الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طالب، ثم ذكر نحوه، إلا أنه لم يقل ذي الشرف، وقال: إلى قوله (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) .
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جُبَير، قال: مرض أبو طالب، قال: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فكان عند رأسه مقعدُ رجل، فقام أبو جهل، فجلس فيه، فشَكَوا النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى أبي طالب، وقالوا: إنه يقع في آلهتنا، فقال: يا ابن أخي ما تريد إلى هذا؟ قال:"يا عمّ إنَّي أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِهَا العَرَبُ، وتُؤَدِّي إلَيْهِمُ العَجَمُ الْجِزْيَةَ" قال: وما هي؟ قال:"لا إلَهَ إلا الله"، فقالوا:(أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) .
القول في تأويل قوله تعالى: {وَانْطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ
(6)
مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ (7) }
يقول تعالى ذكره: وانطلق الأشراف من هؤلاء الكافرين من قريش، القائلين:(أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا) بأن امضُوا فاصبروا على دينكم وعبادة آلهتكم. فأن من قوله (أَنِ امْشُوا) في موضع نصب يتعلق انطلقوا بها، كأنه قيل: انطلقوا مشيا، ومضيا على دينكم. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله:"وَانْطَلَقَ المَلأ مِنْهُمْ يَمْشُونَ أنِ اصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ". وذُكر أن قائل ذلك كان عُقْبَة بن أبي مُعيط.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد:(وَانْطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ) قال: عقبة بن أبى معيط.
وقوله (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) : أي إن هذا القول الذي يقول محمد، ويدعونا إليه، من قول لا إله إلا الله، شيء يريده منا محمد يطلب به الاستعلاء علينا، وأن نكون له فيه أتباعا ولسنا مجيبيه إلى ذلك.
وقوله (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: ما سمعنا بهذا الذي يدعونا إليه محمد من البراءة من جميع الآلهة إلا من الله تعالى ذكره، وبهذا الكتاب الذي جاء به في الملة النصرانية، قالوا: وهي الملة الآخرة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ) يقول: النصرانية.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ) يعني النصرانية; فقالوا: لو كان هذا القرآن حقا أخبرتنا به النصارى.
حدثني محمد بن إسحاق، قال: ثنا يحيى بن معين، قال: ثنا ابن عيينة، عن ابن أبي لبيد، عن القرطبي في قوله (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ) قال: ملة عيسى.
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط عن السديّ (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ) النصرانية.
وقال آخرون: بل عنوا بذلك: ما سمعنا بهذا في ديننا دين قريش.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بَزّة، عن مجاهد، في قوله (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ) قال: ملة قريش.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ) قال: ملة قريش.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ) : أي في ديننا هذا، ولا في زماننا قَطُّ.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ) قال: الملة الآخرة: الدين الآخر. قال: والملة الدين. وقيل: إن الملأ الذين انطلقوا نفر من مشيخة قريش، منهم أبو جهل، والعاص بن وائل، والأسود بن عبد يغوث.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ أن أناسا من قُرَيش اجتمعوا، فيهم أبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش، فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى أبي طالب، فلنكلمه فيه، فلينصفنا منه، فيأمره فليكفّ عن شتم آلهتنا، وندعه وإلهه الذي يَعبُد، فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ، فيكون منا شيء، فتعيرنا العرب فيقولون: تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه، قال: فبعثوا رجلا منهم يُدعى المطَّلب، فاستأذن لهم على أبي طالب، فقال: هؤلاء مشيخة قومك وسَرَواتهم يستأذنون عليك، قال: أدخلهم; فلما دخلوا عليه قالوا: يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا، فأنصفنا من ابن أخيك، فمُره فليكفّ عن شتم آلهتنا، ونَدَعَه وإلهه; قال: فبعث إليه أبو طالب; فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسَرَواتهم، وقد سألوك النَّصَف أن تكفّ عن شتم آلهتهم، ويدعوك وإلهك; قال: فقال:"أي عم أولا أدعوهم إلى ما هو خير لهم منها؟ "
قال: وإلامَ تَدْعُوهُمْ؟ قال:"أدعوهم إلى أن يَتَكَلَّمُوا بِكَلِمَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِها العَرَبُ وَيَمْلِكُونَ بِهَا العَجَمَ"; قال: فقال أبو جهل من بين القوم: ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها، قال:"تَقُولُونَ لا إلَهَ إلا الله". قال: فنفروا وقالوا: سلنا غير هذه، قال:"لَوْ جِئْتُمُونِي بالشَّمْسِ حتى تَضَعُوها في يَدِي ما سأَلْتُكُمْ غيرَها"; قال: فغضبوا وقاموا من عنده غضابا وقالوا: والله لنشتمنك والذي يأمرك بهذا (وَانْطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) .. إلى قوله (إِلا اخْتِلاقٌ) وأقبل على عمه، فقال له عمه: يا ابن أخي ما شططت عليهم، فأقبل على عمه فدعاه، فقال:"قُلْ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ، تَقُولُ: لا إلَهَ إلا الله"، فقال: لولا أن تعيبكم بها العرب يقولون جزع من الموت لأعطيتكها، ولكن على مِلَّة الأشياخ; قال: فنزلت هذه الآية (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) .
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمى، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَانْطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) قال: نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب فكلموه في النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله (إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلاء المشركين في القرآن: ما هذا القرآن إلا اختلاق: أي كذب اختلقه محمد وتخرَّصه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ) يقول: تخريص.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح،