الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: أحكام التنجيم
الفصل الأول: الحكمة من خلق النجوم
الفصل الأول: الحكمة من خلق النجوم
…
الباب الثاني: أحكام التنجيم
ويشتمل على ستة فصول:
الفصل الأول: الحكمة من خلق النجوم.
الفصل الثاني: حكم الاستسقاء بالنجوم.
الفصل الثالث: حكم تعلم علم الفلك.
الفصل الرابع: الأدلة على فساد صناعة المنجمين، وأنها ظنون كاذبة.
الفصل الخامس: شبهات المنجمين والرد عليها.
الفصل السادس: حكم التنجيم.
الفصل الأوا: الحكمة من خلق النجوم
خلق الله النجوم لحكمة سامية، أرشدنا الله تعالى إليها، ووردت هذه الحكم مجموعة فيما رواه البخاري تعليقاً أن قتادة قال:( {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} 1، خلق هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها بغير ذلك2 أخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلف مالا علم له به) 3، ومن هذا تبين أن الحكم التي اتضحت لنا من خلق النجوم ثلاث، وهي:
1-
أن تكون زينة للسناء: وقد دلت نصوص القرآن الكريم على هذه الحكمة في قول الله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً 4 وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} 5، أي: زينا السماء بالكواكب لمن نظر إليها وأبصرها6، وقوله:{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} 7،وقوله:
1 سورة الملك، الآية:5.
2 أي: زعم فيها غير ما ذكر الله تعالى في هذه الثلاث، فادعى علم الغيب بها. انظر:"تيسير العزيز الحميد": ص443.
3 أخرجه البخاري: (4/224-225)، وأخرجه الطبري في "تفسيره":(29/3)، وأخرجه الخطيب في "حكم علم النجوم":(ق10أ) .
4 البروج: وهي اثنا عشر برجاً: الحمل، الثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت.
"تفسير القرطبي": (10/9) .
5 سورة الحجر، الآية:16.
6 "تفسير الطبري": (14/14)، "تفسير ابن كثير":(2/548) .
7 سورة الصافات، الآية:6.
{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} 1، وقوله:{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} 2، وقوله:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} 3.
2-
أن تكون رجوماً للشياطين: وقد دلت نصوص القرآن الكريم على هذه الحكمة أيضاً في قول الله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ 4 فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} 5، وقوله:{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} 6، وقوله:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} 7،
وقوله: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ 8 وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا
1 سورة فصلت، الآية:12.
2 سورة ق، الآية:6.
3 سورة الملك، الآية:5.
4 أي: أن يسمع الشيطان الخبر من أخبار السماء سوى الوحي فإن الوحي لا يسمع منه شيء لقوله تعالى:} إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} . انظر: "تفسير القرطبي": (10/11) .
5 سورة الحجر، الآيات: 16-18.
6 سورة الصافات، الآيات: 6-10.
7 سورة فصلت، الآية:12.
8 هي الكواكب، والضمير في قوله:} وَجَعَلْنَا} يعود إلى جنس المصابيح لا إلى عينها، لأنه لا يرمى بالكواكب التي في السماء، بل بشهب من دونها. انظر:"تفسير ابن كثير": (4/396) .
لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} 1، وقوله حكاية عن الجن:{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً} 2.
وبينها النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنهم بينما هم جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بنجم فاستنار. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، كنا نقول: وُلد الليلة رجل عظيم ومات رجل عظيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال، قال: فيستخبر بعض أهل السماوات بعضاً، حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا، فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائهم، ويرمون به، فما جاءوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون"3.
3-
أن تكون علامات يهتدى بها في ظلمات البر والبحر: وكذلك جعل الله تعالى هذه النجوم أدلة في البر والبحر للناس ليهتدوا بها إذا ضلوا
1 سورة الملك، الآية:5.
2 سورة الجن، الآيتان: 8-9.
3 سبق تخريجه ص110.
الطريق أو تحيروا فيه1، كما قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} 2، وقال:{وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} 3.
هذه هي الحكم التي من أجلها خلقت النجوم، فمن الواجب أن تجعل النجوم فيما جعلت من أجله، لا يتجاوز بها ذلك، كما قال قتادة رحمه الله:(فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به)4.
1 انظر: "تفسير الطبري": (7/286) .
2 سورة الأنعام، الآية:97.
3 سورة النحل، الآية:16.
4 سبق تخريجه ص147.