المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

نُقِل عن عبد الله بن المعتز أنه قال: "البلاغة بثلاثة - أصول الإنشاء والخطابة

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌كيفية الإنشاء للمعنى

- ‌تمرين:

- ‌أساليبُ الإنشاء

- ‌ أنواع الإنشاء

- ‌القسم الأول: المعنوي

- ‌ المعاني

- ‌تعريف المعنى وتقسيمُه

- ‌صِفَاتُ المعنى

- ‌طرق أخذ المعنى

- ‌ترتيبُ المعاني وتنسيقُها وتهذيبُها

- ‌(المعاظلة)

- ‌ الموازنة بين المعاني

- ‌ تنسيق المعاني وتهذيبها:

- ‌أخذ النتائج من المعاني

- ‌مقامات الكلام

- ‌ الجَزَالةُ والسُّهُولَة والرِّقَّةُ

- ‌القسم الثاني: اللفظي

- ‌أحوال الألفاظ المفردة

- ‌أحوال الألفاظ المركبة

- ‌السَّجْعُ والتَّرَسُّلُ

- ‌التَّمَرُّنُ على الإِجَادَةِ

- ‌فنُّ الخَطابَة

- ‌ما هي الخطابة

- ‌منافع الخطابة

- ‌أصول الخطابة

- ‌الخطيب

- ‌ شروط الخطيب الراجعة إلى ذِهْنِه

- ‌ شروطُ الخطيب في ذاتِه:

- ‌ شروط الخطيب في نفسه

- ‌الخُطْبَة

- ‌الركن الأول: الدِّيبَاجة:

- ‌الثاني: التَّخَلُّصُ:

- ‌الثالث: المقدِّمة:

- ‌الرابع من أركان الخطبة: الغَرَضُ

- ‌الخامس: البيان

- ‌السادس: الغاية:

- ‌السابع: خاتمة الخطبة:

- ‌التدرُّب بالخَطَابة

الفصل: نُقِل عن عبد الله بن المعتز أنه قال: "البلاغة بثلاثة

نُقِل عن عبد الله بن المعتز أنه قال: "البلاغة بثلاثة أمور: أن تغوصَ لحظةُ القلب في أعماق الفِكْر، وتجمعَ بين ما غاب وما حَضَر، ثم يعود القلبُ على ما أُعمِلَ فيه الفِكْرُ فَيُحكِمُ سياق المعاني، ويُحسِن تنضيدَها، ثم يبديها بألفاظٍ رشيقةٍ مع تزيين مَعارِضِهَا، واستكمال محاسنِها".

واعلم أنه قَلَّمَا يستطيع الكاتب أو الخطيب أن يتناول الموضوعَ من أوله إلى نهايته دَفْعَةً واحدة، فإن هو كَلَّف عَقْلَه ذلك أرهقه ضَجَرًا، ولاسِيَّمَا عند تَشَعُّبِ الموضوع وكثرة المعاني فيه، فيكادُ ييأسُ من المقدرة عليه؛ إذ تلوح له معانٍ كثيرةٌ فَيَرُوعُه انتشارُها ولا يدري كيف يبتدئُها، ولكنه إن اتَّبَع هاتِه الطريقةَ المشروحةَ، ورَتَّبَ المعاني الأساسية، وآخَى بين المعاني الفرعِيَّة التي هي من نَوْعٍ واحدٍ، وأحسنَ ترتيبَها، فذلك وقتُ رَفْعِ القَلَم من الدَّوَاة للكتابة، أو وقت الانتصاب للخَطابة؛ لأنَّ ثِمَار الفِكْر قد أينعت وآن قِطَافُها.

مِثالٌ لل‌

‌تمرين:

كتب ابن الأثير في الزُّهْد في الدنيا ما يأتي:

"الناس في الدنيا أبناء السَّاعة الرَّاهنة، وكما أنَّ النفوسَ ليست بقاطنة، فالأحوال ليست بقاطنة، ولا شبيه لها إلا الأحلامُ التي يتلاشَى خيالُها عاجلاً، وتجعَلُ اليَقَظَةُ حقَّها باطلاً، وما ينبغي حينئذٍ أن يُفرَح بها مقبلة، ولا يؤسى عليها مُدْبِرَة، وكلُّ ما تراه العَيْنُ منها ثم

ص: 55

يذهب فكأنها لم تَرَهُ، وغاية مطلوب الإنسان منها أن يُمَدَّ له في عُمُره، ويُمْلَى له في امتداد كُثْرِه. أمَّا تعميرُه فيعترضُه المشيب الذي هو عدمٌ في وجود، وهو أخو الموت في كلِّ شيءٍ إلا في سُكْنَى اللُّحُود. وأمَّا مالُه فإن أمسَكَه فهو عُرْضَةٌ لوارث يأكلُه، أو حادثٍ يستأصلُه، وإن أنفقَه كان عليه في الحلال حِسَابًا، وفي الحرام عِقَابًا، فهذه زَهْرَةُ الدنيا النَّاضِرة، وهذه عُقْبَاها الخاسرة".

فقوله: (وما ينبغي حينئذٍ أن يُفرَح بها مقبلة، ولا يؤسَى عليها مدبرة) هو المعنى الأساسي.

وقوله في الدنيا: (ولا شبيهَ لها إلا الأحلامُ

) إلخ الفِقْرات. وقوله: (وهو أخو الموت في كلِّ شيءٍ

) إلخ الفِقْرة. من قبيل إيضاح المعنى.

وقوله: (الناس في الدنيا). وقوله: (وكل ما تراه العين) مع بقية الكلام، ذلك كلُّه من قبيل تفصيل المعنى، وقد خَلَط ترتيبَها خلطًا تظهرُ به مقدرةُ المتعلِّم عند تمييز بعضها من بعض، بحسب المراتب الثلاثة المذكورة.

ص: 56