الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب (وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ) يقول: وليعتبر أولو العقول والحِجَا ما في هذا الكتاب من الآيات، فيرتدعوا عما هم عليه مقيمين من الضلالة، وينتهوا إلى ما دلهم عليه من الرشاد وسبيل الصواب.
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله (أُولُو الألْبَابِ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (أُولُو الألْبَابِ) قال: أولو العقول من الناس، وقد بيَّنا ذلك فيما مضى قبل بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ
(30)
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ (33) }
يقول تعالى ذكره (وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ) ابنه ولدا (نِعْمَ الْعَبْدُ) يقول: نعم العبد سليمان (إِنَّهُ أَوَّابٌ) يقول: إنه رجاع إلى طاعة الله توّاب إليه مما يكرهه منه. وقيل: إنه عُنِي به أنه كثير الذكر لله والطاعة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: شي عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) قال: الأواب: المسبّح.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) قال: كان مطيعًا لله كثير الصلاة.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) قال: المسبِّح.
والمسبِّح قد يكون في الصلاة والذكر. وقد بيَّنَّا معنى الأوّاب، وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه فيما مضى بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقوله (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ) يقول تعالى ذكره: إنه تواب إلى الله من خطيئته التي أخطأها، إذ عرض عليه بالعشي الصافنات; فإذ من صلة أواب، والصافنات: جمع الصافن من الخيل، والأنثى: صافنة، والصافن منها عند بعض العرب: الذي يجمع بين يديه، ويثني طرف سنبك إحدى رجليه، وعند آخرين: الذي يجمع يديه. وزعم الفرّاء أن الصافن: هو القائم، يقال منه: صَفَنَتِ الخيلُ تَصْفِن صُفُونًا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله:(الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ) قال: صُفُون الفرس: رَفْع إحدى يديه حتى يكون على طرف الحافر.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: صَفَنَ الفرسُ: رفع إحدى يديه حتى يكون على طرف الحافر.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِذْ عُرِضَ
عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ) يعني: الخيل، وصُفونها: قيامها وبَسْطها قوائمها.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: الصافنات، قال: الخيل.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ) قال: الخيل أخرجها الشيطان لسليمان، من مرج من مروج البحر. قال: الخيل والبغال والحمير تَصْفِن، والصَّفْن (1)
أن تقوم على ثلاث، وترفع رجلا واحدة حتى يكون طرف الحافر على الأرض.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: الصافنات: الخيل، وكانت لها أجنحة.
وأما الجياد، فإنها السِّراع، واحدها: جواد.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قاله. ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: الجياد: قال: السِّراع.
وذُكر أنها كانت عشرين فرسا ذوات أجنحة.
* ذكر الخبر بذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، في قوله (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ) قال: كانت عشرين فرسا ذات أجنحة.
وقوله (فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) وفي هذا الكلام محذوف استغني بدلالة الظاهر عليه من ذكره: فَلَهِيَ عن الصلاة حتى فاتته، فقال: إني أحببت حب الخير. ويعني بقوله (فَقَالَ إِنِّي
(1) لم نجد" الصفن" بسكون الفاء مصدرا لصفنت الخيل، وإنما مصدره الصفون مثل جلس يجلس جلوسا، وهو القياس، لأن الفعل لازم، والصفن: مصدر للمعتدي.
أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) : أي المال والخيل، أو الخير من المال.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السُّدِّيّ (فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) قال: الخيل.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) قال: المال.
وقوله (عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) يقول: إني أحببت حب الخير حتى سهوت عن ذكر ربي وأداء فريضته. وقيل: إن ذلك كان صلاة العصر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) عن صلاة العصر.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) قال. صلاة العصر. حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا أبو زرعة، قال: ثنا حيوة بن شريح، قال: ثنا أبو صخر، أنه سمع أبا معاوية البجلي من أهل الكوفة يقول: سمعت أبا الصَّهباء البكري يقول: سألت عليّ بن أبي طالب، عن الصلاة الوسطى، فقال: هي العصر، وهي التي فُتِن بها سليمان بن داود.
وقوله (حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) يقول: حتى توارت الشمس بالحجاب، يعني: تغيبت في مغيبها. كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا ميكائيل، عن داود بن أبي هند، قال: قال ابن مسعود، في قوله (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) قال: توارت الشمس من وراء ياقوتة خضراء، فخضرة السماء منها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (حَتَّى تَوَارَتْ
بِالْحِجَابِ) حتى دَلَكَتْ براح. قال قتادة: فوالله ما نازعته بنو إسرائيل ولا كابروه، ولكن ولوه من ذلك ما ولاه الله.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) حتى غابت.
وقوله (رُدُّوهَا عَلَيَّ) يقول: ردّوا عليّ الخيل التي عرضت عليّ، فشغلتني عن الصلاة، فكروها عليّ.
كما حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (رُدُّوهَا عَلَيَّ) قال: الخيل.
وقوله (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ) يقول: فجعل يمسح منها السوق، وهي جمع الساق، والأعناق.
واختلف أهل التأويل في معنى مسح سليمان بسوق هذه الخيل الجياد وأعناقها، فقال بعضهم: معنى ذلك أنه عقرها وضرب أعناقها، من قولهم: مَسَحَ علاوته: إذا ضرب عنقه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ) قال: قال الحسن: قال لا والله لا تشغليني عن عبادة ربي آخر ما عليك، قال قولهما فيه، يعني قتادة والحسن قال: فكَسَف عراقيبها، وضرب أعناقها.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ) فضرب سوقها وأعناقها.
حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا بشر بن المفضل، عن