الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنها لا تنفر، ثم سمعته يقول بعد: إن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهن. أخرجه البخاري. (1){259}
المقصد الثامن: في وجوه الإحرام
…
الإحرام أربعة أنوع:
…
(1) إفراد الحج بالإحرام به وحده.
…
(ب) إفراد العمرة، وهو أقسام:
…
1 -
أن يحرم بها فقط ويطوف لها في غير أشهر الحج ولو حج من عامه. 2 - أن يحرم بها في غير أشهره ويطوف لها في أشهره ولم يحج من عامه. 3 - أن يحرم بها ويطوف لها في أشهره ولم يحج من عامه.
4 -
أن يحرم بها في غير أشهر الحج أو في أشهره ويطوف لها، ثم يحج فيهما من عامه بعد إلمامه بأهله إلماما صحيحا (2).
(جـ) التمتع وهو أداء طواف العمرة أو أكثره في أشهر الحج ثم الحج من عامه بلا إلمام صحيح.
…
(د) القرآن وهو الإحرام بهما معا، أو الإحرام بالحج بعد الإحرام بالعمرة قبل الإتيان بأكثر طوافها، من فعل ذلك فهو قارن غير مسيء، ومن أحرم بالحج ثم أحرم بالعمرة قبل طوافه للقدوم ولو شوطا فهو قارن مسئ (3) هذا. وكل من الإفراد والتمتع والقرآن مشروع بالكتاب والسنة
(1) انظر ص 381 ج 3 فتح البارى (إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت) و (رخص للحائض) بضم الراء مبنى للمفعول. وعند النسائى: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم و (إذا أفاضت) أى طافت طواف الإضافة. و (قال) أى طاوس.
(2)
الإلمام الصحيح، عود الناسك إلى بلده بعد أعمال النسك غير عازم العودة بعده إلى مكة.
(3)
وذلك أن القارن من يبنى الحج على العمرة فى الأفعال فينبغى أن يبنيه عليها أيضاً فى الإحرام أو يحرم بهما معاَ، فإذا خالف أساء، وصح لتمكنه من بناء الأفعال إذا لم يطف للقدوم شوطاً، فإن لم يحرم بالعمرة حتى طاف شوطاً رفضهاً وعليه قضاؤها ودم للرفض لأنه عجز عن الترتيب. انظر ص 198 ج 2 فتح القدير (القرآن).
وإجماع الأمة (فقوله) تعالى: " ولله على الناس حج البيت ممن استطاع إليه سبيلاً "(1)(دليل) الإفراد (وقوله) تعالى: " وأتموا الحج والعمرة لله"(2)(دليل) القرآن (وقوله) تعالى: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحجً "(3)(دليل) التمتع (وقالت) عائشة رضي الله عنها: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، فأما من أهل بعمرة فحل عند قدومه، وأما من أهل بحج، أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحل حتى كان يوم النحر. أخرجه الشيخان (4). {260}
…
(وقالت): منا من أهل بالحج مفردا، ومنا من قرن، ومنا من تمتع. أخرجه مسلم (5){78}
(وقد أجمع) العلماء على جواز كل هذه الأنواع، واختلفوا أيها أفضل، وهاك بيانها مرتبة:
…
(1) القرآن: هو لغة الجمع بين الحج والعمرة. وشرعا الجمع بينهما على الوجه السابق (وهو) أفضل من التمتع والإفراد عند الحنفيين، لأن الراجح أن النبي صغ الله عليه وسلم كان قارنا في حجة الوداع.
…
(روي) بكر بن عبد الله المزني عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعا. قال بكر:
(1) الآية 97 من سورة آل عمران.
(2)
الآية 196 من سورة البقرة.
(3)
الآية 196 من سورة البقرة.
(4)
انظر ص 273 ج 3 فتح البارى (التمتع والقرآن والإفراد .. ) وص 145، 146 ج 8 نووى مسلم (وجوه الإحرام).
(5)
انظر ص 151 منه.
فحدثت بذلك ابن عمر فقال: لبي بالحج وحده، فلقيت أنسا فحدثته بقول ابن عمر فقال: ما تعدوننا إلا صبيانا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لبيك عمرة وحجا معا. أخرجه مسلم والنسائي (1). {261}
…
(وكيفيته) - عند الحنفيين- أن يحرم بالعمرة والحج في زمن واحد أو يدخل إحرام أحدهما على الآخر كما تقدم، ويصلي ركعتي الإحرام ثم يلبي ناويا الحج والعمرة، فإذا دخل مكة طاف للعمرة سبعة أشواط مضطبعا يرمل في الثلاثة الأول (وبعد) الطواف يصلي ركعتين ثم يسعى بين الصفا والمروة مهرولا بين الميلين ماشيا على هينته فيما عداه ثم يطوف للحج طواف القدوم، ثم يسعى كما مر، لما روي الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عمر أنه جمع بين حج وعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت. أخرجه الدارقطني وقال: لم يره عن الحكم غير الحسن بن عمارة، وهو مترك الحديث (2). {262}
(وروي) منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي عن أبي نصر اسلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا أهللت بالحج والعمرة فطف لهما طوافين واسع لهما سعيين بين الصفا والمروة. قال منصور: فلقيت مجاهدا وهو يفتي بطواف واحد لمن قرن، فحدثته بهذا، فقال: لو كنت سمعته لم أفت إلا بطوافين، وما بعد فلا أفتي إلا بهما. أخرجه محمد بن الحسن بسند لا شبهة فيه (3). {79}
(1) انظر ص 216 ج 8 نووى مسلم (الإفراد والقران)، وص 15 ج 2 مجتبى (القرآن).
(2)
انظر ص 271 سنن الدار قطنى.
(3)
انظر ص 111 ج 3 نصب الراية.
(وقال) مالك والشافعي وأحمد: يكفي القارن لحجته وعمرته طواف وسعي واحد، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرن بين حجه وعمرته أجزأه لهما طواف واحد. أخرجه أحمد، وكذا مسلم بلفظ: من جمع بين الحج والعمرة كفاه طواف واحد ولم يحل حتى يحل منهما جميعا. وأخرجه ابن ماجه بلفظ: من أحرم بالحج والعمرة كفى لهما طواف واحد، ولم يحل حتى يقضي حجه ويحل منهما جميعا. وسنده جيد (1). {263}
(دل) على أن القارن يكفيه طواف واحد عن العمرة والحج، وأن أفعال العمرة تندمج في أفعال الحج. والأحاديث في هذا كثيرة (وهي) أقوى وأصح مما استدل به الحنفيون على عدم اندراج أعمال العمرة في الحج. (ويجب) عند الحنفيين تقديم أعمال العمرة، لقوله تعالى:" فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ " جعل الحج غاية ولو كانت أفعالهما واحدة ما كان مبدأ وغاية، والتمتع بلغة القرآن يشمل القرآن، ولا يحلق بينهما لأنه جناية على إحرام الحج (ولو طاف) لهما طوافين متتابعين بلا سعي بينهما، وسعي لهما سَعْيَيْن صح وأساء بتأخير سعي العمرة وتقديم طواف القدوم عليه ولا دم عليه، وبعد سعي القارن للحج يؤدي باقي أعماله، فإذا رمي جمرة العقبة يوم النحر لزمه ذبح دم القرآن؛ شاة أو بدنة أو سبع بدنة، لقوله تعالى:{فَمَنْ تَمَّتَعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْى} أي فليذبح ما قدر عليه من الهدى، وأقله شاة.
(1) انظر ص 154 ج 11 الفتح الربانى، وص 214 ج 8 نووى مسلم (جواز القرآن واقتصار القارن على طواف وسعى واحد)، وص 118 ج 2 سنن ابن ماجه (طواف القارن).
(قال) جابر رضي الله عنه: حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنحرنا البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة. أخرجه أحمد ومسلم (1). {264}
…
(فإن عجز) القارن عن الدم صام عشرة أيام، ثلاثة منها قبل يوم النحر، والأفضل كون آخرها يوم عرفة، لأن الصوم بدل الهدى فيستحب تأخيره إلى وقته، فإن لم يصمها قبل يوم النحر تعين الدم ولا يجزئه الصوم عند الحنفيين، لفوات وقته.
(وقال) مالك والشافعي وأحمد والجمهور: يصوم الثلاثة الأيام قبل يوم عرفة، لأنه يكره صيامه للحاج، فإن لم يصمها قبل يوم النحر أثم وصامها بعد أيام التشريق عند الشافعي وأحمد (وقال) مالك: يجوز صيامها أيام التشريق، ويصوم سبعة الأيام بعد رجوعه إلى وطنه، فلو صامها قبل وصوله إلى أهله لم يجزئه ويتعين الهدى عند مالك والشافعي وأحمد، لقوله تعالى:"فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم"(2).
…
(وقال) الحنفيون: له صيام سبعة الأيام بعد فراغه من أعمال الحج ولو بمكة، لأن المراد بالرجوع في الآية الفراغ من أعمال الحج مجازا، لأن الفراغ سبب الرجوع (والعبرة) في العجز عن الهدى والقدرة عليه لأيام النحر، فلو قدر عليه فيها بعد الصوم لزمه الهدى، ولو قدر عليه بعدها قبل صوم السبعة صامها ولا يلزمه الهدى. (وإن وقف) القارن بعرفة قبل طوافه للعمرة فقد رفضها، فعليه دم لرفضها، وقضاؤها للزومها بالشروع، ولا يلزمه دم القرآن لأنه لم ينتفع بأداء النسكين في إحرام واحد.
(1) أنظر ص 37 ج 13 الفتح الرباني، وص 67 ج 9 نووي مسلم (الإشتراك في الهدى
…
).
(2)
الآية 196 من سورة البقرة.
(ب) التمتع: لغة الانتفاع، وشرعا الانتفاع بأداء الحج والعمرة في أشهر الحج في عام واحد بلا رجوع إلى بلده (وهو أفضل) من الإفراد عند الحنفيين وأحمد، وأفضل من القرآن أيضا عند أحمد، وهو قول للشافعي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تمناه فقال: لولا أني سقت الهدى لأحللت، ولا يتمنى إلا الأفضل.
(قال) جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أهللنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بالحج خالصا وحده، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم صبح رابعة مضت من ذي الحجة، فأمرنا أن نحل، قال: حلوا وأصيبوا النساء، ولم يعزم عليهم ولكن أحلهن لهم. فقلنا: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المنى. فقام النبي صلى الله عليه وسلم فينا فقال: قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم، ولولا هديى لحللت كما تحلون ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى. فحللنا وسمعنا وأطعنا (الحديث). أخرجه مسلم (1). {265}
…
(فنقلهم) إلى التمتع وتأسفه صلى الله عليه وسلم لعدم تمكنه منه (دليل) على فضله. هذا والمتمتع قسمان:
…
(الأول) متمتع لم يسق الهدى فيحرم بالعمرة من الميقات أو قبله ويطوف لها في أشهر الحج، ويسعى بين الصفا والمروة ويبقى على إحرامه إن شاء أو يتحلل من العمرة بالحلق أو التقصير، لقول ابن عباس
(1) أنظر ص 163 ج 8 نووي مسلم (تحلل المعتمر المتمتع) و (لم يعزم) أي لم يوجب (عليهم) وطء النساء بل أباحه، وأما الإحلال من الحج فعزم فيه على من لم يكن معه هدى.
رضي الله عنهما: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة أمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبالصفا والمروة ثم يحلوا ويحلقوا أو يقصروا. أخرجه البخاري (1). {266}
ثم يحرم بالحج يوم التروية. والإحرام قبله أفضل مسارعة للخير، ويأتي بأعمال الحج، إلا أنه لا يطلب منه طواف القدوم، ويرمل في طواف الركن ويسعى بعده ويذبح الهدى بعد رمي جمرة العقبة وجوبا شكرا لنعمة التمتع (فإن عجز) عن الهدى صام ثلاثة أيام قبل يوم النحر وسبعة إذا رجع إلى بلده أو بعد الفراغ من أعمال الحج على ما تقدم في القرآن، لقول ابن عمر رضي الله عنهما: من اعتمر في أشهر الحج ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج وعليه ما استيسر من الهدى. فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع. أخرجه مالك (2). {80}
…
(وإن عاد) من لم يسق الهدى إلى بلده بعد إتمام العمرة والحلق لا يعد متمتعا لأنه ألم بأهله إلماما صحيحا، فصار كأهل مكة ليس له التمتع لأنه لم ينتفع بإسقاط أحد السفرين. أما إن عاد إلى أهله قبل الحلق ثم رجع إلى مكة فحج من عامة قبل الحلق، فهو متمتع، لأنه إلمامه غير صحيح (ولو عاد) إلى غير بلده لا يبطل تمتعه عند أبي حنيفة، وقال صاحباه يبطل (والثاني) متمتع ساق الهدى، فهذا يحرم بالعمرة ثم يسوق الهدى، فإن كان من الإبل قلده أو أشعره (3) اتفاقا ليعرف أنه
(1) أنظر ص 368 ج 3 فتح الباري (تقصير المتمتع بعد العمرة).
(2)
أنظر ص 180 ج 2 زرقاني الموطأ (ما جاء في التمتع).
(3)
(التقليد) تعليق نعل من الجلد في عنق البعير (والإشعار) شق سنامة الأيمن أو الأيسر وسلت الدم عنه "وما ورد" عن أبي حنيفة من كراهته الإشعار" محمول" على إشعار أهل زمانه لمبالغتهم فيه.
هدى. (روي) ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعر صفحة سنامها الأيمن، ثم سلت الدم عنها وقلدها بنعلين، ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج. أخرجه الدارمي والسبعة إلا البخاري، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح (1). {267}
(ثم يؤدي) أعمال العمرة ولا يتحلل منها بالحلق أو التقصير، بل يحرم بالحج- يوم التروية أو قبله- ويؤدي أعماله، فإذا حلق يوم النحر حل من الحج والعمرة (لقول) ابن عمر رضي الله عنهما: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، وتمتع الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس من أهدى فساق الهدى، ومنهم من لم يهد، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم قال للناس: من كان منكم أهدى فإنه لا يحل له شيء حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج ثم ليهد، ومن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعا، فركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أشواط، ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضي حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم
(1) أنظر رقم 33 ص 7 ج 1 تكملة المنهل (الإشعار) وباقي المراجع بهامش 2 ص 10 منه:
منه، وفعل مثل ما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام من أهدى وساق الهدى من الناس. أخرجه الشيخان، وأبو داود والنسائي والبيهقي (1). {268}
…
(دل) على أن التمتع الذي ساق الهدى لا يتحلل حتى يذبحه يوم النحر. وبه قال الحنفيون والحنبليون (وقالت) المالكية والشافعية: يتحلل المتمتع مطلقا بعد أدائه أعمال العمرة ويذبح المهدي هديه عند المروة، لأنه متمتع أتم أعمال العمرة فيتحلل منها كمن لم يكن معه هدى. (وهذا) قياس مع النص فلا يعول عليه. فالراجح الأول.
ما يبطل التمتع: تقدم أن من لا هدى معه يبطل تمتعه عند الحنفيين بعوده إلى بدله وكذا من معه الهدى عند محمد لوجود الإلمام وإن لم يكن صحيحا.
…
(وقال) أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يبطل تمتعه بعوده لأهله بعد العمرة، لأن سوق الهدى يمنعه من التحلل فكان إلمامه غير صحيح. (وقال) مالك: إن رجع المتمتع مطلقا إلى مصره أو إلى أبعد منه بطل تمتعه وإلا فلا.
…
(وقال) الشافعي: إن رجع إلى الميقات بطل تمتعه فلا دم عليه.
…
(وقال) أحمد: إن سافر بين العمرة والحج سفر قصر بطل تمتعه وإلا فلا.
…
(فائدة) حاضروا المسجد الحرام- عند الحنفيين- هم أهل المواقيت، فمن دونهم إلى مكة، وهو قول الشافعي في القديم (وقال) مالك: هم أهل مكة (وقال) الشافعي في الجديد وأحمد: هم أهل الحرم ومن بينهم
(1) أنظر رقم 83 ص 90 ج 1 تكملة المنهل العذب (القرآن) وباقي المراجع بهامش 3 ص 95 منه. و (خب) أي رمل وأسرع في المشي (وأفاض) أي نزل إلى مكة فطواف الركن.
وبين مكة دون مسافة القصر. وهل لهم قران وتمتع؟ (قال) الحنفيون: لا يشرع لهم قران ولا تمتع لقوله تعالى: "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم، تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام"(1)، وجه الدلالة: أن الإشارة بذلك إلى التمتع لقوله: لمن، وليست للهدى لأنه واجب على من يطلب منه. فلو كان مرادا لقال على من (وقال) مالك والشافعي وأحمد: يشرع القرآن والتمتع لحاضري المسجد الحرام بلا كراهة، لعموم الأحاديث، وإن قرنوا أو تمتعوا لا يلزمهم \دم، لقوله تعالى:"ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام" على أن الإشارة للهدى (ورد) بأنها وصلت باللام والهدى علينا لا لنا.
(جـ) الإفراد: الإفراد هو الإحرام بالحج وحده والإتيان بأعماله (وهو) أفضل من التمتع والقرآن عند الشافعية والمالكية في المشهور عنهم لأنهم يرون أن النبي صلى الله عليه وسلم حج مفردا، لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج ولم يعتمر. أخرجه الشافعي والبيهقي والدارمي والجماعة إلا البخاري، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح (2). {269}
…
(والصواب) أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم أولا بالحج ثم أدخل عليه العمرة فصار قارنا (وبهذا) يسهل الجمع بين الأحاديث (فمن) روي أنه صلى الله عليه وسلم كان مفردا، أراد أنه أحرم أولا بالحج،
(1) الآية 196 من سورة البقرة.
(2)
أنظر رقم 57 ص 42 ج 1 تكملة المنهل العذب (إفراد الحج) وباقي المراجع بهامش 5 ص 43 منه.