الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) يجوز ابتداء الكلام، وهذا إذا طال الكلام في هذا الموضع.
وكان بعضهم يستخطئ هذا القول ويقول: إن العرب إذا أدخلت اللام في أوائل الجزاء أجابته بجوابات الأيمان بما، ولا وإنَّ واللام: قال: وهذا من ذاك، كما قال:(لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ)(وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) فجاء بلا وباللام جوابا للام الأولى. قال: ولو قال: لئن قمت إني لقائم لجاز ولا حاجة به إلى العائد، لأن الجواب في اليمين قد يكون فيه العائد، وقد لا يكون; ألا ترى أنك تقول: لئن قمت لأقومنّ، ولا أقوم، وإني لقائم فلا تأتي بعائد. قال: وأما قولهم: مررت بدار الذراع بدرهم وببرّ قفيز بدرهم، فلا بد من أن يتصل بالأوّل بالعائد، وإنما يحذف العائد فيه، لأن الثاني تبعيض للأولّ مررت ببر بعضه بدرهم، وبعضه بدرهم; فلما كان المعنى التبعيض حذف العائد. قال: وأما ابتداء"إن" فى كل موضع إذا طال الكلام، فلا يجوز أن تبتدئ إلا بمعنى: قل إن الموت الذي تفرّون منه، فإنه جواب للجزاء، كأنه قال: ما فررتم منه من الموت، فهو ملاقيكم.
وهذا القول الثاني عندي أولى في ذلك بالصواب للعلل التي ذكرناها.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ
(45) }
يقول تعالى ذكره: وترى يا محمد الظالمين يعرضون على النار (خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ) يقول: خاضعين متذللين.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد:
الخشوع: الخوف والخشية لله عز وجل، وقرأ قول الله عز وجل:(لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ)
…
إلى قوله: (خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ) قال: قد أذلهم الخوف الذي نزل بهم وخشعوا له.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله:(خَاشِعِينَ) قال: خاضعين من الذلّ.
وقوله: (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) يقول: ينظر هؤلاء الظالمون إلى النار حين يعرضون عليها من طرف خفي.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: (مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) فقال بعضهم: معناه: من طرف ذليل. وكأن معنى الكلام: من طرف قد خَفِيَ من ذلَّةٍ.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:(وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ)
…
إلى قوله: (مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) يعني بالخفيّ: الذليل.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله عز وجل:(مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) قال: ذليل.
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم يسارقون النظر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) قال: يسارقون النظر.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) قال: يسارقون النظر.