المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌قصيدة البردة «1» قافية الميم، وقال يمدح النبي، صلى الله عليه - العمدة في إعراب البردة قصيدة البوصيري

[مؤلف العمدة في إعراب البردة]

الفصل: ‌ ‌قصيدة البردة «1» قافية الميم، وقال يمدح النبي، صلى الله عليه

‌قصيدة البردة

«1»

قافية الميم، وقال يمدح النبي، صلى الله عليه وسلم؛ وهي من أشهر شعره. وهذه القصيدة تعرف بالبردة أو بالبرأة. وقد وفد بها على النبيّ، صلى الله عليه وسلم، وهو مريض، فعوفي من وقته وساعته.

1 أمن تذكّر جيران بذي سلم

مزجت دمعا جرى من مقلة بدم

2 أم هبّت الريح من تلقاء كاظمة

وأومض البرق في الظلماء من إضم

3 فما لعينيك إن قلت اكففا همتا

وما لقلبك إن قلت استفق يهم

4 أيحسب الصّبّ أنّ الحبّ منكتم

ما بين منسجم منه ومضطرم «2»

5 لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل

ولا أرقت لذكر البان والعلم

6 فكيف تنكر حبّا بعدما شهدت

به عليك عدول الدّمع والسّقم

7 وأثبت الوجد خطّي عبرة وضنى

مثل البهار على خدّيك والعنم «3»

8 نعم سرى طيف من أهوى فأرّقني

والحبّ يعترض اللّذات بالألم

9 يا لائمي في الهوى العذريّ معذرة

منّي إليك ولو أنصفت لم تلم

10 عدتك حالي لا سرّى بمستتر

عن الوشاة ولا دائي بمنحسم «4»

(1) القصيدة كما جاءت بالديوان ص: 238- 249

(2)

المنسجم الدمع السائل. والمضطرم القلب: المشتعل بالحب.

(3)

البهار: ورد أصفر. والعنم: ورد أحمر.

(4)

عدتك: تجاوزتك. ومنحسم: منقطع.

ص: 38

11 محّضتني النّصح لكن لست أسمعه

إنّ المحبّ عن العذّال في صمم «1»

12 إنّي اتهمت نصيح الشّيب في عذل

والشّيب أبعد في نصح عن التهم

13 فإنّ أمّارتي بالسّوء ما اتّعظت

من جهلها بنذير الشّيب والهرم «2»

14 ولا أعدّت من الفعل الجميل قرى

ضيف ألمّ برأسي غير محتشم

15 لو كنت أعلم أنّي ما أوقّره

كتمت سرّا بدا لي منه بالكتم «3»

16 من لي بردّ جماح من غوايتها

كما يردّ جماح الخيل باللّجم

17 فلا ترم «4» بالمعاصي كسر شهوتها

إنّ الطّعام يقوّي شهوة النّهم

18 والنّفس كالطّفل إن تهمله شبّ على

حبّ الرّضاع وإن تفطمه ينفطم

19 فاصرف هواها وحاذر أن تولّيه

إنّ الهوى ما تولّى يصم أو يصم «5»

20 وراعها وهي في الأعمال سائمة

وإن هي استحلت المرعى فلا تسم «6»

21 كم حسّنت لذّة للمرء قاتلة

من حيث لم يدر أنّ السّمّ في الدّسم

22 واخش الدّسائس من جوع ومن شبع

فربّ مخمصة شرّ من التّخم «7»

23 واستفرغ الدّمع من عين قد امتلأت

من المحارم والزم حمية النّدم «8»

24 وخالف النّفس والشّيطان واعصهما

وإن هما محّضاك النّصح فاتّهم

25 ولا تطع منهما خصما ولا حكما

فأنت تعرف كيد الخصم والحكم

26 أستغفر الله من قول بلا عمل

لقد نسبت به نسلا لذي عقم

27 أمرتك الخير لكن ما ائتمرت به

وما استقمت فما قولي لك استقم

(1) محضتني النصح: أخلصته.

(2)

الأمارة بالسوء: هي النفس.

(3)

الكتم: نبت يخضب به كالحناء.

(4)

لا ترم: لا تقصد ولا تطلب.

(5)

أن توليه. تجعله واليا عليك. ويصم: يقتل؛ من أصمي. ويصم: يعيب؛ من وصم.

(6)

السوم: الرعي في العشب المباح.

(7)

المخمصة: الجوع.

(8)

الحمية عن الشيء: الامتناع عنه.

ص: 39

28 ولا تزوّدت قبل الموت نافلة

ولم أصلّ سوى فرض ولم اصم

29 ظلمت سنّة من أحيا الظّلام إلى

أن اشتكت قدماه الضّرّ من ورم

30 وشد من سغب أحشاءه وطوى

تحت الحجارة كشحا مترف الأدم «1»

31 وراودته الجبال الشّمّ من ذهب

عن نفسه فأراها أيّما شمم

32 وأكّدت زهده فيها ضرورته

إنّ الضّرورة لا تعدو على العصم «2»

33 وكيف تدعو إلى الدّنيا ضرورة من

لولاه لم تخرج الدّنيا من العدم

34 محمّد سيّد الكونين

والثّقلين والفريقين من عرب ومن عجم

35 نبيّنا الامر النّاهي فلا أحد

أبرّ في قول «لا» منه ولا «نعم»

36 هو الحبيب الذي ترجى شفاعته

لكلّ هول من الأهوال مقتحم

37 دعا إلى الله فالمستمسكون به

مستمسكون بحبل غير منفصم

38 فاق النّبيّين في خلق وفي خلق

ولم يدانوه في علم ولا كرم

39 وكلّهم من رسول الله ملتمس

غرفا من البحر أو رشفا «3» من الدّيم

40 وواقفون لديه عند حدّهم

من نقطة العلم أو من شكلة الحكم «4»

41 فهو الذي تمّ معناه وصورته

ثمّ اصطفاه حبيبا باريّ النّسم»

42 منزّه عن شريك في محاسنه

فجوهر الحسن فيه غير منقسم

43 دع ما ادّعته النّصارى في نبيّهم

واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم

44 وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف

وانسب إلى قدره ما شئت من عظم

45 فإنّ فضل رسول الله ليس له

حدّ فيعرب عنه ناطق بفم

46 لو ناسبت قدره آياته عظاما

أحيا اسمه حين يدعى دارس الرّمم

(1) السغب: الجوع. والكشح: ما بين الخاصرة إلى الضلع. والمترف: المنعم.

(2)

العصم: جمع عصمة، وهي الحفظ.

(3)

الرشف: المص. والديم: جمع ديمة، وهي المطر.

(4)

الحكم جمع حكمة وهي وضع الأشياء في مواضعها.

(5)

النسم: جمع نسمة، وهي الإنسان.

ص: 40

47 لم يمتحنّا بما تعيا العقول به

حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم «1»

48 أعيا الورى فهم معناه فليس يرى

في القرب والبعد فيه غير منفحم «2»

49 كالشّمس تظهر للعينين من بعد

صغيرة وتكلّ الطّرف من أمم «3»

50 وكيف يدرك في الدّنيا حقيقته

قوم نيام تسلّوا عنه بالحلم

51 فمبلغ العلم فيه أنه بشر

وأنه خير خلق الله كلّهم «4»

52 وكلّ آي أتى الرّسل الكرام بها

فإنما اتّصلت من نوره بهم

53 فإنّه شمس فضل هم كواكبها

يظهرن أنوارها للناس في الظّلم

54 أكرم بخلق نبيّ زانه خلق

بالحسن مشتمل بالبشر متّسم «5»

55 كالزّهر في ترف والبدر في شرف

والبحر في كرم والدهر في همم

56 كأنّه وهو فرد من جلالته

في عسكر حين تلقاه وفي حشم

57 كأنّما اللّؤلؤ المكنون في صدف

من معدني منطق منه ومبتسم

58-

لا طيب يعدل تربا ضمّ أعظمه

طوبى لمنتشق منه وملتثم «6»

59 أبان مولده عن طيب عنصره

يا طيب مبتدإ منه ومختتم

60 يوم تفرّس فيه الفرس أنّهم

قد أنذروا بحلول البؤس والنّقم «7»

61 وبات إيوان كسرى وهو منصدع

كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم

62 والنّار خامدة الأنفاس من أسف

عليه والنّهر ساهي العين من سدم «8»

(1) لم نهم: لم نضل.

(2)

المنفحم: الساكت عجزا في المناظرة.

(3)

تكل: تتعب. أمم: قرب.

(4)

مبلغ العلم: غايته.

(5)

متسم: متصف.

(6)

طوبى من الطيب قلبوا الياء واوا لضمة ما قبلها. والمنتشق: من يشمه، والملتثم: من يقبله.

(7)

تفرس: تعرف بالظن الصائب.

(8)

ساهي: ساكن. والسدم: الحزن.

ص: 41

63-

وساء ساوة أن غاضت بحيرتها

وردّ واردها بالغيظ حين ظمي «1»

كأنّ بالنار ما بالماء من بلل

حزنا وبالماء ما بالنّار من ضرم «2»

65 والجنّ تهتف والأنوار ساطعة

والحقّ يظهر من معنى ومن كلم

66 عموا وصمّوا فإعلان البشائر لم

تسمع وبارقة الإنذار لم تشم «3»

67 من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم

بأنّ دينهم المعوجّ لم يقم

68 وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب

منقضّة وفق ما في الأرض من صنم «4»

69 حتى غدا عن طريق الوحي منهزم

من الشياطين يقفو إثر منهزم

70 كأنهم هربا أبطال أبرهة

أو عسكر بالحصى من راحتيه رمي

71 نبذا به بعد تسبيح ببطنهما

نبذ المسبّح من أحشاء ملتقم

72 جاءت لدعوته الأشجار ساجدة

تمشي إليه على ساق بلا قدم

73 كأنّما سطرت سطرا لما كتبت

فروعها من بديع الخطّ في اللّقم

74 مثل الغمامة أنّى سار سائرة

تقيه حرّ وطيس للهجير «5» حمي

75 أقسمت بالقمر المنشقّ إنّ له

من قلبه نسبة مبرورة القسم

76 وما حوى الغار من خير ومن كرم

وكلّ طرف من الكفّار عنه عمي

77 فالصّدق في الغار والصّدّيق لم ير ما

وهم يقولون ما بالغار من أرم «6»

78 ظنّوا الحمام وظنّوا العنكبوت على

خير البريّة لم تنسج ولم تحم

79 وقاية الله أغنت عن مضاعفة

من الدّروع وعن عال من الأطم «7»

80 ما سامني الدّهر ضيما واستجرت به

إلّا ونلت جوارا منه لم يضم

(1) ساوة: مدينة في بلاد فارس بين همذان والري.

(2)

الضرم: الالتهاب.

(3)

تشم: تنظر.

(4)

الوفق: الموافق، أي المماثل.

(5)

د. بالهجيز.

(6)

لم يرما: لم يبرحا. وأرم على وزن كتف: العلم والأثر.

(7)

الأطم: الحصون.

ص: 42

81 ولا التمست غنى الدّارين من يده

إلّا استلمت النّدى من خير مستلم

82 لا تنكر الوحي من رؤياه إنّ له

قلبا إذا نامت العينان لم ينم «1»

83 وذاك حين بلوغ من نبوّته

فليس ينكر فيه حال محتلم «2»

84 تبارك الله ما وحي بمكتسب

ولا نبيّ على غيب بمتّهم

85 كم أبرأت وصبا باللّمس راحته

وأطلقت أربا من ربقة اللّمم «3»

86 وأحيت السّنة الشّهباء دعوته

حتى حكت غرّة في الأعصر الدّهم «4»

87 بعارض جاد أو خلت البطاح بها

سيب من اليمّ أو سيل من العرم «5»

88 دعني ووصفي آيات له ظهرت

ظهور نار القرى ليلا على علم

89 فالدّرّ يزداد حسنا وهو منتظم

وليس ينقص قدرا غير منتظم

90 فما تطاول آمال المديح إلى

ما فيه من كرم الأخلاق والشّيم «6»

91 آيات حقّ من الرّحمن محدثة

قديمة صفة الموصوف بالقدم «7»

92 لم تقترن بزمان وهي تخبرنا

عن المعاد وعن عاد وعن إرم

93 دامت لدينا ففاقت كلّ معجزة

من النّبيّين إذ جاءت ولم تدم

94 محكّمات فما تبقين من شبه

لذي شقاق وما تبغين من حكم

95 ما حوربت قطّ إلّا عاد من حرب

أعدى الأعادي إليها ملقي السّلم

96 ردّت بلاغتها دعوى معارضها

ردّ الغيور يد الجاني عن الحرم

97 لها معان كموج البحر في مدد

وفوق جوهره فس الحسن والقيم

(1) يقول: إن رؤيا النبي في المنام هي وحي من عند الله.

(2)

المحتلم: الذي يرى الحلم في النوم، فحلم النبي كما يقول وحي لا ينكر.

(3)

الوصب: المريض. والأرب: المحتاج. والريقة أصلها الحبل. واللمم: الجنون.

(4)

السنة الشهباء: المجدبة.

(5)

أوخلت. أي: إلى أن خلت. والبطاح: جمع أبطح، وهو مسيل الماء. والسيب: الجري. العرم: الوادي.

(6)

تطاول إلى كذا: طلب الوصول إليه.

(7)

محدثة: إنزالها محدث.

ص: 43

98 فما تعدّ ولا تحصى عجائبها

ولا تسام على الإكثار بالسّأم

99 قرّت بها عين قاريها فقلت له

لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم

100 إن تتلها خيفة من حرّ نار لظى

أطفأت نار لظى من وردها الشّبم

101 كأنّها الحوض تبيضّ الوجوه به

من العصاة وقد جاؤوه كالحمم

102 وكالصّراط وكالميزان معدلة

فالقسط من غيرها في الناس لم يقم

103 لا تعجبن لحسود راح ينكرها

تجاهلا وهو عين الحاذق الفهم

104 قد تنكر العين ضوء الشّمس من رمد

وينكر الفمّ طعم الماء من سقم

105 يا خير من يمّم العافون ساحته

سعيا وفوق متون الأينق الرّسم «1»

106 ومن هو الاية الكبرى لمعتبر

ومن هو النّعمة العظمى لمغتنم

107 سريت من حرم ليلا إلى حرم

كما سرى البدر في داج من الظّلم

108 وبتّ «2» ترقى إلى أن نلت منزلة

من قاب قوسين لم تدرك ولم ترك

109 وقدّمتك جميع الأنبياء بها

والرّسل تقديم مخدوم على خدم

110 وأنت تخترق السّبع الطّباق بهم

في موكب كنت فيه صاحب العلم

111 حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق

من الدّنوّ ولا مرقى لمستنم «3»

112 خفضت كلّ مقام بالإضافة إذ

نوديت بالرّفع مثل المفرد العلم «4»

113 كيما تفوز بوصل أيّ مستتر

عن العيون وسرّ أيّ مكتتم

114 فحزت كلّ فخار غير مشترك

وجزت كلّ مقام غير مزدحم

115 وجلّ مقدار ما ولّيت من رتب

وعزّ إدراك ما أوليت من نعم

116 بشرى لنا معشر الإسلام إنّ لنا

من العناية ركنا غير منهدم

117 لمّا دعا الله داعينا لطاعته

بأكرم الرّسل كنّا أكرم الأمم

(1) العافون: طلاب الرزق. والأينق: النياق. والرسم: التي ترسم الأرض: أي: تعلمها.

(2)

د: فظت.

(3)

المستنم: طالب الرفعة إلى السنام، وهو أعلى الشيء.

(4)

بالإضافة إلى مقامك. والرفع الارتفاع وفيه تورية برفع الإعراب عن النحاة.

ص: 44

118 راعت قلوب العدا أنباء بعثته

كنبأة أجفلت غفلا من الغنم

119 ما زال يلقاهم في كلّ معترك

حتى حكوا بالقنا لحما على وضم «1»

120 ودّوا الفرار فكادوا يغبطون به

أشلاء شالت مع العقبان والرّخم

121 تمضي اللّيالي ولا يدرون عدّتها

ما لم تكن من ليالي الأشهر الحرم

122 كأنّما الدّين ضيف حلّ ساحتهم

بكلّ قرم إلى لحم العدا قرم «2»

123 يجرّ بحر خميس فوق سابحة

يرمي بموج من الأبطال ملتطم «3»

124 من كلّ منتدب لله محتسب

يسطو بمستأصل للكفر مصطلم «4»

125 حتّ غدت ملّة الإسلام وهي بهم

من بعد غربتها موصولة الرّحم

126 مكفولة أبدا منهم بخير أب

وخير بعل فلم تيتم ولم تئم «5»

127 هم الجبال فسل عنهم مصادمهم

ماذا رأى منهم في كلّ مصطدم

128 وسل حنينا وسل بدرا وسل أحدا

فصول حتف لهم أدهى من الوخم»

129 المصدري البيض حمرا بعد ما وردت

من العدا كلّ مسودّ من اللّمم «7»

130 والكاتبين بسمر الخطّ ما تركت

أقلامهم حرف جسم غير منعجم

131 شاكي السّلاح لهم سيمى تميّزهم

والورد يمتاز بالسّيمى عن السّلم «8»

132 تهدي إليك رياح النّصر نشرهم

فتحسب الزّهر في الأكمام كلّ كمي

133 كأنّهم في ظهور الخيل نبت ربا

من شدّة الحزم لا من شدّة الحزم «9»

(1) الوضم: كل خشبة يقطع عليها اللحم.

(2)

القرم: السيد. والقرم: بالتحريك شدة الشهوة إلى اللحم.

(3)

السابحة: الخيل.

(4)

المنتدب: المجيب.

(5)

التأيم: فقدان الزوج.

(6)

الوخم: الوباء.

(7)

اللمم: جمع لمة وهي الشعر إذا جاوز الأذن.

(8)

السيمى: العلامة. والسلم: نوع من الشجر.

(9)

الحزم: قوة الثبات. والحزم جمع حزام: وهي ما يشد به سرج الفرس ونحوها.

ص: 45

134 طارت قلوب العدا من بأسهم فرقا

فما تفرّق بين البهم والبهم «1»

135 ومن تكن برسول الله نصرته

إن تلقه الأسد في آجامها تجم

136 ولن ترى من وليّ غير منتصر

به ولا من عدوّ غير منقصم «2»

137 أحلّ أمّته في حرز ملّته

كاللّيث حلّ مع الأشبال في أجم

138 كم جدّلت كلمات الله من جدل

فيه وكم خصم البرهان من خصم «3»

139 كفاك بالعلم في الأميّ معجزة

في الجاهليّة والتّأديب في اليتم

140 خدمته بمديح أستقيل به

ذنوب عمر مضى في الشّعر والخدم

141 إذ قلّداني ما تخشى عواقبه

كأنّني بهما هدي من النّعم «4»

142 أطعت غيّ الصّبا في الحالتين وما

حصلت إلّا على الاثام والنّدم

143 فيا خسارة نفس في تجارتها

لم تشتر الدّين بالدّنيا ولم تسم «5»

144 ومن يبع آجلا منه بعاجله

يبن له الغبن في بيع وفي سلم «6»

145 إن آت ذنبا فما عهدي بمنتقض

من النّبيّ ولا حبلي بمنصرم

146 فإنّ لي ذمّة منه بتسميتي

محمدا وهو أوفى الخلق بالذّمم

147 إن لم يكن في معادي آخذا بيدي

فضلا وإلّا فقل يا زلّة القدم

148 حاشاه أن يحرم الرّاجي مكارمه

أو يرجع الجار منه غير محترم

149 ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه

وجدته لخلاصي خير ملتزم

150 ولن يفوت الغنى منه يدا تربت

إنّ الحيا ينبت الأزهار في الأكم «7»

(1) البهم: جمع بهمة: وهي السخلة. والبهم جمع بهمة، وهي الشجاع.

(2)

المنقصم: المنقطع.

(3)

جدل: صرع. والجدالة: الأرض. والجدل: كثير الجدال. خصمه: غلبه. والخصم: شديد الخصومة.

(4)

الهدى: ما يهدى إلى الحرم ليذبح.

(5)

سام البائع السلعة: عرضها للبيع: وسامها المشتري: طلب شراءها.

(6)

السلم في البيع: هو البيع المؤجل الدفع.

(7)

تربت: افتقرت. والأكم جمع أكمة: وهي الربوة.

ص: 46

151 ولم أرد زهرة الدّنيا التي اقتطفت

يدا زهير بما أثنى على هرم

152 يا أكرم الرّسل ما لي من ألوذ به

سواك عند حلول الحادث العمم «1»

153 ولن يضيق رسول الله جاهك بي

إذا الكريم تحلّى باسم منتقم «2»

154 فإنّ من جودك الدنيا وضرّتها

ومن علومك علم اللّوح والقلم «3»

155 يا نفس لا تقنطي من زلّة عظمت

إنّ الكبائر في الغفران كاللّمم «4»

156 لعل رحمة ربّي حين يقسمها

تأتي على حسب العصيان في القسم

157 يا ربّ واجعل رجائي غير منعكس

لديك واجعل حسابي غير منخرم «5»

158 والطف بعبدك في الدّارين إنّ له

صبرا متى تدعه الأهوال ينهزم

159 وائذن لسحب صلاة منك دائمة

على النّبيّ بمنهلّ ومنسجم «6»

160 ما رنّحت عذبات البان ريح صبا

وأطرب العيس حادي العيس بالنّغم «7»

(1) الحادث العمم: يوم القيامة، لأن هوله يعم الخلق.

(2)

تحلى: اتصف. والمنتقم: من أسماء الله.

(3)

ضرة الدنيا: هي الآخرة.

(4)

اللمم: صغار الذنوب.

(5)

المنخرم: المنقطع.

(6)

المنهل: السائل بشدة. والمنسجم: السائل بهدوء ورفق.

(7)

رنحت: أمالت. وعذبات البان: أغصانه. والعيس: الإبل البيض.

ص: 47