المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ٢١

[ابن جرير الطبري]

فهرس الكتاب

- ‌ الصافات

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(15)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(24) }

- ‌(25)

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(35)

- ‌(38)

- ‌(48)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌(54)

- ‌(58)

- ‌(62)

- ‌(67)

- ‌(71)

- ‌(75)

- ‌(77) }

- ‌(78)

- ‌(83)

- ‌(87)

- ‌(91)

- ‌(93)

- ‌(97)

- ‌(101)

- ‌(103)

- ‌(107)

- ‌(112)

- ‌(114)

- ‌(117)

- ‌(123)

- ‌(127)

- ‌(130)

- ‌(133)

- ‌(137)

- ‌(140)

- ‌(143)

- ‌(147)

- ‌(150)

- ‌(153) }

- ‌(158)

- ‌(161)

- ‌(165)

- ‌(170)

- ‌(174)

- ‌(178)

- ‌{ص

- ‌(1)

- ‌(3) }

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(23) }

- ‌(24) }

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(30)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45)

- ‌(48)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(55)

- ‌(61) }

- ‌(62)

- ‌(65)

- ‌(67)

- ‌(71)

- ‌(75)

- ‌(77)

- ‌(80)

- ‌(84)

- ‌(87)

- ‌(1)

- ‌(4) }

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7) }

- ‌(8) }

- ‌(9) }

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(15) }

- ‌(16)

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(26) }

- ‌(29) }

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(35) }

- ‌(36)

- ‌(38) }

- ‌(39)

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(43)

- ‌(45) }

- ‌(46) }

- ‌(47) }

- ‌(48) }

- ‌(49) }

- ‌(50)

- ‌(52) }

- ‌(53) }

- ‌(54)

- ‌(57)

- ‌(59) }

- ‌(60) }

- ‌(61)

- ‌(65) }

- ‌(66)

- ‌(68) }

- ‌(70)

- ‌(72) }

- ‌(73)

- ‌(75) }

- ‌ غافر

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7) }

- ‌(8) }

- ‌(9) }

- ‌(10)

- ‌(12) }

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(21) }

- ‌(23)

- ‌(25) }

- ‌(32)

- ‌(34) }

- ‌(35) }

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(40) }

- ‌(41)

- ‌(43) }

- ‌(44)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(49) }

- ‌(50) }

- ‌(51)

- ‌(53)

- ‌(55) }

- ‌(56) }

- ‌(57) }

- ‌(59)

- ‌(61) }

- ‌(62)

- ‌(66) }

- ‌(67) }

- ‌(70)

- ‌(75)

- ‌(77) }

- ‌(78) }

- ‌(79)

- ‌(82) }

- ‌(83) }

- ‌(84) }

- ‌ فصلت

- ‌(1)

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(15) }

- ‌(16) }

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(23) }

- ‌(24) }

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28) }

- ‌(29) }

- ‌(30) }

- ‌(31)

- ‌(33)

- ‌(35)

- ‌(37) }

- ‌(38) }

- ‌(39) }

- ‌(40) }

- ‌(41)

- ‌(43) }

- ‌(44) }

- ‌(45) }

- ‌(46) }

- ‌(47) }

- ‌(48)

- ‌(50) }

- ‌(51) }

- ‌(52) }

- ‌(54) }

- ‌ الشورى

- ‌(1)

- ‌(4)

- ‌(6) }

- ‌(7) }

- ‌(8) }

- ‌(9)

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(14) }

- ‌(16) }

- ‌(17)

- ‌(18) }

- ‌(19)

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24) }

- ‌(25) }

- ‌(26) }

- ‌(27) }

- ‌(28) }

- ‌(30)

- ‌(32)

- ‌(34)

- ‌(37)

- ‌(39)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(47) }

- ‌(48) }

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌ الزخرف

- ‌(1)

- ‌(4) }

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(15)

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌(20)

- ‌(22) }

- ‌(23) }

- ‌(24) }

- ‌(26)

- ‌(29)

- ‌(31)

- ‌(34)

- ‌(35) }

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(47) }

- ‌(48) }

- ‌(49)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(58)

- ‌(61)

- ‌(63)

- ‌(65)

- ‌(67)

- ‌(69)

- ‌(71) }

- ‌(72)

- ‌(74)

- ‌(77)

- ‌(79)

- ‌(81)

- ‌(83)

- ‌(85) }

- ‌(87)

- ‌(89) }

الفصل: القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ ‌

(25) }

يقول تعالى ذكره: فلما جاء موسى هؤلاء الذين أرسله الله إليهم بالحق من عندنا، وذلك مجيئه إياهم بتوحيد الله، والعمل بطاعته، مع إقامة الحجة عليهم، بأن الله ابتعثه إليهم بالدعاء إلى ذلك (قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا) بالله (مَعَهُ) من بني إسرائيل (وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ) يقول: واستبقوا نساءهم للخدمة.

فإن قال قائل: وكيف قيل (فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ) ، وإنما كان قتل فرعون الولدان من بني إسرائيل حذار المولود الذي كان أخبر أنه على رأسه ذهاب ملكه، وهلاك قومه، وذلك كان فيما يقال قبل أن يبعث الله موسى نبيًّا؟ قيل: إن هذا الأمر بقتل أبناء الذين آمنوا مع موسى، واستحياء نسائهم، كان أمرا من فرعون وملئه من بعد الأمر الأول الذي كان من فرعون قبل مولد موسى.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتاده:(فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ) قال: هذا قتل غير القتل الأوّل الذي كان.

وقوله: (وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ) يقول: وما احتيال أهل الكفر لأهل الإيمان بالله إلا في جوز عن سبيل الحقّ، وصدّ عن قصد المحجة، وأخذ على غير هدى.

ص: 373

القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ

ص: 373

الْفَسَادَ (26) }

يقول تعالى ذكره: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ) لملئه: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) الذي يزعم أنه أرسله إلينا فيمنعه منا (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) يقول: إني أخاف أن يغير دينكم الذي أنتم عليه بسحره.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والشأم والبصرة:"وَأَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الفَسَادَ" بغير ألف، وكذلك ذلك في مصاحف أهل المدينة، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة:(أوْ أن) بالألف، وكذلك ذلك في مصاحفهم"يَظْهَرَ فِي الأرْضِ" بفتح الياء ورفع الفساد.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار متقاربتا المعنى، وذلك أن الفساد إذا أظهره مظهرا كان ظاهرا، وإذا ظهر فبإظهار مظهره يظهر، ففي القراءة بإحدى القرّاءتين فى ذلك دليل واضح على صحة معنى الأخرى. وأما القراءة في:(أَوْ أَنْ يُظْهِرَ) بالألف وبحذفها، فإنهما أيضا متقاربتا المعنى، وذلك أن الشيء إذا بدل إلى خلافه فلا شك أن خلافه المبدل إليه الأوّل هو الظاهر دون المبدل، فسواء عطف على خبره عن خوفه من موسى أن يبدّل دينهم بالواو أو بأو، لأن تبديل دينهم كان عنده ظهور الفساد، وظهور الفساد كان عنده هو تبديل الدين.

فتأويل الكلام إن: إني أخاف من موسى أن يغير دينكم الذي أنتم عليه، أو أن يظهر في أرضكم أرض مصر، عبادة ربه الذي يدعوكم إلى عبادته، وذلك كان عنده هو الفساد.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ

ص: 374

) : أي أمركم الذي أنتم عليه (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ) والفساد عنده أن يعمل بطاعة الله.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) }

يقول تعالى ذكره: وقال موسى لفرعون وملئه: إني استجرت أيها القوم بربي وربكم، من كلّ متكبر عليه، تكبر عن توحيده، والإقرار بألوهيته وطاعته، لا يؤمن بيوم يحاسب الله فيه خلقه، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بما أساء; وإنما خص موسى صلوات الله وسلامه عليه، الاستعاذة بالله ممن لا يؤمن بيوم الحساب، لأن من لم يؤمن بيوم الحساب مصدقا، لم يكن للثواب على الإحسان راجيا، ولا للعقاب على الإساءة، وقبيح ما يأتي من الأفعال خائفا، ولذلك كان استجارته من هذا الصنف من الناس خاصة.

وقوله: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) اختلف أهل العلم في هذا الرجل المؤمن، فقال بعضهم: كان من قوم فرعون، غير أنه كان قد آمن بموسى، وكان يُسِرّ إيمانه من فرعون وقومه خوفا على نفسه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) قال: هو ابن عم فرعون.

ويقال: هو الذي نجا

ص: 375

مع موسى، فمن قال هذا القول، وتأوّل هذا التأويل، كان صوابا الوقف إذا أراد القارئ الوقف على قوله:(مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) ، لأن ذلك خبر متناه قد تمّ.

وقال آخرون: بل كان الرجل إسرائيليا، ولكنه كان يكتم إيمانه من آل فرعون.

والصواب على هذا القول لمن أراد الوقف أن يجعل وقفه على قوله: (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) لأن قوله: (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) صلة لقوله: (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) فتمامه قوله: يكتم إيمانه، وقد ذكر أن اسم هذا الرجل المؤمن من آل فرعون: جبريل، كذلك حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق.

وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي القول الذي قاله السديّ من أن الرجل المؤمن كان من آل فرعون، قد أصغى لكلامه، واستمع منه ما قاله، وتوقف عن قتل موسى عند نهيه عن قتله. وقيله ما قاله. وقال له: ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد، ولو كان إسرائليا لكان حريا أن يعاجل هذا القاتل له، ولملئه ما قال بالعقوبة على قوله، لأنه لم يكن يستنصح بني إسرائيل، لاعتداده إياهم أعداء له، فكيف بقوله عن قتل موسى لو وجد إليه سبيلا؟ ولكنه لما كان من ملأ قومه، استمع قوله، وكفّ عما كان همّ به في موسى.

وقوله: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ) يقول: أتقتلون أيها القوم موسى لأن يقول ربي الله؟ فإن في موضع نصب لما وصفت. (وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) يقول: وقد جاءكم بالآيات الواضحات على حقيقة ما يقول من ذلك. وتلك البيّنات من الآيات يده وعصاه.

كما حدثنا ابن حميد، قال. ثنا سلمة، عن ابن إسحاق (وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ) بعصاه وبيده.

وقوله: (وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) يقول: وإن يك موسى كاذبا في قيله: إن الله أرسله إليك يأمركم بعبادته، وترك دينكم الذي أنتم عليه، فإنما

ص: 376

إثم كذبه عليه دونكم (وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) يقول: وإن يك صادقا في قيله ذلك، أصابكم الذي وعدكم من العقوبة على مقامكم على الدين الذي أنتم عليه مقيمون، فلا حاجة بكم إلى قتله، فتزيدوا ربكم بذلك إلى سخطه عليكم بكفركم سخطا (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) يقول: إن الله لا يوفّق للحقّ من هو متعد إلى فعل ما ليس له فعله، كذّاب عليه يكذب، ويقول عليه الباطل وغير الحقّ.

وقد اختلف أهل التأويل في معنى الإسراف الذي ذكره المؤمن في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني به الشرك، وأراد: إن الله لا يهدي من هو مشرك به مفتر عليه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال. ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) : مشرك أسرف على نفسه بالشرك.

وقال آخرون: عنى به من هو قتَّال سفَّاك للدماء بغير حق.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) قال: المسرف: هو صاحب الدم، ويقال: هم المشركون.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عن هذا المؤمن أنه عمّ بقوله: (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) والشرك من الإسراف، وسفك الدم بغير حقّ من الإسراف، وقد كان مجتمعا في فرعون الأمران كلاهما، فالحقّ أن يعم ذلك كما أخبر جلّ ثناؤه عن قائله، أنه عم القول بذلك.

القول في تأويل قوله تعالى: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا

ص: 377

أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) }

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه: (يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأرْضِ) يعني: أرض مصر، يقول: لكم السلطان اليوم والملك ظاهرين أنتم على بنى إسرائيل في أرض مصر (فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ) يقول: فمن يدفع عنا بأس الله وسطوته إن حل بنا، وعقوبته أن جاءتنا، قال فرعون (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى) يقول: قال فرعون مجيبا لهذا المؤمن الناهي عن قتل موسى: ما رأيكم أيها الناس من الرأي والنصيحة إلا ما أرى لنفسي ولكم صلاحا وصوابا، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد. يقول: وما أدعوكم إلا إلى طريق الحق والصواب في أمر موسى وقتله، فإنكم إن لم تقتلوه بدل دينكم، وأظهر في أرضكم الفساد.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) }

يقول تعالى ذكره: وقال المؤمن من آل فرعون لفرعون وملثه: يا قوم إني أخاف عليكم بقتلكم موسى إن قتلتموه مثل يوم الأحزاب الذين تحزّبوا على رسل الله نوح وهود وصالح، فأهلكهم الله بتجرّئهم عليه، فيهلككم كما أهلكهم.

وقوله: (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ) يقول: يفعل ذلك بكم فيهلككم مثل سنته في قوم نوح وعاد وثمود وفعله بهم. وقد بيَّنا معنى الدأب فيما مضى بشواهده، المغنية عن إعادته، مع ذكر أقوال أهل التأويل فيه.

وقد حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ) يقول: مثل حال.

ص: 378