المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجوب الاستعاذة من أربع قبل الدعاء - أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم - جـ ٣

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: ‌وجوب الاستعاذة من أربع قبل الدعاء

‌وجوب الاستعاذةِ من أربع قبل الدُّعاء

وكان صلى الله عليه وسلم يقول:

" إذا فرغ أحدكم من التشهد [الآخِر] (1) ؛ " فلْيستعذ (2) بالله من أربع؛

(1) هذه الزيادة تفيد مشروعية هذه الاستعاذة بالتشهد الأخير دون الأول؛ خلافاً

لابن حزم في " المحلى "(3/271)، وتبعه ابن دقيق العيد؛ حيث قال:

" المختار أن يدعو في التشهد الأول، كما يدعو في التشهد الأخير؛ لعموم الحديث

الصحيح:

" إذا تشهد أحدكم؛ فليتعوذ بالله من أربع

". قال الحافظ في " التلخيص " (3/507) :

" وتعقب بأنه في " الصحيح " عن أبي هريرة بلفظ:

" إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير؛ فليتعوذ ". وقال ابن القيم في " الزاد ":

" ولا كان أيضاً يستعيذ فيه - يعني: التشهد الأول - من عذاب القبر وعذاب

النار

إلخ. ومن استحب ذلك؛ فإنما فهمه من عمومات وإطلاقات قد صح تبيين

موضعها، وتقييدها بالتشهد الأخير ". ثم قال الحافظ في " الفتح " (2/253) - بعد أن

ساق الحديث -:

" فهذا فيه تعيين هذه الاستعاذة بعد الفراغ من التشهد؛ فيكون سابقاً على غيره من

الأدعية، وما ورد الإذن فيه أن المصلي يتخير من الدعاء ما شاء يكون بعد هذه الاستعاذة

وقبل السلام ".

قلت: وهذه الزيادة في آخر الحديث - " ثم يدعو لنفسه بما بدا له " - نص في ذلك.

(2)

ظاهره يفيد الوجوب، وقد قال به بعض أهل الظاهر - ومنهم ابن حزم

(3/271) -؛ قال الحافظ (2/256) :

ص: 998

[يقول: (اللهم! إِني أعوذ بك] من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن

فتنة المحيا والممات، ومن شر [فتنة] المسيح الدجال) . [ثم يدعو لنفسه بما

بدا له] " (1) .

" وادعى بعضهم الإجماع على عدم الوجوب. وفيه نظر؛ فقد أخرج عبد الرزاق

بإسناد صحيح عن طاوس ما يدل على أنه يرى وجوب هذه الاستعاذة، وذلك أنه سأل

ابنه: هل قالها بعد التشهد؟ فقال: لا. فأمره أن يعيد الصلاة ".

قلت: وقد روى هذا مسلم في " صحيحه "(2/94) بلاغاً عن طاوس. ثم قال

الحافظ:

" وأفرط ابن حزم؛ فقال بوجوبها في التشهد الأول أيضاً. وقال ابن المنذر:

لولا حديث ابن مسعود: " ثم ليتخير من الدعاء "؛ لقلت بوجوبها ".

أقول: هذا التخيير لا يشمل الاستعاذة من هذه الأربع؛ بدليل أن التخيير جاء

مقيداً بما بعد الفراغ من هذه الأربع - كما سبق -؛ فالحق وجوبها. والله أعلم.

(1)

هو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

أخرجه مسلم (2/93) ، {وأبو عوانة [2/235] } ، وابن ماجه (1/294) ، وأحمد

(2/237)، وعنه أبو داود (1/155) من طريق الوليد بن مسلم: ثني الأوزاعي: ثنا

حسان بن عطية: ثني محمد ابن أبي عائشة: أنه سمع أبا هريرة يقول:

فذكره.

وأخرجه الدارمي (1/310) ، وكذا مسلم من طرق عن الأوزاعي؛ بدون الزيادة الأولى.

ثم أخرجه مسلم، والبيهقي (2/154) ، وأحمد (2/477) عن وكيع عنه بالزيادة

الثانية والثالثة.

وأخرجه النسائي (1/193) ، {وابن الجارود في " المنتقى " (207) } عن عيسى بن

يونس عن الأوزاعي به. وفيه الزيادة الأخيرة. وهو في " مسلم " من هذا الوجه، لكنه لم

ص: 999

و " كان يدعو به في تشهده "(1) .

يسق لفظه بتمامه.

وقد أخرجه البيهقي من طريق أبي المغيرة ومحمد بن كثير - جميعاً - عن الأوزاعي

بلفظ:

" إذا فرغ أحدكم من صلاته؛ فلْيَدْعُ بأربع، ثم ليدع بما شاء

" الحديث.

وأخرجه الدارمي عن شيخه محمد بن كثير هذا، ولم يسق لفظه أيضاً، وإنما أحال

على الرواية التي سبق عزوها إليه، وقال:" بنحوه ".

ثم إن الظاهر أن هذا اللفظ هو لمحمد بن كثير؛ فإن الدارمي روى اللفظ الذي قبله من

طريق أبي المغيرة بنحوه؛ وليس فيه هذه الزيادة: " ثم ليدع بما شاء ". وقد قال الحافظ في

" الفتح "(2/256) :

" وهذه الزيادة صحيحة؛ لأنها من الطريق التي أخرجها مسلم ".

وكذلك صححها في " التلخيص "(3/516) بعد أن نسبها للنسائي. وهي في

" الصحيحين " وغيرهما من حديث ابن مسعود. وقد تقدم ذكرها في (التشهد الأول)

[ص 865] .

(1)

هو من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه.

أخرجه أبو داود (1/155 - 156) من طريق محمد بن عبد الله بن طاوس عن أبيه

عن طاوس عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

أنه كان يقول بعد التشهد:

فذكره بلفظ حديث مالك الآتي بعده.

وهذا سند حسن. رجاله كلهم رجال مسلم؛ غير محمد بن عبد الله هذا؛ وثقه ابن

حبان، وروى عنه جمع.

ص: 1000

و " كان يعلّمه الصحابة رضي الله عنهم كما يعلّمهم السورة من

القرآن " (1) .

وقد تابعه ابن جريج، لكنه قد خالفه في اسم الصحابي؛ فجعله من (مسند عائشة) .

أخرجه الإمام أحمد (6/200) قال: ثنا عبد الرزاق قال: أنا ابن جُريج عن ابن

طاوس عن أبيه:

أنه كان يقول بعد التشهد في العشاء الآخرة كلمات كان يعظّمهن جداً

فذكرهن بتقديم وتأخير، وفيه قال:

كان يعظّمهن ويذكرهن عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا سند صحيح على شرط الستة.

وعزاه الحافظ (2/253) لابن خزيمة من هذا الوجه.

(1)

هو من حديث ابن عباس رضي الله عنه أيضاً.

أخرجه مالك (1/216 - 217) ، وعنه مسلم (2/94) ، وأبو داود (1/241) ،

والنسائي (2/320) ، والترمذي (2/263) ، وأحمد (1/242) - كلهم عن مالك - عن

أبي الزبير عن طاوس عنه به، وفيه:

يقول: " قولوا: اللهم! إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر،

وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ". وقال الترمذي:

" حديث حسن صحيح ". وله طريق أخرى:

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد "(100) ، وابن ماجه (2/432) عن كُرَيب عن

ابن عباس.

وفيه بكر بن سُليم الصوّاف، وهو مقبول - كما في " التقريب " -.

ص: 1001