الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
(*)
كل ما تقدم من صفة صلاته صلى الله عليه وسلم يستوي فيه الرجال والنساء، ولم يرد في
السنة ما يقتضي استثناء النساء من بعض ذلك؛ بل إن عموم قوله صلى الله عليه وسلم:
" صلوا كما رأيتموني أصلي ".
يشملهن، وهو قول إبراهيم النَّخَعي؛ قال:
" تفعل المرأة في الصلاة كما يفعل الرجل ".
أخرجه ابن أبي شيبة (1/75/2) بسند صحيح عنه.
وحديث انضمام المرأة في السجود، وأنها ليست في ذلك كالرجل؛ مرسل
لاحجة فيه.
رواه أبو داود في " المراسيل "(117/87) عن يزيد بن أبي حبيب. وهو
مخرج في " الضعيفة "(2652)[وانظر (ص 637) ] .
وأما ما رواه الإمام أحمد في " مسائل ابنه عبد الله عنه "(ص 71) عن ابن عمر:
أنه كان يأمر نساءه يتربعن في الصلاة.
فلا يصح إسناده؛ لأن فيه عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف.
وروى البخاري (**) في " التاريخ الصغير "(ص 95) بسند صحيح عن أم
الدرداء:
أنها كانت تجلس في صلاتها جِلْسَةَ الرجل. وكانت فقيهة.
* * *
(*) هي من مطبوع " الصفة ".
(**) وأورده معلقاً في " صحيحه ".
إلى هنا ينتهي كتاب
" صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم "
مع تخريجه، والتعليق عليه
وكان الفراغ منه أصيل يوم الاثنين الواقع (19 شعبان سنة 1366) من هجرة سيد المرسلين.
وإني أرجو الله تعالى أن يبارك لي في عمري، ووقتي،
ويوفقني أن أجمع كل ما يتعلق بالصلاة، وكذا الطهارة؛
مما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، في أجزاء خاصة، سهلة التناول والترتيب، بعيدة عن الحشو والتعقيد،
إنه تعالى سميع مجيب.
وأختم كتابي هذا بكفارة المجلس:
" سبحانك اللهم! وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ".
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وآخر دعوانا:
* * *
تيسيراً على القراء الكرام
رأينا تجميعَ
متن
" صفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم "
ووضعه في نهاية الكتاب؛ ليكون عوناً لهم على تصور
صفة الصلاة
من بدايتها إلى نهايتها.
استقبال الكعبة
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة؛ استقبل الكعبة في الفرض والنفل،
وأمر صلى الله عليه وسلم بذلك؛ فقال لـ (المسيء صلاته) : " إذا قمتَ إلى الصلاة؛ فأسبغ الوضوء، ثم
استقبل القبلة، فكبر ".
و" كان صلى الله عليه وسلم في السفر يصلي النوافل على راحلته، ويوتر عليها حيث توجهت به
[شرقاً وغرباً] ". وفي ذلك نزل قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (البقرة: 115) .
و" كان يركع ويسجد على راحلته إيماءً برأسه، ويجعل السجود أخفض من الركوع ".
و" كان - أحياناً - إذا أراد أن يتطوع على ناقته؛ استقبل بها القبلة، فكبر، ثم صلى حيث
وجَّهَهُ ركابُه ". و " كان إذا أراد أن يصلي الفريضة؛ نزل، فاستقبل القبلة ".
وأما في صلاة الخوف الشديد؛ فقد سنَّ صلى الله عليه وسلم لأمته أن يصلوا " رجالاً؛ قياماً على
أقدامهم، أو ركباناً؛ مستقبلي القبلة، أو غير مستقبليها ". وقال صلى الله عليه وسلم: " إذا اختلطوا؛ فإنما
هو التكبير والإشارة بالرأس ". وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " ما بين المشرق والمغرب قبلة ".
وقال جابر رضي الله عنه: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرةٍ أو سريَّة، فأصابنا غيم،
فتحرَّينا واختلفنا في القبلة؛ فصلى كلُّ رجل منا على حدة، فجعل أحدنا يخطُّ بين
يديه؛ لنعلم أمكنتنا، فلما أصبحنا؛ نظرناه، فإذا نحن صلينا على غير القبلة، فذكرنا
ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، [فلم يأمرنا بالإعادة]، وقال:" قد أجزأت صلاتكم " ".
و" كان صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس -[والكعبة بين يديه]- قبل أن تنزل هذه الآية:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ
الحَرَامِ} (البقرة: 144) . فلما نزلت؛ استقبل الكعبة. فبينما الناس بقُباء في صلاة الصبح؛
إذ جاءهم آتٍ، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمِرَ أن يستقبل
الكعبة؛ [ألا] فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا، [واستدار إمامهم
حتى استقبل بهم القبلة] ". (ص 55 - 78) .
القيام
و" كان صلى الله عليه وسلم يقف فيها قائماً، في الفرض والتطوع؛ ائتماراً بقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ
قَانِتِينَ} (البقرة: 238) .
وأما في السفر؛ فكان يصلي على راحلته النافلة.
وسَنَّ لأمته أن يصلوا في الخوف الشديد على أقدامهم، أو ركباناً - كما تقدم -،
وذلك قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. فَإِنْ
خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} (البقرة:
238) .
و" صلّى صلى الله عليه وسلم في مرضِ موته جالساً ". وصلاها كذلكَ مرةً أخرى قبل هذه؛ حين
" اشتكى، وصلّى الناسُ وراءَه قياماً؛ فأشارَ إليهم أنِ اجْلِسُوا؛ فجلسوا، فلما انصرفَ؛
قال: " إنْ كِدْتُمْ آنفاً لتفعلون فِعْلَ فارسَ والروم: يقومون على مُلوكهم وهم قُعود، فلا
تفعلوا؛ إنما جُعِلَ الإمامُ ليُؤْتَمَّ به؛ فإذا ركع؛ فاركعوا، وإذا رفع؛ فارفعوا، وإذا صلى
جالساً؛ فصلُّوا جلوساً [أجمعون]" ". (ص 79 - 90) .
صلاة المريض جالساً
وقال عمرانُ بن حصين رضي الله عنه: " كانتْ بي بَوَاسير، فسألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال: " صلِّ قائماً، فإن لم تستطعْ؛ فقاعداً، فإن لم تستطعْ؛ فعلى جنبٍ " "، وقال أيضاً:
"سألتُهُ صلى الله عليه وسلم عن صلاةِ الرجل وهو قاعد؟ فقال: " مَنْ صلّى قائماً؛ فهو أفضلُ، ومن
صلى قاعداً؛ فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً (وفي رواية: مضطجعاً) ؛ فله نصف
أجر القاعد " ". والمراد به المريض؛ فقد قال أنس رضي الله عنه. " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
على ناس وهم يصلون قعوداً من مرض، فقال: " إن صلاة القاعد على النصف من صلاة
القائم " ". و " عاد صلى الله عليه وسلم مريضاً، فرآه يصلي على وسادة؛ فأخذها، فرمى بها، فأخذ عوداً؛
ليصلي عليه، فأخذه، فرمى به، وقال: " صلِّ على الأرض إن استطعت، وإلا؛ فَأَوْمِ إيماءً،
واجعل سجودك أخفض من ركوعك " ". (ص 91 - 100) .
الصلاةُ في السَّفينة
وسُئل صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفينة؟ فقالَ: " صَلِّ فيها قائماً؛ إلا أن تخاف
الغرق ". (101) .
الاعتماد على عمود ونحوه في الصلاة
ولمَّا أسنَّ صلى الله عليه وسلم وكبر؛ اتخد عموداً في مصلاه يعتمد عليه. (ص 102 - 103) .
القيام والقُعود في صلاة الليل
و" كان صلى الله عليه وسلم يصلي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً قاعداً، وكان إذا قرأ قائماً؛ ركع
قائماً، وإذا قرأ قاعداً؛ ركع قاعداً ". و " كان أحياناً يصلي جالساً، فيقرأ وهو جالس، فإذا
بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية؛ قام فقرأها وهو قائم، ثم ركع وسجد،
ثم يصنع في الركعة الثانية مثل ذلك ". وإنما " صلى السُّبحَة قاعداً في آخر حياته لما
أسَنَّ؛ وذلك قبل وفاته بعام ". و " كان يجلس متربعاً ". (ص 104 - 107) .
الصلاةُ في النِّعال، والأمْرُ بها
و" كان يقف حافياً أحياناً، ومنتعلاً أحياناً ". وأباح ذلك لأمته؛ فقال: " إذا صلى
أحدكم؛ فليلبس نعليه، أو ليخلعهما بين رجليه، ولا يُؤْذِي بهما غيره ". وأكد عليهم
الصلاة فيهما أحياناً؛ فقال: " خالفوا اليهود؛ فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم ".
وكان ربما نزعهما من قدميه وهو في الصلاة، ثم استمر في صلاته؛ كما قال أبو سعيد
الخدري: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فلما كان في بعض صلاته؛ خلع نعليه،
فوضعهما عن يساره، فلما رأى الناس ذلك؛ خلعوا نعالهم، فلما قضى صلاته؛ قال:
" ما بالكم ألقيتم نعالكم؟ ". قالوا: رأيناك ألقيت نعليك؛ فألقينا نعالنا. فقال: " إن جبريل
أتاني، فأخبرني أن فيها قذراً - أو قال: أذى - (وفي رواية: خبثاً) ؛ فألقيتهما، فإذا جاء
أحدكم إلى المسجد؛ فلينظر في نعليه: فإن رأى فيهما قذراً - أو قال: أذى - (وفي
الرواية الأخرى: خبثاً) ؛ فليمسحهما، ولْيصلِّ فيهما ". و " كان إذا نزعهما؛ وضعهما عن
يساره ". وكان يقول: " إذا صلى أحدكم؛ فلا يضع نعليه عن يمينه، ولا عن يساره؛ فتكونَ
عن يمين غيره؛ إلا أن لا يكون عن يساره أحد، ولْيضعْهُما بين رجليه ". (ص 108 - 112) .
الصلاةُ على المنبر
و" صلى صلى الله عليه وسلم مرةً - على المنبر (وفي رواية: أنه ذو ثلاث درجات) ، فـ[قام عليه،
فكبر، وكبر الناس وراءه وهو على المنبر] ، [ثم ركع وهو عليه] ، ثم رفع، فنزل القهقرى
حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد، [فصنع فيها كما صنع في الركعة الأولى] ، حتى
فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس، فقال: " يا أيها الناس! اني صنعت هذا؛
لتأتموا بي، ولِتَعلَّموا صلاتي ". (ص 113) .
السُّتْرَةُ ووجُوبها
و" كان صلى الله عليه وسلم يقف قريباً من السترة؛ فكان بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع، وبين موضع
سجوده والجدار ممر شاة ". وكان يقول: " لا تُصلِّ إلا إلى سترة، ولا تدع أحداً يمر بين
يديك، فإن أبى؛ فلتقاتله؛ فإن معه القرين ". ويقول: " إذا صلى أحدكم إلى سترة؛
فَلْيَدْنُ منها؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته ". و " كان أحياناً يتحرى الصلاة عند
الأُسْطُوَانَةِ التي في مسجده ". و " كان إذا صلى [في فضاء ليس فيه شيء يستتر به] ؛
غرز بين يديه حَرْبَةً، فصلى إليها والناس وراءه ". وأحياناً " كان يَعْرِضُ راحلته، فيصلي
إليها ". وهذا خلاف الصلاة في أعطان الإبل؛ فإنه " نهى عنها ". وأحياناً " كان يأخذ
الرحل، فَيَعْدِلُه، فيصلي إلى آخرته "، وكان يقول: " إذا وضع أحدكم بين يديه مثل
مُؤْخِرَة الرحل؛ فليصلِّ، ولا يبالي من مَرَّ وراء ذلك ". و " صلى - مرة - إلى شجرة ".
و" كَان أحياناً يصلي إلى السرير، وعائشة رضي الله عنها. مضطجعة عليه [تحت
قطيفتها] ". وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع شيئاً يمر بينه وبين السترة؛ فقد " كان - مرة - يصلي؛ إذ
جاءت شاة تسعى بين يديه، فَسَاعَاهَا حتى ألزق بطنه بالحائط، [ومرت من ورائه] ".
و" صلى صلاة مكتوبة، فضم يده، فلما صلى؛ قالوا: يا رسول الله! أحدث في الصلاة
شيء؟ قال: " لا؛ إلا أن الشيطان أراد أن يمر بين يدي، فَخَنَقْتُه، حتى وجدت بَرْدَ لسانه
على يدي. وايم الله! لولا ما سبقني إليه أخي سليمان؛ لارْتُبِطَ إلى سارية من سواري
المسجد، حتى يَطِيْفَ به وِلْدَانُ أهل المدينة، [فمن استطاع أن لا يحول بينه وبين القبلة
أحد؛ فليفعل] ". وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس،
فأراد أحد أن يجتاز بين يديه؛ فليدفع في نحره، [وليدرأ ما استطاع] (وفي رواية:
فليمنعه، مرتين) ، فإن أبى؛ فليقاتله؛ فإنما هو شيطان ". وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " لو يعلم المارُّ بين
يدي المصلي ماذا عليه؛ لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه ". (ص 114 - 129) .
ما يَقْطَعُ الصَّلاةَ
وكان يقول: " يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرحل: المرأة
[الحائض] ، والحمار، والكلب الأسود ". قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله! ما بالُ الأسود
من الأحمر؟ فقال: " الكلب الأسود شيطان ". (ص 130 - 139) .
الصلاةُ تجاه القبر
وكان ينهى عن الصلاة تجاه القبر؛ فيقول: " لا تجلسوا على القبور، ولا تُصَلُّوا
إليها ". (ص 140 - 144) .
اللباسُ في الصلاة
وكان صلى الله عليه وسلم يدخل في الصلاة بما تيسر عليه من الثياب، فلم يكن يتخذ لها ثوباً
خاصاً؛ إلا صلاة الجمعة - كما سيأتي -؛ فكان تارة " يصلي في حلة حمراء " (وهي
ثوبان: إزار، ورداء) ، وكان يأمر بهما؛ فيقول:" إذا صلى أحدكم؛ فليأتزر، وليرتد ".
حتى " نهى أن يصلي الرجل في سراويل وليس عليه رداء ". وإنما أراد به القادر على
الرداء؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: " إذا صلى أحدكم؛ فليلبس ثوبيه؛ فإن الله أحق
من يُزَّيَّنُ له، فإن لم يكن له ثوبان؛ فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته
اشتمال اليهود ".
وتارة " في جُبَّةٍ شامية ضيقةِ الكُمَّين "، حتى إنه " لما أراد الوضوء؛ ذهب يخرج يده
من كُمِّها ليتوضأ؛ فضاقتْ عليه، فأخرج يده من أسفلها ". وكان تحت الجبة قميص أو
إزار.
وكان أحياناً " يصلي في بُرْدٍ له حضرميٍّ مًتَوَشِّحَه، ليس عليه غيره ".
و" في ثوب واحد؛ مخالفاً بين طرفيه، يجعلهما على منكبيه. و " آخر صلاة صلاها
في ثوب قِطْرِيٍّ متوشحاً به "، وقال: " إذا صلَّى أحدُكم في ثوبٍ واحدٍ؛ فَلْيُخَالِفْ بين
طَرفيه [على عاتِقَيْهِ] . وفي لفظ: " لا يصلِّي أحدُكم في الثوبِ الواحد ليس على
عاتِقَيْه منه شيءٌ ". وقيد ذلك بالثوب الواسع؛ فقال: " إذا صلَّيتَ وعليك ثوبٌ واحد،
فإن كان واسعاً؛ فالتحف به، وإن كان ضيقاً؛ فاتزر به "، و " قال له رجل: أيصلي أحدنا
في ثوب واحد؟ فقال: " أَوَ كلكم يجد ثوبين؟! " ". وقال له آخر: إني أصيد؛ أفأصلي
في القميص الواحد؟ قال: " نعم؛ وزُرَّهُ ولو بشوكة " ".
و" كان يصلي في مِرْطٍ بعضُه على زوجه وهي حائض ". و " كان يصلي في الثوب
الذي يصيب فيه أهله إذا لم يَرَ فيه أذى ".
و" كان يصلي المغرب في فَرُّوج من حرير - وهو القَباء -، فلما قضى صلاته؛ نزعه
نزعاً شديداً كالكاره له، ثم ألقاه، ثم قال:" لا ينبغي هذا للمتقين " ".
وقد " صلى في خَمِيْصَةٍ لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف؛ قال:
" اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جَهْمٍ، وائتوني بأنْبِجَانِيَّة أبي جهم؛ فإنها ألهتني آنفاً عن
صلاتي (وفي رواية: فإني نظرتُ إلى عَلَمِها في الصلاة، فكاد يفتنني) ". (ص 145 - 170) .
المرأة تصلي بخمار
وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ". (ص 171 - 173) .
النِّيَّةُ
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ". (ص 174) .
التكبير
ثم كان صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بقوله: " الله أكبر "، وأمر بذلك (المسيء صلاته) - كما
تقدم -، وقال له: " إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء
مواضعه، ثم يقول: الله أكبر ". وكان يقول: " مفتاح الصلاة الطُّهور، وتحريمها التكبير،
وتحليلها التسليم ". و " كان صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالتكبير حتى يُسْمع مَنْ خلْفَه ". و " كان إذا
مرض؛ رفع أبو بكر رضي الله عنه صوته؛ يُبَلِّغ الناس تكبيره صلى الله عليه وسلم ". وكان يقول: " إذا
قال الإمام: الله أكبر؛ فقولوا: الله أكبر ". (ص 175 - 192) .
رَفْعُ اليدَيْنِ
و" كان يرفع يديه تارةً مع التكبير، وتارةً قبله، وتارةً بعده ". و " كان يرفعهما ممدودة
الأصابع، [لا يفرج بينها، ولا يضمها]". و " كان يجعلهما حذو منكبيه، وربما رفعهما
حتى يحاذي بهما [فروع] أذنيه ". (ص 193 - 204) .
وَضْعُ اليمنى على اليُسرى، والأمرُ به
و" كان صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى ". وكان يقول: " إنَّا - معشرَ الأنبياء -
أُمِرْنا بتعجيل فطرنا، وتأخير سحورنا، وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة ". و " مر
برجل وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى؛ فانتزعها، ووضع اليمنى على
اليسرى ". (ص 205 - 208) .
وضعُهُمَا على الصَّدْرِ، والنهي عن الاختصار
و" كان صلى الله عليه وسلم يضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ". و " أمر بذلك أصحابه ".
و" كان - أحياناً - يقبض باليمنى على اليسرى ". و " كان يضعهما على الصدر ".
و" كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن الاختصار في الصلاة "، وهو الصَّلْبُ الذي كان ينهى عنه.
(ص 209 - 229) .
النَّظَرُ إلى مَوْضع السُّجُودِ، والخُشُوعُ
و" كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى؛ طأطأ رأسه، ورمى ببصره نحو الأرض ". و " لما دخل الكعبة
ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها ". وقال صلى الله عليه وسلم: " لا ينبغي أن يكون في
البيت شيء يشغل المصلي ".
و" كان ينهى عن رفع البصر الى السماء "، ويؤكد في النهي حتى قال: " لينتهِيَنَّ
أقوام يرفعون أبصارهم الى السماء في الصلاة؛ أو لا ترجع اليهم (وفي رواية: أو
لتخطفن أبصارهم) ".
وفي حديث آخر: " فإذا صليتم؛ فلا تلتفتوا؛ فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في
صلاته؛ ما لم يلتفت ". وقال أيضاً عن التلفت: " اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة
العبد ". وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الله مقبلاً على العبد في صلاته؛ ما لم يلتفت، فإذا صرف
وجهه؛ انصرف عنه ". و " نهى عن ثلاث: عن نُقرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء
الكلب، والتفات كالتفات الثعلب ".
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " صل صلاة مودع كأنك تراه، فإن كنت لا تراه؛ فإنه يراك ".
ويقول: " ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها، وخشوعها،
وركوعها؛ إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب؛ ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله ".
وقد " صلى صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام، فنظر الى أعلامها نظرة، فلما انصرف؛
قال: " اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وائتوني بأنبجانية أبي جهم؛ فإنها ألهتني
آنفاً عن صلاتي (وفي رواية: " فإني نظرت الى عَلَمِها في الصلاة، فكاد يفتنني) ".
وكان لعائشة ثوب فيه تصاوير ممدود الى سهوة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه، فقال:
" أخِّريه عني؛ [فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي] ".
وكان يقول: " لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان ". (ص 230 - 237) .
أدعية الاستفتاح
ثم كان صلى الله عليه وسلم يستفتح القراءة بأدعية كثيرة متنوعة، يحمد الله تعالى فيها، ويمجده
ويثني عليه، وقد أمر بذلك (المسيء صلاته)، فقال له: " لا تتم صلاة لأحد من الناس
حتى يكبر، ويحمد الله جل وعزّ، ويثني عليه، ويقرأ بما تيسر من القرآن
…
"، وكان
يقرأ تارة بهذا، وتارة بهذا؛ فكان يقول:
1-
" اللهم! باعد بيني وبين خطاياي؛ كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم!
نَقَّنِي من خطاياي؛ كما ينقى الثوب الأبيض من الدنَسِ. اللهم! اغسلني من خطاياي
بالماء والثَّلْج والبَرَدِ ". وكان يقوله في الفرض. وهو أصح أدعية إلاستفتاح سنداً.
2-
" وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً [مسلماً] ، وما أنا من
المشركين. إن صلاتي، ونُسُكي، ومحيايَ، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له؛
وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين. اللهم! أنت الملك لا إله إلا أنت [سبحانك
وبحمدك] ، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذ نبي؛ فاغفر لي ذنبي
جميعاً؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. واهدني لأحسن الأخلاق؛ لا يهدي لأحسنها إلا
أنت. واصرف عني سيئها؛ لا يصرف عني سيئها إلا أنت. لبيك وسعديك، والخير كله
في يديك، والشر ليس إليك، [والمهدي من هديت] ، أنا بك وإليك، [لا منجا ولا ملجأ
منك إلا إليك] ، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك ". وكان يقول ذلك في
الفرض والنفل.
3-
مثله دون قوله: " أنت ربي، وأنا عبدك
…
" إلخ، ويزيد: " اللهم! أنت الملك، لا
إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك ".
4-
مثله - أيضاً - إلى قوله: " وأنا أول المسلمين "، ويزيد: " اللهم! اهدني لأحسن
الأخلاق وأحسن الأعمال؛ لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأخلاق
والأعمال؛ لا يقي سيئها إلا أنت ".
5-
" سبحانك اللهم! وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك ".
وقال صلى الله عليه وسلم: " إن أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد: سبحانك اللهم!
…
".
6-
مثله، ويزيد في صلاة الليل:" لا إله إلا الله (ثلاثاً) ، الله أكبر كبيراً (ثلاثاً) ".
7-
" الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً "؛ استفتح به رجل
من الصحابة، فقال صلى الله عليه وسلم:" عجبت لها! فتحت لها أبواب السماء ".
8-
" الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه "؛ استفتح به رجل آخر، فقال صلى الله عليه وسلم:
" لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها؛ أيهم يرفعها ".
9-
" اللهم! لك الحمد؛ أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن. ولك الحمد؛ أنت
قَيِّمُ السماوات والأرض ومن فيهن. [ولك الحمد؛ أنت ملِك السماوات والأرض ومن
فيهن] . ولك الحمد؛ أنت الحق، ووعدك حق، وقولك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق،
والنار حق، والساعة حق، والنبيون حق، ومحمد حق. اللهم! لك أسلمت، وعليك
توكلت، وبك آمنت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت؛ [أنت ربنا،
وإليك المصير؛ فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت] ، [وما أنت أعلم
به مني] ؛ أنت المقدِّم، وأنت المؤخِّر، [أنت إلهي] ، لا إله إلا أنت، [ولا حول ولا قوة إلا
بك] ". وكان يقوله صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل؛ كالأنواع الآتية:
10-
" اللهم! رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل! فاطر السماوات والأرض! عالم
الغيب والشهادة! أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون؛ اهدني لما اختُلِفَ فيه
من الحق بإذنك؛ إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ".
11-
" كان يكَبِّرُ (عَشْراً) ، ويَحْمَدُ (عَشْراً) ، ويُسَبِّحُ (عَشْراً) ، ويُهَلِّل (عَشْراً) ،
ويستغفر (عَشْراً)، ويقول:" اللهم! اغفر لي، واهدني، وارزقني، [وعافني] "(عَشْراً) .
ويقول: " اللهم! إني أعوذ بك من الضيق يوم الحساب "(عَشْراً) ".
12-
" الله أكبر [ثلاثاً] ، ذو الملكوت، والجبروت، والكبرياء، والعظمة ". (ص 238 - 269) .
القراءة
ثم كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله تعالى؛ فيقول: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ من
هَمْزِه، ونَفْخِه، ونَفْثِه ". وكان - أحياناً - يزيد فيه فيقول: " أعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان
…
". ثم يقرأ: {بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، ولا يجهر بها. (ص 270 - 292) .
القراءةُ آيةً آيةً
ثم يقرأ {الفَاتِحَة} ، ويُقطعها آية آية:{بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، [ثم يقف، ثم
يقول:] {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} ، [ثم يقف، ثم يقول:]{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، [ثم يقف،
ثم يقول:] {مَالِكِ يَوْمِ الدَّينِ} ، وهكذا إلى آخر السورة. وكذلك كانت قراءته كلها؛
يقف على رؤوس الآي، ولا يصلها بما بعدها. وكان تارة يقرؤها:{مَلِكِ يَوْمِ الدَّينِ} .
وتارة: {مَالِكِ يَوْمِ الدَّينِ} . (ص 293 - 299) .
رُكنيةُ {الفَاتِحَة} وفضائلُها
وكان صلى الله عليه وسلم يعظم من شأن هذه السورة؛ فكان يقول: " لا صلاة لمن لم يقرأ [فيها] بـ:
{فاتحة الكتاب} [فصاعداً]". وفي لفظ: " لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها بـ: {فاتحة
الكتاب} ". وتارة يقول: " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بـ: {فاتحة الكتاب} ؛ فهي
خداج، هي خداج، هي خداج؛ غير تمام ".
ويقول: " قال الله تبارك وتعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فنصفها
لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرؤوا: يقول العبد:
{الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} ؛ يقول الله تعالى: حمدني عبدي. ويقول العبد: {الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ} ؛ يقول الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي. ويقول العبد: {مَالِكِ يَوْمِ الدَّينِ} ؛ يقول
الله تعالى: مَجَّدَني عبدي. يقول العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ؛ [قال:] فهذه
بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. يقول العبد: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ
الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلْيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ؛ [قال:] فهؤلاء لعبدي،
ولعبدي ما سأل ".
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " ما أنزل الله عز وجل في التوراة، ولا في الإنجيل مثل {أم
القرآن} ؛ وهي السبع المثاني [والقرآن العظيم الذي أوتيته] ".
وأمر صلى الله عليه وسلم (المسيء صلاته) أن يقرأ بها في صلاته، وقال لمن لم يستطع حفظها: " قل:
سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ". وقال لـ
(المسيء صلاته) : " فإن كان معك قرآن؛ فاقرأ به، وإلا؛ فاحمد الله، وكبِّره، وهلله ".
(ص 300 - 326) .
نَسْخُ القراءةِ وراءَ الإمام في الجهرية
وكان صلى الله عليه وسلم قد أجاز للمؤتمين أن يَقرؤوا بها وراء الإمام في الصلاة الجهرية؛ حيث
كان في صلاة الفجر، فقرأ، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ؛ قال: " لعلكم تقرؤون خلف
إمامكم؟ ". قلنا: نعم؛ هذّاً يا رسول الله! قال: " لا تفعلوا؛ إلا [أن يقرأ أحدكم] بـ:
{فاتحة الكتاب} ؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ".
ثم نهاهم صلى الله عليه وسلم عن القراءة كلها في الجهرية، وذلك حينما " انصرف من صلاة جهر
فيها بالقراءة (وفي رواية: أنها صلاة الصبح)، فقال:" هل قرأ معي منكم أحد آنفاً؟! ".
فقال رجل: نعم؛ أنا يا رسول الله! فقال: " إني أقول: ما لي أنازع؟! ". [قال أبو هريرة:]
فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة حين
سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، [وقرؤوا في أنفسهم سرّاً فيما لا يجهر فيه الإمام] ".
وجعل الإنصات لقراءة الإمام من تمام الائتمام به؛ فقال: " إنما جعل الإمام ليؤتم به،
فإذا كبر؛ فكبروا، وإذا قرأ؛ فأنصتوا ". كما جعل الاستماع له مغنياً عن القراءة وراءه؛
فقال: " من كان له إمام؛ فقراءة الإمام له قراءة ". هذا في الجهرية. (ص 327 - 364) .
وُجُوبُ القراءة في السِّرِّيَّةِ
وأما في السرية؛ فقد أقرهم على القراءة فيها، فقال جابر: " كنا نقرأ في الظهر
والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بـ: {فاتحة الكتاب} وسورة، وفي الأخريين
بـ: {بفاتحة الكتاب} ". وإنما أنكر التشويش عليه بها، وذلك حين " صلى الظهر
بأصحابه؛ فقال: " أيُّكم قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}
؟ ". فقال رجل: أنا، [ولم أرد
بها إلا الخير] . فقال صلى الله عليه وسلم: " قد عرفت أن رجلاً خَالَجَنِيْها ". وفي حديث آخر: " كانوا
يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم، [فيجهرون به]، فقال:" خلطتم عليَّ القرآن ". وقال: " إن
المصلِّي يناجي ربه؛ فلينظر بما يناجيه به. ولا يجهرْ بعضكم على بعض بالقرآن ". وكان
يقول: " من قرأ حرفاً من كتاب الله؛ فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول:
{الم} حرف؛ ولكن (أَلِف) حرف، و (لام) حرف، و (ميم) حرف ". (ص 365 - 372) .
التَّأمِينُ، وجَهْرُ الإمامِ به
ثم " كان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من قراءة {فاتحة الكتاب} ؛ قال: " آمين ". يجهر، ويمد بها
صوته. وكان يأمر المقتدين بالتأمين بُعَيْدَ تأمين الإمام؛ فيقول: " إذا قال الإمام: {غَيْرِ
المَغْضُوبِ عَلْيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ؛ فقولوا: آمين؛ [فإن الملائكة تقول: آمين. وإن الإمام
يقول: آمين] ، (وفي لفظ: إذا أمَّن الإمام؛ فأمِّنوا) ؛ فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة،
(وفي لفظ آخر: إذا قال أحدكم في الصلاة: آمين. والملائكةُ في السماء: آمين. فوافق
أحدهما الآخر) ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه ". وفي حديث آخر: " فقولوا: آمين؛ يُجِبْكُم
الله ". وكان يقول: " ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين
[خلف الإمام] ". (ص 373 - 390) .
قراءتُهُ صلى الله عليه وسلم بعدَ {الفَاتِحَة}
ثم كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بعد {الفاتحه} سورة غيرها. وكان يطيلها أحياناً، ويقصرها أحياناً
لعارض سفر، أو سعال، أو مرض، أو بكاء صبي تصلي أمُّه معه صلى الله عليه وسلم؛ كما قال أنس بن
مالك رضي الله عنه: " جوَّز صلى الله عليه وسلم ذات يوم في الفجر (وفي حديث آخر: صلى الصبح،
فقرأ بأقصر سورتين في القرآن) ، فقيل: يا رسول الله! لم جوَّزت؟ قال: " سمعت بكاء
صبي، فظننت أن أمه معنا تصلي؛ فأردت أن أفرغ له أمه " ". وكان يقول: " إني لأدخل
في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوّز في صلاتي؛ مما أعلم من شدة
وَجْدِ أمه من بكائه ".
وكان يبتدئ من أول السورة، ويكملها في أغلب أحواله. ويقول: " أعطوا كل سورة
حَظَّها من الركوع والسجود (وفي لفظ: " لكل سورة ركعة ") ".
وكان تارة يقسمها في ركعتين. وتارة يعيدها كلها في الركعة الثانية.
وكان أحياناً يجمع في الركعة الواحدة بين السورتين أو أكثر. وقد " كان رجل من
الأنصار يؤمهم في مسجد قُباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ
به؛ افتتح بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها؛ وكان
يصنع ذلك في كل ركعة. فكلمه أصحابه؛ فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى
أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى؛ فإما أن تقرأ بها، وإما أن تدعها، وتقرأ بأخرى. فقال: ما
أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك؛ فعلت، وإن كرهتم؛ تركتكم. وكانوا يرون أنه
من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره. فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ أخبروه الخبر؛ فقال: " يا
فلان! ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في
كل ركعة؟ ". فقال: إني أحبها. فقال: " حُبَّكَ إيَّاها أدخلك الجنة " ". (ص 391 -
401) .
جَمْعُهُ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ النظائر وغيرها في الركعة
و" كان صلى الله عليه وسلم يَقْرُن بين النَّظَائر من المُفَصَّلِ؛ فكان يقرأ سورة: {الرَّحْمَن} (55: 78)
و {النَّجْم} (53: 62) في ركعة. و {اقْتَرَبَتِ} (54: 55) و {الحَاقَّة} (69: 52) في ركعة.
و {الطُّوْر} (52: 49) و {الذَّارِيَات} (51: 60) في ركعة. و {إِذَا وَقَعَتِ} (56: 96) و {ن}
(68: 52) في ركعة. و {سَأَلَ سَائِلٌ} (70: 44) و {النَّازِعَات} (79: 46) في ركعة.
و {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} (83: 36) و {عَبَسَ} (80: 42) في ركعة. و {المُدَّثِّر} (74: 56)
و {المُزَّمِّل} (73: 20) في ركعة. و {هَلْ أَتَى} (76: 31) و {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ}
(75: 40) في ركعة. و {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (78: 40) و {المُرْسَلات} (77: 50) في ركعة.
و {الدُّخَان} (44: 59) و {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (81: 29) في ركعة.
وكان أحياناً يجمع بين السور من السبع الطوال؛ كـ {البَقَرَة} و {النِّسَاء} و {آلِ
عِمْرَان} في ركعة واحدة من صلاة الليل - كما سيأتي -. وكان يقول: " أفضل الصلاة
طول القيام ".
و" كان إذا قرأ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ المَوْتَى} ؛ قال: " سبحانك! فَبَلى ".
وإذا قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ؛ قال: " سبحان ربي الأعلى " ". (ص 402 - 410) .
جَوَازُ الاقتصَارِ على {الفَاتِحَة}
و" كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء [الآخرة] ، ثم يرجع فيصلي بأصحابه،
فرجع ذات ليلة فصلى بهم، وصلى فتى من قومه [من بني سلمة يقال له: سليم] ، فلما
طال على الفتى؛ [انصرف فـ] صلى [في ناحية المسجد] ، وخرج، وأخذ بخطام بعيره،
وانطلق، فلما صلى معاذ؛ ذكر ذلك له، فقال: إن هذا به لنفاق! لأخبرن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالذي صنع، وقال الفتى: وأنا لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي صنع. فغدوا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره معاذ بالذي صنع الفتى، فقال الفتى: يا رسول الله! يطيل
المكث عندك، ثم يرجع فيطيل علينا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أفتان أنت يا معاذ؟! ".
وقال للفتى: كيف تصنع أنت يا ابن أخي إذا صليت؟ ". قال: أقرأ بـ: {فاتحة
الكتاب} ، وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، وإني لا أدري ما دندنتك ودندنة معاذ!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني ومعاذ حول هاتين، أو نحو ذا ". قال: فقال الفتى: ولكن
سيعلم معاذ إذا قَدِم القوم وقد خُبِّروا أن العدو قد أتوا. قال: فقدموا، فاستشهد الفتى،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لمعاذ: " ما فعل خَصْمِي وخَصْمُك؟ ". قال: يا رسول الله!
صدق الله وكذبتُ؛ استُشهد ". (ص 411 - 412) .
الجهرُ والإسرارُ في الصَّلوَاتِ الخَمْسِ وغَيْرِها
وكان صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في صلاة الصبح، وفي الركعتين الأوليَين من المغرب
والعشاء، ويسر بها في الظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والأخريين من العشاء.
وكانوا يعرفون قراءته صلى الله عليه وسلم فيما يُسِرُّ به باضطراب لحيته، وبإسماعه إياهم الآية أحياناً
وكان يجهر بها أيضاً في صلاة الجمعة، والعيدين، والاستسقاء، والكسوف.
(ص 413 - 418) .
الجَهْرُ والإسْرارُ في القراءة في صلاةِ الليل
وأما في صلاة الليل؛ فكان تارة يُسِرُّ، وتارة يَجْهَر. و " كان إذا قرأ وهو في البيت؛
يسمع قراءته مَنْ في الحجرة. وهذا كناية عن التوسط بين الجهر والإسرار. " وكان ربما
رفع صوته أكثر من ذلك حتى يسمعه من كان على عريشه ". (أي: خارج الحجرة) .
وبذلك أمر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما؛ وذلك حينما " خرج ليلة فإذا هو بأبي
بكر رضي الله عنه يصلي يخفض من صوته، ومَرَّ بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو
يصلي رافعاً صوته، فلما اجتمعا عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: " يا أبا بكر! مررت بك وأنت
تصلي تخفض من صوتك؟ ". قال: قد أسمعتُ من ناجيتُ يا رسول الله! وقال لعمر:
" مررت بك وأنت تصلي رافعاً صوتك؟ ". فقال: يا رسول الله! أُوْقِظُ الوَسْنَانَ، وأَطْرُدُ
الشيطان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أبا بكر! ارفع من صوتك شيئاً ". وقال لعمر: " اخفض
من صوتك شيئاً ".
وكان يقول: " الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمُسِر بالقرآن كالمُسِرِّ بالصدقة ".
(ص 419 - 428) .
ما كانَ يقرؤه صلى الله عليه وسلم في الصلوات
وأما ما كان يقرؤه صلى الله عليه وسلم في الصلوات من السور والآيات؛ فإن ذلك يختلف باختلاف
الصلوات الخمس وغيرها، وهاك تفصيل ذلك مبتدئين بالصلاة الأولى من الخمس:
1-
صلاةُ الفجر
كان صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بطوال المفصل؛ فـ " كان - أحياناً - يقرأ: {الوَاقِعَة} (56: 96) ،
ونحوها من السور في الركعتين ". وقرأ من سورة {الطُّوْر} (52: 49) ؛ وذلك في حجة
الوداع. و " كان - أحياناً - يقرأ: {ق. وَالقُرْآنِ المَجِيدِ} (50: 45) ونحوها في [الركعة
الأولى] ".
و" كان - أحياناً - يقرأ بقصار المفصل كـ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (81: 29) ". و " قرأ
مرةً: {إِذَا زُلْزِلَتِ} (99: 8) في الركعتين كلتيهما؛ حتى قال الراوي: فلا أدري؛ أنَسِيَ
رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمداً؟ ". و " قرأ مرة في السفر المعوذتين: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
الفَلَقِ} (113: 5) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (114: 6) ". وقال لعقبة بن عامر رضي الله
عنه: " اقرأ في صلاتك المعوذتين؛ [فما تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بمثلهما] ".
وكان أحياناً يقرأ بأكثر من ذلك، فـ " كان يقرأ ستين آية فأكثر "؛ قال بعض رواته:
" لا أدري في إحدى الركعتين أو في كلتيهما؟ ". و " كان يقرأ بسورة {الرُّوم} (30:
60) ". و " أحياناً بسورة {يس} (36: 83)". ومرة " صلى الصبح بمكة؛ فاستفتح سورة
{المُؤْمِنِين} (23: 118)، حتى جاء ذكر موسى وهارون - أو: ذكر عيسى. شك بعض
الرواة -؛ أخذته سَعْلَة؛ فركع ". و " كان أحياناً يؤمهم فيها بـ: {الصَّافَّات} (37: 182) ".
و" كان يصليها يوم الجمعة بـ: {الم. تَنْزِيلُ} {السَّجْدَة} (32: 30) [في الركعة
الأولى، وفي الثانية] بـ:{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} (76: 31) ".
و" كان يطول في الركعة الأولى، ويقصر في الثانية ". (ص 429 - 447) .
القراءةُ في سُنَّةِ الفَجْرِ
وأما قراءته في ركعتي سنة الفجر؛ فكانت خفيفة جدّاً؛ حتى إن عائشة رضي الله
عنها كانت تقول: " هل قرأ فيها بـ: {أم الكتاب} ؟! ". وكان - أحياناً - يقرأ بعد
{الفَاتِحَة} في الأولى منهما آية: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن
رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} . (2: 136) . وفي الأخرى منهما: {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا
يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (3: 64) .
وربما قرأ بدلها: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ
نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (3: 52) .
وأحياناً يقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} (109: 6) في الأولى، و:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
(112: 4) في الأخرى. وكان يقول: " نِعْمَ السُّورتانِ هما ". و " سمع رجلاً يقرأ السورة
الأولى في الركعة الأولى؛ فقال: " هذا عبد آمن بربه "، ثم قرأ السورة الثانية في الركعة
الأخرى؛ فقال: " هذا عبد عرف ربه " " (ص 448 - 456) .
2-
صلاة الظهر
و" كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين بـ: {فاتحة الكتاب} وسورتين، ويُطَوِّلُ في
الأولى ما لا يُطَوِّل في الثانية ". وكان - أحياناً - يطيلها، حتى إنه " كانت صلاة الظهر
تقام، فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، [ثم يأتي منزله] ، ثم يتوضأ، ثم
يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى؛ مما يُطَوِّلُها ". و " كانوا يظنون أنه يريد بذلك أن
يدرك الناس الركعة الأولى ".
و" كان يقرأ في كل من الركعتين قدر ثلاثين آية؛ قدر قراءة {الم. تَنْزِيلُ}
{السَّجْدَة} (22: 30) وفيها {الفَاتِحَة} .
و" كانوا يسمعون منه النَّغْمَةَ بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (87: 19)، و: {هَلْ
أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ} (88: 26) ".
و" كان - أحياناً - يقرأ بـ: {السَّمَاءِ ذَاتِ البُرُوجِ} (85: 22)، وبـ:{السَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}
(86: 17) ونحوهما من السور ". وأحياناً " يقرأ بـ: {اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (92: 21) ونحوها ".
وربما " قرأ: {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ} ، ونحوها ".
و" كانوا يعرفون قراءته في الظهر والعصر باضطراب لحيته ". و " كان يسمعهم الآية
أحياناً ". (ص 457 - 466) .
قراءتُه صلى الله عليه وسلم آياتٍ بعدَ {الفَاتِحَة} في الأخِيرَتَيْنِ
و" كان يجعل الركعتين الأخيرتين أقصر من الأوليين قدر النصف؛ قدر خمس عشرة
آية ". و " ربما اقتصر فيهما على {الفَاتِحَة} ".
وقد أمر (المسيء صلاته) بقراءة {الفَاتِحَة} في كل ركعة، حيث قال له بعد أن أمره
بقراءتها في الركعة الأولى: " ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (وفي رواية: كل ركعة) ".
(467 - 470) .
3-
صلاة العصر
و" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الأوليين بـ: {فاتحة الكتاب} ، وسورتين؛ ويُطَوِّلُ في
الأولى ما لا يُطَوِّلُ في الثانية "، و " كانوا يظنون أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة ".
و" كان يقرأ في كل منهما قدر خمس عشرة آية؛ قدر نصف ما يقرأ في كل ركعة من
الركعتين الأوليين في الظهر ".
و" كان يجعل الركعتين الأخيرتين أقصر من الأوليين؛ قدر نصفهما ". و " كان يقرأ
فيهما بـ: {فاتحة الكتاب} ". و " كان يسمعهم الآية أحياناً ". ويقرأ بالسور التي ذكرنا في
(صلاة الظهر) . (ص 471) .
4-
صلاة المغرب
و" كان صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها أحياناً بقصارِ المفصل ". حتى إنهم " كانوا إذا صلوا معه،
وسلم بهم؛ انصرف أحدهم وإنه ليُبْصِرُ مَواقعَ نَبْلِه ". و " قرأ في سفر بـ: {التِّينِ
وَالزَّيْتُونِ} (95: 8) في الركعة الثانية ". وكان أحياناً يقرأ بطوال المفصل وأوساطه؛ فـ
" كان تارة يقرأ بـ: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ} (47: 38) ". وتارة بـ: {الطُّوْر}
(52: 49) . وتارة بـ: {المُرْسَلات} (77: 50) ؛ قرأ بها في آخر صلاة صلاها صلى الله عليه وسلم.
و" كان أحياناً يقرأ بطُولَى الطولَيَيْن: [ {الأَعْرَاف} (7: 206) ] [في الركعتين] ".
وتارة: بـ: [الأَنْفَال} (8: 75) في الركعتين. (ص 472 - 487) .
القراءة في سُنَّة المغرب
وأما سُنَّةُ المغرب البَعْدِيَّة؛ فـ " كان يقرأ فيها: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} (109: 6) و:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (112: 4) . (ص 488 - 489) .
5-
صلاة العشاء
كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من وسط المفصل؛ فـ " كان تارةً يقرأ بـ:
{الشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (91: 15)، وأشباهها من السور ". و " تارة بـ:{إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ}
(84: 25)، وكان يسجد بها ". و " قرأ مرة في سفر بـ:{التِّينِ وَالزَّيْتُونِ} (95: 8) [في
الركعة الأولى] ".
ونهى عن إطالة القراءة فيها، وذلك حين " صلى معاذ بن جبل لأصحابه العشاء
فطوَّل عليهم؛ فانصرف رجل من الأنصار فصلى، فأُخبر معاذ عنه، فقال: إنه منافق. ولما
بلغ ذلك الرجل؛ دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما قال معاذ؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
" أتريد أن تكون فتاناً يا معاذ؟! إذا أممتَ الناس؛ فاقرأ بـ: {الشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (91:
15) ، و:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (77: 19)، و:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (96: 19)، و:
{اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (92: 21) ؛ [فإنه يصلي وراءك الكبير، والضعيف، وذو الحاجة] ".
(ص 490 - 498) .
6-
صلاة الليل
وكان صلى الله عليه وسلم ربما جهر بالقراءة فيها، وربما أسر؛ يقصر القراءة فيها تارة، ويطيلها أحياناً،
ويبالغ في إطالتها أحياناً أخرى، حتى قال ابن مسعود: " صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فلم
يزل قائماً حتى هَمَمْتُ بأمر سوء. قيل: وما هَمَمْتَ؟ قال: هَمَمْتُ أن أقعد وأَذَرَ
النبيَّ صلى الله عليه وسلم ". وقال حذيفة بن اليمان: " صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح
{البَقَرَة} . فقلت: يركع عند المئة. ثم مضى. فقلت: يصلي بها في ركعة. فمضى.
فقلت: يركع بها. ثم افتتح {النِّسَاء} ، فقرأها، ثم افتتح {آلِ عِمْرَان} ، فقرأها. يقرأ
مترسلاً: إذا مَرَّ بآية فيها تسبيح؛ سبح، وإذا مَرَّ بسؤال؛ سأل، وإذا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ؛ تَعَوَّذَ، ثم
ركع
…
" الحديث. و " قرأ ليلة - وهو وَجِعٌ - السبع الطوال ". و " كان أحياناً يقرأ في كل
ركعة بسورة منها ".
و" ما عُلِمَ أنه صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة [قط] "؛ بل إنه لم يَرْضَ ذلك لعبد الله بن
عمرو رضي الله عنهما حين قال له: " اقرأ القرآن في كل شهر ". قال: قلت: إني أجد
قوة. قال: " فاقرأه في عشرين ليلة ". قال: قلت: إني أجد قوة. قال: " فاقرأه في سَبْعٍ،
ولا تزد على ذلك ". ثم " رَخَّصَ له أن يقرأه في خمس ". ثم " رَخَّصَ له أن يقرأه في
ثلاث ". ونهاه أن يقرأه في أقل من ذلك. وعَلَّلَ ذلك في قوله له: " من قرأ القرآن في
أقل من ثلاث؛ لم يفقَهْهُ ". وفي لفظ: " لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث ". ثم
في قوله له: " فإن لكل عابد شِرَّةً، ولكل شِرَّةٍ فترة؛ فإما إلى سنة، وإما إلى بدعة. فمن
كانت فترته إلى سنة؛ فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك؛ فقد هلك ".
وكان يقول: " من صلى في ليلة بمئتي آية؛ فإنه يكتب من القانتين المخلصين ". و " كان
يقرأ [في] كل ليلة بـ: {بني إسرائيل} (17: 111)، و {الزُّمَر} (39: 75) ". وكان يقول:
" من صلى في ليلة بمئة آية؛ لم يكتب من الغافلين ". و " كان أحياناً يقرأ في كل ركعة
قدر خمسين آية أو أكثر ". وتارة " يقرأ قَدْرَ {يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ} (73: 20)". و " ما كان صلى الله عليه وسلم
يصلي الليل كلَّه " إلا نادراً؛ فقد " راقب عبدُ الله بنُ خبّاب بن الأرَتِّ - وكان قد شهد
بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الليلة كلها (وفي لفظ: في ليلة صلاها كلها)
حتى كان مع الفجر، فلما سلم من صلاته؛ قال له خباب بن الأَرَتِّ: يا رسول الله!
بأبي أنت وأمي؛ لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها؟ فقال: " أجل؛ إنها
صلاةُ رَغَبٍ ورَهَبٍ، [وإني] سألت ربي عز وجل ثلاث خصال؛ فأعطاني اثنتين،
ومنعني واحدة: سألت ربي أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا (وفي لفظ: أن لا يهلك
أمتي بسَنَةٍ) ؛ فأعطانيها. وسألت ربي عز وجل أن لا يُظْهِرَ علينا عدواً من غيرنا؛
فأعطانيها. وسألت ربي أن لا يُلْبِسَنا شيَعاً؛ فَمَنَعَنِيْهَا " ". و " قام ليلة بآية يرددها حتى
أصبح وهي: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} (5:
118) ؛ [بها يركع، وبها يسجد، وبها يدعو]، [فلما أصبح؛ قال له أبو ذر رضي الله عنه:
يا رسول الله! ما زلْتَ تقرأ هذه الآية حتى أصبحت؛ تركع بها، وتسجد بها] ، [وتدعو
بها] ، [وقد عَلَّمَك الله القرآن كله]، [لو فعل هذا بعضُنا؛ لَوَجَدْنَا عليه؟] . [قال: " إني
سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي؛ فأعطانيها، وهي نَائِلَةٌ إن شاء الله لمن لا يشرك بالله
شيئاً "] . و " قال له رجل: يا رسول الله! إن لي جاراً يقوم الليل، ولا يقرأ إلا {قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ} (112: 4) ؛ [يرددها][لا يزيد عليها]- كأنه يُقَلِّلُها -؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي
نفسي بيده! إنها لتعدل ثلث القرآن ". (ص 490 - 538) .
7-
صلاةُ الوَِتْر
" كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (87: 19) ، وفي الثانية
بـ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} (109: 6)، وفي الثالثة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (112: 4) ".
وكان يضيف إليها أحياناً: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} (113: 5) ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}
(114: 6) . ومرة: " قرأ في ركعة الوتر بمئة آية من {النِّسَاء} (4: 167) ". (ص 539 -543) .
القراءة في الركعتين بعد الوتر
وأما الركعتان بعد الوتر؛ فكان يقرأ فيهما: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ} (99: 8) ، و {قُلْ
يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} . (109: 6) . (ص 544) .
8-
صلاة الجمعة
" كان صلى الله عليه وسلم يقرأ أحياناً في الركعة الأولى بسورة {الجُمُعَة} (62: 11) ، وفي
الأخرى: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ} (63: 11)"، و " تارة يقرأ - بدلها -: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ
الغَاشِيَةِ} (88: 26)". وأحياناً " يقرأ في الأولى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (87: 19) ،
وفي الثانية: {هَلْ أَتَاكَ} (88: 26) ". (ص 545 - 549) .
9-
صلاة العيدين
" كان صلى الله عليه وسلم يقرأ أحياناً في الأولى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (87: 19) ، وفي
الأخرى: {هَلْ أَتَاكَ} (88: 26)". وأحياناً " يقرأ فيهما بـ: {ق. وَالقُرْآنِ المَجِيدِ} (50:
45) ، و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} (54: 55) ". (ص 550 - 552) .
10-
صلاة الجنازة
" السنة أن يقرأ فيها بـ: {فاتحة الكتاب} [وسورة] "، و " يخافت فيها مُخَافَتَةً بعد
التكبيرة الأولى ". (ص 553 - 561) .
تَرْتيلُ القراءةِ وتحسينُ الصوت بها
وكان صلى الله عليه وسلم كما أمره الله تعالى - يرتل القرآن ترتيلاً؛ لا هَذّاً، ولا عَجَلَةً؛ بل قراءة
" مفسرة؛ حرفاً حرفاً "، حتى " كان يرتل السورة؛ حتى تكون أطول من أطولَ منها ".
وكان يقول: " يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن
منزلك عند آخر آية تقرؤها ". و " كان يمد قراءته (عند حروف المد) ؛ فيمد {بِسْمِ اللَّهِ} ،
ويمد {الرَّحْمَنِ} ، ويمد {الرَّحِيمِ} ، و {نَضِيدٌ} (50: 45) وأمثالها. وكان يقف على
رؤوس الآي - كما سبق بيانه -. و " كان أحياناً يُرَجِّعُ صوته؛ كما فعل يوم الفتح وهو على
ناقته، يقرأ سورة {الفَتْح} (48: 49) [قراءة لينة] ". وقد حكى عبد الله بن مغفل ترجيعه
هكذا: (آآ آ) . وكان يأمر بتحسين الصوت بالقرآن؛ فيقول: " زينوا القرآن بأصواتكم؛
[فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً]". ويقول: " إن من أحسن الناس صوتاً بالقرآن
الذي إذا سمعتموه يقرأ؛ حسبتموه يخشى الله ". وكان يأمر بالتغني بالقرآن؛ فيقول:
" تعلَّموا كتاب الله، وتعاهدوه، واقتنوه، وتغنَّوا به؛ فوالذي نفسي بيده! لهو أشد تفلتاً
من المخاض في العقل ". ويقول: " ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن ". ويقول: " مأ أذن الله
لشيء ما أَذِنَ (وفي لفظ: كأَذَنِه) لنبي [حسن الصوت] يتغنى بالقرآن؛ [يجهر به] ".
و" قال لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: " لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة!
لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود ". [فقال أبو موسى: لو علمت مكانك؛ لحبرت لك
تحبيراً] " (ص 562 - 595) .
الفَتْحُ على الإمام
وسَنَّ صلى الله عليه وسلم الفتح على الإمام إذا لُبست عليه القراءة؛ فقد " صلى صلاة، فقرأ فيها،
فلُبس عليه، فلما انصرف؛ قال لأُبَيٍّ:" أصليتَ معنا؟ ". قال: نعم. قال: " فما منعك
[أن تفتح علي] ؟! ". (ص 596 - 599) .
الاستعاذةُ والتَّفْلُ في الصلاة لِدفع الوسوسة
وقال له عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: يا رسول الله! إن الشيطان قد حال
بيني وبين صلاتي وقراءتي؛ يَلبسها عليَّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذاك شيطان يقال له:
خِنْزِبٌ، فإذا أحسسته؛ فتعوذ بالله منه، واتفُل على يسارك ثلاثاً ". قال: ففعلت ذلك؛
فأذهبه الله عني. (ص 600) .
الركوع
ثم كان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من القراءة؛ سكت سكتةً، ثم رفع يديه؛ على الوجوه المتقدمة
في (تكبيرة الافتتاح) ، وكَبَّر، وركع، وأمر بهما (المسيء صلاته) ؛ فقال له: " إنها لا تتم
صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله
…
ثم يكبر الله، ويحمده، ويمجده،
ويقرأ ما تيسر من القرآن مما علمه الله وأذن له فيه، ثم يكبر، ويركع، [ويضع يديه على
ركبتيه] حتى تطمئن مفاصله وتسترخي
…
"، الحديث. (ص 601 - 625) .
صفة الركوع
وكان صلى الله عليه وسلم في أول الأمر يُطَبِّقُ بين كفيه، ثم يجعلهما بين ركبتيه، [ويخالف بين
أصابعه] . ثم ترك ذلك، ونهى عنه. و " كان صلى الله عليه وسلم يضع كفيه على ركبتيه ". و " كان يأمرهم
بذلك ". وأمر به أيضاً (المسيء صلاته) - كما مر آنفاً -. و " كان يمكّن يديه من ركبتيه
[كأنه قابض عليهما]". و " كان يُفرِّج بين أصابعه ". وأمر به (المسيء صلاته) ؛ فقال:
" إذا ركعت؛ فضع راحتيك على ركبتيك، ثم فرِّج بين أصابعك، ثم امكث حتى يأخذ
كل عضو مأخذه ". وكان يجعل أصابعه أسفل من ذلك؛ [على ساقيه] . و " كان
يجافي، ويُنَحِّي مرفقيه عن جنبيه ".
و" كان إذا ركع؛ بسَط ظهرَهُ وسوَّاه "؛ " حتى لو صُبَّ عليه الماء؛ لاستقر ". وقال لـ
(المسيء صلاته) : " فإذا ركعتَ؛ فاجعلْ راحتَيْكَ على رُكْبتيك، وامْدُدْ ظهرك،
ومكن لركوعك ". و " كان لا يَصُبُّ رأسَه، ولا يُقْنعُ؛ ولكن بين ذلك ". (ص 626 -
639) .
وجوبُ الطُّمأنينة في الركوع
و" كان يطمئن في ركوعه ". وأمر به (المسيء صلاته) ؛ فقال: " إنه لا تتم صلاة
لأحد من الناس حتى يتوضأ
…
" الحديث. وفيه: " ثم يكبر
…
ثم يقول: الله أكبر. ثم
يركع حتى تطمئن مفاصله ". وكان يقول: " أتموا الركوع والسجود؛ فوالذي نفسي بيده!
إني لأراكم من بعد ظهري إذا ما ركعتم، وإذا ما سجدتم ". و " رأى رجلاً لا يُتِمُّ ركوعه،
وينقر في سجوده وهو يصلي؛ فقال: " لو مات هذا على حاله هذه؛ مات على غير ملة
محمد صلى الله عليه وسلم؛ [ينقر صلاته كما ينقر الغراب الدم] ، مثل الذي لا يتم ركوعه وينقر في
سجوده؛ مثل الجائع الذي يأكل التمرة والتمرتين، لا يغنيان عنه شيئاً " ". وقال أبو هريرة
رضي الله عنه: " نهاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن أنقر في صلاتي نقر الدّيك، وأن ألتفت التفات
الثعلب، وأن أقعي كإقعاء القرد ". وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من
صلاته ". قالوا: يا رسول الله! وكيف يسرق من صلاته؟ قال: " لا يتم ركوعها
وسجودها ". و " كان يصلي، فلمح بمؤخر عينه إلى رجل لا يقيم صلبه في الركوع
والسجود، فلما انصرف؛ قال: " يا معشر المسلمين! إنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في
الركوع والسجود " ". وقال في حديث آخر: " لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في
الركوع والسجود ". (ص 640 - 648) .
أذكار الركوع
وكان يقول في هذا الركن أنواعاً من الأذكار والأدعية، تارةً بهذا، وتارةً بهذا:
1-
" سبحان ربي العظيم (ثلاث مرات) ". وكان أحياناً يكررها أكثر من ذلك. وبالغ
مرةً في تكرارها في صلاة الليل؛ حتى كان ركوعه قريباً من قيامه، وكان يقرأ فيه ثلاث
سور من الطوال: {البَقَرَة} ، و {النِّسَاء} ، و {آلِ عِمْرَان} ، يتخللها دعاء واستغفار - كما
سبق في (صلاة الليل) -.
2-
" سبحان ربي العظيم وبحمده (ثلاثاً) ".
3-
" سبّوح، قدوس، رب الملائكة والروح ".
4-
" سبحانك اللهم ربنا! وبحمدك، اللهم! اغفر لي ". وكان يكثر منه في ركوعه
وسجوده؛ يتأول القرآن.
5-
" اللهم! لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، [أنت ربي] ، خشع لك سمعي
وبصري، ومخي وعظمي (وفي رواية: وعظامي) ، وعصبي، [وما استقلت به قدمي؛ لله
رب العالمين] ".
6-
" اللهم! لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، أنت ربي،
خشع سمعي وبصري، ودمي ولحمي، وعظمي وعصبي؛ لله ربِّ العالمين ".
7-
" سبحان ذي الجبروت والملكوت، والكبرياء والعظمة ". وهذا قاله في صلاة
الليل. (ص 649 - 666) .
إطالة الركوع
و" كان صلى الله عليه وسلم يجعل ركوعه، وقيامه بعد الركوع، وسجوده، وجلسته بين السجدتين
قريباً من السواء ". (ص 667 - 668) .
النهي عن قراءةِ القرآنِ في الركوع
و" كان ينهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود ". وكان يقول: " ألا وإني نُهِيْتُ
أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع؛ فعظِّموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود؛
فاجتهدوا في الدعاء؛ فقَمِن أن يستجاب لكم ". (ص 669 -673) .
الاعتدال من الركوع، وما يقولُ فيه
ثم " كان صلى الله عليه وسلم يرفع صُلبه من الركوع قائلاً: " سمع الله لمن حمده " ". وأمر بذلك
(المسيء صلاته) ؛ فقال: " لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى
…
يكبر
…
ثم
يركع
…
ثم يقول: سمع الله لمن حمده. حتى يستوي قائماً ". وكان إذا رفع رأسه
استوى؛ حتى يعود كل فَقارٍ مكانه.
ثم " كان يقول وهو قائم: " ربنا! [و] لك الحمد " ". وأمر بذلك كلَّ مُصَلٍّ؛ مُؤتماً أو
غيره؛ فقال: " صلوا كما رأيتموني أُصلي ". وكان يقول: " إنما جعل الإمام ليؤتم به
…
وإذا قال: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: [اللهم] ربنا! ولك الحمد " - زاد في حديث
آخر: - " يسمع الله لكم؛ فإن الله تبارك وتعالى قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن
حمده ". وعَلَّلَ الأمرَ بذلك في حديث آخر بقوله: " فإنه من وافق قوله قول الملائكة؛
غفِرَ له ما تقدم من ذنبه ".
وكان يرفع يديه عند هذا الاعتدال على الوجوه المتقدمة في تكبيرة الإحرام، ويقول
وهو قائم - كما مر آنفاً -:
1-
" ربنا! ولك الحمد ". وتارةً يقول:
2-
" ربنا! لك الحمد ". بدون الواو. وأحياناً يقول:
3-
" اللهم ربنا! ولك الحمد ". تارة بالواو. وتارة بدونها:
4-
" اللهم ربنا! لك الحمد ". وكان يأمر بذلك، فيقول: " إذا قال الإمام: سمع الله
لمن حمده. فقولوا: اللهم رَبَّنا! لك الحمد؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غُفر له
ما تقدم من ذنبه ". وكان تارةً يزيد على ذلك إما:
5-
" ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد ". وإما:
6-
" مِلْءَ السماوات، و [مِلْءَ] الأرض، و [مِلْءَ] ما بينهما، ومِلْءَ ما شئت من شيء
بعد ". وتارة يضيف إلى ذلك قوله:
7-
" أهل الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ
منك الجَدُّ ". وتارة تكون بإضافة:
8-
" ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء
والمجد، أحق ما قال العبد - وكلنا لك عبد -[اللهم!] لا مانع لما أعطيت، [ولا معطي لما
منعت] ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ". وتارة يقول في صلاة الليل:
9-
" لربي الحمد، لربي الحمد ". يكررذلك؛ حتى كان قيامه نحواً من ركوعه
الذي كان قريباً من قيامه الأول، وكان قرأ فيه سورة {البَقَرَة} .
10-
" ربنا! ولك الحمد؛ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه [مباركاً عليه؛ كما يحب ربنا
ويرضى] ". قاله رجل كان يصلي وراءه صلى الله عليه وسلم بعدما رفع صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة وقال:
" سمع الله لمن حمده "، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال:" من المتكلم آنفاً؟ ". فقال
الرجل: أنا يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً
يَبْتَدِرُوْنَها؛ أيهم يكتبها أولاً ". (ص 674 - 697) .
إطالة هذا القيام، ووجوبُ الاطمئنان فيه
وكان صلى الله عليه وسلم يجعل قيامه هذا قريباً من ركوعه - كما تقدم -؛ بل " كان يقوم أحياناً
حتى يقول القائل: قد نسي؛ [من طول ما يقوم] ". وكان يأمر بالاطمئنان فيه؛ فقال
لـ (المسيء صلاته) : " ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائماً؛ [فيأخذ كل عظم مَأْخَذَه] "
(وفي رواية: " وإذا رفعت؛ فأقم صلبك، وارفع رأسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها ")
وذكر له: " أنه لا تتم صلاة لأحد من الناس إذا لم يفعل ذلك ". وكان يقول: " لا ينظر
الله عز وجل إلى صلاة عبد لا يقيم صلبه بين ركوعها وسجودها ". (ص 698 - 705) .
السجود
التكبير ورفع اليدين عند الهوي إلى السجود
ثم " كان صلى الله عليه وسلم يكبر، ويهوي ساجداً ". وأمر بذلك (المسيء صلاته) ؛ فقال له: " لا
تتم صلاة لأحد من الناس حتى
…
يقول: سمع الله لمن حمده. حتى يستوي قائماً، ثم
يقول: الله أكبر. ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ". و " كان إذا أراد أن يسجد؛ كبَّر،
[ويجافي يديه عن جنبيه] ، ثم يسجد ". و " كان أحياناً يرفع يديه إذا سجد ". (ص 706 - 713) .
الخرور إلى السجود على اليدين
و" كان يضع يديه على الأرض قبل ركبتيه ". وكان يأمر بذلك؛ فيقول: " إذا سجد
أحدكم؛ فلا يَبْرُكْ كما يَبْرُكُ البعيرُ، ولْيَضَعْ يديه قبل ركبتيه ". (ص 714 - 724) .
صفة السجود
وكان يقول: " إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع احدكم وجهه؛
فليضع يديه، وإذا رفع؛ فليرفعهما ". و " كان يعتمد على كفيه [ويبسطهما] ". ويضم
أصابعهما، ويوجهها قِبَل القبلة. و " كان يجعلهما حذو منكبيه ". وأحياناً " حذو أذنيه ".
و" كان يمكن أنفه وجبهته من الأرض ". وقال لـ (المسيء صلاته) : " إذا سجدت؛ فَمَكِّن
لسجودك ". (وفي رواية: " إذا أنت سجدت؛ فأمكنت وجهك ويديك؛ حتى يطمئن
كل عظم منك إلى موضعه ") . وكان يقول: " لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما
يصيب الجبين ". و " كان يمكّن أيضاً ركبتيه، وأطراف قدميه، ويستقبل [بصدور قدميه و]
بأطراف أصابعهما القبلة ". و " ينصب رجليه ". و " أمر به ". و " كان يفتخ أصابعهما "
و" يرص عقبيه ". وكان يرفع عجيزته. (مؤخره) . فهذه سبعة أعضاء كان صلى الله عليه وسلم يسجد
عليها: الكفان، والركبتان، والقدمان، والجبهة والأنف. وقد جعل صلى الله عليه وسلم العضوين
الأخيرين كعضو واحد في السجود؛ حيث قال: " أُمرت أن أسجد (وفي رواية: أُمرنا أن
نسجد) على سبعةِ أَعْظُمٍ: على الجبهة - وأشار بيده على أنفه -، واليدين (وفي لفظ:
الكفَّين) ، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا نكفِت الثياب والشعر ". وكان يقول: " إذا
سجد العبد؛ سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه ". وقال في رجل
صلى ورأسه معقوص من ورائه: " إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف ". وقال
أيضاً: " ذلك كِفْلُ الشيطان ". يعني: مقعد الشيطان. يعني: مغرز ضفره. و " كان لا
يفترش ذراعيه "؛ بل كان ينهى عنه. و " كان يرفعهما ويباعدهما عن جنبيه حتى يبدو
بياض إبطيه من ورائه ". و " حتى لو أن بَهمة أرادت أن تمر تحت يديه؛ مرَّت ". وكان يبالغ
في ذلك حتى قال بعض أصحابه: " إن كنا لنأوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مما يجافي بيديه عن
جنبيه إذا سجد ". وكان يأمر بذلك؛ فيقول: " إذا سجدت؛ فضع كفيك، وارفع
مرفقيك ". ويقول: " اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط (وفي لفظ:
كما يبسط) الكلب ". وفي لفظ آخر وحديث آخر: " ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش
الكلب ". وكان يقول: " لا تبسط ذراعيك [بسط السبع] ، وادّعم على راحتيك، وتجاف
عن ضبعيك؛ فإنك إذا فعلت ذلك؛ سجد كل عضو منك معك ". (ص 725 - 759) .
وجوبُ الطُّمأنينة في السُّجود
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإتمام الركوع والسجود، ويضرب لمن لا يفعل ذلك مَثَلَ الجائع؛ يأكل
التمرة والتمرتين لا تغنيان عنه شيئاً. وكان يقول فيه: " إنه من أسوأ الناس سرقةً ".
وكان يحكم ببطلان صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود - كما سبق في
(الركوع) -، وأمر (المسيء صلاته) بالاطمئنان في السجود - كما تقدم في أول الباب -.
(ص 760) .
أذكار السجود
وكان صلى الله عليه وسلم يقول في هذا الركن أنواعاً من الأذكار والأدعية، تارةً هذا، وتارةً هذا:
1-
" سبحان ربي الأعلى (ثلاث مرات) ". و " كان أحياناً يكررها أكثر من ذلك ".
وبالغ في تكرارها مرة في صلاة الليل حتى كان سجوده قريباً من قيامه، وكان قرأ فيه
ثلاث سور من الطوال: {البَقَرَة} و {النِّسَاء} و {آلِ عِمْرَان} ، يتخللها دعاءٌ واستغفارٌ -
كما سبق في (صلاة الليل) -.
2-
" سبحان ربي الأعلى وبحمده (ثلاثاً) ".
3-
" سُبوح، قُدوس، رب الملائكة والروح ".
4-
" سبحانك اللهم ربنا! وبحمدك، اللهم! اغفر لي ". وكان يكثر منه في
ركوعه وسجوده؛ يتاول القرآن.
5-
" اللهم! لك سجدت؛ وبك آمنت، ولك أسلمت، [وأنت ربي] ، سجد وجهي
للذي خلقه وصوَّره، [فأحسن صُوَرَه] ، وشق سمعه وبصره، [فـ] تبارك الله أحسن
الخالقين ".
6-
" اللهم! اغفر لي ذنبي كله، دِقَّه وجِلَّه، وأوله وآخره، وعلانيته وسره ".
8-
" سبحان ذي الجبروتِ، والملكوتِ، والكبرياءِ، والعظمة ". وهذا - وما بعده -
كان يقوله في صلاة الليل.
9-
" سبحانك [اللهم!] وبحمدك، لا إله إلا أنت ".
10-
" اللهم! اغفر لي ما أسررتُ، وما أعلنتُ ".
11-
" اللهم! اجعل في قلبي نوراً، [وفي لساني نوراً] ، واجعل في سمعي نوراً،
واجعل في بصري نوراً، واجعل من تحتي نوراً، واجعل من فوقي نوراً، وعن يميني نوراً،
وعن يساري نوراً، واجعل أمامي نوراً، واجعل خلفي نوراً، [واجعل في نفسي نوراً] ،
وأعظم لي نوراً ".
12-
" [اللهم!][إني] أعوذ برضاك من سخطك، و [أعوذ] بمعافاتك من عقوبتك،
وأعوذ بك منك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ". (ص 761 - 770) .
النهيُ عن قراءة القرآن في السُّجود
وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، ويأمر بالاجتهاد والإكثار من
الدعاء في هذا الركن - كما مضى في (الركوع) - وكان يقول: " أقرب ما يكون العبد
من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء [فيه] ". (ص 771) .
إطالةُ السُّجود
وكان صلى الله عليه وسلم يجعل سجوده قريباً من الركوع في الطُّول، وربما بالغ في الإطالة لأمر
عارض؛ كما قال بعض الصحابة: " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي
العشي -[الظهر والعصر] وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعه [عند
قدمه اليمنى] ، ثم كبر للصلاة، فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها،
قال: فرفعت رأسي [من بين الناس] ؛ فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد،
فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة؛ قال الناس: يا رسول الله!
إنك سجدت بين ظهراني صلاتك [هذه] سجدة أطلتها؛ حتى ظننا أنه قد حدث أمر،
أو أنه يوحى إليك! قال: " كل ذلك لم يكن؛ ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله
حتى يقضي حاجته ". وفي حديثٍ آخر: " كان صلى الله عليه وسلم يصلي؛ فإذا سجد؛ وثب الحسن
والحسين على ظهره، فإذا منعوهما؛ أشار إليهم أن دعوهما، فلما قضى الصلاة؛
وضعهما في حجره، وقال:" من أحبني؛ فليحب هذين " ". (ص 772 - 773) .
فضل السجود
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من أمتي من أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة ". قالوا: وكيف
تعرفهم يا رسول الله! في كثرة الخلائق؟ قال: " أرأيت لو دخلت صِيرة فيها خيل دُهم
بُهم، وفيها فرسٌ أغرُّ مُحَجَّلٌّ؛ أما كنت تعرفه منها؟ ". قال: بلى. قال: " فإن أمتي يومئذٍ
غُرٌّ من السجود، محجَّلون من الوُضوء ". ويقول: " إذا أراد الله رحمةَ من أراد من أهل
النار؛ أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله؛ فيخرجونهم، ويعرفونهم بآثار
السجود، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار، فكل ابن آدم
تأكله النار؛ إلا أثر السجود ". (ص 774 - 779) .
السُّجودُ على الأرضِ والحَصِير
وكان يسجد على الأرض كثيراً. و " كان أصحابه يصلون معه في شدة الحر، فإذا لم
يستطع أحدهم أن يمكن جبهته من الأرض؛ بسط ثوبه، فسجد عليه ". وكان يقول: "
…
وجعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجداً وطَهوراً، فأينما أدركت رجلاً من أمتي الصلاةُ؛
فعنده مسجده، وعنده طهوره، [وكان مَنْ قبلي يعظمون ذلك؛ إنما كانوا يصلون في كنائسهم
وبيعهم] ". وكان ربما سجد في طين وماء، وقد وقع له ذلك في صبح ليلة إحدى
وعشربن من رمضان؛ حين أمطرت السماء، وسال سقف المسجد، وكان من جريد النخل،
فسجد صلى الله عليه وسلم في الماء والطين، قال أبو سعيد الخدري: " فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم
انصرف وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين ".
و" كان يصلي على الخُمرة " أحياناً. و " على الحصير " أحياناً. و " صلى عليه - مرةً -،
وقد اسود من طول ما لُبِس ". (ص 780 - 797) .
الرَّفعُ مِنَ السُّجود
ثم " كان صلى الله عليه وسلم يرفع رأسه من السجود مكبراً ". وأمر بذلك (المسيء صلاته) ؛ فقال:
" لا يتم صلاة لأحد من الناس حتى
…
يسجد، حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: الله
أكبر. ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً ". و " كان يرفع يديه مع هذا التكبير " أحياناً.
(ص 798 - 800) .
الافتراش والإقْعَاءُ بين السَّجْدَتَيْنِ
ثم " يفرش رجله اليسرى، فيقعد عليها [مطمئناً] "، وأمر بذلك (المسيء صلاته) ؛
فقال له: " إذا سجدت؛ فمكن لسجودك، فإذا رفعت؛ فاقعد على فخذك اليسرى ".
و" كان ينصب رجله اليمنى ". و " يستقبل بأصابعها القبلة ".
و" كان أحياناً يقعي؛ [ينتصب على عقبيه، وصدور قدميه] ". (ص 801 - 807) .
وجوبُ الاطمئنان بين السجدتين
و" كان صلى الله عليه وسلم يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ". وأمر بذلك (المسيء
صلاته) ، وقال له:" لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك ". و " كان يطيلها حتى تكون
قريباً من سجدته ". وأحياناً " يمكث حتى يقول القائل: قد نسي ". (ص 808) .
الأذكار بين السَّجدتين
وكان صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الجلسة:
1-
" اللهم (وفي لفظ: رب!) اغفر لي، وارحمني، [واجبرني] ، [وارفعني] ،
واهدني، [وعافني]، وارزقني ". وتارة يقول:
2-
" رب! اغفر لي، رب! اغفر لي ". وكان يقولهما في صلاة الليل. (ص 809 - 814) .
السجدة الثانية، والرفع منها
ثم " كان يكبر ويسجد السجدة الثانية ". وأمر بذلك (المسيء صلاته) ؛ فقال له بعد
أن أمره بالاطمئنان بين السجدتين - كما سبق -: " ثم تقول: الله أكبر. ثم تسجد حتى
تطمئن مفاصلك، [ثم افعل ذلك في صلاتك كلها]". و " كان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع هذا
التكبير " أحياناً. وكان يصنع في هذه السجدة مثل ما صنع في الأولى. ثم " يرفع رأسه
مكبراً ". وأمر بذلك (المسيء صلاته) ؛ فقال له بعد أن أمره بالسجدة الثانية - كما مر -:
" ثم يرفع رأسه، فيكبر ". وقال له: " [ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة] ؛ فإذا فعلت
ذلك؛ فقد تمت صلاتك، وإن انتقصت منه شيئاً؛ انتقصت من صلاتك ". و " كان يرفع
يديه " أحياناً. (ص 815) .
جَلْسَةُ الاسْتِراحَةِ
ثم " يستوي قاعداً " " على رجله اليسرى معتدلاً؛ حتى يرجع كل عظم إلى
موضعه ". (ص 816 - 823) .
القيام إلى الركعة الثانية
الاعتماد على اليدين في النُّهوض إلى الركعة
ثم " كان صلى الله عليه وسلم ينهض معتمداً على الأرض إلى الركعة الثانية ". و " كان يعجن في
الصلاة: يعتمد على يديه إذا قام ".
و" كان صلى الله عليه وسلم إذا نهض في الركعة الثانية؛ استفتح القراءة بـ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
العَالَمِينَ} ، ولم يسكت ". وكان يصنع في هذه الركعة مثل ما يصنع في الأولى؛ إلا أنه
كان يجعلها أقصر من الأولى - كما سبق -. (ص 824 - 827) .
وجوبُ قراءة {الفَاتِحَة} في كُلِّ ركعةٍ
وقد أمر (المسيء صلاته) بقراءة {الفَاتِحَة} في كل ركعة؛ حيث قال له بعد أن أمره
بقراءتها في الركعة الأولى: " ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " (وفي رواية: " في كل
ركعة ") . وقال: " في كل ركعة قراءة ". (ص 828) .
التشهد الأول / جلسة التشهد
ثم كان صلى الله عليه وسلم يجلس للتشهد بعد الفراغ من الركعة الثانية، فإذا كانت الصلاة
ركعتين كالصبح؛ " جلس مفترشاً "؛ كما كان يجلس بين السجدتين، وكذلك " يجلس
في التشهد الأول " من الثلاثية أو الرباعية. وأمر به (المسيء صلاته) ؛ فقال له: " فإذا
جلست في وسَط الصلاة؛ فاطمئن، وافترش فخدك اليسرى، ثم تشهد ". وقال أبو
هريرة رضي الله عنه: " ونهاني خليلي صلى الله عليه وسلم عن إقعاء كإقعاء الكلب ". وفي حديث آخر:
" كان ينهى عن عقبة الشيطان ". و " كان إذا قعد في التشهد؛ وضع كفه اليمنى على
فخذه (وفي رواية: ركبته) اليمنى، ووضع كفه اليسرى على فخذه (وفي رواية: ركبته)
اليسرى؛ [باسطها عليها]". و " كان صلى الله عليه وسلم يضع حَدَّ مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ".
و" نهى رجلاً وهو جالس معتمد. على يده اليسرى في الصلاة؛ فقال: " إنها صلاةُ
اليهود " ". وفي لفظ: " لا تجلسْ هكذا؛ إنما هذه جِلْسَة الذين يعذَّبون ". وفي حديث
آخر: " هي قِعْدَة المغضوب عليهم ". (ص 829 - 837) .
تحريكُ الإصْبَع في التشهد
و" كان صلى الله عليه وسلم إذا جلس [يتشهد] ؛ وضع كَفَّه اليسرى على ركبته اليسرى [باسطها
عليها] ، ويقبضُ أصابعَ كفِّه اليمنى كلها، ويشير بإصبعه التي تلي الإبهام [في القبلة،
ويرمي ببصره إليها - أو نحوها] ". و " كان إذا أشار بإصبعه؛ وضع إبهامه على إصبعه
الوسطى ". وتارة " كان يحلِّق بهما حلقة ".
و" كان إذا رفع أصبعه السبابة؛ يحركها يدعو بها ". ويقول: " لهي أشد على
الشيطان من الحديد ". يعني: السبابة. و " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بعضهم على
بعض. يعني: الإشارة بالإصبع في الدعاء ". و " كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك في التشهدين
جميعاً ". و " رأى رجلاً يدعو بأصبعيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أحِّدْ [أحِّدْ] "، [وأشار
بالسبابة] ". (ص 838 - 859) .
وجوبُ التشهد الأول، ومشروعيةُ الدعاءِ فيه
ثم " كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في كل ركعتين (التحية) ". و " كان أول ما يتكلم به عند القعدة:
(التحيات لله)". و " كان إذا نسيها في الركعتين الأوليين؛ يسجد للسهو ". وكان يأمر بها
فيقول: " إذا قعدتم في كل ركعتين؛ فقولوا: التحيات
…
(إلخ) ، وليتخير أحدكم من
الدعاء أعجبه إليه، فَلْيَدعُ الله عز وجل [به]"، وفي لفظ: " قولوا في كل جلسة:
التحيات
…
". وأمر به (المسيء صلاته) أيضاً - كما تقدم آنفاً -. و " كان صلى الله عليه وسلم يعلمهم
التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن ". و " السنة إخفاؤه ". (ص 860 - 869) .
صِيَغُ التشهد
وعلمهم صلى الله عليه وسلم أنواعاً من صيغ التشهد:
1-
تشهد ابن مسعود: قال: علَّمني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم التشهد -، [و] كَفِّي بين كَفَّيْه -؛
كما يعلمني السورة من القرآن: " التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك
أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين -[فإنه إذا قال
ذلك؛ أصاب كُلَّ عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض]-، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد
أن محمداً عبده ورسوله "، [وهو بين ظهرانينا، فلما قبض؛ قلنا: السلام على النبي] .
وكانوا قبل ذلك [قبل أن يفرض التشهد] يقولون: السلام على الله قبْلَ عباده،
[السلام علينا من ربنا] ، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، السلام على فلان
[وفلان]-[يعنون الملائكة]-، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم [ذات يوم] ؛ أقبل علينا بوجهه،
فقال: " [لا تقولوا: السلام على الله. فـ] إن الله هو السلام، فإذا جلس أحدكم في
الصلاة؛ فليقل: " التحيات
…
" فذكره إلى آخره. وقال بعد قوله: " السلام علينا وعلى
عباد الله الصالحين ": " فإنه إذا قال ذلك؛ أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض ".
2-
تشهد ابن عباس: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، كما يعلمنا [السورة
من] القرآن؛ فكان يقول: " التحيات، المباركات، الصلوات، الطيبات لله، السلام (وفي
رواية: سلام) عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام (وفي رواية: سلام) علينا،
وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، و [أشهد] أن محمداً رسول الله (وفي
رواية: عبده ورسوله) ".
3-
تشهد ابن عمر: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في التشهد: " التحيات لله، [و]
الصلوات، [و] الطيبات، السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله - قال ابن عمر: زدت
فيها: وبركاته -، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله - قال
ابن عمر: وزدت فيها: وحده لا شريك له -، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ".
4-
تشهد أبي موسى الأشعري: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
…
وإذا كان عند
القعدة؛ فليكن من أول قول أحدكم: التحيات، الطيبات، الصلوات لله، السلام عليك
أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا
إله إلا الله [وحده لا شريك له] ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، [سبع كلمات هن
تحية الصلاة] ".
5-
تشهد عمر بن الخطاب: كان رضي الله عنه يعلم الناس التشهد وهو على المنبر؛
يقول: " قولوا: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات [لله] ، السلام عليك
…
(والباقي
مثل تشهد ابن مسعود) ".
6-
تشهد عائشة: قال القاسم بن محمد: كانت عائشة تعلمنا التشهد، وتشير
بيدها تقول: " التحيات، الطيبات، الصلوات، الزاكيات لله، السلام على النبي
…
"
إلى آخر تشهد ابن مسعود. (ص 870 - 903) .
الصلاةُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومَوْضِعُها، وصِيَغُها
وكان صلى الله عليه وسلم يصلي على نفسه في التشهد الأول وغيره. وسَنَّ ذلك لأمته؛ حيث
أمرهم بالصلاة عليه بعد السلام عليه. وعلمهم أنواعاً من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
1-
" اللهم! صل على محمد، وعلى أهل بيته، وعلى أزواجه، وذريته؛ كما
صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وبارك على محمد، وعلى أهل بيته، وعلى
أزواجه، وذريته؛ كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ". وهذا كان يدعو به
هو نفسه صلى الله عليه وسلم.
2-
" اللهم! صل على محمد، وعلى آل محمد؛ كما صليت على [إبراهيم،
وعلى] آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم! بارك على محمد، وعلى آل محمد؛ كما
باركت على [إبراهيم، وعلى] آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ".
3-
" اللهم! صل على محمد، وعلى آل محمد؛ كما صليت على إبراهيم، [وآل
إبراهيم] ، إنك حميد مجيد. وبارك على محمد، وعلى آل محمد؛ كما باركت على
[إبراهيم، و] آل إبرإهيم، إنك حميد مجيد ".
4-
" اللهم! صل على محمد [النبي الأمي] ، وعلى آل محمد؛ كما صليت على
[آل] إبراهيم. وبارك على محمد [النبي الأمي] ، وعلى آل محمد؛ كما باركت على
[آل] إبراهيم، في العالمين، إنك حميد مجيد ".
5-
" اللهم! صل على محمد عبدك ورسولك؛ كما صليت على [آل] إبراهيم،
وبارك على محمد [عبدك ورسولك] ، [وعلى آل محمد] ؛ كما باركت على إبراهيم،
[وعلى آل إبراهيم] ".
6-
" اللهم! صل على محمد، و [على] أزواجه، وذريته؛ كما صليت على [آل]
إبراهيم. وبارك على محمد، و [على] أزواجه، وذريته؛ كما باركت على [آل] إبراهيم،
إنك حميد مجيد ".
7-
" اللهم! صل على محمد، وعلى آل محمد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد؛
كما صليت وباركت على إبراهيم، وآل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد ".
وكذلك سَنَّ لهم الدعاء في هذا التشهد وغيره، فقال صلى الله عليه وسلم: " إذا قعدتم في كل
ركعتين؛ قولوا: التحيات لله
…
". فذكرها إلى آخرها، ثم قال: " ثم ليتخير من الدعاء
أعجبه إليه ". (ص 904 - 949) .
القيام إلى الركعة الثالثة ثم الرابعة
ثم كان صلى الله عليه وسلم ينهض إلى الركعة الثالثة مكبراً، وأمر به (المسيء صلاته) في قوله:
" ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة " - كما تقدم -. و " كان صلى الله عليه وسلم إذا قام من القعدة؛
كبَّر، ثم قام ". و " كان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه " مع هذا التكبير أحياناً.
و" كان إذا أراد القيام إلى الركعة الرابعة؛ قال: (الله أكبر) ". وأمر به (المسيء
صلاته) - كما تقدم آنفاً -. و " كان صلى الله عليه وسلم. يرفع يديه " مع هذا التكبير أحياناً.
ثم " كان يستوي قاعداً على رجله اليسرى معتدلاً حتى يرجع كل عظم إلى
موضعه، ثم يقوم معتمداً على الأرض ". و " كان يعجن: يعتمد على يديه إذا قام ".
و" كان يقرأ في كل من الركعتين: {الفَاتِحَة} "، وأمر بذلك (المسيء صلاته) ، وكان
ربما أضاف إليهما في صلاة الظهر بضع آيات - كما سبق بيانه في (القراءة في صلاة
الظهر) -. (ص 950 - 953) .
القنوت في الصلوات الخمس للنازلة
و" كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدعو على لأحد أو يدعو لأحد؛ قنت في الركعة الأخيرة
بعد الركوع إذا قال: " سمع الله لمن حمده. اللهم! ربنا لك الحمد ". و " كان يجهر
بدعائه ". و " يرفع يديه ". و " يُؤَمِّنُ مَنْ خلفه ". و " كان يقنت في الصلوات الخمس كلها ".
لكنه " كان لا يقنت فيها إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم "، فربما قال: " اللهم! أنج
الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، اللهم! اشدد وطأتك على
مضر، واجعلها سنين كسني يوسف، [اللهم! العن لحيان ورعلاً وذكوان، وعصية عصت
الله ورسوله] ". ثم " كان يقول - إذا فرغ من القنوت -: " الله أكبر ". فيسجد ". (ص 954 - 967) .
القنوت في الوتر
و" كان صلى الله عليه وسلم يقنت في ركعة الوتر أحياناً، ويجعله قبل الركوع ". ولا يخصه بنازلة.
وعَلَّم الحسَنَ بن علي رضي الله عنه أن يقول [إذا فرغ من قراءته في الوتر] : " اللهم!
اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت،
وقني شر ما قضيت؛ [فـ] إنك تقضي ولا يُقضى عليك، [و] إنه لا يذل من واليت، [ولا
يَعِزُّ من عاديت] ، تباركت ربنا وتعاليت، [لا منجا منك إلا إليك] ". (ص 968 - 980) .
التشهد الأخير / وجوب التشهد
ثم كان صلى الله عليه وسلم بعد أنْ يتم الركعة الرابعة يجلس للتشهد الأخير. وكان يأمر فيه بما أمر
به في الأول، ويصنع فيه ما كان يصنع في الأول؛ إلا أنه " كان يقعد فيه متوركاً "؛
يفضي بِوَرِكِه اليُسرى إلى الأرض، ويُخْرِجُ قدميه من ناحية واحدة. و " يجعل اليسرى
تحت فخذه وساقه ". و " ينصب اليمنى "، وربما " فرشها " أحياناً.
و" كان يُلْقِمُ كَفَّه اليسرى ركبتَه؛ يتحامل عليها ". (ص 981 - 989) .
وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
وسنَّ فيه الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، كما سَنَّ ذلك في التشهد الأول. وقد مضى هناك ذكر
الصيغ الواردة في صفة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.
وقد " سمع صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته، لم يُمَجِّدِ الله تعالى، ولم يصَلِّ على
النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: " عَجِلَ هذا ". ثم دعاه، فقال له أو لغيره: " إذا صلى أحدكم؛ فَلْيَبْدَأْ
بتحميد ربه جل وعز، والثناء عليه، ثم يصلي (وفي رواية: ليصل) على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم
يدعو بعد بما شاء " ". [و " سمع رجلاً يصلي، فَمَجَّدَ الله، وحمده، وصلى على
النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ادعُ؛ تُجَبْ، وسَلْ؛ تُعْطَ "] ". (ص 990 - 997) .
وجوب الاستعاذةِ من أربع قبل الدُّعاء
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا فرغ أحدكم منَ التشهد [الآخر] ؛ فليستعذ بالله من أربع؛
[يقول: اللهم! إني أعوذ بك] من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا
والممات، ومن شر [فتنة] المسيح الدجال. [ثم يدعو لنفسه بما بدا له]". و " كان يدعو به في
تشهده ". و " كان يعلمه الصحابة رضي الله عنهم كما يعلمهم السورة من القرآن ". (ص 998
- 1001) .
الدعاء قبل السلام، وأنواعه
وكان صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته بأدعية متنوعة؛ تارة بهذا، وتارة بهذا، وأقرَّ أدعية
أخرى، و " أمر المصلي أن يتخير منها ما شاء "، وهاك هي:
1-
" اللهم! إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال،
وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات. اللهم! إني أعوذ بك من المأثم والمغرم ".
2-
" اللهم! إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل [بعد] ".
3-
" اللهم! حاسبني حساباً يسيراً ".
4-
" اللهم! بِعلمكَ الغيبَ، وقدرتكَ على الخَلْق؛ أَحْيني ما عَلِمْتَ الحياةَ خيراً
لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيراً لي. اللهم! وأسألك خشيتَكَ في الغيب والشهادة،
وأسألك كلمة الحق (وفي رواية: الحكم) و [العدل] في الغضب والرضى، وأسألك
القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا يَبِيد، وأسألك قرّة عين [لا تنفد و] لا
تنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة
النظر إلى وجهك، و [أسألك] الشوق إلى لقائك؛ في غير ضَراء مُضِرَّة، ولا فتنة مُضلة.
اللهم! زَيِّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين ".
5-
وعَلَّمَ صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه أن يقول: " اللهم! إني ظلمت نفسي
ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت؛ فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني؛ إنك
أنت الغفور الرحيم ".
6-
وأمر عائشة رضي الله عنها أن تقول: " اللهم! إني أسألك من الخير كله؛
[عاجله وآجله] ؛ ما علمتُ منه وما لم أعلم. وأعوذ بك من الشر كله؛ [عاجله وآجله] ؛
ما علمتُ منه وما لم أعلم. وأسألك (وفي رواية: اللهم! إني أسألك) الجنة، وما قرّب
إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار، وما قرَّب إليها من قول أو عمل. وأسألك
(وفي رواية: اللهم! إني أسألك) من [الـ] خير ما سألك عبدك ورسولك [محمد صلى الله عليه وسلم] ،
وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك [محمد صلى الله عليه وسلم] . [وأسألك] ما قضيت
لي من أمر أن تجعل عاقبته [لي] رشداً ".
7-
و " قال لرجل: " ما تقول في الصلاة؟ ". قال: أتشهد، ثم أسأل الله الجنة، وأعوذ
به من النار، أما والله! ما أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ، وَلا دَنْدَنَةَ معاذ. فقال صلى الله عليه وسلم:" حولها نُدَنْدِن " ".
8-
وسمع رجلاً يقول في تشهده: (اللهم! إني أسألك يا الله (وفي رواية: بالله)
[الواحد] الأحد الصمد؛ الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كُفُواً أحد أن تغفر لي
ذنوبي؛ إنك أنت الغفور الرحيم) . فقال صلى الله عليه وسلم: " قد غفر له، قد غفر له، قد غفر له ".
9-
وسمع آخر يقول في تشهده: (اللهم! إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا
أنت؛ [وحدك لا شريك لك] ، [المنان] ، [يا] بديعَ السماوات والأرض! يا ذا الجلال
والإكرام! يا حي يا قيوم! [إني أسألك][الجنة، وأعوذ بك من النار] ) . [فقال النبي صلى الله عليه وسلم
لأصحابه: " تدرون بما دعا؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: " والذي نفسي بيده!] لقد
دعا الله باسمه العظيم (وفي رواية: الأعظم) ، الذي إذا دعي به؛ أجاب، وإذا سئل به؛
أعطى ". وكان من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم:
10-
" اللهم! اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أسرفت،
وما أنت أعلم به مني، أنت المقدِّم، وأنت المؤخِّر، لا إله إلا أنت ". (ص 1002 - 1022) .
التسليم
ثم " كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه: " السلام عليكم ورحمة الله "، [حتى يُرى بياض خده
الأيمن] ، وعن يساره:" السلام عليكم ورحمة الله "، [حتى يُرى بياض خده الأيسر] ".
وكان أحياناً يزيد في التسليمة الأولى: " وبركاته ".
و" كان إذا قال عن يمينه: " السلام عليكم ورحمة الله "؛ اقتصر أحياناً على قوله عن
يساره: " السلام عليكم ".
وأحياناً " كان يسلم تسليمة واحدة: " السلام عليكم "، " تلقاء وجهه؛ يميل إلى الشق
الأيمن شيئاً "، [أو: قليلاً] ".
و" كانوا يشيرون بأيديهم إذا سلموا عن اليمين وعن الشمال، فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
فقال: " ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شُمْس؟! إذا سلم أحدكم؛
فليلتفت إلى صاحبه، ولا يومئ بيده ". [فلما صلوا معه أيضاً؛ لم يفعلوا ذلك] . (وفي
رواية: " إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه؛ من على يمينه
وشماله ") ". (ص 1023 - 1036) .
وجوب التسليم
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "
…
وتحليلها (يعني: الصلاة) التسليم ". (ص 1037 - 1039) .
* * *