الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول: حيَاتهُ وَمؤلفَاتهُ وَعصرُه وبيئتهُ
الفصل الأول: حياته ومؤلفاته
الفصل الثاني: عصره وبيئته.
الفَصْل الأوَل: حياته ومؤلفاته
أولاً: حياته
(1)
نسبه:
هو:" محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف التميمي". هكذا أورده ابن غنام (1) . أما ابن بشر فقد ذكر من آباء مشرف أنه:"ابن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب"(2) وذكر صاحب الدرر السنية من آباء وهيب أنه:" ابن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم"(3) .
وقد علق محقق تاريخ ابن بشر على ذكره نسب محمد بن عبد الوهاب فقال:" اختصر المؤلف رحمة الله سلسلة نسب الشيخ محمد ووقف فيها على ما
(1) بن غنام. تاريخ نجد. ص: 75. وأيضا: صلاح الدين المختار، تاريخ المملكة العربية السعودية. ص 36.
(2)
ابن بشر. عنوان المجد في تاريخ نجد. ج 1 ص.: 113. وأيضا: محمود شكري الآلوسي. تاريخ نجد. ص: 106.
(3)
عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي القحطاني. الدرر السنية في الأجوبة النجدية. ج 12. ص: 3.
فوق وهيب وقد أحسن من انتهى إلى ما علم، ونحن لتمام الفائدة نورد سلسلة الشيخ محمد كاملة إلى عدنان فنقول: أما نسب هذا الشيخ فهو: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم نب موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر نب أد بن طابخة بن الياس بن
مضر بن نزار بن معد بن عدنان (1) . فهو على التحقيق عربي خالص العروبة تعود به أصوله إلى تميم، وبها كان يضرب المثل في القوة والمنعة، حتى لقد قيل:" لو تأخر الإسلام لأكلت تميم العرب (2) " وتميم إحدى كبريات قبائل مضر وفي إلياس بن مضر " يجتمع بن تميم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم"(3) ومن شعراء تميم الفرزدق ومن شعره في الفخر بهم:
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا
…
وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا (4)
غير أن الثابت أن تميما من القبائل العربية التي تحضرت وتفرقت بين الأسر وتوزعت بين البلدان ولم تعد لا نخوة عامة يلتقي عليها أفرادها في الحروب والنوازل وهذا ما دعا والي بغدد أن يكتب قائلا في تقرير مرفوع منه إلى السلطان العثماني عن الحركة الوهابية:" ليش الشيخ محمد بن عبد الوهاب رئيس قبيلة ولا صاحب عصبية قوية يحسب لها حساب."(5)
ولا نعلم أحداً ممن تناول سيرة محمد بن عبد الوهاب وحياته قال في ذكر
(1) إبن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد. ج 1. هامش ص: 113، عبد الله الرويشد: محمد بن عبد الوهاب في التاريخ. ج1 ص9 وأيضاً: احمد عبد الغفور عطار: محمد بن عبد الوهاب. ص: 28.
(2)
عبد الكريم الخطيب: الدعوة الوهابية. ص: 45
(3)
أحمد عبد الغفور: محمد بن عبد الوهاب. ص: 28
(4)
د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية. ج1 ص: 177.
(5)
المرجع السابق. ص: 179.
نسبة قولا يخرج عما حصلناه اللهم إلا ما ألمح إليه بعض المستشرقين من نسبته إلى اليمن بقولهم في سياق الحديث عن سيطرة الحركة الوهابية على نجد: "واسم واضع هذه السيطرة هو عبد الوهاب اليمني"(1) أما صاحب لمع الشهاب فقد أورد نسب الشيخ إلى زيد مناة بن تميم غير أنه ذكر لآبائه أسماء أخرى. (2)
(2)
مولده:
ولد محمد بن عبد الوهاب في بلدة العيينة من بلدان نجد سنة خمس عشرة بعد المائة والألف من الهجرة (1703م) . ذكر ذلك جمع غفير ممن كتب عنه وأرخ سيرته. (3) وذهب آخرون إلى غير ذلك فمنهم من أرخ لمولده بعام 1700 (4) ، ومنهم من قال بأنه ولد بالدرعية (5) والصواب ما ذهبت الرواية
الأولى لتواترها وكونها رواية المؤرخ المعاصر لأبن عبد الوهاب وهو ابن غنام. (6)
وكان مولده في بيت علم ودين، فوالده عبد الوهاب بن سليمان كان
(1) ل. ا. سيديو: تاريخ العرب العام تعريب عادل زعيتر ط2. ص439.
(2)
لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب. تحقيق د. أحمد مصطفى أو حاكمة ط مايو 1967 ص: 24.
(3)
ابن غنام: تاريخ نجد: ص 75،
عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي القحطاني الدرر السنية: ج 12 ص4
أحمد عبد الغفور عطار: محمد بن عبد الوهاب. ص31.
عبد الله الرويشد: محمد بن عبد الوهاب في التاريخ ج1 ص10،
د. توفيق الطويل: العرب والعلم. ص: 118،
د. محمد عبد الله ماضي: النهضات الحديثة في جزيرة العرب. ص40،
عبد الكريم أبا الخيل: العربية السعودية. ص30،
عبد الله فلبي: تاريخ نجد ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية ص: 17،
عبد المتعال الصعيدي: المجددون في الاسلام ص 437وأيضاً.
د. محمد ضياء الدين الريس: تاريخ الشرق العربي والخلافة العثمانية ج1 ص98.
(4)
لوثروب ستودارد: حاضر العالم الاسلامي. ص 35وأيضا بيير كريبتس: إبراهيم باشا ترجمة محمد بدران ص 18
(5)
محمد فريد بك: تاريخ الدولة العلية العثمانية ط 1896/م ص 201
(6)
د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج1 ص 175
آنذاك قاضي العيينة (1) وروى عنه أنه كان عالما فقيها مثالا للفضل والعدل ألف عدة رسائل في الفقه والتفسير وكان مشهورا عند الناس بالتواضع وسهولة الأخلاق وكرم الطباع وكان يقرأ لطلاب العلم في مسجد العيينة دروسا في الفقه والحديث والتفسير. (2)
أما جده سليمان بن علي المتوفي عام 1079هـ فقد ذكر مؤرخو نجد عنه أنه كان فقيه زمانه متبحراً في علوم المذهب الحنبلي وكان علماؤه المعاصرون له يرجعون إليه في كل مشكلة وله إجابات مفيدة. (3)
وقد أتاحت هذه البيئة لأبن عبد الوهاب أن يبدأ رحلة تحصيل العلم مبكراً إذ أخذ في تلقيه منذ طفولته" فحفظ القران قبل العاشرة من عمره وكان حاد الفهم وقاد الذهب سريع الحفظ فصيحا فطنا. روى أخوه سليمان أن أياهما كان يتوسم فيه خيراً كثيرا ويتعجب من فهمه وإدراكه مع صغر سنه وكان يتحدث بذلك ويقول: إنه استفاد من ولده محمد فوائد من الأحكام"(4) .
وبعد أن تم له حفظ القرآن اشتغل في العلم وجد في الطلب..وكان سريع الكتابة ربما كتب الكراسة في المجلس وبعد بلوغه سن الاحتلام قدمه والده إماما في الصلاة ثم حج فقضى فريضة الإسلام (5) .
(1) ابن غنام: 1 تاريخ نجد. ص175 ايضا أحمد عبد الغفور عطار. محمد بن عبد الوهاب. ص30
(2)
د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج1 ص172.
(3)
ابن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد ج 2 ص 210،
عبد الرحمن العاصمي القحطاني: الدرر السنية ج12 ص: 3،
عبد الرحمن آل الشيخ: مشاهير علماء نجد ص 29أيضاً،
د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج1ص174.
(4)
ابن غنام: تاريخ نجد ص: 75، عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ مشاهير علماء نجد. ص17.
(5)
عبدا لرحمن العاصمي القحطاني: الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج12، ص: 4 ابن بشر. عنوان المجد في تاريخ نجد. ج1 ص: 19،ابن غنام: تاريخ نجد. ص: 76، د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج1 ص 181 وأيضا عبد الله الرويشد محمد بن عبد الوهاب في التاريخ ج1 ص:11
(3)
رحلاته:
زودنا ابن غنام في تاريخه ببيان موجز عن رحلات محمد بن عبد الوهاب فقص علينا أنه بعيد بلوغه زوجه أبوه وهو ابن اثنتي عشرة سنة ثم أذن له بالحج فحج وقصد مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وأقام فيها شهرين ثم رجع بعد أن أدى الزيارة (1) .
ولو أردنا أن نعرف تاريخ رحلته الأولى هذه فهي على التقدير عام 1128 هـ باعتباره على مقتضى الرواية قد حج بعد بلوغه اثنتي عشرة سنة، وهو من مواليد عام 1115 هـ حسبما استخلصنا سابقا.
ويبدو أن رحلته الأولى هذه قد استخرجته من عالمه المحدود بآفاق نجد وأحوالها إلى آفاق التفكير في حالة المسلمين وقياس واقعهم على منهج الإسلام واستلفت انتباهه بعد الشقة بين هذا الواقع وذلك المنهج وعلى الأخص في أهم القضايا التي جاء الإسلام ليقررها ويجعلها رأس الأمر فيه وحجر الزاوية في بنيانه، وهي قضية إخلاص التوحيد"فشرح الله صدره بمعرفة التوحيد ومعرفة نواقضه التي تضل عن سبيله فأخذ ينكر تلك البدع المستحدثة من الشرك الذي كان قد فشا في نجد، ومع أن بعض الناس كان يستحسن ما يقول، غير أنه رأى أن الأمر لن يتم له على ما كان يريد فرحل في طلب العلم إلى ما يليه من الأمصار (2) ".
والذي تؤكده المصادر النجدية أن رحلة الشيخ في طلب العلم لم تتجاوز الحجاز غربا والبصرة شرقا وأن المدن التي ألم بها في رحلاته هي مكة والمدينة والاحساء والزبير والبصرة، وأن نيته انعقدت على التوجه إلى الشام فحيل بينه وبين تحقيق هذه الأمنية، ذلك هو القاسم المشترك المتفق عليه بين مؤرخي نجد (3) على خلاف بينهم في تفصيل الرواية عن هذه الرحلات.
(1) ابن غنام: تاريخ نجد. ص: 75.
(2)
ابن غنام: تاريخ نجد ص: 7.
(3)
ابن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد ج1 ص: 20،
د. منير عجلاني. تاريخ البلاد العربية السعودية ج 1 ص175،
أحمد عبد الغفور عطار: محمد بن عبد الوهاب ص 36،
عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: المقامات منشورة بالدرر السنية ج9 ص215،
عبد الرحمن بن عبد اللطيف آلي الشيخ: مشاهير علماء نجد ص17، 18
وقبل أن نعرض لما اختلف فيه مؤرخو نجد من تفصيلات رحلات الشيخ نسجل ما لاحظناه من أن جميع المصادر غير النجدية عربية كانت أو أجنبية قد اضطرب حديثها في شأن هذه الرحلات وشابها التخليط والتضارب وبدت في مجموعها كأنها تكتب سيرة محمد بن عبد الوهاب بمعزل عن أي مصدر يقيني يطمأن إليه. وقد التمس البعض العذر لهذه المصادر فيما شابها من تخليط لدى ذكر هذه الرحلات بأنه يرجع إلى أن "مؤرخا نجد ابن غنام وابن بشر" قد وصفا رحلات الشيخ وصفا مختصرا لا غناء فيه. لذلك بحث المستشرقون عن مصادر أخرى تعينهم على فهم هذا الجزء الخطير الغني من حياة الشيخ الذي نسميه رحلة الشيخ وهو في حقيقته شباب الشيخ كله أو أكثره (1) .
والذي نرجحه أن المستشرقين رأوا في شخصية محمد بن عبد الوهاب ما يستهوي أفئدتهم ويستثير رغبة البحث والاستقصاء لديهم سواء منهم من استهدف ببحثه واستقصائه بلوغ الحقيقة لذاتها أو من استبطن رغبة الكيد للإسلام وبدا له أن مجال الحديث عن الحركة الوهابية يحقق له بلوغ هذه الرغبة فهؤلاء وأولئك تناهت إليهم أخبار الحركة الوهابية بما حث لديهم رغبة استقصاء جوانبها وإذ لم يجدوا من المصادر الميسرة ما يروي ظمأهم إلى المعرفة التي ينشدونها فقد قنعوا بما أتيح لهم من هذه المصادر دون أن يعنوا ببحث جانب الظن فيه من جانب اليقين" وكان المصدر الذي رجع أكثرهم إليه واعتمد عليه هوكتاب: لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب (2) " وقد كان هذا الكتاب بنسخته المخطوطة الوحيدة المودعة بمكتبة المتحف البريطاني بلندن هو الملهم لسائر المستشرقين وجاء الكتاب العرب على اثر هؤلاء المستشرقين فنسجوا على منوالهم واكتفوا بالنقل عنهم.
وأخذا برواية لمع الشهاب تضافر الكتاب على القول بأن محمد بن عبد الوهاب رحل إلى البصرة وبغداد وهمذان واصفهان والري وقم وبلاد الترك ثم حلب ودمشق والقدس ومصر (3) وقد
(1) د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج1 ص 184
(2)
د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج1 ص 184
(3)
المرجع السابق. 188 وما بعدها، بروكلمان. تاريخ الشعوب الإسلامية جـ 4 ص 18، عبد
حاول بعض الكتاب العرب المحدثين تفنيد هذه الروايات ودحضها والتدليل على أن ابن عبد الوهاب لم يتجاوز في رحلاته نطاق الجزيرة العربية (1) .
ولئن كان المستشرقون معذورين في احتفائهم برواية لمع الشهاب وتعويلهم عليها سواء كان ذلك لاختصار ابن غنام وابن بشر أو لعدم وقوفهم على هذه الرواية أصلا ـ وهو ما نرجحه ـ فإن الكتاب العرب الذين حذوا حذوهم ونسجوا على منوالهم لا عذر لهم في ذلك وعلى الأخص هؤلاء الكتاب الذين توثقت صلاتهم بالحركة الوهابية ومصادرها، ولذا كان عجيبا أن يذهب واحد من هؤلاء إلى القول بأن محمد بن عبد الوهاب قد ارتحل إلى اليمن دون أن يسند روايته هذه إلى أي مصدر (2) . وهو ما دعا أحد الكتاب إلى الإشارة إليه مستغربا وأن كان بدوره قد رجح أن محمد بن عبد الوهاب عاش فترة في بغداد (3) خلافا لما ذكرته المصادر النجدية.
وايا كان الأمر فالمصادر النجدية الوثيقة. تجمع على ما أسلفنا الإشارة إليه من أن مسرح رحلات محمد بن عبد الوهاب لم يتجاوز نطاق الجزيرة العربية
المتعال الصعيدي: المجددون في الإسلام ص 437، د. فيليب حتي تاريخ العرب جـ 1 ص 871.محمد فريد بك: تاريخ الدولة العلية العثمانية ص 201 وأيضا
محمد عبد الله ماضي: النهضات الحديثة في جزيرة العرب: ص43.
(1)
أحمد علي: آل سعود. هامش ص 10 إذ ذكر ما ناصه:" لقد خلط كثير من الناس ممن كتبوا عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في البلاد التي ارتحل إليها فقال بعضهم أنه ذهب إلى الآستانة وقال بعضهم إلى أصفهان وهمذان وقم ومنشأ هذا الخلط هو بعض الأوروبيين مثل المستشرق مارجيليوت الذي ذكر في دائرة المعارف الإسلامية أنه تزوج في بغداد إمرأة وماتت بعد زمن وورث الشيخ منها ألفي دينار وأنه رحل إلى بلاد الكرد وهمدان وقد ذكر نفس الرواية من ـ الأوروبيين الرحال برجس وزويمر ويلجريف كما وقع في هذا الخطأ مؤلف كتاب لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب الذي نقل عنه الشيخ حافظ وهبه في هامش كتابه جزيرة العرب في القرن العشرين ص 336 (الطبعة الأولى) أن الشيخ رحل إلى فارس وتعلم الحكمة المشرقية وصنع البنادق وتحضير الذخيرة".
(2)
محمد حامد الفقي: أثر الدعوة الوهابية ص 65.د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعوديةج1 ص:201
(4)
المرجع السابق: ص 196.
انطلاقا من نجد إلى مكة والمدينة غربا والبصرة والأحساء شرقا. وأرجح المصادر التي تقطع بذلك ما ذكره الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب في رسالة المقامات رواية عن رحلات جده الذي تلقى عنه وشهد ازدهار حركته وقد قدم لحديثه عن رحلات جدة بقوله" انه لا يعرف شيخنا ولا حيث نشأ كما يعرفه الخبير بحالة"(1) .وخلص من وصفه لرحلات جده بأنها انتهت بالحج إلى بيت الله الحرام حيث كان يعتزم السفر مع الحجيج الشامي من المدينة إلى الشام لولا انه تعرض لحادث اعتداء لسراق الحجيج الشامي سلبوه ماله وشجوا رأسه فمكث في المدينة ردحا ثم عاد إلى نجد ليتخذها مقرا ومستقرا ومنطلقا لحركته حتى تاريخ وفاته عام 1206 هـ (2) .
(1) عبد الرحمن العاصمي القحطاني: الدرر السنية. جـ 9 ص 215 حيث يتابع الشيخ عبد الرحمن بن حسن قوله عن نشأة جدة ورحلاته قائلا فلا ريب أنه لما قدم جده سليمان بن علي من الروضة ونزل العيينة كان أفقه من نزل نجداً في وقته فتخرج عليه خلق كثير من أهل نجد منهم ابناه عبد الوهاب وإبراهيم، وكان المتولي للقضاء في العارض أبوه عبد الوهاب وكان عمه يسافر إلى ما حولهم من البلاد لحاجتهم إليه في الإفتاء، وما يقع بينهم من بيع العقارات وكان عليه اعتمادهم فيما كتبه واثبته، وأكثر إقامته مع أخيه عبد الوهاب فظهر شيخنا بين أبيه وعمه فحفظ القرآن وهو صغير وقرأ في فنون العلم وصار له فهم قوي، وهمة عالية في طلب العلم فصار يناظر أباه وعمه في بعض المسائل بالدليل على بعض الروايات عن الأمام أحمد والوجوه عن الأصحاب فتخرج عليهما في الفقه وناظرهما في مسائل قرأها في الشرح الكبير للمغني والأنصاف لما فيهما من مخالفة ما في متن المنتهى والإقناع وعلت همته إلى طلب التفسير والحديث فسافر إلى البصرة غير مرة يقيم بين من كان بها من العلماء، فصنف في البصرة كتاب التوحيد الذي شهد له بفضله بتصنيفه القريب والبعيد أخذه من الكتب التي في مدارس البصرة. ثم ان شيخنا رحمه الله تعالى بعد رحلته إلى البصرة. وهناك رحل إلى الاحساء وفيها فحول العلماء منهم عبد الله بن فيروز ابو محمد الكفيف ووجد عنده من كتب شيخ الإسلام ابن تيميه وابن القيم ما سر به وأثنى على عبد الله هذا بمعرفته بعقيدة الإمام احمد وحضر مشايخ الاحساء ومن أعظمهم عبد الله بن عبد اللطيف القاضي، ثم ان شيخنا رحمه الله رجع من الاحساء إلى البصرة وخرج منها إلى نجد قاصدا الحج فلما قضى الحج وقف في الملتزم وسأل الله تعالى أن يظهر هذا الدين بدعوته، فخرج قاصدا المدينة مع الحاج يريد الشام فعرض له بعض سراق الحجيج فضربوه وسلبوه وأخذوا ما معه وشجوا رأسه وعاقه ذلك عن سيره مع الحجاج فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها فاقام بها وحضر عند العلماء إذ ذاك منهم محمد حياة السندي وأخذ عنه كتب الحديث أجازه في جميعها وقراءة لبعضها ووجد فيها بعض الحنابلة فكتب كتاب الهدى لابن القيم بيده ـ ثم رجع إلى نجد.
(2)
ابن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد ج 1 ص 113.
(4)
شيوخه:
استبان لنا من دراسة نشأة محمد بن الوهاب أنه درج في بيئة علم ودين فتلقى العلم مبكراً، وتفقه على مذهب الإمام أحمد، وهو ما تذهب إليه سائر المصادر والتي تناولت سيرته، ولم نقع على ما يخالف ذلك إلا ما ذكره صاحب كتاب الخطط التوفيقية (1) من " إنه تعلم مذهب أبي حنيفة " إلى قوله " فأخذ يقرر مذهب أبي حنيفة".وعنه نقل صاحب كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية (2) ".
وتفقه محمد بن عبد الوهاب على مذهب الإمام أحمد يأتي موافقا لما هو سائد قديما وحديثا بين أهل نجد، فمن المتواتر عنهم" أنهم في الفروع على مذهب الإمام احمد" (3) .وقد روي عن محمد بن عبد الوهاب شدة تمسكه بهذا المذهب واعتزازه به وأنه كان يتمثل بأبيات منها:
بأي لسان أشكر الله إنه
…
لذو نعمة قد أعجزت كل شاكر
هداني إلى الدين القويم تفضلا
…
علي بالقرآن نور البصائر
وبالنعمة العظمى اعتقاد ابن حنبل
…
عليه اعتقادي يوم كشف السرائر (4)
وبين شيوخ المذهب الحنبلي يبرز شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه ابن القيم باعتبارهما صاحبي الأثر الفذ في تكوين عقيدة محمد بن عبد الوهاب وتحديد فكره ومنهجه وطالما صرح هو بذلك مبديا إعجابه بالشيخين واعتزازه بمؤلفاتهما (5) حتى أصبح من المسلمات لدى الباحثين في الحركة الوهابية وزعيمها أنها هي التحقيق العملي لفكر ابن تيمية وتلاميذه الحنابلة (6) .
(1) علي مبارك باشا: الخطط الجديدة التوفيقية ج 12 ص 83
(2)
محمد فريد بك: تاريخ الدولة العلية العثمانية ص: 201.
(3)
محمود شكري الآلوسي: تاريخ نجد ص: 45.
(4)
ابن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد ج 1 ص: 116 وأيضا.
(5)
أمين الريحاني: تاريخ نجد الحديث وملحقاته ص: 49.
(6)
ابن غنام: تاريخ نجد ص 215
ومما يثير العجب أن محمد بن عبد الوهاب الذي تعرض للخلط في شأن رحلاته حتى نسب إليه أنه رحل وزار معظم بلاد العالم القديم وتعلم في رحلاته شتى ألوان المعرفة رماه آخرون بأنه:" لم يتلق العلم عن أشياخ، وقد بادر تلاميذه بالرد على هذه الدعوى الأخيرة بالدحض والتفنيد وأخصهم حفيده عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب في رسالة المقامات (1) فذكروا أنه رحل إلى البصرة حيث تلقى العلم عن علمائها ومنهم محمد المجموعي البصري وإلى المدينة حيث تلقى عن الشيخ محمد حياة السندي وعبد الله بن إبراهيم آل سيف وإلى الإحساء حين استمع من عبد الله بن فيروز أبو محمد الكفيف، وكان ذلك بعد أن تأسست معارفه الفقهية بالتلقي عن أبيه وعم إبراهيم بالعيينة. (2)
وإلى جانب هؤلاء الشيوخ الذين ورد ذكرهم في معظم المصادر تتحدث بعض المصادر عن شيوخ آخرين أخذ عنهم وانتفع بمصاحبتهم منهم:" الشيخ على الداغستاني، والشيخ إسماعيل العجلوني والشيخ عبد اللطيف العفالقي الأحسائي والشيخ محمد العفالقي الأحسائي (3) ويضيف آخرون إليهم:
" الشيخ شهاب الدين الموصلي قاضي البصرة والشيخ حسن الاسلامبولي من علماء البصرة والشيخ زين الدين المغربي والشيخ حسن التميمي (4) .
غير أن المصادر التي ذكرت هؤلاء الشيوخ لم تفسح مجالا كافيا لترجمة أحد منهم والتعريف بهم على وجه البيان عدا ما ورد عن الشيخين: محمد حياة
=وأيضاً: جولد تسيهر: العقيدة والشريعة في الاسلام ص: 238،
د. فيلييب حتى تاريخ العرب. ج1 ص 87
عبد المتعال الصعيدي: المجددون في الاسلام ص 438 وأيضاً أمين الريحاني: تاريخ نجد الحديث وملحقاته ص: 49
(1)
عبد الرحمن العاصمي القحطاني: الدرر السنية ج1 ص215
(2)
المرجع السابق ص: 216،
د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج1 ص: 202،
عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ: مشاهير علماء نجد. ص: 17،
ابن غنام: تاريخ نجد ص: 76 وأيضاً.
ابن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد ص: 19
(3)
محمد حامد الفقي: إثر الدعوة الوهابية ص: 47
(4)
عبد الله الرويشد: محمد بن عبد الوهاب في التاريخ ج1 ص:12،13
السندي (1) والشيخ عبد الله بن إبراهيم آل سيف (2) . الذين تواترت الأخبار عن تلقي محمد بن الوهاب عنهما وتأثره بهما منذ عرض على الأول حالة المستغيثين برسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبثين بأحجار قبره قائلا: ما تقول يا شيخ في هؤلاء؟ فأجابه السندي على الفور:" إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما
(1) هو محمد حياة بن إبراهيم السندي نزيل المدينة المنورة، فقيه محدث أصولي ومقصر ولد بالسند ونشأ بها، ثم رحل إلى المدينة المنورة. كان عالما تقيا فاضلا يكره تقليد المشايخ والتعصب للمذاهب ويصرح أن ذلك من اتباع الطاغوت الذي نهى الله تعالى عن التحاكم
إليه. وأن كل المصائب التي حلت بالمسلمين إنما هي ثمرة هذا التقليد، ومن مؤلفاته: شرح الأربعين النووية ـ شرح حكم الحداوية ـ شرح حكم العطائية ـ مختصر الزواجر لابن حجر المكي ـ الإيقاف على سبب الاختلاف ـ تحفة الانام في العمل بحديث النبي عليه الصلاة والسلام. ارشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد، شرح الترغيب والترهيب للمنذري، اختلف في سنة وفاته فقيل: توفي عام 1163وذكر ابن غنام وابن بشر أنه توفي عام: 1165هـ ونرجح روايتهما لقرب عهدهما بالسندي ورجحان معرفتهما بأهل المدينة المنورة. انظر: اسماعيل باشا البغدادي، هدية العارفين ج2: ص: 327، إبن المكارم القاسي ـ فهرس الفهارس. ج 1ص1271محمد حامد الفقي. أثر الدعوة الوهابية ص: 43، عمر رضا كحالة. معجم المؤلفين ج9ص275، عبد الله الرويشد. محمد بن عبد الوهاب في التاريخ ج1ص13 فهرسة الخزانة التيمورية. ج4ص:169، مخطوطة بدار الكتب المصرية رقم172 مجاميع ـ ابن غنام. تاريخ نجد
ص76 وأيضا ابن بشر، عنوان المجد في تاريخ نجد. ج1ص:41.
(2)
هو: عبد الله ابن ابراهيم بن سيف الشمري نسبة إلى قبيلة شمر المعروفة ولد بالمجمعة من قرى سدير بنجد ثم رحل مع والده إلى المدينة المنورة وأقام بها متلقيا عن علمائها حتى برع وأصبح من علماء المدينة وأخذ العلم عنه خلق كثير. توفي بالمدينة وترك فيها عقبا منهم ابنه الشيخ إبراهيم مؤلف كتاب: العذب الفائض في علم الفرائض وهو شرح على منظومة: عمدة كل فارض في علم الوصايا والفرائض. لمصنفه الشيخ صالح بن حسين الأزهري الحنبلي من علماء القرن الثاني عشر الهجري. وقد طبع هذا الشرح المسمى بالعذب ـ الفائض في جزئين بمطبعة مصطفى البابي الحلبي. ويذكر صاحب فهرس الفهارس تلمذة ابن عبد الوهاب على يدي الشيخ عبد الله بن سيف فيقول: وأخذ من عبد الله بن ابراهيم النجدي تلميذ ابي المواهب. انظر: ابن بشر. عنوان المجد في تاريخ نجد ج1 ص: 20، 74، 116، أبي المكارم الأدريسي القاسي: فهرس الفهارس. ج1 ص: 271، عباس محمود العقاد: الاسلام في القرن العشرين. ص: 120، محمد حامد الفقي إثر الدعوة الوهابية. ص:41، أيضا سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب
أهل العراق. ص: 16.
كانوا يعملون". ويصف البعض أثر محمد حياة السندي في محمد بن عبد الوهاب بأنه شعلة أنارت له الطريق (1) .
وقد أشار بعض الباحثين إلى القصور الذي لمسه في كتابات سابقيه عن محمد بن عبد الوهاب في بيان شيوخه والتعريف بأحوالهم، واكتفى بعد الإشارة بقوله:" ونستطيع القول أن مدرسة الشيخ بعد القرآن والحديث هي كتب ابن تيمية وتلامذته، فالشيخ قرأ في الكتب وأكثر ما قرأ على نفسه (2) .
ثانيا: مؤلفاته
ترك ابن عبد الوهاب تراثا فكريا متنوعا، فله عدة رسائل عالج فيها موضوعات أملتها المناسبات، إلى جانب العديد من الكتب التي توفر فيها على شرح دعوته سواء ما كان منها اختصارا لكتب أراد باختصارها إبراز الحجج والبراهين المؤيدة لفكره ومنهجه أم كان تأليفاً وتصنيفاً.
النوع الأول ـ الرسائل:
أبرز ملامح هذه الرسائل والتي تعتبر الصورة الحية لفكر بن عبد الوهاب فيما ورد عليه من رسائل وتولى هو الرد عليها للتفصيل وأخرى لرد بعض المزاعم الكاذبة وثالثة للتعليم وإرشاد المطوعين في البلدان المختلفة لمنطقة نجد وغيرها مما سنفرد له القول فيما يلي بيانا لأغراض هذه الرسائل:
1) الرسائل التي يشرح فيها حقيقة دعوته مثل قوله في إحدى رسائله إلى العالم العراقي ـ السويد يقول فيها:" وأخبرك أني ولله الحمد متبع ولست بمبتدع، عقيدتي وديني الذي أدين الله عليه مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين
…
(3) ".
(1) محمد حامد الفقي: أثر الدعوة الوهابية: ص: 43.
(2)
د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج1 ص: 203.
(3)
ابن غنام ـ تاريخ نجد ـ الرسالة الثالثة عشرة 359-362
1) رسائل يرد فيها على التهم الباطلة التي كان المخالفون له يشيعونها عنه تنفيرا للناس من التعلق بدعوته مثل رسالته في الرد على اتهامات سليمان بن محمد بن سحيم مطوع أهل الرياض وقد أرسل رسالة إلى أهل البصرة والاحساء يشنع فيها على ابن عبد الوهاب ويفتري عليه أشياء لم تحدث وهي محض اختلاق (1) .
2) رسائل تعليمية يشرح فيها لدعاته أو لمن يطلب من العلماء المعاصرين له تفسير الأشياء الغامضة أو إزالة الشبهات العالقة ومن أمثلة ذلك رسالته إلى عبد الله بن سحيم (2) مطوع المجمعة (3) .
3) رسائل التحذير من الوقوع في الشرك والارتداد عن الدعوة مثل رسالته التي أرسلها إلى مطاوعة أهل سدير والوشم والقصيم (4) .
4) الرسائل التي كان يكتبها خصيصا للبدو وفي داخل نجد لنشر الدعوة بينهم وكان يكتبها بالأسلوب الذي يتحدث به البدو وبنفس اللهجة التي يتحدثون بها. ومثال ذلك رسالته " تلقين أصول العقيدة للعامة"(5) .
5) الرسائل التي كانت تكتب لا لدعوة الأمراء داخل الجزيرة العربية فحسب بل ودعوة العلماء والقضاء في الحرمين والشام ومصر والعراق وسائر علماء المشرق والمغرب أي أنه النوع الذي كان يعرض على العالم الإسلامي، وقد كان يوجه هذه النوع عادة الإمام الحاكم من أمراء البيت السعودي، مثال ذلك تلك الرسالة التي أرسلها الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود تلميذ الشيخ إلى أهل اليمن (6) .
(1) ابن غنام ـ تاريخ نجد ـ الرسالة السابعة ص ـ 312.
(2)
عبد الله بن سحيم مطوع المجمعة غير ابن سحيم السالف الذكر.
(3)
إبن غنام ـ تاريخ نجد ـ الرسالة الرابعة ص: 261-271.
(4)
إبن غنام ـ تاريخ نجد ـ الرسالة الثالثة ص 255-258 وكذلك الرسالة ـ الحادية والعشرون ص 399.
(5)
مجموعة التوحيد ـ الرسالة الخامسة ـ تلقين أصول العقيدة للعامة ص257-258.
(6)
عبد الله القصبي ـ الثورة الوهابية 123-126.
كما وجه عبد العزيز هذه الرسالة إلى من يراه من أهل المخلاف السليماني خصوصا الأشراف أولاد محمد بن أحمد وناصر ويحيى وسائر أخوته.
يضاف إلى رسائله: المناظرات التي قامت بينه وبين مخالفيه مباشرة أو عن طريق من يوفدهم للحوار مثل المناظرة التي جرت عام 1181هـ. بين موفده الشيخ عبد العزيز الحصين وبين علماء مكة عند الشريف ومناظرة أخرى عام 1211هـ ايضا مع علماء الحرم الشريف (1) .
النوع الثاني ـ الكتب:
أول شيء تتسم به الكتب التي ألفها صغر حجمها واختصارها واقتصارها على النصوص، عالج فيها قضايا الفكر الإسلامي معالجة سلفية، لم يخرج عن نهج السلف ورسم فيها خطوط الدعوة ومنهاج الدولة الجديدة المؤسسة على عقيدة التوحيد وتطبيق مبادئ هذه العقيدة في الحياة العملية من عبادات ومعاملات وإدارة وسياسة ورغم نشاطه المتعدد في مجال التدريس ومساهمته في النهوض بأعباء الإمارة الناشئة إلا أنه ترك عددا من المؤلفات لا بأس به أعطت الباحث والدارس للدعوة الوهابية الفرصة لتوخي حقيقة الدعوة من واقع مؤلفات صاحبها ويصف د. منير العجلاني نشاط ابن عبد الوهاب الثقافي فيقول:" زعيم تحف به المسائل، والمشاكل من كل جهة لا يجد متسعا من الوقت لتأليف الكتب المستفيضة، لذلك كانت رسائله أكثر من كتبه. وأحاديثه أكثر من رسائله، وكان في كتبه يميل في الغالب إلى الاختصار"(2) .
نذكر على رأس مصنفاته كتابه:
1) التوحيد: وهو كتاب مشهور، جليل القدر، شرحه المشايخ عبد اللطيف بن عبد الله، وعبد الرحمن بن حسن هذا ويصف الكتاب المؤرخ ابن بشر فيقول:" كتاب التوحيد ما وضع المصنفون في فنه أحسن منه فأحسن فيه وأجاد وبلغ الغاية والمراد"(1) .
(1) ابن غنام ـ تاريخ نجد ص 200 وكذلك عبد الرحمن بن عبد اللطيف ـ مشاهير علماء نجد وغيرهم ص 157.
د. منير العجلاني ـ تاريخ البلاد العربية السعودية ـ ص329.
(2)
ابن بشر ـ المجد في تاريخ نجد ج1 ص116.
وهو أول كتاب ألفه ابن عبد الوهاب قبل قيامه بالمرحلة الأولى من الدعوة. وعرف فيه التوحيد وفضله وتفسيره شهادة" لا إله إلا الله " وبين فيه نواقض التوحيد من الأمور الشركية، وهذا الكتاب مطبوع طبعات عديدة.
2) كشف الشبهات: كتيب صغير أو بعبارة أخرى رسالة مطولة وجهها الشيخ إلى الناس كافة وبين فيها معرفة التوحيد وأصوله، وهذا الكتيب طبع عدة مرات مفردا وضمن مجموعة، وقد ورد في كتاب تاريخ نجد لابن غنام من ص 233-252 تحقيق د. ناصر الدين الأسد طبع بمصر 1388-1962 م
3) كتاب الكبائر والمسائل التي خالف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية، وهو كتيب صغير فيه أكثر من مائة مسألة، وقد بين فيها الأشياء التي عدها من الكبائر التي تخالف قواعد الإسلام وطبع عدة مرات.
4) كتاب تفسير القرآن: وقد طبع في مجلد 4 ج 10 ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية، وقد أتى فيه بالمسائل الخاصة بالتوحيد وتعريف الشرك وشيء من أسرار الآيات وكل قصة يأتي عليها بعدد مسائل من الاستنباط حتى أتى في قصة موسى والخضر في سورة الكهف بمائة مسألة.
5) اختصر من الشرح الكبير والإنصاف مجلداً لبيان الخلاف وأمر بالقراءة فيه.
6) اختصر كتاب الهدي النبوي لابن القيم في مجلد.
7) أخذ من شرح الإقناع نبذة في أحكام الصلاة والزكاة والصيام من باب آداب المشي إلى الصلاة إلى باب ما يفسد الصوم وأمر بالقراءة فيه وتعليم العامة ما يلزمهم معرفته من أحكام صلاتهم وصيامهم وقد طبع هذا الكتاب عدة مرات.
8) كتاب أصول الإيمان، مطبوع ضمن مجموعة (1) الرسائل النجدية (2) .
9) السيرة المختصرة، اختصار لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم عن سيرة ابن هشام وقد طبعته مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة، تحقيق محمد حامد الفقي عام 1375-1956م.
10) السيرة المطولة. ذكر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مواقعه، وغزواته مطبوع.
11) مختصر الهدي النبوي.
12) مجموع الحديث على جواب الفقه (3) .
13) فضل الإسلام. فيه بيان لفضل الإسلام، وتفسيره وما جاء في الخروج عن دعوة الإسلام، مطبوع عدة مرات.
14) الأصول الثلاثة وأدلتها:
به شرح لهذه الأصول وهي معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الاسلام بالأدلة، عني بنشره وتحقيقه وتصحيح الأصول وكتابة حواشيه ـ الشيخ الدمشقي الأزهري.
15) نصيحة المسلمين بأحاديث خاتم المرسلين. نشره قصي محب الدين الخطيب.
16) كتيب نواقض الاسلام، أو بعبارة أخرى رسالة طبعت ضمن مجموعة التوحيد.
17) تفسير سورة الفاتحة.
18) تفسير كلمة التوحيد.
(1) هذه الكتب السبع ذكرها تلميذه إبن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد ـ ج1 ص116، إبن غنام ـ تاريخ نجد ـ 84-85.
(2)
طبع هذا الكتاب محب الدين الخطيب في كتاب مستقل يقع في 80 ص.
(3)
هذه الكتب من 1-12 ذكرها إبن غنام ـ في تاريخ نجد ـ ص84-85 وكذلك الدرر
السنية ج12 ـ ص 18.
19) معنى الطاغوت ورؤوس أنواعه (1) .
20) أحاديث الفتن (2) .
21) مختصر زاد المعاد (3) .
22) مفيد المستفيد (4) .
23) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (5) .
هذه هي مؤلفات ابن عبد الوهاب والتي طبعت فرادى أو ضمن مجاميع أكثر من مرة لتسهيل تناولها وتدريسها لطلبة وطلبات المدارس في المملكة العربية السعودية إلى جانب هذه المؤلفات الرسائل التي أشرنا إلى بعضها في الصفحات السابقة والتي جمعها تلميذه المؤرخ ابن غنام، وطبعت بعناية وتحقيق د. ناصر الدين الأسد وتقع هذه الرسائل من ص 213- 464- وعددها 26 رسالة.
(1) الرسائل 16،17،18،19، تم طبعها في مجموعة التوحيد من ص250ـ 260طبع الرياض ـ المكتبة الحديثة ـ وبعض هذه الرسائل طبع في كتيبات صغيرة.
(2)
أحمد عبد الغفور ـ محمد بن عبد الوهاب ـ 150-151.
(3)
الدرر السنية ج12 ص 18
(4)
عبد الله سعد الرويشد ـ محمد بن عبد الوهاب في التاريخ ج1 ص 184
(5)
د. منير العجلاني ـ تاريخ البلا د العربية السعودية 329.