الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أساليبُ الإنشاء
للإنشاء أساليبُ متنوعةٌ باختلاف الأغراض، والمَعْنِيُّ باختلاف أساليب الإنشاء اختلافُ مستعمَل الألفاظ، واختلافُ كيفيَّةِ رَبْط الجمل تَبَعًا لاختلاف الأغراض، وذلك أمرٌ وراء اختلاف المعاني، واختلاف مقتضيات الأحوال، المدوَّن لأولِها علم اللغة والنحو والصرف، ولثانيها علمُ البلاغة، وهو الأمر الذي إذا حَصَل جاء الكلامُ عربيًّا، وبضَيَاعِه تضيع اللَّهْجَةُ العربيةُ مع بقاء المفردات اللغوية، وبقاء قواعد فنِّ البلاغة، ولهذا لا تجد مشابَهةً بين كلام المتكلِّفين من الأُدَباء، وبين
كلام العرب ومَنْ يليهم من البلغاء أهلِ اللِّسان، وأحسنُ قولٍ يُفْصِح عن هذا قولُ الشيخ عبد القاهر رحمه الله في (دلائل الإعجاز):"إنَّ النَّظْمَ هو تَوَخِّي معاني النحو فيما بين الكَلِم على حسب الأغراض". وطريق علم ذلك: هو عَرْضُ الأساليب المختلفة من كلام البلغاء على المتعلِّمين؛ ليحصلَ لهم من اختلاف أمثلتها صُوَرٌ متنوعةٌ، يَلُوحُ لأذهانِهم منها وقتَ مُحَاولةِ الإنشاء أُنْمُوذجٌ فيما يصلح له من الأغراض، وهو الذي سمَّيْنَاه فيما مضى بـ (القوالب غير الجُزْئِيَّة).
ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا راجَعَه بعضُ المسلمين في دِيَة الجَنِين بقوله: "كيف نَدِي من لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ ذلك بَطَل"، قال له على وجه التوبيخ:"أَسَجْعًا كَسَجْعِ الكُهَّان؟ "، فعاب منه الأسلوبَ، وإن كان كلامُه عربيًّا بليغًا. وقد جادل عتبةُ بن ربيعة قريشًا حين أجمعوا على أن يعتذروا لوفود العرب عامَ