الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الخمسة المختلف فيها فهي:
المرسل، وأحاديث المدلسين إذا لم يذكروا سماعهم، وما أسنده ثقة وأرسله جماعة من الثقات، وروايات الثقات غير الحفاظ العارفين، وروايات المبتدعة إذا كانوا صادقين (1)، فالقسمان الأول والثاني ليس منهما شيء.
والقسم الثالث:
ما أسنده ثقة
…
الخ، ففي الصحيحين عدة أحاديث اختلف في وصلها وإرسالها.
والرابع:
روايات الثقات
…
الخ، ليس هو من قبيل المختلف فيه، فهو متفق على قبوله والاحتجاج به، إذا وجدت شرائط القبول، وليس يشترط في الراوي أن يكون حافظا، والخامس: روايات المبتدعة
…
الخ، فنعم فيه الخلاف، ولكن وقعت في الصحيحين أحاديث عن جماعة من المبتدعة عرف صدقهم، واشتهرت معرفتهم بالحديث، فلم يطرحوا للبدعة (2)، وهذه الأقسام تمثل قسما واحدا وهو المختلف في قبوله.
ومن وجهة نظر أخرى قسم المحققون الحديث الصحيح إلى سبعة أقسام:
(1) انظر (توجيه 1/ 183).
(2)
بتصرف من (توجيه النظر 1/ 187).
ما اتفق عليه البخاري ومسلم، وهذا في نظرهم أعلى درجات الصحيح.
ما انفرد به البخاري.
ما انفرد به مسلم.
ما كان على شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه.
ما كان على شرط البخاري ولم يخرجه.
ما كان على شرط مسلم ولم يخرجه.
ما لم يكن على شرطهما ولا واحد منهما، وصح عند أئمة الحديث.
قال الحافظ ابن حجر رحمة الله علينا وعليه معقبا على هذا التقسيم: نعم قد يكون في هذا الجانب أيضا قوة من جهة أخرى، وهو أن المتن الذي تعددت طرقه أقوى من المتن الذي ليس له إلا طريق واحدة، فالذي يظهر من هذا أن لا يحكم لأحد الجانبين بحكم كلي.
بل قد يكون ما اتفقا عليه من حديث صحابي واحد إذا لم يكن فردا غريبا أقوى مما أخرجه أحدهما من حديث صحابي غير الصحابي الذي أخرجه الآخر، وقد يكون العكس إذا كان ما اتفقا عليه من صحابي واحد فردا غريبا، فيكون ذلك أقوى منه.
وهذه الأقسام التي ذكرها ابن الصلاح، للصحيح ما شية على قواعد الأئمة ومحققي النقاد، إلا أنها قد لا تطرد لأن الحديث الذي ينفرد به مسلم مثلا، إذا فرض مجيئه من طرق كثيرة حتى تبلغ التواتر أو الشهرة القوية، ويوافقه على تخريجه مشترطو الصحة مثل أن يقال فيه: إن ما انفرد البخاري بتخريجه إذا كان فردا ليس له إلا مخرج واحد أقوى من ذلك، فليحمل
إطلاق ما تقدم من تقسيمه على الأكثر (1)، وفي هذا لفتة من الحافظ إلى أن التقسيم المذكور غير مسلم مطلقا، لذلك قال تلميذه ابن قطلوبغا: قوة الحديث إنما هي بالنظر إلى رجاله، لا بالنظر إلى كونه في كتاب كذا. وعنه نقل ابن الحنبلي ولم يعترض. وقال بهذا الأمير الصنعاني، والشيخ أحمد شاكر (2).
فالقسم الأول:
ما اتفق عليه البخاري ومسلم، لا يتحقق فيه أنه أعلى الصحيح بإطلاق، فالشيخان قد رويا من أحاديث صحيفة همام المشتملة على (142) حديثا اتفقا على (23) حديثا منها، وليست هي من أعلى مراتب الصحيح، ومنها (97) حديثا بسند واحد هو: عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة (3)، اتفقا على (23) وانفرد البخاري ب (16) وانفرد مسلم ب (58)(4).
والقسم الثاني:
ما انفرد به البخاري، يرد عليه أيضا: أن البخاري انفرد عن مسلم ب (16) حديثا من صحيفة همام نفسها وبالسند نفسه، فكيف يكون أقوى مما رواه مسلم من الصحيفة ذاتها وبنفس السند؟ ،
(1) انظر (النكت 1/ 365 - 366، ومقدمة ابن الصلاح 23 - 24، وتوضيح الأفكار 1/ 88، وتوجيه النظر 1/ 288 - 290)
(2)
(انظر قفو الأثر ص 57، توضيح الأفكار 1/ 40 - 44، 86 - 89 مقدمة صحيفة همام ص 12).
(3)
انظر (تحفة الأشراف 10/ 397 - 410).
(4)
انظر (تعليقة عبد الفتاح على توجيه النظر 1/ 292) بتصرف.
وملاحظة أخرى: إذا انفرد البخاري بحديث في سنده راو متكلم فيه، مثل حديث عبد الله بن المثنى عن عمه ثمامة بن عبد الله، تفرد البخاري بإخراج حديثه دون مسلم وفيه كلام (1)، وانفرد مسلم بحديث كل رجاله ثقات لا كلام فيهم، فكيف يكون ما انفرد به البخاري على هذه الصورة أصح مما انفرد به مسلم بنفس الوصف؟ .
القسم الثالث:
ما انفرد به مسلم، يرد عليه أن مسلما انفرد ب (58) حديثا من الصحيفة نفسها، وسندها سند ما اتفق الشيخان عليه، وسند ما انفرد به البخاري عن مسلم فكيف، يكون ما انفرد به مسلم أقل صحة مما انفرد به البخاري والسند عندهما واحد؟ ، وملاحظة أخرى: أن جعل ما انفرد به مسلم في المرتبة الثالثة من الصحة فيه نظر، لأن مسلما قد ينفرد بالحديث وهو على شرطه من إمكان اللقاء وعدم التدليس، فهو صحيح عنده وغير صحيح عند البخاري، ومن وافقه ومشى على شرطه، فكيف يعد ما انفرد به مسلم في المرتبة الثالثة من الصحة، وهو غير صحيح عند البخاري بهذا الاعتبار؟ (2).
(1)(انظر صحيح البخاري ص (26) كتاب العلم، باب (30) حديث (95)، وفتح الباري 1/ 361، وترجمته في الثقات للعجلي 276، وتهذيب التهذيب 5/ 388).
(2)
ملخصا بتصرف (من كلام عبد الفتاح في تعليقه على هذا الموضوع في توجيه النظر 1/ 290 - 295 ت 1).