الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخصوصية الرابعة والخمسون: أنه المدخر لهذه الأمة
121-
روى الشيخان، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول:"نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا، والنصارى بعد غد".
= قال: وبعد الموت. إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، فنبي الله حي يرزق".
وفي الزوائد: هذا الحديث صحيح إلا أنه منقطع في موضعين؛ لأن عبادة روايته، عن أبي الدرداء مرسلة قال العلاء: وزيد بن أيمن عن عبادة مرسلة، قال البخاري.
وقال الألباني في الإرواء 1-35: رجاله ثقات لكنه منقطع، وقال المنذري في الترغيب 2-503: إسناده جيد.
121-
فتح الباري 2-354، 355 -مسلم 2-506و 507.
قال ابن حجر رحمه الله:
قوله: "نحن الآخرون السابقون" المراد أن هذه الأمة، وإن تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية، فهي سابقة لهم في الآخرة بأنهم أول من يحشر، وأول من يحاسب، وأول من يقضى بينهم، وأول من يدخل الجنة.
وقال: وقيل المراد بالسبق هنا إحراز فضيلة اليوم السابق بالفضل، وهو يوم؟؟؟ ويوم الجمعة، وإن كان مسبوقا بسبت قبله، أو أحد لكن لا يتصور اجتماع الأيام الثلاثة متوالية إلا ويكون يوم الجمعة سابقًا.
وقيل: المراد بالسبق أي القبول والطاعة التي حرمها أهل الكتاب، فقالوا: سمعنا وعصينا والأول أقوى. =
..................................................................................................
= قوله: "ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم".
المراد باليوم يوم الجمعة، والمراد باليوم بفرضه فرض تعظيمه، وأشير إليه بهذا لكونه ذكر أول الكلام كما عند مسلم من طريق آخر، عن أبي هريرة ومن حديث حذيفة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا" الحديث. قال ابن بطال: ليس المراد أن يوم الجمعة فرض عليهم بعينه فتركوه؛ لأنه لا يجوز لأحد أن يترك ما فرض الله عليه، وهو مؤمن وإنما يدل، والله أعلم أنه فرض عليهم يوم من الجمعة، وكل إلى اختيارهم ليقيموا فيه شريعتهم، فاختلفوا في أي الأيام هو، ولم يهتدوا ليوم الجمعة، ومال القاضي عياض لهذا، ورشحه بأنه لو كان فرض عليهم بعينه لقيل: فخالفوا به فاختلفوا.
قال النووي: يمكن أن يكونوا أمروا به صريحا، فاختلفوا هل يلزم تعينه أم يسوغ إبداله بيوم آخر، فاجتهدوا في ذلك فأخطأوا، انتهى.
ويشهد له ما رواه الطبري بإسناد صحيح، عن مجاهد في قوله تعالى:{إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} ، قال: أرادوا الجمعة فأخطأوا، وأخذوا السبت مكانه.
ويحتمل أن يراد بالاختلاف اختلاف اليهود والنصارى في ذلك، وقد روى ابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر، عن السدي التصريح بأنهم فرض عليهم يوم الجمعة بعينه فأبوا.
ولفظه: "إن الله فرض على اليهود الجمعة، فأبوا وقالوا: يا موسى إن الله لم يخلق يوم السبت شيئا، فاجعله لنا فجعل عليهم"، وليس بعجيب من مخالفتهم كما وقع لهم في قوله تعالى:{ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} ، وغير ذلك وكيف لا وهم القائلون:{سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} .
قوله: "فهدانا الله له"، يحتمل أن يراد بأن نص لنا عليه، وأن يراد الهداية إليه بالاجتهاد.
ويشهد للثاني ما رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح، عن محمد بن سيرين قال: "جمع أهل المدينة قبل أن يقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل أن تنزل الجمعة، فقالت الأنصار: إن لليهود يوما يجتمعون فيه كل سبعة أيام، وللنصارى كذلك، فهلم فلنجعل =
...................................................................................................
= يوما نجتمع فيه، فنذكر الله تعالى ونشكره، فجعلوه يوم العروبة، واجتمعوا إلى أسعد بن زرارة، فصلى بهم يومئذ وأنزل الله تعالى بعد ذلك:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} الآية، وهذا وإن كان مرسلا، فله شاهد بإسناد أخرجه أحمد، وأبو داود وابن ماجه، وصححه وابن خزيمة، وغير واحد من حديث كعب بن مالك قال:"كان أول من صلى بنا الجمعة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة" الحديث.
فمرسل ابن سيرين يدل على أن أولئك الصحابة اختاروا يوم الجمعة بالاجتهاد، ولا يمنع ذلك أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علمه بالوحي، وهو بمكة فلم يتمكن من إقادتها.
ثم فقد ورد فيه حديث، عن ابن عباس، عن الدارقطني، ولذلك جمع بهم أول ما قدم المدينة كما حكاه ابن إسحاق وغيره، وعلى هذا فقد حصلت الهداية للجمعة بجهتي البيان والتوفيق.
وقيل في الحكمة في اختيارهم الجمعة، ووقوع خلق آدم فيه، والإنسان إنما خلق للعبادة، فناسب أن يشتغل بالعبادة فيه.
ولأن الله تعالى أكمل فيه الموجودت، وأوجد فيه الإنسان الذين ينتفع بها، فناسب أن يشكر على ذلك بالعبادة فيه.
قوله: "اليهود غدا والنصارى بعد غد".
وفي رواية عند ابن خزيمة، ولليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد.
والمعنى أنه لنا بهداية الله تعالى، ولهم باعتبار اختيارهم، وخطئهم في اجتهادهم.
وقال: وفي هذا الحديث أن الهداية والإضلال من الله تعالى كما هو قول أهل السنة، وأن سلامة الإجماع من الخطأ مخصوص بهذه الأمة.
وأن استنباط معنى من الأصل يعود عليه بالإبطال باطل، وأن القياس مع وجود النص فاسد.
وأن الاجتهاد في زمن نزول الوحي جائز. =
122-
ولمسلم عن أبي هريرة، وحذيفة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا، فهدانا ليوم الجمعة".
= وإن الجمعة أول الأسبوع شرعا، ويدل على ذلك تسمية الأسبوع كله جمعة، وكانوا يسمون الأسبوع سبتًا.
وفيه بيان واضح لمزيد فضل هذه الأمة على الأمم السابقة زادها الله تعالى. ا. هـ.
انظر شرح السنة 4-200، فتح الباري 1-345، 2-282، 11-517، 12-216، 123- مسند أحمد 2-342، 504، الدارقطني 2-3 المشكاة 1354- بدائع المنن 428- الزهد لابن المبارك 2-114.
- ابن خزيمة 1720- البيهقي 3-170، 188.
122-
مسلم النووي 2-508.
وقال النووي: قوله "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا".
فيه دلالة لمذهب أهل السنة أن الهدى والإضلال، والخير والشر كله بإراداة الله وهو فعله خلافا للمعتزلة، وانظر ابن ماجه رقم 1083- النسائي الجمعة باب 1- الترغيب والترهيب 1-492- كنز العمال رقم 21052- القرطبي 10-200- تفسير ابن كثير 4-532- مجمع الزوائد 2-165 وعزاه الهيثمي للبزار ورجاله رجال الصحيح، وفيه زيادة "المغفور لهم قبل الخلائق" في آخره.
وقال ابن كثير 4-531 في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} الآية "النحل 124"، قال: لا شك أن الله شرع في كل ملة يوم من الأسبوع يجتمع الناس فيه للعبادة، فشرع الله تعالى لهذه الأمة يوم الجمعة؛ لأنه "اليوم" السادس الذي أكمل الله فيه الخليفة، واجتمعت فيه النعمة على عباده،
ويقال: إنه تعالى شرع ذلك لبني إسرائيل على لسان موسى، فعدلوا عنه واختاروا السبت؛ لأنه اليوم الذي لم يخلق فيه الرب شيئا من المخلوقات الذي كمل خلقها يوم الجمعة فألزمهم تعالى به في شريعة التوراة، ووصاهم أن يتمسكوا به، وأن =