المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدعاء قبل السلام، وأنواعه - أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم - جـ ٣

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: ‌الدعاء قبل السلام، وأنواعه

‌الدعاء قبل السلام، وأنواعه

......................................... (*)

وكان صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته (1) بأدعية متنوعة؛ تارة بهذا، وتارة بهذا،

وأقرَّ أدعية أخرى، {و " أمر المصلي أن يتخير منها ما شاء " (2) } ، وهاك هي:

(*) هنا في الأصل - موضع الحذف - قوله:

وكان أحياناً يقول:

" أحسنُ الكلامِ كلامُ الله، وأحسنُ الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم ".

وخرجه الشيخ رحمه الله بقوله: " هو من حديث جابر رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته بعد التشهد:

فذكره.

أخرجه النسائي (1/193) من طريق، جعفر بن محمد عن أبيه عنه.

وهذا سند صحيح على شرط مسلم ".

وقد وجدنا الشيخ رحمه الله لم يذكره في " صفة الصلاة " المطبوع؛ وذلك - لعلّه - لما

تبين له أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما كان يقوله في خطبة الجمعة. والله أعلم.

انظر تعليقه على الحديث (رقم 956) في " المشكاة "(1/301) ، وللتنبيه والفائدة

رأينا جعله في الحاشية.

(1)

لم يأت تعيين محل هذه الأدعية من الصلاة، وهي تشمل كل موضع صالح للدعاء؛

كالسجود، والتشهد، وقد ورد الأمر بالدعاء فيهما - كما سبق -. وانظر " فتح الباري "(2/253) .

(2)

{ [رواه] البخاري ومسلم (*) . قال الأثرم:

" قلت لأحمد: بماذا أدعو بعد التشهد؟

قال: كما جاء في الخبر.

_________

(*) سبق تخريجه مفصلاً (ص 893 - 894) .

ص: 1002

1-

" اللهم! إني أعوذ بك (1) من عذاب القبر (2) ، وأعوذ بك من

قلت له: أوليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثم ليتخير من الدعاء ما شاء "؟

قال: يتخير مما جاء في الخبر.

فعاودته، فقال: ما في الخبر ".

نقله ابن تيمية - ومن خطه نقلت - " مجموع "(69/218/1)، واستحسنه؛ قال:

" فإن اللام في " الدعاء " للدعاء الذي يحبه الله ليس لجنس الدعاء ". إلى آخر

كلامه. ثم قال:

" فالأجود أن يقال: إلا بالدعاء المشروع المسنون، وهو ما وردت به الأخبار، وما كان نافعاً ".

قلت: وهو كما قال؛ لكن معرفة ما كان نافعاً من الدعاء يتوقف على العلم

الصحيح، وهذا قلَّ من يقوم به؛ فالأولى الوقوف عند الدعاء الوارد؛ لا سيما إذا كان فيه

ما يريده الداعي من المطالب. والله أعلم} .

1-

هو من حديث عائشة رضي الله عنها:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة:

فذكرته.

أخرجه البخاري (2/253) ، ومسلم (2/93) ، {وأبو عوانة [2/236 - 237] } ،

وأبو داود (1/141) ، والنسائي (1/193) ، والبيهقي (2/154) ، وأحمد (6/88 - 89)

من طريق الزهري عن عروة عنها.

(1)

قال القاضي عياض رحمه الله:

" دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستعاذته من هذه الأمور التي قد عُوْفِيَ منها وعُصِمَ؛ إنما فعله

ليلتزم خوف الله تعالى، وإعظامه، والافتقار إليه، ولتقتدي به أمته، وليبين لهم صفة

الدعاء، والمهم منه. والله أعلم ". كذا في " شرح مسلم ".

(2)

فيه إثبات عذاب القبر وفتنته. وهو مذهب أهل السنة، وأكثر المعتزلة؛ خلافاً

لمن نفاه؛ كالخوارج، وبعض المعتزلة.

ص: 1003

فتنة (1) المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات. اللهم! إني

وهذا الحديث وأمثاله كثير تَرُدّ عليهم؛ بل ثبت ذلك في القرآن الكريم:

قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلآئِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ

أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ

آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} (6: 93) .

وقال تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذَابِ. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ

تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ} (40: 46) .

وقد تكلم على الآيتين الحافظ في " الفتح "(3/180 - 186) ، وفسرهما، وشرح

الأحاديث التي ذكرها البخاري في هذا الباب، وأطال في استقصائها الحافظ ابن كثير؛

فراجعها في " تفسيره "(2/531 - 538) .

(1)

قال أهل اللغة: (الفتنة) : الامتحان والاختبار. قال عياض: واستعمالها في

العرف لكشف ما يكره. كذا في " الفتح ".

واعلم أن الأحاديث في خروج الدجال في آخر الزمان كثيرة جداً؛ بل هي متواترة،

لا يمكن لمطلع عاقل إنكارها، كلا، ولا تأويل معانيها؛ بل تعطيلها؛ لأن مجموع هذه

الأحاديث تقطع بمجيئه.

وإنه رجل شاب قَطَطٌ، شَبَّهَه صلى الله عليه وسلم بعبد العُزّى بن قَطَن، وإنه أعور العين مكتوب

بين عينيه: (كافر) يقرؤه كل مؤمن؛ كاتب وغير كاتب، وهو يخرج بين الشام والعراق،

تَبَعُهُ من يهود أصفهان سبعون ألفاً، عليهم الطيالسة، لَبْثُه في الأرض أربعون يوماً؛ يوم

كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا، سرعته في الأرض كالغيث

استدبرته الريح، وليس من بلد إلا سيطؤه، إلا مكة والمدينة، يأمر السماء فتمطر،

والأرض فتنبت، يجيء ومعه مثل الجنة والنار، وذلك في رَأْيِ العين، ويأخذ رجلاً

ص: 1004

..............................................................................

فينشره بالمنشار، ثم يحييه، ثم يأخذه ليذبحه، فلا يستطيع إليه سبيلاً؛ فيأخذ بيديه

ورجليه فيقذف به؛ فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة.

ثم يبعث الله تعالى المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق؛

فيطلب الدجال حتى يدركه بـ (باب لُدٍّ) ؛ فيقتله.

كل هذه الأخبار صحيحة ثابتة في " صحيح البخاري " و " مسلم "(*) ، وهي من

الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها؛ كما قال تعالى: {الم. ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ

هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ} .

وأما تأويلها، بل تعطيلها - كما فعل غلام أحمد القادياني الذي كان ادعى النبوة

- بأن المراد بالدجال: الديانة المسيحية الباطلة، أو المبشِّرون بها - كما في كثير من

كتبه، ومنها:" إعجاز المسيح "(ص 27 - 30) -؛ فذلك واضح البطلان، لا يحتاج إلى

بيان.

ومن إعجاز هذا القادياني المخبول: زعمه أن المراد بالشيطان الرجيم في الاستعاذة هو

هذا الدجال - يعني: الديانة المذكورة -؛ قال (29) :

" ولا يفهم هذا الرمزَ إلا ذو القريحة الوقادة "!

فأكْبِرْ به من إعجاز!

ومن وقف على كتبه؛ يعلم أن تفسيره كله أو جله على هذه الطريقة الرمزية الصوفية

الغالية، التي لا تستند إلى قاعدة لغوية أو شرعية، وإنما هي الهوى أو الوحي الشيطاني!

_________

(*) انظر كتاب " قصة المسيح الدَّجّال، ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام وقتله إياه ". بقلم

الشيخ رحمه الله، طبع المكتبة الإسلامية، عَمَّان / الأردن.

ص: 1005

أعوذ بك من المأثم (1) والمغرم ".

وهو في أثناء تفسيره للاستعاذة يشير إلى إنكار وجود الجن وشياطينهم، وإنما الجن عنده

وعند أتباعه الضالين هم زعماء الناس؛ كما صرح لي بذلك بعض أتباعه، وكان قد

جرى بيني وبينه مناظرة شفهية في هذا الموضع في جلسات تبلغ العشر، كان نتيجتها أن

انسحب منها مذموماً مدحوراً.

ونحن الآن (شعبان سنة 66) في صدد عقد اجتماعات كل يوم جمعة لهم،

وبحضور مبشرهم الهندي نور أحمد منير؛ وذلك لوضع شروط المناظرة الكتابية بيننا

وبينهم، بعد أن امتنعوا امتناعاً باتاً من المناظرة الشفهية، وها قد مضى أكثر من أربع

جلسات، وهم يراوغون في الجواب عن السؤال الأول الذي كتبناه لهم في دَفْتَرَيِ

الفريقين، ووقّعوه - كما وقّعناه - بإمضاءاتهم؛ وخلاصته:

هل أنتم مستعدون للبحث معنا في اعتقادكم جواز مجيء أنبياء كثيرين غير

مشرعين بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟

وظاهر أجوبتهم الامتناع عن البحث في هذه العقيدة، ونحن بانتظار الجواب القاطع

منهم، وما أُراني أحصل عليه! والله المستعان.

(1)

{هو الأمر الذي يأثم به الإنسان، أو هو الإثم نفسه؛ وضعاً للمصدر موضع

الاسم، وكذلك (المغرم) : ويريد به الدَّين؛ بدليل تمام الحديث:

قالت عائشة: فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله! فقال:

" إن الرجل إذا غرم؛ حدَّث فكذب، ووعد فأخلف "} .

ص: 1006

2-

" اللهم! إني أعوذ بك من شر ما عملت (1) ، ومن شر ما لم أعمل

[بعد] ".

3-

" اللهم! حاسبني حساباً يسيراً ".

2- هو من حديث عائشة رضي الله عنها: يرويه فَرْوَة بن نَوْفَل قال:

قلت لعائشة: حدثيني بشيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به في صلاته ". فقالت:

نعم؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

فذكره.

أخرجه النسائي (1/192) من طريق جريرعن منصورعن هلال بن يِسَاف عنه.

وهذا سند صحيح على شرط مسلم.

وقد أخرجه هو في " صحيحه "(8/80) ، وكذا أبو داود (1/242) ، وابن ماجه

(2/432) ، وأحمد (6/31 و 100 و 213 و 278) من طرق عن منصور به، دون قوله:

في صلاته. وهو رواية للنسائي (2/321) .

[أخرجه] ابن أبي عاصم في كتاب " السنة " (370 - بتحقيقي، وطبع المكتب

الإسلامي) [من طريق أخرى عن هلال به](*) . والزيادة له} .

(1)

أي: من شر ما فعلت من السيئات، وما تركت من الحسنات، أو من شر كل

ما يتعلق به كسبي أولاً. سندي.

3-

هو من حديث عائشة أيضاً قالت:

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته:

" اللهم! حاسبني حساباً يسيراً ".

فلما انصرف؛ قلت: يا نبي الله! ما الحساب اليسير؟ قال:

_________

(*) ما بين المعقوفات زيادة يتطلبها السياق.

ص: 1007

4-

" اللهم! بِعلمكَ الغيبَ، وقدرتكَ على الخَلْق؛ أَحْيني ما عَلمْتَ

الحياةَ خيراً لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيراً لي. اللهم! وأسَألك

خشيتَكَ في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق (وفي رواية: الحكم)

و [العدل] في الغضب والرضى، وأسألك القصد في الفقر والغنى،

" أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه؛ إنه من نوقش الحساب يومئذٍ - يا عائشة! -؛

هلك، وكل ما يصيب المؤمن يكفِّر الله عز وجل به عنه، حتى الشوكة تشوكه ".

أخرجه أحمد (6/48) ، والحاكم (1/255 و 4/249 - 250) من طريق محمد بن

إسحاق قال: ثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عباد بن عبد الله بن

الزبير عنها.

وهذا إسناد جيد. وقول الحاكم:

" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. ليس بصحيح - كما سبق بيانه مراراً -.

4-

هو من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه.

أخرجه النسائي (1/192) ، وابن نصر في " قيام الليل "(143) ، وابن خزيمة في

" التوحيد "(ص 9) ، والحاكم (1/524) ؛ كلهم عن حماد بن زيد عن عطاء بن السائب

عن أبيه عنه:

أنه صلى يوماً صلاة، فأوجز فيها، فقال بعض القوم: لقد خففت؟ فقال: لقد

دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكرها. قال الحاكم:

" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا؛ فإن عطاء بن السائب - وإن كان

قد اختلط؛ فقد - روى عنه حماد بن زيد قبل الاختلاط؛ ولذلك قال الحافظ العراقي في

" تخريج الإحياء "(1/288) :

" إسناده جيد ".

ص: 1008

وأسألك نعيماً لا يَبِيد (1) ، وأسألك قرّة عين [لا تنفد و] لا تنقطع، وأسألك

الرضى بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر

إلى وجهك، و [أسألك] الشوق إلى لقائك؛ في غير ضَرَّاء مُضِرَّة، ولا فتنة

مُضلة. اللهم! زَيِّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين ".

ثم قد أخرجه النسائي، وأحمد (4/264) من طريق أخرى عن شَرِيك عن أبي

هاشم الواسطي عن أبي مِجْلَز - زاد النسائي: عن قيس بن عُبَاد - قال: صلى عمار بن

ياسر

فذكره بنحوه.

وهذا سند حسن.

والرواية الأخرى لابن نصر، والحاكم. والزيادتان الأولى والأخيرة لابن خزيمة،

والوسطى والأخيرة للحاكم.

(1)

وقال النسائي: " ينفد ".

والصواب رواية الجمهور، ويشهد لها ما في " المسند "(1/437) من طريق شعبة عن

أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال:

مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي، فقال:

" سل؛ تعطه يا ابن أم عبد! ". فقال عمر: فابتدرت أنا وأبو بكر، فسبقني إليه أبو

بكر - وما استبقنا إلى خير إلا سبقني إليه أبو بكر -، فقال: إن من دعائي الذي لا أكاد

أن أدع:

اللهم! إني أسألك نعيماً لا يبيد، وقرة عين لا تنفد، ومرافقة النبي محمد، في

أعلى الجنة؛ جنة الخلد.

ورجاله رجال الستة.

ص: 1009

5-

وعَلّمَ صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه أن يقول:

وقد أخرجه الحاكم (1/523 - 524 و 526) عن شعبة وعن الأعمش عن أبي

إسحاق به. وقال:

" صحيح؛ إذا سلم من الإرسال ". وكذا قال الذهبي. وليس بسالم من الإرسال؛

لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه - كما مضى مراراً -.

والحديث أخرجه أيضاً النسائي في " اليوم والليلة " - كما في " تخريج الإحياء "

(1/288) -.

5-

هو من (مسند أبي بكر) نفسه. يرويه عبد الله بن عمرو عنه:

أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاءً أدعو به في صلاتي. قال: " قل:

" فذكره.

أخرجه البخاري (2/254) ، ومسلم (8/74) ، والنسائي (1/192) ، والترمذي

(2/268 - طبع بولاق)، والبيهقي (2/154) ؛ كلهم من طريق قُتيبة بن سعيد قال: ثنا

الليث عن يزيدَ بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو به. وقال الترمذي:

" حسن صحيح ".

ثم أخرجه البخاري (11/110) عن عبد الله بن يوسف، وابن ماجه (2/431) عن

محمد بن رُمْحٍ، والبيهقي عن يحيى بن بُكَير، وأحمد (1/3 و 7) عن هاشم بن القاسم

وحجاج؛ خمستهم عن الليث به.

وقد أخرجه مسلم عن محمد بن رُمْح، لكنه قال:

" كبيراً ".. بدل: " كثيراً ".

وهي عندي رواية شاذة؛ لمخالفتها لرواية الجماعة، حتى رواية محمد بن رُمْح نفسه

عند ابن ماجه! ويرجحها أيضاً أن البخاري أخرج الحديث (13/320) وفي " الأدب

المفرد " (103)، وكذا مسلم من طريق عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب: أنه

ص: 1010

" اللهم! إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً (1) ، ولا يغفر الذنوب إلا

أنت؛ فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني؛ إنك أنت الغفور

الرحيم ".

سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: إن أبا بكر الصديق قال:

فذكره بلفظ

الجماعة.

وخالفه ابن لهيعة عن يزيد؛ فقال:

" كبيراً ".

أخرجه أحمد (1/4) .

وابن لهيعة: ضعيف.

وظاهر هذه الرواية أن الحديث من (مسند ابن عمرو) ؛ بخلاف الأولى؛ فإن ظاهرها

أنه من (مسند أبي بكر) ، وأوضح من ذلك رواية أبي الوليد الطيالسي عن الليث؛ فإن

لفظه عن أبي بكر: قال: قلت: يا رسول الله!

أخرجه البزار من طريقه - كما في " الفتح "(2/255) -، ثم قال:

" ولا يقدح هذا الاختلاف في صحة الحديث ".

(1)

وفي رواية:

" كبيراً ".

وقد بينا قريباً أنها شاذة. وعلى فرض ثبوتها؛ فينبغي أن يقول هذه تارة، وهذه تارة.

وأما الجمع بينهما فيقال: " كثيراً كبيراً " - كما في " الأذكار " للنووي -؛ فمعترَضٌ

عليه - كما بين ذلك ابن القيم في " الجلاء "(219 - 222) ، والشيخ علي القاري في

" المرقاة "(2/13) -.

ص: 1011

6-

وأمر عائشة رضي الله عنها أن تقول:

" اللهم! إني أسألُك من الخير كله؛ 1 [عاجلهِ وآجلهِ] ؛ ما علمتُ منه

وما لم أعلم. وأعوذُ بك من الشرِّ كله؛ 2 [عاجله وآجلهِ] ؛ ما علمتُ منه وما

لم أعلم. وأسألك (وفي رواية: اللهم! إني أسأَلك) الجنةَ، وما قرَّب إليها

من قولٍ أو عملٍ، وأعوذ بك من النار، وما قرَّب إليها من قول أو عمل.

وأسألك (وفي رواية: اللهم! إني أسألك) من 3 [الـ] خير ما سألك عبدك

ورسولك 4 [محمد صلى الله عليه وسلم] ، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك

ورسولك 5 [محمد صلى الله عليه وسلم] . 6 [وأسألك] ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته

7 [لي] رشداً ".

6- هو من حديث عائشة نفسها:

أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يكلمه، وعائشة تصلي؛ فقال لها

ر سول صلى الله عليه وسلم:

" عليك بالكوامل - أو كلمة أخرى - ". وفي رواية:

" عليك من الدعاء بالكوامل الجوامع ".

فلما انصرفت عائشة؛ سأَلَتْه عن ذلك؟ فقال لها: " قولي:

" فذكره.

أخرجه الحاكم (1/521 - 522) ، وأحمد (6/146 - 147) ، والطيالسي (219)

- والرواية الأخرى له -؛ ثلاثتهم عن شعبة عن جَبْر بن حبيب عن أم كلثوم بنت أبي

بكر عنها. وقال الحاكم:

" صحيح ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.

وقد تابعه الجُرَيري عن جبر بلفظ: عن عائشة قالت:

ص: 1012

..............................................................................

دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي، وله حاجة، فابطأت عليه. قال:

" يا عائشة! عليك بجُمَلِ الدعاءِ وجوامِعِهِ ".

فلما انصرفت؛ قلت: يا رسول الله! وما جُمَلُ الدعاءِ وجوامِعُهُ؟ قال:

" قولي:

" فذكره.

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد "(92 - 93) .

وتابعه أيضاً حماد بن سلمة. لكنه لم يذكر الصلاة.

أخرجه ابن ماجه (2/433 - 434) ، وأحمد (6/134) من طريق عفان عنه. وفي

" الزوائد ":

" في إسناده مقال، وأم كلثوم هذه لم أر من تكلم فيها، وعدَّها جماعة في

الصحابة. وفيه نظر؛ لأنها ولدت بعيد موت أبي بكر. وباقي رجال الإسناد ثقات ".

قلت: أم كلثوم هذه قد روى عنها جمع من الثقات؛ ومنهم: جابر بن عبد الله

الأنصاري رضي الله عنه، ويكفي في توثيقها رواية مسلم لها في " صحيحه "؛ وكأنه

لذلك قال الحافظ في " التقريب ":

" ثقة ".

فالحق أن الحديث صحيح - كما قال الحاكم، والذهبي -. {وقد خرجته في

" الصحيحة "(1542) } .

وروى أبو داود (1/233)، وأحمد (6/189) عن أبي نوفل عن عائشة قالت:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك.

وسنده صحيح على شرط مسلم.

ص: 1013

7-

و " قال لرجل:

" ما تقول في الصلاة؟ ".

قال: أتشهد، ثم أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، أما والله! ما

أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ (1)، ولا دَنْدَنَةَ معاذ. فقال صلى الله عليه وسلم:

" حولها نُدَنْدِنُ " ".

هذا، والزيادتان الأوليان ثابتتان عند الجميع، حاشا الطيالسي.

والزيادة الثالثة هي عنده، وكذا أحمد.

والرابعة والخامسة عند الجميع، حاشا ابن ماجه.

والسادسة عندهم، إلا البخاري.

والأخيرة تفرد بها الطيالسي.

والروايتان الأخريان لابن ماجه وأحمد.

7-

هو من حديث بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه أبو داود (1/127) ، وأحمد (3/474) عن زائدة عن سليمان عن أبي صالح

عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل:

الحديث.

وأخرجه ابن ماجه (1/294 و 2/434) ، {وابن خزيمة (1/87/1) = [1/358/725] }

من طريق جرير عن الأعمش - هو سليمان - عن أبي صالح عن أبي هريرة به.

وهذا سند صحيح. ورجاله ثقات - كما قال في " الزوائد " -، وكذلك صححه

النووي في " المجموع "(3/471) ، وهو على شرط الشيخين.

(1)

بفتحات، ما سوى النون الأولى؛ فبسكونها. أي: مسألتك الخفية، أو:

كلامك الخفي.

ص: 1014

8-

وسمع رجلاً يقول في تشهده:

(اللهم! إني أسألك يا الله (1)(وفي رواية: بالله)[الواحد] الأحد

الصمد؛ الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كُفُواً أحد أن تغفر لي

ذنوبي؛ إنك أنت الغفور الرحيم) . فقال صلى الله عليه وسلم:

" قد غفر له، قد غفر له، قد غفر له ".

و (الدندنة) : أن يتكلم الرجل بكلام تسمع نغمته ولا يفهم. وضمير (حولها) .

للمقالة؛ أي: كلامنا قريب من كلامك.

8-

هو من حديث مِحْجَن بن الأدرع:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فإذا هو برجل قد قضى صلاته، وهو يتشهد؛

ويقول:

فذكره.

أخرجه أبو داود (1/156) ، والنسائي (1/191) ، والحاكم (1/267) ، وأحمد

(4/338)، {وابن خزيمة [1/358/724] } من طريق عبد الوارث بن سعيد: ثنا حسين

المُعَلِّم عن عبد الله بن بُريدة: ثني حنظلة بن علي عنه. وقال الحاكم:

" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.

قلت: حنظلة بن علي لم يخرج له البخاري في " صحيحه "؛ بل في " الأدب

المفرد "؛ فهو على شرط مسلم فقط.

والزيادة للنسائي وأحمد [وابن خزيمة] .

وأخرج أبو داود (1/234) ، والترمذي (2/260 - طبع بولاق) ، وابن ماجه (2/436) ، =

(1)

هذه رواية أبي داود، وأحمد؛ بياء النداء. ورواية الآخرين:

(بالله) .. بحرف الجر.

ص: 1015

..............................................................................

= والحاكم (1/504)، وأحمد (5/349 - 350 و 360) عن مالك بن مِغْوَل: ثنا عبد الله

ابن بريدة عن أبيه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: (اللهم! إني أسألك بأني أشهد أنك أنت

الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد) .

فقال:

" لقد سأل الله باسمه الأعظم؛ الذي إذا سئل به؛ أعطى، وإذا دعي به؛

استجاب ". وقال الحاكم:

" صحيح على شرطهما ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.

واقتصر الترمذي على تحسينه. وهو قصور. ولعل ذلك بالنسبة إلى بعض رجاله.

وأخرجه أيضاً ابن حبان في " صحيحه ". وقال المنذري (2/274) :

" قال شيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي: وإسناده لا مطعن فيه، ولم يرد في هذا

الباب حديث أجود إسناداً منه ".

ثم أخرجه الحاكم من طريق شريك عن أبي إسحاق عن ابن بُريدة به نحوه،

وقال:

" صحيح على شرط مسلم ". كذا قال!

وأخرجه الطحاوي في " المشكل "(1/61) عنه عن أبي إسحاق ومالك بن مِغْوَل معاً

به.

ص: 1016

9-

وسمع آخر يقول في تشهده:

(اللهم! إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت؛ 1 [وحدك لا

شريك لك] ، 2 [المنان] ، 3 [يا] بديعَ السماوات والأرض! يا ذا الجلال

والإكرام! يا حي! يا قيوم! 4 [إني أسألك] 5 [الجنة، وأعوذ بك من النار] ) .

6 [فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه:

9- الحديث من رواية أنس رضي الله عنه.

أخرجه أبو داود (1/234) ، والنسائي (1/191) ، والحاكم (1/503) ، والطحاوي

في " المشكل "(1/62) ، و {ابن منده في " التوحيد "(44/2 و 70/1 - 2) = [ص 109/233

و145/341] ، والضياء المقدسي في " المختارة "، وأحمد (3/158 و 245) عن خلف بن

خليفة: ثنا حفص ابن أخي أنس بن مالك عنه قال:

كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً، ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد وتشهد؛

دعا، فقال في دعائه:

فذكره. وقال الحاكم:

" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.

ورواه ابن حبان أيضاً في " صحيحه " - كما في " الترغيب "(2/274) -.

وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد "(103) مختصراً.

والزيادة الثانية: عند أبي داود، والنسائي، {وابن منده} ، وأحمد. وفي لفظ له:

(الحنَّان) .

والزيادة الثالثة: عنده في رواية، وكذا عند البخاري.

والرابعة: عندهما، وكذا النسائي {وابن منده في الرواية الثانية} .

والخامسة: عنده، وكذا أحمد، وبعضها عند البخاري.

وللحديث ثلاثة طرق: هذا أحدها.

ص: 1017

..............................................................................

والثاني: أخرجه ابن ماجه (2/436) ، وأحمد (3/120) ، والضياء المقدسي عن

وكيع: ثني أبو خزيمة عن أنس بن سيرين عنه بنحوه.

وهذا سند جيد. رجاله رجال الشيخين، حاشا أبا خزيمة، وهو صدوق - كما في

" التقريب " -. وفيه الزيادة الأولى والثانية.

ثم أخرجه الضياء المقدسي من طريق عيسى بن يونس الرملي: ثنا وكيع بن الجراح

- بالرملة - ثنا سفيان: ثني حميد الطويل عن أنس به.

وهذا سند جيد، وطريق آخر إن كان محفوظاً؛ فإن عيسى بن يونس هذا: قال في

" التقريب ":

" صدوق ربما أخطأ ".

والثالث: أخرجه الحاكم (1/504) ، وأحمد (3/265) ، والطحاوي (1/62) ،

{وابن منده في " التوحيد " (67/1) = [ص 136/213] } ، والطبراني في " الصغير "

(ص 215) ، ومن طريقه الضياء المقدسي من وجهين عن إبراهيم بن عُبيد بن رِفاعة

عنه. وفيه الزيادة الثانية والثالثة.

وعند الطبراني وحده {وابن منده [من الطريق الأول؛ الرواية الثانية] } الزيادة الأخيرة

دون قوله:

" والذي نفسي بيده! ".

وعند الحاكم {وابن منده [من الطريق الثالث] } الزيادة التي قبل هذه.

وسكت عليه الحاكم. وكذا الذهبي!

وإسناده صحيح. وفيه عند أحمد والطبراني تسمية الرجل الداعي، وهو أبو عياش

زيد بن صامت الزُّرَقي.

ص: 1018

" تدرون بما دعا؟ ".

قالوا: الله ورسوله أعلم (1) . قال:

" والذي نفسي بيده!] لقد دعا الله باسمه العظيم (2) (وفي رواية:

الأعظم) ، الذي إذا دعي به؛ أجاب، وإذا سئل به؛ أعطى ".

(1)(تنبيه) : جرت عادة كثير من الناس أنهم إذا سئل أحدهم عما لا علم له به،

سواء كان باستطاعة البشر عادة معرفته أم لا؛ أجاب بقوله: الله ورسوله أعلم.

وهذا جهل بالشرع؛ فإنه صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم الغيب وهو في قيد الحياة - كما حكى

الله تعالى ذلك عنه في القرآن: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ

السُّوءُ} -؛ فكيف يعلم صلى الله عليه وسلم ذلك بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى؟! فالصواب اليوم أن

يقتصر في الجواب على قوله: الله أعلم.

وإنما كان الصحابة رضي الله عنهم يجيبونه صلى الله عليه وسلم بقولهم: الله ورسوله أعلم. لعلمهم

بأنه صلى الله عليه وسلم ما سألهم إلا وعنده علم ذلك، وإلا؛ ليُنَبَّئَهُم به.

فتنبه لهذا، ولا تكن من الغافلين!

(2)

فيه مشروعية التوسل إلى الله تعالى بأسماء الله تعالى {الحسنى وصفاته، وهو

ما أمر الله تعالى به في قوله: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 18] } ؛

ولا سيما الاسم الأعظم. وقد اتفق العلماء على ذلك؛ لهذا الحديث وما في معناه.

وإن مما يؤسف له أن ترى الناس اليوم - وفيهم كثير من الخاصة - لا تكاد تسمع أحداً

منهم يتوسل بأسماء الله تعالى؛ بل إنهم على العكس من ذلك يتوسلون بما لم يأت به

كتاب ولا سنة، ولم يعرف عن السالفين من الأئمة؛ كقولهم: أسألك بحق فلان، أو

جاه فلان، أو حرمة فلان!

وقد يحتج أولئك على عملهم هذا بأحاديث بعضها صحيح - كحديث الأعمى،

ص: 1019

..............................................................................

وإن تكلم فيه بعض المتأخرين، فالصواب ما قلناه -، ولكنه لا يدل على ما زعموه - كما بين ذلك العلماء المحققون -، والبعض الآخر ضعيف لا يصح، وفيها كثير من

الموضوعات؛ كحديث:

" لما أذنب آدم عليه الصلاة والسلام

"، وفيه قال:

" أسألك بحق محمد إلا غفرت لي ". كما بينت ذلك في تعليقي على " المعجم

الصغير " (2/148) ، [و " السلسلة الضعيفة " (رقم 25) ] .

ولا أريد التوسع في ذلك الآن، وإنما أردت أن ألفت نظر المسلم البصير في دينه إلى

ما يفعله الإحداث في الدين من صرف الناس عن الصحيح الثابت عن سيد المرسلين،

وذلك مصداق قول بعض الصحابة رضي الله عنهم:

ما أُحدثت بدعة إلا وأُميتت سنة (*) .

وإن مما يتعجب منه أن أكثر علمائنا المتأخرين لا يجيزون لأحدهم مخالفة المذهب،

ولو كان معه دليل صريح من الكتاب والسنة! ثم هم يخالفون المذهب بتجويزهم لذلك

التوسل المبتدع بدون أي دليل صريح من الكتاب والسنة الصحيحة!

أقول: إنهم يخالفون المذهب؛ لأنه قد جاءت نصوص صريحة عن أبي حنيفة

رحمه الله تعالى وأصحابه في المنع مما أجازوا؛ فقال أبو حنيفة رضي الله عنه:

" أكره أن يسأل الله تعالى إلا به ". وكذا قال أبو يوسف، وزاد:

" وأكره أن يقول: بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك ". وكتب المتون مليئة بهذا المعنى.

والكراهة إذا أطلقت؛ فهي للتحريم - كما هو معروف عند علمائنا -. وقال القُدُوري:

" المسألة بخلقه لا تجوز؛ لأنه لا حق للخلق على الخالق؛ فلا تجوز وفاقاً ".

_________

(*) وفي معناه قول حسان بن عطية - وهو تابعي -. انظر " المشكاة "(188) .

ص: 1020

وكان من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم:

10-

(اللهم! اغفر لي ما قَدّمْتُ، وما أَخّرْتُ، وما أَسْرَرْتُ، وما

أَعْلَنْتُ، وما أَسْرَفْتُ، وما أنتَ أعلمُ به مني، أنت المقدِّمُ، وأنت المؤخِّرُ، لا

إله إلا أنت ".

فإذن المسالة متفق عليها بين علمائنا، فما بال المنتسبين إلى الحنفية اليوم ينبزون

بشتى الألقاب مَن ذهب هذا المذهب الصحيح؛ الموافق للكتاب والسنة، وعمل السلف

الصالح رضي الله عنهم؟! وصدق الله العظيم: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن

نُّورٍ} (1) .

10-

هو من حديث علي رضي الله عنه. وقد مضى بطوله في (الاستفتاح)

[الدعاء رقم 2] .

أخرجه بهذا اللفظ مسلم (2/185) ، {وأبو عوانة [2/101 و 168 و 235] } ،

والترمذي (2/250 - 251 - طبع بولاق) وصححه، والبيهقي (2/32) بلفظ:

ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم:

فذكره. وفي رواية لهم

ولغيرهم:

وإذا سلم؛ قال:

فذكره. وبهذا اللفظ تقدم هناك، وهذا بظاهره مخالف للرواية

الأولى؟ قال الحافظ:

" ويجمع بينهما بحمل الرواية الثانية على إرادة السلام؛ لأن مخرج الطريقين واحد.

_________

(1)

{ولشيخ الإسلام ابن تيمية رسالة جيدة في هذا الموضوع اسمها " التوسل والوسيلة "،

فلتطالع؛ فإنها هامة جدّاً لا مثيل لها في موضوعها.

ثم رسالتي " التوسل، أنواعه وأحكامه "..، وهي هامة أيضاً في موضوعها وأسلوبها؛ مع الردّ

على بعض شبهات جديدة من بعض الدكاترة المعاصرين. هدانا الله وإياهم أجمعين} .

ص: 1021

..............................................................................

وأورده ابن حبان في " صحيحه " بلفظ:

كان إذا فرغ من الصلاة وسلم

وهذا ظاهر في أنه بعد السلام. ويحتمل أنه كان يقول ذلك قبل السلام وبعده ".

قلت: وهذا الاحتمال لا بد من المصير اليه، وإلا؛ فاحدى الروايتين خطأ من بعض

الرواة، أو رواية بالمعنى.

والرواية التي عند ابن حبان قد أخرجها قبله أحمد في " المسند "(1/102) بإسناد

صحيح. والله أعلم.

* * *

ص: 1022