المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة السادسة عشرةمن خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم (2) - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ١٠

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة الأولىصور من تكريم الله لأهل الجنة

- ‌الكلمة الثانيةشرح حديث: "اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا

- ‌الكلمة الثالثةشرح حديث: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ

- ‌الكلمة الرابعةالاعتزاز بالدِّين

- ‌الكلمة الخامسةتأملات في سورة الانشقاق

- ‌الكلمة السادسةتأملات في سورة البيِّنة

- ‌الكلمة السابعةمن فضائل يوم عرفة

- ‌الكلمة الثامنةمن فضائل أيام التشريق

- ‌الكلمة التاسعةمن مقاصد الحج وحِكمه

- ‌الكلمة العاشرةمِنْ فَضَائِلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ

- ‌الكلمة الحادية عشرةالأشهر الحرم

- ‌الكلمة الثانية عشرةصفة الصلاة على الجنازة

- ‌الكلمة الثالثة عشرةمسائل تتعلق بصلاة الجنازة

- ‌الكلمة الرابعة عشرةتأملات في قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ…} الآيات

- ‌الكلمة الخامسة عشرةمن خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم (1)

- ‌الكلمة السادسة عشرةمن خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم (2)

- ‌الكلمة السابعة عشرةمن خصائص الأنبياء عليهم السلام

- ‌الكلمة الثامنة عشرةمن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم والسنة النبوية (1)

- ‌الكلمة التاسعة عشرةمن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم والسنة النبوية (2)

- ‌الكلمة العشرونمن خصائص جزيرة العرب

- ‌الكلمة الواحدة والعشرونالهدية

- ‌الكلمة الثانية والعشرونالإيثار

- ‌الكلمة الثالثة والعشرونأسماء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الكلمة الرابعة والعشرونصفات النبي صلى الله عليه وسلم الخَلْقِية

- ‌الكلمة الخامسة والعشرونالمزاح - مشروعيته وآثاره

- ‌الكلمة السادسة والعشرونالمحرمات في النكاح

- ‌الكلمة السابعة والعشرونمن أحكام الرضاع

- ‌الكلمة الثامنة والعشرونالرقابة الذاتية في الوقت المعاصر

- ‌الكلمة التاسعة والعشرونالإسراء والمعراج

- ‌الكلمة الثلاثوندعاء القنوت

- ‌ الضوابط للدعاء المشروع في قنوت الوتر

- ‌الكلمة الواحدة والثلاثونالغناء (2) والشِّيلات والمؤثِّرات الصَّوتية

- ‌الكلمة الثانية والثلاثونالأناشيد الإسلامية

- ‌الكلمة الثالثة والثلاثونوصايا لقمان الحكيم

- ‌الكلمة الرابعة والثلاثونالتمثيل

- ‌الكلمة الخامسة والثلاثونفضل الجهاد في سبيل اللَّه

- ‌الكلمة السادسة والثلاثونقصة أصحاب الأخدود

- ‌ فوائد قصة أصحاب الأخدود:

- ‌الكلمة السابعة والثلاثونفوائد من حديث أبي موسى ومعاذ رضي الله عنهما عند بعثهما إلى اليمن

- ‌الكلمة الثامنة والثلاثوندروس وعبر من غزوة أحد

- ‌الكلمة التاسعة والثلاثونمفطرات الصيام

- ‌الكلمة الأربعونفضل الصيام في شهر شعبان

- ‌الكلمة الواحدة والأربعونالوقف

- ‌الكلمة الثانية والأربعونمن فضائل مصر

- ‌الكلمة الثالثة والأربعونمن فضائل المسجد الأقصى

- ‌الكلمة الرابعة والأربعونالألعاب المنتشرة بين الناس وحكم مشاهدتها

- ‌الكلمة الخامسة والأربعونالجوائز والمسابقات في الشريعة الإسلامية

- ‌الكلمة السادسة والأربعونبطاقات التعامل التجاري والاقتراض من البنوك

- ‌الكلمة السابعة والأربعونألفاظ يُنهى عنها

- ‌الكلمة الثامنة والأربعونزيادة الإيمان ونقصانه

- ‌الكلمة التاسعة والأربعونالحكم بغير ما أنزل الله

- ‌أما القسم الأول وهو كفر الاعتقاد فهو أنواع:

- ‌الكلمة الخمسونالصوفية وخطرها على بلاد الإسلام

الفصل: ‌الكلمة السادسة عشرةمن خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم (2)

‌الكلمة السادسة عشرة

من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم (2)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..

فلا زال الحديث عن خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك:

1 -

أنها كالغيث لا يُدرى أوله خير أم آخره: روى الترمذي في سننه من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ، لا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَوْ آخِرُهُ»

(1)

.

2 -

أن اللَّه جعل لها التيمم عند عدم وجود الماء: وهذا يدل على تفضيل الله لهذه الأمة على من سبقها من الأمم؛ لأنه لم يشرع في حقهم التيمم، ويدل على سعة رحمه الله بهذه الأمة، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ

(1)

. برقم 2869، وقال: حديث حسن، وقال الشيخ الألباني رحمه الله كما في المشكاة (3/ 1770): صحيح لطرقه، برقم 6277.

ص: 127

أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)} [المائدة:6].

روى أبو داود في سننه من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ»

(1)

.

3 -

أن اللَّه أحل لها الغنائم: قال تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69]، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي، نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»

(2)

، وفي رواية:«ثُمَّ أَحلَّ اللهُ لَنَا الْغَنَائِمَ، رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا»

(3)

.

4 -

أن اللَّه أحل لها بعض الأطعمة: روى الإمام أحمد في

(1)

. برقم 332، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (1/ 67) برقم 321.

(2)

. صحيح البخاري برقم 335، وصحيح مسلم برقم 521.

(3)

. صحيح البخاري برقم 3124.

ص: 128

مسنده من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ»

(1)

.

5 -

أن اللَّه يورثهم منازل اليهود والنصارى في الجنة: روى مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَفَعَ اللَّهُ عز وجل إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ»

(2)

، وفي رواية أخرى:«لا يَمُوتُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا أَدْخَلَ اللَّهُ عز وجل مَكَانَهُ النَّارَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا»

(3)

.

6 -

ومن خصائص أمته صلى الله عليه وسلم أن اللَّه خصَّها بكثرة أنواع الشهادة: روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ» ، قَالُوا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ»

(4)

.

(1)

. (10/ 16) برقم 5723، وقال محققوه: حديث حسن.

(2)

. برقم 2767.

(3)

. صحيح مسلم برقم 1767.

(4)

. برقم 1915.

ص: 129

7 -

أن عيسى عليه السلام -يصلي خلف إمامهم في آخر الزمان: روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ، تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّةَ»

(1)

.

والذي يظهر أن الذي يصلي عيسى خلفه هو المهدي، لما رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من حديث جابر ابن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمُ المَهْدِيُّ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَهُمْ أَمِيرُ بَعْضٍ، تَكْرِمَةُ اللهِ لِهَذِهِ الأُمَّةِ»

(2)

.

8 -

ومن خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم بقاء طائفة منهم على الحق حتى تقوم الساعة: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث المغيرة بن شعبة وثوبان رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ،

(1)

. برقم 156.

(2)

. برقم 338، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم 2236، وجوَّد إسناده ابن القيم رحمه الله في المنار المنيف ص 147 - 148، وقال الألباني رحمه الله: فالأمير في هذه الرواية هو المهدي في حديث الترجمة، وهو مفسِّر لها. وبالله التوفيق، السلسلة الصحيحة (5/ 278).

ص: 130

حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»

(1)

.

قال الإمام البخاري في صحيحه: «هم أهل العلم»

(2)

، وقال الإمام أحمد رحمه الله:«إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم»

(3)

.

قال النووي رحمه الله: «ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين، منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدِّثون، ومنهم زهاد، وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض»

(4)

.

9 -

أن اللَّه خصهم بالتأمين، واستقبال الكعبة في الصلاة: روى الإمام أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُمْ - أَي: اليَهُودَ- لَا يَحْسُدُونَا عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا عَلىَ يَومِ الْجُمُعَةِ الَّتِي هَدَانَا اللهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلى الْقِبْلَةِ الَّتِي هَدَانَا اللهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى قَوْلِنَا خَلْفَ الإِمَامِ: آمِينَ»

(5)

.

10 -

إن اللَّه لا يهلكها -أمة محمد صلى الله عليه وسلم بجوع ولا بغرق، ولا

(1)

. صحيح البخاري برقم 7311، وصحيح مسلم برقم 1920.

(2)

. صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ» .

(3)

. شرح صحيح مسلم للنووي (13/ 67).

(4)

. شرح صحيح مسلم للنووي (13/ 69).

(5)

. (41/ 481) برقم 25029، وقال محققوه: حديث صحيح.

ص: 131

يعذبهم بعذاب عذب به من قبلهم، ولا يسلط عليهم عدوًّا من غيرهم فيستبيح بيضتهم: روى مسلم في صحيحه من حديث ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى

(1)

لِيَ الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ

(2)

الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أُعْطِيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ

(3)

عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ

(4)

، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا - أَوْ قَالَ: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا»

(5)

.

11 -

أن اللَّه خصها بعيد الأضحى وعيد الفطر: روى أبو داود في سننه وأحمد في مسنده من حديث أنس رضي الله عنه قال: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ:«مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ

(1)

. زوى: معناه جمع.

(2)

. المراد بالكنزين: الذهب والفضة، والمراد كنزي كسرى وقيصر؛ ملكي العراق والشام.

(3)

. السَّنَة: بفتح السين والنون: القحط والجدب. النهاية في غريب الحديث (2/ 371).

(4)

. فيستبيح بيضتهم: أي مجتمعهم وموضع سلطانهم، ومستقر دعوتهم، أراد: عدوًا يستأصلهم ويهلكهم جميعهم. النهاية في غريب الحديث (1/ 169).

(5)

. برقم 2889.

ص: 132

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ»

(1)

.

12 -

ومن خصائص أمته صلى الله عليه وسلم أن اللَّه وعدها بالتمكين في الأرض: قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)} [النور:55].

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره: «هذا وعد من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض، أي أئمة الناس والولاة عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد، وليُبدلنهم من بعد خوفهم من الناس أمنًا وحكمًا فيهم، وقد فعل تبارك وتعالى ذلك وللهِ الحمد والمنة، فإنه لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عليه مكة، وخيبر، والبحرين، وسائر جزيرة العرب، وأرض اليمن بكمالها، وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام، وهاداه هرقل ملك الروم، وصاحب مصر والاسكندرية - وهو المقوقس- وملوك عُمان، والنجاشي ملك الحبشة، الذي تملك بعد أصحمة رحمه الله وأكرمه»

(2)

.

(1)

. برقم 1134، ومسند الإمام أحمد (19/ 65) برقم 12006، وقال محققوه: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين.

(2)

. تفسير ابن كثير رحمه الله (10/ 263 - 264).

ص: 133

روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ

(1)

وَالرِّفْعَةِ، وَالدِّينِ، وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ»

(2)

.

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث تميم بن أوس الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَاَ بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، ولا يترك اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ ولَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّه هَذَا الدِّيْنَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلَامَ، وَذَلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ» .

وكان تميم الداري رضي الله عنه يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير، والشرف، والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافرًا الذل والصغار والجزية

(3)

(4)

.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1)

. أي ارتفاع المنزلة والقدر عند الله. النهاية في غريب الحديث (2/ 372).

(2)

. (35/ 144 - 145) برقم 21222، وقال محققوه: إسناده قوي.

(3)

. مسند الإمام أحمد (28/ 154) برقم 16957، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم.

(4)

. انظر الجامع في الخصائص، للشيخ موسى بن راشد العازمي ص 315 - 393.

ص: 134