الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول: التنجيم في القديم والحاضر
الفصل الأول: التنجيم عند قوم إبراهيم
المبحث الأول: عبادة قوم إبراهيم للنجوم
المبحث الأول: عبادة قوم إبراهيم للنجوم
…
الباب الأول: التنجيم في القديم والحاضر
ويشتمل على خمسة فصول:
الفصل الأول: التنجيم عند قوم إبراهيم.
الفصل الثاني: تنزيه الأنبياء أن يكونوا منجمين.
الفصل الثالث: التنجيم عند العرب (في الجاهلية) .
الفصل الرابع: دور أعداء الإسلام في نشر التنجيم بين المسلمين.
الفصل الخامس: التنجيم في العصر الحاضر.
الفصل الأول: التنجيم عند قوم إبراهيم
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: عبادة قوم إبراهيم للنجوم.
المبحث الثاني: لم يكن خليل الرحمن منجماً.
المبحث الأول: عبادة قوم إبراهيم للنجوم
قوم إبراهيم هم الكشدانيون الذين كانوا يعبدون الكواكب في قديم الزمان، ويزعمون أنها المدبرة لهذا العالم السفلي، وأن الخير والشر صادر منها.
ونشأت عبادة الكواكب عندهم من التعلق بالملائكة، واعتقاد أنهم وسطاء بين الله وبين خلقه، وأنهم موكلون بتصريف هذا العالم، ثم تنبهوا إلى أن الأفلاك والكواكب أقرب الأجسام المرئية إلى الله تعالى، وأنها أحياء ناطقة مدبرة للعالم وأنها بالنسبة للملائكة كالروح للجسد، فهي الهياكل، والملائكة الأرواح1، وأنها متصفة بصفات مخصوصةـ ولوجود هذه الصفات استحقت أن تكون آلهة تعبد، وهذه الصفات هي:
1-
أن هذه الأفلاك متحركة بحركة إرادية، وهي نفوس عالمة مدركة، وهي علل لهذه النفوس البشرية.
قالوا: إن جملة الفلك كجملة البدن، والكواكب كالقلب، وكما أن التعلق الأول بالنفس بالقلب، ثم بواسطته للبدن، فكذلك الأرواح الفلكية لابد وأن ينسحب عنها قوى كبيرة، ويكون لكل واحد منها
1 قد قسمها بعض العلماء على غير هذا التقسيم كالخطابي في "معالم السنن": (5/371) ، والخطيب البغدادي في القول في النجوم ق1 أ، والبغوي في "شرح السنة":(12/183)، وابن رجب الحنبلي في "فضل علم السلف على علم الخلف":(ص134) ، وكلها بمعنى واحد وإن اختلفت الألفاظ، واخترت تقسيم حاجي خليفة لما يحويه من التفصيل.
قوى خاصة بجانب معين من جوانب الفلك1.
3-
أن الأفلاك والكواكب مدركة للجزئيات والكليات.
4-
إن هذه الكواكب عالمة بجميع ما يجري من الحوادث في هذا العالم سواء كانت هذه الحوادث طبيعية أو قسرية أو اختيارية.
5-
زعموا أن الكواكب صور الحيوانات في العالم.
6-
قالوا: إن العلة يجب أن تكون أكمل من المعلول، وهذه الصور العالية علة للصور السفلية، فيجب أن تكون أكمل منها، فلا يبعد أن يقال: إنها على بعدها من هذا العالم تحس بكل ما في هذا العالم، وتسمع دعاء البشر، وتبصر تضرعهم، وتشم روائح دخنهم وبخوراتهم، ولا يبعد أن يكون لها ولأرواحها وأعوانها أسماء مخصوصة، ولا يبعد أن تتجلى لمن يحمدها ويتضرع إليها، وتوحي أسماءها وأسماء أعوانها إلى ذلك الداعي2.
7-
اعتقدوا أن الكواكب والأفلاك ممكنة الوجود لذواتها، واجبة الوجود بإيجاب المؤثر الأول لها، وليس في عالم الكون والفساد فاعل قديم مختار إلا الأفلاك والكواكب3.
ثم إنهم لما اعتقدوا أن هذه الكواكب متصفة بهذه الصفات بالإضافة إلى اعتقادهم أن الملائكة تختلف فيما بينها وبين الله، وأن كل ما يحدث في هذا العالم إنما هو على قدر ما تجري به الكواكب عظموها، وتعرفوا على بيوتها ومنازلها ومطالعها ومغاربها، وعلى اتصالاتها على أشكال الموافقة
1 "كشف الظنون": (2/1930) .
2 انظر: "رسائل إخوان الصفا": (1/114) .
3 "كشف الظنون": (2/1930) .
والمخالفة مرتبة على طبائعها المزعومة، ثم على تقسيم الأيام والليالي والساعات عليها، فعملوا الخواتيم، وتعلموا العزائم، وتضرعوا إليها بالدخن وتقريب القرابين ثم عينوا لكل هيكل يوماً، وراعوا فيه ساعاته الأولى، وتختموا بخاتمة المعمول على صورته، ولبسوا اللباس الخاص به، وتبخروا ببخوره، ودعوا بدعواته
…
وهكذا.
وكانوا يتقربون إلى الهياكل تقرباً إلى الروحانيات، ويتقربون إلى الروحانيات تقرباً إلى الباري تعالى، وهؤلاء يسمون أصحاب الهياكل1.
فلما كانت هذه الكواكب يختفي أكثرها في النهار وفي بعض الليالي لما يعرض في الجو من الغيوم والضباب ونحو ذلك رأوا أن ينصبوا لهذه الكواكب أصناماً وتماثيل على هيئة الكواكب السبعة حينما تصدر أفعالها عنها –كما يزعمون- كل تماثيل يقابل هيكلاً، فكانوا يتقربون إلى هذه التماثيل في الساعات المحمودة للكواكب عندهم، فيلبسون لباسه، ويتختمون بخاتمه، ويتبخرون ببخوره الخاص به، ويتضرعون بالدعاء عندها، ويسألون حاجاتهم منها.
واعتقدوا أن التقرب إلى هذه الأصنام هو الوسيلة إلى الهياكل التي هي الوسيلة إلى الروحانيات، التي هي وسيلة إلى الله تعالى. وهؤلاء يسمون أصحاب الأشخاص2.
لذلك أبطل الخليل عليه السلام مذاهب هؤلاء، أصحاب الهياكل وأصحاب الأشخاص بما قص الله تعالى عنه3.
1 "معالم السنن": (5/371، 372)، وانظر:"شرح السنة": (12/183) .
2 الموارد: المناهل، والمنهل: الشرب. انظر: "لسان العرب": (3/456) ، (11/681) .
3 انظر: "حكم علم النجوم": (ق 1 أ) .
1 "فضل علم السلف على علم الخلف": ص134.
2 انظر: "السر المكتوم" للرازي: (ق 184 ب) .