الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن سليمان بن موسى، عن مجاهد، عن ابن عباس، (فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) قال: قال الله للسموات: أطلعي شمسي وقمري، وأطلعي نجومي، وقال للأرض: شققي أنهارك وأخرجي ثمارك، فقالتا: أعطينا طائعين.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن ابن جريج، عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس، في قوله (اِئْتِيَا) : أعطيا. وفي قوله: (قَالَتَا أَتَيْنَا) قالتا: أعطينا.
وقيل: أتينا طائعين، ولم يقل طائعتين، والسماء والأرض مؤنثتان، لأن النون والألف اللتين هما كناية أسمائهما في قوله (أَتَيْنَا) نظيره كناية أسماء المخبرين من الرجال عن أنفسهم، فأجرى قوله (طَائِعِينَ) على ما جرى به الخبر عن الرجال كذلك. وقد كان بعض أهل العربية يقول: ذهب به إلى السموات والأرض ومن فيهنّ.
وقال آخرون منهم: قيل ذلك كذلك لأنهما لما تكلمتا أشبهتا الذكور من بني آدم.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
(12) }
يقول تعالى ذكره: ففرغ من خلقهنّ سبع سموات في يومين، وذلك يوم الخميس ويوم الجمعة.
كما حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: استوى إلى السماء وهي دخان من تنفس الماء حين تنفس، فجعلها سماء واحدة، ففتقها، فجعلها سبع سموات في يومين، في الخميس والجمعة. وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض.
وقوله: (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) يقول: وألقى في كل سماء من السموات السبع ما أراد من الخلق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:(وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) قال: ما أمر الله به وأراده.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) قال: خلق في كلّ سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد، وما لا يعلم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) : خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلاحها.
وقوله: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا) يقول تعالى ذكره: وزيَّنا السماء الدنيا إليكم أيها الناس بالكواكب وهي المصابيح.
كما حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) قال: ثم زين السماء بالكواكب، فجعلها زينة (وَحِفْظًا) من الشياطين.
واختلف أهل العربية في وجه نصبه قوله: (وَحِفْظًا) فقال بعض نحويي البصرة: نصب بمعنى: وحفظناها حفظا، كأنه قال: ونحفظها حفظا، لأنه حين قال:"زَيَّنَّاهَا بِمَصَابِيحَ" قد أخبر أنه قد نظر في أمرها وتعهدها، فهذا يدلّ على الحفظ، كأنه قال: وحفظناها حفظا. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: نصب ذلك على معنى: وحفظا زيناها، لأن الواو لو سقطت لكان إنا زينا السماء الدنيا حفظا; وهذا القول الثاني أقرب عندنا للصحة من الأوّل.