الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَعَرَّضَ مُنْتَسِبٌ إلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَأَفْتَى بِالْبُطْلَانِ وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِمَكَانِ التَّسْلِيم فَهَلْ يَأْثَمُ عَلَى ذَلِكَ لِاقْتِحَامِهِ الْبَاطِلَ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ وَفَّقَهُ اللَّهُ مَنْعُهُ وَأَمْثَالَهُ مِنْ ذَلِكَ وَتَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ زَجْرًا وَمَنْعًا لَهُ مِنْ الْعُودِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ.
وَهَلْ يَكُونُ تَعْزِيرُهُ بِالْأَشَدِّ لِعَظْمِ الْجَرَاءَةِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَبِالْأَخَفِّ لِخِفَّةِ الْجَرِيمَةِ وَهَلْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ التَّهْدِيدُ عَلَى الرُّجُوعِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَالْإِخْبَارُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ ذَلِكَ يَظْهَرُ فِي آخَرِ الزَّمَانِ؟
(فَأَجَابَ) إذَا اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِأَنَّ الْبَنْدَرَ اسْمَ الْمَحَلِّ مَخْصُوصٌ صَحَّ السَّلَمُ وَلَزِمَ الْمُسَلِّمَ إلَيْهِ حَمْلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَجَمِيعِ مُؤْنَتِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِنْ لَمْ يَطَّرِدْ الْعُرْفُ بِذَلِكَ بِأَنْ كَانَ تَارَةً يُطْلَقُ عَلَى الشَّاطِئِ وَتَارَةً يُطْلَقُ عَلَى الْمَرْسَى لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ حِينَئِذٍ وَمَنْ أَطْلَقَ الْبُطْلَانَ فِي ذَلِكَ لَمْ يُصِبْ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَأَهِّلًا لِلْإِفْتَاءِ حُرِّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَجَرَّأَ عَلَى هَذَا الْمَنْصِبِ الْخَطِيرِ.
وَوَجَبَ عَلَى حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ زَجْرُهُ عَنْ الدُّخُولِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَإِلَّا لَزِمَهُمْ تَعْزِيرُهُ التَّعْزِيرَ الشَّدِيدَ الزَّاجِرَ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ عَنْ الْخَوْضِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُسْلِمِينَ بِالْأُمُورِ الْبَاطِلَة وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ فِي الْحَطِّ عَلَى مَنْ سَلَكَ هَذَا السَّبِيلَ الْأَقْفَرَ بِغَيْرِ حَقِّهِ فَلْيَحْذَرْ مَنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ لَهُ عَنْ أَنْ تَقُولَ لَهُ نَفْسُهُ إنَّهُ أَهْلٌ لَهُ فَيَكُونُ مُتَبَوَّأَهُ النَّارُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) هَلْ يُتَصَوَّرُ الصُّلْحَ عَنْ دَيْنِ السَّلَمِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَقُولَ صَالَحْتُك عَنْ الْحَبِّ الَّذِي فِي ذِمَّتِي بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الصُّلْحِ وَلَيْسَ بَيْعًا لِامْتِنَاعِهِ فِي دَيْنِ السَّلَمِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) هَلْ تُمْكِنُ حِيلَةٌ فِي الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ بِأَنْ يَتَفَاسَخَا عَقْدَ السَّلَمِ ثُمَّ يَقَعُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَيَتَعَيَّنُ التَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ كَيْ لَا يَصِيرَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا وَجَدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مَعِيبًا بَعْدَهُ فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ التَّفَرُّقُ عَنْ مَجْلِسِ الرَّدِّ قَبْلَ قَبْضِ الْبَدَلِ وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ كَمَا فِي الصَّرْفِ.
(وَسُئِلَ) هَلْ يُتَصَوَّرُ صِحَّةُ الصُّلْحِ عَنْ دَيْنِ السَّلَمِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ صَالَحْتُك عَنْ دَيْنِ السَّلَمِ الَّذِي فِي ذِمَّتِي عَلَى رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ وَتَكُونُ إقَالَةً لَا بَيْعًا لِامْتِنَاعِهِ فِي دَيْنِ السَّلَمِ.
[بَابُ الْقَرْضِ]
(وَسُئِلَ) رضي الله عنه عَنْ الْحُلِيِّ الْمُجَوَّفِ كَالْأَسْوِرَةِ الْمُحْتَاجَةِ إلَى اللَّحَّامِ بِالنُّحَاسِ وَغَيْرِ الْمُحْتَاجَةِ إلَيْهِ أَيَصِحُّ الْقَرْضُ فِيهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ النُّحَاسَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ اللِّحَامُ لِحَاجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مَتَى عُلِمَ وَلَمْ يُوَرِّثْ جَهَالَةً فِي النَّقْصِ صَحَّ قَرْضُهُ وَإِلَّا فَلَا.
(وَسُئِلَ) عَنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ الْأَمَانَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ إذَا مَاتَ الْعَامِلُ أَوْ الْوَدِيعُ أَوْ الْأَمِينُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ قِيمَة ذَلِكَ أَوْ مِثْلِهِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ أَوْ لَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ رَدِّهِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا مَاتَ أَمِينٌ وَلَمْ تُوجَدْ الْأَمَانَةُ الَّتِي تَحْت يَدِهِ أَوْ أَوْصَى بِهَا إلَى فَاسِقٍ أَوْ قَالَ هِيَ ثَوْبٌ وَلَمْ يُمَيِّزْهُ بِإِشَارَةٍ أَوْ صِفَةٍ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ ثَوْبًا مَثَلًا لِتَقْصِيرِهِ وَلِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ إذْ الْوَارِثُ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ وَيَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَيَّزَهَا فِي وَصِيَّتِهِ عِنْدَ عَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي التَّرِكَةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِمَّا ذُكِرَ بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ قُتِلَ غِيلَةً أَوْ أَوْصَى إلَى عَدْلٍ وَلَوْ وَارِثًا أَيْضًا مُمَيَّزًا أَوْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ لِلْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ ثُمَّ لِقَاضٍ ثُمَّ عَدْلٍ فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَلَوْ وَجَدَ فِي التَّرِكَةِ مِثْلَهَا حَيْثُ لَمْ يُمَيِّزْهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهَا لِاحْتِمَالِ تَلَفِهَا بَلْ تَجِبُ قِيمَتُهَا فِي التَّرِكَةِ وَلَوْ لَمْ يُوصِ وَادَّعَى الْوَارِثُ التَّلَفَ.
وَقَالَ إنَّمَا لَمْ يُوصِ لَعَلَّ التَّلَفَ كَانَ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ أَوْ لَعَلَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يُنْسَبَ لِتَقْصِيرٍ وَادَّعَى الْمُودَعُ التَّقْصِيرَ
صُدِّقَ الْوَارِثُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَجْزِمْ بِالتَّلَفِ كَأَنَّ قَالَ أُجَوِّزُ أَنَّهَا تَلِفَتْ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ فَلَمْ يُوصِ بِهَا لِذَلِكَ أَوْ عَرَفْت الْإِيدَاعَ وَلَمْ أَدْرِ كَيْف كَانَ الْأَمْرُ فَيَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ مُسْقِطًا وَإِذَا تَعَدَّى الْعَامِلُ بِدَفْعِ مَالِ الْقِرَاضِ إلَى آخَرَ كَانَ الْعَامِلُ ضَامِنًا ثُمَّ إذَا تَصَرَّفَ الْآخِذُ بِأَنْ كَانَ اشْتَرَى بِهِ فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلِلْمَالِكِ الرُّجُوعُ بِعَيْنِ مَالِهِ عَلَى كُلِّ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَامِلِ وَالْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى يَدِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ سَلَّمَ الْمَالَ فِي ثَمَنِهِ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ وَالرِّبْحُ لِلْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ لِلْمَالِكِ قَدْرَ مَا سَلَّمَهُ فِي الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْمَالِكِ وَلِلْمَالِكِ هُنَا أَيْضًا أَنْ يُغَرِّمَ الْعَامِلَ وَكُلَّ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَالِهِ مُتَفَرِّعًا عَنْ تَعَدِّي الْعَامِلِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ مَلَّكْتُك هَذَا بِمِثْلِهِ كَانَ إقْرَاضًا فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَلَّكْتُك وَادَّعَى نِيَّةَ الْمُقَابِلِ فَهَلْ يَصْدُقُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَوْلُهُ مَلَّكْتُك هَذَا فَقَطْ صَرِيحٌ فِي الْهِبَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْمُقَابِلِ صُدِّقَ نَافِيه لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى صُدُورِ صِيغَةِ الْهِبَةِ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ اقْتَرَضَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَة وَأَرَادَ أَنْ يُبْدِلَهُ عَنْهَا خَمْسَةً غَيْرَ مَغْشُوشَةٍ أَوْ عَكَسَهُ مَعَ الرِّضَا فَهَلْ يَجُوزُ أَوْ أَقْرَضَهُ عَشَرَةَ آصُعٍ مِنْ بُرٍّ وَأَرَادَ أَنْ يُبْدِلَهُ نَوْعًا آخَرَ مِنْهُ فَهَلْ يَجُوزُ أَيْضًا عَمَلًا بِقَوْلِ الْأَنْوَارِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّبَوِيِّ وَغَيْرِهِ فِي الْأَجْوَدِ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْأَرْدَأَ كَذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَأَفْتَوْا بِهِ صِحَّةَ إقْرَاضِ الْمَغْشُوشَةِ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ أَجْوَدَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بَلْ يَنْدُبُ وَلَهُ رَدُّ أَنْقَصَ وَأَرْدَأَ إنْ رَضِيَ الْمُقْرِضُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي عُمْدَتِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ مِنْ جِنْسِ الْمُقْرَضِ وَنَوْعِهِ وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعٌ حَقِيقَةً فَتَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ الَّتِي ذَكَرُوهَا فِي الِاسْتِبْدَالِ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ اقْتَرَضَ نَحْو خَشَبٍ وَبَنَى عَلَيْهِ فَهَلْ لِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ لِبَقَائِهَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالْهَالِكَةِ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ اقْتَرَضَ عَيْنًا ثُمَّ رَدَّهَا وَبِهَا عَيْبٌ وَاخْتَلَفَا فِي حُدُوثِهِ بِيَدِ الْمُقْتَرِضِ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُصَدَّقُ الْمُقْتَرِضُ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالسَّلَامَةِ عِنْد الْقَبْضِ وَعَلَى الْمُقْرِضِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَعْطَى الزِّيَادَةَ عِنْدَ الِاقْتِرَاضِ لِلضَّرُورَةِ الشَّدِيدَةِ لِلْأَطْفَالِ الْجِيَاعِ بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِ الزِّيَادَةَ لَا يَحْصُلُ الْقَرْضُ فَهَلْ يَنْدَفِعُ إثْمُ إعْطَاءِ الزِّيَادَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلضَّرُورَةِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَنْدَفِعُ إثْمُ إعْطَاء الزِّيَادَة فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلضَّرُورَةِ فَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الْمُضْطَرَّ لَوْ عَلِمَ مِنْ ذِي الطَّعَامِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ جَازَ لَهُ الِاحْتِيَالُ عَلَى أَخْذِهِ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا ثَمَنُ الْمِثْلِ أَوْ قِيمَتُهُ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ هَلْ الْأَفْضَلُ الْقَرْضُ أَوْ الصَّدَقَةُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْقَرْضُ أَفْضَلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالنَّشَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِخَبَرِ «دِرْهَمُ الصَّدَقَةِ بِعَشَرَةٍ وَالْقَرْضِ بِثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ» وَوَجْهُهُ أَنَّ طَالِبَ الْقَرْضِ إنَّمَا يَطْلُبُهُ عَنْ حَاجَةٍ غَالِبًا بِخِلَافِ طَالِبِ الصَّدَقَةِ وَاعْتُرِضَ بِخَبَرِ «مَنْ أَقْرَضَ دِرْهَمًا مَرَّتَيْنِ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ صَدَقَتِهِ مَرَّةً» وَفِي ذَلِكَ بَسْطٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
(وَسُئِلَ) بِمَا لَفْظه مَا حُكْمُ النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ فِي الْأَفْرَاحِ هَلْ يُرْجَعُ بِهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ النَّجْمُ الْبَالِسِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كَالْقَرْضِ يَطْلُبُهُ هُوَ وَوَارِثُهُ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَاعْتَمَدَ ابْنُ الْعِمَادِ الْأَوَّلَ فَقَالَ لِأَنَّ الْأَمْرَ دَائِرٌ فِيهِ بَيْنَ الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ وَالْقَرْضِ الْفَاسِدِ وَجَرَيَانُ الْعَادَةِ بِالْمُكَافَأَةِ يَجْعَلُهُ أَقْرَبَ إلَى الْقَرْضِ الْفَاسِدِ وَأَبْعَدَ مِنْ الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ لِقَصْدِهِ الْعِوَضِيَّةِ وَبَنَى عَلَى الرُّجُوعِ أَنَّهُ يُرْجَعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَقْبَضَهُ لَهُ وَلَوْ نَحْوَ الْخَاتِنِ حَيْثُ قَصَدَ الْعِوَضِيَّةَ مَا لَمْ يَكُنْ سَلَّمَهُ لَهُ بِإِذْنِ ذِي الدَّعْوَةِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ اهـ وَالْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِمْ مَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَالْعَادَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَا اعْتِبَارَ بِهَا أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِمْ لَوْ أَهْدَى إلَى غَيْرِهِ شَيْئًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي أَدْنَى وَالْمُهْدَى إلَيْهِ أَعْلَى وَإِنْ قَصَدَ الثَّوَابَ.