المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحبث الثاني: الخط على الرمل، وما يلحق به، والاستدلال به على المغيبات - التنجيم والمنجمون وحكم ذلك في الإسلام

[عبد المجيد بن سالم المشعبي]

فهرس الكتاب

-

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أن الله هو المتفرد بالخلق، والمتصرف في الكون، والعالم بالغيب وحده

- ‌المطلب الثاني: تعريف التنجيم

- ‌المطلب الثالث: أقسام علم النجوم

- ‌الباب الأول: التنجيم في القديم والحاضر

- ‌الفصل الأول: التنجيم عند قوم إبراهيم

- ‌‌‌المبحث الأول: عبادة قوم إبراهيم للنجوم

- ‌المبحث الأول: عبادة قوم إبراهيم للنجوم

- ‌المبحث الثاني: لم يكن خليل الرحمن منجما

- ‌المطلب الأول: لم يكن خليل الرحمن متعلقا بالكواكب في قوله تعالى: {فلما جن عليه الليل وراء كوكبا قال هذا ربي فلما قال قال لا أحب الأفلين}

- ‌المطلب الثاني: لم يكن خليل الرحمن منجماً في قول الله تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ}

- ‌المطلب الثالث: لم يكن خليل الرحمن يعتقد أن للفلك تدبيراً في هذا الكون:

- ‌‌‌الفصل الثاني: تنزيه الأنبياء أن يكونوا منجمين

- ‌الفصل الثاني: تنزيه الأنبياء أن يكونوا منجمين

- ‌‌‌الفصل الثالث: التنجيم عند العرب في الجاهلية

- ‌الفصل الثالث: التنجيم عند العرب في الجاهلية

- ‌الفصل الرابع: دور أعداء الإسلام في نشر التنجيم

- ‌المبحث الأول: دور أهل الكتاب وغيرهم من المشركين في نشر التنجيم بين المسلمين

- ‌المبحث الثاني: دور الرافضة في نشر التنجيم بين المسلمين

- ‌‌‌الفصل الخامس: التنجيم في العصر الحاضر

- ‌الفصل الخامس: التنجيم في العصر الحاضر

- ‌الباب الثاني: أحكام التنجيم

- ‌‌‌الفصل الأول: الحكمة من خلق النجوم

- ‌الفصل الأول: الحكمة من خلق النجوم

- ‌‌‌الفصل الثاني: حكم الاستسقاء بالأنواء

- ‌الفصل الثاني: حكم الاستسقاء بالأنواء

- ‌‌‌الفصل الثالث: حكم تعلم علم الفلك

- ‌الفصل الثالث: حكم تعلم علم الفلك

- ‌‌‌الفصل الرابع: الأدلة على فساد صناعتهم، وأنها ظنون كاذبة

- ‌الفصل الرابع: الأدلة على فساد صناعتهم، وأنها ظنون كاذبة

- ‌‌‌الفصل الخامس: شبهات المنجمين، والرد عليها

- ‌الفصل الخامس: شبهات المنجمين، والرد عليها

- ‌الفصل السادس: حكم التنجيم

- ‌المبحث الأول: حكم العمل بالتنجيم

- ‌المبحث الثاني: حكم تعلم التنجيم دون العمل به

- ‌المبحث الثالث: حكم إتيان المنجمين، وتصديقهم بما يخبرون به

- ‌المبحث الرابع: حكم الأجرة المأخوذة على صناعة التنجيم، والواجب تجاه المنجمين

- ‌الباب الثالث: فيما يلحق بالتنجيم وما قد يظن أنه منه، وهو ليس منه

- ‌الفصل الأول: ما يلحق بالتنجيم

- ‌المبحث الأول: حروف أبي جاد، والاستدلال بها على

- ‌المبحبث الثاني: الخط على الرمل، وما يلحق به، والاستدلال به على المغيبات

- ‌الفصل الثاني: أمور ليست من التنجيم، وقد يظن أنها منه

- ‌المبحث الأول: توقع حدوث الكسوف والخسوف

- ‌المبحث الثاني: توقع حالة الجو

الفصل: ‌المبحبث الثاني: الخط على الرمل، وما يلحق به، والاستدلال به على المغيبات

‌المبحبث الثاني: الخط على الرمل، وما يلحق به، والاستدلال به على المغيبات

إن هؤلاء المنجمين –الذين يعتمدون على الحدس والتخمين- استنبطوا من التنجيم صناعة، سموها خط الرمل، والواقع أنها رجم بالغيب، وسموها بهذا الاسم نسبة إلى المادة التي يستخدمونها في عملهم، وطريقة هذه الصناعة أنهم جعلوا من النقط والخطوط ستة عشر شكلاً، ميزوا كلاً منها باسم وشكل يختلف عن غيرها، وقسموها إلى سعود ونحوس وشأنهم في ذلك شأنهم في الكواكب1، ومسائل هذه الصناعة تخمينية يزعمون أنها مبنية على تجارب، ويربطونها بالنجوم، ويقولن: إن البروج الاثنى عشر يقتضي كل منها شكلاً معيناً من الأشكال التي اصطلحوا عليها، وقالوا: إنه حين السؤال عن المطلوب تقتضي أوضاع البروج قوى الشكل المعين الذي يرسمه الرمّال على الرمل، وتلك الأشكال تدل على أحكام مخصوصة تناسب أوضاع البروج2.

وهذا كله ظن مبني على ظن، وتعلق بأمر غائب لا يمكن التحقق منه وكان لنبي من الأنبياء في سالف الزمان خط مخصوص أوحاه الله إليه، إلا أن علم ذلك النبي لا يعلم أحد كيفيته، وعلم هؤلاء مخالف لعلم ذلك النبي فعلم هؤلاء –كما ذكرت- مبني على علم التنجيم، والتنجيم وما بني عليه ظن وتخمين.

1 انظر: "مقدمة ابن خلدون": ص112.

2 انظر: "مفتاح دار السعادة ومصباح السيادة": (1/360) .

ص: 319

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل به وذلك فيما رواه الإمام أحمد في "مسنده" وغيره عن قبيصة بن المخارق1 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العيافة2 والطيرة والطرق من الجبت"3 والطرق: هو الخط على الرمل على قول4 والجبت: كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك5.

كما بين عدم إدراك هذا العلم، وبطلان ما عليه الناس الذي يدعون معرفته، وذلك فيما رواه الإمام مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: ومنا رجال يخطون. قال: "كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خذه فذاك"6.

كذلك بالإضافة إلى ما قدمت من الأدلة على تحريم التنجيم، وعلى فساده، إذ أن هؤلاء بنوا أحكامهم على تأثيرات النجوم ودلالاتها المزعومة، فيكون فرعاً منه، ولا حقاً به، وآخذاً حكمه.

1 هو قبيصة بن المخارق بن عبد الله بن شداد بن معاوية الهلالي البصري، له صحبة، وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه، وكنيته أبو البشر. انظر:"الجرح والتعديل": (7/124)، و"تهذيب التهذيب":(8/350)، و"الإصابة":(3/222) .

2 يقال: عاف يعيف عيفاً، إذا زجر وحدس وظن.

"النهاية": (3/330) .

3 أخرجه أبو داود: (3907)، وأحمد:(3/477)، وعبد الرزاق في "المصنف":(10/403)، وحسنه النووي في "رياض الصالحين":(1667)، وعبد القادر الأرناؤوط في "جامع الأصول":(7/639)، وقال شعيب الأرناؤوط فيه: حيان هو: أبو العلاء، لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات.

"شرح السنة": (12/177) .

4 "النهاية" لابن الأثير: (3/121) .

5 "شرح النووي على صحيح مسلم": (5/23) .

6 سبق تخريجه: ص111.

ص: 320

واستدل أرباب هذه الصناعة على جواز وصحة صناعتهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك" 1، قالوا: إن علم الرمل ثبت عن إدريس عليه السلام، فهو المعلم الأول، وكان علم الرمل من معجزاته2. وهذا دليل يدل على بطلان هذا العلم، وعلى تحريم هذه الصناعة، ولا يدل على إباحتها مطلقاً، حيث إن العلماء بينوا معنى هذا العلم، وباتضاح المعنى تتضح الدلالة.

قال الخطابي رحمه الله بعد سرد هذا الحديث: (يحتما أن يكون معناه الزجر عنه، إذ كان من بعده لا يوافق خطه، ولا ينال حظه من الصواب، لأن ذلك إنما كان آية لذلك النبي، فليس لمن بعده أن يتعاطاه طمعاً في نيله)3.

وقال النووي رحمه الله تعالى: (اختلف العلماء في معناه، والصحيح أن معناه من وافق خطه فهو مباح له، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح) .

والمقصود أنه حرام، لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فمن وافق خطه فذاك" ولم يقل: هو حرام بغير تعليق على الموافق لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط، فحافظ النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا. والمعنى أن ذلك النبي لا مانع في حقه، وكذا لو علمتم موافقته، ولكن لا علم لكم بها.

1 سبق تخريجه: ص111.

2 "شرح لب الألباب": (ق2) .

3 "معالم السنن": (12/374) .

ص: 321

وقال القاضي عياض: المختار أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون إصابته فيما يقول، لا أنه أباح ذلك لفاعله. قال: ويحتمل أن هذا نسخ في شرعنا. ثم قال النووي: (فحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الآن)1.

وقال ابن خلدون: ليس في الحديث دليل على مشروعية خط الرمل كما يزعمه بعض من لا تحصيل لديه، لأن معنى الحديث كان نبي يخط فيأتيه الوحي عند ذلك الخط، ولا استحالة أن يكون ذلك عادة لبعض الأنبياء، فمن وافق خطه فهو ذاك، أي: فهو صحيح من بين الخط بما عضده من الوحي لذلك النبي الذي عادته أن يأتيه الوحي عند الخط، وأما إذا أخذ ذلك من الخط مجرداً من غير موافقة وحي فلا2.

وقال ابن حجر الهيثمي: (تعلم الرمل وتعليمه حرام شديد التحريم وكذا فعله لما فيه من إبهام العوام أن فاعله يشارك الله في غيبه وما استأثر بمعرفته

والحديث المذكور في مسلم يجب أن يحل على ما يطابق القرآن، وما اتفق عليه إجماع أهل السنة، وذلك بأن يحمل على الإنكار، لا الإخبار، لأن الحديث خرج جواباً على سؤال من اعتقد علم الخط على ما اعتقدت العرب، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم بأن ذلك من خواص علوم الأنبياء بما يقتضي الإنكار على من يتشبه به من الناس إذ هو من خصوصياتهم، ومعجزاته الدالة على النبوة، فهو كلام ظاهره الخبر، والمراد به الإنكار، ومثله في القرآن والسنة كثير.

1 "شرح النووي على صحيح مسلم": (5/23) .

2 "مقدمة ابن خلدون": ص112.

ص: 322

أو يحمل على أنه علق الحل بالموافقة بخط ذلك النبي، وهي غير واقعة في ظن الفاعل، إذ لا دليل عليها إلا بخبر معصوم، وذلك لم يوجد، فبقى النهي على حاله، لأنه علق الحل بشرط، ولم يوجد، وهذا أولى من الأول.

أو يحمل على أنه أراد فمن وافق خطه فذاك الذي تجدون إصابته لا أنه يريد إباحة ذلك لفاعله على ما تأوله بعضهم، وهذا يدل على أنه ليس على ظاهره، وإلا لوجب لمن وافق خطه أن يعلم علم المغيبات التي كان يعلمها ذلك النبي، وأمر بها في خطه، من الأوامر والنواهي والتحليل والتحريم، وحينئذ يلزم مساواته له في النبوة، فلما بطل حمله له على ظاهره لزم تأويله، وعلم أن الله تعالى خص ذلك النبي عليه السلام بالخط، وجعله علامة لما يأمره به وينهاه عنه، كما جعل لنوح عليه السلام من فور التنور علامة الغرق لقومه، وفقد الحوت علامة لموسى على لقاء الخضر عليه السلام، وما في سورة الفتح علامة لنبينا صلى الله عليه وسلم على حضور أجله، ومثله كثير) 1.

فتبين من كلام هؤلاء العلماء أن الحديث يدل على تحريم العمل بعلم الخط، لا على جوازه، كما يدل على بطلان طريقة الناس في علم الرمل، وفسادها، وذلك لأن الإباحة في هذا العلم معلقة بشرط لا يتحقق، فأدى ذلك إلى عدم الإباحة، فإن ذلك النبي له خط مخصوص ليس كخط هؤلاء، أوحاه الله إليه، وهو مؤيد بالوحي فيما يذكره من المغيبات، ولا سبيل إلى العلم بموافقة ذلك الخط، لأن الموافقة تقتضي العلم به، والعلم يكون بأحد طريقين:

1 انظر: "الفتاوى الحديثية": ص117-118.

ص: 323

أحدهما: النص الصريح الصحيح في بيان كيفية هذا العلم.

والثاني: النقل المتواتر من زمن ذلك النبي إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكلا الأمرين منتفٍ.

فدل ذلك على بطلان ما عليه الناس من الخط على الرمل بعد ذلك النبي، وينبغي أن يعلم في هذا المقام أن الأنبياء لا يدعون علم الغيب، ولا يخبرون الناس أنهم يعلمون الغيب، وما أخبروا الناس به من الغيب إنما هو من إيحاء الله إليهم فلا ينسبونه إلى أنفسهم، كما قال الله تعالى: 1، لأن الغيب مما اختص الله بعلمه، فلا يدعيه أحد لنفسه إلا كان مدعياً لبعض خصائص الربوبية، وهذا ما يفعله أرباب هذه الصناعة، فظهر بهذا دجل هؤلاء في دعوى أن هذا النبي الكريم معلم لهم. واستدلوا أيضاً على جواز هذا العلم بقوله تعالى:2.

وقالوا: حكى عن تفسير بعضهم بأنه علم الرمل3.

والجواب عن هذا الاستدلال أن الصحيح من تفسير هذه الآية أنها بمعنى (أو علم تؤثرونه عن أحد ممن قبلكم) وهذا ما ذهب إليه كثير من المفسرين كابن عباس ومجاهد وأبو بكر بن عياش4، وابن جرير الطبري

1 سورة الجن، الآيتان: 26-27.

2 سورة الأحقاف، الآية:4.

3 انظر: "شرح لب الألباب": (ق 4) .

4 هو أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي، مولاهم، الكوفي، الحناط، المقرئ، الفقيه، المحدث، مولى واصل الأحدب، اختلف في اسمه، توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة.

انظر: "تاريخ بغداد": (14/371)، و"سير أعلام النبلاء":(8/495) .

ص: 324

وابن كثير وغيرهم1، ويؤيده ما رواه الإمام أحمد والطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس، قال سفيان: لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أو أثاره من علم" قال: الخط2.

قال ابن جرير الطبري بعد سرد أقوال المفسرين: (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: الإثارة: البقية من علم، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب

وإذا وجه ذلك إلى ما قلنا فيه ممن أنه بقية من علم، جاز أن تكون تلك البقية من علم الخط، ومن علم استثير من كتب الأولين، ومن خاصة علم كانوا أوثروا به، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك خبر بأنه تأوله أنه بمعنى الخط

فتأويل الكلام إذن: ائتوني أيها القوم بكتاب من قبل هذا الكتاب تحقيق ما سألتكم تحقيقه من الحجة على دعواكم ما تدعون لآلهتكم، أو ببقية من علم يوصل بها إلى علم صحة ما تقولون) 3.

أما القول بأن المراد بها علم الرمل فهو تفسير مروي عن بعض السلف كابن عباس وأبي بكر بن عياش، قال ابن عباس في ذلك: خط كان يخطه العرب في الأرض، وقال ابن عياش: هو العيافة4.

1 انظر: "تفسير الطبري": (26/2-3)، و"تفسير ابن كثير":(4/154) .

2 أخرجه الإمام أحمد: (1/226)، والطبراني في "الأوسط": ص271، وصححه القرطبي في "التفسير":(16/179)، والهيثمي في "المجمع":(7/105)، وأحمد شاكر في تحقيقه لـ "المسند":(3/308) .

3 انظر: "تفسير الطبري": (26/3-4) .

4 المصدر نفسه: (26/2) .

ص: 325

وعلى هذا التفسير ليس في الآية دليل على جواز العمل بهذا العلم بل فيه بيان عجز المشركين، حيث إنهم لو سلكوا مسالك الأدلة بأسرها العقلية والنقلية، وعلى الخط الذي يدينون به- لأنهم أهل كهانة وزجر وعيافة- ما استطاعوا أن يثبتوا أن لآلهتهم الباطلة حق في العبادة1.

قال القرطبي رحمه الله في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 2: فيه بيان مسالك الأدلة بأسرها، فأولها المعقول، وهو قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} وهو احتجاج بدليل العقل في أن الجماد لا يصح أن يدعى من دون الله، فإنه لا يضر ولا ينفع، ثم قال:{ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا} فيه بيان أدلة السمع {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} 3. وقال ابن كثير رحمه الله: "أي لا دليل لكم لا نقلياً ولا عقلياً على ذلك"، ولهذا قرأ آخرون: "أو أثرة من علم" أي أو علم صحيح تؤثرونه عن أحد ممن قبلكم) 4.

ومما يدخل في علم الرمل، ويأخذ حكمه علم الأسارير وهو علم باحث عن الاستدلال بالخطوط الموجودة في الأكف والأقدام والجباه بحسب التقاطع والتباين والطول والعرض والقصر، وبحسب ما بينها من الفروج المتسعة، أو المتضايقة على أحوال الإنسان من طول الأعمار

1 انظر: "الفتاوى الحديثة": ص118.

2 سورة الأحقاف، الآية:4.

3 "تفسير القرطبي": (16/182-183) .

4 "تفسير ابن كثير": (4/154) .

ص: 326

وقصرها، والسعادة والشقاوة، والغنى والفقر، وما شابه ذلك1.

ويلحق به أيضاً ما يسمى بقراءة الفنجان، قال الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله:(وقد ظهر من أقواله صلى الله عليه وسلم، ومن تقريرات الأئمة من العلماء، وفقهاء هذه الأمة، أن علم النجوم، والخط على الرمل، وما يسمى بالطالع، وقراءة الكف، وقراءة الفنجان ومعرفة الخط، وما أشبه ذلك كلها من علوم الجاهلية، ومن الشرك الذي حرمه الله ورسوله، ومن أعمالهم التي جاء الإسلام بإبطالها، والتحذير من فعلها، أو إتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها، أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك، لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به)2.

1 انظر: "مفتاح السعادة ومصباح السيادة": (1/352) .

2 انظر: مجلة البحوث الإسلامية، عدد (20) ، ص7-11.

ص: 327