الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سواء كانت منافية للتوحيد بالكلية أو منافية لكمال التوحيد الواجب، وكذلك ما ادخل في صلب العقيدة السلفية من بدع وخرافات ووسائل وذرائع تؤدي إلى الشرك مما يقدح في توحيد المسلم والتزامه، وكذلك النهي عن المنكر، وأنواع المعاصي التي من شأنها تنقيص ثواب التوحيد وإصابة القلب بالمرض والزيغ.
ثانياً: الدعوة إلى فتح باب الاجتهاد الذي أغلقه الجهلة وعوام العلماء منذ زمن طويل فأوصدوا بذلك باباً من أبواب الخير وسدوا الطرق المشروعة للفهم الذكي المخلص، وقد أسبغ ابن عبد الوهاب رحمه الله بهذين المبدأين على عالم السلفية روحاً متألقة جديدة.
محمود مهدي الاستانبولي
قال في كتابه المخطوط: "رجال التجديد والإصلاح" حين الكلام على الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
مما يؤسف له أن الأستاذ "عبد القديم زلوم" وهو من جماعة "حزب التحرير" جعل في كتابه "كيف هدمت الخلافة": حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من العوامل التي هدمت الخلافة، وزعم في تحليلات حزبه التي يطالعنا بها من حين إلى آخر بآراء غريبة:"أن جماعة الشيخ قاموا بهذه الحركة –التي سماها مذهبا1- وهو خطأ – كانوا مدعومين من الإنكليز".
وقد كان من واجب هذا الكاتب أن يدعم رأيه بأدلة وإثباتات، وقديما قال الشاعر:
1 إن تسمية حركة هذا الشيخ الجليل بالمذهب خطأ، فإنه رحمه الله تعالى لم يجتهد، إنما عمد إلى إحياء التوحيد من الكتاب والسنة، وقد أغفله أغلب المسلمين ويا للأسف.
وإذا الدعاوى لم تقم بدليلها
…
بالنص فهي على السفاه دليل
وقال غيره:
وكل ادعاء قرين افتراء
…
سوى من إذا ادّعى أشهدا
مع العلم أن التاريخ يذكر أن هؤلاء الانكليز وقفوا ضدّ هذه الحركة منذ قيامها خشية يقظة العالم الإسلامي.
فكانوا صحبة الحكومة الفرنسية يحرضون الدولة العثمانية في عهد ظلمها وضعفها للقضاء على حركة محمد بن عبد الوهاب، فأمرت العميل واليها على مصر محمد علي باشا بقتال الأمراء السعوديين، وقد قدم له الإنكليز والفرنسيون الأسلحة والخبراء الذين رافقوا الحملة المصريّة من أجل القضاء على الحركة المسماه وهابية كيلا يعيد الإسلام سيرته الأولى وعندما تمّ النصر على السعوديين أرسلت الحكومة البريطانية وفداً خاصاً بقيادة جورج ماستر سادلين لتقديم التهاني إلى إبراهيم بن محمد علي كما أرسلت سفينة حربية بريطانيّة من بومباي إلى الخليج العربي بدو بإشارة مباشرة أو غير مباشرة من المصريين سنة 1334 هجرية الموافق 1819 ميلاديّة في موسم الصيف، وكان على ظهرها الكابتن ج. ف. سادلير قائد الفرقة السابعة والأربعين موفداً خاصاً إلى إبراهيم، وكانت مهمته تقديم التهاني أيضاً على فتح الدرعيّة واتخاذ الخطوات اللازمة للقضاء المبرم على ما سماه الدولة الوهابيّة بالاشتراك مع إبراهيم، وكانت مهمته تقديم التهاني أيضاً على فتح الدرعية واتخاذ الخطوات اللازمة للقضاء المبرم على ما سماه الدولة الوهابية بالاشتراك مع إبراهيم.
وهذا الخبر ذكره المستشرق: "هو غارث" نقلته من كتاب: "محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه" للعالم السلفي مسعود الندوي رحمه الله تعالى1.
وهذه الحملة نفسها كانت من مصلحة بريطانيا، ولذلك مهدت لها وساعدت محمد علي للنصر. جاء في كتاب "معجزة فوق الرمال":
1 راجع خاتمة كلمة أحمد سعيد البغدادي ص 28.
إن الحملة المصرية أفسحت المجال أمام العودة بشبه الجزيرة العربية إلى دور الانحطاط من جديد، كما مهدت الطريق أمام الانكليز ليسيطروا على أمارات الخليج العربيّ التي كان معظمها يشكّل جزءاً لا يتجزّأ من الدولة السعودية الأولى، بالإضافة إلى أنها أفسحت المجال أمام كثير من الدول الأوربية، بزعامة بريطانيا للتدخل في شؤون البلاد العربيّة والإسلاميّة تدخلاً تطور مع الزمن حتى أصبح احتلالاً استعمارياً بأبشع مظاهره ونتائجه، بالإضافة إلى أنها كانت من العوامل الرئيسية إلى الاحتلال البريطاني لمصر فيما بعد1.
والغريب المضحك والمبكي معاً أن يتهم هذا الأستاذ حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأنها من عوامل هدم الخلافة العثمانية، مع العلم أن هذه الحركة قامت حوالي عام 1811م والخلافة هدمت حوالي عام 1922م!!.
ولنستمع بعد ذلك إلى كلام الأديب الأخ علي الطنطاوي في التحقق من عداوة الإنكليز لحركة هذا الإمام العظيم:
"ولقد ذكرت في ترجمة أحمد بن عرفان –الشهيد- خبر الدولة الإسلامية التي أقامها في شمال الهند، وحاربت السيخ وكسرتهم، وعجز عنها الانكليز فلم يجد وسيلة إلى القضاء عليها، إلا اتهامها عند شيوخ القبائل الأفغانية بأنها دولة وهابية فاستحلوا بذلك قتالها وقضوا عليها2"
فهل يقنع مؤلف كتاب: "كيف هدمت الخلافة" بما سبق ليرجع عن رأيه السابق بأن جماعة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانوا من عوامل القضاء على الخلافة بدعم من الانكليز؟!.
وقد سها عن بال هذا المؤلف أن قيام الخلافة من الدين، وقد جاء في الحديث الصحيح:"من خلع يداً من طاعة، قلي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهليّة! " رواه مسلم.
1 للأستاذ أحمد العسة صفحة 23.
2 رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب 1/8
فهل يعقل أن يفعل ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب أو أنصاره، وهم الذين نذروا أنفسهم وعرضوها للموت في سبيل الله؟!.
إن الحق –والحق أقول- إن حركة الإمام محمد بن عبد الوهاب بعكس ما زعم "زلوم" كانت بمراميها البعيدة تهدف إلى تثبيت دعائم الخلافة، لا هدمها وكل ذلك بمحاربة سموم التصوف وضلالات "أبي الهدى الصيادي" التي كانت أهم أسباب انهيار الخلافة وضعفها، مما كان من واجب هذا الكاتب ذكرها
…
وقد سارع الإمام رحمه الله تعالى إلى تصحيح عقيدة المسلمين من ركام الشرك ورواسبه التي تضلل العقول والنفوس.
وليس مثل الإيمان السليم النابض بالحياة والقوة كفيلاً بتحقيق القوة والمجد وهذا ما حققه الإمام محمد بن عبد الوهاب فجعل –كما قال طه حسين- من هؤلاء الأعراب الجفاة المشركين قوماً مسلمين حقاً على نحو ما فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم بأهل الحجاز منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً.
"ولولا أن الترك والمصريين اجتمعوا على حرب هذه الحركة وحاربوها في دار عقرها بقوى وأسلحة لا عهد لأهل البادية بها، لكان من المرجو جداً أن تتوحد كلمة المسلمين في القرن الثاني عشر والثالث عشر، كما وحد ظهور الإسلام كلمتهم في القرن الأول1.
ومن المؤسف جداً أن يغار "زلوم" على ضياع الدولة العثمانية الهرمة المريضة التي حارب فيها الاتحاديون الإسلام كما حاربه المستعمرون من الانكليز والفرنسيين وغيرهم، ولا يغار على أحاديث رسول اله صلى الله عليه وسلم وهي المصدر الثاني للإسلام بدعوى أنها لا يعمل إلا بالمتواتر منها في بحث العقيدة كما يقول حزبه
…
ومعنى ذلك نسف القسم الأكبر من السنة
1 "الحياة الأدبية في جزيرة العرب".