المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المقصد الأول فى الحج - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ٩

[السبكي، محمود خطاب]

الفصل: ‌المقصد الأول فى الحج

(9)

ويُستحبُّ لمن رجع من السَّفَر أَن يُكَبِّر على كل شرفٍ ثلاثاً ويقول ما فى حديث ابن عمر رضى الله عنهما. قال: (كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا قَفَل من غَزْوٍ أَو حَجٍّ أَو عُمْرَةٍ إِذا أَوْفَى على ثنيةٍ أَو فَدْفَدٍ كَبَّرَ ثلاثاً ثم قال: لَا إِلهَ إِلَاّ الله وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كل شئ قدير. آيِبُون تائبون عابدون ساجدون لربِّنَا حامدون، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأَحزاب وحده). أخرجه الشيخان (1){29}

(10)

ويُستحبُّ لمن أَشرف على بلده أَن يقول ما فى حديث أَنس رضى الله عنه قال: (أَقبلنا مع النبى صلى الله عليه وسلم حتى إِذا كُنَّا بظهر المدينة قال: آيِبُون عابدون لربِّنَا حامدون، فلم يَزَلْ يقول ذلك حتى قَدِمْنَا المدينة). أَخرجه مالك والشيخان (2){30}

‌المقصد الأول فى الحج

الحجُّ أَحد أَركانِ الإِسلام المذكورة فى حديث حنظلة بن أبى سفيان عن عِكرمة بن خالد عن ابن عمر رضى الله عنهما أَنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: (بُنِىَ الإِسلامُ على خَمْسٍ: شهادةِ أَنْ لَا إِلهَ إلا اللهُ وأَنَّ

(1) انظر ص 401 ج 3 فتح البارى (ما يقال إذا رجع من الحج .. ) وص 112 ج 9 نووى مسلم. و (أوفى) ارتفع وعلا (والثنية) بفتح الثاء وكسر النون وشد الياء (والفدفد) بفتح فسكون ففتح: المرتفع أو الفلاة التى لا شئ فيها. وقيل هو الغليظ من الأرض ذات الحصى.

(2)

انظر ص 278 ج 3 زرقانى الموطأ (جامع الحج) وص 117 ج 6 فتح البارى (ما يقول إذا رجع من الغزو 9 وص 113 ج 9 نووى مسلم (ما يقال إذا رجع من الحج وغيره).

ص: 16

مُحمداً رسولُ الله، وإِقامِ الصَّلَاةَ وإِيتاء الزَّكاةِ وحَجِّ الْبَيْتِ وصِيَامِ رمضان). أَخرجه أَحمد والشيخان والنسائى والترمذى وقال: هذا حديث حسن صحيح (1){31}

وهو بفتح الحاءِ وكسرها، لغة القصد إلى معظم، وشرعاً قصد البيت الحرام لأَداءِ أَفعالٍ مخصوصة من الطواف والسعى والوقوف بعرفة فى وقتها محرماً بالحج، وهو من الشرائع القديمة. " قال " محمد بن كعب القرظى أو غيره:(حج آدم عليه السلام فلقيته الملائكة فقالوا: بَرّ نسكك يا آدم لقد حججنا قبلك بأَلفى عام). أخرجه الشافعى (2). {1}

وقد روى أنه ما من نبى إِلَاّ حَجَّ.

ثم الكلام بعد ينحصر فى ستة مباحث:

(1)

حكمه: هو فرض على المستطيع من الإِنس والجن، لقوله تعالى:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (3)} قال ابن علان: دخل فى الناس الجنِّى بناءً على أَنه من نَوَسَ إِذا تحرك. فيجب الحج على المستطيع من الجن (4)،

(1) انظر ص 78 ج 1 الفتح الربانى، وص 38 ج 1، فتح البارى (الإيمان) وص 177 ج 1 نووى مسلم (أركان الإسلام) وص 298 ج 2 مجتبى (على كم بنى الإسلام؟ ) و 352 ج 3 تحفة الأحوذى (بنى الإسلام على خمس) والحديث جاء فى رواية أحمد والبخارى والنسائى ورواية لمسلم بتقديم الحج على الصيام، وفى رواية الترمذى تقديم الصيام على الحج. وفى رواية لمسلم من طريق سعد بن عبيدة عن ابن عمر تقديم الصوم على الحج. فقال رجل: الحج وصيام رمضان. فقال أبن عمر: لا، صيام رمضان والحج. هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ: فيه إشعار بأن رواية حنظلة مروية بالمعنى إما لأنه لم يسمع رد ابن عمر على الرجل أو سمعه ثم نسيه.

(2)

انظر ص 285 ج 1 بدائع المنن.

(3)

الآية 97 من سورة آل عمران. قال البيضاوى: وضع من كفر موضع من لم يحج، تأكيداً لوجوبه وتغليظاً على تاركه.

(4)

انظر ص 78 ج 7 دليل الفالحين.

ص: 17

وأَجمعت الأُمة على أَن الحج فرض فى العمر مرة واحدة، لحديث ابن عباس رضى الله عنهما:(أَن الأَقْرَعَ بنَ حابسٍ سأَلَ النبى صلى الله عليه وسلم فقال: الحجُّ فى كل سنةٍ أَو مَرَّةٌ واحدةٌ؟ فقال: بَلْ مَرَّةٌ واحدةَ، فمن زادَ فتطوع). أَخرجه أَحمد والبيهقى والدارامى والحاكم وصححه والأربعة إلَاّ الترمذى (1){32}

(2)

تعلم أحكام النسك: يجب على من يريد الحج والعمرة أَن يتعلم أَحكامهما مما يجب ويحرم ويكره ويباح؛ لأَن الله تعالى لا يقبل عبادة الجاهل، قال الله تعالى:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (2)، وعن أَنس أَن النبى صلى الله عليه وسلم قال:{طلبُ الْعِلُمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ} . أخرجه ابن عدى والبيهقى وغيرهما من طرق. قال النووى: ضعيف وإِن كان معناه صحيحاً. وقال السيوطى: جمعت له خمسين طريقاً وحكمت بصحته لغيره

(3){33}

قال العلماء: ما وجب عليك عمله وجب عليك العلم به، فأَول ذلك أَن ينظر المكلَّف إِذا وجب عليه الحج فى أَمر الزاد وما ينفقه فى حجه، فيكون ذلك من أطيب جهة تمكنه؛ لأَن الحلال يعين على الطاعة ويبعد عن المعصية، فعلى العاقل أَن يتحرَّز من الشُّبهات فإِن عجز عن ذلك فليفترض مالاً حلالاً ليحج به، فإِن الله تعالى طَيِّبٌ لا يقبل إِلَاّ طَيِّباً (روى) أَبو هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (إِذا خرج الحاجُّ بنفقةٍ طيبةٍ ووضَعَ رِجْلَهُ فى الغَرْزِ، فنادَى: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ

(1) انظر ص 15 ج 11 الفتح الربانى، وص 326 ج 4 السنن الكبرى، وص 29 ج 2 سنن الدارمى (كيف وجوب الحج) وص 441 ج 1 مستدرك، وص 2 ج 2 مجتبى، وص 257 ج 10 المنهل العذب، وص 108 ج 2 سنن ابن ماجه.

(2)

سورة النحل، الآية 43.

(3)

انظر رقم 5264 ص 267 ج 4 فيض القدير.

ص: 18

لَبَّيْكَ، ناداهُ منادٍ من السماءِ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، زَادُك حَلالٌ وراحِلَتُكَ حلالٌ وحجُّكَ مبرورٌ غير مَأْزُور، وإِذا خرج بالنفقةِ الخبيثةِ فوضَعَ رِجْلَهُ فى الغَرْزِ فنادَى: لَبَّيْكَ ناداهُ منادٍ من السماءِ: لا لَبَّيْكَ، ولَا سَعْدَيْكَ، زَادُكَ حرامٌ ونفقَتُكَ حرامٌ وحجُّكَ مَأْزُورٌ غير مبرور). أَخرجه الطبرانى فى الأَوسط (1). {34}

(وعن) أَبى هريرة أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ الله تعالى طَيِّبٌ لا يقبلُ إِلَاّ طَيِّباً، وإِن الله تعالى أَمَرَ المؤمنين بما أَمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (2)}، وقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ (3) (} ، ثم ذكَر الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يمدُّ يديهِ إِلى السماء يا ربِّ يا ربَّ ومَطْعَمُهُ حرام ومَشْرَبُهُ حرام وملبسُهُ حَرَام وغُذِّى بالحرام، فَأَنَّى يُستجابُ لذلك). أَخرجه أَحمد ومسلم والترمذى (4){35}

واعلم أَن عماد الدِّين وقوامَه هو طِيبُ المطعم. فمنْ طاب مكسبه زكا عمله. ومن لم يطب مكسبه خيِفَ عليهَ ألَاّ تُقْبل صلاتُه وصيامُه وحجُّه وجميعُ عمله؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (5)، ويُرْوَى لبعض الأَئِمَّة.

إِذَا حَجَجْتَ بمالٍ أَصْلُه سُحْتُ

فَمَا حَجَجْتَ ولكِنْ حَجَّتِ الْعِيرُ

لا يَقْبَلُ اللهُ إِلَاّ كُلَّ صَالِحَةٍ (6)

ما كُلّ مَنْ حَجَّ بيتَ اللهِ مَبْرُورُ

(1) انظر ص 114 ج 2 الترغيب والترهيب. وأخرج البزار نحوه بسنده فيه سليمان ابن داود اليمانى. وهو ضعيف. انظر ص 209 ج 3 مجمع الزوائد (الحج بالحرام) والغرز بفتح فسكون، ركاب الدابة.

(2)

سورة المؤمنون، الآية 51.

(3)

سورة البقرة، الآية 17.

(4)

انظر ص 381 ج 1 تفسير ابن كثير.

(5)

عجز الآية 27 من سورة المائدة. وصدره: " واتل عليهم نبا ابنى آدم ".

(6)

ويروى: إلا كل طيبة.

ص: 19

(3)

متى فرض الحج؟ : الصحيح أَنَّهُ فُرِض سنة تسع من الهجرة، وأَمَّا قوله تعالى:{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} (1) فإِنها وإِن نزلت سنةَ سِتًّ فليس فيها فريضةُ الحج وإِنما فيها الأَمُر بإِتمامِه وإِتمامِ الْعُمْرَةِ بعد الشُّرُوع فيهما، وذلك لا يقتضى وجوب الابتداءِ.

(4)

تأخير الحج: هو فرض على التراخي عند الشافعى ومحمد بن الحس، فلا يأْثم المستطيع بتأْخيره إِن حجَّ قبل مَوْتِه، وإِلَاّ تَبَيَّنَ إِثمه بالتأْخير. (قال) الربيع بن سليمان: أَنبأَ الشافعى قال: نَزَلَتْ فريضةُ الحجَّ على النبى صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة وافتتحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكةَ فى شهر رمضان، وانصرف عنها فى شوال واستخلف عليها عتَّاب بن أَسِيد فأَقام الحج للمسلمين بأَمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قادر على أَن يحج وأَزواجُه وعامةُ أَصحابه، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تَبُوكَ، فبعث أَبا بكرٍ فأَقَامَ الحَجَّ للناس سنةَ تسعٍ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قادِرٌ على أَن يحجَّ ولم يحجَّ حتى سنة عشر، فاستدللنا على أَن الحج فرضه مرةٌ فى العمر، أَوله البلوغ وآخره أَن يأْتي به قبل مَوْتِه. أخرجه البيهقي (2){2}

وقال: واستدل أَصحابنا بحديث كعب بن عُجْرة على أنها ـ يعنى فريضة الحج ـ نزلت زمن الحديبية، فقد حَدَّثَ عبد الرحمن بن أَبى ليلى أَن كعبَ بن عُجْرة رضى الله عنه قال: وقف علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ورأسِى يتهافت قملاٌ، فقال: أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قلتُ: نَعَمْ يا رسول الله، قال: فاحْلَقْ رَأْسَكَ، ففىَّ نزلت هذه الآية: {فَمَن كَانَ

(1) سورة البقرة، الآية 196.

(2)

انظر ص 341 ج 4 سنن البيهقى (تأخير الحج).

ص: 20

مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (الحديث) أخرجه الشيخان (1){36}

فثبت بهذا نزول قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} زمن الحديبية. (وعن ابن مسعود) وغيره أنه قال فى قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} أَقيموا الحج والعمرة لله. أخرجه البيهقي (2){3}

(وقال) مالك وأَبو يوسف وأَحمد وبعض الشافعية: الحج فرض على الفور، فيأْثم المستطيع بتأْخيره، لقوله تعالى:{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} والأَمر على الفور (وعن ابن عباس) أَن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من أَراد الحج فَليَتعجَّلْ) أَخرجه أَحمد وأَبو داود وابن ماجه والدارمي (3){37}

وأجاب الأولون: (ا) عن الآية بأَن الأَمر المجرد عن القرائن لا يقتضى الفور. وعلى فرض أَنه يقتضيه فيصرفه إلى التراخى ما تقدم من فعل النبى صلى الله عليه وسلم وأَكثر أَصحابه.

(ب) وعن الحديث بأَنه لا يدل على الفورية؛ لأَنه فوض فعله إلى إِرادته؛ أَو أَن الأَمر بالتعجيل للندب جمعاً بين الأدلة. فالظاهر القول بأَن الحج فرض على التراخى، لقوة أَدلته، وإِن كان الأَفضل للمستطيع التعجيل بقدر الإمكان؛ لأَن الأَجل غير معلوم.

(5)

فضل الحج: الحج من أَفضل العبادات، وله فضل عظيم وثواب

(1) انظر ص 11 ج 4 فتح البارى (قوله الله تعالى: أو صدقة) وص 119 ج 8 نووى مسلم (حلق الرأس للمحرم .. ).

(2)

ص 341 ج 4 سنن البيهقى (تأخير الحج).

(3)

انظر ص 15 ج 11 الفتح الربانى، وص 271 ج 10 المنهل العذب (تعجيل الحج)، وص 107 ج 2 سنن ابن ماجه (الخروج إلى الحج) وص 28 ج 2 سنن الدارمى (من أراد الحج فليستعجل).

ص: 21

جزيل، جاءَ فى فضله أَحاديث (منها) حديث أَبى هريرة أَن النبى صلى الله عليه وسلم قال:(أَفضلُ الأَعمالِ عند الله إِيمانٌ لا شكَّ فيه، وغَزْوٌ لا غُلول فيه، وحَجٌّ مَبْرُور). قال أَبو هريرة: حَجٌّ مبرورٌ يُكَفِّر خطايا تلك السنة، أَخرجه أَحمد وابن حبان (1){38}

(وعن أبى هريرة)(أَن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: {مَنْ حج فلم يرفثْ ولم يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْم وَلَدَتْهُ أُمُّهُ). أَخرجه أَحمد والشيخان والدارمى والأربعة إلا أبا داود (2){39}

(وعن عبد الله) بن عمرو أَن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (إَنَّ الله عز وجل يُبَاهِى ملائكَتَهُ عَشِيَّةَ عرفة بأَهل عرَفةَ، فيقول: انظروا إلى عِبَادِى أَتَوْنى شُعثاً غُبْراً). أَخرجه أَحمد والطبرانى فى الكبير بسند رجاله موثقون (3){40}

(وقال) ابن عمر رضى الله عنهما: (كنت جالساً مع النبى صلى الله

(1) انظر ص 3 ج 11 الفتح الربانى، و (لا شك فيه) أى لم يشك فيما علم من الدين بالضرورة كالتوحيد والبعث وافتراض أركان الإسلام (والغلول) السرقة من الغنيمة قبل القسمة، وهو من الكبائر، قال تعالى:" ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة "(والمبرور) من البر وهو الطاعة، مالا يخالطه إثم، وقيل هو المقبول، وعلامته أن يرجع خيراً مما كان، فلا يعاود المعاصى، ويصير عابداً ذاكراَ بعد أن كان غافلا.

(2)

انظر ص 6 ج 11 الفتح الربانى، وص 245 ج 3 فتح البارى (فضل الحج المبرور) وص 119 ج 9 نووى مسلم، وص 31 ج 2 سنن الدارمى، وص 3 ج 2 مجتبى، وص 108 ج 2 سنن ابن ماجه، وص 78 ج 2 تحفة الأحوذى، وفيه: غفر له ما تقدم من ذنبه (فلم يرفث) مثلث الفاء فى الماضى والمضارع، والأفصح أنه من باب نصر، والرفث: الجماع أو فحش القول (والفسوق) ارتكاب المعاصى والسباب، وهو منهى عنه مطلقاً وفى الحج أشد (ورجوعه كيوم ولدته أمه) كناية عن غفر الذنوب كلها.

(3)

انظر ص 7 ج 11 الفتح الربانى، والمراد بالمباهاة إظهار فضل الحجاج للملائكة وهذا بالنسبة لمن حج بمال حلال قاصداً وجه الله تعالى مخلصاً له (وشعثاً) بضم فسكون، أى لم ينظفوا أبدانهم وملابسهم (وغبراً) أى علاهم غبار الأرض.

ص: 22

عليه وسلم فى مسجد منى، فأَتَاهُ رَجُلُ من الأَنصار ورجلٌ من ثقيف، فسلما ثم قالا: يا رسول الله جئنا نسأَلك. فقال: إِن شئتُما أَخبرتكما بما جئتُما تسأَلاني عنه فعلْتُ، وإِن شئتُما أَن أَمْسِك وتسأَلاني فعلْتُ. فقالا: أَخبرنا يا رسول الله. فقال الثقفي للأَنصارى: سَلْ، فقال: أَخبرنى يا رسول الله فقال: جئتنى تسأَلنى عن مَخْرجك من بيتك تَؤمّ البيت الحرام ومالك فيه، وعن ركعتيك بعد الطواف ومالَك فيهما، وعن طوافك بين الصَّفا والمروة ومالك فيه، وعن وقوفك عَشيَّةَ عرفة ومالك فيه، وعن رَمْيك الجِمَارَ ومالك فيه، وعن نحرك ومالك فيه، وعن حلقك رأْسك ومالك فيه، وعن طوافك بالبيت بعد ذلك ومالك فيه مع الإفاضة. فقال: والذى بعثك بالحق لَعَنْ هذا جئت أَسأَلك. قال: فإِنك إِذا خرجتَ من بيتك تَؤُمّ البيت الحرام لا تضع ناقَتُكَ خُفًّا ولا ترفعه إِلَاّ كَتَب الله لك به حسنةٌ ومحا عنك خطيئة، وأَمَّا ركعتاك بعد الطواف كعتق رقبة من بنى إسماعيل، وأَمَّا طوافك بالصَّفا والمروة بعد ذلك كعتق سبعين رقبة، وأَمَّا وقوفك عَشِيَّةَ عرفة فإِن الله تعالى يهبط (1) إلى سماءِ الدنيا فيباهى بكم الملائكةَ يقول: عبادِى جَاءُونى شَعْثاً من كل فج عميق يرجون جنتى، فلو كانت ذنوبكم كعددِ الرَّمْل أَو كقطر المطر أو كزَبَدِ البحر لغفرتها، أَفِيضُوا عبادى مغفوراً لكم ولمن شفعتم له. وأَما رميك الجِمارَ فلك بكل حصاةٍ رميتها تكفيرُ كبيرة من الموبقات. وأَمَّا نحرك فمدْخور لك عند ربك. وأَمَّا حلاقك رأْسَك فلك بكل شَعْرَةٍ حلقتها حسنة وتمحى عنك بها خطيئة.

(وأَمَّا طوافك بالبيت بعد ذلك فإِنك تطوف ولا ذنبَ لك، يأْتى ملَك حتى يضعَ يديه بين كتفيك فيقول: اعمل

(1) الهبوط فى الأصل: الانتقال من علو إلى أسفل، وهو مستحيل فى حق الله تعالى، فالحديث مصروف عن ظاهره بإجماع السلف والخلف.

ص: 23