الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدين التي جاء بها الرسول صلى الله عليه ولسم وتكفر من لم يأت بها وتعذر فيما هو من دونها كأمثال الجهمية والمعتزلة والرافضة وغيرهم.
قال الشيخ: واسم التوحيد اسم معظم جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، فإذا جعل تلك المعاني التي نفاها من التوحيد ظن من لم يعرف مخالفة مراده لمراد الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه يقول بالتوحيد الذي جاءت به الرسل ويسمى طائفته الموحدين، كما يفعل ذلك: الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم على نفي شيء من الصفات ويسمون ذلك: توحيداً وطائفتهم: الموحدين، ويسمون علمهم: علم التوحيد كما تسمى المعتزلة ومن وافقهم نفي القدر: عدلاً، ويسمون أنفسهم: العدلية وأهل العدل ومثل هذه البدع كثير جداً يعبر بألفاظ الكتاب والسنة عن معان مخالفة لما أراده الله ورسوله بتلك الألفاظ، ولا يكون أصحاب تلك الأقوال تلقوها ابتداء عن الله عز وجل ورسوله، صلى الله عليه وسلم، بل عن شبهة حصلت لهم وأئمة لهم وجعلوا التعبير عنها بألفاظ الكتاب والسنة حجة لهم وعمدة لهم ليُظهر بذلك أنهم متابعون للرسول، صلى الله عليه وسلم، لا مخالفون له.
وكثير منهم لا يعرفون أن ما ذكروه مخالف للرسول، صلى الله عليه وسلم، بل يظن أن هذا المعنى الذي أراده هو المعنى الذي أراده الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ..
(إلى أن قال) والقرآن مملوء من ذكر وصف الله بأنه أحد وواحد ومن ذكر أن إلهكم واحد ومن ذكر أنه: لا إله إلا الله ونحو ذلك.
فلا بد أن يكون الصحابة يعرفون ذلك فإن معرفته أصل الدين وهو أول ما دعا الرسول، صلى الله عليه وسلم، إليه الخلق وهو أول ما يقاتلهم عليه وهو أول ما أمر رسله أن يأمروا الناس به وقد تواتر عنه أنه أول ما دعا الخلق إلى أن يقولوا لا إله إلا الله (1). ا. هـ.
المبحث الثاني: أحكام أصول الدين وبيانها بياناً شافياً قاطعا للعذر:
وقال: (رداً على سؤال جاءه): هل يجوز الخوض فيما تكلم الناس فيه من مسائل في أصول الدين لم ينقل عن سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، فيها كلام أم لا؟
فإن قيل بالجواز: فما وجهه؟
…
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين (أما المسألة الأولى) فقول السائل هل يجوز الخوض فيما تكلم
(1) جـ: 17 ص: 352 لمجموع الفتاوى.
الناس فيه من مسائل في أصول الدين لم ينقل عن سيدنا محمد فيها كلام أم لا؟ سؤال ورد بحسب ما عهد عن الأوضاع المبتدعة الباطلة.
فإن المسائل التي هي من أصول الدين التي تستحق أن تسمى: أصول الدين أعني: الدين الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه لا يجوز أن يقال: لم ينقل عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فيها كلام، بل هذا كلام متناقض في نفسه إذ كونها من أصول الدين يوجب أن تكون من أهم أمور الدين، وأنها مما يحتاج إليه الدين.
ثم نفى نقل الكلام فيها عن الرسول يوجب أحد أمرين:
إما أن الرسول أهمل الأمور المهمة: التي يحتاج الدين إليها فلم يبينها أو أنه بينها فلم تنقلها الأمة.
وكلا هذين باطل قطعاً، وهو من أعظم مطاعن المنافقين في الدين، وإنما يظن هذا وأمثاله من هو جاهل بحقائق ما جاء به الرسول، أو جاهل بما يعقله الناس بقلوبهم، أو جاهل بهما جميعاً.
فإن جهله بالأول يوجب عدم علمه بما اشتمل عليه ذلك من أصول الدين وفروعه.
وجهله بالثاني يوجب أن يدخل في الحقائق المعقولة ما يسميه هو وأشكاله عقليات وإنما هي: جهليات، وجهله بالأمرين يوجب أن يظن من أصول الدين ما ليس منها من المسائل والوسائل الباطلة، وأن يظن عدم بيان الرسول لما ينبغي أن يعتقد في ذلك كما هو الواقع لطوائف من أصناف الناس حذاقهم فضلاً عن عامتهم
…
فكل ما يحتاج الناس إلى معرفته واعتقاده والتصديق به من هذه المسائل فقد بينه الله ورسوله بياناً شافياً قاطعاً للعذر. إذ هذا من أعظم ما بلغه الرسول البلاغ المبين، وبينه للناس وهو من أعظم ما أقام الله به الحجة على عباده فيه بالرسل الذي بينوه وبلغوه
…
وإنما الغرض التنبيه على أن في القرآن والحكمة النبوية عامة أصول الدين من المسائل والدلائل: التي تستحق أن تكون أصول الدين.
وأما ما يدخله بعض الناس في هذا المسمى من الباطل فليس ذلك من أصول الدين، وإن أدخله فيه مثل المسائل والدلائل الفاسدة مثل: نفي الصفات والقدر ونحو ذلك من المسائل (1). ا. هـ.
(1) جـ: 3 ص: 293: 303 لمجموع الفتاوى.
أصل الدين التلقي من الله وحده:
وقال الشيخ رحمه الله معرفاً أصل الدين: وأصل الدين: أنه لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ولا مكروه إلا ما كره الله ورسوله ولا حلال إلا ما أحله الله ورسوله ولا مستحب إلا ما أحبه الله ورسوله.
فالحلال ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله والدين ما شرعه الله ورسوله ولهذا أنكر الله على المشركين وغيرهم ما حللوه أو حرموه أو شرعوه من الدين بغير إذن من الله (1). ا. هـ.
أصل الدين: عبادة الله وحده والإيمان به:
وقال: وأن يعلم المسلمون كلهم أنما عليه المبتدعون المراؤون ليس من الدين ولا من فعل عباد الله الصالحين، بل من فعل أهل الجهل والضلال والإشراك بالله -تعالى- الذين يخرجون عن توحيده وإخلاص الدين له وعن طاعة رسله.
وأصل الإسلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فمن طلب بعبادته الرياء والسمعة فلم يحقق شهادة أن لا إله إلا الله ومن خرج عما أمر به الرسول من الشريعة وتعبد بالبدعة فلم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله.
وإنما يحقق هذين الأصلين من لم يعبد إلا الله ولم يخرج عن شريعة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، التي بلغها عن الله (2) ا. هـ.
وقال فالدعوة إلى الله تكون: بدعوة العبد إلى دينه. وأصل ذلك عبادته وحده لا شريك له كما بعث الله بذلك رسله وأنزل كتبه
…
فالرسل متفقون في الدين الجامع للأصول الاعتقادية والعملية، فالاعتقادية: كالإيمان بالله وبرسله وباليوم الآخر والعملية كالأعمال العامة المذكورة في الأنعام والأعراف
…
ولهذا كان الخطاب في السور المكية "يا أيها الناس" لعموم الدعوة إلى الأصول، إذ لا يدعى إلى الفرع من لا يقر بالأصل (3). ا. هـ.
(1) جـ: 29 ص: 345 لمجموع الفتاوى.
(2)
جـ: 11 ص: 617 لمجموع الفتاوى.
(3)
جـ: 65 ص: 158: 160 لمجموع الفتاوى.
وقال: اسم الإيمان قد تكرر ذكره في القرآن والحديث أكثر من ذكر سائر الألفاظ وهو أصل الدين وبه يخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويفرق بين السعداء والأشقياء (1). ا. هـ. وقال والدين القائم بالقلب من الإيمان علماً وحالاً هو الأصل، والأعمال الظاهرة هي الفروع وهي كمال الإيمان. فالدين أول ما يبنى من أصول ويكمل بفروعه كما أنزل الله بمكة أصوله من التوحيد والأمثال التي هي المقاييس العقلية والقصص والوعد والعيد ثم أنزل بالمدينة لما صار له قوة فروعه الظاهرة من الجمعة والجماعة ..
فأصوله تمد فروعه وتثبتها وفروعه تكمل أصوله وتحفظها (2) ا. هـ.
وقال وأيضاً فإن التوحيد أصل الإيمان، وهو الكلام الفارق بين أهل الجنة وأهل النار وهو ثمن الجنة ولا يصح إسلام أحد إلا به (3). ا. هـ.
قلت: بعد هذه النقول عن الشيخ رحمه الله ولولا خشية الإطالة لجئت منها بالكثير أسأل الله -تعالى- أن كل عبد يعتقد أن الدين ليس له أصولاً وفروعاً وأن التوحيد والطاعات والشرك والمعاصي على رتبة واحدة لا فرق بينهم أن يتقي الله في نفسه ويفيء إلى الحق الذي ليس بعده إلا الضلال اللهم بلغت اللهم فاشهد.
* * *
(1) جـ: 7 ص: 289 لمجموع الفتاوى.
(2)
جـ: 10 ص: 355 لمجموع الفتاوى.
(3)
جـ: 24 ص: 235 لمجموع الفتاوى.