المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الباب الثالث إذا لم يقصد العاقدان بالساعتين جزءا من قرار ولا ماء] - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٢

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ]

- ‌[كِتَابِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ]

- ‌[تَنْوِيرُ الْبَصَائِرِ وَالْعُيُونِ بِإِيضَاحِ حُكْمِ بَيْعِ سَاعَةٍ مِنْ قَرَارِ الْعُيُونِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالسَّاعَةِ مِنْ الْقَرَارِ جُزْءًا مُشَاعًا مِنْهُ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي بَيْعُ الْمَاءِ الرَّاكِدِ]

- ‌[الْبَاب الثَّالِثِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْعَاقِدَانِ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءًا مِنْ قَرَارٍ وَلَا مَاءَ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ لَمْ يُرِيدَا بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءًا مِنْ الْقَرَارِ أَوْ الْمَاءِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ التَّنَاقُض فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَالْقَرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَاءِ]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ حُكْم عُيُونِ الْحِجَازِ]

- ‌[الْبَابُ السَّابِعُ فِي حُكْمِ الْقَاضِي وَفِيهِ فَصْلَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ وَالْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يُنْقَضُ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ]

- ‌[بَابُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ]

- ‌[بَابُ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[بَابُ التَّفْلِيسِ]

الفصل: ‌[الباب الثالث إذا لم يقصد العاقدان بالساعتين جزءا من قرار ولا ماء]

جَاءَ دَخَلَ إلَى صَهَارِيجهمْ مِنْهَا نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْبَيَانِ أَنَّ الْمَاء لَوْ دَخَلَ دَارِهِ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابهَا مَلَكَهُ كَمَا لَوْ أَغْلَقَهَا عَلَى صَيْد دَخَلَ إلَى مِلْكه وَعَلَيْهِ فَأَصْحَاب الصَّهَارِيج إذَا أَغْلَقُوهَا عَلَى مَا فِيهَا مَلَكُوهُ وَسَيَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ الدُّولَابَ الَّذِي يُدِيرهُ الْمَاءُ إذَا دَخَلَ الْمَاءُ فِي كِيزَانه يَمْلِكهُ صَاحِبُ الدُّولَابِ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَقَاهُ بِنَفْسِهِ قَالَ غَيْرُهُ وَفِي مَعْنَاهُ مَا يُدِيرهُ بِدَابَّتِهِ مِنْ طَرِيقٍ أَوْلَى اهـ وَمَرَّ أَنَّ الْمَأْخُوذ مِنْهُ فِي نَحْو إنَاء يَمْلِكهُ آخِذُهُ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا قَالَ وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْع الْمَاءِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ جَمِيع الْمِيَاهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَجْهُولُ كَالْمِيَاهِ الَّتِي يَتَبَايَعُهَا أَهْلُ الشِّرْبِ وَغَيْرُهُمْ بِبَيْعِ الرَّجُلِ مِنْهُمْ مَا يَجْرِي فِي نَهْرِهِ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِكَذَا وَكَذَا اهـ.

وَقِيلَ لَا يُمَلَّكُ الْمَاءُ مُطْلَقًا وَإِنْ أَخَذَهُ فِي نَحْوِ إنَاءٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِهِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي وَالْإِمَامِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَكِنْ رَدَّهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْهُ أَنَّ الْمَأْخُوذَ فِي نَحْوِ إنَاءٍ يُمَلَّكُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ مِنْ حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّ الْأَنْهَارَ وَالسَّوَّاقِي إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً بِأَنْ حَفَرَ نَهْرًا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَاءُ مِنْ الْوَادِي الْعَظِيمِ أَوْ مِنْ النَّهْرِ الْمُنْخَرِقِ مِنْهُ فَالْمَاءُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ لَكِنَّ مَالَك النَّهْرِ أَحَقُّ بِهِ كَالسَّيْلِ يَدْخُلُ مِلْكَهُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مُزَاحَمَتُهُ لِسَقْيِ الْأَرْضَيْنِ وَكَذَا لِلشِّرْبِ وَالِاسْتِعْمَالِ عِنْد الْجُمْهُورِ اهـ وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ وَكَذَا إلَخْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَأَمَّا الشِّرْبُ وَالِاسْتِعْمَالُ وَسَقْي الدَّوَابِّ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَاصِمٍ وَالْمُتَوَلِّي لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لَا يُدْلِي أَحَدٌ فِيهِ دَلْوَهُ هُوَ الثَّانِي لِكَوْنِ الْجُمْهُورِ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْخَامِسِ فِي الْكَلَامِ عَلَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَفِي الْبَابِ السَّادِسِ مَا يَتَعَلَّق بِبَيْعِ الْمَاءِ فَلِيَكُنْ مِنْك عَلَى ذِكْرِ.

[الْبَاب الثَّالِثِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْعَاقِدَانِ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءًا مِنْ قَرَارٍ وَلَا مَاءَ]

(الْبَاب الثَّالِث فِي الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ) وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْعَاقِدَانِ بِالسَّاعَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ جُزْءًا مِنْ قَرَارٍ وَلَا مَاء وَلَكِنْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمَا حَالَ الْعَقْدِ بِاسْتِعْمَالِ السَّاعَةِ مِنْ الْقَرَارِ فِي جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ وَقَدْ قَدَّمْت فِي كُلٍّ مِنْ الْجَوَابَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أُمُورٌ الْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ وَثَمَّ نَقْدٌ غَالِبٌ مُتَّحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ لَمْ يَخْتَلِفْ غَلَبَةً وَلَا قِيمَةً صَحَّ الْبَيْعُ وَحُمِلَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا أَوْ زَائِدًا أَوْ فُلُوسًا سَوَاءٌ أَعَبَّرَ بِهَا أَمْ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ بَلْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الْحَمْلَ عَلَيْهَا أَيْضًا وَإِنْ عَبَّرَ بِالنَّقْدِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ أَوْ كَانَ حِنْطَةً وَثِيَابًا فَتَأَمَّلْ حُكْمَهُمْ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِي هَذَا وَتَنْزِيلُهُ عَلَى الْمُتَعَارَفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ ظَاهِرًا فِيهِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفِ مَعْلُومٌ فَكَانَ عِلْمُهُ الْمُسْتَنِد لَهُ كَالتَّصْرِيحِ بِهِ فِي الْعَقْدِ وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِمَا قَدَّمْته عَنْهُ فِي الْجَوَابِ السَّابِقِ فِي الْمُقَدِّمَةِ فَكَذَلِكَ السَّاعَةُ مِنْ الْقَرَارِ فِي صُورَتِنَا إذَا غَلَبَ عِنْدَ قَوْمٍ اسْتِعْمَالِهَا بِمَعْنَى الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ نَظَرَا لِتِلْكَ الْغَلَبَةِ وَلِذَلِكَ الْعُرْفِ وَكَأَنَّهُمَا قَالَا جُزْءًا مُعَيَّنًا مِنْ الْقَرَارِ الثَّانِي قَوْل الْقَاضِي لَوْ اُعْتِيدَ الْبَيْعُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ يُعْطِي تِسْعَةً وَدَانَقًا عُمِلَ فِيهِ بِالْعَادَةِ اهـ وَالْعَمَلُ بِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَى لِأَنَّ مَا قَالَهُ فِيهِ إلْغَاءُ اللَّفْظِ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَلَمْ يُعْمَلْ بِمَدْلُولِ هَذَا اللَّفْظِ وَلَا بِمَا يَحْتَمِلُهُ رُجُوعًا لِلْعَادَةِ.

فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهَا فِي إلْغَاءِ اللَّفْظِ الْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ وَتَنْزِيلِهِ أَعْنِي الْعَقْدَ عَلَى مَا يُذْكَرُ فِيهِ بِوَجْهٍ نَظَرًا لِلْعَادَةِ فَأَوْلَى أَنْ يُرْجَعَ إلَيْهَا فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظ بِمَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ اُعْتِيدَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ وَيَنْزِلُ الْعَقْدُ عَلَى ذَلِكَ الثَّالِثُ قَوْلُهُمْ يَجُوزُ التَّعَامُلُ بِالْمَغْشُوشَةِ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ الْغِشِّ نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَاجَتْ الْفُلُوسُ رَوَاجَ النُّقُودِ ثَبَتَ لَهَا أَحْكَامُهَا وَإِذَا ثَبَتَ لَهَا أَحْكَامُهَا نَظَرًا لِلْعُرْفِ مَعَ أَنَّهَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا نَقْدٌ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا فَكَذَلِكَ يَثْبُتُ لِلَفْظِ السَّاعَةِ حُكْمُ لَفْظِ الْجُزْءِ إذَا اُعْتِيدَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُطْلَقْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا الرَّابِعُ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُدَّعِي فِي مَسْأَلَتِنَا مِمَّا قَبْلَهُ قَوْلهمْ إذَا اطَّرَدَتْ

ص: 182

الْعَادَةُ نَزَلَ اللَّفْظُ فِي الْعُقُودِ عَلَيْهَا وَإِنْ اضْطَرَبَتْ لَمْ تُعْتَبَرْ وَوَجَبَ الْبَيَانُ وَإِنْ تَعَارَضَتْ الظُّنُونُ فِي اعْتِبَارِهَا فَخِلَافٌ وَهَذَا الْأَصْلُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فَقَالَ كُلُّ مَا يَتَّضِحُ فِيهِ اطِّرَادُ الْعَادَةِ فَهُوَ الْمُحَكِّمُ وَيَصِيرُ كَالْمَذْكُورِ صَرِيحًا.

وَكُلُّ مَا تَعَارَضَتْ الظُّنُونُ بَعْضَ التَّعَارُضِ فِي حُكْمِ الْعَادَةِ فِيهِ فَهُوَ مَثَارُ الْخِلَافِ اهـ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُمْ يَنْزِلُ اللَّفْظُ فِي الْعُقُودِ عَلَيْهَا وَقَوْلُ الْإِمَامِ كُلُّ مَا يَتَّضِحُ فِيهِ اعْتِبَارُهَا فَهُوَ الْحُكْمُ وَيَصِيرُ كَالْمَذْكُورِ صَرِيحًا تَجِدُ ذَلِكَ نَصًّا فِي مَسْأَلَتِنَا بِتَنْزِيلِ لَفْظِ السَّاعَةِ مِنْ الْقَرَارِ عَلَى الْجُزْءِ مِنْهُ إذَا اُعْتِيدَ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ الْخَامِسُ قَوْلُ الْقَفَّالِ الْعَادَةُ الْمُطَّرِدَةُ فِي نَاحِيَةٍ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ كَاعْتِيَادِ مَنَافِعِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ فَهِيَ بِمَثَابَةِ شَرْطِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ حَتَّى يَفْسُدَ الرَّهْنُ وَجَعَلَ الِاصْطِلَاحَ الْخَاصَّ بِمَنْزِلَةِ الْعَادَةِ الْعَامَّةِ فَإِنْ قُلْتَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الْجُمْهُورَ لَمْ يُسَاعِدُوهُ فِي هَذَيْنِ قُلْت الْجُمْهُورُ لَا يُخَالِفُونَهُ إلَّا فِي قَوْلِهِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ حَتَّى يَفْسُدَ الْعَقْدُ وَأَمَّا فِي أَصْلِ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْخَاصَّةِ فَلَا يُخَالِفُونَهُ فِيهِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِاعْتِبَارِهَا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ لَوْ غَلَبَتْ فِي بَلَدٍ بِجِنْسٍ أَوْ نَوْعٍ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الْعُرُوضِ انْصَرَفَ الثَّمَنُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الْأَصَحِّ.

وَمِنْهَا أَنَّ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَة فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَبَلَدِهِ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ شَرْطِهِ وَمِنْهَا فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ الَّتِي بَدَا صَلَاحُهَا يَجِبُ إبْقَاؤُهَا إلَى أَوَانِ الْقِطَافِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ السَّقْيِ بِمَائِهَا عَمَلًا بِالْعُرْفِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ بِاللَّفْظِ وَقَوْلهمْ فِي أَلْفَاظِ الْأَيْمَانِ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ النَّاسِ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ وَنَحْوهَا وَمِنْهَا اعْتِبَارُهُمْ غَالِبَ شِيَاهِ الْبَلَدِ فِي الشَّاةِ الْوَاجِبَةِ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَغَالِبِ قُوتِهَا فِي نَحْو زَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَغَالِب إبِلِهَا فِي الدِّيَاتِ وَبَقِيَ مَسَائِلُ أُخْرَى كَثِيرَةٌ اعْتَبَرُوا فِيهَا الْعُرْفَ الْخَاصَّ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ اسْتِخْرَاجُهَا فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ نَزَّلُوهَا مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ فِي مَسْأَلَةِ الثِّمَارِ السَّابِقَةِ وَفِيمَا لَوْ بَارَزَ كَافِرٌ مُسْلِمًا وَاعْتِيدَ أَمَانُ كُلٍّ مِنْ عَدُوِّهِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِهِمَا ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَنَا إعَانَةُ الْمُسْلِمِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا تَبَعًا لِلنَّصِّ وَلَمْ يُنْزِلُوهَا مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ السَّابِقَةِ أَيْضًا خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَلَا فِيمَا لَوْ جَرَتْ عَادَةُ قَوْمٍ بِقَطْعِ الْحِصْرِمِ قَبْلَ النُّضْجِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ أَيْضًا فِي تَنْزِيلِهَا مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ حَتَّى يَصِحَّ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا فِي بَيْعِ الْعَيِّنَةِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مُؤَجَّلًا بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ نَقْدًا إذَا صَارَ ذَلِكَ عَادَةً خِلَافًا لِلْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ وَالشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُمَا نَزَّلَاهَا مَنْزِلَتَهَا حَتَّى يَبْطُلَ الْعَقْدَانِ.

قُلْتُ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ الْأُمُورِ التَّوَابِعِ غَيْرُ الْمَقْصُودَةِ لِذَاتِهَا أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ وُجُوبَ الْإِبْقَاءِ إلَى الْجُذَاذِ أَمْرٌ تَابِعٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَمُتَرَتِّبٌ عَلَيْهَا فَأَثَّرَ فِيهِ الْعُرْفُ لِضَعْفِهِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْإِعَانَةَ وَعَدَمهَا مِنْ الْأُمُورِ التَّابِعَةِ لِلْمُبَارَزَةِ فَأَثَّرَ فِيهَا الْعُرْفُ لِضَعْفِهَا أَيْضًا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرَّهْنِ وَبَيْعُ الْحِصْرِمِ وَالْعِينَة فَهِيَ مَقْصُودَةٌ لِذَاتِهَا فَلَمْ يَقْوَ الْعُرْفُ فِيهَا عَلَى أَنْ يُؤَثِّرَ بُطْلَانُ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ وَلِأَنَّ الصِّيغَةَ فِيهِمَا وَقَعَتْ صَحِيحَةً مُسْتَوْفِيَةً لِشُرُوطِهَا الظَّاهِرَةِ وَغَايَةُ الْعُرْفِ أَنْ يَجْعَلَ الشَّرْطَ مُضْمَرًا وَإِضْمَارُ الْمُفْسِدِ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَلَا صِحَّةَ الثَّانِيَة لِأَنَّ الْحِصْرِمَ غَيْرُ قَابِلٍ لِإِيرَادِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ إلَّا مَعَ شَرْطِ الْقَطْعِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَأَيْضًا فَهَذَا الشَّرْطُ مُعْتَدٌّ بِلَفْظِهِ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ أَثَرُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِهِ وَمَا بِلَفْظِهِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ عُرْفُ وَلَا غَيْرُهُ فَتَفَطَّنْ لِهَذَا الْفَرْقِ.

فَإِنَّهُ يُزِيلُ عَنْك فِي هَذِهِ الْقَاعِدَة مِنْ الْعَمَايَاتِ مَا لَا يَهْتَدِي لِشَيْءٍ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ السَّادِسُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ثُمَّ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْمُعَامَلَاتِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا وَرَغْبَةِ النَّاسِ فِيمَا يُرَوَّجُ فِيهَا غَالِبًا وَلَا تُؤَثِّرُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْإِقْرَارِ بَلْ يَبْقَى اللَّفْظُ عَلَى عُمُومِهِ أَمَّا فِي التَّعْلِيقِ فَلِقِلَّةِ وُقُوعه وَأَمَّا فِي الْإِقْرَارِ فَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ سَابِقٍ وَرُبَّمَا يُقَدَّمُ الْوُجُوب عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ اهـ وَكَالْإِقْرَارِ فِي ذَلِكَ الدَّعْوَى فَلَا تَنْزِلُ الدَّعْوَى بِالدَّرَاهِمِ عَلَى الدَّرَاهِمِ الْغَالِبَةِ وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بِمَا مَرَّ فَقَالُوا إنَّهَا إخْبَارٌ عَمَّا تَقَدَّمَ فَلَا يُقَيَّدُ بِهَا الْعُرْفُ الْمُتَأَخِّرُ بِخِلَافِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ بَاشَرَهُ فِي الْحَالِ فَقَيَّدَهُ الْعُرْفُ.

وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ

ص: 183

لِمَا قُلْنَاهُ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ فَيَجْرِي فِيهِ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ فَإِنْ قُلْت لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا كُلِّهِ لِمَا ذَكَرْت لِأَنَّ فَحَوَى عِبَارَاتِهِمْ أَنَّهَا فِي الثَّمَنِ وَمَا ذَكَرْت إنَّمَا هُوَ فِي الْمُثَمَّنِ وَفَرْقٌ وَاضِحٌ بَيْنهمَا إذْ الْمُثَمَّنُ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ وَلِذَا جَازَ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الثَّمَنِ دُونَ الْمُثَمَّنِ قُلْتُ بَلْ فِيهِ دَلَالَةٌ أَيْ دَلَالَةٌ لِمَا ذَكَرْته لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الثَّمَنَ عَلَى جِهَةِ الِاخْتِصَاصِ بِهِ بَلْ عَلَى جِهَةِ التَّمْثِيلِ عَلَى أَنَّهُمْ أَجْرَوْا الْعَادَةَ فِي الْمُثَمَّنِ بَلْ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّذِي هُوَ أَضْيَقُ أَنْوَاعِ الْمُثَمَّنِ فَقَدْ قَالُوا لَوْ أُسْلِمَ إلَيْهِ فِي لَحْمٍ وَأُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى اللَّحْمِ مَعَ الْعَظْمِ الْمُعْتَادِ فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَقَالُوا لَوْ أُسْلِمَ فِي مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَثَمَّ مَكَايِيلُ أَوْ مَوَازِينُ وَلَمْ يُبَيِّنَا وَاحِدًا مِنْهَا حُمِلَ عَلَى الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ الْغَالِبِ.

فَانْظُرْ جَعْلَهُمْ الْعُرْفَ مُؤْثَرًا فِي شُمُولِ اللَّحْمِ لِلْعَظْمِ مَعَ مُغَايِرَتِهِ لَهُ حَقِيقَةً وَاسْتِعْمَالًا وَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ عَدَمِ شَرْطِ صِحَّةِ السَّلَمِ مِنْ بَيَانِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعُرْفَ صَيَّرَ ذَلِكَ كَالْمَذْكُورِ فِي الْعَقْدِ فِيهِمَا فَإِنْ قُلْت قَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا يَعْمَلُ فِي إزَالَةِ الْإِيهَامِ لَا فِي تَغْيِيرِ مُقْتَضَى الصَّرَائِحِ وَمَا ذَكَرْتُهُ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِمُقْتَضَى الصَّرِيحِ إذْ السَّاعَةُ صَرِيحَةٌ فِي الزَّمَانِ فَلَا يُغَيِّرُهَا الْعُرْفُ عَنْ مُقْتَضَاهَا قُلْتُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالصَّرِيحِ مَا فَهِمْته إذْ لَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ لَفْظِهِ فَقِيهٌ بَلْ وَلَا مُتَفَقِّهٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالصَّرِيحِ صِيَغُ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ لَوْ عَمَّ فِي نَاحِيَةٍ اسْتِعْمَالُ الطَّلَاقِ فِي إرَادَةِ الْخَلَاصِ وَالِانْطِلَاقِ ثُمَّ أَرَادَ الزَّوْجُ حَمْلَ الطَّلَاقِ فِي مُخَاطَبَةِ زَوْجَتِهِ عَلَى مَعْنَى التَّخْلِيصِ وَحَلِّ الْوِثَاقِ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ وَالْعُرْفُ إنَّمَا يَعْمَلُ فِي إزَالَةِ الْإِيهَامِ لَا فِي تَغْيِيرِ مُقْتَضَى الصَّرَائِحِ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مُرَادَهُ بِالصَّرَائِحِ مَا ذَكَرْته وَمَسْأَلَتُنَا لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لِأَنَّ لَفْظَ السَّاعَةِ فِيهَا لَا يُقَالُ فِيهَا صَرِيحٌ فِي الِاصْطِلَاحِ فَلَا يَشْمَلُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ.

فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ أَثَّرَ الْعُرْفُ فِي غَيْرِ الصَّرِيحِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ قُلْت لِأَنَّ الصَّرِيحَ وَضْعٌ شَرْعِيٌّ وَضَعَهُ الشَّارِعُ لِيُنَاطَ بِهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَلَا تُوجَدُ بِدُونِهِ وَالْأَوْضَاعُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَا تُغَيِّرْ عَنْ مَعَانِيهَا لِلْأَوْضَاعِ الْعُرْفِيَّةِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ نَسْخِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِشَيْءٍ حَادِثٍ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الشَّرِيعَةِ غَيْرِ مُتَلَقٍّ مِنْ الشَّارِعِ وَالْوَضْعُ الشَّرْعِيُّ إنَّمَا يُنْسَخُ بِوَضْعٍ شَرْعِيٍّ مِثْله وَأَمَّا غَيْرُ الصَّرِيحِ فَإِنَّهَا أَلْفَاظٌ وَكُلُّ اسْتِعْمَالِهَا إلَى مُسْتَعْمِلِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاصْطِلَاحَ الْخَاصَّ يَرْفَعُ الِاصْطِلَاحَ الْعَامَّ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهَا فِي مَوْضُوعِهَا اللُّغَوِيِّ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَحَرَّرْنَاهُ بِأَوْضَحِ عِبَارَةٍ وَأَظْهَرْ دَلِيلٍ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ غَيْرَ الصَّرَائِحِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ اتَّضَحَ مَا قُلْنَاهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ مِنْ أَنَّ لِلْعُرْفِ فِيهَا تَأْثِيرًا وَإِخْرَاجًا لَهَا عَنْ مَدْلُولِهَا إلَى مَدْلُولٍ آخَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ عُرْفًا عَامًّا أَوْ عُرْفًا خَاصًّا فَإِنْ قُلْت يُرَدُّ مَا قَرَّرْته تَقْدِيمُهُمْ الْوَضْعَ الْعُرْفِيَّ عَلَى الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ فِي مَسَائِلَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ لَا يَقْعُدُ فِي سِرَاجٍ أَوْ تَحْتَ سَقْفٍ أَوْ لَا يَضَعُ رَأْسَهُ عَلَى وَتَدٍ أَوْ لَا يَأْكُلُ مَيْتَةً أَوْ دَمًا لَمْ يَحْنَثْ بِلَحْمِ السَّمَكِ وَلَا بِالْجُلُوسِ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا بِالْقُعُودِ تَحْتَ السَّمَاءِ وَلَا بِوَضْعِ رَأْسِهِ عَلَى جَبَلٍ وَلَا بِأَكْلِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ وَلَا بِأَكْلِ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ.

وَإِنْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى لَحْمَ السَّمَكِ لَحْمًا وَالْأَرْضَ بِسَاطًا وَالشَّمْسَ سِرَاجًا وَالسَّمَاءِ سَقْفًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا وَسَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السَّمَكَ وَالْجَرَادَ مَيْتَةً وَالْكَبِدَ وَالطِّحَالَ دَمًا قُلْت قَدْ أَشَرْت لَك إلَى الْجَوَابِ عَنْ جَمِيعِ هَذَا فِي أَوَّلِ الْجَوَابِ السَّابِقِ بِقَوْلِي وَضَعَهُ الشَّارِعُ لِيُنَاطَ بِهِ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ الَّتِي وَقَعَتْ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ تَقَعْ عَلَى جِهَةِ التَّكْلِيفِ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُرَتِّبْ عَلَيْهَا أَحْكَامًا كُلِّفْنَا بِهَا حَتَّى تَكُونَ تِلْكَ التَّسْمِيَةُ مَقْصُودَةً لَهُ بِخِلَافِ أَلْفَاظِ الْعُقُودِ وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ وَضَعَ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ لِتُفِيدَ الْأَحْكَامَ الَّتِي رَتَّبَهَا عَلَيْهَا فَالتَّسْمِيَةُ مَقْصُودَةٌ لَهُ فَلَا تُغَيَّرُ لَعُرْفٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي أَوْ لَا يَصُوم أَوْ لَا يَنْكِح لَمْ يَحْنَث إلَّا بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الشَّرْعِيَّيْنِ دُونَ الدُّعَاءِ

ص: 184