الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانتقامه من أعدائه، العليم بهن وما فيهنّ من الأشياء، لا يخفى عليه شيء. (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا)
يقول: الذي مهد لكم الأرض، فجعلها لكم وطاء توطئونها بأقدامكم، وتمشون عليها بأرجلكم. (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا) يقول: وسهل لكم فيها طرقا تتطرّقونها من بلدة إلى بلدة، لمعايشكم ومتاجركم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا) أي طرقا. حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا) قال: بساطا (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا) قال: الطرق. (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) يقول: لكي تهتدوا بتلك السبل إلى حيث أردتم من البلدان والقرى والأمصار، لولا ذلك لم تطيقوا براح أفنيتكم ودوركم، ولكنها نعمة أنعم بها عليكم.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِي نزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ
(11)
وَالَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) }
يقول تعالى ذكره: (وَالَّذِي نزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ) يعني: ما نزل جلّ ثناؤه من الأمطار من السماء بقدر: يقول: بمقدار حاجتكم إليه، فلم يجعله كالطوفان، فيكون عذابا كالذي أنزل على قوم نوح، ولا جعله قليلا لا ينبت به النبات والزرع من قلته، ولكن جعله غيثا، حيا للأرض الميتة محييا. (فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا) يقول جلّ ثناؤه: فأحيينا به بلده من بلادكم ميتا، يعني مجدبة لا نبات بها ولا زرع، قد درست من الجدوب، وتعفنت من القحوط (كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) يقول تعالى ذكره:
كما أخرجنا بهذا الماء الذي نزلناه من السماء من هذه البلدة الميتة بعد جدوبها وقحوطها النبات والزرع، كذلك أيها الناس تخرجون من بعد فنائكم ومصيركم في الأرض رفاتًا بالماء الذي أنزله إليها لإحيائكم من بعد مماتكم منها أحياء كهيئتكم التي بها قبل مماتكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَالَّذِي نزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ) .... الآية، كما أحيا الله هذه الأرض الميتة بهذا الماء كذلك تبعثون يوم القيامة.
وقيل: أنشرنا به، لأن معناه: أحيينا به، ولو وصفت الأرض بأنها أحييت، قيل: نشرت الأرض، كما قال الأعشى:?
حتى يَقُولَ النَّاسُ ممَّا رأوْا يا عَجَبا للْمَيِّتِ النَّاشِرِ (1)
وقوله: (وَالَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلَّهَا) يقول تعالى ذكره: والذي خلق كلّ شيء فزوّجه، أي (2) خلق الذكور من الإناث أزواجا، الإناث من الذكور
(1) البيت للأعشى ميمون بن قيس من قصيدة يهجو بها علقمة بن علاثة ويمدح عامر بن الطفيل، في المنافرة التي جرت بينهما (ديوانه 139) وعلقمة بن علاثة صحابي، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو شيخ، فأسلم وبايع. والبيت: من شواهد (أبي عبيدة في مجاز القرآن الورقة 220 - 1) عند قوله تعالى في سورة الزخرف: (فأنشرنا به بلدة ميتا) قال: أحيينا. ونشرت الأرض: حييت، قال الأعشى:" حتى يقول
…
" البيت. وفي (اللسان: نشر) : ونشر الله الميت ينشره نشرا ونشورا. وأنشره، أحياه فنشر هو، قال الأعشى:" حتى يقول الناس
…
البيت". اهـ.
(2)
في الأصل: أن. ولعله من تحريف الناسخ.