الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سؤال عن حديث (الأنبياء أحياء في قبورهم)
وقول المفسرين أن مريم بنت ناموس دلت على عظام يوسف عليه السلام
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
وصف المخطوط
1 -
عنوان الرسالة: سؤال عن حديث: " الأنبياء أحياء في قبورهم" وقول المفسرين أن مريم بنت ناموس دلت على عظام يوسف عليه السلام.
2 -
موضوع الرسالة: في العقيدة.
3 -
أول الرسالة: قال صلى الله عليه وسلم: أقول: حديث الأنبياء أحياء في قبورهم صححه البيهقي
…
4 -
آخر الرسالة:
…
في أن المقالة حق يجوز التمسك بها كما يجوز التمسك بالدليل فهو لا يقوله إلا من لاحظ له في العلم ولا نصيب له من العقل والله سبحانه أعلم.
5 -
نوع الخط: خط نسخي جيد.
6 -
عدد صفحات الرسالة: (5) صفحات.
الأولى: 8 أسطر.
الثانية: 22سطرا.
الثالثة: 22 سطرا.
الرابعة: 22 سطرا.
الخامسة: 4 أسطر.
7 -
عدد الكلمات في السطر: 12 كلمة في السطر تقريبا.
الرسالة من المجلد الأول من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني ".
حصلت عليها من الأخ/ عادل حسن أمين. الذي أحضرها من الهند أثناء دراسته هناك فجزاه الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال عن حديث "الأنبياء أحياء في قبورهم " وقول المفسرين أن مريم (1) بنت ناموس دلت على عظام يوسف عليه السلام قال صلى الله عليه وسلم: أقول: حديث الأنبياء أحياء في قبورهم صححه البيهقي (2) وألف فيه جزأ ويؤيد ذلك ما ثبت أن الشهداء (3) أحياء يرزقون في قبورهم وهو صلى الله عليه وسلم رأس الشهداء.
قال الأستاذ أبو منصور (4) البغدادي: قال المتكلمون المحققون من أصحابنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم
(1) أخرج أبو يعلى في مسنده رقم (13/ 7245) بسند ضعيف، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 170) وقال: رواه أبو يعلى .... ورجال أبي يعلى رجال الصحيح وهذا الذي حملي على سياقها.
قلت: فيه محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي، قال البخاري عنه: رأيتهم مجمعين على ضعفه قاله ابن حجر في التقريب رقم (6402) عن أبي موسى قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا فأكرمه فقال له: إئتنا، فأتاه، فقال رسول اللة صلى الله عليه وسلم:"سل حاجتك" فقال: ناقة نركبها وأعترا بحلبها أهلي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل" فقال: إن موسى لما صار ببني إسرائيل من مصر ضلوا الطريق فقال: ما هذا؟ فقال علماؤهم: إن يوسف لما حضره الموت أخذ علينا موثقا من الله أن لا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا قال: فمن يعلم موضع قبره؟ قال: عجوز من بني إسرائيل فبعث إليها فأتته فقال: دلني على قبر يوسف. قالت: حتى تعطني حكمي. قال: وما حكمك؟ قالت: أكون معك في الجنة، فكره أن يعطها ذلك فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها فانطلقت هم إلى بحيرة موضع مستنقع ماء فقالت: أنضبوا هذا الماء فأنضبوه، قالت: احتفروا واستخرجوا عظم يوسف. فلما أقلوها إلى الأرض إذا الطريق مثل ضوء النهار"
(2)
في كتاب "حياة الأنبياء في قبورهم "(ص 69 - 74) ط 1 سنة 1414 هـ مكتبة العلوم والحكم - المدينة
(3)
قال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169].
انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/ 161 - 162)
(4)
قال ابن رجب الحنبلي في " أهوال القبور"(ص 160) أما الأنبياء عليهم السلام فليس فيهم شك أن أرواحهم عند الله في أعلى عليين وقد ثبت في الصحيح أن أخر كلمة تكلم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته: "اللهم الرفيق الأعلى" وكررها حتى قبض- أخرجه البخاري رقم (3669) ومسلم رقم (2191) وقال رجل لابن مسعود: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين هو قال: في الجنة.
وانظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص 454)
حي (1) بعد وفاته. انتهى.
ويعكر على هذه أمور:
الأول: ما ورد في الصحيح (2) في حديث الإسراء أنه صلى الله عليه وسلم لقى جماعة من الأنبياء في السماوات [ا أ].
وثانيًا: ما ورد أن الأنبياء لا يتركون في قبورهم فوق ثلاث وروي فوق أربعين يوما إن صح ذلك والله أعلم. وقد تكلم على ذلك أهل العلم فأطالوا وأطابوا فبعضهم ضعف حديث الأنبياء أحياء في قبورهم وبعضهم جمع بينه وبين ما عارضه فإنه لا مانع من رفعهم إلى السماء ثم عودهم. وبعضهم جزم بأنهم باقون في قبورهم وفي السماء ملائكة على
(1):. (2): أخرجه مسلم في صحيحه رقم (263/ 163) من حديث أنس بن مالك قال ابن تيمية في مجموع فتاوى (4/ 328 - 329): " وأما رؤيته الأنبياء ليلة المعراج في السماء لما رأى آدم في السماء الدنيا، ورأى يحيى وعيسى في السماء الثانية، ويوسف في الثالثة، وإدريس في الرابعة وهارون في الخامسة، وموسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة أو العكس، فهذا رأى أرواحهم مصورة في صور أبدانهم.
وقد قال بعض الناس: لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور وهذا ليس بشيء، لكن عيسى صعد إلى السماء بروحه وجسده وكذلك قد قيل في إدريس. وأما إبراهيم وموسى، وغيرهما فهم مدفونون في الأرض .... ".
(1)
وقد ثبت نقلا وعقلا أن الأنبياء من الأموات، قال تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (الزمر: 130).
قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144].
وإن ورد في أخبار صحيحة أن الأنبياء في قبورهم أحياء فتلك حياة برزخية لا تماثل الحياة الدنيوية ولا تثبت لها حكمها.
انظر فتح الباري (6/ 441)
صورهم (1) والحاصل أن المقام من المحارات لا باعتبار القصة المسئول عنها فهي لا تنهض لمعارضة ما ثبت عن الشارع، ولا تستشكل الأحاديث باعتبارها فكثيرا ما وقع من الأكاذيب في كتب التفسير (2) لا سيما المشتملة على حكاية القصص المطولة فهي متلقاة من أهل الكتاب المنصوص على أنهم يحرفون (3) الكلم عن مواضعه ويبدلون القول، بل كثير من
(1) فتح الباري (6/ 444)(7/ 212).
(2)
أ- من هذه التفاسير ما يذكر فيها مؤلفوها كل ما عندهم منها مقبولا كان أو غير مقبول ولكن يستمدون ما يروى من ذلك إلى رواته إسنادا تاما عملا بالقاعدة لدى علماء الحديث "من أسند لك فقد حملك". ب- ومنها كتب تعرض للإسرائيليات فترويها بأسانيدها ولكن لا يكتفي أصحاب هذه الكتب بذكر الأسانيد خروجا من العهدة، بل إنهم يتعقبون ما يرونه منها بالنقد الذي يكشف عن حقيقتها وقيمتها. ج- ومنها - أي التفاسير - نذكر من الإسرائيليات كل شاردة وواردة ولا تسند شيئا من ذلك مطلقا، ولا تعقب عليه بنقده وبيان ما فيه من حق وباطل كأنما كل ما يذكر فيها من ذلك مسلم لدى أصحابها رغم ما في بعضها من سخف ظاهر يصل أحيانا إلى الهذيان، وأحيانا أخرى يصل إلى خطل الرأي وفساد العقيدة. هـ- ومنها كتب لذكر الإسرائيليات ولا تسندها ولكنها - أحيانا - تشير إلى ضعف ما ترويه بذكره بصيغة التمريض (قيل) وأحيانا تصرح بعدم صحته وأحيانا تروى ما تروى من دلك، ثم تمر عليه دون أن تنقده بكلمة واحدة على ما في بعض دلك من باطل، يصل أحيانا إلى حد القدح في الأنبياء ونفط العصمة عنهم. و- ومنها كتب تذكر الإسرائيليات ولا تسندها، وهي حين تذكرها لا تقصد - في الأعم الأغلب - إلا بيان ما فيها من زيف وباطل، وكأنما نظر أصحاب هذه الكتب في تفاسير من سبقهم فنقلوا عنها بعض ما فيها لينبهوا على خطه وفساده، حتى لا يغتر به من ينظرون في هذه
الكتب، ويرون لأصحابها من المكانة العلمية ما يجعلهم يصدقون كل ما جاء فيها. ز- ومنها كتب وجدنا أصحاب يحملون حملة شعواء على من سبقهم من المفسرين الذين تطرقوا في تفاسيرهم إلى الإسرائيليات. . .
(3)
أ- من هذه التفاسير ما يذكر فيها مؤلفوها كل ما عندهم منها مقبولا كان أو غير مقبول ولكن يستمدون ما يروى من ذلك إلى رواته إسنادا تاما عملا بالقاعدة لدى علماء الحديث "من أسند لك فقد حملك".
ب- ومنها كتب تعرض للإسرائيليات فترويها بأسانيدها ولكن لا يكتفي أصحاب هذه الكتب بذكر الأسانيد خروجا من العهدة، بل إنهم يتعقبون ما يرونه منها بالنقد الذي يكشف عن حقيقتها وقيمتها.
ج- ومنها - أي التفاسير - نذكر من الإسرائيليات كل شاردة وواردة ولا تسند شيئا من ذلك مطلقا، ولا تعقب عليه بنقده وبيان ما فيه من حق وباطل كأنما كل ما يذكر فيها من ذلك مسلم لدى أصحابها رغم ما في بعضها من سخف ظاهر يصل أحيانا إلى الهذيان، وأحيانا أخرى يصل إلى خطل الرأي وفساد العقيدة.
هـ- ومنها كتب لذكر الإسرائيليات ولا تسندها ولكنها - أحيانا - تشير إلى ضعف ما ترويه بذكره بصيغة التمريض (قيل) وأحيانا تصرح بعدم صحته وأحيانا تروى ما تروى من دلك، ثم تمر عليه دون أن تنقده بكلمة واحدة على ما في بعض دلك من باطل، يصل أحيانا إلى حد القدح في الأنبياء ونفط العصمة عنهم.
و- ومنها كتب تذكر الإسرائيليات ولا تسندها، وهي حين تذكرها لا تقصد - في الأعم الأغلب - إلا بيان ما فيها من زيف وباطل، وكأنما نظر أصحاب هذه الكتب في تفاسير من سبقهم فنقلوا عنها بعض ما فيها لينبهوا على خطه وفساده، حتى لا يغتر به من ينظرون في هذه الكتب، ويرون لأصحابها من المكانة العلمية ما يجعلهم يصدقون كل ما جاء فيها.
ز- ومنها كتب وجدنا أصحاب يحملون حملة شعواء على من سبقهم من المفسرين الذين تطرقوا في تفاسيرهم إلى الإسرائيليات. . .
انظر الإسرائيليات في التفسير والحديث، الدكتور: محمد السيد حسين الذهبي (ص 119 - 121)
الحكايات المدونة في كتب التقصير لا مستند لها إلا ما يعتاده القصاص من تطويل ذيول المقال بالأكاذيب الحرية بالإبطال، فما كان كذلك لا ينبغي أن يلتفت إليه أو يعتقد صحته على فرض عدم معارضته لشيء مما ورد عن الشارع فكيف إذا عارض ما ورد وإن كان قاصرا عن رتبة الصحة.
والحاصل أن التفسير الذي ينبغي الاعتداد به والرجوع إليه هو تفسير كتاب (1) الله حل جلاله باللغة العربية حقيقة ومجازا إن لم يثبت في ذلك حقيقة شرعية فإن ثبتت فهي مقدمة على غيرها وكذلك إذا ثبت تفسير ذلك من الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أقدم من كل شيء بل حجة متبعة لا تسوغ مخالفتها لشيء آخر ثم تفاسير علماء الصحابة المختصين برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يبعد كل البعد أن يفسر أحدكم كتاب الله ولم يسمع [1ب] في ذلك شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى فرض عدم السماع فهو أحد العرب الذين عرفوا من اللغة دقها وجلها وأما تفاسير غيرهم من التابعين ومن بعدهم فإن كان من طريق الرواية نظرنا في صحتها سواء كان المروى عنه الشارع أو أهل اللغة وإن كان. محض الرأي فليس ذلك شيء ولا يحل التمسك به ولا جعله حجة، بل الحجة ما قدمناه ولا نظن بعالم من علماء الإسلام أن يفسر القرآن برأيه فإن ذلك مع كونه من الإقدام على ما لا يحل. مما لا يحل قد ورد النهي عنه في حديث "من فسر القرآن برأيه فأصاب فقد أخلى، ومن فسر القران برأي، فأخطأ فقد كفر"(2) أو كما قال: إلا أنا لم نتعبد. بمجرد هذا الإحسان للظن على أن نقبل تفسير (3) كل عالم كيف ما كان بل إذا لم نجلى مستندا إلى الشارع.
(1) انظر مقدمة في "أصول التفسير" لابن تيمية (ص 15 - 16).
(2)
أخرجه الترمذي في السنن رقم (2952) وهو حديث ضعيف.
(3)
قال ابن تيمية في "مقدمة في أصول التفسير (ص 92 - 93): " في أحسن طرق التفسير":
1/ أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر.
2/فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد ابن إدريس الشافعي: كل ما حكم به أصول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما فهمه من القران قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105].
وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 144].
وقال صلى الله عليه وسلم " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه "- أخرجه أبو داود رقم (4604) وأحمد (4/ 131) وهو حديث صحيح.
3/ وحينئذ إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعت في ذلك إلى أقوال الصحابة- فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح، لاسيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة والخلفاء الراشدين والأئمة المهدين وعبد الله بن مسعود. وعبد الله ابن عباس. .
إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته من الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر فإنه كان أية في التفسير وكسعيد بن جبر، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري. .
وأما تفسير القرآن. كمجرد الرأي حرام قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم".
انظر تفسير ابن كثير (4/ 473)، فتح القدير للشوكاني (5/ 376). .
وعندما سئل ابن تيمية عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة فقال: "الحمد لله أما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها (تفسير محمد بن جرير الطبري) فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكر، والكلبي".
انظر: مقدمة ابن تيمية في أصول التفسير (ص 103)
ولا إلى أهل اللغة لم يحل لنا العمل به مع التمسك بحمل صاحبه على السلامة .. ونظر ذلك.
اختلاف العلماء في سائر المسائل العلمية فلو كان إحسان الظن مسوغا للعمل. مما ورد عن كل واحد منهم لوجب علينا قبول الأقوال المتناقضة في تفسير آية واحدة أو في مسألة
علمية واللازم باطل فالملزوم مثله وكثيرا ما نسمع من إسراء التقليد الذين يعرفون الحق بالرجال لا بالاستدلال إذا قال لهم القائل: الحق في هذه المسألة كذا أو الراجح قول فلان قالوا لست أعلم من فلان يعنون القائل من العلماء بخلاف الراجح في تلك المسألة فنقول لهم نعم لست أعلم من فلان ولكن هل يجب على إتباعه والأخذ بقوله فيقولون لا ولكن الحق لا يفوته فتقول لهم لا يفوته وحده بخصوصية فيه أم لا يفوته هو ومن يشابهه [2أ] من العلماء ممن بلغ إلى الرتبة إلى بلغ إليها في العلم فيقول نعم لا يفوته هو وأشباهه ممن هو كذلك فيقال لهم له من الأشباه والأنظار في علماء السلف والخلف آلاف مؤلفة بل فيهم أعداد متعددة يفضلونه ولهم في المسألة الواحدة الأقوال المتقابلة فربما كانت العين الواحدة عند بعضهم حلالا وعند الآخر حراما فهل تكون العين حلالا حراما لكون كل واحد منهم لا يفوته الحق كما زعمتم فإن قلتم نعم فهذا باطل ومن قال بتصويب المجتهدين إنما يجعل قول كل واحد منهم صوابا لا إصابة وفرق بين المعنيين أو يقول القائل في جواب مقالتهم فلان أعرف منك بالحق لكونه أعلم إذا كان الأسعد بالحق الأعلم فما أحد إلا وغره أعلم منه ففلان الذي يعنون غيره أعلم منه فهو أسعد منه بالحق فلم يكن الحق حتى بيده ولا بيد أتباعه وهذه المحاورات إنما يحتاج إليها من ابتلى.
بمحاورة المقصرين الذين لا يعقلون الحجيج ولا يعرفون أسرار الأدلة ولا يفهمون الحقائق فيحتاج من ابتلي هم وبما يرد عليه من قبلهم إلى هذه المناظرات التي لا يحتاج إلى مثلها من له أدق تمسك بأذيال العلم فإن كل عارف يعرف أن وظيفة المجتهد ليست قبول قول العالم المختص بمرتبة من العلم فوق مرتبته إنما هي وظيفته قبول حجته فإذا لم تبرز الحجة لم يحل للمجتهد الأخذ بذلك القول الخالي عن الحجة في علمه وإن كان في الواقع ربما له حجة لم يطلع عليها العالم الآخر إلا أن مجرد هذا التجويز يجوز التمسك به [2ب] في إحسان الظن بالعالم الأول وحمله على السلامة لا أنه يجوز التمسك به في أن المقالة حق يجوز التمسك بها كما يجوز التمسك بالدليل فهو لا يقوله إلا من لاحظ له من العلم ولا نصيب له من العقل والله سبحانه أعلم.