الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا غنية للقصب عن القطران قبل أن يحلو، فإنه يمنع السوس من الوصول إليه؛ وصفة ذلك أنهم يجعلون القطران فى قادوس مبخوش «1» من أسفله، ويسدّ ذلك البخش «2» بشىء من الحلفاء، ويعلّق القادوس على جدول الماء، ويمزج القطران بالماء فيقطر من خلال ذلك البخش المسدود، ويمتزج قطره بالماء الذى يصل الى القصب، ويحصل به المقصود.
وإن خشى المباشر على القصب من فساد الفأر أدار حوله حيطانا رقيقة مقلوبة الرأس إلى خارج أرض القصب تسمّى حيطان الفأر، وتصنع من الطين المخلوط بالتبن فتمنع الفأر من الوصول إلى القصب، فإنه إذا تسلّق فى «3» الحائط وانتهى إلى آخرها منعته تلك الحافة المقلوبة وأصابت رأسه فيسقط إلى الأرض.
هذا ما يلزم المباشر الاحتفال به واعتماده فى أمر القصب.
فإذا كان فى أوّل كيهك من شهور القبط كسرت الأقصاب وقشرت، ونقلت إلى المعاصر؛ وإذا كان فى أوان نصب القصب من السنة الثانية حرقت آثار الأقصاب وسقيت وعزقت كما تقدّم، فتنبت أرضها القصب؛ ويسمّونه بمصر:
الحلفة، ويسمّون الأوّل: الرأس؛ وقنود «4» الخلفة فى الغالب أجود من قنود الرأس.
ذكر كيفية الاعتصار والطبخ وتقدير المتحصّل
الذى جرت عليه العادة بالديار المصرية أن الأقصاب إذا نقلت من المكسر إلى المعصرة على ظهور الجمال أو الحمير وضعت فى مكان برسمها يسمّى دار القصب،
بها وترات وحطب ورجال مرصدون لإصلاح القصب بالسكاكين الكبار التى «1» مقدار حديدها ثلثا ذراع، فى عرض سدس ذراع فى سمك إبهام، فينظّفون عيدان القصب، ويقطعون من أعلاه ما ليس فيه حلاوة، ويسمّونه اللّكلوك «2» ، وينظّفون اسفل العود ممّا لعلّه به من عروق وطين؛ ويسمّى هذا الإصلاح التطهير؛ ثم ينقل من تلك الوترات الى وترات أخر مؤبّدة بأعلى حائط عريض مرتفع عن الأرض، أحد جانبى الحائط مما يلى دار القصب، والوجه الآخر إلى بيت آخر يسمّى بيت النّوب «3» ؛ وعلى ذلك الحائط رجال جالسون فى مقاعد أعدّت لهم، وبأيديهم السكاكين التى ينظّف بها القصب، والوترات المؤبّدة أمامهم، فيجمع الرجل منهم عدّة عيدان من القصب، ويضعها على الوترة، ويقطّعها قطعا صغارا فتسقط فى بيت النّوب؛ ثم تنقل من بيت النّوب الى الحجر فى أفراد «4» تسمّى العيارات «5» متساوية المقادير؛ فيوضع ذلك القصب المقطّع تحت الحجر؛ ويدوّر الحجر عليه الأبقار الجياد فيعصره؛ وينزل ما يخرج منه من الماء فى أبخاش «6» فى القاعدة التى تحت الحجر إلى مكان ضنك «7»
معدّ له؛ فإذا انتهى ذلك القصب من العصر تحت الحجر نقل إلى مكان آخر، ثم يجعل فى قفاف متّخذة من الحلفاء مشّبكة الأسافل والجوانب، ويلقى تحت دولاب التّخت «1» ، ويدور الدولاب عليه بالأعواد حتى يأخذ حدّه، ويخرج ما بقى فيه من الماء؛ ويجتمع ما تحصّل من ماء القصب من الحجر والتّخت فى مكان واحد؛ ثم ينقل ذلك الماء فيصفّى من منخل موضوع فى قفص معدّ له، وينزل ما يخرج الى مكان متصل يسمّونه البهو «2» ، له عيار معلوم محرّر؛ فإذا امتلأ من ذلك الماء المصفّى نقل إلى المطبخ، وصفّى تصفية ثانية فى قدر كبيرة يسمّونها الخابية يصبّ فيها بعد التصفية جميع ما كان فى البهو، وهو ستون مطرا «3» من ماء القصب ضريبة كلّ مطر نصف «4» قنطار باللّيثىّ على التحرير- والرطل اللّيثىّ مائتا درهم- فيكون ما فى الخابية ثلاثة آلاف رطل وهو ما كان فى البهو؛ ثم يوقد عليها من خارج المعصرة إلى أن يغلى الماء غليانا كثيرا، وينقص نقصا معلوما، فعند ذلك يبطل الوقيد «5» عنها؛ فإذا سكن غليانها نقل ما فيها من الماء المسلوق فى يقاطين كبار، فى كلّ قرعة منها خشبة منجورة طويلة كالساعد نافذة فى جانبى القرعة، ويصبّ فى أكسية من الصوف
تحتها دنان كبار فيصفّى الماء منها تصفية ثالثة، ويستقرّ فى تلك الدّنان؛ ثم ينقل من الدنان فى دسوت «1» إلى القدور، فيطبخ فيها إلى أن يأخذ حدّه من الطبخ؛ ويحتاج كلّ حجر الى خابية وثمانى قدور لطبخ ما يعتصر تحت الحجر والتّخت؛ ثم ينقل بعد طبخه فى دسوت من النّحاس، لكلّ دست منها قبضتان من الخشب مسمورتان فى أعلاه يقبض الرجل عليهما ليقياه حرارة الدّست؛ ويصبّ ذلك المطبوخ- ويسمّى إذ ذاك المحلب- فى أباليج من الفخّار ضيّقة «2» الأسافل، متسعة الأعالى، مبخوش فى أسفل كلّ أبلوجة منها ثلاثة أبخاش «3» مسدودة بقشّ القصب، وهذه الأباليج موضوعة فى مكان يسمّى بيت الصبّ، فيه مصاطب مبنيّة مستطيلة تشبه المذاود «4» ، ويجعل تحت كلّ أبلوجة من تلك الأباليج قادوس يقطر فيه ما يتخلّص من رقيق ذلك المحلب «5» - وهو العسل القطر- ثم يخدمها الرجال بالكرانيب «6» مرّة بعد أخرى حتى تمتلئ تلك الأباليج، وهى تختلف، فمنها ما يسع أكثر من قنطار، وأقلّ منه؛ فإذا امتلأت وتكاملت خدمتها وأخذت فى الجفاف نقلت من بيت الصبّ الى بيت الدفن «7» ؛ فتعلّق فيه على قواديس يقطر فيها ما بقى من أعسالها.