الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - الإدراج في الإسناد: خمسة أنواع:
- إدراج إسناد في إسناد: وهو أن يكون الحديث عند راويه بإسناد، إلا طرفا منه، فإنه عنده بإسناد آخر، فيجمع الراوي عنه طرفي الحديث بإسناد الطرف الأول، ولا يذكر إسناد طرفه الثاني.
مثاله: حديث ابن مسعود رضي الله عنه قلت: "يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ " رواه الترمذي من طريق ابن مهدي، عن الثوري، عن واصل الأحدب، ومنصور، والأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود (1)، فإن واصلا لا يذكر في روايته عمرا، بل يروي عن أبي وائل، عن ابن مسعود مباشرة، فذكر عمرو بن شرحبيل إدراج على رواية منصور والأعمش، ظهر هذا من رواية يحي بن سعيد القطان، عن الثوري بالإسنادين، وليس فيهما الإدراج المذكور، وقد ذكر البخاري رواية يحي القطان (2).
- إدراج بعض حديث في حديث آخر: وهو أن يكون الحديث عند أحد الرواة بإسناد، ولديه حديث آخر بغير ذلك الإسناد، فيأتي راو آخر ويروي عنه أحد الحديثين بإسناد أحدهما، ويدرج فيه الحديث الآخر من غير بيان.
(1) سنن الترمذي (5/ 336) كتاب التفسير باب (26) حديث (3182).
(2)
البخاري في (ص 1011) كتاب التفسير، باب (2) حديث (4761)، وانظر (التبصرة 1/ 253 - 255، تدريب الراوي 2/ 274).
مثاله: حديث (لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا - ولا تنافسوا ــ)(1) رواه هكذا سعيد (2) بن أبي مريم، عن مالك، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه مرفوعا، فسعيد أدرج في الحديث عبارة "ولا تنافسوا" فإنها ليست من هذا الحديث، بل من حديث آخر رواه مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا)(3).
- إدراج حديث اختلف في إسناده في إسناد متفق عليه: وهو أن يروي بعض الرواة حديثا عن جماعة، وبينهم اختلاف في إسناده، فيجمع الكل على إسناد واحد من غير تمييز.
- إدراج بما يشبه التدليس: وهو أن يكون المتن عند الراوي إلا طرفا منه، فإنه لم يسمعه من شيخه فيه، وإنما سمعه من واسطة بينه وبين شيخه، فيدرجه بعض الرواة عنه بلا تفصيل (4).
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في (ص 1290) كتاب الأدب، باب (62) حديث (6076) ومسلم في (4/ 1983) كتاب البر والصلة والآداب، باب (7) حديث (23 - 2559).
(2)
قال صاحب فتح الباقي 1/ 257: الحافظ أبو سعيد بن محمد بن الحكم الجمحي شيخ البخاري. قلت: الصواب سعيد بن الحكم بن محمد الجمحي. انظر (التقريب وأصوله).
(3)
متفق عليه أخرجه البخاري في (ص 1289) كتاب الأدب، باب (58) حديث (6066)، ومسلم في (4/ 1985) كتاب البر والصلة والآداب، باب (9) حديث (28 - 2563)، وانظر التبصرة 1/ 256 - 257) ..
(4)
النكت 2/ 834.
مثاله: قصة العرنيين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: (لو خرجتم إلى إبلنا فشربتم من ألبانها وأبوالها)(1) رواها اسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه، فلفظة "وأبوالها" إنما سمعها حميد من قتادة عن أنس، علم هذا من رواية يزيد بن هارون، ومحمد بن أبي عدي، ومروان بن معاوية، وغيرهم، فلم يذكروا لفظة "وأبوالها".
قال الحافظ: فرواية إسماعيل على هذا فيها إدراج وتسوية (2)، ولم ير هذا الشيخ ربيع: لأن إسماعيل توبع في رواية هذه اللفظة، دون فصل، أي: لم يذكروا عن حميد قال قتادة: "وأبوالها" قال: وهذا مما يبعد إسماعيل بن جعفر عن وصمة التدليس والإدراج، والظاهر أن هذا من تصرف حميد فكان - والله أعلم - تارة يروي الحديث ولا يبين ما سمعه مباشرة - من أنس - مما سمعه بواسطة قتادة، وأخرى يبين ويفصل، فحدّث كل من أصحابه بما سمع (3).
- أن يقع كلام من المحدث بعد سياق سند لحديث: وهو أن لا يذكر المحدث متن الحديث، بل يسوق إسناده فقط، ثم يعرض له ما يقطع صلة المتن بالإسناد، إذ يذكر كلاما بعد الإسناد يظنه بعض من سمعه متن ذلك الإسناد.
مثاله: ما وقع في قصة ثابت بن موسى الزاهد مع شريك القاضي، وذلك أن شريك القاضي قال بعد روايته حديث (يعقد الشيطان على قافية رأس
(1) أخرجه البخاري في (ص 53) كتاب الوضوء، باب (66) حديث (233).
(2)
النكت 2/ 834 - 835) بتصرف.
(3)
انظر تعليقه على النكت 2/ 835).
أحدكم ثلاث عقد) (1): من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار، أدرج هذا ثابت، ثم سرق هذا جماعة ضعفاء وحدثوا به عن شريك (2)، ولذلك مثل به ابن الصلاح لشبه الوضع (3).
بم يعرف المدرج؟ :
يستدل على اللفظة أو الكلام المدرج بمجيء رواية من طريق أو طرق أخر، فيها فصل بين نص الحديث والكلام المدرج، وتتقوى بأن يرويه بعض الرواة مقتصرا على إحدى الجملتين (4).
مثاله: حديث عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح) أخرجه الإمام أحمد من طريق روح بن عبادة، عن شعبة، عن قتادة، عن مطرف، عن عائشة (5)، بينته روايته عن سليمان بن حرب، وعفان بن مسلم (6) أن قوله:
…
"وسجوده" سمعه شعبة من هشام، عن قتادة.
وأوضحت رواية أحمد أيضا
(1) أخرجه البخاري في (ص 224) كتاب التهجد، باب (12) حديث (1142)، ومسلم في (1/ 538) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب (28) حديث (207 - 776).
(2)
انظر (المجروحون 1/ 207).
(3)
مقدمة علوم الحديث 90.
(4)
انظر (النكت 2/ 836).
(5)
المسند 6/ 244 وفيه الركوع فقط.
(6)
روايتهما في المسند 6/ 115.
من طريق بهز بن أسد، عن شعبة، عن قتادة عدم ذكرهذه اللفظة (1)، وهكذا رواه جماعة (2)، عن شعبة مقتصرين على ذكر الركوع، موافقين رواية بهز في عدم ذكر السجود (3).
حكم الإدراج:
ذكر العلماء الحكم على الإدراج بناء على السبب الداعي له فقالوا:
- إن كان داعيه تفسير بعض الألفاظ الغريبة، لبيان حكم شرعي، أو استنباط حكم من اللفظ النبوي، ونحو ذلك فلا بأس به، قاله الزهري وغيره من الأئمة (4).
- إن فعله لغير هذه الدواعي حرام، ومن تعمد هذا فقد وقع في ضرب من الكذب والغش، تسقط عدالته، ويكون في عداد الكذابين (5).
(1) أخرجه أبو داود في (1/ 543) كتاب الصلاة، باب (150) حديث (872)، المسند 6/ 176. لكنه أخرجه أيضا وفيه الركوع والسجود (6/ 94).
(2)
هم: يزيد بن زريع، والنضر بن شميل، ويحي بن أبي عدي، وخالد بن الحارث. انظر رواياتهم في سنن النسائي
…
(2/ 190، رقم 1048، 224 رقم 1134).
(3)
انظر (النكت 2/ 836 - 837).
(4)
انظر (مقدمة ابن الصلاح 89، وتدريب الراوي 1/ 274، وتوضيح الأفكار 2/ 53 الهامش وعندي أنه
…
الخ).
(5)
انظر (تدريب الراوي 98، ومقدمة علوم الحديث 90).