الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4071 - فصل في سراية العتق
لا يسري العتقُ من شخص إلى آخر، فلو كانت الأمةُ لإنسان وحَمْلُها لآخر، فأعتق أحدُهما ما يملكه، لم يسْرِ إلى ملك الآخر.
وإن ملك الجاريةَ وحملَها، فأعتقها، سرى إلى الحمل، وإن أعتق الحملَ، لم يسْرِ إلى الأمِّ، خلافًا لأبي إسحاق المروزيِّ.
وإن كان العبدُ بين اثنين يملكانه نصفين مثلًا، فأعتق أحدُهما نصيبَ الآخر، لغا لفظُه إن لم يكن مثلُه إقرارًا، وإن أعتق نصيبَ نفسه، فإن قال: أعتقتُ نصيبي منك، عتق نصفُه، وإن قال: أعتقت نصفَك، عتق نصفُه، وهل وقع عتقُ النصف أوَّلًا، أو وقع عتقُ الربع، ثمَّ سرى إلى الربع الآخر (مع الإعسار)(1) واليسار؟ فيه وجهان؛ تظهر فائدتُهما إذا علَّق الطلاقَ والعتاقَ بإعتاق نصفه، فإن قلنا: يقع عتقُ النصف أوَّلًا، وقع الطلاقُ والعتق، فإن قلنا بالسراية، لم يقعا.
وإن أقرَّ بنصف عبد أو باعه؛ فإن قال: بعتك نصيبي من هذا العبد، أو نصفي منه، نفذ البيعُ والإقرارُ في النصف الذي يختصُّ به، وإن قال: بعتك نصفَ العبد، أو قال: نصف هذا العبد لفلان، فهل ينحصر البيع والإقرار فيما يختصُّ به، أو يشيع على النصفين؟ فيه الوجهان، والأولى: أن يُرتَّب البيعُ على الإقرار؛ فإنَّ الإنسانَ لا يبيع في الغالب إلَّا ملكَه، بخلاف الإقرار، فإن قلنا بالإشاعة، بطل البيعُ في الربع، وخُرِّج الربع الآخر على تفريق الصفقة.
(1) سقط من "س".
وإذا عتق نصيبُ المعتق؛ فإن كان معسرًا، وقف العتقُ على نصيبه، ولا يُستسعى العبدُ، فيجري على جزئه الحرِّ أحكامُ الحرية، وعلى الجزء الرقيق أحكامُ الأرقَّاء، ومتى طرأت الحرية على الرقِّ، جاز تبعيضُها، وإن طرأ الرقُّ على الحرية، ففي جواز تبعيضِه خلافٌ.
فلو أرقَّ الإمامُ بعضَ الأسير، وترك بقيَّته على أصل (1) الحرية، فقال: أرققت نصفَك؛ فإن لم يكن فيه مصلحةٌ، لم يجز ذلك باطنًا، ويُحمل في الظاهر على المصلحة، وإن وُجدت المصلحةُ؛ مثل أن يكون كَسُوبًا، فيجدَّ في الاكتساب لنصفه، ففي نفوذ إرقاق بعضه الوجهان، فإن قلنا: لا ينفذ، فهل يلغو لفظه، أو يرقُّ جميعه؟ فيه وجهان، وإن كان الأسيرُ عتيقًا لمسلم وذمي، لم يرقَّ نصيبُ المسلم، وفي إرقاقه لنصيب الذمي وجهان قدَّمناهما في (كتاب السِّيَر).
وإن كان المعتقُ موسرًا بحصَّة الشريك، سرى عتقُه إليها، ولزمته قيمتُها، وإن أيسر ببعضها، سرى بقدر ما أيسر به، ورقَّ الباقي، وفيه وجه أنَّه لا يسري.
فإن كان العبدُ لثلاثة؛ لأحدهم سدسُه، وللآخر ثلثه، وللثالث نصفُه، فأعتق صاحبُ الثلث والسدس نصيبَهما معًا، أو بلفْظ وكيلِهما، فهل تتوَّزع القيمةُ على قدر المِلْكَين، أو على عدد الرؤوس؟ فيه قولان كالشُّفْعة، وقيل: تتوَّزع على الرؤوس وجهًا واحدًا؛ كالجراحات.
والاعتبارُ في اليسار بحال العتق دون ما قبله وما بعده، والعبرةُ بيسار
(1) في "س": "حكم".