الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، عن أبيه (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) قال: يستعجلون، قال: يَزِفّ: يستعجل.
وقوله (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ) يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لقومه: أتعبدون أيها القوم ما تنحتون بأيديكم من الأصنام.
كما حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ) الأصنام.
وقوله (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل إبراهيم لقومه: والله خلقكم أيها القوم وما تعملون. وفي قوله (وَمَا تَعْمَلُونَ) وجهان: أحدهما: أن يكون قوله"ما" بمعنى المصدر، فيكون معنى الكلام حينئذ: والله خلقكم وعملكم.
والآخر أن يكون بمعنى"الذي"، فيكون معنى الكلام عند ذلك: والله خلقكم والذي تعملونه: أي والذي تعملون منه الأصنام، وهو الخشب والنحاس والأشياء التي كانوا ينحتون منها أصنامهم.
وهذا المعنى الثاني قصد إن شاء الله قتادةُ بقوله: الذي حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) : بِأَيْدِكُمْ
القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ
(97)
فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) }
يقول تعالى ذكره: قال قوم إبراهيم لما قال لهم إبراهيم: (أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) ابنوا لإبراهيم بنيانا; ذكر أنهم بنوا له بنيانا يشبه التنور، ثم نقلوا إليه الحطب، وأوقدوا عليه (فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) والجحيم عند العرب: جمر النار بعضُه على بعض، والنار على النار.
وقوله (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا) يقول تعالى ذكره: فأراد قوم إبراهيم كيدًا، وذلك ما كانوا أرادوا من إحراقه بالنار. يقول الله:(فَجَعَلْنَاهُمُ) أي فجعلنا قوم إبراهيم (الأسْفَلِينَ) يعني الأذلين حجة، وغَلَّبنا إبراهيم عليهم بالحجة، وأنقذناه مما أرادوا به من الكيد.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:(فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأسْفَلِينَ) قال: فما ناظرهم بعد ذلك حتى أهلكهم.
وقوله (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) يقول: وقال إبراهيم لما أفْلَجَه الله على قومه ونجاه من كيدهم: (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي) يقول: إني مُهَاجِرٌ من بلدة قومي إلى الله: أي إلى الأرض المقدَّسة، ومفارقهم، فمعتزلهم لعبادة الله.
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة:(وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) : ذاهب بعمله وقلبه ونيته.
وقال آخرون في ذلك: إنما قال إبراهيم (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي) حين أرادوا أن يلقوه في النار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثني، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت سليمان بن صُرَد يقول: لما أرادوا أن يُلْقوا إبراهيم في النار (قَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) فجمع الحطب، فجاءت عجوز على ظهرها حطب، فقيل لها: أين تريدين؟ قالت: أريد أذهب إلى هذا الرجل الذي يُلْقَى في النار; فلما ألقي فيها، قال: حَسْبِيَ الله عليه توكلت، أو قال: حسبي الله ونعم الوكيل، قال: فقال الله: (يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) قال: فقال ابن لُوط، أو ابن أخي لوط: إن النار لم تحرقه من أجلي، وكان بينهما قرابة، فأرسل الله عليه عُنُقا من النار فأحرقته.
وإنما اخترت القول الذي قلت في ذلك، لأن الله تبارك وتعالى ذكر خبره