المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تنوير البصائر والعيون بإيضاح حكم بيع ساعة من قرار العيون] - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٢

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ]

- ‌[كِتَابِ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّوْمِ]

- ‌[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ]

- ‌[تَنْوِيرُ الْبَصَائِرِ وَالْعُيُونِ بِإِيضَاحِ حُكْمِ بَيْعِ سَاعَةٍ مِنْ قَرَارِ الْعُيُونِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالسَّاعَةِ مِنْ الْقَرَارِ جُزْءًا مُشَاعًا مِنْهُ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي بَيْعُ الْمَاءِ الرَّاكِدِ]

- ‌[الْبَاب الثَّالِثِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْعَاقِدَانِ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءًا مِنْ قَرَارٍ وَلَا مَاءَ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ لَمْ يُرِيدَا بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءًا مِنْ الْقَرَارِ أَوْ الْمَاءِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ التَّنَاقُض فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَالْقَرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمَاءِ]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ حُكْم عُيُونِ الْحِجَازِ]

- ‌[الْبَابُ السَّابِعُ فِي حُكْمِ الْقَاضِي وَفِيهِ فَصْلَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ وَالْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يُنْقَضُ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ]

- ‌[بَابُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ]

- ‌[بَابُ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[بَابُ التَّفْلِيسِ]

الفصل: ‌[تنوير البصائر والعيون بإيضاح حكم بيع ساعة من قرار العيون]

يَقُولَ قَبِلْت الْأَرْضَ بِخَمْسِينَ وَالشِّرْبَ بِخَمْسِينَ أَوْ يَقُولَ قَبِلْتهمَا بِمِائَةٍ لِمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته فِي نِصْفِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَنِصْفِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ أَنَّ الصَّفْقَةَ قَدْ تَعَدَّدَتْ بِتَفْصِيلِ الْبَائِعِ لِكَوْنِهِ ابْتَدَأَ بِالتَّفْصِيلِ فَيَكُون الْقَبُولُ عَلَى وَفْقِهِ سَوَاءٌ أَوَقَعَ مُفَصَّلًا مِثْله أَمْ مُجْمَلًا كَمَا بَيَّنْته فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِي وَقَوْلِهِمْ الصَّفْقَةُ تَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ يَحْمِلُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ التَّفْصِيلُ مِنْ جِهَةِ مَنْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ فِيهِ الْفَرْقَ بَيْن صُورَتِنَا هَذِهِ الْمَذْكُورَةَ فِي السُّؤَالِ وَعَكْسَهَا الَّتِي هِيَ صُورَةُ الْخِلَافِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ آنِفًا وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بِالْكِنَايَةِ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ نَوَى بِهَا الْبَيْعَ أَوْ الشِّرَاءَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا وَكَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الْمُحَقَّقُ فَلَا يُعْدَل عَنْهُ إلَّا بِيَقِينٍ وَأَمَّا إذَا غَابَ فَيَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَحْضُرَ أَوْ يُرْسَلَ إلَيْهِ حَتَّى تُعْلَمَ نِيَّتُهُ.

[تَنْوِيرُ الْبَصَائِرِ وَالْعُيُونِ بِإِيضَاحِ حُكْمِ بَيْعِ سَاعَةٍ مِنْ قَرَارِ الْعُيُونِ]

(وَسُئِلَ) رضي الله عنه عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَ فِيهَا بِجَوَابٍ مُخْتَصَرٍ ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ بَعْضَ الْمُفْتِينَ أَفْتَى فِيهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ فَصَنَّفَ فِيهَا تَصْنِيفًا سَمَّاهُ بِتَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ وَالْعُيُونِ بِإِيضَاحِ حُكْمِ بَيْعِ سَاعَةٍ مِنْ قَرَارِ الْعُيُونِ وَقَدْ أَرَدْت أَنْ أَذْكُرَهُ بِرُمَّتِهِ هُنَا وَإِنْ كَانَ تَصْنِيفًا مُسْتَقِلًّا لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْفَتَاوَى بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ وَذَلِكَ التَّصْنِيفُ (أَحْمَدُك) اللَّهُمَّ أَنْ أَبْقَيْت فِي هَذَا الْعَالَمِ طَائِفَةً ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ إلَى أَنْ يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أَنْجُو بِهَا مِنْ أَنْ أُنْظَمَ فِي سِلْكِ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ لِمَا أَنَّهُ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ قَاصِمًا لِظُهُورِ الْمُعَانِدِينَ بِحُجَّةِ مَنْطِقِهِ وَفَحْوَاهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ لَمْ يَخْشَوْا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا لِمَا سِوَاهُ مَا قَامَ بِنُصْرَةِ هَذَا الدِّينِ مَنْ فَرَغَ نَفْسَهُ لِلَّهِ وَرَاقَبَهُ فِي سِرِّهِ وَنَجَوَاهُ (أَمَّا بَعْدُ) .

فَإِنَّ الْعِلْمَ بِحَمْدِ اللَّهِ لَمْ تَزُلْ أَنْدِيَتُهُ غَاصَّةً بِأَهْلِهَا وَرِيَاضُهُ مُغْدِقَةً بِوَبْلِهَا وَحَدَائِقُهُ بِهَا حَدَقُ التَّحْقِيقِ مُحَدِّقَةٌ وَرُبُوعُهُ مَحْفُوظَةٌ بِلَوَامِعِ الْحُجَجِ الْمُوَثَّقَةِ وَعَرَائِسُهُ سَافِرَةُ النِّقَابِ لِمَنْ بَذَلَ لَهَا مِلْكَ نَفِيسَهُ مَصُونَةَ الْحِجَابِ عَمَّنْ تَطَاوَلَ إلَيْهَا بِمُجَرَّدِ تَمَنِّيه وَهَوِيسه وَأَهْلُهُ هُمْ قِوَامُ الدِّينِ وَقِوَامُهُ وَبِهِمْ ائْتِلَافُهُ وَانْتِظَامُهُ وَعَلَيْهِمْ الْمُعَوَّلُ فِي عَقْلِ الشَّوَارِدِ وَتَقْيِيدِ الْأَوَابِد بِمُحَكِّمِ الْبُرْهَانِ وَوَاضِحِ التِّبْيَانِ لِمَا أَنَّ اللَّهَ أَخَذَ عَلَيْهِمْ الْمِيثَاقَ أَنْ يُبَيِّنُوهُ وَلَا يَكْتُمُوهُ وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونُوا كَاَلَّذِينَ نَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَطَرَحُوهُ فَلِذَلِكَ وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِقَ بِأَذْيَالِهِمْ وَدَخَلَ تَحْت نِعَالِهِمْ وَتَأَسَّى بِأَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَتَأَهَّلَ لِفَهْمِ عِبَارَاتهمْ وَأَحَاطَ بِإِشَارَاتِهِمْ أَنْ لَا يَجْمُدَ عَلَى ظَوَاهِرِ الْعِبَارَاتِ وَأَنْ لَا يَرْكَنَ إلَى الْبِدْعَةِ وَالْعِنَادِ أَوْ الْجَهْلِ أَوْ الْبَطَالَاتِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُتَكَفِّلٌ بِالْحِرْمَانِ وَقَاضٍ بِالْخِذْلَانِ نَسْأَلُ اللَّهَ النَّجَاةَ مِنْ الْمَهَالِكِ وَأَنْ يَسْلُكَ بِنَا أَوْضَحَ الْمَسَالِكِ أَنَّهُ بِكُلِّ خَيْرٍ كَفِيلِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

هَذَا وَالدَّاعِي لِي الْآن ثَالِثُ رَجَب أَسْأَلُ اللَّهَ نَيْلَ الْإِرْبَ إلَى تَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُحْتَوِي عَلَى غَايَةٍ مِنْ التَّحْقِيقِ وَفَصْل الْخِطَابِ الْمَوْسُومِ (بِتَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ وَالْعُيُونِ بِإِيضَاحِ حُكْمِ بَيْعِ سَاعَةٍ مِنْ قَرَارِ الْعُيُونِ) أَنَّهُ رُفِعَ إلَيَّ فِي أَثْنَاءِ شَهْرِ جَمَادِي الْآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَتِسْعمِائَةِ شَوَّال فِي بَيْعِ سَاعَتَيْنِ مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا فَأَجَبْت عَنْهُ بِجَوَابٍ طَوِيلٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رُفِعَ إلَيَّ السُّؤَالُ ثَانِيًا بِأَخْصَرَ مِنْ الْأَوَّلِ وَطُلِبَ مِنِّي اخْتِصَارُ الْجَوَابِ فَاخْتَصَرْته ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ جَمْعًا خَالَفُونِي فِي ذَلِكَ تَشَبُّثًا بِإِطْلَاقِ الْإِمَامِ الْبُلْقِينِيُّ مَعَ أَنِّي بَيَّنْت فِي كُلٍّ مِنْ ذَيْنِك الْجَوَابَيْنِ مَعْنَاهُ وَمُجْمَلَهُ وَاسْتَدْلَلْت عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَقَوَاعِدِهِمْ فَلَمْ يَسْمَعُوا لِذَلِكَ قِيلًا بَلْ أَفْتَوْا بِمَا سَيُنَبِّئُك عَنْهُمْ أَنَّهُمْ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا وَكَيْفَ وَالْعُمْرُ قَدْ ذَهَبَ إمَّا فِي اللَّهْوِ وَالطَّرِبِ أَوْ فِي تَفَهُّمِ كَلَامِ الْعَرَبِ أَوْ فِي تَحْصِيلِ الْحُطَامِ مِنْ وَجْهٍ حَلَالٍ أَوْ مِنْ حَرَامٍ وَأَنِّي لِمَنْ هَذَا وَسْمُهُ وَتَأَسَّسَ عَلَيْهِ رَسْمُهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِالْبَرَازِ أَوْ يَقْرَبَ مِنْ هَذَا الْمَجَازِ تَاللَّهِ لِيُقَامُنَّ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُجَجِ مَا يَقْصِم ظُهُورَهُمْ وَيَمْنَعُ ظُهُورَهُمْ وَفَاءً بِذَلِكَ الْمِيثَاقِ الْأَكِيدِ وَرَجَاءً لِحُصُولِ الْمَزِيدِ فَإِنَّ عَلَّامَ الْغُيُوبِ هُوَ الْمُطَّلِعُ عَلَى الْقُلُوبِ أَسْأَلُهُ بِعِزِّ رُبُوبِيَّتِهِ وَكَمَالِ صَمَدِيَّتِهِ أَنْ يُعَاجِلَ مَنْ تَعَمَّدَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ عَصَبِيَّةً أَوْ عِنَادًا أَوْ هَوًى

ص: 166

أَوْ فَسَادًا بِسَطَوَاتِ انْتِقَامِهِ وَحِرْمَان أَنْعَامِهِ وَأَنْ يُوَفِّقنَا أَجْمَعِينَ لِسُلُوكِ سُنَنِ الْهُدَى وَلِاجْتِنَابِ سَبَبِ الرَّدَى إنَّهُ أَقْرَبُ مُجِيبٍ.

وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا بِاَللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَإِلَيْهِ أُنِيبَ وَرَتَّبْته عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَخَاتِمَةٍ وَسَبْعَةِ أَبْوَابِ أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ فَفِي ذِكْرِ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ بِنَوْعَيْهِمَا وَأَمَّا الْأَبْوَابُ فَأَرْبَعَةٌ فِي ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمَسْأَلَةِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي فَصَّلْتهَا فِي كُلِّ مِنْ الْجَوَابَيْنِ وَالْخَامِسُ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَالْقَرَارِ وَبَيَانِ الْجَمْعِ بَيْن عِبَارَتِهَا وَرَدِّ مَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ لِلْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا وَالسَّادِسُ فِي بَيَانِ حُكْمِ عُيُونِ مَكَّةَ بِخُصُوصِهَا وَهَلْ هِيَ مَمْلُوكَةٌ مَنْبَعًا وَمَجْرًى وَهَلْ يَصِحُّ بَيْعُهَا أَوَّلًا وَالسَّابِعُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ وَفِي بَيَانِ مَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَمَا لَا يُنْقَضُ وَأَمَّا الْخَاتِمَةُ فَفِي ذِكْرِ مَا اطَّلَعْت عَلَيْهِ مِنْ أَجْوِبَةِ الْمُخَالِفِينَ وَالْكَلَامِ عَلَيْهَا وَبَيَانِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِمَّا يُصَمُّ عَنْهُ الْآذَانُ وَتَتَنَزَّهُ عَنْ تَصَوُّرِهِ الْأَذْهَانُ وَالْمَسْئُولُ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ أَنْ يُهْدِيَنِي إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ وَأَنْ يَجْعَلَنِي مِمَّنْ أَعَلَا شَرَفَهُمْ بِقَوْلِهِ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173] .

(مُقَدِّمَةٌ رُفِعَ إلَيَّ سُؤَالٌ صُورَتُهُ مَا قَوْلُكُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ فِيمَا إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حِصَّةً مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا جَارِيَةً وَهَذِهِ الْحِصَّةُ قَدْرُهَا سُدُسُ سَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةِ عَشْرَ سَهْمًا مُشَاعًا مِنْ جَمِيعِ الْعَيْنِ لَكِنْ عَبَّرَ عَنْهَا فِي مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ بِمَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ عُيُونِ بَلْدَةِ الْبَيْعِ مِنْ التَّعْبِيرِ عَنْ أَجْزَاءِ السَّهْمِ مِنْ الْقَرَارِ وَالْمَاءِ الْجَارِي بِهِ بِالسَّاعَاتِ وَعَنْ السَّاعَةِ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَجْبَةِ الَّتِي هِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً كَمَا يُعَبِّرُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ بِالْأَصَابِعِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْبَيْعِ كُلِّهِ سَقِيَّة لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْقَرَارِ شَرِيكٌ فِي الْمَاءِ التَّابِعِ لَهُ مِنْ أَجْلِ مُشَارَكَتِهِ فِي الْقَرَارِ فَعَبَّرَ كَاتِبُ الشِّرَاءِ عَنْ الْمَبِيعِ الَّذِي هُوَ حِصَّةٌ مِنْ الْقَرَارِ بِمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ

وَفِيمَا هُوَ تَابِعٌ لَهُ مِنْ الْمَاءِ وَمُلَخَّصُ عِبَارَةِ مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ بَعْد أَنْ أَذِنَ الْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ فُلَانٌ الشَّافِعِيُّ لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي شِرَاءِ الْمَبِيعِ الْآتِي ذِكْرُهُ لِنَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ مِنْ الْبَائِعِ الْآتِي ذِكْرُهُ بِالثَّمَنِ الْآتِي ذِكْرُهُ فِيهِ إذْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا اشْتَرَى فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ لِنَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ الْمَشْمُولِينَ بِحَجَرِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ مِنْ فُلَانٍ الْبَائِعِ عَنْ نَفْسِهِ جَمِيعَ الْحِصَّةِ السَّقِيَّةِ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ بِمَا لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ حَقٍّ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَمَقَرِّهَا وَمَمَرِّهَا وَشُعُوبِهَا وَذُيُولِهَا وَمَجَارِي مَائِهَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى اشْتِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُسْتَكْمِلًا لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ بِثَمَنِ جُمْلَتِهِ كَذَا مَقْبُوض بِيَدِ الْبَائِعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَتَسَلَّمَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي جَمِيعَ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ تَسَلُّمًا شَرْعِيًّا بَعْد الرُّؤْيَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْد الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْآذِنِ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ وَمَاتَ الْحَاكِمُ وَالْمُتَعَاقِدَانِ وَالشَّاهِدَانِ فَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ هُوَ صَحِيحٌ فَهَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ التَّبَايُعِ الْمَذْكُورِ أَمْ فَسَاده وَهَلْ لِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ نَقْضُ التَّبَايُعِ وَالْحُكْمُ بِهِ أَمْ لَا لَا سِيَّمَا مَعَ كَوْنِ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوَافِرِ وَكَمَالِ النَّظَرِ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ بِذَلِكَ وَهَلْ يَقْتَضِي صِحَّةُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَوْلَ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ رضي الله عنه فِي رَوْضَتِهِ.

وَلَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ نَظَرَ إنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاةَ مَعَ مَائِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا الْمَاءُ لَا يُمَلَّكُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَقَوْلُهُ بَعْد ذَلِكَ بِنَحْوِ أَرْبَعَةِ أَسْطُرٍ وَلَوْ بَاعَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْبِئْر أَوْ الْقَنَاةِ جَازَ وَمَا يَنْبَعُ مُشْتَرَكٌ بَيْنهمَا أَمْ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ صِحَّةَ مَا ذَكَرُوا وَاذَا قُلْتُمْ إنَّ قَوْلَهُ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ يُرَجِّحُ صِحَّةَ بَيْعِ الْقَرَارِ فَقَطْ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُسْتَحِقًّا لِلْمَاءِ النَّابِعِ بِهِ لِكَوْنِهِ نَابِعًا فِي مِلْكِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَأَيْضًا فَهَلْ التَّعْبِيرُ فِي مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ عَنْ الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْقَرَارِ بِقَوْلِهِ الْحِصَّةُ السَّقِيَّة الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَار الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ مُخِلٌّ بِالتَّبَايُعِ أَوْ بِالْحُكْمِ بِهِ أَوْ غَيْرُ مُخِلٍّ بِذَلِكَ

ص: 167

لِإِمْكَانِ تَأْوِيلِهَا بِمَا يُصَحِّحُهَا.

فَأَجَابَ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ قَدْ اُسْتُفْتِيَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ السِّرَاجُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ نَفْسُهُ بِشَيْءٍ وَبَيَانه أَنَّ الْجَمَّالَ بْنَ ظَهِيرَةَ قَالَ فِي سُؤَالِهِ لَهُ الْعُيُونُ الَّتِي بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْحِجَازِ لَا يُعْرَفُ الَّذِي يَنْبُعُ مِنْهَا غَالِبًا.

وَإِنَّمَا يَجْرِي فِي مَجَارٍ إلَى أَنْ يَبْرُزَ إلَى الْأَرْضِ الَّتِي يَسْقِيهَا وَيَتَبَايَعُونَهُ بِاللَّيَالِيِ وَالْأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ يَشْتَرِي الشَّخْصُ مِنْ آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ إلَى اللَّيْلِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا وَيَمْلِكهُ ثُمَّ قَالَ السَّائِلُ بَعْد أَسْطُرٍ وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ اشْتَرَى فُلَان مِنْ فُلَانٍ سَاعَةً مِنْ قَرَارٍ كَذَا فَهَلْ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَطَالَ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُصَرِّحْ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ الثَّانِي بِشَيْءٍ مِنْ النُّسْخَةِ الَّتِي رَأَيْتهَا الْآنَ وَإِنَّمَا أَجَابَ فِي الْحَقِيقَةِ عَنْ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَعِبَارَتُهُ بَعْد فَرْضِهِ الْكَلَامَ فِي مِلْكِ مَحَلِّ النَّبْعِ وَالْمَجْرَى وَأَمَّا شِرَاءُ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ أَوْ اللَّيْلِ فَهَذَا لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَبَعْد فَرْضِهِ الْكَلَامَ فِي مِلْكِ الثَّانِي فَقَطْ إذَا صَدَرَ بَيْعٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى الْمَاءِ الْكَائِنِ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي السُّؤَالِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْأَصْلَ الَّذِي يَنْبُعُ مِنْهُ غَالِبًا جَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَالتَّبَايُعُ الْوَاقِعُ بِاللَّيَالِيِ وَالْأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ كُلُّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكًا لِلْبَائِعِ فِي ذَلِكَ وَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

وَلَوْ فَرَّعْنَا عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الْمَاءَ يُمْلَكُ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَا سَبَبٌ يَقْتَضِي مِلْكَ الْمَاءِ اهـ فَهُوَ مُطْلَقٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَاءِ الْمُقَدَّرِ بِسَاعَةٍ مَثَلًا وَغَيْر مُتَعَرِّضٍ لِخُصُوصِ مَا إذَا بِيعَتْ سَاعَة مَثَلًا مِنْ قَرَار كَذَا وَإِنْ أَكَّدَ بِكُلٍّ لِأَنَّ تَعْلِيلَهُ بَعْدَهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْقَرَارِ وَهَذَا الْفَرْضُ الْمَخْصُوصُ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْقَرَارِ وَالزَّمَانِ مَعًا فَمَا الْمُعْتَبَرُ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السَّائِلُ فَلَمْ يُجِبْ عَنْ هَذَا الْخُصُوصِ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا أُجِيبَ بِكَلَامٍ مُطْلَقٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَعَلَى تَسْلِيمِ شُمُولِهِ لَهُ فَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ بَعْد مِنْ أَيْ مِنْ مَاءِ كَذَا إذْ لَا يَظْهَرُ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي هَذَا الْفَرْضِ الْمَخْصُوصِ إلَّا بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ الْمُضَافِ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ إذْ اللَّفْظُ كَمَا يُحْتَمَلُ تَقْدِيرُهُ فَيَبْطُلُ يُحْتَمَلُ عَدَمُ تَقْدِيرِهِ وَارْتِكَابُ مَجَازٍ فِيهِ فَيَصِحُّ بِأَنْ يُرَادَ بِالسَّاعَةِ الْجُزْءُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا لِأَنَّ مِنْ هُنَا لِلتَّبْعِيضِ لَا غَيْرُ كَمَا لَا يَخْفَى وَمِنْ التَّبْعِيضِيَّةُ صَرِيحَةٌ فِي اتِّحَادِ مَا قَبْلهَا مَعَ مَا بَعْدهَا مَفْهُومًا وَحَقِيقَةً فَهِيَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ الْجُزْءُ إذْ لَا يُقَالُ سَاعَة مِنْ مَحَلِّ كَذَا إلَّا بِارْتِكَابِ ذَلِكَ التَّجَوُّزِ وَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ تَصْحِيحِ لَفْظ بِتَجَوُّزٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ رَابِطًا لَهُ بِتَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ كَانَ تَصْحِيحُهُ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهِ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّ احْتِمَالَ الصِّحَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى احْتِمَالِ الْبُطْلَانِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَاعِدَة أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ غَالِبًا عَمَلًا بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْعُقُودِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ وَإِنْ كَانَتْ خِلَافَ الْأَصْلِ الثَّانِي أَنَّ الْمَجَازَ أَوْلَى مِنْ الْإِضْمَارِ عَلَى قَوْلٍ قَالَ بِهِ كَثِيرُونَ وَعَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُمَا سِيَّانِ لِاحْتِيَاجِ كُلِّ مِنْهُمَا إلَى قَرِينَةٍ فَالْمَجَازُ هُنَا أَوْلَى عَمَلًا بِقَاعِدَةِ أَنَّ تَصْحِيحَ اللَّفْظِ حَيْثُ أَمْكَنَ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهِ وَقَدْ عَوَّلُوا عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ التَّبْعِيضِيَّةُ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الصُّبْرَةِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَوْ بَيَانٍ لِمَفْعُولٍ مَحْذُوفٍ إلَّا عَلَى بَحْثٍ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا أَرَادُوا فَلْيُعَوِّلُوا عَلَيْهَا هُنَا كَذَلِكَ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا أَرَادَا بِقَوْلِهِمَا سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا جُزْءًا مُعَيَّنًا مِنْ مَحَلِّ النَّبْعِ أَوْ الْمَجْرَى الْمَمْلُوكِ صَحَّ الْبَيْعُ نَظِيرَ مَا ذَكَرُوهُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ مَعَ إرَادَةِ الشُّيُوعِ أَوْ التَّعْيِينِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى أَنَّ الشُّيُوعَ لَا يُفْهَمُ مِنْ مُطْلَقِ لَفْظِ الذِّرَاعِ إلَّا بِتَأْوِيلٍ

وَمِنْهَا الْبَيْعُ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ إلَّا مَا يَخُصُّ أَلْفًا أَوْ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا وَأَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْقِيمَةِ الْمَعْلُومَةِ بَلْ فِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ هَذِهِ لِأَنَّ مَا أَرَادَ فِيهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِمَا مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا وَمَا أَرَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ بَلْ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَتَخَيُّل فَرْقٍ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ وَلِذَا جَازَ

ص: 168

الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الْمَبِيعِ أَيْضًا كَمَا قَالُوهُ فِي مَسَائِلِ الذِّرَاعِ وَالصَّاعِ وَغَيْرِهَا فَإِنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهَا لَا تُنَافِي قَصْدَهُ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِالنِّيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةُ الْقِيمَةِ وَنَوَيَا أَحَدَهَا لِأَنَّ اللَّفْظَ هُنَا وَهُوَ قَوْلُهُ بِعَشْرَةٍ مَثَلًا لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ وَضْعًا وَلَا قَرِينَة فَلَوْ أَثَّرَتْ النِّيَّةُ مَعَهُ لَكَانَ فِيهِ إعْمَالٌ لَهَا وَحْدَهَا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ بِشَرْطٍ وَفِي مَسْأَلَتِنَا اللَّفْظُ دَالٌّ عَلَى الْمَنْوِيِّ بِاعْتِبَارِ مَا قَرَّرْنَاهُ وَمَا سَنُقَرِّرُهُ فَلَيْسَ فِيهِ إعْمَالٌ لِلنِّيَّةِ وَحْدَهَا بَلْ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ الْمُوَافِقُ لَهَا وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ مَدْلُولُهَا الْحَقِيقِيّ مَعَ تَقْدِيرِ مَاءٍ بَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يُرِيدَا شَيْئًا.

فَإِنْ اطَّرَدَ فِي عُرْفِهِمَا التَّعْبِير بِالسَّاعَةِ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ عَنْ الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْقَرَارِ الْمَمْلُوكِ صَحَّ الْبَيْعُ أَيْضًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْل الْمَجْمُوعِ رَدًّا عَلَى صَاحِبِ الْبَيَانِ وَمَنْ تَبِعَهُ إذَا عَبَّرَ بِالدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ صَحَّ لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ بِهَا مَجَازًا كَقَوْلِك فِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا هَذِهِ دِينَارٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ صَرْفهَا أَيْ هَذِهِ صَرْفُ دِينَارٍ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمْ فِي الثَّمَنِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ بَيْنهمْ وَلَوْ غَيْرَ نَقْدٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِعَشْرَةِ أَثْوَابٍ وَأَطْلَقَ وَكَانَ لَهُمَا عُرْفٌ انْصَرَفَ إلَيْهِ كَالنَّقْدَيْنِ اهـ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِلْعُرْفِ تَأْثِيرًا فِي تَخْصِيصِ الْمُطْلَقِ فِي الْبَيْعِ بِهِ ثَبَتَ مَا قُلْنَاهُ هُنَا مِنْ الصِّحَّةِ إذَا أَطْلَقَا وَاطَّرَدَ عُرْفُهُمَا كَمَا ذُكِرَ وَإِنْ أَطْلَقَا وَلَمْ يَطَّرِدْ لَهُمَا بِذَلِكَ عُرْفٌ فَهَذَا هُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ وَالتَّرَدُّدِ وَالْقَاعِدَتَانِ السَّابِقَتَانِ قَاعِدَةُ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَقَاعِدَةُ أَنَّ تَصْحِيحَ اللَّفْظِ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهِ مَا أَمْكَنَ يُرَجِّحَانِ الصِّحَّةَ هُنَا أَيْضًا وَيُعَضِّدُهَا قَوْلُ الْمُوَثَّقِ مُسْتَكْمِلًا لِشَرَائِط الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ أَطْلَقَا وَأَطْرُد عُرْفُهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ بَيْعُ الْمَاءِ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ لَمْ يَبْعُدْ الْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَارِثَانِ فِي الْإِرَادَةِ صَدَقَ مُدَّعِي الْفَسَادِ نَظِيرَ مَا قَالُوهُ فِي الذِّرَاعِ لَكِنْ لَا يَتَأَتَّى هَذَا هُنَا لِحُكْمِ الْحَاكِمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِثُبُوتِ مُوجِبِ الصِّحَّةِ عِنْدَهُ مِنْ حَيْثُ الصِّيغَةُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَنْقُضُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مُوجِبِ نَقْضِهِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ مُوجِبِهِ فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِنَقْضِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ وَقَدْ ظَهَرَ بِمَا قَرَّرْته أَنَّ مُوجِبَ النَّقْضِ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَهُ مُحْتَمَلَاتٌ بَعْضُهَا صَحِيحٌ وَبَعْضُهَا بَاطِلٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا نُبْطِلهُ إلَّا إذَا تَحَقَّقْنَا أَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ الْبَاطِلَ هُوَ الْمُرَادُ وَلَمْ نَتَحَقَّقْهُ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلَهُمَا جَمِيعُ الْحِصَّةِ السَّقِيَّة الَّتِي قَدْرهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا لِأَنَّا إذَا فَرَضْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْقَرَارِ الْمَمْلُوك أَوْ حَمَلْنَا اللَّفْظَ عَلَى ذَلِكَ لِمَا مَرَّ صَحَّ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ سَقِيَّةً لِأَنَّهُ سَبَبُهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُوَثِّقِ بِمَا لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُوَّةِ مِنْ حَقٍّ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ إلَخْ فَإِنْ قُلْت الْقَرَارُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا هُوَ الْقَرَارُ الْمَذْكُورُ ثَانِيًا وَالْعِبَارَةُ تَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَأَنَّ حِصَّةَ السَّقِيَّةِ غَيْرهمَا قُلْت لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمُقِرُّهَا وَمَا بَعْدهَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَرَار أَيْ وَمِنْ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْمَقَرِّ وَالْمَمَرِّ وَحَقُّهُمَا غَيْرُهُمَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ الْمُوَثَّقَ تَفَنَّنَ فَعَبَّرَ بِالْقَرَارِ أَوَّلًا ثُمَّ عَبَّرَ ثَانِيًا عَنْهُ بِالْمَقَرِّ وَأَعَادَهُ مُخْتَلِفًا لَفْظُهُ مَعَ اتِّحَادِ مَعْنَاهُ لِبَيَانِ شُمُولِ الْبَيْعِ لِجَمِيعِ حُقُوقِهِ وَقَوْلُ الْمُوَثَّقِ وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءَانِ مِنْ الْقَرَارِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْبِيرُ بِالسَّقِيَّةِ إذْ هِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ أَيْ سَاقِيَة إذْ السَّاقِيَة اسْم لِلْقَرَارِ لَا لِلْمَاءِ وَمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ عَنْ الرَّوْضَةِ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْبَيْعِ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا بِالتَّقْدِيرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ الْجُزْءُ وَأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ قَدْ تَنَاقَضَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنْت الْجَمْعَ بَيْنهمَا فِي جَوَابِ بَعْضِ أَسْئِلَةٍ وَرَدَتْ مِنْ حَضْرَمَوْتَ مَعَ الرَّدِّ عَلَى الْبُلْقِينِيُّ فِي اعْتِرَاضَاتِهِ عَلَيْهَا فِي جَوَابِهِ السَّابِقِ بَعْضه وَحَاصِلُ مَا تَجْتَمِعُ بِهِ عِبَارَاتُهَا أَنَّ الْمَمْلُوك إنْ كَانَ مَحَلُّ النَّبْعِ فَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ جُزْء شَائِعٍ مِنْهُ مُعَيَّنٍ صَحَّ وَجَرَى فِي دُخُولِ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْبَيْعِ مَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ.

وَإِنْ كَانَ الْمَمْلُوكُ هُوَ الْقَرَارُ صَحَّ أَيْضًا

ص: 169

وَلَكِنْ لَا يَدْخُلُ الْمَاءُ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَهُ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ الْأَرْضِ فِيهِ الْمُسَمَّى بِالشِّرْبِ وَمُرَاد الرَّوْضَةِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَاءِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي أُجْرِيَ فِيهَا خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ إلَّا فِي الْأَرْضِ دُونَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ فِيهِ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ فِيهَا أَوَاخِرَ الْمَنَاهِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِيهِمَا أَيْ فِي الْأَصْلِ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ وَالْمِلْكِ وَفِي الْمَاءِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُ وَفَائِدَة إجْرَاءِ خِلَافِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْقَرَارِ حَتَّى يَبْطُلَ فِي الْمَاءِ الرُّجُوعُ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فِيهِ فَهِيَ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُقَابَلُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا قُوبِلَ بِهِ اقْتَضَى ذَلِكَ بُطْلَانَ الْبَيْعِ فِيهِ وَفِي الْأَرْضِ عَلَى الضَّعِيفِ وَفِيهِ وَحْدَهُ عَلَى الصَّحِيحِ فَاتَّضَحَ وَجْهُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا وَإِنْ أَجْرَيْنَاهُ فِيهَا وَقُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْحَيْثِيَّةِ الَّتِي قَرَّرْنَاهَا آنِفًا وَالْكَلَامُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّ قَرَارِ الْمَاءِ الْمَمْلُوكِ دُون مَحَلِّ نَبْعِهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ مِلْكَ الْمَاءِ بَلْ يَكُونُ الْمَالِكُ أَحَقَّ بِهِ أَمَّا مَحَلُّ نَبْعِهِ مَعَ قَرَارِهِ الْمَمْلُوكِ كُلّ مِنْهُمَا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِمَا بِطَرِيقِ الْقَصْدِ لِأَنَّ مِلْكَهُ يَسْتَلْزِمُ مِلْكَ الْمَاءِ.

وَأَمَّا مَحَلُّ نَبْعِهِ وَقَرَارِهِ غَيْر الْمَمْلُوكِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِمَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَمِنْ ثَمَّ اضْطَرَبَتْ فِيهِ الْأَفْهَامُ وَكَثُرَتْ فِيهِ السَّقَطَات وَالْأَوْهَامُ فَإِنْ قُلْت يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْجَوَابِ قَوْلَ جَمْعٍ رَدًّا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا وَبِيعَ مَعَ غَيْرِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ بِالْقِسْطِ وَالْقِسْطُ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِلْجَهَالَةِ قُلْت إنَّمَا يَتَّضِحُ رَدُّهُمْ أَنْ لَوْ سَلَّمْنَا لَهُمْ دَعْوَى الْجَهَالَةِ بِالْقِسْطِ وَهِيَ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ فَقَدْ قَالَ جَمْعٌ فِي نَحْوِ الْخَلِّ وَالْخَمْرِ وَالشَّاةِ وَالْكَلْبِ أَوْ الْخِنْزِيرِ أَنَّ الْبَاطِلَ يَقُومُ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً كَأَهْلِ الذِّمَّةِ فَكَذَلِكَ الْمَاءُ هُنَا يُقَدَّرُ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً وَيَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَهُمْ الْمَالِكِيَّةُ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ بِمَا يُشَابِهُهُ كَالْخَلِّ وَالْعِتَرِ كَذَلِكَ يُعْتَبَرُ الْجَارِي هُنَا بِمَا يُشَابِهُهُ فَيُقَدَّرُ رَاكِدًا وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ مَعَ الْأَرْضِ فَإِنْ قُلْت فَمَا حُكْمُ عُيُونِ مَكَّةَ هَلْ هِيَ مَمْلُوكَةٌ لِأَرْبَابِهَا قَرَارًا وَمَنْبَعًا أَوْ قَرَارًا فَقَطْ قُلْت بَلْ قَرَارًا وَمَنْبَعًا كَمَا يُصَرِّح بِهِ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَوْ صَادَفْنَا نَهْرًا يُسْقَى مِنْهُ أَرْضُونَ وَلَمْ نَدْرِ أَنَّهُ حُفِرَ أَيْ فَيَكُونُ مَمْلُوكًا أَوْ انْخَرَقَ أَيْ فَلَا يَكُونُ مَمْلُوكًا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ يَدٍ وَانْتِفَاعٍ اهـ.

عَلَى أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالْمِلْكِ مِنْ صُورَةِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّ صُورَتَهَا لَيْسَ فِيهَا قَرِينَة عَلَى الْمِلْكِ غَيْر وَضْعِ الْيَدِ وَهُنَا مَعَ وَضْعِهَا قَرِينَةً أُخْرَى وَهِيَ بِنَاءُ تِلْكَ الْعُيُونِ الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ فِي مِلْكِ الْبَانِي لِمَحَلِّ ذَلِكَ الْبِنَاءِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي تِلْكَ الْعُيُونِ مَنْبَعًا وَقَرَارًا مَعَ عَدَمِ رُؤْيَتِهِمَا قُلْت أَمَّا مَا تَحْتَ الْأَرْضِ مِنْ مَجْرَى الْعَيْنِ وَذَيْلِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ جَمِيعِهِ لِتَعَذُّرِهِ كَأَسَاسِ الْجِدَارِ وَكَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ عَدِمِ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ الْمُسْتَتِرِ فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ سَهُلَ بِالْفَتْقِ وَإِنَّمَا الَّذِي يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ مِنْهَا مَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ أَخْذًا مِنْ أَنَّ الْبِئْرَ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ جَمِيعِهَا بَلْ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ مِنْهَا عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ مِنْ جُدْرَانِهَا وَنَحْوهَا وَأَمَّا الْقَنَاةُ الظَّاهِرَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهَا جَمِيعِهَا بِأَنْ يَحْبِسَ الْمَاءَ عَنْهَا وَلَا يَكْفِي رُؤْيَتُهَا مِنْ وَرَائِهِ وَإِنْ كَانَ صَافِيًا ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيُّ تَعَرَّضَ لِمَا فِي السُّؤَالِ فَقَالَ وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ مِنْ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ اشْتَرَى فُلَانٌ سَاعَةً مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا غَيْرَ صَحِيحٍ وَلَا مُعْتَبَرٍ.

وَطَرِيقُ الْبَيْعِ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْقَرَارِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النَّبْعِ اهـ وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِمَا ذَكَرْته مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ أَطْلَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَدْلُولُ ذَلِكَ اللَّفْظِ وَلَا مَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِمَالِ وَنَحْنُ قَدْ فَصَّلْنَا مُحْتَمَلَاتِهِ وَبَيَّنَّا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَمَا يَدُلُّ لَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فَلَا يُنَافِي إطْلَاقُهُ تَفْصِيلَنَا بَلْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ إطْلَاقِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْبَاطِلِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ مَا إذَا أَرَادَا أَنَّ الْمَبِيعَ الْمَاءُ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ أَوْ أَطْلَقَا وَعَرَّفَهُمَا ذَلِكَ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لِمَا ذَكَرَهُ دَلِيلًا وَنَحْنُ قَدْ بَيَّنَّا لِمَا ذَكَرْنَاهُ أَدِلَّةً مِنْ كَلَامِهِمْ سِيَّمَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ مَجْمُوعِ النَّوَوِيِّ وَعَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَلَا يَسَعُ الْبُلْقِينِيُّ أَنْ يَقُولَ إذَا أَرَادَ بِالسَّاعَةِ جُزْءًا

ص: 170

مُعَيَّنًا مِنْ الْقَرَارِ الْمَمْلُوكِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُخَالِفًا لِصَرِيحِ كَلَامِ أَئِمَّتِهِ مِنْ غَيْرِ مُسْتَنَدٍ بَلْ لَا يَسَعُهُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ بِالْبُطْلَانِ إذَا اطَّرَدَ عُرْفُهُمَا بِالتَّعْبِيرِ بِالسَّاعَةِ مِنْ الْقَرَارِ عَنْ الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْقَرَارِ الْمَمْلُوك لِمُخَالَفَتِهِ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ الَّذِي قَدَّمْته عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ.

وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ مَلْزُومٌ بِالْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِكَلَامِهِ عَلَى بُطْلَانِ حُكْمِ الْحَاكِمِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُصَانُ عَنْ النَّقْضِ مَا أَمْكَنَ وَأَنَّهُ لَا يُصَارُ لِنَقْضِهِ إلَّا إذَا تَحَقَّقْنَا مُوجِبَ نَقْضِهِ وَلَا نَتَحَقَّقُ مُوجِبَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا إذَا ثَبَتَ أَنَّهُمَا أَرَادَا بِالسَّاعَةِ مِنْ الْقَرَارِ حَقِيقَتَهَا مِنْ مِائَةٍ أَوْ مِنْ الْقَرَارِ نَفْسِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْل بِنَقْضِهِ كَيْف وَلَهُ مُحْتَمَلَاتٌ بَعْضُهَا صَحِيحٌ وَبَعْضهَا بَاطِلٌ وَلَمْ يَثْبُتْ وُجُودُ ذَلِكَ الْبَاطِلِ وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَ الْبُلْقِينِيُّ وَطَرِيقُ الْبَيْعِ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْقَرَارِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النَّبْعِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ سَبَبَ الْبُطْلَانِ فِي سَاعَةِ مِنْ قَرَارِ كَذَا لَيْسَ هُوَ ذِكْرَ السَّاعَةِ فَحَسْب بَلْ عَدَمُ إيرَادِ الْبَيْعِ عَلَى مَحَلِّ النَّبْعِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْجُزْءِ مِنْ الْقَرَارِ الْمَمْلُوكِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحَلِّ النَّبْعِ فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ صَرِيحِ قَوْلِهِ وَطَرِيقُ الْبَيْعِ إلَخْ فِي أَنَّ سَبَبَ الْبُطْلَانِ مَا ذَكَرَ قُلْت وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ السَّبَبُ هُوَ ذِكْرُ السَّاعَة مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ وَطَرِيقُ الْبَيْعِ إلَخْ مُلَائِمًا لِمَا قَبْلَهُ وَلَا مُرْتَبِطًا بِهِ.

فَإِنَّ الْبَيْعَ إنْ وَقَعَ عَلَى مَحَلِّ النَّبْعِ أَوْ غَيْرِهِ هُوَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ يُقَوَّلُ وَطَرِيقُ الْبَيْعِ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْقَرَارِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النَّبْعِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ طَرِيقَ الْبَيْعِ الَّذِي يُمَلَّكُ بِهِ الْمَاءُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا يُنَافِيه مَا قَدَّمَهُ نَفْسُهُ أَوَّلَ جَوَابِهِ وَهَذَا يُضَعِّفُ كَلَامَهُ وَيُوجِبُ عَدَمَ اعْتِمَادِ إطْلَاقِهِ الْبُطْلَانَ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْحَقَّ مَا فَصَّلْنَاهُ وَقُلْنَاهُ وَإِنْ كُنَّا مُعْتَرِفِينَ بِنَقْصِ مَقَامِنَا عَنْ مَقَامِهِ إلَّا أَنَّ الْحَقَّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ عَلَى أَنَّهُ رحمه الله كَانَ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ غَيْرَ مُتَقَيِّدٍ بِكَلَامِ أَئِمَّةِ مَذْهَبِهِ لِوُصُولِهِ مَرْتَبَةً مِنْ مَرْتَبَةِ الِاجْتِهَادِ بَلْ لِأَقْصَاهَا كَمَا قَالَهُ تِلْمِيذُهُ أَبُو زُرْعَةَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ جَرَى فِي جَوَابِهِ هَذَا عَلَى مُخَالَفَةِ الرَّوْضَةِ فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ وَالْحَقُّ فِيهَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَمَا بَيَّنْته فِي جَوَابِ غَيْرِ هَذَا وَأَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ وَمِنْ مُخَالَفَته لِمَا فِيهَا قَوْلُهُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمَاءِ الْجَارِي وَهَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِإِطْلَاقِهِ الْبُطْلَانَ فِي سَاعَةٍ مِنْ قَرَارِ كَذَا إلَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ الْمَاءَ وَحْدَهُ وَأَنَّ الْمَرَادَ بِالسَّاعَةِ مَفْهُومُهَا الْحَقِيقِيّ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

ثُمَّ رُفِعَ إلَيَّ سُؤَالٌ ثَانٍ صُورَتُهُ مَا قَوْلُكُمْ فِي قَضِيَّةٍ شَرْعِيَّةٍ مُوَقَّعٌ بِهَا مُسْتَنَدٌ شَرْعِيّ مُلَخَّصُ مَضْمُونِهِ بَعْد أَنْ أَذِنَ الْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ الشَّافِعِيُّ فُلَانُ لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي شِرَاءِ الْمَبِيعِ الْآتِي ذِكْرُهُ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ مَحَاجِيرِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ إذْنًا شَرْعِيًّا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ لَهُ الْمَذْكُورُ مِنْ فُلَانَةَ الْفُلَانِيَّةِ جَمِيعَ الْحِصَّةِ السَّقِيَّةِ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ فِي الْوَجْبَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِكَذَا وَعُدَّة وَجَبَاتِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَجْبَة كُلّ وَجُبَّةٍ اثْنَا عَشَر سَاعَةً كُلُّ سَاعَةٍ قِيرَاطَانِ كَبِيرَانِ بِمَا يَجِبُ لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَمَقَرِّهَا وَمَمَرِّهَا وَشُعُوبِهَا وَذُيُولِهَا وَمَجَارِي مَائِهَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا يَوْمئِذٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى اشْتِرَاء صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُسْتَكْمِلًا لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ بِثَمَنِ جُمْلَتِهِ كَذَا وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ الْآذِنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ فَهَلْ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَهَلْ الْحُكْمُ بِإِبْطَالِهِ نَقْضٌ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَمْ لَا وَهَلْ حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُتَضَمِّنٌ لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَمْ لَا وَهَلْ هَذِهِ الصُّورَةُ مُطَابِقَةٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ رحمه الله بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِيهِ أَمْ لَا وَهَلْ يُنْقَضُ حُكْمُ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ وَالنَّظَرِ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ بِإِفْتَاءِ عَالِمٍ مِثْله أَوْ أَعْلَى مِنْهُ أَوْ يُحْمَلُ حُكْمُ الْحَاكِمِ عَلَى السَّدَادِ مَا أَمْكَنَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فِيهِ تَفْصِيلٌ.

وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيمَا إذَا أَرَادَ الْعَاقِدَانِ بِالسَّاعَةِ جُزْءًا مُعَيَّنًا مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النَّبْعِ أَوْ الْمَجْرَى الْمَمْلُوكُ أَوْ لَمْ

ص: 171