المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة الثامنة والعشرونالرقابة الذاتية في الوقت المعاصر - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ١٠

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة الأولىصور من تكريم الله لأهل الجنة

- ‌الكلمة الثانيةشرح حديث: "اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا

- ‌الكلمة الثالثةشرح حديث: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ

- ‌الكلمة الرابعةالاعتزاز بالدِّين

- ‌الكلمة الخامسةتأملات في سورة الانشقاق

- ‌الكلمة السادسةتأملات في سورة البيِّنة

- ‌الكلمة السابعةمن فضائل يوم عرفة

- ‌الكلمة الثامنةمن فضائل أيام التشريق

- ‌الكلمة التاسعةمن مقاصد الحج وحِكمه

- ‌الكلمة العاشرةمِنْ فَضَائِلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ

- ‌الكلمة الحادية عشرةالأشهر الحرم

- ‌الكلمة الثانية عشرةصفة الصلاة على الجنازة

- ‌الكلمة الثالثة عشرةمسائل تتعلق بصلاة الجنازة

- ‌الكلمة الرابعة عشرةتأملات في قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ…} الآيات

- ‌الكلمة الخامسة عشرةمن خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم (1)

- ‌الكلمة السادسة عشرةمن خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم (2)

- ‌الكلمة السابعة عشرةمن خصائص الأنبياء عليهم السلام

- ‌الكلمة الثامنة عشرةمن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم والسنة النبوية (1)

- ‌الكلمة التاسعة عشرةمن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم والسنة النبوية (2)

- ‌الكلمة العشرونمن خصائص جزيرة العرب

- ‌الكلمة الواحدة والعشرونالهدية

- ‌الكلمة الثانية والعشرونالإيثار

- ‌الكلمة الثالثة والعشرونأسماء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الكلمة الرابعة والعشرونصفات النبي صلى الله عليه وسلم الخَلْقِية

- ‌الكلمة الخامسة والعشرونالمزاح - مشروعيته وآثاره

- ‌الكلمة السادسة والعشرونالمحرمات في النكاح

- ‌الكلمة السابعة والعشرونمن أحكام الرضاع

- ‌الكلمة الثامنة والعشرونالرقابة الذاتية في الوقت المعاصر

- ‌الكلمة التاسعة والعشرونالإسراء والمعراج

- ‌الكلمة الثلاثوندعاء القنوت

- ‌ الضوابط للدعاء المشروع في قنوت الوتر

- ‌الكلمة الواحدة والثلاثونالغناء (2) والشِّيلات والمؤثِّرات الصَّوتية

- ‌الكلمة الثانية والثلاثونالأناشيد الإسلامية

- ‌الكلمة الثالثة والثلاثونوصايا لقمان الحكيم

- ‌الكلمة الرابعة والثلاثونالتمثيل

- ‌الكلمة الخامسة والثلاثونفضل الجهاد في سبيل اللَّه

- ‌الكلمة السادسة والثلاثونقصة أصحاب الأخدود

- ‌ فوائد قصة أصحاب الأخدود:

- ‌الكلمة السابعة والثلاثونفوائد من حديث أبي موسى ومعاذ رضي الله عنهما عند بعثهما إلى اليمن

- ‌الكلمة الثامنة والثلاثوندروس وعبر من غزوة أحد

- ‌الكلمة التاسعة والثلاثونمفطرات الصيام

- ‌الكلمة الأربعونفضل الصيام في شهر شعبان

- ‌الكلمة الواحدة والأربعونالوقف

- ‌الكلمة الثانية والأربعونمن فضائل مصر

- ‌الكلمة الثالثة والأربعونمن فضائل المسجد الأقصى

- ‌الكلمة الرابعة والأربعونالألعاب المنتشرة بين الناس وحكم مشاهدتها

- ‌الكلمة الخامسة والأربعونالجوائز والمسابقات في الشريعة الإسلامية

- ‌الكلمة السادسة والأربعونبطاقات التعامل التجاري والاقتراض من البنوك

- ‌الكلمة السابعة والأربعونألفاظ يُنهى عنها

- ‌الكلمة الثامنة والأربعونزيادة الإيمان ونقصانه

- ‌الكلمة التاسعة والأربعونالحكم بغير ما أنزل الله

- ‌أما القسم الأول وهو كفر الاعتقاد فهو أنواع:

- ‌الكلمة الخمسونالصوفية وخطرها على بلاد الإسلام

الفصل: ‌الكلمة الثامنة والعشرونالرقابة الذاتية في الوقت المعاصر

‌الكلمة الثامنة والعشرون

الرقابة الذاتية في الوقت المعاصر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..

ففي وقتنا المعاصر ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام بأنواعه المختلفة، المقروء، والمسموع، والمرئي، أصبح المؤمن يتعرض للفتن ليلًا ونهارًا، صباحًا ومساءً؛ ولذلك لا بد للمؤمن أن يجعل مراقبة الله سبحانه وتعالى دائمًا بين عينيه، والمقصود بالمراقبة كما قال ابن القيم رحمه الله:«دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه»

(1)

، قال تعالى:{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)} [يونس:61].

"فأخبر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يعلم جميع أحواله وأحوال أمته،

(1)

. مدارج السالكين (2/ 49).

ص: 247

وجميع الخلائق في كل ساعة وآن ولحظة، وأنه لا يعزب عن علمه وبصره مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السماوات ولا في الأرض، ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين، لقوله تعالى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام:59]. فإذا كان هذا علمه بحركات الجمادات، فكيف بعلمه بحركات المكلفين المأمورين بالعبادة»

(1)

.

«وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)} [المجادلة:7]. أي: يطلع عليهم ويسمع كلامهم وسرهم ونجواهم، ورسله أيضًا مع ذلك تكتب ما يتناجون به، مع علم الله به وسمعه لهم، كما قال تعالى:{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (78)} [التوبة:78]. ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه الآية معية علم الله تعالى، ولا شك في إرادة ذلك، ولكن سمعه أيضًا مع علمه محيط بهم، وبصره نافذ فيهم، فهو -سُبْحَانَهُ- مطلع على خلقه، لا يغيب عنه

(1)

. تفسير ابن كثير رحمه الله (7/ 374).

ص: 248

من أمورهم شيء»

(1)

.

روى ابن ماجه في سننه من حديث ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُورًا» ، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ:«أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا»

(2)

.

قال بعضهم: «أجمع العارفون بالله بأن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات، وأن عبادات الخفاء هي أعظم أسباب الثبات» .

وقال ابن رجب رحمه الله: «خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس»

(3)

.

قال الشاعر:

وَإِذَا خَلَوْتَ بِرِيبَةٍ فِي ظُلْمَةٍ

وَالنَّفْسُ دَاعِيَةٌ إِلَى الطُّغْيَانِ

فَاَسْتَحْيِ مِنْ نَظَرِ الإِلَهِ وَقُلْ لَهَا

إِنَّ الَّذِي خَلَقَ الظَّلَامَ يَرَانِي

ومن الأسباب المعينة على مراقبة اللَّه تعالى في الخلوة:

أن يستحضر العبد اطلاع الله عليه وإحاطته به لكي يخاف

(1)

. تفسير ابن كثير رحمه الله (13/ 451 - 452).

(2)

. برقم 4245، وقال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (2/ 33) برقم 505.

(3)

. جامع العلوم والحكم ص 172 - 173.

ص: 249

ويستحي منه، قال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} [ق:16]، وقال تعالى:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)} [غافر: 19]. وقال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)} [الإسراء:36]. روى الإمام أحمد في كتابه (الزهد)، والبيهقي في (شعب الإيمان) من حديث سعيد بن زيد: أن رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال:«أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ عز وجل كَمَا تِسْتَحِي رَجُلًا مِنْ صَالِحِي قَوْمِكَ»

(1)

.

2 -

أن يتذكر العبد شهادة الجوارح عليه يوم القيامة، قال تعالى:{حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21)} [فصلت:20 - 21]، وقال تعالى:{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)} [يس:65]. روى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال:«هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ» ؟ قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى. قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي.

(1)

. الزهد للإمام أحمد ص 46؛ وشعب الإيمان للبيهقي (6/ 145 - 146) برقم 7738، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله كما في السلسلة الصحيحة (2/ 376) برقم 741.

ص: 250

قَالَ: فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا. قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي. قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ. قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، قَالَ: فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ»

(1)

.

3 -

أن يتذكر العبد الأجر العظيم لمن راقب الله في خلوته، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)} [الملك: 12]. قال ابن كثير رحمه الله: «يقول تعالى مخبرًا عمن يخاف مقام ربه فيما بينه وبينه إذا كان غائبًا عن الناس، فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات، حيث لا يراه أحد إلا الله تعالى: بأن له مغفرة وأجرًا كبيرًا، أي: يكفر عنه ذنوبه ويجازى بالثواب الجزيل»

(2)

.

كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى في ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ، فذكر منهم: رَجُلًا دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلًا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلًا ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ»

(3)

.

وروى أبو داود في سننه من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

. برقم 2969.

(2)

. تفسير ابن كثير رحمه الله (14/ 74).

(3)

. صحيح البخاري برقم 1423، وصحيح مسلم برقم 1031.

ص: 251

قال: «يَعْجَبُ ربُّكَ عز وجل من راعِي غَنَمٍ، في رأسِ شَظِيَّةٍ بجبلٍ، يُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: انْظَرُوا إِلَى عَبْدِي هذا يُؤَذِّنُ و يُقِيمُ الصَّلَاةَ يَخافُ مِنِّي، قد غَفَرْتُ لعَبْدِي، وأَدْخَلْتُهُ الجنةَ»

(1)

.

وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري قال: قيل يا رسول الله! أي الناس أفضل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ» ، قالوا: ثم من؟ قال: «مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللَّهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ»

(2)

.

4 -

أن يتذكر العبد أنه إذا ترك هذا الحرام في خلوته لله، فإن الله يعوضه بالحلال خيرًا منه، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي قتادة وأبي الدهماء: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ، إلَّا بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ»

(3)

.

قال قتادة السدوسي: «لا يقدر رجل على حرام ثم يدعه ليس به إلا مخافة الله عز وجل، إلا أبدله الله به في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خير من ذلك» .

(1)

. برقم 1203، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم 41.

(2)

. برقم 2786.

(3)

. مسند الإمام أحمد (38/ 170) برقم 23074، وقال محققوه: إسناده صحيح، وقال الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (1/ 19): وسنده صحيح على شرط مسلم.

ص: 252

تنبيه:

بنبغي للأب أن يزرع في قلوب أبنائه مخافة الله، وتعظيم أوامره ونواهيه، خاصة وأن أجهزة الإعلام وشبكات التواصل قد انتشرت في بيوت المسلمين، وأصبحت في متناول الصغير والكبير، والذكر والأنثى، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} [التحريم: 6].

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث معقل بن يسار: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»

(1)

.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1)

. صحيح البخاري برقم 7150، وصحيح مسلم برقم 142 واللفظ له.

ص: 253