الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد القطع، وإن نُقل عنه نصوصٌ مختلفة بغير تاريخ، لم يُستشهد ببعضها على بعض، خلافًا للمزنيِّ؛ فإنَّه يستشهدُ بكثرة النصوص (1).
* * *
4074 - فصل في فروع على أقوال السراية
أحدُها: إذا مات المعتقُ، أُخذت القيمةُ من تركته على الأقوال كلِّها، فإنَّا إذا قلنا بتأخير السراية، صار العتقُ مستحَقُّا عليه؛ الأن سببَ التلف وُجد) (2) في الحياة، وترتَّب عليه التلفُ بعد الموت، (ووجب)(3) الغرمُ، وإن مات العبدُ، وقلنا بتأخير السراية، ففي سقوط القيمة وجهان، فإن قلنا: لا تسقط، فأدَّى القيمةَ، تبيَّن حصولُ العتق قُبيل موت العبد.
الثاني: إذا استولد أحدُ الشريكين الجاريةَ المشتركة، ثبت الاستيلادُ في نصيبه، فإن كان معسرًا لم يسْر، وهل ينعقدُ الولدُ حرًّا، أو يتبعَّض رقُّه وحريته؟ فيه الخلافُ في تبعيض الرقِّ في الابتداء، فإن أولدها الثاني، صارت مستولدةً لهما، فإن أيسر أحدُ المستولدين، [فأعتق نصيبَه، فقد قال جماعةٌ من الأصحاب: يسري عتقُه، وخطَّأهم القاضي من جهة](4) أنَّ السرايةَ تقتضي
(1) أورد الجوينيُّ هذه الفائدة في درج كلامه في "نهاية المطلب"(19/ 210) ولم يُعَنْوِنُ لها. وعنونةُ المؤلِّف رحمه الله الإمام العزّ بن عبد السلام بفائدة من مظاهر حُسْنِ تأليفه لهذا الاختصار، تنبيهًا لطالب العلم على أهمِّية هذه الفائدة.
(2)
في "س": "وسبب التلف إذا وُجد".
(3)
في "س": "وجب".
(4)
ما بين معكوفتين ساقط من "س".
نقلَ الملك، وهو غير مُتصوَّر في المستولدة، وإن كان موسرًا، سرى الاستيلادُ، وفي وقت السراية الأقوالُ الثلاثة، والاستيلاد أَوْلى بأن يُتعجَّل، أو يتأجَّل، أو يستوي العتق والاستيلاد؟ فيه ثلاثُ طرق (1)، فإن أخَّرنا السراية فالولدُ كلُّه حرٌّ، وعليه نصفُ قيمته في الحال، وإن عجَّلناها، كان كاستيلاد الأب جاريةَ ابنه إن نقلنا الملكَ قبيل العلوق، لزمه نصفُ قيمة الولد، وإن نقلناه قُبيل الوطء، لم يلزمه شيء.
الثالث: إذا ادَّعى أحدُهما أنَّ الآخرَ أعتق نصيبَه وهو موسرٌ، فإن عجَّلنا السرايةَ، عتق نصيبُ المدَّعي، والقولُ قولُ المدَّعى عليه مع يمينه، فإن حلف، وُقف الولاء، وإن نكل، حلف المدَّعي، واستحقَّ القيمةَ، ولا يعتق نصيبُ المدَّعى عليه على الأصحِّ؛ لأنَّ اليمينَ إنَّما رُدَّت لأجل القيمة؛ إذ لا يجوزُ لأحد أن يدَّعيَ على السيِّد أنَّه أعتق عبدَه، ولا تُسمع دعواه بذلك.
ولو ادَّعى كلُّ واحد منهما أنَّ الآخرَ أعتق نصيبَه، وهو موسرٌ، وقلنا بالتعجيل، عتق العبدُ، ووُقف ولاؤه، وغلط المزنيُّ، فأثبت (2) لكلِّ واحد منهما ولاءَ نصيبه.
وإن أقرَّ أحدُهما أنَّه أعتق نصيبَ نفسه، وهو موسرٌ، وقلنا بالتعجيل، عتق العبدُ، وكان ولاؤه للمعترف.
الرابع: إذا قلنا بتأخير السراية، فنصيبُ الشريك رقيقٌ، فإن أعتقه، ففي نفوذ عتقه وجهان كعتق الراهن، فإن نفَّذنا عتقَه، ففي بيعه وجهان، وقطع أبو
(1) ساقطة من "س".
(2)
في "س": "فأوقف".
محمَّد بالبطلان، وبنى عليه أنَّه يملك مطالبةَ المعتق بالقيمة، فإن صحَّحنا بيعَه، فباعه وألزم البيع، فهل للمعتق نقضُ بيعه كما ينقض الشفيعُ بيع المشتري؟ فيه تردُّد واحتمال، وإن أبطلنا تصرُّفه، وأثبتنا له (1) طلبَ القيمة، فأعسر بها المعتقُ، فقد قال أبو عليِّ: للشريك التصرُّف كيف شاء بما شاء، وليس له طلبُ القيمة وإن أيسر المعتقُ بعد ذلك.
وقال الإمام: يُحتمل أن يمتنعَ عليه التصرُّف؛ لثبوت عُلْقة العتق، وإن نفَّذنا تصرُّفه، احتُمل أن يطالبَ بالقيمة إذا أيسر بعد ذلك، فإن رددنا العتقَ، أو نفذناه، وأبطلنا البيعَ، فللشريك طلبُ القيمة لأجل الحَجْر، وإن نفَّذنا العتقَ والبيعَ، وجب أن يتخيَّر المعتقُ في بذل القيمة، فإن بذلها، عتق، وإن لم يبذلها، لم يُطالَب بها كالشفيع في بذل الثمن.
الخامس: إذا قال الشريكُ المعسرُ أو الموسرُ لشريكه الموسر: إن أعتقتَ نصيبَك، فنصيبي حرٌّ، فأعتق نصيبَه، فإن قلنا بالتعجيل، عتق الجميعُ على المعتق اتِّفاقًا، وعليه قيمةُ نصيب المعلِّق، وإن قلنا بالتأخير، عتق نصيبُ المعتق، وهل يعتق الباقي عليه، أو على المعلِّق؟ فيه الخلاف السابق؛ لأنَّه كعتق الراهن.
السادس: الأصحُّ بطلانُ الدور اللفظيِّ؛ فإنَّ الشرطَ لا يبطل ببطلان الجزاء لغة ولا شرعًا، فلو قال لعبده: مهما أعتقتك، فأنت حرٌّ قبله، ثمَّ أعتقه، نفذ على الأصحِّ، وإن قال لشريكه: إن أعتقت نصيبَك، فنصيبي حرٌّ قبل نصيبك؛ فإن قلنا بالدور، وبتعجيل السراية، لم يعتق نصيبُ واحد منهما،
(1) سقط من "س".
وتصحيحُ الدور هاهنا بعيدٌ؟ لما فيه من الحَجْر على غير المالك، ولو وقع مثلُ هذا التعليق من الجانبين، وقلنا بالدور، امتنع العتقُ من الجانبين، وكذلك التعليقُ على جميع التصرُّفات، فلو قال كلُّ واحد منهما: مهما (1) بعت نصيبَك، فنصيبي حرٌّ قبل البيع، فإن رددَّنا العتقَ في محلِّ السراية، خرج على الدور، فإن قلنا بالدور، لم ينفذ العتقُ، ولا البيعُ.
السابع: إذا وطئ الشريكُ الأمةَ قبل أخذ القيمة؛ فإن قلنا بالتعجيل، لزمه مهرُ المثل، وإن قلنا بالتأخير، فلها نصفُ المهر؛ لنصفها الحرِّ، ولا شيءَ عليه لنصيبه؛ لأنَّه ملكه، وأبعد مَنْ أوجب نصفَ المهر للمعتق؛ لأنَّه مستحِق لانقلاب الملك إليه، ويُحتمل أن يُصرفَ إلى الأمة؛ لأنَّه ينقلب إلى المعتق، وينقلب منه إليها، فلا يجب حتَّى تقع السراية، فإن ماتت، وقلنا: لا سرايةَ بعد الموت، فلا مهرَ لذلك النصف؛ لاستقرار ملكه عليه.
الثامن: السرايةُ على المسلم والكافر، وعلى الكافرين كالسراية على المسلِمَين، فإذا كان العبدُ لمسلم وكافر، فأعتق المسلمُ نصيبَه، سرى عليه، وإن أعتق الكافرُ نصيبَه، ففي السراية عليه خلافٌ مرتَّب على الخلاف في صحَّة شرائه أباه المسلم، وهذا أولى بالسراية؛ لأنَّه قهريٌّ، وإن قلنا بالتأخير، احتُمل أن يُجعلَ كالشراء؛ لاختياره ببذل القيمة، واحتُمل أن يفرَّق بأنَّ شراءَ الأب لا يجبُ، والسراية واجبةٌ.
التاسع: الاعتبارُ في القيمة بوقت العتق إن عجَّلنا السرايةَ، وإن أخَّرناها، فالاعتبارُ بوقت العتق، أو الأداء، أو بالأكثر من حين العتق إلى الأداء؟ فيه
(1) في "س": "إن".