المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التسليم ثم " كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه: - أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم - جـ ٣

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: ‌ ‌التسليم ثم " كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه:

‌التسليم

ثم " كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه: " السلام عليكم ورحمة الله "، [حتى يُرى

بياض خده الأيمن] ، وعن يساره:" السلام عليكم ورحمة الله "، [حتى يُرى

بياض خده الأيسر] " (1) .

(1) هو من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

أخرجه أبو داود (1/157) ، والنسائي (1/194 - 195) ، والترمذي (2/89) ، وابن

ماجه (1/295) ، والدارقطني (136) ، والطحاوي (1/158) ، والطبراني في " الكبير "

{ (3/67/2) } والبيهقي (2/177) ، وأحمد (1/390 و 406 و 408 و 409 و 444

و448) ، {وعبد الرزاق في " مصنفه "(2/219) ، وأبو يعلى في " مسنده "(3/1252) =

[9/40/5102] } من طرق عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص - زاد بعضهم: - والأسود

ابن يزيد وعلقمة؛ ثلاثتهم عن عبد الله بن مسعود. وقال الترمذي - وليس عنده الزيادة -:

" حديث حسن صحيح "(*) .

ثم أخرجه النسائي، والدارقطني، والطحاوي، والبيهقي، وأحمد (1/394 و 418)

عن إسرائيل وزهير؛ كلاهما عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه - زاد

بعضهم أيضاً: - وعلقمة عن ابن مسعود به بزيادة:

ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك. وقال الدارقطني:

" إنه أحسن إسناداً من الأول ".

ثم أخرجه هو، والبيهقي، وأحمد (1/409 و 414 و 438) من طرق أخرى. وأصله

في " صحيح مسلم "(2/91) ، والنسائي، والدارمي (1/310 - 311) ، والبيهقي،

_________

(*) وعزاه الشيخ رحمه الله في " الصفة " المطبوع للطبراني في " الأوسط "(1/2600/2) .

ص: 1023

وكان أحياناً يزيد في التسليمة الأولى: " وبركاته "(1) .

وأحمد أيضاً (1/444) مختصراً عن أبي معمر:

أن أميراً كان بمكة يسلم تسليمتين، فقال عبد الله: أنَّى عَلِقَها (*) ؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

كان يفعله.

والأحاديث في التسليمتين كثيرة متواترة، وقد ساقها الطحاوي بأسانيدها،

وخرجها الزيلعي في " نصب الراية "(1/432 - 434) ، والعسقلاني في " التلخيص "

(3/522 - 523) . فليراجعها من شاء.

(1)

قال الحافظ (3/523) :

" وقعت هذه الزيادة في " صحيح ابن حبان " من حديث ابن مسعود، وهي عند ابن

ماجه أيضاً، وهي عند أبي داود أيضاً في حديث وائل بن حجر، فيتعجب من ابن

الصلاح حيث يقول: إن هذه الزيادة ليست في شيء من كتب الحديث! ".

قلت: وحديث ابن مسعود: أخرجه الطيالسي أيضاً؛ فقال في " مسنده "

(ص 37) : ثنا همام عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن

عبد الله:

أنه كان يسلم عن يمينه:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وعن يساره:

السلام عليكم ورحمة الله.

وهذا موقوف. وهو صحيح إن كان همام سمعه من عطاء قبل أن يختلط.

_________

(*) أي: مِن أين تعلّمها؟ ومِن أين جاءَ بها؟ " نهاية ".

ص: 1024

..............................................................................

وقد أخرجه الدارقطني (135) مرفوعاً من طريق أخرى، وضعفه بعبد الوهاب بن مجاهد.

وأما ابن ماجه؛ فنسختنا من " سننه " المطبوعة في مصر عارية من هذه الزيادة، وقد

قال ابن رسلان في " شرح السُّنَن ":

" لم نجدها في ابن ماجه ". فالظاهر أن ذلك من اختلاف النسخ، ويؤيد ذلك أن

الصنعاني يقول (1/275) إنه قرأها في نسخة صحيحة مقروءة من ابن ماجه بلفظ:

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه، وعن شماله؛ حتى يُرى بياض خده:

" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".

قلت: وهو في ابن ماجه (1/295) من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن

ابن مسعود به دون الزيادة - كما ذكرنا (*) -، وقد سبق الحديث برواية أصحاب " السنن "

وغيرهم بدونها؛ ففي ثبوتها في ابن ماجه - مع ذاك الاختلاف - نظر عندي. والله

أعلم.

وأما حديث وائل: فأخرجه أبو داود (1/157 - 158) عن موسى بن قيس

الحضرمي عن سلمة بن كهيل عن علقمة بن وائل عن أبيه قال:

صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يسلم عن يمينه:

" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ". وعن شماله:

" السلام عليكم ورحمة الله ".

وهذا سند صحيح. رجاله كلهم ثقات رجال " الصحيح ".

_________

(*) وقد عزاه الشيخ رحمه الله في " الصفة " المطبوع لابن خزيمة (1/87/2) = [1/359/728] .

وهو فيه من الطريق نفسها، وفيه الزيادة في التسليمتين.

ص: 1025

..............................................................................

وقد صححه {عبد الحق في " أحكامه " (56/2) ، و} النووي في " المجموع "

(3/479) ، والحافظ في " بلوغ المرام "، ولكنهما أورداه بذكر الزيادة في التسليمتين.

وهي في نسختنا من " السنن " في التسليمة الأولى فقط - كما رأيت -؛ فلا أدري:

أذلك من اختلاف نسخ " سنن أبي داود " أيضاً، أم وهما في نقلهما عنه (*) ! والله أعلم.

وإنما قيدت هذه الزيادة بالتسليمة الأولى بناء على ما وقع في نسختنا من " السنن "،

وتقوَّى ذلك عندي برواية الطيالسي عن ابن مسعود المتقدمة؛ فإنها لم تذكر في

التسليمة الثانية، فإن ثبتت فيها؛ قلنا بها، وذكرناها في الكتاب، وإلا؛ فنحن واقفون

عند الوارد الثابت (**) .

ويتأيد هذا بأن المعروف عند من يُعنى بدراسة هديه صلى الله عليه وسلم في شؤونه كلها أنه كان

يخص اليد اليمنى والجهة اليمنى بمزيد من التشريف والعناية، وأقرب مثال على ذلك

تخصيصه صلى الله عليه وسلم اليمين بقوله:

" السلام عليكم ورحمة الله ". واقتصاره في الجهة اليسرى على:

" السلام عليكم ". كما هو مذكور بعد في الأصل. وقد قال السندي رحمه الله:

" مقتضاه أنه يزيد في اليمين: " ورحمة الله "؛ تشريفاً لأهل اليمين بمزيد البر،

ويقتصر على اليسار على قوله: " السلام عليكم ". وقد جاء زيادة: " ورحمة الله " في

اليسار أيضاً. وعليه العمل؛ فلعله كان يترك أحياناً ".

_________

(*) بل هي من اختلاف النسخ؛ كما ذكر الشيخ رحمه الله في " صحيح سنن أبي داود "

(4/155)، ثم قال:" ونسختنا وغيرها على وفق " مختصر السنن " للمنذري

، ولعلها أرجح ".

(**) ثم مال الشيخ رحمه الله في " صحيح سنن أبي داود "(4/152) إلى شذوذها فانظر

كلامه هناك.

ص: 1026

و " كان إذا قال عن يمينه: " السلام عليكم ورحمة الله "؛ اقتصر أحياناً

على قوله عن يساره: " السلام عليكم "(1) .

فاعتبار ما ذكرنا من المعنى يقتضي تخصيص الجهة اليمنى بزيادة:

" وبركاته ". إلا أن يصح عنه صلى الله عليه وسلم ما يخالفه - كما أشرنا -؛ فإنه يقال حينئذٍ: (إذا

جاء الأثر؛ بطل النظر) . أو: (إذا جاء نهر الله؛ بطل نهر معقل) . والله سبحانه

وتعالى أعلم.

(1)

هو من حديث ابن عمر رضي الله عنه. يرويه عنه واسع بن حَبَّان قال:

قلت لابن عمر: أخبرني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كانت؟ قال:

فذكر التكبير كلما وضع رأسه، وكلما رفعه، وذكر السلام:

" السلام عليكم ورحمة الله " عن يمينه، " السلام عليكم " عن يساره.

وقد مضى الحديث بتمامه في (التكبير) .

أخرجه النسائي (1/195) ، وأحمد (2/72) عن عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي

عن عمرو بن يحيى بن عُمَارة عن محمد بن يحيى بن حَبّان عن عمه واسع به.

ثم أخرجه أحمد (2/152) : ثنا روح: ثنا ابن جريج: أخبرني عمرو بن يحيى

به.

وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.

وقد أخرجه الطحاوي (1/198) : ثنا علي بن شيبة قال: ثنا روح بن عُبادة به،

لكنه زاد في التسليمة الثانية:

" ورحمة الله ".

ص: 1027

..............................................................................

وكذلك أخرجه النسائي (1/194)، والبيهقي (2/178) (*) من طريق حجاج قال:

قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن يحيى به.

فقد اختلف فيه على ابن جريج، والرواية الأولى عنه أصح؛ لأن روح بن عبادة

أحفظ من الحجاج - وهو: ابن محمد -؛ قال في " التقريب " عن الأول:

" ثقة فاضل، له تصانيف ". وقال عن الآخر:

" ثقة ثبت، لكنه اختلط في آخر عمره؛ لما قدم بغداد قبل موته ".

فيحتمل أن روايته هذه مما حدث بها في اختلاطه.

ولا يقال: قد وافقه عليها روح بن عبادة في رواية علي بن شيبة.

لأنا نقول: قد خالفه الإمام أحمد عنه، وأين هو من الإمام في الثقة والحفظ

والعدالة؟! بل إنه غير مشهور بالعدالة، وقد ترجمه الخطيب في " تاريخه "(11/436) ؛

فكان غاية ما قاله في توثيقه:

" روى عنه عبد العزيز بن أحمد الغافقي وغيره من المصريين أحاديث مستقيمة ".

ثم إنه يرجح رواية أحمد عن ابن جريج متابعة الدراوردي له، وهو ثقة، احتج به

مسلم، وما اتفق عليه الثقتان؛ أولى بالقبول مما تفرد به ثقة واحد.

فثبت - بما ذكرنا - أن أصل حديث ابن عمر الاقتصار على قوله: " السلام عليكم "

عن يساره.

ففيه أن السنة الإتيان بذلك أحياناً.

وهذا لا ينافي مشروعية زيادة: " ورحمة الله " فيها كالأولى. وعليه أكثر الأحاديث،

بل ذلك غالب أحواله صلى الله عليه وسلم.

_________

(*) وعزاه الشيخ رحمه الله في " الصفة " المطبوع للسراج أيضاً.

ص: 1028

وأحياناً " كان يسلم تسليمة واحدة "(1) :......................................

(1) هو من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان

الحديث.

أخرجه البيهقي في " سننه "(2/179) وفي " المعرفة " أيضاً عن أبي بكر بن

إسحاق، والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة "، عن محمد بن عبد الله الشافعي

وسليمان بن أحمد الطبراني - { [وهو عنده] في " الأوسط "(32/2) من " زوائد

المعجمين "} -؛ ثلاثتهم عن أبي المثنى معاذ بن المثنى: ثنا عبد الله بن عبد الوهاب

الحجبي: ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن حميد عن أنس به (*) .

وهذا إسناد سكت عليه الحافظ الزيلعي (1/433 - 434) ، وقال الحافظ العسقلاني

في " الدراية "(90) :

" ورجاله ثقات ".

قلت: وهم من رجال البخاري؛ غير أبي المثنى هذا - وهو معاذ بن المثنى بن معاذ

العَنْبَري -؛ ترجمه الخطيب في " تاريخه "(13/136) وقال:

" سكن بغداد، وحدث بها، وكان ثقة، مات سنة ثمان وثمانين ومئتين ". وقد ذكر

من شيوخه عبد الله بن عبد الوهاب هذا.

فالحديث عندي صحيح. وقد أورده الهيثمي في " المجمع "(2/145 - 146) بلفظ:

"وعن أنس بن مالك قال:

كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يفتتحون القراءة بـ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ

العَالَمِينَ} ، ويسلمون تسليمة.

_________

(*) وعزاه الشيخ رحمه الله في " الصفة " المطبوع لعبد الغني المقدسي في " السنن "(243/1) ؛

قال: " بسند صحيح ".

ص: 1029

" السلام عليكم "(1) ، " تلقاء وجهه؛ يميل إلى الشق الأيمن شيئاً، [أو:

رواه البزار، والطبراني في " الكبير " و " الأوسط " بالتسليمة الواحدة فقط. ورجاله

رجال " الصحيح ". قال المقدسي:

" قال الطبراني: لم يروه عن حميد إلا عبد الوهاب، تفرد به الحَجَبي.

قلت: رواه أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس:

أنه كان يسلم تسليمة واحدة ".

وأقول: ويتقوى المرفوع بأن له طريقاً أخرى ذكرها ابن عبد البر؛ كما في " الزاد "

(1/94)، ونص كلامه:

" وأما حديث أنس؛ فلم يأت إلا من طريق أيوب السَّخْتِياني عن أنس، ولم يسمع

أيوب من أنس عندهم شيئاً ". وكأنه لم يقف على رواية حميد هذه عن أنس.

وفي الباب عن سَمُرة بن جُنْدب: عند البيهقي.

وعن سلمة بن الأكوع: عنده، وكذا ابن ماجه (1/296) .

وعن سهل بن سعد الساعدي: عنده أيضاً.

وأسانيدها ضعيفة، ولعل بعضها يقوي بعضاً.

وفي الباب أيضاً عن عائشة؛ وهو الآتي:

(1)

هو من حديث عائشة رضي الله عنها. يرويه زرارة بن أوفى قال:

سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ فقالت:

كان يصلي العشاء، ثم يصلي بعدها ركعتين، ثم ينام، فإذا استيقظ وعنده وضوؤه

مُغَطَّى وسواكه؛ استاك، ثم توضأ، فقام؛ فصلى ثمان ركعات، يقرأ فيهن بـ: {فاتحة

الكتاب} وما شاء من القرآن. - وقال مرة: ما شاء الله من القرآن -. فلا يقعد في شيء

ص: 1030

..............................................................................

منهن، إلا في الثامنة؛ فإنه يقعد فيها فيتشهد، ثم يقوم ولا يسلم؛ فيصلي ركعة

واحدة، ثم يجلس فيتشهد، ويدعو، ثم يسلم تسليمة واحدة:

" السلام عليكم ". يرفع بها صوته حتى يوقظنا

الحديث.

أخرجه الإمام أحمد (6/236) : ثنا يزيدُ قال: ثنا بَهْزُ بن حَكِيم - وقال مَرّةَ: أنا -

قال: سمعت زُرارة بن أوفى يقول:

فذكره.

وهذا سند صحيح.

وقد أخرجه من هذا الوجه أبو داود (1/212) بدون قوله:

واحدة: " السلام عليكم ".

وهو رواية لأحمد من طريق أخرى عن بهز.

وقد رواه قتادة عن زرارة بلفظ:

تسليمة يسمعنا.

أخرجه النسائي (1/250)، وعنه ابن حزم (3/49) من طريق معاذ بن هشام قال:

ثني أبي عنه.

وهو في " مسلم "(2/170) من هذا الوجه، لكنه لم يسق لفظه.

ورواه ابن حبان في " صحيحه "(رقم 669 - موارد) ، وأبو العباس السراج في

" مسنده "؛ كما في " التلخيص "(3/522)، قال:

" وإسناده على شرط مسلم، ولم يستدركه الحاكم، مع أنه أخرج حديث زهير بن

محمد عن هشام - كما يأتي - ".

فالحديث نص صريح في جواز الاقتصار على التسليمة الواحدة، وقد نازع ابن القيم

في ذلك؛ حيث قال (1/93 - 94) :

ص: 1031

قليلاً] " (1) .

" إن عائشة أخبرت أنه كان يسلم تسليمة واحدة يوقظهم بها، ولم تنف الأخرى ".

كذا قال. وتعقّبه الزُّرقاني في " شرح المواهب "(7/336) بقوله:

" هذا إنما يصح لو جعلت عائشة الإيقاظ غاية للوَحْدَة، وهي إنما جعلته غاية لرفع

الصوت؛ فهو صريح في الاقتصار على واحدة؛ لأنها جعلتها صفة لتسليمه، فرفعت

احتمال المجاز؛ فهو نص في الوَحدة ".

وللحديث طريق أخرى عن عائشة؛ وهو الآتي بعده:

(1)

هو من حديث عائشة أيضاً:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه

إلخ.

أخرجه الترمذى (2/90 - 91) ، {وابن خزيمة [1/360/729] } ، والدارقطني

(137)

، والحاكم (1/230 - 231) ، وعنه البيهقي (2/179) ؛ كلهم من طريق عمرو بن

أبي سَلَمة التّنِّيسي عن زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عنها.

والزيادة للبيهقي. وقال الدارقطني:

(قليلاً) .. بدل: (شيئاً) . وجمع بينهما الحاكم. والله أعلم.

ورواه الطحاوي (1/159) من هذا الوجه، دون قوله:

تلقاء وجهه

إلخ.

ورواه ابن ماجه (1/291) من طريق عبد الملك بن محمد الصَّنْعاني: ثنا زهير بن

محمد به إلى قوله: تلقاء وجهه. ثم قال الحاكم:

" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي، {وابن الملقن (29/1) } .

لكن أعله بعضهم بزهير بن محمد هذا؛ فقال:

" وهو - وإن كان من رجال " الصحيحين "؛ لكن - له مناكير، وهذا الحديث منها ".

ص: 1032

و " كانوا يشيرون بأيديهم إذا سلموا عن اليمين وعن الشمال، فرآهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال:

" ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شُمْس (1) ؟! إذا سلم

قلت: لكنه لم يتفرد به؛ فقد رواه بقي بن مخلد في " مسنده " من رواية عاصم عن

هشام بن عروة به مرفوعاً. قال الحافظ (3/522) :

" وعاصم عندي هو: ابن عمر، وهو ضعيف. ووهم من زعم أنه ابن سليمان

الأحول. والله أعلم ".

وذكر آخر أن الصواب في الحديث أنه موقوف؛ كما أخرجه الحاكم، والبيهقي من

طرق عن عبيد الله عن القاسم عنها:

أنها كانت تسلم في الصلاة تسليمة واحدة قِبَلِ وجهها: السلام عليكم.

قلت: هذه طريق أخرى، ولا مخالفة بينهما؛ فعائشة روت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم كما رواه

غيره، وكانت تعمل بما روت - كما سبق مثله عن أنس -. قال البيهقي:

" وروي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم سلموا تسليمة واحدة. وهو

من الاختلاف المباح والاقتصار على الجائز. وبالله التوفيق ".

وللحديث شواهد:

منها: حديث أنس بسند صحيح (*) ، وقد خرجته في " الأحاديث الصحيحة "

(316)

، {و " الإرواء " تحت الحديث (327) } .

(1)

هو بإسكان الميم وضمها. وهي التي لا تستقر؛ بل تضطرب، وتتحرك بأذنابها

وأرجلها. والمراد بالرفع المنهي عنه: رفعُهم أيديهم عند السلام مشيرين إلى السلام من

الجانبين. كذا في " شرح مسلم ".

وقد حمله بعض الحنفية على كل رفع، بما فيه الرفع في الانتقالات. وقد مضى

_________

(*) وقد سبق تخريجه (ص 1029) .

ص: 1033

أحدكم؛ فليتفت إلى صاحبه، ولا يومئ بيده ". [فلما صلوا معه أيضاً؛

لم يفعلوا ذلك] . (وفي رواية:

" إنما يكفي أحدَكم أن يضعَ يدَه على فَخِذِه، ثم يسلم على أخيه؛ من

على يمينه وشماله ") "(1) .

الرد عليهم [ص 613 - 615] .

(1)

هو من حديث جابر بن سَمُرة قال:

صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنا إذا سلمنا؛ قلنا بأيدينا: السلام عليكم. فنظر إلينا

رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال:

فذكره.

أخرجه مسلم (2/30) ، والنسائي (1/195) ، والطبراني في " الكبير "، والبيهقي

(2/181) عن عبيد الله بن موسى: ثنا إسرائيل عن فُرات القَزّاز عن عبيد الله - وهو: ابن

القطيفية (*) - عنه. والزيادة للطبراني (**) .

والرواية الأخرى هي عند مسلم أيضاً {وأبي عوانة [2/238 - 239] } ، وكذا

البخاري في " رفع اليدين "(13) ، والنسائي (194) ، وأبي داود (1/158) ، والطحاوي

(1/158) ، {وابن خزيمة [1/361/733] } ، والبيهقي (2/178 و 180) ، وأحمد

(5/86 و 88)، والطبراني في " الكبير "؛ كلهم عن مسعر: ثني عبيد الله ابن القطيفية (*)

به.

_________

(*) كذا في أصل الشيخ رحمه الله تعالى في الموضعين. والصواب: القبطية. كما في

" التهذيب "، و " التقريب "، وكذا في " مسلم " و " صحيح سنن أبي داود "(916) ، و " المسند "، و " أبي

عوانة " وغيرهم.

(**) وعزاه الشيخ رحمه الله تعالى في " الصفة " المطبوع للسراج، وأبي عوانة، وهو في

" مسنده "(2/239 و 240) من طرق عن الفُرات القَزاز به. وعنده الزيادة في الرواية الثانية.

ص: 1034

..............................................................................

وله طريق أخرى بلفظ:

" ما لي أراكم رافعي أيديكم؛ كأنها أذناب خيل شُمْس! اسكنوا في الصلاة ".

أخرجه مسلم، وأبو داود، والطحاوي (1/265) ، والطيالسي (106) ، وأحمد

(5/93) ، والطبراني في " الكبير " عن تميم بن طَرَفَةَ عن جابر به.

وقوله: " ثم يسلم على أخيه "؛ قال النووي:

" المراد بالأخ: الجنس؛ أي: إخوانه الحاضرين عن اليمين والشمال ".

وفي الحديث إشارة إلى أنه ينبغي على المصلي أن ينوي بسلامه إخوانه الحاضرين

معه في الصلاة.

وقد جاء الأمر بذلك نصاً في حديث مختلف فى ثبوته؛ رواه قتادة عن الحسن عن

سَمُرَة بن جُنْدُب قال:

أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسلم على أئمتنا، وأن يسلم بعضنا على بعض. (زاد في

رواية: في الصلاة) .

أخرجه أبو داود (1/158) ، وابن ماجه (1/296) ، والدارقطني (138) ، والحاكم

(1/270) ، والبيهقي (2/181) من طريق سعيد بن بَشِير وهَمّام؛ كلاهما عن قتادة به.

وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. وقال النووي في " المجموع "(3/480) :

" وإسناد روايتي الدارقطني والبيهقي حسن. واعتضدت طرق هذا الحديث؛ فصار

حسناً أو صحيحاً ". وقال الحافظ (3/523) :

" ورواه البزار. وزاد: في الصلاة.

وإسناده حسن ".

ص: 1035

..............................................................................

قلت: ورجاله عند ابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي في رواية رجال الشيخين.

لكن الحديث فيه علة؛ وهي أنه من رواية الحسن - وهو: البصري - عن سَمُرَة. قال

الشوكاني (2/253) :

" وقد اختلف في سماعه منه على أربعة مذاهب: سمع منه مطلقاً. لم يسمع منه

مطلقاً. سمع منه حديث العقيقة. سمع منه ثلاثة أحاديث. وقد قدمنا بسط ذلك ".

والمتحقق من هذه الأقوال أنه سمع من سمرة في الجملة - كما ذهب إليه الحافظ في

" التهذيب "(2/270) -؛ ولكن لما كان الحسن - على جلالة قدره - مشهوراً بالتدليس،

وكثرة الإرسال - كما قال الحافظ في " التقريب " -؛ فلا يحتج بحديثه هذا؛ لأنه قد

عنعنه، ولم يصرح بسماعه من سَمُرة.

نعم؛ له طريق أخرى عند أبي داود (1/154)، وعنه البيهقي بلفظ:

" ثم سلِّموا عن اليمين، ثم سلموا على قارئكم، وعلى أنفسكم ".

لكنه ضعيف؛ لما فيه من المجاهيل - كما قال في " التلخيص " -. ولعل هذا الطريق

هو من الطرق التي عناها النووي بقوله السابق:

" واعتضدت طرق الحديث؛ فصار حسناً أو صحيحاً ". فالله أعلم؛ فإني لم أجد له

طريقاً آخر غير هذا.

{ (تنبيه) : لقد حرَّف الإباضية هذا الحديث، فرواه ربيعهم في " مسنده " المجهول

بلفظ آخر، ليحتجوا به على بطلان الصلاة عندهم برفع الأيدي مع التكبير، ومنهم

السيابي المردود عليه في المقدمة (*) ، ولفظهم باطل، وبيانه في " الضعيفة "(6044) } .

_________

(*) مقدمة الطبعة الجديدة لِ " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "(ص 26 - المعارف) .

ص: 1036