المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المسألة الحادية عشرةللراجل سهم من الغنيمة، وللفارس ثلاثة:سهم له وسهمان لفرسه - التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل - ضمن «آثار المعلمي» - جـ ١١

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

- ‌المسألة الأولىإذا بلغ الماءُ قُلَّتَين لم ينجَسْ

- ‌المسألة الثانيةرفع اليدين

- ‌ المسألة الثالثةأفطر الحاجم والمحجوم

- ‌ المسألة الرابعةإشعار الهدي

- ‌ المسألة الخامسةالمحرم لا يجد إزارًا أو نعلين يلبس السراويل والخفَّولا فديةَ عليه

- ‌ المسألة السادسةدرهم وجوزة بدرهمين

- ‌ المسألة السابعةخيار المجلس

- ‌ المسألة التاسعةالطلاق قبل النكاح

- ‌ المسألة العاشرةالعقيقة مشروعة

- ‌ المسألة الحادية عشرةللراجل سهم من الغنيمة، وللفارس ثلاثة:سهم له وسهمان لفرسه

- ‌ المسألة الثانية عشرةأما على القاتل بالمثقل قصاص

- ‌ المسألة الثالثة عشرةلا تعقل العاقلة عبدًا

- ‌إذا قتل حرٌّ حرًّا خطأ [2/ 91] محضًا أو شبهَ عمد

- ‌المسألة الرابعة عشرةتقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا

- ‌ المسألة الخامسة عشرةالقضاء بشاهد ويمين في الأموال

- ‌المسألة السادسة عشرةنكاح الشاهد امرأة شهد زورًا بطلاقها

- ‌ المسألة السابعة عشرةالقرعة المشروعة

- ‌ مقدمة

- ‌ 177] 1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3 - فصل

- ‌4 - فصل

- ‌5 - فصل

- ‌3 - يفكِّر في حاله بالنظر إلى أعماله من الطاعة والمعصية

- ‌4 - يفكر في حاله مع الهوى

- ‌9 - يأخذ نفسَه بالاحتياط في ما يخالف ما نشأ عليه

- ‌10 - يسعى في التمييز بين معدن الحجج ومعدن الشبهات

- ‌ الباب الأولفي الفرق بين معدن الحق ومعدن الشبهاتوبيان مآخذ العقائد الإسلامية ومراتبها

- ‌ علم الكلام والفلسفة ليسا من سراط المُنْعَم عليهم

- ‌ فصل

- ‌فصل

- ‌ الكَشْف ليس مما يصلح الاستناد إليه في الدين

- ‌ فصل

- ‌ الباب الثانيفي تنزيه الله ورسله عن الكذب

- ‌تنزيه الله تبارك وتعالى عن الكذب

- ‌ تنزيه الأنبياء عن الكذب

- ‌ الباب الثالثفي الاحتجاج بالنصوص الشرعية في العقائد

- ‌ قول الفخر الرازي في الاحتجاج بالنصوص الشرعية

- ‌قول العضد وغيره

- ‌المحكم والمتشابه

- ‌ وجه تسمية تلك الآيات متشابهات

- ‌ الباب الرابعفي عقيدة السلف وعدة مسائل

- ‌الأينية، أو الفوقية، أو كما يقولون: الجهة

- ‌القرآن كلام الله غير مخلوق

- ‌الإيمان قول وعمل يزيد وينقص

- ‌معيارُ الإيمان القلبي: العمل

- ‌قول: أنا مؤمن إن شاء الله

- ‌ الخاتمةفيما جاء في ذم التفرق وأنه لا تزال طائفة قائمة على الحقوما يجب على أهل العلم في هذا العصر

- ‌الأول: العقائد

- ‌ الثاني: البدع العملية

- ‌ الثالث: الفقهيات

الفصل: ‌ المسألة الحادية عشرةللراجل سهم من الغنيمة، وللفارس ثلاثة:سهم له وسهمان لفرسه

[2/ 65]

‌ المسألة الحادية عشرة

للراجل سهم من الغنيمة، وللفارس ثلاثة:

سهم له وسهمان لفرسه

في «تاريخ بغداد» (13/ 390 [407]) عن يوسف بن أسباط «

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للفرس سهمان وللرجل سهم» . قال أبو حنيفة: أنا لا أجعل سهمَ بهيمةٍ أكثرَ من سهم المؤمن».

قال الأستاذ (ص 86): «فقوله: «للفرس سهمان وللرجل سهم» هكذا في بعض الروايات، وفي بعضها:«للفارس سهمان وللراجل سهم» ، وهو الذي اختاره أبو حنيفة، وهو الذي وقع في لفظ مُجمِّع بن جارية المخرج في «سنن أبي

ص: 104

داود»

(1)

.... فأبو حنيفة لما رأى اختلاف ألفاظ الرواة

نظر، فوجد أن الشرع لا يرى تمليك البهائم، فحكم على أن رواية «للفرس سهمان» المفيدة بظاهرها تمليكَ بهيمة ضِعْفَ ما يملك الرجلُ من غلط الراوي، حيث كانت الألف تُحذَف من الوسط في خط الأقدمين في غير الأعلام أيضًا، فقرأ هذا الغالط «فرسًا» و «رجلًا» ما تجب قراءته «فارسًا» و «راجلًا» . فتتابعت رواةٌ على الغلط قاصدين باللفظين المذكورين الخيل والإنسان، مع إمكان إرادتهم الفارس من الفرس، كما يراد بالخيل الخيَّالة عند قيام القرينة جمعًا بين الروايتين. ومضى آخرون على رواية الحديث على الصحة. فردَّ أبو حنيفة على الغالطين بقوله: إني لا أفضِّل بهيمةً على مؤمن، ليُفْهِمهم أنه لا تمليك في الشرع للبهائم، والمجاز خلاف الأصل. وإنما تكلم عن التفضيل مع أنه أيضًا لا يقول بمساواة البهيمة لمؤمن؛ لأن الكلام في الحديث المغلوط فيه

وقولُ أبي يوسف في «الخراج»

(2)

بعد وفاة أبي حنيفة ومتابعةُ الشافعي له في «الأم»

(3)

مع زيادة تشنيع بعيدان عن مغزى فقيه الملة

وأما ما ورد في مضاعفة سهم الفارس في بعض الحروب، فقد حمله أبو حنيفة على التنفيل جمعًا بين الأدلة، لأن الحاجة إلى الفرسان تختلف باختلاف الحروب. أبهذا يكون أبو حنيفة ردَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ حاشاه».

أقول: لا يخفى ما في هذا التوجيه من التعسف. وقد كثرت الحكايات عن

(1)

رقم (2736). ولفظه: «

كان الجيش ألفًا وخمسمائة، فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهمًا». قال أبو داود:«حديث أبي معاوية أصح، والعمل عليه، وأرى الوهم في حديث مجمع» . يقصد بحديث أبي معاوية ما رواه (2733) من طريقه عن ابن عمر بلفظ: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهمَ لرجلٍ ولفرسه ثلاثة أسهم: سهمًا له وسهمين لفرسه» .

(2)

(ص 19).

(3)

(9/ 182، 183) ضمن كتاب «سير الأوزاعي» .

ص: 105

أبي حنيفة في مجابهة من يعترض عليه بالكلمات الموحشة. فقد يقال: إنه كان يتبرَّم بالمعترضين، ولا يراهم أهلًا للمناظرة، فكان يدفعهم بتلك الكلمات لئلا يعودوا إلى التعرض، غيرَ مُبالٍ بما يترتب على [2/ 66] ذلك من اعتقادهم. فهل جرى على هذه الطريقة مع أصحابه حتى إن أخصَّهم به وآثرهم عنده وأعلمَهم بمقاصده ــ وهو أبو يوسف ــ لم يتفطَّن لما تفطَّن له الأستاذ؟

فأما حذف الألف في كتابة المتقدمين فيقع في ثلاثة مواضع: الأول: حيث يؤمن اللبس، إما لعدم ما يلتبس به مثل: القاسم بن فلان، سليمان بن فلان، إسحاق بن فلان. فإن هذه الأعلام إذا كتبت بلا ألف لا يوجد ما يلتبس بها. وإما في كتابة القرآن الذي من شأنه أن يؤخذ بالتلقي والتلقين وتعم معرفته، بحيث إذا أخطأ مخطئ لم يلبث أن يُنَبَّه. وإما فيما يصح على كلا الوجهين مثل جبريل و {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. وليس قوله في الحديث:«للفرس، للرجل» في شيء من هذا. اللهم إلا أن يخطئ الكاتب، يسمع «للفارس، للراجل» ، فيحسب ذلك مما يجوز تخفيفه في الكتابة فيكتب «للفرس، للرجل» . لكنه كما قد يحتمل هذا، فكذلك قد يحتمل أن يخطئ القارئ بأن يكون الكاتب سمع «للفرس، للرجل» فكتبها كذلك، ثم توهم القارئ أن الأصل «للفارس، للراجل» ، وإنما حذف الألف تخفيفًا في الكتابة، فيقرؤها «للفارس، للراجل» ويرويها كذلك.

وأما تقديم الحقيقة على المجاز، فالذي في الرواية «جَعلَ للفرس سهمين وللرجل سهمًا»

(1)

، ولا يتجه في قوله:«للفرس» مجاز، بل اللام

(1)

أخرجه بهذا اللفظ مسلم (1762) من حديث ابن عمر. وهو بنحوه عند البخاري (2863، 4228).

ص: 106

لام التعليل، أي جعل لأجل الفرس.

فإن قيل: بل اللام لشبه التمليك.

قلنا: فما الحجة على أن لام شبه التمليك مجاز؟ فإن كانت هناك حجة فجَعْلُها للتعليل أَوْلى تقديمًا للحقيقة على المجاز، وكذلك لو ساغ أن يطلق «الفرس» ، ويراد «الفارس» ، كما زعم الأستاذ. على أن سواغ ذلك غير مسلَّم، فإنه غير معروف، ولا قرينة عليه. فأما إطلاق «الخيل» وإرادة «الفرسان» ، فمستفيض، وإنما يسوغ بقرينة، وإنما جاء حيث يكون المقام ذكر الجيش، حيث لا تكون الخيل إلا مع فرسانها، فيكون بينهما ضرب من التلازم.

هَبْ أنه اتجه المجاز، فتقديمُ الحقيقة على المجاز محلُّه في الكلمة الواحدة، يجب حملها على معناها الحقيقي، ولا يجوز حملها على معنى مجازي بلا حجة، كما ارتكبه الأستاذ في غير موضع. فأما روايتان مختلفتان متنافيتان، والكلام في إحداهما حقيقة، وفي الأخرى مجاز صحيح بقرينته؛ فلا [2/ 67] يتجه تقديمُ الأولى لأنَّ المتكلم كما يتكلم بالحقيقة فكذلك يتكلم بالمجاز، والمخطئ كما يخطئ من الحقيقة إلى المجاز، فكذلك عكسه. بل احتماله أقرب، لأن أغلب ما يكون الخطأ بالحمل على المألوف، وغالب ما يقع من التصحيف كذلك. فقد رأيت ما لا أُحصِيه اسم «زَبر» مصحفًا إلى «أنس» ، واسم «سعر» مصحفًا إلى «سعد» ولا أذكر أننى رأيت عكس هذا. وقال الشاعر

(1)

:

(1)

هو النابغة الجعدي. انظر: «شعره» (160). ومن الكتب التي صحِّف فيها «الخنان» إلى «الختان» : شرح شواهد المغني للسيوطي (615، 921).

ص: 107

فمَنْ يكُ سائلًا عني فإنِّي

من الفتيان أيامَ الخُنان

وقال الآخر

(1)

:

كساك ولم تَسْتكسِه فحمِدتَه

أخٌ لك يعطيك الجزيل وياصِرُ

فصحَّف الناس قافيتي هذين البيتين إلى «الختان. ناصر»

(2)

. وأمثال هذا كثيرة لا تخفى على من له إلمام.

وهكذا الخطأ في الأسانيد أغلب ما يقع بسلوك الجادة. فهشام بن عروة غالبُ روايته عن أبيه عن عائشة، وقد يروي عن وهب بن كيسان عن عبيد بن عمير. فقد يسمع رجل من هشام خبرًا بالسند الثاني، ثم يمضي على السامع زمان، فيشتبه عليه، فيتوهم أنه سمع ذاك الخبر من هشام بالسند الأول على ما هو الغالب المألوف. ولذلك تجد أئمة الحديث إذا وجدوا راويين اختلفا بأن رويا عن هشام خبرًا واحدًا جعله أحدهما عن هشام عن وهب عن عبيد، وجعله الآخر عن هشام عن أبيه عن عائشة، فالغالب أن

(1)

هو أبو الأسود الدؤلي. انظر: «ديوانه» (166، 309) والحاشية الآتية.

(2)

الأول تصحيف بلا ريب. أما «ناصر» فهي رواية ابن الأعرابي. وكذا في «الكامل» (2/ 701)، و «ديوان أبي الأسود صنعة السكري» (166) ورواية ابن جني (309) إن صحت قراءة المحقق. وعدَّها أبو نصر تصحيفًا فيما جرى بينه وبين ابن الأعرابي في مجلس عبيد الله بن عبد الله بن طاهر. انظر:«شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف» للعسكري (161 - 162). وفي «وفيات الأعيان» (2/ 538): «يروى (ناصر) بالنون و (ياصر) بالياء، ولكل واحد منهما معنى» . وقد أشار المحقق في تخريج البيت إلى أن قافيته في كشف المشكل (1/ 640): «وشاكر» . ولكن أغفل رواية (ياصر) البتة مع وجودها في مصادر التخريج التي ذكرها.

ص: 108

يقدِّموا الأول، ويخطِّئوا الثاني. هذا مثال، ومن راجع كتب علل الحديث وجد من هذا ما لا يُحصى.

هَبْ أن الحقيقة تُقدَّم على المجاز في الروايتين المتنافيتين، فإنما لا يبعد ذلك جدًّا، حيث لا يوجد للرواية الأخرى مرجِّح قوي. وليس الأمر هاهنا كذلك، بل مَن تتَّبع الرواياتِ وجد الأمر بغاية الوضوح.

وشرح ذلك أن الحنفية يتشبثون بأربعة أشياء:

أولها: حديث مُجمِّع، والجواب عنه أنه من رواية مُجمِّع بن يعقوب بن مجمِّع عن أبيه بسنده. وفي «سنن البيهقي» (ج 6 ص 325) أن الشافعي قال:«مجمِّع بن يعقوب شيخ لا يعرف» .

أقول: أما مجمِّع، فمعروف لا بأس به. فلعل الشافعي أراد أباه يعقوب بن مجمِّع، ففي «نصب [2/ 68] الراية»

(1)

عن ابن القطان: «علة هذا الحديث الجهلُ بحال يعقوب بن مجمِّع، ولا يُعرف روى عنه غير ابنه» . وذكر المزي

(2)

راويين آخرين، ولكنهما ضعيفان. ولم يوثق يعقوبَ أحدٌ، فأما ذكرُ ابن حبان له في «الثقات»

(3)

، فلا يُجدي شيئًا لما عُرف من قاعدة ابن حبان من ذكر المجاهيل في «الثقات» . وقد ذكر الأستاذ ذلك في غير موضع، وشرحته في الأمر الثامن من القاعدة السادسة من قسم القواعد، وفي ترجمة ابن حبان من قسم التراجم

(4)

.

(1)

(3/ 417). وانظر «بيان الوهم والإيهام» (4/ 419).

(2)

في «تهذيب الكمال» (8/ 178).

(3)

(7/ 642).

(4)

رقم (200).

ص: 109

وفي الحديث وهمٌ آخر، فإن فيه أن فرسان المسلمين يوم خيبر كانوا ثلاثمائة، والمعروف أنهم كانوا مائتين. وأبو داود وإن أخرج الحديث في «سننه»

(1)

فقد تعقبه ــ كما في «نصب الراية»

(2)

ــ بقوله: «هذا وهمٌ، إنما كانوا مائتي فارس، فأعطى الفرس سهمين وأعطى صاحبه سهما» .

وأخرج جماعة منهم الحاكم في «المستدرك» (ج 6 ص 326)

(3)

عن ابن عباس: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم لمائتي فرس يوم خبير سهمين سهمين» .

وفي «مصنف ابن أبي شيبة»

(4)

عن أبي خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن صالح بن كيسان أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم يوم خيبر لمائتي فرس: لكل منهم سهمين. وهؤلاء كلُّهم ثقات متفق عليهم، وصالح من أفاضل التابعين.

وفي «سنن البيهقي» (ج 6 ص 326) بسند «السيرة» عن ابن إسحاق: «حدثني ابن لمحمد بن مسلمة عمن أدركه من أهله، وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم قالا: كانت المقاسم على أموال خيبر على ألفٍ وثمان مائة سهم: الرجال ألف وأربع مائة والخيل مائتي

(5)

فرس، فكان للفرس سهمان ولصاحبه سهم، وللراجل سهم».

(1)

رقم (2736). قال أبو داود عقبه: أرى الوهم في حديث مجمع، قال: ثلاث مئة فارس، وكانوا مئتي فارس.

(2)

(3/ 416).

(3)

بل في (2/ 138) و «سنن البيهقي» (6/ 326).

(4)

(12/ 397).

(5)

كذا في المطبوع وفي «سنن» البيهقي.

ص: 110

وأكثر الروايات وأَثبتُها في عدد الجيش أنهم ألف وأربع مائة، وفي بعض الروايات:«ألف وخمس مائة» . وجمع أهلُ العلم بين ذلك بأن عدد المقاتلة المستحقين للسهم كانوا ألفًا وأربع مائة، ومعهم نحو مائة ممن لا يستحق سهمًا من العبيد والنساء والصبيان.

وجاء عن بُشَير بن يسار

(1)

قال: «شهدها مائة فرس، وجعل للفرس سهمين» . وهذا محمول على خيل الأنصار، فأما مجموع الخيل فكانت مائتين.

الثاني: حديث عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري، عن نافع، عن ابن عمر:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسهم للفارس سهمين، وللراجل سهمًا» . أخرجه الدارقطني

(2)

، ثم قال:«ورواه القعنبي عن العمري بالشك في الفارس والفرَس. ثنا أبو بكر، ثنا محمد بن علي الوراق، نا [2/ 69] القعنبي عنه» .

فقد شك العمري، وهو مع ذلك كثير الخطأ، حتى قال البخاري:«ذاهب لا أروي عنه شيئًا» . ومن أثنى عليه فلصلاحه وصدقه، وأنه ليس بالساقط.

الثالث: ما وقع في رواية بعضهم عن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم. وسيأتي ذلك في الكلام على حديثه.

(1)

أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (2/ 114).

(2)

في «السنن» (4/ 106).

ص: 111

الرابع: قال ابن أبي شيبة في «المصنف»

(1)

: «غندر، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن هانئ، عن علي قال: للفارس سهمان. قال شعبة: وجدته مكتوبًا عند (بياض)» .

وقال قبل ذلك

(2)

: «معاذ، ثنا حبيب بن شهاب، عن أبيه، عن أبي موسى أنه أسهم للفارس سهمين، وللراجل سهمًا» .

أما الأثر عن عليّ، فقول شعبة: «وجدته

» عبارة مشككة. وقد روى الشافعي ــ كما في «سنن البيهقي» (ج 6 ص 327) ــ «عن شاذان (الأسود بن عامر)، عن زهير، عن أبي إسحاق قال: غزوت مع سعيد بن عثمان، فأسهم لفرسي سهمين، ولي سهما. قال أبو إسحاق: وكذلك حدَّثني هانئ بن هانئ عن عليّ، وكذلك حدَّثني حارثة بن مضرّب عن عمر» .

وفي «مصنف ابن أبي شيبة»

(3)

: «وكيع، ثنا سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق قال: شهدنا غزوة مع سعيد بن عثمان، ومعي هانئ بن هانئ، ومعي فرسان، ومع هانئ فرسان؛ فأسهم لي ولفرسَيَّ خمسة أسهم، وأسهم لهانئ ولفرسَيْه خمسة أسهم» .

وهذا غير مخالف لرواية زهير، لأنه إذا أسهم للفرسين أربعة أسهم ولصاحبها سهمًا فقد أسهم للفرس سهمين، ولصاحبه سهمًا. وهذا بلا شك أثبَتُ مما ذكره شعبة. ومع هذا، فهانئ بن هانئ لم يرو عنه إلا أبو إسحاق

(1)

(12/ 401).

(2)

«المصنف» (12/ 400).

(3)

(12/ 405).

ص: 112

وحده. قال ابن المدينى: «مجهول» . وقال النسائي: «ليس به بأس» . ومن عادة النسائي توثيق بعض المجاهيل، كما شرحته في الأمر الثامن من القاعدة السادسة من قسم القواعد.

وأما الأثر عن أبي موسى فسنده جيد. وقد تأوله بعضهم بأن معناه للفارس من حيث هو ذو فرس، وذلك لا ينافي أن يكون له سهم ثابت من حيث هو رجل. وفي هذا تعسف. وقد ذكر ابن التركماني

(1)

أن ابن جرير ذكر في «تهذيبه» أن هذا كان في واقعة (تُسْتَر). فكأن هذا رأي لأبي موسى فيما إذا كانت الوقعة قتالَ حصنٍ يضعفُ غَناءُ الخيل فيه. وقد جاء عن جماعة من التابعين أنهم كانوا ينقصون سهام الخيل في قتال الحصون أو لا يُسهِمون لها شيئًا. ذكر [2/ 70] ذلك ابن أبي شيبة وغيره، وذكر إنكار عمر بن عبد العزيز ذلك

(2)

، وإنكار مكحول له واحتجاجه بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسهم في غنائم خيبر للفرس سهمين ولصاحبه سهمًا، مع أن خيبر كانت حصنًا. ولعلَّ أبا موسى اعتذر عن هذا بأنَّ مغانم خيبر قُسمت على أصحاب الحديبية ولم تكن الحديبية حصنًا. ولعل ابن جرير قد ذكر هذا المعنى في «التهذيب» ، فليراجعه من تيسَّر له ذلك

(3)

.

حديث عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب.

عبيد الله هذا ثقة جليل أثبَتُ من أخيه عبد الله بما لا يُحصى، بل جاء عن

(1)

«الجوهر النقي» (6/ 326). والأثر في «تهذيب الآثار» (1016) تحقيق علي رضا.

(2)

«المصنّف» (12/ 399).

(3)

راجعناه فلم نجده تطرق إلى هذا المعنى، ولكنه ناقش الحنفية مناقشة طويلة في هذه المسألة، انظر (ص 538 ــ 542) من الطبعة المشار إليها.

ص: 113

يحيى بن سعيد القطان والإمام أحمد وأحمد بن صالح أن عبيد الله أثبَتُ أصحاب نافع، وفيهم مالك وغيره. وقد وقعتُ على جماعة ممن روى عنه هذا الحديث.

الأول: الإمام المضروب به المثل في الحفظ والإتقان والفقه والزهد والعبادة والسنة أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري. قال الإمام أحمد في «المسند» (ج 2 ص 152)

(1)

: «ثنا عبد الرزاق، أنا سفيان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين وللرجل سهمًا» . ورواه الدارقطني في «السنن» (ص 467)

(2)

من طريق عبد الله بن الوليد العدَني عن سفيان ــ بسنده ــ

(3)

«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: للرجل سهم ولفرسه سهمان» . ورواه البيهقي في «السنن» (ج 6 ص 325) من طريق أبي حذيفة عن سفيان ــ بسنده ــ «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهَمَ للرجل ثلاثة أسهم: للرجل سهم وللفرس سهمان» .

الثاني: الحافظ المقدَّم هُشيم بن بشير الواسطي. رواه عنه الإمام أحمد في «المسند» (ج 2 ص 2)

(4)

وهو أول حديث في «مسند ابن عمر» ولفظه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يوم خيبر للفرس سهمين وللرجل سهمًا» .

الثالث: أبو معاوية محمد بن خازم الضرير. رواه عنه الإمام أحمد في

(1)

رقم (6394). وهو بهذا السند والمتن برقم (5518).

(2)

(4/ 102).

(3)

وقع في النسخة «عن عبد الله» ، والصواب:«عن عبيد الله» . [المؤلف].

(4)

رقم (4448).

ص: 114

«المسند» (ج 2 ص 2)

(1)

ولفظه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهَمَ للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: سهمًا له، وسهمين لفرسه» .

[2/ 71] ورواه أبو داود في «السنن»

(2)

عن أحمد. وقد رواه عن أبي معاوية أيضًا علي بن محمد بن أبي الشوارب عند ابن ماجه

(3)

، والحسن بن محمد الزعفراني عند الدارقطني (ص 467)

(4)

، وسعدان بن نصر عند البيهقي (ج 6 ص 325).

الرابع: إسحاق الأزرق عند الشافعي كما في «مسنده»

(5)

بهامش «الأم» (ج 6 ص 250) «

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب للفرس بسهمين، وللفارس بسهم».

الخامس: سُلَيم بن أخضر. رواه مسلم في «صحيحه»

(6)

عن يحيى بن يحيى وأبي كامل عنه: «

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم في النفل للفرس سهمين، وللرجل سهمًا». وقع عند بعض رواة الصحيح:«للراجل» . وقد رواه عن

(1)

رقم (4448) و (4999).

(2)

رقم (2733).

(3)

رقم (2854). كذا قال الشيخ: «بن أبي الشوارب» . والصواب أن «علي بن محمد» هو الطنافسي.

(4)

(4/ 102).

(5)

(ص 323) ط. دار الكتب العلمية، و (2/ 124) ترتيب السندي. وفي «سير الأوزاعي» من كتاب «الأم» (9/ 183) لم يذكر شيخه إسحاق الأزرق، بل قال: «وأُخبِرنا عن عبيد الله بن عمر

».

(6)

رقم (1762).

ص: 115

سُلَيم أيضًا: عبد الرحمن بن مهدي («مسند أحمد» ج 2 ص 62)

(1)

، وعفان («مسند أحمد» ج 2 ص 72)

(2)

، وأحمد بن عبدة وحميد بن مسعدة عند الترمذي

(3)

. وفي روايتهم جميعًا: «للرجل» .

السادس: أبو أسامة. رواه عنه عبيد بن إسماعيل عند البخاري في «صحيحه»

(4)

في كتاب الجهاد: «

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين، ولصاحبه سهمًا». وكذلك رواه عن أبي أسامة: محمدُ بن عثمان بن كرامة عند الدارقطني (ص 467)

(5)

، وأبو الأزهر عند البيهقي (ج 6 ص 324). ورواه ابن أبي شيبة في «المصنف»

(6)

عن أبي أسامة وعبد الله بن نمير، وسيأتي.

السابع: عبد الله بن نمير. رواه عنه الإمام أحمد في «المسند» (ج 2 ص 143)

(7)

: «

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم للفرس سهمين وللرجل سهمًا». وكذلك رواه الدارقطني (ص 467)

(8)

من طريق أحمد. ورواه مسلم في «الصحيح»

(9)

عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه، وأحال على متن

(1)

رقم (5286).

(2)

رقم (5412).

(3)

رقم (1554).

(4)

رقم (2863).

(5)

(4/ 102).

(6)

(12/ 397).

(7)

رقم (6297).

(8)

(4/ 102).

(9)

رقم (1762).

ص: 116

سليم بن أخضر قال: «مثله، ولم يذكر: في النفل» . ورواه الدارقطني

(1)

أيضًا من طريق عبد الرحمن بن بشر بن الحكم عن عبد الله بن نمير.

وفي «مصنف ابن أبي شيبة»

(2)

باب «في الفارس كم يُقسَم له؟ من قال: ثلاثة أسهم: حدثنا أبو أسامة وعبد الله بن نمير قالا: ثنا عبيد الله بن عمر

: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين وللرجل سهمًا». وذكره ابن حجر في «الفتح»

(3)

عن «مصنف ابن أبي شيبة» ، وذكر أن ابن أبي عاصم رواه في «كتاب الجهاد»

(4)

له عن ابن أبي شيبة كذلك.

وقال الدارقطني (ص 469)

(5)

: «حدثنا أبو بكر [2/ 72] النيسابوري، نا أحمد بن منصور (الرَّمادي)، نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو أسامة وابن نمير

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفارس سهمين، وللراجل سهمًا. قال الرمادي: كذا يقول ابن نمير. قال لنا النيسابوري: هذا عندي وهمٌ من ابن أبي شيبة أو الرمادي، لأن أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشر وغيرهما رووه عن ابن نمير خلاف هذا، وقد تقدم ذكره عنهما ، ورواه ابن كرامة وغيره عن أبي أسامة خلاف هذا أيضًا وقد تقدم».

أقول: الوهم من الرمادي، فقد تقدم عن «مصنف ابن أبي شيبة»:«للفرس، للرجل» . وكذلك نقله ابن حجر عن «المصنف» ، وكذلك رواه ابن

(1)

(4/ 102).

(2)

(12/ 397).

(3)

(6/ 68).

(4)

لا يوجد في القسم المطبوع منه.

(5)

(4/ 106).

ص: 117

أبي عاصم عن ابن أبي شيبة كما مرَّ. ويؤكد ذلك أن ابن أبي شيبة صدَّر بهذا الحديث الباب الذي قال في عنوانه: «من قال ثلاثة أسهم» كما مرَّ، ثم ذكر بابًا آخر عنوانه:«من قال للفارس سهمان» ، فذكر فيه حديث مجمِّع، وأثرَيْ عليّ وأبي موسى. فلو كان عنده أن لفظ ابن نمير كما زعم الرمادي أو لفظ أبي أسامة أو كليهما:«للفارس، للراجل» لوضع الحديث في الباب الثاني.

فإن قيل: لعله تأول التأويل الذي تقدمت الإشارة إليه في الكلام على أثر أبي موسى.

قلت: يمنع من ذلك أمور:

الأول: بُعْد ذلك التأويل.

الثاني: تصديره باب «من قال: ثلاثة أسهم» بهذا الحديث.

الثالث: أن ذاك التأويل يحتمله أثرا علي وأبي موسى، ولم يُدرِجهما في هذا الباب، بل جعلهما في باب «من قال: للفارس سهمان».

فإن قيل: فقد قال ابن التركماني في «الجوهر النقي»

(1)

: «وفي «الأحكام» لعبد الحق: وقد روي عن ابن عمر أنه عليه السلام جعل للفارس سهمين وللراجل سهمًا. ذكره أبو بكر ابن أبي شيبة وغيره». ونقل الزيلعي في «نصب الراية» (ج 3 ص 417) حديث ابن أبي شيبة، وفيه:«للفارس، للراجل» ، ثم قال:«ومن طريق ابن أبي شيبة رواه الدارقطني في «سننه» ، وقال: قال أبو بكر النيسابوري

».

أقول: أما عبد الحق، فلا أراه إلا اعتمد على رواية الرمادي. وأما ابن التركماني، فالمعتبة عليه؛ فإنه ينقل كثيرًا عن «مصنَّف ابن أبي شيبة» نفسه،

(1)

(6/ 325). وانظر «الأحكام الوسطى» (3/ 81 - 82).

ص: 118

بل نقل عنه بعد أسطرٍ أثرَ عليّ، فما باله [2/ 73] أعرض هنا عن النقل عنه، وتناوله من بعيد من «أحكام عبد الحق» ! وأما الزيلعي، فلا أراه إلا اعتمد على رواية الدارقطني عن النيسابوري عن الرمادي، فإما أن لا يكون راجع «المصنَّف» لظنه موافقته لما رواه الرمادي، وإما أن يكون حمل الخطأ على النسخة التي وقف عليها من «المصنَّف» ولم يتنبَّه لتراجم الأبواب، وإما ــ وهو أبعد الاحتمالات ــ أن يكون وقع في نسخته في «المصنَّف» خطأ كما قاله الرمادي. والله المستعان.

الثامن: زائدة بن قدامة، عند البخاري في «صحيحه»

(1)

في «غزوة خيبر» . رواه البخاري عن الحسن بن إسحاق، عن محمد بن سابق، عن زائدة

: «قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفرس سهمين وللراجل سهمًا. فسَّره نافع فقال: إذا كان مع الرجل فرسٌ فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن له فرس فله سهم» .

وهذا التفسير يدلُّ أن الصواب في المتن «للرجل» ، لكن وقع في نسخ «الصحيح» كما رأيت. وزائدة متقن، لكن شيخ البخاري ليس بالمشهور. ومحمد بن سابق، قال ابن حجر في ترجمته من الفصل التاسع من «مقدمة الفتح»

(2)

: «وثَّقه العجلي، وقوَّاه أحمد بن حنبل. وقال يعقوب بن شيبة: كان ثقة، وليس ممن يوصف بالضبط. وقال النسائي: لا بأس به. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ضعيف. قلت: ليس له في البخاري سوى حديث واحد في «الوصايا»

وقد تابعه عليه عبيد الله بن موسى».

(1)

رقم (4228).

(2)

«هدى الساري» (ص 439).

ص: 119

كذا قال، وفاتَه هذا الحديث. وعذرُ البخاري أنه رأى أن الوهم في هذا الحديث يسيرٌ يجبره التفسير. ومع ذلك فلم يذكره في «باب سُهمان الخيل» ، وإنما ذكره في «غزوة خيبر» .

التاسع: ابن المبارك. رواه عنه علي بن الحسن بن شقيق، كما في «فتح الباري»

(1)

. ذكر رواية الرمادي عن نعيم عن ابن المبارك الآتية، ولفظها: «

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم للفارس سهمين وللراجل سهمًا»، ثم قال:«وقد رواه علي بن الحسن بن شقيق ــ هو أثبَتُ من نعيم ــ عن ابن المبارك بلفظ: أسهم للفرس» . ولم يذكر بقيته، لأنه إنما اعتنى بلفظ الفارس والفرس، وقد قال قبل ذلك: «

فيما رواه أحمد بن منصور الرمادي عن أبي بكر بن أبي شيبة

بلفظ: أسهم للفارس سهمين. قال الدارقطني

».

فأما ما رواه الدارقطني (ص 469)

(2)

«حدثنا أبو بكر النيسابوري، نا أحمد بن منصور (الرمادي)، نا نعيم بن حماد، نا ابن المبارك

عن [2/ 74] النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم للفارس سهمين وللراجل سهمًا. قال أحمد: كذا لفظ نعيم عن ابن المبارك، والناس يخالفونه. قال النيسابوري: ولعل الوهم من نعيم، لأن ابن المبارك من أثبت الناس».

أقول: نعيم كثير الوهم، وكلام الحنفية فيه شديد جدًّا، كما في ترجمته من قسم التراجم

(3)

. ولكني أخشى أن يكون الوهم من الرمادي، كما وهم على أبي بكر بن أبي شيبة. ولا أدري ما بليَّته في هذا الحديث مع أنهم وثَّقوه.

(1)

(6/ 68).

(2)

(4/ 106).

(3)

رقم (258).

ص: 120

وقال ابن التركماني

(1)

: «رواه ابن المبارك عن عبيد الله بإسناده، فقال فيه: للفارس سهمين وللراجل سهمًا. ذكره صاحب «التمهيد» ».

أقول: وهذه معتبة أخرى على ابن التركمانى، إذ لم يذكر أن صاحب «التمهيد» إنما رواه من طريق الرمادي عن نعيم

(2)

! والله المستعان.

العاشر: حماد بن سلمة. قال الدارقطني (ص 468)

(3)

: «حدثنا أبو بكر النيسابوري، نا أحمد بن يوسف السُّلَمي، نا النضر بن محمد بن موسى اليمامي، نا حماد بن سلمة

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للفارس سهمًا وللفرس سهمين. خالفه حجاج بن المنهال عن حماد، فقال: للفارس سهمين وللراجل سهمًا».

أقول: حماد كثير الخطأ، إنما ثبَّتوه فيما يرويه عن ثابت وحميد. وكلام الحنفية فيه شديد، كما تراه في ترجمته من قسم التراجم

(4)

، وأولى روايتيه بالصحة ما وافق فيه الثقاتِ الأثباتَ.

وفي الباب مما يدل على أن للفرس سهمين ولصاحبه سهمًا.

في «نصب الراية» (ج 3 ص 416) عن الطبراني في «الأوسط»

(5)

: «ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا هشام بن يونس، عن أبي معاوية، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم له يوم

(1)

«الجوهر النقي» (6/ 325). وانظر «التمهيد» (24/ 236).

(2)

لم يروه ابن عبد البر بإسناده.

(3)

(4/ 104).

(4)

رقم (85).

(5)

رقم (5558) وفيه: «يوم حنين» ، تصحيف.

ص: 121

خيبر ثلاثة أسهم: سهمًا له، وسهمين لفرسه». قال الطبراني:«ورواه الناس عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وهذا تفرد به هشام بن يونس عن أبي معاوية» .

أقول: وقد رواه جماعة عن أبي معاوية، فلم يقولوا:«عن عمر» . وقالوا: «أسهم للرجل» . نعم وقع في «سنن أبي داود»

(1)

عن أحمد عن أبي معاوية: «أسهم لرجلٍ» . وهذا كأنه يشدُّ من رواية هشام، وهشام ثقة، ولا يبعد أن يكون الحديث عند عبيد الله عن نافع من الوجهين، ولكن الناس أعرضوا عن هذا لخصوصه بعمر، وعُنوا بالآخر لعمومه.

[2/ 75] وروى سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عند النسائي

(2)

، ومُحاضِر بن المورِّع عند الدارقطني (ص 471)

(3)

«عن هشام بن عروة، عن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن جده أنه كان يقول: ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر للزبير بن العوام أربعة أسهم: سهمًا للزبير، وسهمًا لذي القربى لصفية بنت عبد المطلب أم الزبير، وسهمين للفرس» . سعيد ومحاضر من رجال مسلم، وفي كلٍّ منهما مقال. واقتصر النسائي في «باب سهمان الخيل» على هذا الحديث، ولم يتعقبه بشيء، وذاك يُشعر بأنه صحيح عنده لا يضرُّه الخلاف.

وقد رواه عيسى بن يونس عند ابن أبي شيبة

(4)

، ومحمدُ بن بِشْر

(1)

رقم (2733).

(2)

(6/ 228).

(3)

(4/ 111).

(4)

في «المصنف» (12/ 400).

ص: 122

العبدي عند الدارقطني (ص 471)

(1)

، وابنُ عيينة عند الشافعي كما في «مسنده»

(2)

بهامش «الأم» (ج 6 ص 250) ثلاثتُهم عن هشام عن يحيى مرسلًا. ولفظ ابن عيينة: «أن الزبير بن العوام كان يضرب في المغنم بأربعة أسهم: سهمٍ له، وسهمين لفرسه، وسهمٍ في ذوي القربى» .

وعند الدارقطني (ص 471)

(3)

عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة روايتان: إحداهما عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير قال: «أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أربعة أسهم

». والأخرى: عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن الزبير .. » بمعناه. وإسماعيل يخلط فيما يرويه من غير الشاميين.

وفي «مسند أحمد» (ج 1 ص 166)

(4)

: «ثنا عتّاب، ثنا عبد الله، ثنا فليح بن محمد، عن المنذر بن الزبير، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الزبيرَ سهمًا، وأمَّه سهمًا، وفرسَه سهمين» . ذكره أحمد في «مسند الزبير» ، وليس من عادة أحمد في «المسند» إخراج المراسيل. وعتاب هو ابن زياد المروزي، وثَّقه أبو حاتم وغيره، ولم يغمزه أحد. وعبد الله هو ابن المبارك. وقد تصحّفت على بعضهم كلمة [«عن» إلى]«بن» بين محمد والمنذر، فجرى البخاري في «تاريخه»

(5)

ومن تبعه على ذلك، كما في ترجمة فليح في «تعجيل المنفعة»

(6)

. ولم يذكر البخاري من رواه كذلك عن ابن

(1)

(4/ 111).

(2)

(ص 323، 324) ط. دار الكتب العلمية.

(3)

(4/ 110).

(4)

رقم (1425).

(5)

«الكبير» (7/ 133). وانظر «الجرح والتعديل» (7/ 85) و «الثقات» (9/ 11).

(6)

(ص 335).

ص: 123

المبارك. فالصواب ــ إن شاء الله ــ رواية أحمد. أما فليح فغير مشهور، لكن رواية ابن المبارك عنه تقوِّيه.

وفي الباب من حديث أبي عمرة عند أحمد في «المسند» (ج 4 ص 138)

(1)

، وأبي داود في «السنن»

(2)

، والدارقطني (ص 468)

(3)

، وابن منده كما في ترجمة أبي عمرة من «الإصابة»

(4)

. ومن حديث ابن عباس

(5)

، والمقداد

(6)

، وأبي رهم

(7)

، وأبي كبشة

(8)

، وجابر

(9)

، وأبي هريرة

(10)

.

(1)

رقم (17239). وفي إسناده المسعودي، وفيه مقال.

(2)

رقم (2734).

(3)

(4/ 104).

(4)

(12/ 470). وانظر «معرفة الصحابة» لابن منده (1/ 223).

(5)

أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (2528)، والطبراني في «الأوسط» (6543)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» كما في «نصب الراية» (3/ 414).

(6)

أخرجه البزار في «مسنده» (2118)، والدارقطني في «سننه» (4/ 102). وفي إسناده موسى بن يعقوب، فيه لين.

(7)

أخرجه الطبراني في «معجمه الكبير» (19/ 186) والدارقطني (4/ 101). وفي إسناده قيس بن الربيع، ضعَّفه بعض الأئمة.

(8)

أخرجه الطبراني في «الكبير» (22/ 342) والدارقطني (4/ 101). وفي إسناده محمد بن حمران القيسي، قال النسائي: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ. وفي إسناده أيضًا عبد الله بن بسر السكسكي، تكلم فيه غير واحدٍ من الأئمة.

(9)

أخرجه الدارقطني (4/ 105)، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه، وكلاهما ضعيف. وأخرجه (4/ 111) من طريق آخر فيه الواقدي، متروك.

(10)

أخرجه الدارقطني (4/ 111). وفي إسناده الواقدي.

ص: 124

تراها عند الدارقطني وغيره، كلُّها متفقة على أن للفرس سهمين ولصاحبه سهمًا.

[2/ 76] وفي «مصنف ابن أبي شيبة»

(1)

مراسيل عن مجاهد، وخالد بن معدان، ومكحول، وغيرهم. وقد تقدَّم بعضها، كمرسل صالح بن كيسان، ومرسل بُشَير بن يسار.

وفي «المصنف»

(2)

: «ثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن أشعث بن سوَّار، عن الحسن وابن سيرين قالا: كانوا إذا غزوا فأصابوا الغنائم قسموا للفارس من الغنيمة حين تقسم ثلاثةَ أسهم: سهمين لفرسه، وسهمًا له

(3)

، وسهمًا للراجل».

وفيه

(4)

: «حدثنا جعفر بن عون، عن سفيان، عن سلمة بن كُهيل: ثنا أصحابنا عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: للفرس سهمان، وللرجل سهم» .

وفيه

(5)

: «حدثنا محاضر قال: ثنا مجالد عن عامر (الشعبي) قال: لما فتح سعد بن أبي وقاص جَلُولاءَ أصاب المسلمون ثلاثين ألفَ ألفِ مثقال، فقسم للفارس ثلاثة آلاف، وللراجل ألف مثقال» .

(1)

(12/ 398 وما بعدها).

(2)

(12/ 399).

(3)

في المطبوع: «سهمين له وسهمًا لفرسه» وهو خطأ، والتصويب من «المصنف» .

(4)

(12/ 397، 398).

(5)

(12/ 400).

ص: 125

وفيه

(1)

: «حدثنا وكيع قال: ثنا سفيان، عن هشام، عن الحسن

(2)

قال: لا يُسهَم لأكثر من فرسين، فإن كان مع الرجل فرسانِ أُسِهمَ له خمسة أسهم: أربعة لفرسَيْه وسهمٌ له».

وفي «نصب الراية» (ج 3 ص 419): «قال سعيد بن منصور

(3)

: ثنا فرج بن فضالة، ثنا محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن أَسْهِمْ للفرس سهمين، وللفرسين أربعة أسهم، ولصاحبها سهمًا. فذلك خمسة أسهم، وما كان فوق الفرسين فهو جنائب».

وفي «سنن الدارقطني» (ص 470)

(4)

عن خالد الحذاء (وقد رأى أنسًا) قال: «لا يُختلف فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: للفارس ثلاثة، وللراجل سهم» .

وذكر الأستاذ (ص 87) عن كتاب «اختلاف الفقهاء» لابن جرير

(5)

عن مالك قال: «إني لم أزل أسمع أن للفرس سهمين، وللرجل سهمًا» .

(1)

(12/ 405).

(2)

في المطبوع: «الحسين» تصحيف، والتصويب من «المصنف» . وهو الحسن البصري.

(3)

في «سننه» (2776).

(4)

(4/ 107).

(5)

لم أجده في طبعة دار الكتب العلمية من الكتاب.

ص: 126