الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غريب والحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد «ورد» بأن في سنده خلاد بن يزيد قال البخاري لا يتابع على حديثه. وأخرجه البيهقي من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن العلاء أبو كريب ثنا خلاد بن يزيد (السند) وقال: ورواه غيره عن أبي كريب وزاد فيه: حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأداوي والقرب وكان يصب على المرضى ويسقيهم (1){162}
(د) السعي بين الصفا والمروة
(2)
السعي بينهما سبعة أشواط - البدء مرة والعود أخرى - هو الركن الرابع للحج لا يصح إلا به ولا يجبر بدم ولا غيره عند مالك والشافعي ورواية عن أحمد (وقال) الحنفيون: السعي واجب يجبر بدم. وهو الصحيح عن أحمد ، لحديث حبيبة بنت أبي تجراه قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه
(1) ص 123 ج 2 تحفة الأحوذي (حمل ماء زمزم) وص 485 ج 1 مستدرك. وص 202 ج 5 سنن البيهقي (الخروج بماء زمزم). و (الأداوى) كفتاوي جمع إداوة بكسر الهمزة ، المطهرة.
(2)
(الصفا) في الأصل جمع صفاه وهي الحجر العريض الأملس. المراد به هنا مكان عال في أصل جبل أبي قبيس جنوب المسجد قريب من باب الصفا. وهو شبيه بالمصلي طوله ستة أمتار وعرضه ثلاثة وارتفاعه نحو مترين يصعد إليه بأربع درجات (والمروة) =
وهو وراءهم يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يدور به إزاره وهو يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي. أخرجه الشافعي وأحمد والدارقطني والبيهقي. وفي يوجد رسم سنده عبد الله بن المؤمل. وثقه ابن حبان
في الأصل واحد المروة. وهي الحجارة البيض. والمراد به هنا مكان مرتفع في أصل جبل قعيقعان في الشمال الشرقي للمسجد الحرام قرب باب السلام. وهو شبيه بالمصلي. وطوله أربعة أمتار في عرض مترين وارتفاعه نحو مترين. يصعد إليه بخمس درجات. والشارع الذي بين الصف والمروه هو المسعى. وسيأتي وصفه إن شاء الله تعالي. وقد أدخل في المسجد الحرام بمقتضى التوسعة السعودية سنة 1375 هـ. (انظر رسم ص 130 ورسم 5 ص 131)
وقال: يخطئ وضعفه غيره (1){163}
قال ابن المنذر: أن ثبت فهو حجة في الوجوب (ويقويه) حديث صفيه بنت شيبة أن امرأة أخبرتها أنها سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: كتب عليكم السعي فتسعوا. أخرجه أحمد. وفي سنده موسى بن عبيده وهو ضعيف. قاله الهيثمى (2){164}
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسعي. والأمر للفريضة عند المالك والشافعي «وقال» الحنفيون: هو ظني فلا يفيد إلا الوجوب وهو الصحيح عند أحمد.
«وقال» الترمذى: وأختلف أهل العلم فيمن لم يطف بين الصفا والمروة حتى رجع. فقال البعض: أن لم يطف بينهما حتى خرج من مكة فأن ذكر وهو قريب منها رجع فطاف بينهما وأن لم يذكر حتى أتى بلادة أجزأه وعليه دم. وهو قال الثوري. وقال بعضهم: لا يجزئه وهو قال الشافعي لأن الطواف بينهما ركن لا يجوز الحج إلا به (3)
ثم الكلام ينحصر في ستة مباحث.
(1)
ـ شروط السعي ـ يشترط لصحة السعي خمسة شروط: (الأول) كونه بعد طواف ولو تطوعا. وهو شرط عند مالك والشافعي وأحمد. واختاره صاحب اللباب من الحنفيين. والأصح عندهم أنه واجب
(1) ص 49 ج 2 بدائع المنن. وص 77 ج 12 - الفتح الرباني. وص 270 سنن الدارقطني. وص 98 ج 5 سنن البيهقي (السعي بين الصفا والمروة) و (تجراه) بكسر التاء أو فتحها فسكون الجيم فراء مهملة. والضمير في (يدور به) يرجع إلى الركعتين ، أي تدور إزاره بركبتيه.
(2)
ص 247 ج 3 مجمع الزوائد (ما جاء في السعي) ولعل المرأة هي حبيبة التي في الحديث الأول.
(3)
ص 93 ج 2 تحفة الأحوذي (يبدأها بالصفا قبل المروة).
لقول أبى هريرة رضى الله عنه ـ في قصة فتح مكة ـ: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم فدخل مكة فأقبل إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت ثم أتى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يكر الله عز وجل ودعا بما يشاء أن يدعو. أخرجه أبو داود والبيهقي (1){165}
فإن لم يتقدمه طواف بطل عند الثلاثة. ولزم فيه دم عند الحنفيين.
(الثاني) البدء في السعي بالصفا والختم بالمروة. وهو شرط عند مالك والشافعي وأحمد. واختاره صاحب اللباب من الحنفيين والأصح عندهم أنه واجب ، وأنه واجب لحديث جابر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف سبعا رمل ثلاثا والمروة ومشي أربعا ثم قرأ: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى. فصلى سجدتين وجعل المقام بينه وبين الكعبة ثم استلم الركن ثم خرج فقال: أن الصفا من شعائر الله. فابدءوا بما بدأ الله به. أخرجه النسائي والدارقطني من عدة طرق. وصححه ابن حزم (2). {166}
قال الترمذي: والعمل علي هذا عند أهل العلم أنه يبدأ بالصفا قبل المروه. فإن بدأ بالمروة قبل الصفا لم يجزه ويبدأ بالصفا (3)
(الثالث) قطع كل ما بين الصفا والمروة. فلو بقى منها بعض خطوة لم يصح سعيه حتى لو كان راكبا اشترط أن يسير دابته حتى تضع حافرها على الجبل أو إليه. ويجب على الماشي أن يلصق ـ في الابتداء
(1) انظر رقم 146 ص 203 ج 1 تكملة المنهل العذب (رفع اليدين إذا رأى البيت) وص 93 ج 5 سنن البيهقي (الخروج إلى الصفا والمروة).
(2)
ص 40 ج 2 مجتبي (القول بعد ركعتي الطواف) وص 270 سنن الدارقطني.
(3)
ص 93 ج 2 تحفة الأحوذي (يبدأ بالصفا قبل المروة).
والانتهاء ـ رجلة بالجبل بحيث لا يبقى بينهما فرجة عند الشافعي (1) ويجب على الماشي أن يلصق ـ في الابتداء
(وقال) غيره: لا يطلب إلصاق العقب بالصفا والمروة ، لأنه تنطع وتشديد وإنما المراعى في ذلك الشأن والعادة (2)
(الرابع) كون السعي في المسعى (3)
فلا يجوز السعي في غير موضعه لأنه مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف. وموضع السعي بطن الوادي. فأن التوي شيئا يسيرا أجزأه وأن عدل حتى دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا (4)
(الخامس) موالاة السعي بلا تفريق كثير عند مالك ورواية عن أحمد. فأن جلس خفيفا بين أشواطه للراحة أجزاه. وأن طال أو فعل ذلك عبثا ابتدأه. ولا يبيع ولا يشتري ولا يقف مع أحد يحدثه. فأن فعل وكان خفيفا لا يضر. وأن طال بطل وأعاده ولا يقطعه لإقامة صلاة بالمسجد إلا أن ضاق وقتها فيصليها ويبني. وأن دافعه البول أو الغائط توضأ وابتدأ السعي أن طال الفصل. والكلام فيه أخف من الكلام في الطواف (5)(وقال) الحنفيون والشافعي والجمهور: الموالاة بين أشواط السعي سنة. وهو ظاهر مذهب أحمد. فلو تخلل فصل يسير أو طويل بينها
(1) ص 69 ج 8 شرح المهذب.
(2)
ص 725 ج 1 الفجر المنير.
(3)
المسعى شارع عمومي بين الصفا والمروة. طوله نحو أربعمائة متر. من الصفا إلى الميل الأول 80 ثمانون مترا. وبين الميلين 70 سبعون مترا. وبعدهما إلى المروة نحو 250 خمسين ومائتي متر. وعرضه عشرون متراً. وقد بني في التوسعة السعودية من طابقين. وأقيم في وسط المسعى حاجز مرتفع قليلا جعله قسمين أحدهما للذهاب من الصفا والآخر للإياب من المروة (انظر رسم 4 ص 130 ورسم هـ ص 131)
(4)
ص 76 ج 8 شرح المهذب.
(5)
ص 724 ج 1 - الفجر المنير.
لم يضر. ولو أقيمت الصلاة وهو في أثناء السعي قطعه وصلاها ثم بنى عليه (1).
(2)
واجبات السعي - للسعي واجبات أخر.
(منها)(1) المشي فيه مع القدرة عند الحنفيين ومالك. فلا يركب إلا لعذر لا يقدر معه على المشي أو لداع آخر كتعليم الناس. وعليه يحمل ما تقدم عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليًشرف وليسألوه فأن الناس غشوه (2). فلو سعى راكباً بلا عذر لزمه هدى.
(وقال) الشافعي وأحمد: المشي في السعي سنة: لقول أبي الطفيل: قلت لابن عباس: حدثني عن الركوب بين الصفا والمروة ، فأن قومك يزعمون أنه سنة. فقال: صدقوا وكذبوا. قلت: ما صدقوا وكذبوا ماذا؟ قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فخرجوا حتى خرجت العواتق. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف وهو راكب ولو نزل لكان المشى أحب إليه. أخرجه أحمد وهذا لفظه. وأخرجه مسلم وأبو داود والبيهقي مطولا (3). {167}
(1) ص 73 ، 79 ج 8 شرح المهذب.
(2)
تقديم رقم 130 ص 170 (واجبات الحج).
(3)
ص 84 ج 12 - الفتح الرباني. وص 10 ج 9 نووي مسلم (الرمل في الطواف.) ورقم 159 ص 219 ج 1 تكملة المنهل العذب (في الرمل) وص 100 ج 5 سنن البيهقي. (وكذبوا ماذا) زاد أحمد في رواية فقال: صدقوا قد طاف بين الصفا والمروة على بعير. وكذبوا ليست بسنة (والعواتق) جمع عاتق وهي البكر البالغة أو المراهقة. سميت بذلك لأنها عتقت من ابتذالها في الخروج والتصرف الذي تفعله الطفلة الصغيرة (ولا يضرب عنده أحد) أي كما يفعل بين يدي الملوك ، لذلك ازدحموا عليه فركب صلى الله عليه وسلم دفعاً للزحام. ولولا شدة الزحام لنزل لأن المشي أحب إليه ، فكيف يكون الركوب سنة. فهم كذبوا في قولهم: هذا سنة.
فلو سعى راكبا جاز ولكنه خلاف الأولى ولا دم عليه. ولو سعى به غيرة محمولا جاز ، لكن الأولى سعيه بنفسه أن لم يكن صغيراً أو له عذر كمرض.
(2)
ويجب على من طلب منه طواف القدوم تقديم السعي على الوقوف بعرفة عند مالك وأحمد. وهو سنة عند الحنفيين وجابر عند الشافعية.
(3)
ويجب على من لم يطلب منه طواف قدوم تأخير السعي عن طواف الركن عند مالك وأحمد. وهو سنة عند الحنفيين وجائز عند الشافعية.
(3)
سنن السعي - وللسعي سنن أخرى المذكور منها هنا أربع عشرة:
(1)
يسن الخروج للسعي من باب الصفا.
(2)
وتسن الموالاة بين السعي والطواف عند الحنفيين ومالك وأحمد. فلو فرق بينهما ولو كثيراً جاز ولا دم عليه (وقالت) الشافعية: يجب عدم الفصل بينهما بالوقوف بعرفة. فأن تخللها الوقوف لم يجز السعي بعده قبل طواف الإفاضة بل يتعين حينئذ السعي بعد طواف الإفاضة.
(3 - 6) ويسن الصعود على كل من الصفا والمروة ، والذكر والدعاء عليهما بما أحب. والمأثور أفضل، لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثا ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير. ويصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو. ويصنع على المروة مثل ذلك. أخرجه الإمامان النسائي والبيهقي (1){168}
(1) ص 217 ج 2 زرقاني الموطإ (البدء بالصفا في السعي) وص 85 ج 12 - الفتح الرباني. وص 41 ج 2 مجتبي (التكبير على الصفا) وص 93 ج 5 سنن البيهقي (الخروج إلى الصفا .. ).
(ويدعو) أي يدعو ثلاث مرات على المشهور عند الجمهور. قيل يكرر الذكر ثلاثاً والدعاء مرتين (وقال) نافع: سمعت ابن عمر وهو على الصفا يدعو يقول: اللهم أنك قلت: أدعوني استجب لكم وأنك لا تخلف الميعاد. وأني أسألك كما هديتني للإسلام ألا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم. أخرجه مالك والبيهقي بسند صحيح على شرط الشيخين (1){49}
«
وعن» نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول على الصفا: اللهم اعصمنا بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك ، وجنبنا حدودك. اللهم اجعلنا نحبك ونحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك ونحب عبادك الصالحين. اللهم حببنا إليك وإلى ملائكتك وإلى أنبيائك ورسلك وإلى عبادك الصالحين. اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى وأغفر لنا في الآخرة والأولى واجعلنا من أئمة المتقين. أخرجه البيهقي (2){50}
والمرأة في ذلك كالرجل عن لم تزاحم.
(7 - 9) ويسن في السعي المشي على هينته من الصفا إلى الميل الأول - وهو عمود بجوار باب البغلة - ثم يرمل الرجل إلى الميل الثاني وهو بجوار باب على. ثم يمشي إلى المروة ، لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل من الصفا مشى حتى ذا أنصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى يخرج منه. أخرجه الإمامان والنسائي بسند جيد (3){169}
(1) ص 218 ج 2 زرقاني الموطإ (البدء بالصفا .. ) وص 94 ج 5 سنن البيهقي (الخروج إلى الصفا
…
)
(2)
ص 94 منه.
(3)
ص 221 ج 2 زرقاني الموطإ (جامع السعي) وص 80 ج 12 - الفتح الرباني. وص 42 ج 2 مجتبي (موضع المشي) و (انصبت قدماه) بشد الباء أي انحدرتا بسهولة. و (سعى) أي أسرع في المشي (حتى يخرج منه) أي من بطن الوادي فيمشي على العادة.
(10)
ويسن الذكر والدعاء في السعي بما أحب. ومن المأثور: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم أنك أنت الأعز الأكرم. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
(11 ، 12) ويسن للسعي الطهارة من الحدث والنجس وستر العورة عند الأئمة الأربعة والجمهور. فلو سعى محدثا ولو حدثا أكبر أو متنجسا أو مكشوف العورة صح سعيه ولا دم عليه. لكن كشف العورة حرام. وكذا يحرم على الجنب والحائض ، لأن المسعى ادخل في المسجد.
(13)
ويسن للناسك أن يتحرى لسعيه وطوافه وقت الخلوة وإذا ازدحم الناس لزمه التحرز من إيذائهم. ويستحب للمرأة أن تسعى ليلا لأنه أستر وأسلم لها ولغيرها من الفتنة. فأن طافت نهاراً اجاز وتسدل على وجهها ما يستره بلا مماسته البشرة (1).
(14)
ويسن عند الجمهور الاضطباع في كل السعي.
(4)
مكروهات السعي - يكره في السعي أمور منها.
(1)
ترك سنة من سننه.
(2)
ويكره صلاة ركعتين على المروة بعد السعي ، لنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم:
(3)
ويكره تكرير السعي ، لأنه لا يشرع في الحج إلا سعي واحد لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف هو ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً. أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي (2). {170}
(1) انظر رقم 168 ص 233 ج 1 تكملة المنهل العذب (طواف القارن) وباقي المراجع بهامش 1 منه. والمراد بالطواف السعي لقوله تعالى «فلا جناح عليه أن يطوف بهما» .
(2)
ص 75 ج 8 شرح المهذب.
(5)
كيفية السعي - إذا طاف الناسك وصلى ركعتين وشرب من ماء زمزم واستلم الحجر ، يستحب أن يخرج من باب الصفا برجله اليسرى قائلا: باسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ، ثم يصعد على الصفا حتى يرى الكعبة ويستقبلها ويكبر ويهلل ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو بالمأثور ، وبما احب من خيري الدنيا والآخرة كما تقدم (1) ثم ينزل من الصفا فيمشي على مهل قائلا: اللهم أحيني على سنة نبيك وتوفني على ملته وأعذني من مضلات الفتن برحمتك يا أرحم الراحمين. أخرجه البيهقي من قول ابن عمر (2). {51}
فإذا وصل بطن الوادي سعى بين الميلين الأخضرين سعياً شديداً قائلا: رب اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم. أخرجه البيهقي من قول ابن مسعود وابن عمر (3){52}
ثم يمشي على مهل حتى يصل المروة فيرقى عليها ويفعل كما فعل على الصفا. وهذا شوط. ثم يعود من المروة إلى الصفا وهكذا حتى يكمل سبعة أشواط. وقد جاء في كيفية السعي أحاديث أجمعها حديث جعفر بن محمد عن أبيه قال: دخلنا على جابر رضي الله عنه فذكر الحديث (في حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثم خرج من الباب إلى الصفا ثم قرأ «عن الصفا والمروة من شعائر الله» ثم قال: نبدأ بما بدأ الله به فرقى على الصفا حتى إذا نظر البيت كبر وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ،
(1) انظر حديث رقم 168 ص 136 وأثرى رقم 49 ، 50 ص 137.
(2)
ص 95 ج 5 سنن البيهقي (الخروج إلى الصفا والمروة.)
(3)
ص 95 ج 5 سنن البيهقي (الخروج إلى الصفا والمروة.)
لا إله إلا الله وحده أنجر وعده وصدق عبده وغلب الأحزاب وحده ثم دعا ثم رجع إلى هذا الكلام. ثم نزل حتى إذا نصبت قدماه في الوادي رمل حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة فرقى عليها حتى نظر إلى البيت فقال عليها كما قال على الصفا حتى كان آخر الطواف على المروة (1).
(6)
أصل مشروعية الطواف والسعي - الطواف والسعي من مناسك الحج وشعائره من عهد سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام. وقد ثبت أن هاجر أم إسماعيل سعت بين الصفا والمروة سبعا عند حاجتها للمساء حتى هداها الله تعالى إلى زمزم.
(قال) ابن عباس رضي الله عنهما: أقبل إبراهيم بإسماعيل عليهما السلام وأمه وهي ترضه ومعها شنة حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاه فيه ماء ، ثم قفي إبراهيم منطلقا ، ثم قال: وجعلت أم إسماعيل ترضعه وتشرب من ذلك الماء ، فلما نفد عطشت وعطش ولدها فجعلت تنظر إليه يتلوى ، فانطلقت كراهة أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل يليها فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعى الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ،
(1) هذا بعض حديث جابر الطويل الآتي في (حج النبي صلى الله عليه وسلم و (أنجز) أي وفي (وعده) بإظهار الدين (وصدق) بشد الدال (عبده) محمداً صلى الله عليه وسلم بتأييده بالمعجزات. وفي رواية أبي داود: ونصر عبده (وغلب الأحزاب وحده) أي هزمهم يوم الخندق بلا قتال من المسلمين ، قال تعالى: فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها (ثم رجع إلى هذا الكلام) أي إلى الذكر حتى كرره والدعاء ثلاثاً.
فنظرت هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبعا ، فذلك سعى الناس بينهما سبعاً (الأثر) أخرجه البخاري (1){53}
وحكمة مشروعية الطواف والسعي ، ما فيها من الأمر والطاعة وإحياء سنن المرسلين وتعظيم الشعائر التي أمر الله بتعظيمها «قالت» عائشة رضي الله عنها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمى الجمار لإقامة ذكر الله. أخرجه أحمد وأبو داود والدارمي والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح (2){171}
«
وأما الرمل» فيهما والاضطباع فهما خاصان بهذه الأمة. والحكمة فيها إظهار نشاط المسلمين وقوتهم ، «قال» ابن عباس رضي الله عنهما: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة وقد وهنتهم حمى يثرب ، فقال المشركون: أنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم الحمى. فأطلع الله النبي صلى الله عليه وسلم على ما قالوا: فأمرهم أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا بين الركنين. فلما رأوهم رملوا قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى وهنتهم هؤلاء أجلد منا. قال ابن عباس: فلم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا إبقاء عليهم. أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي والبيهقي (3). {172}
(1) ص 203 ج 3 تيسير الوصول (قصة إبراهيم وإسماعيل وأمه.) و (شنة) بفتح فشد النون ، أي قربة بالية صغيرة. و (الدوحة) الشجرة العظيمة.
(2)
انظر رقم 161 ص 226 ج 1 تكملة المنهل العذب (الرمل) وباقي المراجع بهامش 1 ص 227 منه.
(3)
ص 82 ج 5 سنن البيهقي (كيف كان بدو الرمل) وانظر رقم 160 ص 222 ج 1 تكملة المنهل العذب (الرمل) وباقي المراجع بهامش 1 ص 225 منه. و (يقدم) بفتح الدال من باب تعب (ويرمل) بضم الميم من باب طلب (والإبقاء) بكسر فسكون ، الرفق.