الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثاني المشافهة:
وهي: السماع من لفظ الشيخ. وفرّع عليها: القراءة على الشيخ، وأكثر المحدثين يسمونها عرضا، إذ أن القاري يعرض على الشيخ ما يقرؤه، كما يعرض القرآن على المقرئ، ولا خلاف أنها رواية صحيحة، إلا ما حكي عن بعض من لا يعتد بخلافه (1)، يعني ما ورد من خلاف أبي عاصم النبيل، كان لا يرى الرواية بالعرض (2).
وقد اختلف العلماء في أن السماع من لفظ الشيخ أعلى أو القراءة عليه، على ثلاثة أقوال:
أن السماع من لفظ الشيخ أعلى المراتب في تحمل الحديث ونقله، وهذا هو الراجح وعليه جمهور أهل المشرق (3) وهذا يتفق مع ما تقدم من أن السماع من لفظ الشيخ أرفع الأقسام، وعليه الجمهور ورجحه ابن الصلاح.
أن القراءة على الشيخ أعلى، وهو قول أبي حنيفة، وسفيان الثوري، وابن أبي دئب، وشعبة ويحي بن سعيد القطان، وآخرين (4).
أنهما سواء، وهو مذهب معظم أهل الحجاز والكوفة، ومذهب مالك وأصحابه وأشياخه من علماء المدينة، ومذهب البخاري وغيرهم (5).
(1) انظر (المقدمة مع التقييد ص: 168).
(2)
انظر (توضيح الأفكار 2/ 303).
(3)
المقدمة مع التقييد (ص 168) بتصرف، وانظر (الكفايةص 395 - 398).
(4)
الكفاية (399 - 403) والمقدمة مع التقييد (168) وتوضيح الأفكار (2/ 304).
(5)
المقدمة مع التقييد (168) وانظر (الكفاية 387 - 394).
وهذه المساواة إنما تكون إذا أقرّ الشيخ حالة القراءة بأنه حديثه، وصرّح بذلك، وهي محل الاتفاق في الاعتبار، فإن سكت ولم يقر ولم ينكر وهو مصغ إلى إخبار القارئ له، غير غافل عنه، وليس ثمّ ما يوجب سكوتا، من إكراه أو غفلة أو نعاس، فالصحيح الذي عليه الجمهور العمل بذلك والاعتداد به، وعلى قول الجمهور هي أنزل درجة من السماع من لفظ الشيخ، لما في السماع من لفظه من اليقظة والمتابعة الدقيقة والحذر من الغفلة، ولا شك في ذلك، ومحل الأقوال الثلاثة إنما هو الحالة الأولى، إذا أقرّ الشيخ، والأدق في الأداء أن يقول في هذه الحالة: قرأت على فلان أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقرّبه، ويليه في الرتبة ما يجوز من صيغ الأداء المستعملة في السماع من لفظ الشيخ، بشرط أن تكون مقيدة فيقول: حدثنا فلان قراءة عليه، أو حدثني قراءة عليه، وأخبرنا قراءة عليه، أو أخبرني قراءة عليه وهكذا، ووقع الخلاف في إطلاق هذه الصيغ بين المنع والجواز، وبعضهم منع إطلاق حدثنا وجوز أخبرنا، والفرق بينهما صار هو الشائع الغالب على أهل الحديث (1).
(1) المقدمة مع التقييد (196).