الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بوضعه مع وجود المحضر «1» الثابت «2» ، بل يحضر المقاطع على الأرض أو من انتقلت اليه بالإرث أو الابتياع الى باب السلطان، ويرفع قصّة الى الوزير بصورة الحال، ويوقّع عليها بقلمه أن «3» يوضع عنه من خراج الراتب بقدر ما ابتلعه البحر بمقتضى المحضر، ويستمرّ حكم ما بقى، ويكتب على ظهر قصّته: توقيع شريف سلطانىّ؛ ويثبت بدواوين الباب السلطانىّ، ثم يثبت بديوان العمل الجامع، ثم ينزل فى ديوان البلد التى بها تلك الأرض، وبوضع عند ذلك من الضريبة الديوانية؛ هذا حكم الخراج بالديار المصريّة وقاعدته والعادة فيه.
وأما جهات الخراجىّ بالشام وكيفيّتها وما يعتمد عليه مباشروها
- فإن قانون البلاد الشاميّة مبنىّ على نزول الغيث، ووقوع الأمطار فى إبّانها وأوقات «4» الاحتياج اليها، فمن ذلك المطر المسمّى: الوسمىّ، وهو الذى يقع فى فصل الخريف، وعند وقوع هذا المطر يخدّ «5» شقّ الأراضى المكروبة «6» بالسّكك «7» ، ثم يبذر الحبّ فيها، ويعاد شقّ الأرض عليه ليخفى عن الطير «8» خشية التقاطه، فإذا نزل عليه المطر الثانى
بعد ذلك نبت وبرز إلى وجه الأرض، وهو عند ذلك يسمّى: الأحوى «1» ، ثم لا تزال الأمطار تسقيه والأنواء تغذيه حتى يصير غثاء، ثم يقع عليه بعد ذلك المطر المسمّى بالمطر الفاطم، وهو غالبا يكون فى شهر نيسان، ثم يعقد فيه الحبّ بعد ذلك، وينتهى على عادة الزرع؛ هذا حكم ما يزرع على الوسمىّ.
ومن أراضى الشأم [نواح «2» ] يغبّها «3» الوسمىّ فيزرع سكّانها «4» الحبّ عفيرا، ومعنى ذلك أنهم يزرعون فى الأرض الحبّ قبل إبّان الزرع وينتظرون وقوع الأمطار عليه؛ ومن غريب ما اتّفق فى بعض السنين أنهم أودعوا الحبّ الأرض على عادتهم فلم تسقط عليه الأمطار فى تلك السنة، فاستمرّ فى الأرض إلى العام القابل، وأيس أهل البلاد منه، وزرعوا فى السنة الثانية شطر الأراضى التى كانت كرابا غير مزروعة- فإن عادتهم بسائر بلاد الشأم أن كلّ فلّاح يقسم الأراضى التى بيده شطرين، فيزرع شطرا، ويريح شطرا، ويتعاهده بالحرث لتقرع الشمس باطن الأرض، ثم يزرعه فى القابل ويريح الشطر الذى كان به الزرع؛ هذا دأبهم، خلافا لأراضى الديار المصريّة، فإنها تزرع فى كلّ سنة- فلما وقعت الأمطار نبت الشطران معا، وأقبلت الزراعات فى تلك السنة، فتضاعف المغلّ، وهذا غريب نادر الوقوع.
ومن أراضى الشأم ما يسقى بالمياه السارحة من الأنهار والعيون، وتكون مقاسمة أرضه أوفر من مقاسمة ما يسقى بالأمطار، وقيمة الأملاك بها أرفع «1» وأغلى من تلك، ويكون غالبا فى الأراضى المستفلة «2» ؛ والله تعالى أعلم.
والذى يعتمده مباشر الخراج ببلاد الشأم أنه يبدأ بإلزام رؤساء البلاد بتغليق «3» أراضيها بالزراعة والكراب «4» ؛ ومصطلحهم فى ذلك أن يقولوا: أحمر وأخضر، يعنون بالأحمر: الكراب، وبالأخضر: الزرع شتويّا «5» أو صيفيّا، ويعنون بالشّتوىّ:
القمح والشعير والشّوفان «6» والفول والحمّص والعدس والكرسنّة «7» والجلبّان «8» والبستيلية
وهى التى تسمّى بمصر: البسلّى «1» ، وبالساحل الطرابلسىّ: الحالبة؛ ويعنون بالصيفىّ:
الذّرة والدّخن والسّمسم والأرزّ والحبّة السوداء والكسبرة والمقاثئ «2» والوسمة «3» والقرطم «4» والقطن والقنّب «5» ؛ ويكتب عليهم بذلك مشاريح أنهم لا يبوّرون شيئا من الأراضى ومن بوّر شضيئا منها كان عليه القيام بريع «6» الغامر من «7» نسبة العامر؛ فإذا زرعت الأراضى وبدا صلاح الزرع، وأخذ الفول فى العقد خرج الوكلاء على الزراعة إلى النواحى يحفظون الزراعة من التّطرّق إلى شىء منها، ويلازمونها إلى أن تحصد وتنقل إلى البيادر «8» ؛ فعند ذلك يخرج الأمر بحفظ ما يصل إلى البيادر، ويأخذون فى الدّراس؛ فإذا تكامل وطابت البيادر ولم يبق إلا التّذرية أخرج مذرّيا- ووظيفة المذرّى أنه يلزمهم بتخليص الغلال من الأقصال وتنظيفها؛ فإذا فعلوا ذلك وخلصت الغلال من الأتبان والأقصال وصارت بيادر صافية خرج والى العمل ومباشروه إلى تلك الجهة، وتقدّموا «9» بتوزيع بيادرها على ضريبة الناحية وعادتها فى المقاسمة، مناصفة- وذلك فى أراضى السّقى-، ومثالثة ومرابعة- وهو فى غالب
البلاد-، ومخامسة ومسادسة- وذلك فى المزارع والنواحى الخالية من السكّان التى يزرعها المستكرون «1» -، ومسابعة ومثامنة- وذلك فى النواحى المجاورة لسواحل البحر والمتاخمة لأطراف بلاد العدوّ؛ فإذا فرغ توزيعها أخذ المباشرون ما يخصّ الديوان من التوازيع، ثم يحزر «2» ما لعلّه تأخّر من الغلال فى عرصات البيادر والأقصال وأعقاب التّبّانات والعفائر، ويؤخذ منه ما يخصّ الديوان من «3» نسبة المقاسمة، ويكمّل على الفلّاح على حكم ضريبة ذلك العمل؛ وفى بعض النواحى يكون من المواسطة «4» ، فتفرد لها توزيعه بمفردها، ثم يؤخذ من حاصل الفلّاح بعد الرسوم عشر ما بقى له؛ وهذا غير مطّرد فى جميع البلاد، فإنّ فى جهات الأوقاف والبرّ وما يناسبها لا يؤخذ العشر إلا من النصاب الشرعىّ؛ وفى نواحى الخواصّ والإقطاعات يؤخذ ممّا بقى للفلّاح من كلّ عشرة أجزاء جزءا ممّا قلّ أو كثر بحسابه؛ وفى بعض الأقاليم لا يؤخذ العشر من المزارعين الذّمّيّة؛ وأما النواحى الإقطاعيّة والأملاك التى أعشارها ديوانيّة فمنها ما عليه ضريبة مقرّرة تؤخذ فى كلّ سنة زاد المغلّ أو نقص، ومنها ما يندب له من يقف على النواحى ويحزر «5» ما بها من الغلال ويقدّر العشر عنها، ويكون هذا الحزر والزرع قائم أو حصيد قبل دراسه، ثم يستعاد بعد ذلك من الفلّاحين ما لعلّه
عليهم من التقاوى «1» والقروض، وتكون بمفردها مرصدة لتقاوى، السنة الآتية؛ ثم يعتبر ما يتحصّل من الغلال على اختلاف أصنافها بالكيل المتعامل به فى ذلك الإقليم، وتعمل بذلك مخازيم «2» على العادة مفصّلة بالأسماء وأصل المقاسمة والرسوم والعشر وما لعلّه استعيد من التقاوى والقروض؛ وعند تكامل قسم نواحى كلّ عمل ينظم على المخازيم عمل «3» بالمتحصّل على ما نشرحه إن شاء الله تعالى فى الأوضاع الحسابيّة؛ هذا ما يعتمده فى الغلال.
وأما الخرّوب والزيتون والقطن والسّمّاق «4» والفستق والجوز واللّوز والأرزّ فإنّ الوكلاء تستمرّ على حفظ ذلك إلى أن يصير فى بيادره، ويقسم على حكم الضريبة ويحصّل ويورد على المتحصّل؛ وفى بعض الأعمال الشاميّة نواح مفصولة «5» ومضمّنة «6» على أربابها بشىء معلوم يؤخذ منهم عند إدراك المغلّ من غير توكيل ولا مقاسمة، وهى نظير المتأجرات «7»
بالديار المصريّة؛ ولفظ الفصل «1» بالشأم كلّه كلمة فرنجيّة، واستمرّ استعمالها فى البلاد الساحليّة التى ارتجعت من أيدى الفرنج جريا على عادتهم.
وأما خراج العين فهو مقرّر على البساتين والشجريّات والكروم والمقاثئ ويستخرج على حكم الضريبة عند إدراك كلّ صنف.
ومن أبواب «2» الخراجىّ الخدم التى تقدّم «3» ذكرها، ومقرّر القصب والبريد «4» والبسط، وعشر العرق «5» ، وغير ذلك مما يطول شرحه، الّا أن جميع ما يستخرج من الأراضى منسوب الى الخراج.
ومن أبواب الخراجىّ الأحكار على ما فيها من الاختلاف؛ ومهما استخرجه المباشر وحصّله من ذلك يعتمد فى إيراده نحو ما شرحناه فى الهلالىّ: من إيراده فى تعليق المياومة، وشطبه على الجريدة المبسوطة على أبوابه؛ هذا حكم الهلالىّ والجوالى والخراجىّ؛ والله سبحانه وتعالى أعلم.