الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوب التسليم
وكان صلى الله عليه وسلم يقول:
"
…
وتحليلها (يعني: الصلاة) التسليم " (1) .
(1) مضى بتمامه (ص 182) .
وقوله: " تحليلها "؛ أي: تحليل ما حل خارجها من الأفعال.
والحديث يدل على وجوب التسليم. وهو مذهب الشافعية. وبه قال جمهور العلماء من
الصحابة والتابعين فمن بعدهم. كما في " المجموع "(1/481) و " شرح مسلم " للنووي، قال:
" وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: هو سنة، ويحصل التحلل من الصلاة بكل شيء
ينافيها؛ من سلام، أو كلام، أو حدث، أو قيام، أو غير ذلك. واحتج الجمهور بأن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم، وثبت في " البخاري " أنه صلى الله عليه وسلم قال:
" صلوا كما رأيتموني أصلي ". وبالحديث الآخر:
"
…
تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم " ".
واحتُجَّ لأبي حنيفة بثلاثة أحاديث:
الأول: حديث (المسيء صلاته) .
وأجيب: بأنه لا ينافي الوجوب؛ فإن هذه زيادة، وهي مقبولة.
الثاني: حديث ابن مسعود في التشهد:
" إذا قلت هذا؛ فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم؛ فقم، وإن شئت أن تقعد؛
فاقعد ".
وأُجيب عنه: بأنه حديث لا يثبت - كما سبق في (التشهد)[ص 872]-. وقال
الحافظ (2/257) :
..............................................................................
" ضعفه الحفاظ ".
الثالث: حديث ابن عمرو:
" إذا أحدث - يعني: الرجل -، وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم؛ فقد
جازت صلاته ".
أخرجه أبو داود (1/101) ، وعنه البيهقي (2/176) ، والترمذي (2/261) واللفظ
له من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم: أن عبد الرحمن بن رافع وبكرة بن سَوَادَةَ
أخبراه عنه.
وهذا سند ضعيف. قال الترمذي:
" هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي. وعبد الرحمن بن زياد - هو: الإفريقي، وقد -:
ضعفه بعض أهل الحديث ". وقال البيهقي:
" لا يصح ".
وقد أخرجه أيضاً الطحاوي (1/161 - 162) ، والطيالسي (298) ، والدارقطني
(145 - 146) وقال:
" عبد الرحمن بن زياد: ضعيف، لا يحتج به ". وقال الخطابي في " المعالم "
(1/175) :
" هذا الحديث ضعيف، وقد تكلم الناس في بعض نَقَلَتِه، وقد عارضته الأحاديث
التي فيها إيجاب التشهد والتسليم.
ولا أعلم أحداً من الفقهاء قال بظاهره؛ لأن أصحاب الرأي لا يرون أن صلاته قد
تمت بنفس القعود حتى يكون ذلك بقدر التشهد - على ما رووا عن ابن مسعود -.
ثم لم يقودوا قولهم في ذلك؛ لأنهم قالوا: إذا طلعت عليه الشمس، أو كان متيمماً
..............................................................................
فرأى الماء، وقد قعد مقدار التشهد قبل أن يسلم؛ فقد فسدت صلاته. وقالوا فيمن قهقه
بعد الجلوس قدر التشهد: إن ذلك لا يفسد صلاته، ويتوضأ، ومن مذهبهم: أن القهقهة
لا تنقض الوضوء إلا أن تكون في صلاة، والأمر في اختلاف هذه الأقاويل ومخالفتها
الحديث بيّن ".
فتبين بما تقدم أن كل ما احتجوا به على السُّنِّيَّة لا ينهض.
فالحق: القول بالوجوب؛ كالجمهور. وقد قال به المتأخرون من الحنفية، ولكن
بالوجوب الاصطلاحي عندهم؛ الذي هو دون الفرض.
* * *