الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحث في التصوف
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
وصف المخطوط
1 -
عنوان الرسالة: " بحث في التصوف ".
2 -
موضوع الرسالة: معنى التصوف المبتدع.
3 -
أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم. سأل كاتبها حسين بن قاسم المجاهد وفقه الله سيدي مولاي العلامة التحرير شيخ الإسلام وبدره محمد بن علي الشوكاني حفظه الله وأمتع المسلمين بحياته آمين امن ..
4 -
آخر الرسالة: فمحبة الصالحين قربة لا تمهل، وطاعة لا تضيع وإن لم يعمل كعملهم، ولا جهد نفسه كجهدهم لأنفسهم وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية. والحمد لله أولا وآخرا والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ورضي الله عن صحبه الراشدين ".
5 -
نوع الخط: خط نسخي معتاد.
6 -
عدد الأوراق: (5) ورقات وهي ضمن المجلد الخامس من الفتح الرباني.
7 -
عدد الأسطر في الصفحة: 17 - 19 سطرا.
8 -
عدد الكلمات في السطر: 8 - 11 كلمة.
9 -
الناسخ؛ المؤلف محمد برت على الشوكاني.
بسم الله الرحمن الرحيم
[نص السؤال]
سأل كاتبها حسن بن قاسم (1) المجاهد- وفقه الله- سيدي مولاي العلامة النحرير، شيخ الإسلام وبدره محمد بن علي الشوكاني- حفظه الله-، وأمتع المسلمين بحياته- آمين آمين.
مضمونة: ما زال يخطر بذهن محبكم من شأن المتصوف شيئا، هل عليه دليل أو من قال وقيل؟ وهل العلم علمان باطن وظاهر؟ والباطن يسمونه الطريقة والوصول إلى معرفته على تلك المراتب الذي رتبوها إلى حد الوصول، وكلام أهل المذهب معروف، وبعض علماء الشافعية يقول: ما للشرع عليه اعتراض فهو مختون. وقد أوسع المقبلي (2) بالعلم الشامخ (3) في هذا البحث. وللعلامة الزمخشري (4) مادة عند قوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله} (5) إلخ. وإذا ظهر ما يخالف كما يقولون لهم المعنى الخ. وأن كلما
(1) الحسن بن قاسم المجاهد القاضي العلامة الذكي ولد تقريبا سنة 1190 مسكنه هو وأهله في مدينة ذي جبلة انتقلوا إليها من مدينة ذمار له مشاركة في علم الحديث وفهم جيد، قرأ علي عند وصولي مدينة جبلة مع مولانا الإمام المتوكل على الله في الحديث والأصول ولازمني مدة إقامتي في تلك المدينة من جملة من لازمني من أهلها للقراءة وقد أجزت له أن يروي عني مروياتي. وقد كتب بعض مروياتي وهو أهل لذلك لرغوبه إلى العلم وإكبابه عليه، وقد كتب بعض مؤلفاتي كالدرر، والدراري، والفوائد المجموعة
في الأحاديث الموضوعة، وحاشية شفاء الأوام، والسيل الجرار وغير ذلك.
وله سماعات على عند قدومه إلى صنعاء.
انظر: البدر الطالع (1/ 224).
(2)
تقدمت ترجته في رسالة " الصوارم الحداد " رقم (24).
(3)
(532 - 603).
(4)
في الكشاف (1/ 546 - 547).
(5)
[آل عمران: 31].
صدر منهم عبادة فإما كرامات الأحياء الخارقة وإما الإخبار. مما سيكون من طريق التحدث كما ثبت، وكما كان عمر (1) رضي الله عنه (2) فمن حسناتكم وتفضلاتكم الإفادة- كثر الله فوائدكم، وأمتع الله المسلمين بحياتكم- آمين آمين.
(1) يشير السائل- رحمه الله إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (3469) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإن عمر بن الخطاب ".
قال الحافظ في الفتح (7/ 50): محدثون بفتح الدال جمع محدث، واختلف في تأويله فقيل: ملهم، قاله الأكثر. قالوا: المحدث بالفتح هو الرجل الصادق الظن، وهو من ألقى في روعه شيء من قبل الملا الأعلى فيكون كالذي حدثه غيره به وهذا جزم أبو أحمد العسكري. وقيل من يجري الصواب على لسانه من غير قصد، وقيل مكلم أي تكلمه الملائكة بغير نبوة، وهذا ورد من حديث أبي سعبد الخدري مرفوعًا ولفظه:" قيل يا رسول الله وكيف يحدث، قال كتكلم الملائكة على لسانه ".
رويناه " فوائد الجوهري " وحكاه القابسي وآخرون ويؤيده ما ثبت في الرواية المعلقة، ويحتمل رده إلى المعنى الأول أي تكلمه في نفسه وإن لم ير مكلما في الحقيقة فيرجع إلى الإلهام
…
".
وأخرجه مسلم في صحيحة رقم (23/ 2398) من حديث عائشة.
(2)
في الأصل بياض.
بسم الله الرحمن الرحيم [1 أ]
الجواب:
اعلم- وفقني الله وإياك- أن معنى التصوف (1) المحمود هو الزهد (2) في الدنيا، حتى يستوي عنده ذهبها وترابها، ثم الزهد فيما يصدر عن الناس من المدح والذم حتى يستوي عنده مدحهم وذمهم، ثم الاشتغال بذكر الله- سبحانه- وبالعبادة المقربة لله، فمن كلن هكذا فهو الصوفي حقا، وعند ذلك يكون من أطباء القلوب فيداويها. مما يمحو عنها الطواغيت الباطنية من الكبر، والحسد، والعجب، والرياء، وأمثال هذه الغرائز الشيطانية التي هي أخطر المعاصي، وأقبح الذنوب، ثم يفتح الله له أبوابا كان عنها محجوبا كغيره، لكنه لما أماط عن ظاهره وباطنه الذنوب الذي يصير ها قلبه وحواسه في ظلمة، بل يصير ها جميع ظاهره وباطنه في غشاوة صار جسدا صافيا عن شوب الكدر، مطهرا عن دنس الذنوب، فيبصر ويسمع ويفهم بحواس لا يحجبها عن حقائق الحق حاجب، ولا يحول بينها وبن درك الصواب حائل. ويدل على ذلك أتم دلالة وأعظم
(1) تقدم التعريف ها في رسالة " الصوارم الحداد " رقم (24).
(2)
الزهد:
قال سفيان الثوري: الزهد قي الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء.
وقال الجنيد: سمعت سريا يقول: إن الله عز وجل سلب الدنيا عن أوليائه وحماها عن أصفيائه، وأخرجها من قلوب أهل وداده، لأنه لم يرضها لهم.
وقال: الزهد في قوله تعالى: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور} [الحديد: 23].
فالذاهب لا يفرح من الدنيا. بموجود ولا يأسف منها على مفقود.
وقال الإمام أحمد: الزهد في الدنيا قصر الأمل.
وقال ابن تيمية: الزهد ترك مالا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة.
انظر مدارج السالكين (2/ 12، 13).
برهان ما ثبت في البخاري (1) وغيره (2) من حديث [1 ب] أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة "، وفي رواية " فقد آذنته بالحرب، وما تقرب لي عبدي بختل ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، ونظره الذي ينظر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، بي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي. ولئن استعاذني لأعيذنه. وما ترددت في شيء أنا فاعله توددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه "(3).
(1) في صحيحة رقم (6502).
(2)
كالبيهقي في الأسماء والصفات (ص 490، 491) وأبو نعيم في الحلية (411) والبغوي في " شرح السنة " رقم (1248).
وانظر: تخريجنا لطرق هذا الحديث والكلام عليه في تحقيقنا لكتاب " قطر الولي ".
(3)
قال في جامع العلوم والحكم: " .. لما ذكر أن معاداه أوليائه محاربة له ذكر بعد ذلك وصف أوليائه الذين تحرم معاداتهم، وتجب موالاتهم فذكر ما يتقرب به إليه، وأصل الولاية: القرب، وأصل العداوة: البعد، فأولياء الله هم الذين يتقربون إليه، مما يقرهم منه، وأعداؤه الذين أبعدهم عنه بأعمالهم المقتضية لطردهم وإبعادهم منه فقسم أولياءه المقربين إلى قسمين:
أحدهما: ومن تقرب إليه بأداء الفرائض، ويشمل ذلك فعل الواجبات وترك المحرمات، لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترضها على عباده.
الثاني: من تقرب إليه بعد الفرائض، بالنوافل، فظهر بذلك أنه لا طريق يوصل إلى التقرب إلى الله تعالى، وولايته، ومحبته سوى طاعته التي شرعها على لسان رسوله، فمن ادعى ولاية الله، والتقرب إليه ومحبته بغر هذه الطريق، تبين أنه كاذب في دعواه.
فمتى امتلأ القلب بعظمة الله تعالى، محا ذلك من القلب كل ما سواه، ولم يبق للعبد شيء: من نفسه وهواه، ولا إرادة إلا لما يريده منه مولاه فحينئذ لا ينطق العبد إلا بذكره ولا يتحرك إلا بأمره، فإن نطق بالله وإن سمع سمع به وإن نظر، نظر به ..... ".
وقال ابن تيمية في " مجموعة الرسائل والمسائل (1/ 50): فولي الله من والاه بالموافقة له في محبوباته ومرضياته وتقرب إليه. مما أمر به من طاعاته ".
ومعلوم أن من كان يبصر بالله- سبحانه-، ويسمع به، ويبطش به، ويمشط به له حال يخالف حال من لم يكن كذلك، لأنها ينكشف له الأمور كما هي، وهذا هو سيد ما مخلى عنهم صت المكاشفة، لأنه قد ارتفع عنهم حجب الذنوب، وذهب عنهم أدران [2 أ] المعاصي. وغيرهم ممن لا يبصر بالله، ولا يسمع به، ولا يبطش به، ولا يمشي به لا يدرك من ذلك شيئا بل هو محجوب عن الحقائق، غير مهتد إلى مستقيم الطرائق كما قال الشاعر:
وكيف ترى ليلى بعين ترى بها
…
سواها وما ظهرها بالمدامع
ويلتذ منها بالحديث وقد جرى
…
حديث سواها في خروت المسامع
أجلك يا ليلى عن العن إنما
…
أراك بقلب خاشع لك خاضع
وأما من صفى عن المكدر، وسمع وأبصر فهو كما قال الآخر:
الآن وادي الجزع أضحى ترابه
…
من المس كافورا وأعواده زبدا
وما ذاك إلا أن هند عشية
…
تمشت وجرت في جوانبه بردا
ومما يدل على هذا المعنى الذي أفاده حديث أبي هريرة حديث: " اتقوا فراسة المؤمن، فإنه يرى بنور الله " وهو حديث صححه الترمذي (1)، فإنه أفاد أن المؤمنين من
(1) في السنن رقم (3127) من حديث أو سعيد الخدري.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب إنما تعرفه من هذا الوجه وقد روى عنه بعض أهل العلم.
حديث ضعيف من أجل عطية العوفي فإنه ضعيف مدلي وأعله العقيلي في الضعفاء (4/ 129 رقم 1688) فإنه رواه من طريق سفيان عن عمرو بر قيس الملائي قال: " كان يقال " فذكره، وقال:
هذا أولى وأخرجه الخطيب في التاريخ (3/ 191) عن العقيلى وقال وهو الصواب والأول وهم.
قلت: وقد روي الحديث أيضًا من حديث أبي أمامة وأبي هريرة وعبد الله بن عمر وثوبان.
انظر تخريجها في الضعيفة تحت رقم (1821).
عباد الله يبصرون بنور الله- سبحانه- وهذا معنى ما في الحديث الأول من قوله- صلى الله عليه وآله وسلم نجي يبصر. فما وقع من هؤلاء القوم الصالحين من المكاشفات هو من هذه الحيثية الواردة في الشريعة المطهرة. وقد ثبت أيضًا في الصحيح (1) عنه- صلى الله عليه واله وسلم- أنه قال " إن في هذه الأمة محدثين، وأن منهم عمر " ففي هذا الحديث الصحيح فتح باب المكاشفة لصالحي عباد الله، وأن لك من الله- سبحانه-[2 أ] فيحدثون بالوقائع بنور الإيمان الذي هو من نور الله- سبحانه- فتعرفونها كما هي حتى كأن محدثا يخبرهم ها، ويخبرهم. بمضمونها. وقد كان عمر بن الخطاب- ل! لمحبه- يقع له من ذلك الكثير الطيب في وقائع معروفة منقولة في دواوين الإسلام، ونزل بتصديق ما تكلم به القرآن الكريم كقوله- عز وجل: ما كان النبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض {(2) وقوله- سبحانه-:} ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره & (3)
(1) عند البخاري في صحيحة رقم (3469) من حديث أبي هريرة وقد تقدم لفظه.
وأخرجه مسلم في صحيحة رقم (23/ 2398) من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: "قد كان يكون في الأمم قبلكم محدثون. بأن يكن من أمتي منهم أحد، فإن عمر بن الخطاب منهم ".
(2)
[الأنفال: 67].
أخرج مسلم في صحيحة (3/ 1383 - 1385 رقم 58/ 1763) من حديث ابن عباس قال:
…
ففما أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر " ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ " فقال أبو بكر: يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة. أرى أن تأخذ منهم فدية. فتكون لنا قوة على الكفار. فعسى الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما ترى؟ يا ابن الخطاب قلت: لا. والد يا رسول الله ما أري الذي رأى أبو بكر. ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم. فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه. وتمكن من فلان (نسيبا لعمر) فأضرب عنقه. فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر. ولم يهو ما قلت. فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان قلت: يا رسول الله! أخبرني من أي شيء تبكى أنت وصاحبك. فإن وجدت بكاء بكيت. وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء. لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه
(3)
[التوبة: 84]
وقوله: {استتغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} (1) فمن كان من صالحي العباد متصفا هذه الصفات، متسما هذه السمات فهو رجل المعا لم، وفرد الدهر، وزين العصر. والاتصال به مما تلين به القلوب، وتخشع له الأفئدة، وتجذب بالاتصال به العقول الصحيحة إلى مراضي الرب- سبحانه-، وكلماته هي الترياق المجرب، وأشار به هي طب القلوب القاسية، وتعليماته هي كيمياء السعادة، وإرشاداته هي الموصلة إلى الخير الأكبر، والكرامات الدائمة التي لا نفاذ لها ولا انقطاع. ولم تصف البصائر ولا صلحت السرائر. ممثل الاتصال هؤلاء القوم الذين هم خيرة الخيرة، وأشرف الذخيرة فيا لله قوم لهم السلطان الأكبر على قلوب هذا العالم! يجذبونها إلى طاعات الله- سبحانه- والإخلاص له، والاتكال عليه، والقرب منه، والبعد عما يشغل عنه، ويقطع عن الوصول إليه. وقل أن يتصل هم ويختلط بخيارهم إلا من سبقت له السعادة، وجذبته العناية الربانية
= الشجرة " (شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله عز وجل {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يسخن في الأرض إلى قوله تعالى فكلوا مما غنمتم حللا طيبا} (الأنفال: 67 - 69] أحل الله الغنيمة لهم.
(1)
[التوبة: 80].
أخرج البخاري في صحيحة رقم (1269) ومسلم رقم (2774) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن عبد الله بن أبي لما توفى جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أعطني قميصك
أكفنه فيه، وصل عليه واستغفر له فأعطاه النبي قميصه، فقال:" آذني أصلي عليه " فآذنه، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه. فقال: أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " أنا بين خيرتين، قال:{اشتغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم ستعين مرة فلن يغفر الله لهم} [التوبة: 80]، فصلى عليه فنزلت:{ولا تصل على أحد منهم مات أبد} ، [التوبة: 84].
إليهم، لأنهم يخفون أنفسهم ويظهرون في مظاهر الخمول. ومن عرفهم لم يدل عليهم إلا من أذن الله له، ولسان حاله يقول كما قال الشاعر:
وكم سائل عن سر ليلى رددته
…
بعمياء من ليلى بغير يقين
يمولون خيرنا فأنت أمينها
…
وما أنا إن خيرتهم بأمين
فيا طالب الحير إذا ظفرت يداك بواحد من هؤلاء الذين هم صفوة الصفوة، وخيرة الخيرة فاشددهما عليه، واجعله مؤثرا على الأهل والمال، والقريب والحبيب، والوطن والسكن، فإنا إن وزنا هؤلاء. مميزان الشرع، واعتبرناهم. بمعبر الدين وجدناهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وقلنا لمعاديهم، أو القادح في على مقامهم: أنت ممن قال فيه الردب- سبحانه- كما حكاه عنه رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: " من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وقد آذنته بالحرب لا (1) لأنه لا عيب لهم إلا أنهم أطاعوا الله كما يجب، وآمنوا به كما يحب، ورفضوا الدنيا الدنية، وأقبلوا على الله- عز وجل في سرهم وجهرهم، وظاهرهم وباطنهم.
وإذا فرضنا أن في المدعيين للتصوف من لم يكن هذه الصفات، وعلى هذا الهدى القويم فإن بدا منه ما يخالف هذه الشريعة المطهرة، وينافي منهجها الذي هو الكتاب والسنة فليس من هؤلاء، والواجب علينا رد بدعته عليه، والضرب ها في وجهه كما صح عنه- صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:" كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد "(2)، وصح عنه [3 ب]صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " كل بدعة
(1) تقدم تخريجه لي هذه الرسالة.
(2)
أخرجه البخاري رقم (2697) ومسلم رقم (1718) وأحمد (6/ 73، 270) وأبو داود رقم (4606) وابن ماجة رقم (14) والدارقطني في السنن (4/ 224 - 225، 227) والبيهقي (10/ 119) والقضائي في مسند الشهاب (1/ 231 رقم 359) وابن عدي في الكامل (1/ 247) والطالسي في المسند (ص 302 رقم 1422) وابن حجر في " تغليق التعليق "(3/ 398) كلهم من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا بلفظ: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ". وأخرج البخاري في " خلق أفعال العباد " ص 43 واحمد في المسند (146/ 6، 180، 240، 256، 270) والبغوي في شرح السنة (1/ 211 رقم 103) وابن حجر في " تغليق التعليق "(3/ 397) كلهم بلفظ " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ". وأخرج ابن حجر في " تغليق التعليق "(3/ 398) بلفظ: " من فعل أمرا ليس عليه أمرنا فهو رد"
ضلالة " (1). ومن أنكر علينا ذلك قلنا له: وزنا هذا. مميزان الشرع (2) فوجدناه مخالفا له،
(1) أخرجه مسلم في صحيحة رقم (43/ 867) وأحمد (3/ 310 - 311) والدارمى رقم (210) والبيهقي في الأسماء والصفات رقم (137) والنسائي (3/ 188) من حديث جابر: " ..... فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدفي ضلالة وكل ضلالة في النار ".
(2)
ولهذا كان عمر- صلى الله عليه وسلم يشاور الصحابة رضي الله عنه ويناظرهم ويرجع إليهم في بعض الأمور- وينازعونه في أشياء فيحتج عليهم ويحتجون عليه بالكتاب والسنة، ويقرهم على منازعته ولا يقول لهم: أنا محدث ملهم، مخاطب فنبغي لكم أن تقبلوا مني ولا تعارضوني.
وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن كل واحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله وهذا من الفروق بين الأنبياء وغررهم فان الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه يجب لهم الإيمان بجميع ما يخبرون به عن الله، بخلاف الأولياء فإنه لا تجب طاعتهم قي كل ما يأمرون به، ولا الإيمان بجميع ما يخبرون به بل بعرض أمرهم وخبرهم على الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة وجب قبوله، وما خالف الكتاب والسنة كان مردودا.
انظر " الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان " لابن تيمية (ص 157 - 159).
ولذلك يجب على أولياء الله الاعتصام بالكتاب والسنة، وأنه ليس فيهم معصوم يسوغ له أو لغيره إتباع ما يقع في قلبه من غير اعتبار بالكتاب والسنة. ومن خالف هذا إما أن يكون كافرا وإما أن يكون مفرطا في الجهل. .
قال أبو القاسم الجنيد- رحمه الله "علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يقرا القران ويكتب الحديث لا يصح له أن يتكلم في علمنا أو قال: لا يقتدي به ".
انظر: الحلية لأبي نعيم (10/ 255) والرسالة القشرية (1/ 134). وفي قوله تعالى: {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} " [النور:54].
قال أبو عثمان النيسابوري " من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى على نفسه قولا وفعلا نطق بالبدعة ".
ذكره أبو نعيم في الحلية (10/ 244) وأبو القاسم القشيري في " الرسالة القشرية "(1/ 139) وابن تيمية في الفرقان (ص 162).
ورددنا أمره إلى الكتاب والسنة فوجدناه مخالفا لهما، وليس الدين إلا كتاب الله- سبحانه-، وسنة رسوله- صلى الله عليه وآله وسلم، والخارج عنهما المخالف لهما ضال مضل. ولا يقدح على هؤلاء الأولياء وجود من هو هكذا، فإنه ليس معدودا منهم، ولا سالكا طريقتهم، ولا مهتديا هديهم. فاعرف هذا فإن القدح في قوم. بمجرد فرد أو أفراد منسوبين إليهم نسبة غير مطابقة للواقع لا يقع إلا ممن لا يعرف الشرع، ولا يهتدي هديه، ولا يبصر بنوره.
وعلى ذكرنا لحديث: " اتقوا فراسة المؤمن " فذكر قصة متعلقة به ذكرها من يوثق بنقله من أهل التاريخ، وهي أن الجنيد (1) رحمه الله أذن له شيخه أن يتكلم على الناس في جامع البلد الذي هو فيه بعد صلاة الفجر فاعتذر له بأنه غير فصيح العبارة، وغير صالح لذلك فقال: لا عذر من ذلك. وكان هذا دائرا بينه وبينه في الليل، ولم يكن عندهما أحد، ولا خرج واحد منهما، فوقع التحدث في ذلك البلد بأن الجنيد قد أذن له شيخه أن يتكلم على الناس بعد صلاة الفجر في الجامع، وارتجت المدينة هذا الخبر، فلم
(1) الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي ثم البغداي القواريري، والده الخزار.
هو شيخ الصوفية ولد سنة نيف وعشرين ومئتين وتفقه على أبي ثور وصحب الحارث المحاسبي.
انظر: سير أعلام النبلاء (14/ 66 - 70)، الحلية لأبي نعيم (10/ 255 - 287)، صفة الصفوة لابن الجوزي (2/ 416 - 424 رقم 296).
يحضر صلاة الفجر إلا وقد صار ذلك الجامع ممتلئا من الناس، وهم مزدحمون فيه، لأنه وصل إليه من لم يكن معتادا للصلاة فيه شوقا إلى كلام الجنيد، مع أنه لم يكن إذ ذاك في رتبة [4 أ] الشيوخ، بل هي من جملة تلامذة شيخه، ولكن الأسرار الربانية تعمل عملها، والعمل الصاع لا يخفى. فلما فرغ أهل الجامع من الصلاة تهيا الجنيد للكلام، وقد التف عليه الناس حتى كأنهم على موعد لذلك، وكأنه قد صاح بينهم صائح. ما دار بينه وبن شيخه تلك الليلة، فقبل أن يتكلم بدره واحد من بين أولئك المستمعين فقال: يا شيخ، ما معنى قول النبي- صلى الله عليه وآله وسلم " اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله " (1)؟ فأطرق الجنيد ثم رفع رأسه وقال: أسلم فقد آن لك أن تسلم، فقعد بين يديه وتكلم بالشهادتين، وذكر للجنيد ولذلك الجمع أنه من جملة النصارى الساكنين بذلك البلد، وأنه لما سمع الناس يتحدثون تلك الليل بأن الجنيد سيتكلم في الجامع بعد صلاة الفجر بقي مفكرا، وأدرك في قلبه ميلا إلى الإسلام، وعزم على حضور ذلك الجمع مريدا لاختبار الجنيد هذا الحديث، مع كونه قد لبس لباس الإسلام، وقال في نفسه: إن كاشفني أسلمت فكاشفه. مما تقدم، وصار ذلك الرجل من خيار المسلمين (2)، فانظر هذا الكشف من مثل هذا الولي، واعرف به ما عند أفاضل هذه الطائفة من المواهب الربانية، وأسال ربك أن يجعل لك نصيبا مما فاض عليهم من تفضلاته على عباده. اللهم يا رب العالم، ويا خالق الكل، ويا مستوي على عرشك اجعل لنا نصيبا مما مننت به على هؤلاء [4 ب] الصالحين، وتفضلت به عليهم، فالأمر أمرك، والخير خيرك، ولا معطى غيرك.
وبالجملة فمن أراد أن يعرف أولياء هذه الأمة، وصالحي المؤمنين المتفضل عليهم بالفضل الذي لا يعدله فضل، والخير الذي لا يساويه خير فليطالع الحلية لأبي
(1) تقدم تخريجه في هذه الرسالة.
(2)
ذكر هذه القصة ابن كثير في البداية والنهاية (11/ 122) مختصرة بدون سند.
نعيم (1)، وصفوة الصفوة لابن الجوزي. فإنهما تحريا ما صح، وأودعا كتابيهما من مناقب الأولياء المروية بالأسانيد الصحيحة ما يحدث بعضه بصنيع من يقف عليه إلى طريقتهم، والإقتداء بهم. وأقل الأحوال أن يعرف مقادير أولياء الله، وصالحي عباده، ويعلم أفم القوم الذين لا يشقى جليسهم، ولا يغبن من يأتى بهم، ويمشط على طريقتهم، فإن ذلك منه. بمجرده منزع من منازع الخير، ومهتع من مهاتع الرشد. وقد صح عنه- صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:" أنت مع من أحببت "(2) فمحبة
(1) قال ابن تيمية في " الرد على البكري "(1/ 78): وأبو نعيم يروى في الحلية في فضائل الصحابي، وفي الزهد أحاديث غرائب يعلم أنها موضوعة وكذلك الخطب وابن الجوزي وابن عساكر وابن ناصر وأمثالهم.
وقال ابن تيمية في " منهاج السنة "(7/ 34): وما يرويه أبو نعيم في الحلية أو في فضائل الخلفاء ....
فقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن فيما يرويه كثيرا من الكذب الموضوع.
وقال الذهبي في الميزان (1/ 111) في ترجمة أبي نعيم الأصبهاني " قال الخطيب: رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها، منها أنه يطلق في الإجازة أخبرنا- ولا يبين. قلت: هذا مذهب رآه أبو نعيم وغيره وهو ضرب من التدليس. وكلام ابن مندة ني أبي نعيم فظيع لا أحب حكايته، ولا أقبل قول
كل منهما في الآخر. بل " عندي مقبولان، ولا أعلم لهما ذنبا أكثر من روايتهما الموضوعات ساكتين عنها ".
وانظر: لسان الميزان (1/ 201 - 202).
(2)
أخرج البخاري في صحيحة رقم (6171) ومسلم رقم (164/ 2639) من حديث أنس " أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ قال: " ما أعددت!؟ " قال: ما أعددت لها من كثر صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأنت مع من أحببت".
وفي رواية للبخاري رقم (6167) قلنا: ونحن كذلك؟ قال: نعم. ففرحنا يومئذ بذلك فرحا شديدا".
وفي رواية لمسلم رقم (163/ 2639) قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قوله: أنت مع من أحببت ".
الصالحين قربة لا همل، وطاعة لا تضيع، وان لم يعمل كعملهم، ولا جهد نفسه كجهدهم لأنفسهم.
وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية [5 أ] والحمد لله أولا وآخرا، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، ورضي الله عن صحبه الراشدين (1)[5 ب].
(1) .. تحذير
. لا وألف لا لمفهوم أولياء الله في الفكر الصوفي:
قولهم في معنى الولي: وحقيقة الولي أنه سلب من جميع الصفات البشرية ويتحلى بالأخلاق الإلهية ظاهرا وباطنا ".
جواهر المعاني
(2/ 201). - وقالوا: الولاية هي قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه.
- وقال احد قادة الحركة السلفية في الجزائر: " أما الولي عند الناس اليوم فهو إما من انتصب للإذن بالأوراد الطرقية، ولو كان في جهله بدينه مساويا لحماره، وإما من اشتهر بالكهانة، ولو تجاهر بترك الصلاة وأعلن شرب المسكرات، وإما من انتمى إلى مشهور بالولاية ولو كان إباحيا لا يحرم حراما، وحق هؤلاء الأولياء على الناس الجزم بولايتهم، وعدم التوقف في دخولهم الجنة، ثم الطاعة العمياء ولو في معصية الله، وبذل المال لهم ولو أخل بحق زوجته وصبيته ....
وبعد فهم مطلوبون في كل شدة، ولكل محتم هم عدة، وهم حماة للأشخاص وللقرى والمدن كبرها وصغيرها، حاضرها وباديها، فما من قرية بلغت ما بلغت من البداوة أو الحضارة إلا ولها ولي تنسب إليه. فيقال: سيدي فلان هو ولي البلد الفلاني
…
ويجب عند هؤلاء الناس أن يكون علماء الدين خدمة لهؤلاء الأولياء مقرين لأعمالهم وأحوالهم غير منكرين لشيء منها وإلا أوذوا بضروب السباب ومستقبح الألقاب، وسلبوا الثقة بعلمهم ووشي هم إلى الحكام وذلك حظ الدعاة إلى السنة من مبتدعي هذه الأمة ".
انظر: " الشرك ومظاهره "(ص 122 - 123). و" معجم مصطلحات الصوفية " لعبد المنعم الحفني (ص 269). الفروق الجوهرية بين الولي المعرف في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي فهم السلف الصالح وعقيدتهم وبين الولي في مفهوم الفكر الصوفي ومن مصادر فكرهم الأصلية:
1/ التطور والتواجد في أماكن مختلفة قي آن واحد.
2/ أن خيال الأولياء في الفكر الصوفي حقيقة حسية واقعة.
منها ما ذكره الشعراني من أن الجواهري- قاضى. ممصر ثم أقيل- غطس يوما قي البحر فأخذ يتخيل
في غطسته أنه سافر إلى بغداد وتزوج بامرأة هناك فأقام معها شط سنين وولد له أولادا، ثم رفع رأسه من الماء وخرج ولبس ثيابه. وحكى للناس قصته فكذبوه، فلما كان بعد مدة سألت عنه امرأته وسافرت بأولادها إلى مصر، فلما التقيا عرفها وعرفته وعود أولاده، وأقره على ذلك النكاح علماء عصره.
فما رأيك أخي القارئ هل هي أسطورة؟ أم خرافة؟.
الجواهر والدرر (ص 164)، والطبقات الكبرى (2/ 75).
3/ إباحة مخالفة الشريعة الإسلامية للأولياء قي الفكر الصوفي.
مثاله: أن العارفين لمبالغتهم في التخفي يستترون عن العامة بارتكاب الدواهي من الزنا والكذب الفاحش وشرب الخمر وقتل النفس وقال الشيخ التجاني أن ذلك صور لا وجود لها في الخارج.
جواهر المعاني (1/ 161).
وانظر " قلادة الجواهر " لأبي هدى أفندي (ص 191).
4/ أنهم يعلمون الغيب.
يقول أحمد بن المبارك- في معرض سرده لأنواع المعارف التي استفادها من شيخه عبد العزيز الدباغ: " وكذا سمعت منه من المعرفة باليوم الآخر وجميع ما فيه من حشر ونشر وصراط وميزان ونعيم باهر، ما تعرف إذا سمعته أنه بتكلم عن شهود عيان ويخبر عن تحقيق وعرفان فأيقنت حينئذ بولايته العظمى ". .
وكما تعلم ليس هذا بغيب أصلا إدا العلم بشيء من دلك مقيد. مما ورد في الكتاب والسنة.
قال الشعراني عن شيخه الخواص توله: " العارف له أن يقول: أنا أعرف الآن ما تكتبه الأقلام الإلهية في شأني ويكون صادقا ". " الجواهر والدرر "(ص 210).
5/ أن الولي عندهم يقول للشيء كن فيكون. يقول الشيخ إدريس بن الأرباب: درجات الأولياء على ثلاثة أقسام: عليا، ووسطى، وصغرى. ق لصغرى: أن يطير في الهواء، ويمشط على ظهر الماء وينطق بالمغيبات.
والوسطى: أن يعطه الله الدرجة الكونية إدا قال للشيء كن فيكون.
الكبرى: وهو درجة القطبائية.
6/ أن الولي عندهم لا بدله من كرامات ظاهرة.
ولا يأذن الشيخ للفقير- أي لمريد صوفي- أن يجلس على سجادة إلا إدا ظهرت له كرامة.
وقال الشبلي: " كل ولي لا يكون له معجزة فهو كاذب ". "
الطبقات الكبرى " (1/ 89).
7/ أنهم يصفون الأولياء. مما يصفون به ربهم.
يقول الشعراني: إن الشيخ محمد الحضري- صوفي مصري مجذوب- كان يقول: " الأرض بين يدي كالإناء الذي احمل منه، وأجساد الخلائق كالقوارير أرى ما في بواطنهم ".
" الطبقات الكبرى "(2/ 94).
وقيل أيضا: " فإن حقيقة العارف الأحاطة بجميع الملائكة وبجميع الموجودات من العرش إلى الفرش، يرها في ذاته فردا فردا، حتى إنه إذا أراد أن يطالع غيبا في اللوح المحفوظ ينظر إليه في ذاته ويفتش فيه ".
جواهر المعاني (2/ 76).
8/ أن الولاية في الفكر الصوفي لا مانع من أن يكون بأيدي الأولياء الكبار يعطونها لمن شاعوا.
يقول الدباع: " يقدر الولي على أن يكلم أحدا في أذنه ولا يقوم عنه حتى يكون هو والولي في المعارف على حد سواء ".
أي جرأة تلك، وقد اتضحت معا لم الهداية والولاية ي الكتاب والسنة وأنها ترتكز- بعد توفيق الله تعالى- على الإيمان والعمل الصاع ليس غير فنجدها عند الصوفية أرحب وأوسع لأن الولي الكبير في هذا الفكر الصوفي الضال يشكل مصنعا لإنتاج الأولياء الصغار.
9/ أنهم يقابلون النبي صلى الله عليه وسلم يقظه. والأغراض التي يقابلون النبي صلى الله عليه وسلم من أجلها متعددة ومتنوعة وأهمها اللقاء به لغرض سؤاله عن الأحاديث وأحكامها تصحيحا وتضعيفا. ولقاء آخر لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن بشرح له أبيات من الشعر. جواهر المعاني
(2/ 153 - 154).
10/ أن الولاية عندهم لها خاتم كما أن للنبوة خاتما.
وعقيدة ختم الولاية فكرة صوفية أول من تكلم ها الحكيم الترمذي الذي عالق في القرن الثالث الهجري. وهى عقيدة مضادة لما في الكتاب والسنة إذ أخر الأولياء كما يدل عليه المعنى اللغوي لهذين اللفظين، وكما يفهم من سكوت النصوص الشرعية وعدم ورود شيء بشأنه إنما " هو آخر مؤمن تقي يكون من الناس، وليس هو بخير الأولياء ولا أفضلهم لعدم ورود نص في هذا، بل أفضلهم أبو بكر ثم عمر اللذان ما طلعت الشمس وما غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل منهما بنص الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى "(11/ 444): لفظ " خاتم الأولياء " باطل لا أصل له وأول من ذكره محمد بن علي الحكيم الترمذي.
وقد انتحله طائفة كل منهم يدعى أنه خاتم الأولياء كابن حموية، وابن عربي وبعض الشيوخ الضالين بدمشق وغرها ركل منهم يدعي أنه أفضل من النبى صلى الله عليه وسلم من بعض الوجوه إلى غير ذلك من الكفر والبهتان، وكل ذلك طمعا في رياسة خاتم الأولياء لما فاتتهم رياسة خاتم الأنبياء، وقد غلطوا، فإن خاتم الأنبياء إنما كان أفضلهم للأدلة الدالة على ذلك، وليس كذلك خاتم الأولياء ".
ومن نصوصهم في تفضيل خاتم الأولياء على الأنبياء بأمور:
1/ أن خاتم الأولياء يأخذ علومه عن الله مباشرة بينما لا يأخذ الأنبياء علومهم إلا بواسطة الملك.
2/ أن الرسل لا يستمدون أصرف علومهم إلا من حاتم الأولياء.
3/ تعلق بعض الجهال. مما جرى لموسى مع الخضر عليهما السلام على أن الخضر أفضل من موسى وطردوا الحكم وقالوا: قد يكون بعض الأولياء أفضل من آحاد الأنبياء
…
فاحذرهم أي جرأة وقحة ورعونة
…
وضلالة. "
البحر المحيط " لأبي حيان (6/ 156) فصوص الحكم (ص 30).
وتجدر الإشارة إلى أن الفكر السافل ليس مجرد تراث مطوي أو أساطير مهجورة، ولكن الصوفية مازالت ألسنتها تلهج وأقلامهم ترعف ها، تقريرا ودفاعا عنها.
وقد حق للمرء أن يتساءل: لم تنشر هذه الأفكار والتصورات على أمة الإسلام وشبابها؟ إن لم يكن لأجل تخدير عقولهم حتى تكون مهيأة لقبول كل ما يلقى عليها مهما كان فيه من تجاوزات ولأحل أن يتمكن العدو المتربص من القضاء على قوتهم وسلطانهم بعد القضاء على حصنهم الحصين الذي هو عقيدتهم. ولدحض تلك الأفكار المنحرفة المشركة الضالة المضلة اقرأ الكتب التالية:
- " مجموع فتاوى "(5/ 11 - وما بعدها) لابن تيمية و (2/ 171 - 172).
- تلبيس إبليس لابن تيمية.
- مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية، وبغية المرتاد- لابن تيمية.
- الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية.
- تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي عرض وتحليل على ضوء الكتاب والسنة- تأليف محمد أحمد
لوح.
- مظاهر الانحرافات العقيدية عند الصوفية وأثرها السيئ على الأمة الإسلامية. تأليف: إدريس محمود إدريس.
- مصرع التصوف أو تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للعلامة برهان الدين البقاعي. تحقيق، عبد الرحمن الوكيل.