالْبَيْتِ طَوَافًا وَاحِدًا، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ طَوَافًا وَاحِدًا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَابْنُ أَبِي لَيْلَى هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": وَعَطِيَّةُ أَضْعَفُ مِنْهُ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّ صُبَيَّ بْنَ مَعْبَدٍ لَمَّا طَافَ طَوَافَيْنِ، وَسَعَى سَعْيَيْنِ قَالَ لَهُ عُمَرُ: هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك، قُلْت: هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَقَعْ هَكَذَا، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أبو داود، والنسائي من مَنْصُورٍ، وَابْنُ مَاجَهْ 4 عَنْ الْأَعْمَشِ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ الصُّبَيّ بْنِ معبد الثعلبي، قَالَ: أَهْلَلْت بِهِمَا مَعًا، فَقَالَ عُمَرُ: هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك، انْتَهَى. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ قِصَّةً، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الْعَاشِرِ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مَسَانِيدِهِمْ"، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "كِتَابِ الْعِلَلِ": وَحَدِيثُ الصُّبَيّ بْنِ مَعْبَدٍ هَذَا

1 عند الترمذي في "باب ما جاء أن القارن يطوف طوافاً واحداً" ص 126، وحديث ربيع بن صبيح عن عطاء عن جابر، عند الدارقطني: ص 271.

2 حديث علي بن عاصم، عند الدارقطني: ص 272، وحديث عطية عن أبي سعيد، عند الدارقطني في: ص 273 - ج 1.

3 كذا - في نسخة الدار - ولعله أصح، وكان في النسخة المطبوعة للزيلعي، وفي - نسخة الدارقطني مطبوعة أيضاً "حدثني"[البجنوري] .

4 عند أبي داود: ص 250 - ج "باب الاقران"، وعند النسائي في "باب القران" ص 13 - ج 2 وعند ابن ماجه: ص 219 في "باب من قرن الحج والعمرة".

ص: 109

حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَأَصَحُّهُ إسْنَادًا حَدِيثُ مَنْصُورٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ الصَّبِيِّ عَنْ عُمَرَ.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ النَّسَائِيّ فِي "سُنَنِهِ الْكُبْرَى - فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ" عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: طُفْت مَعَ أَبِي - وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ - فَطَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ، وَسَعَى لَهُمَا سَعْيَيْنِ، وَحَدَّثَنِي أَنَّ عَلِيًّا فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَدْ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": وَحَمَّادٌ هنا ضَعَّفَهُ الْأَزْدِيُّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: هُوَ مَجْهُولٌ، وَالْحَدِيثُ مِنْ أَجْلِهِ لَا يَصِحُّ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ 1 عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ، فَطَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ وَسَعَى سَعْيَيْنِ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا صَنَعْت، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: رَأَيْت النَّبِيَّ عليه السلام قَرَنَ، وَطَافَ طَوَافَيْنِ، وَسَعَى سَعْيَيْنِ، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يَرْوِهِمَا غَيْرُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، ثُمَّ هُوَ قَدْ رَوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ضِدَّ هَذَا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَا وَاَللَّهِ مَا طَافَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا طَوَافًا واحداً، فهاتوا من هَذَا الَّذِي يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ، انْتَهَى. وَبِالسَّنَدِ الثَّانِي رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ"2، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ الْمُقَوِّمُ، قَالَ: قُلْت لِأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ: إنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ صَاحِبَ الرَّأْيِ حَدَّثَنَا عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: فَذَكَرَهُ، فَقَالَ أَبُو دَاوُد: مَنْ هَذَا كَانَ شُعْبَةُ يَشُقُّ بَطْنَهُ مِنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وَأَطَالَ الْعُقَيْلِيُّ فِي تَضْعِيفِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ حَفْصِ بْنِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ بِنَحْوِهِ، قَالَ: وَحَفْصٌ هَذَا ضَعِيفٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى رَدِيءُ الْحِفْظِ، كَثِيرُ الْوَهَمِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا فَطَافَ طَوَافَيْنِ وَسَعَى سَعْيَيْنِ، انْتَهَى. قَالَ: وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُقَالُ لَهُ: مُبَارَكٌ3، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ طَوَافَيْنِ، وَسَعَى سَعْيَيْنِ،

1 عند الدارقطني: ص 271، وحديث الحسن بن عمارة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن علي: ص 273.

2 ومثله في "تهذيب التهذيب" ناقلاً عن العقيلي: ص 307 - ج 2.

3 في - نسخة الدار - "مبروك"[البجنوري] .

ص: 110

وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَأَبُو بُرْدَةَ مَتْرُوكٌ، وَمَنْ دُونَهُ فِي الْإِسْنَادِ ضُعَفَاءُ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرَ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْأَزْدِيِّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُد عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ هِلَالٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام طَافَ طَوَافَيْنِ وَسَعَى سَعْيَيْنِ، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُقَالُ: إنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى حَدَّثَ بِهَذَا مِنْ حِفْظِهِ، فَوَهَمَ فِي مَتْنِهِ، وَالصَّوَابُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الطَّوَافِ وَلَا السَّعْيِ، وَيُقَالُ: إنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذِكْرِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَحَدَّثَ بِهِ عَلَى الصَّوَابِ، كَمَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ نَيْرُوزَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ بِهِ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَرَنَ، انْتَهَى. قَالَ: وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الطَّوَافَ وَلَا السَّعْيَ، كَمَا حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَكِيلُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُد ثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَرَنَ1، انْتَهَى.

الْآثَارُ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ فِي "كِتَابِ الْآثَارِ" أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ عَنْ أَبِي نَصْرٍ السُّلَمِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: إذَا أَهْلَلْت للحج وَالْعُمْرَةِ، فَطُفْ لَهُمَا طَوَافَيْنِ، وَاسْعَ لَهُمَا سَعْيَيْنِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ مَنْصُورٌ: فَلَقِيت مُجَاهِدًا، وَهُوَ يُفْتِي: بِطَوَافٍ وَاحِدٍ لِمَنْ قَرَنَ، فَحَدَّثْته بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَوْ كُنْت سَمِعْته لَمْ أُفْتِ إلَّا بِطَوَافَيْنِ، وَأَمَّا بَعْدُ، فَلَا أُفْتِي إلَّا بِهِمَا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" 2 مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَخْبَرَنَا رَجُلٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ فِي الْقَارِنِ: يَطُوفُ طَوَافَيْنِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَطُوفُ حين تقدم بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ لِلزِّيَارَةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَصَحُّ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ عَنْ عَلِيٍّ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ، ثُمَّ يُحْرِمُ لَهُمَا جَمِيعًا، وَيَطُوفُ لَهُمَا طَوَافَيْنِ، هَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِيهِ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَصْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: الْقَارِنُ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يَصِحُّ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَثْبُتُ عَنْ عَلِيٍّ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، إنَّمَا رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ عَنْ عَلِيٍّ،

1 الأحاديث التي مرت بعد كلام العقيلي كلها عند الدارقطني: ص 273، وص 274.

2 وذكر البيهقي معناه في "السنن" ص 108 - ج 5 في "باب المفرد والقارن يكفيهما طواف واحد وسعي واحد".

ص: 111

وَأَبُو نَصْرٍ رَجُلٌ مَجْهُولٌ1، مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَابِتًا كَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى:"مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ، وَسَعْيٌ وَاحِدٌ"، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" 2 حَدَّثَنَا هُشَيْمِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ زِيَادِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَا فِي الْقَارِنِ: يَطُوفُ طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ، انْتَهَى. ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: إذَا قَرَنْت بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَطُفْ طَوَافَيْنِ وَاسْعَ سَعْيَيْنِ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: وَلَنَا النَّهْيُ الْمَشْهُورُ عَنْ الصَّوْمِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَى الْمَذْهَبِ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ 3 عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": وَهَذَا شَبِيهٌ بِالْمُسْنَدِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ يَرْوِيهِ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مُرْسَلًا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ، صَامَ أَيَّامَ مِنًى، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ فِي مِثْلِهِ بِذَبْحِ شَاةٍ - يَعْنِي فِي قَارِنٍ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ وَلَمْ يَصُمْ حَتَّى أَتَتْ عَلَيْهِ أَيَّامُ النَّحْرِ - قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي "الْمَبْسُوطِ" فَنُقِلَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: إنِّي تَمَتَّعْت بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فَقَالَ: اذْبَحْ شَاةً، قَالَ: مَا مَعِي شَيْءٌ، قَالَ: سَلْ أَقَارِبَك، قَالَ: مَا هُنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ: يَا مُغِيثُ أَعْطِهِ قِيمَةَ شَاةٍ.

1 قال صاحب "الجوهر النقي - في تزييف قول البيهقي": وذكر أبو عمر في "التمهيد" حديث أبي نصر عن علي، ثم قال: وروى الأعمش هذا الحديث عن إبراهيم، ومالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن أذينة، قال: سألت علياً، فذكره، وهذا أيضاً إسناد جيد، وفي "المحلى" رويناه من طريق منصور بن زاذان عن الحكم بن عتيبة، ومن طريق ابن سمعان عن ابن شبرمة، كلاهما عن علي، وفي "المحلى" أيضاً: روينا من طريق منصور بن زاذان عن زياد بن مالك، ومن طريق سفيان عن أبي إسحاق السبيعي، كلاهما عن ابن مسعود، قال: على القارن طوافان وسعيان، ومن طريق الحجاج بن أرطاة عن الحكم عن عمرو بن الأسود عن الحسن بن علي، قال: إذا قرنت بين الحج والعمرة فطف طوافين، واسع سعيين، فظهر بهذا إفساد جعل البيهقي ذلك الإسناد أصح ما روي في الطوافين عن علي، هذا ما قال في: ص 108، وص 109 - ج 5 على هامش "السنن".

2 قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" قلت: ورجال هذا السند ثقات، وزياد بن مالك ذكره ابن حبان في الثقات: ص 108 - ج 5 من هامش "السنن".

3 عند البخاري في "باب صيام أيام التشريق" ص 268 - ج 1 في "الصوم"، وقال ابن الهمام في "الفتح" ص 209 - ج 2: فعلى أصلنا لو صح رفعه لم يعارض النهي العام لو وازنه، فكيف! وذلك أشهر، وعلى أصلهم لا يخص ما لم يجزم برفعه وصحته، والمرسل عندهم من قبيل الضعيف لو تحقق، فكيف! وإنما ذكره الشافعي بلاغاً، وغيره موقوفاً، ولو تم على أصلهم لم يلزمنا اعتباره، انتهى.

ص: 112