المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في بيع الماء] - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٢

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ]

- ‌[كِتَابِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ]

- ‌[تَنْوِيرُ الْبَصَائِرِ وَالْعُيُونِ بِإِيضَاحِ حُكْمِ بَيْعِ سَاعَةٍ مِنْ قَرَارِ الْعُيُونِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالسَّاعَةِ مِنْ الْقَرَارِ جُزْءًا مُشَاعًا مِنْهُ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي بَيْعُ الْمَاءِ الرَّاكِدِ]

- ‌[الْبَاب الثَّالِثِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْعَاقِدَانِ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءًا مِنْ قَرَارٍ وَلَا مَاءَ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ لَمْ يُرِيدَا بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءًا مِنْ الْقَرَارِ أَوْ الْمَاءِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ التَّنَاقُض فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَالْقَرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَاءِ]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ حُكْم عُيُونِ الْحِجَازِ]

- ‌[الْبَابُ السَّابِعُ فِي حُكْمِ الْقَاضِي وَفِيهِ فَصْلَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ وَالْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يُنْقَضُ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ]

- ‌[بَابُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ]

- ‌[بَابُ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[بَابُ التَّفْلِيسِ]

الفصل: ‌[فصل في بيع الماء]

[الْبَابُ الْخَامِسُ التَّنَاقُض فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَالْقَرَارِ]

الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَالْقَرَارِ وَبَيَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ عِبَارَاتِهَا وَرَدِّ مَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ لِلْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ تَنَاقَضَ فِي ذَلِكَ وَعِبَارَتُهَا قُبَيْلَ الرِّبَا مِنْ زِيَادَاتِهَا وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي مِنْ النَّهْرِ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ هَذَا بَاطِلٌ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَعْلُومِ الْقَدْرِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمَاءَ الْجَارِي غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَسَيَأْتِي هَذَا مَعَ غَيْرِهِ مَبْسُوطًا فِي آخِرِ كِتَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعِبَارَاتُهَا أَوَاخِر تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مِنْ زِيَادَاتِهَا وَمِنْهَا أَيْ مِنْ الْمَنَاهِي مَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ قَالَ نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَفْرَدَ مَاءَ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ بِالْبَيْعِ فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِأَنْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ فِي نَهْرٍ أَوْ وَادٍ صَحَّ وَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ مَثَلًا مُجْتَمِعًا فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ مُنْفَرِدًا أَوْ تَابِعًا انْتَهَتْ وَبِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ كَالْقَاضِي وَالْقَزْوِينِيِّ فِي الْحِيَلِ وَعِبَارَتُهَا قُبَيْل الْوَقْفِ.

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَاءِ]

(فَصْلٌ) فِي بَيْعِ الْمَاءِ أَمَّا الْمُحْرَزُ فِي إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلْيَكُنْ عُمْقُ الْحَوْضِ مَعْلُومًا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَاءِ الْبِئْرِ وَالْقَنَاةِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَيَزِيدُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَخْتَلِطُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ وَإِنْ بَاعَ مِنْهُ أُصْبُعًا فَإِنْ كَانَ جَارِيًا لَمْ يَصِحَّ إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَبْطُ الْعَقْدِ بِمِقْدَارٍ وَإِنْ كَانَ رَاكِدًا وَقُلْنَا إنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَيَصِحُّ وَإِنْ قُلْنَا مَمْلُوكٌ فَقَالَ الْقَفَّالُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَزِيدُ فَيَخْتَلِط الْمَبِيعُ وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ كَبَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَصَبَّ عَلَيْهَا صُبْرَةً أُخْرَى فَإِنَّ الْبَيْعَ بِحَالِهِ وَيَبْقَى الْبَيْعُ مَا بَقِيَ صَاعٌ مِنْ الْبَصْرَةِ، وَلَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ نَظَرَ إنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَائِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا الْمَاءُ لَا يُمَلَّكُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ.

وَلَوْ بَاعَ بِئْرَ الْمَاءِ وَأَطْلَقَ أَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا بِئْرٌ جَازَ ثُمَّ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ فَالْمَوْجُودُ حَالَ الْبَيْعِ يَبْقَى لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي قَالَ الْبَغَوِيّ وَعَلَى هَذَا الْبَيْع حَتَّى يَشْتَرِطَ أَنَّ الْمَاءَ الظَّاهِرَ لِلْمُشْتَرِي لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يُمَلَّكُ فَقَدْ أَطْلَقُوا أَنَّ الْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَلْيُحْمَلْ عَلَى مَا نَبَعَ بَعْد الْبَيْعِ فَأَمَّا مَا نَبَعَ قَبْلَهُ فَلَا مَعْنَى لِصَرْفِهِ إلَى الْمُشْتَرِي قُلْت هَذَا التَّأْوِيلُ الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ فَاسِدٌ فَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ الظَّاهِرِ لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى الدَّارِ وَتَكُونُ يَدُهُ كَيَدِ الْبَائِعِ فِي ثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ بَاعَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْبِئْرِ أَوْ الْقَنَاةِ جَازَ وَمَا يَنْبُعُ مُشْتَرَكٌ بَيْنهمَا إمَّا اخْتِصَاصًا مُجَرَّدًا وَإِمَّا مِلْكًا انْتَهَتْ وَعِبَارَتُهَا فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ (فَرْعٌ) لَا يَدْخُلُ مَسَايِلُ الْمَاءِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا شِرْبُهَا مِنْ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَوْ يَقُولَ بِحُقُوقِهَا وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ بِئْرُ مَاءٍ دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ.

وَالْمَاءُ الْحَاصِلُ فِي الْبِئْرِ حَالَ الْبَيْعِ لَا يَدْخُلُ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ شُرِطَ دُخُولُهُ فِي الْبَيْعِ صَحَّ عَلَى قَوْلِنَا الْمَاءُ مَمْلُوكٌ بَلْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ دُونَ هَذَا الشَّرْطِ وَإِلَّا اخْتَلَطَ الْمَاءُ الْمَوْجُودُ لِلْبَائِعِ بِمَا يَحْدُثُ لِلْمُشْتَرِي وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ قُلْت فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ صَحَّ الْبَيْعُ مُطْلَقًا بَلْ لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهِ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ تَوَحَّلَ صَيْدٌ فِي أَرْضِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْمَاءِ وَفُرُوعِهِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى انْتَهَتْ وَلَا تَنَافِي بَيْن الْمَوْضِعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ بَلْ يُحْمَلُ مَا قَالَهُ فِي الثَّانِي مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ وَالْمِلْكِ وَفِي الْمَاءِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّانِيَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي غَيْرِ مَا فُرِضَتْ فِيهِ الثَّالِثَةُ لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا بَاعَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ فِي نَهْرٍ أَوْ وَادٍ وَالثَّالِثَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ فَالثَّانِيَةُ لَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِلْمَاءِ أَصْلًا وَإِنَّمَا فِيهَا تَعَرُّضٌ لِلشِّرْبِ وَهُوَ مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ فَلِذَلِكَ صَحَّ الْبَيْعُ وَدَخَلَ الْمَاءُ فِيهِ تَبَعًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَدَخَلَ الْمَاءُ تَبَعًا.

وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَفِيهَا تَعَرُّضٌ لِلْمَاءِ وَالْقَرَارِ فَالْمَاءُ مَقْصُودٌ فِيهَا فَوَجَبَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ

ص: 186

وَهُوَ الرَّاكِدُ فَيَصِحُّ فِيهِ كَالْقَرَارِ وَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهُوَ الْجَارِي فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِي الْقَرَارِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَمِلْكُهُ يَسْتَلْزِمُ مِلْكَ الْمَاءِ الْحَادِثَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَبِهَذَا اتَّضَحَ عَدَمُ التَّنَاقُضِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مَفْرُوضَةٌ فِي غَيْرِ مَا فُرِضَتْ فِيهِ الْأُخْرَى ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْقَرَارِ فِي الْعِبَارَةِ الثَّالِثَةِ مَحَلُّ النَّبْعِ لِأَنَّ مِلْكَهُ يَسْتَلْزِمُ مِلْكَهُ الْمَاءَ فَفَصَلَ فِيهِ بَيْنَ الرَّاكِدِ وَالْجَارِي وَيُطْلَقُ الْقَرَارُ أَيْضًا عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ وَمِلْكُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ مِلْكَ الْمَاءِ بَلْ إنَّ مَالِكَهُ أَحَقُّ بِالْمَاءِ الْحَاصِلِ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ إرَادَةٌ هَذَا فِي الْعِبَارَةِ الثَّالِثَة لِأَنَّ الْمَاءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا رَاكِدًا كَانَ أَوْ جَارِيًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ.

وَالْوَاقِعُ فِي الْعِبَارَةِ الثَّالِثَةِ التَّفْصِيلُ بَيْن الرَّاكِدِ وَالْجَارِي فَوَجَبَ حَمْلُهَا عَلَى مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ الْمُسْتَلْزِمُ لِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ إنْ مَلَكَ مَحَلَّ نَبْعِهِ أَوْ كَانَ حَاصِلًا مِنْ غَيْرِ مَاءٍ مُبَاحٍ فَإِنْ قُلْت جَرَتْ عَادَةُ الشَّيْخَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِاسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِمَا بِأَنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ بِأَنْ مُرِيدِينَ بِهَا كَأَنْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِهَا لَا يَقْتَضِي حَصْرَ الصُّورَةِ فِي ذَلِكَ بَلْ يَشْمَلُ قَوْله قَبْلَهُ بَاعَهُ مَعَ الْأَرْضِ ذَلِكَ وَغَيْره كَبَيْعِهِ مَعَ الْقَرَارِ وَحِينَئِذٍ فَيُنَافِي مَا قَالَاهُ فِي الْمَوْضِعِ الثَّالِثِ قُلْت إنَّمَا يُحْمَلُ بِأَنْ عَلَى كَأَنْ حَيْثُ عُلِمَ عَدَمُ حَصْرِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ فِي بِأَنْ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى حَصْرِ الْحُكْمِ فِيمَا بَعْدَهَا وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ بِأَنْ هُنَا بِمَعْنَى كَأَنْ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْهَا وَأَنَّهَا تَشْمَلُ الْقَرَارَ الْمَذْكُورَ فِي الْعِبَارَةِ الثَّالِثَةِ فَيُحْمَلُ الْقَرَارُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ أَوْ عَلَى الْمَجْرَى الْمَمْلُوكِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ.

وَيَدْخُلُ الْمَاءُ تَبَعًا لَا قَصْدًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَلَا يَصِحُّ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ جَارِيًا كَانَ أَوْ رَاكِدًا وَأَمَّا الْقَرَارُ فِي الثَّالِثَةِ فَقَدْ مَرَّ حَمْلُهُ عَلَى مَحَلِّ النَّبْعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ أَيْضًا وَإِنْ سَلَّمْنَا مَا ذَكَرُوا وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا تَقَرَّرَ فِي الْعِبَارَتَيْنِ عَلِمْت أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا إنْ سَلِمَتْ إنَّمَا هِيَ فِي الْجَارِي أَمَّا الرَّاكِدُ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى صِحَّةِ بَيْعِهِ مَعَ الْأَرْضِ وَالْقَرَارِ بِشَرْطِهِ وَمَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي ذِكْرُ كَلَامِ الْبَحْرِ وَالْبَيَانِ وَبَيَانُ مَحْمَلِهِمَا وَمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا هُنَا فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ سِيَّمَا رَدَّ اعْتِرَاضَاتِ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الثَّالِثَةِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَوْضِعِ الرَّابِعِ فَهُوَ لَمْ يُسَقْ لِبَيَانِ حُكْمِ بَيْعِ الْمَاءِ بَلْ لِبَيَانِ أَنَّهُ يَجِبُ شَرْطُ دُخُولِهِ أَوَّلًا وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ شِرْبُهَا مِنْ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَوْ يَقُولَ بِحُقُوقِهَا لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ هَذَا كَمَا تَرَى فِي الشِّرْبِ الْمَمْلُوكِ وَمَا مَرَّ فِي الشِّرْبِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكِ.

وَبَعْدَ أَنْ بَانَ لَك صِحَّةُ عِبَارَتِهَا وَأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ فِيهَا وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا فَلْنَذْكُرْ مَا وَقَعَ لِلْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا مِنْ إشْكَالٍ وَجَوَابٍ وَنَقْدٍ وَرَدٍّ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ فَنَقُولُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ فِي الْعِبَارَةِ الثَّالِثَةِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ رَدَّهُ جَمْعٌ بِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا وَبِيعَ مَعَ غَيْرِهِ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ بِالْقِسْطِ وَالْقِسْطُ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِلْجَهَالَةِ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّمَا يَتَّضِحُ رَدُّهُمْ إنْ سُلِّمَ لَهُمْ دَعْوَى الْجَهَالَةِ بِالْقِسْطِ وَهِيَ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ فَقَدْ قَالَ جَمْعٌ فِي نَحْوِ الْخَلِّ وَالْخَمْرِ وَالشَّاةِ وَالْكَلْبِ أَوْ الْخِنْزِيرِ أَنَّ الْبَاطِلَ يَقُومُ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً كَأَهْلِ الذِّمَّةِ فَكَذَلِكَ الْمَاءُ هُنَا يُقَدَّرُ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً وَيَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَهُمْ الْمَالِكِيَّةُ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ بِمَا يُشَابِهُهُ كَالْخَلِّ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالْعَنْزِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي كَذَلِكَ يُعْتَبَرُ الْجَارِي بِمَا يُشَابِهُهُ فَيُقَدَّرُ الْمَوْجُودُ مِنْهُ حَالَ الْبَيْعِ رَاكِدًا وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ مَعَ الْأَرْضِ.

وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَجْهُولِ الَّذِي إذَا ضُمَّ لِلْمَعْلُومِ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيهِمَا وَإِلَّا فَتُفَرَّقُ الصَّفْقَة أَنْ يُجْهَلَ مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ كَ (بِعْتُكَ) هَذَا الْعَبْدَ وَعَبْدًا آخَرَ أَمَّا إذَا جَهِلَهُ الْعَاقِدُ فَقَطْ وَهُوَ مُعَيَّنٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَحَاضِرٍ وَغَائِبٍ وَقُلْنَا بِفَسَادِ بَيْعِ الْغَائِبِ فَفِي صِحَّةِ بَيْعِهِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ أَرْجَحُهُمَا الصِّحَّةُ فِي عَبْدِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَابٌ ثَانٍ عَمَّا رَدُّوا بِهِ كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَإِجْرَاءَهَا خِلَافَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْقَرَارِ وَهُوَ أَنَّ

ص: 187

الْمَاءَ الْمَضْمُومَ لِلْقَرَارِ لَيْسَ مَجْهُولًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ كَبَيْعِ الْغَائِبِ مَعَ الْحَاضِرِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْبَغَوِيَّ أَجْرَى فِيهِ خِلَافَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَأَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا فَإِنْ قُلْت صَرَّحَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْمَاءَ الْجَارِي مَجْهُولٌ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ وَهُوَ يَرُدُّ مَا ذَكَرْتَهُ قُلْتُ لَا يَرُدُّهُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ مَجْهُولٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

وَأَمَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَلَيْسَ مَجْهُولًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى مَا يُعْلَمُ بِوَجْهٍ مَا حَتَّى يُمْكِنَ تَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمَعْلُومِ الَّذِي مَعَهُ وَمِمَّا يُعْلِمُك بِأَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ مَجْهُولًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ قَالَا لَوْ سَقَى أَرْضَهُ بِمَاءٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ لَزِمَهُ قِيمَةُ الْمَاءِ وَاعْتَرَضَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الصَّوَابَ لُزُومُ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا لَوْ غَصَبَهُ فِي مَفَازَةٍ وَبِلُزُومِ الْمِثْل فِي مَسْأَلَتِنَا صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ دُولَابٌ عَلَى نَهْرٍ عَظِيمٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ وَيَرْتَفِعُ الْمَاءُ إلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ مُهَيَّأَةٍ لَهُ فَهَلْ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ صَيْرُورَتِهِ فِي كِيزَانِ الدُّولَابِ كَمَا لَوْ اسْتَقَاهُ لِنَفْسِهِ فِي إنَاءٍ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ يَنْصَبُّ مِنْ الدُّولَابِ فِي سَاقِيَةٍ مُخْتَصَّةٍ بِمِلْكِ صَاحِبِ الدُّولَابِ فَجَاءَ جَارٌ لَهُ فَخَرَّبَ السَّاقِيَةَ حَتَّى انْصَبَّ الْمَاءُ إلَى أَرْضِ الْجَارِ وَسَقَى بِهِ أَرْضَ نَفْسِهِ فَمَا الَّذِي يَلْزَمُهُ.

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِ فِي كِيزَانِ الدُّولَابِ وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ مِثْلُ ذَلِكَ الْمَاءِ مُحَصَّلًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ قَنَاةً أَوْ غَيْرَهَا فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِ قِيمَتِهِ جَازَ اهـ الْمَقْصُودُ مِنْهُ.

وَانْتَصَرَ الْأَذْرَعِيُّ لِلشَّيْخَيْنِ بِأَنَّ مَا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمَاءَ رِبَوِيٌّ وَمَعْرِفَةُ مَا اُغْتُصِبَ مِنْ مَاءٍ نَحْو الْقَنَاةِ وَسَقَى بِهِ الْأَرْضَ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ أَصْلًا وَلَا سِيَّمَا إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ فَكَيْفَ السَّبِيلُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقَدْرِ وَإِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ وَلَا شَكَّ فِيهِ فِي مُعْظَمِ الْأَحْوَالِ فَلَا سَبِيلَ إلَى الْإِلْزَامِ بِمِثْلٍ مَجْهُولٍ وَحِينَئِذٍ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِلضَّرُورَةِ تَخْمِينًا اهـ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ الْمَاءُ الَّذِي تُسْقَى بِهِ الْأَرْضُ لَا يُتَصَوَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ إمَّا لِكَثْرَتِهِ أَوْ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ أَوْ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ عُدِمَ الْمِثْلُ فَيُرْجَعُ بِقِيمَتِهِ وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا تَقَرَّرَ عَلِمْت أَنَّ الْمَاءَ مَعْلُومٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ إنْ أَوْجَبْنَا قِيمَتَهُ أَوْ مِنْ كُلِّهَا إنْ أَوْجَبْنَا مِثْلَهُ.

وَإِذَا تُصُوِّرَ وُجُوبُ قِيمَتِهِ خَرَجَ عَنْ الْجَهْلِ الْمُطْلَقِ وَالْمَحْذُورِ فِي ضَمِّ الْمَجْهُولِ إلَى الْمَعْلُومِ حَتَّى يَبْطُلَ الْبَيْعُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ تَعَذُّرُ مَعْرِفَةِ الْقِسْطِ وَحَيْثُ دَوَاءُ وُجُوبِ الْقِيمَةِ فِي مِيَاهِ الْقَنَوَاتِ لَمْ يَتَعَذَّرْ الْقِسْطُ فَبَانَ صِحَّةُ إجْرَاءِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَالْقَرَارِ وَأَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ اغْتَرَّ كَثِيرُونَ بِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ فِيهِمَا لِتَعَذُّرِ الْإِجَازَةِ بِالْقِسْطِ لِلْجَهْلِ بِالْمَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ إجْرَاءَ خِلَافِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لَا يَتَأَتَّى فِي مَسْأَلَتِنَا الَّتِي سُئِلْنَا عَنْهَا لِأَنَّ الْعَاقِدَيْنِ فِيهَا فِي الْحَالَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْبَابَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يُورِدَا الْبَيْعَ عَلَى الْمَاءِ وَالْقَرَارِ مَعًا وَإِنَّمَا أَوْرَدَاهُ عَلَى الْقَرَارِ وَحْدَهُ وَجَعَلَا الْمَاءَ تَابِعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِمَا بِمَا لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ حَقٍّ إلَخْ ثُمَّ قَالَ وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يَجْعَلَا الْمَاءَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا جَعَلَاهُ مِنْ تَوَابِعِهِ فَهُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْبَيْعُ لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى الْقَرَارِ فَيَصِحُّ فِيهِ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ السَّابِقِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ لِمَا عَلِمْته مِنْ الْجَمْعِ السَّابِقِ بَيْنَ عِبَارَتِهَا هُنَا وَعِبَارَتِهَا فِي الْبَيْعِ فَعَلَى فَرْضِ أَنَّ مَا فِيهَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ ضَعِيفٌ لَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى صُورَتِنَا فَتَنْبِيهٌ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْته فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَوْضِعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ ضَعْفُ الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مُرَادَ الرَّوْضَةِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَاءِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُجْرِيَ فِيهِ خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ إلَّا فِي الْأَرْضِ دُونَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ فِيهَا فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِيهِمَا أَيْ فِي الْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ وَالْمِلْكِ وَفِي الْمَاءِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَمِمَّا يُضَعِّفُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ رَدُّ إجْرَاءِ الرَّوْضَةِ خِلَاف تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْمَوْضِعِ الثَّالِثِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ فَائِدَةَ إجْرَائِهِ

ص: 188