الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
..............................................................................
فَوائدُ مهمَّة في الصَّلاةِ على نبيِّ الأُمَّة صلى الله عليه وسلم
وهذه فوائد تتعلق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، تعمدت ذكرها؛ لغفلة أكثر الناس عنها:
الفائدة الأولى:
اشتهر السؤال بين العلماء عن وجه التشبيه في قوله: " كما
صليت
…
" إلخ، مع أن المقرر أن المشبَّه دون المشبه به. والواقع هنا عكسه؛ إذ إن محمداً صلى الله عليه وسلم
وحده أفضل من آل إبراهيم بما فيهم إبراهيم نفسه، ولا سيما وقد أضيف إليه صلى الله عليه وسلم آل
محمد، وقضية كونه أفضل أن تكون الصلاة المطلوبة أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل.
وقد أجاب العلماء عن ذلك بأجوبة كثيرة أوردها ابن القيم في " الجلاء " (186 -
198) ، ثم الحافظ في " الفتح "(11/134 - 136) . وقد بلغت نحو عشرة أقوال، بعضها
أشد ضعفاً من بعض، إلا قولاً واحداً؛ فإنه أقواها وأصحها، وقد استحسنه ابن القيم؛
تبعاً لشيخه في " الفتاوى "(1/165)، وهو قول من قال:
إن آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم، فإذا طُلب للنبي صلى الله عليه وسلم
ولآله من الصلاة عليه مثل ما لإبراهيم وآله، وفيهم الأنبياء؛ حصل لآل محمد صلى الله عليه وسلم من
ذلك ما يليق بهم؛ فإنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء، وتبقى الزيادة التي للأنبياء وفيهم
إبراهيم لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ فيحصل له من المزية ما لا يحصل لغيره. قال ابن القيم (197) :
" وهذا أحسن من كل ما تقدم، وأحسن منه أن يقال: محمد صلى الله عليه وسلم هو من آل
إبراهيم، بل هو خير آل إبراهيم؛ كما روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله
عنه في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ}
[3: 33] . قال ابن عباس رضي الله عنه: محمد من آل إبراهيم.
وهذا نص؛ إذ أدخل غيره من الأنبياء - الذين هم من ذرية إبراهيم - في آله؛
فدخول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى. فيكون قولنا: " كما صليت على آل إبراهيم ". متناولاً
للصلاة عليه، وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم، ثم قد أمرنا الله أن نصلي عليه وعلى
آله خصوصاً بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عموماً، وهو فيهم، ويحصل لآله
..............................................................................
من ذلك ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له صلى الله عليه وسلم ". قال:
" ولا ريب أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم أكمل من الصلاة
الحاصلة له دونهم؛ فيُطلب له من الصلاة هذا الأمرُ العظيم الذي هو أفضل مما لإبراهيم قطعاً.
ويظهر حينئذٍ فائدة التشبيه، وجريه على أصله، وأن المطلوب له من الصلاة بهذا
اللفظ أعظم من المطلوب له بغيره؛ فإنه إذا كان المطلوب بالدعاء إنما هو مثل المشبَّه به
- وله أوفر نصيب منه -؛ صار له من المشبَّه المطلوبِ أكثر مما لإبراهيم وغيره، وانضاف إلى
ذلك مما له من المشبَّه به من الحصة التي لم تحصل لغيره. فظهر بهذا من فضله وشرفه
على إبراهيم وعلى كلٍّ مِنْ آله - وفيهم النبيون - ما هو اللائق به، وصارت هذه الصلاة
دالةً على هذا التفضيل، وتابعةً له، وهي من موجباته ومقتضياته.
فصلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً، وجزاه عنا أفضل ما جزى نبياً عن أمته.
اللهم! صلِّ على محمد، وعلى آل محمد؛ كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد
مجيد. وبارك على محمد، وعلى آل محمد؛ كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ".
واعلم أنه لم يرد في أكثر هذه الأنواع من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ذكرُ إبراهيم نفسه
مستقلاً عن آله؛ بل قال:
" كما صليت على آل إبراهيم ".
والسبب في ذلك ما تقدم بيانه؛ أن آل الرجل يتناوله كما يتناول غيره ممن يؤوله.
قال شيخ الإسلام في " الفتاوى "(1/163) :
" إذا أطلق لفظ: (آل فلان) في الكتاب والسنة؛ دخل فيه فلان، كما في قوله
تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ} ، وقوله
تعالى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} ، وقوله:{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ} ،