الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثاني والخمسون بعد المائة
علم غرائب التفسير التي
هي مردودة عند العلماء غير مقبولة
[النوع] الثاني والخمسون بعد المائة
علم غرائب التفسير [التي] هي مردودة عند العلماء
غير مقبولة
وقد ألف في ذلك الشيخ محمود بن حمزة الكرماني كتاباً سماه العجائب والغرائب، وضمنه أقوالاً من التفسير، لا يجوز الاعتماد عليها، وبعضها بعيدة عن المعنى المقصود، ولم يذكر ذلك إلا للتحذير منه، وأن لا يعتمد عليه.
وكذا ذكر جمع من أهل العلم في تأليفهم وكتبهم أقوالاً واهية في التفسير، لا يجوز اعتقادها.
من ذلك: قول بعض الوعاظ: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه: 43]: «أن فرعون واقع على القلب، وطغيانه إعراضه وقسوته عن ذكر الله تعالى» .
ومن ذلك قول بعض الشيعة في قصة النحل في قول الله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] أن المقصود من ذلك أهل البيت، وأن الشراب الذي يخرج من بطونها هو العلوم التي تستفاد منهم.
وقول بعض الرافضة -قاتلهم الله- في قول الله تعالى: «وكذلك ألقى السامري» [طه: 87]: هو عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [طه: 88]: هو أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه-، {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ} [طه: 90]: هو علي بن أبي طالب، -رضي الله تعالى عنه- إلى غير ذلك.
ومن ذلك ما نقله الزمخشري في الكشاف؛ قال: ومن البدع ما روي عن بعض الرافضة أنه قرأ: (فانصب) - بكسر الصاد- أي: فانصب علياً
للإمامة، ولو صح هذا للرافضي، لصح للناصبي، يقرأ هكذا، ويجعله أمراً بالنصب، الذي هو بغض علي وعداوته.
ومن ذلك قول من قال في: {حم (1) عسق} [الشورى: 1، 2]: إن الحاء حرب علي ومعاوية، والميم ولاية المروانية، والعين ولاية العباسي، والسين ولاية السفانية، والقاف قدوة مهدي. حكاه أبو مسلم، ثم قال: أردت أن يعلم أن فيمن يدعي العلم حمقى.
ومن ذلك قول من قال {الم} : معنى «ألف» ألف الله محمداً فبعثه نبياً، ومعنى لام لامه الجاحدون وأنكروه، ومعنى «ميم» ميم الجاحدون المنكرون، من الموم، وهو البرسام.
ومن ذلك قول من قال في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي
الْأَلْبَابِ} [البقرة: 179]: إنه قصص القرآن، واستدل بقراءة أبي الجوزاء:«ولكم في القصص» [البقرة: 179]: وهو بعيد، بل هذه القراءة [أفادت معنى غير معنى القراءة] المشهورة، وذلك من وجه إعجاز القرآن.
ومن ذلك ما ذكره ابن فورك في تفسيره في قوله تعالى: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]: أن إبراهيم كان له صديق وصفه بأنه «قلبه» ، أي: ليسكن هذا الصديق إلى هذه المشاهدة إذا رآها عياناً، قال الكرماني: وهذا بعيد جداً.
ومن ذلك قول من قال في قوله تعالى: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] أنه الحب والعشق، وقد حكاه الكواشي في تفسيره.
أقول: هذا التفسير ليس بعيداً عن المعنى، بل هو داخل في عموم ما لا طاقة لنا به.
ومن ذلك قول من قال في قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3]: أنه الذكر إذا قام.
ومن ذلك قول أبي معاذ النحوي في قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ
الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ} [يس: 80]: يعني: إبراهيم، ناراً: أي نوراً، وهو محمد صلى الله عليه وسلم:{فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80]: تقتبسون الدين.
وفي الكشاف: وقرئ: «سلسبيل» على منع الصرف لاجتماع العملية والتأنيث.
وقد عزوا إلى علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- أن معناه: سل سبيلاً إليها، وهذا غير مستقيم على ظاهره إلا أن يراد أن جملة قول القائل: سل سبيلاً جعلت علما للعين كما قيل: تأبط شراً، وذري غياً، وسميت بذلك لأنه لا يشرب منها إلا لمن سأل إليها سبيلاً بالعمل الصالح، وهو مع استقباضه في العربية تكلف وابتداع، وعزوه إلى مثل علي- رضي الله تعالى عنه- أبدع، وفي شعر بعض المحدثين:
سل سبيلاً فيها إلى راحة النف
…
س براح كأنها سلسبيل
انتهى.
وقد رأيته معزواً إلى ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-، والله أعلم.