الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فوات النفس فواتُ اليد، وإن لم نجعل السرايةَ قصاصًا - وهو أصحُّ القولين - لم يلزمه ردُّ دية اليد.
ولو قطع عبدٌ يدَ عبد، فعتق المقطوعُ، ومات بالسراية، فالقصاصُ في نفسه؛ لورثته، وفي يده لسيِّده، ولا يقف اقتصاصُ السيِّد على إذن الورثة اتِّفاقًا، فإن اقتصَّ في اليد، فَسَرَت إلى النفس، فلا شيءَ للورثة؛ لأنَّ النفس قد قُوبلت بالنفس، فإن عفا الورثةُ عن قصاص النفس، لم يسقط قصاصُ الطرف عند أبي عليٍّ، وأسقطه القفَّال؛ تعليلًا بأنَّه ثبت لهم إتلافُ الطرف بإتلاف النفس، فصاروا بذلك شركاءَ في الطرف، والقياسُ ما ذكره أبو عليٍّ؛ فإنَّ قصاصَ الطرف ثبت مقصودًا للسيِّد، ولو كان لهم فيه شركٌ، لتوقَّف على إذنهم.
* * *
4217 - فصل فيه مسائلُ من السِّيَر
إذا أسلم الأسيرُ، فالأصحُّ: بقاءُ الخيار في المَنِّ والفداء وقَبول الجزية والإرقاق، وعلى النصِّ: يرقُّ بالإسلام، وإن بذل الجزيةَ، ففي جواز قتله وجهان، فإن أجزناه، تخيَّر الإمامُ بين المنِّ والفداء، وقَبول الجزية، والقتل والإرقاق، وإن منعناه، وجعلنا الإسلام موجبًا للرقِّ، لم يرقَّ ببذل الجزية على الأصحِّ.
ولو نكح المسلمُ حربيَّة، ففي إرقاقها وجهان، فإن أجزناه فأُرِقَّت، فإن كان قبل الدخول، انفسخ النكاحُ؛ إذ لا تحلُّ الأمةُ الكتابيَّة لمسلم، وإن كان بعد الدخول، ففي انفساخه وجهان، فإن قلنا: لا ينفسخ، توقَّفنا، فإن أسلمت
في العدَّة وعتقت، أو عتقت ولم تسلم، استمرَّ النكاحُ، وإن أسلمت ولم تعتق؛ فإن كان ممَّن يحلُّ له نكاحُ الأمة، استمرَّ النكاح، وكذا إن كان ممَّن لا تحلّ له على الأصحِّ.
ولو ملك الرجلُ زوجتَه، انفسخ النكاحُ وإن عتقت في العدَّة، وإنَّما يظهر أثرُ العدَّة في تزويجها بغيره، ولا يظهر أثرُها في حقِّه.
وإذا انفرد الذميون بقتال الكفَّار، لم تُخمَّس غنائمُهم اتِّفاقًا؛ إذ لا يلزمهم سدُّ خَلَّات المسلمين في الجهات العامَّة، ولهذا لا تلزمهم الزكاة.
[ولو انفرد صبيانُ المسلمين بالغزاة، خُمِّست غنائمهم اتِّفَاقًا، كما تُؤخذ منهم الزكاة](1).
وإن غزا مسلم وذمِّيُّ، خُمِّس ما غنمه المسلمُ، وفيما غنمه الذمِّيُّ وجهان، بناهما الإمامُ على الخلاف في محل الرضخ، فإن جعلناه من رأس الغنيمة، لم يُخَّمس ما غنمه الذميُّ، وإن جعلناه من أربعة الأخماس، خُمِّس ما غنمه الذمي، وأبعد مَنْ جعل الرضخَ من المصالح [حتَّى لو كانت الغزاة ذمَّةً ليس فيهم إلَّا مسلم واحد، فلا حقَّ لهم في الغنائم](2).
ولو قهر الحربيُّ حربيها، ملكه بشرط أن يأتيَ بقهر على صورة الاستعباد، ولا يكفي قصدُ القهر، ولا يُشترط قصدُ الإرقاق عند الأصحاب، وفيه نظر؛ فإنَّ القهرَ قد يقع للاستخدام، فلا يتميَّز عن قهر الاستعباد إلَّا بقصد، وإن باع الحربيُّ زوجتَه لمسلم؛ فإن قهرها، صحَّ البيعُ، وإن لم يقهرها، لم يصحَّ.
(1) ما بين معكوفتين سقط من "س".
(2)
ما بين معكوفتين سقط من "س".