المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وسلم - الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني - جـ ٢

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وسلم

‌إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وسلم

تأليف

محمد بن علي الشوكاني "ت: 1250هـ"

حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه محمد صبحي بن حسن حلاق أبو مصعب

ص: 825

وصف المخطوط (أ)

1 -

عنوان الرسالة: " إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وسلم"

2 -

موضوع الرسالة: موقف أهل البيت من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3 -

أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أرشدنا إلى الدعاء للسلف الصاع بقوله:" والذين جاعوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " والصلاة والسلام ....

4 -

آخر الرسالة: ". وليس علينا إلا القيام بعهدة البيان للناس الذي أوجبه الله ورسوله علينا ليهلك من هلك عن بينة.

اللهم ارشد الخاصين من عبادك والعائم، واسلك بنا سبل السلام إلى دار السلام " انتهى.

5 -

نوع الحط: خط نسخي جيد.

6 -

عدد الأوراق: 8 ثمانية.

7 -

عدد الأسطر في الصفحة: 24 - 25 سطرا.

8 -

عدد الكلمات في السطر:11 - 13 كلمة.

9 -

الناسخ: محمد علي المنصور.

ص: 827

وصف المخطوط (ب)

عنوان الرسالة: " إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صلى الله عليه وسلم ". موضوع الرسالة: موقف أهل البيت من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذمي أرشدنا إلى الدعاء للسلف الصاع بقوله:" والذين جاعوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى

".

آخر الرسالة: وليس علينا إلا القيام بعمدة البيان للناس الذي أوجبه الله ورسله علينا ليهلك من هلك عن بينة.

اللهم ارشد الخاص من عبادك والعام، واسلك بنا سبل السلام إلى دار السلام. نوع الحط: خط نسخط جيد.

عدد الصفحات: 13 صفحة.

عدد الأسطر في الصفحة: 26 - 27 سطرا.

عدد الكلمات لي السطر: 3 ا-14 كدمة.

ص: 831

بين يدي الرسالة:

1 -

الصحابة كلهم عدول: ا- قال الحافظ ابن حجر: " اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة ".

الإصابة

(1/ 10). 2 - قال الخطيب في الكفاية ص 46 - 47: " عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختباره لهم في نص القرآن ".

3 -

قال ابن عبد البر في الاستيعاب (1/ 2)" ثبت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسوله عليه السلام، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ولا تزكية أفضل من ذلك ولا تعديل أكمل منه ".

4 -

قال ابن الصلاح في مقدمته: " للصحابة بأسرهم خصصه وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم بل ذلك مفروع منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الاجماع من الأمة ".

2 -

موقف أهل السنة هن المطالب التي تنقل عن الصحابة:

قال ابن تيمية في منهاج السنة (5/ 81 - 84): أن ما ينقل عن الصحابة من المثالب فهو نوعان.

أحدها: ما هو كذب، إما كذب كله، وإما محرف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يخرجه إلى الذم والطعن. وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون المعروفون بالكذب مثل أبي مخرف لوط بن يحيى، هشام بن محمد بن السائبة الكلبي- لهذا تستشهد الروافض. مما صنفه هشام الكلي في ذلك وهو أكذب الناس وهو شيعي يروى عن أبيه وعن أبي خنف.

- انظر ما كتبه محب الدين الخطيب- عن الكلبي- في المنتقى ص 318 - 319.

ص: 835

الثاني: ما هو صدق. وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الاجتهاد، التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر. وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب.

وما قدر من هذه الأمور ذنبا محققا فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة:

1) التوبة الماحية.

2) الحسنات الماحية للذنوب، فإن الحسنات يذهبن السيئات.

وقد قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31].

3) المصائب المكفرة.

4) ومنها دعاء المؤمنين بعضهم لبعض، وشفاعة نبيهم، فما من سبب يسقط به الذم والعقاب عن أحد من الأمة إلا والصحابة أحق بذلك، فهم أحق بكل مدح، ونفى كل ذم ممن بعدهم من الأمة. .

ونحن نذكر قاعدة جامعة في هذا الباب لهم ولسائر الأمة فنقول: لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم.

3 -

حكم من سب الصحابة:

أجمع العلماء القائلون بعدم تكفير ساب الصحابة على أن سبهم فسق، مع الأخذ بالأمور التالية: أ) القول بتكفير من يطعن فيهم ويعتقد كفرهم هو الصحيح.

ص: 836

قال علي القاري في " شم العوارض في ذم الروافض "(ص 61 - 62)" وأما من سب أحدا من الصحابة، فهو فاسق ومبتدع بالإجماع، إلا إذا اعتقد أنه مباح. كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم، أو يترتب عليه ثواب كما هو دأب كلامهم، أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة في فصل خطاهم، فإنه كافر بالإجماع ولا يلتفت إلى خلاف مخالفتهم في مقام النزاع ".

وانظر: الصارم المسلول (3/ 1109 - 1110). 2)

القول بتكفير من يطعن في جميع الصحابة لا محيد عنه، بل هو من لمات إذ إنه يؤدي إلى إبطال الشريعة، ومحال أن تركن النفوس وتطمئن إلى شريعة نقلها ضلال: كفرة أو فسقة! ومن هنا جزم العلماء بتكفير الكميلية الرافضة لتضليلهم جميع الصحابة وتكفيرهم.

فتاوى السبكط (2/ 575)، الصواعق المحرقة (1/ 128)، الصارم المسلول (3/ 111).

وقال القاضي عياض في الشفا (286/ 2): وكذلك نقطع بتكفير كل قائل قولا يتوصل به إلى تضليل الأمة وتكفير جميع الصحابة، كقول الكميلية من الرافضة بتكفير جميع الأمي بعد النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم تقدم عليا، وكفرت عليا إذ لم يتقدم ويطلب حقه في التقدم. 3)

إن من صادم نصا صريحا وأنكر دليلا قاطعا، فلا ريب في كفره وضلاله ومن هذا المنطلق ذهب العلماء إلى تكفير من قذف السيدة عائشة أم المؤمنين فقد روى عن مالك: " من سب أبا بكر جلد ومن سب عائشة قتل، قيل له قال:

من رماها فقد خالف القران وقال ابن شعبان عنه: لأن الله يقول: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} النور: 17] فمن عاد لمثله فقد كفر.

الشفا لعلي القاري (2/ 1108).

ص: 837

4 -

) أن من سب أحدا من الصحابة من حيث إنه صحابي، فلا شك أن في ذلك تعريضا بسب النبي صلى الله عليه وسلم وإيذاء له، يخرج به السالب من الدين وانتقاص له، وحط من مكانته- عليه الصلاة والسلام لأنهم أصحابه الذين رباهم وزكاهم وذكرهم بخير وأوصى هم خيرا. ومعلوم أن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم فيكون سب أصحابه كفرا.

انظر الصارم المسلول (3/ 1112)، الشفا (4/ 564) لعلي القاري، فتاوى السبكي (2/ 575).

والخلاصة: أن القول بعدم تكفير من سب الصحابة- صلى الله عليه وسلم ليس على إطلاقه، وإنما هو مشروط بعدم مصادمة النصوص الصريحة من الكتاب والسنة الصحيحة، وعدم إنكارها هو معلوم من الدين بالضرورة وعلى هذا يحمل كلام من أطلق القول بعدم التكفير.

وانظر: تنبيه الولاة والحكام (1/ 367). لمعة الاعتقاد (ص 28).

تنبيه هام:

إن أكثر التراجم في كتاب (أعلام المؤلفين الزيدية) وكتاب (مؤلفات الزيدية) ينصر أصحابها الاعتزال ولم يتسع المجال لبيان عقيدة من أترجم لهم من هذين الكتابين، فلزم التنبيه والتحذير.

ص: 838

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أرشدنا إلى الدعاء للسلف الصالح بقوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (1) والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى، الذي قال: لا تسبوا أصحابي، فوائدي نفسي بيده؟ لو أن أحدكم أنفق مثل جبل ذهبا؟ ما بلغ مد أحمم ولا نصفه " (2). وعلى آله الذين صح إجماعهم من طرق كثيرة (3) على تعظيم الصحابة.

وبعد:

فإنها لما خفيت على غالب أهل الزمان مذاهب أئمة لآل، وجهلت مصنفاتهم التي تقطع في الرحلة إلى مثلها أكباد الإبل فلم يبق بأيدي أهل عصرنا من أتباعهم غير القيل والقال، فلا تكاد ترى إلا رجلا قد رغب عن جميع أصناف العلوم، وهجر- لخسة همته ودناءة نفسه- الاشتغال. منطوقها (4) والمفهوم (5)، أو آخر هجر من علوم العترة المطهرة الحديث والقدم، واشتغل بعض الاشتغال بعلوم غيرهم، فلم يفرق بمن الصحيح والسقيم أو رجلا ينتحل إتباعهم والانتساب إلى مذاهبهم ولكنه قد قنع من البحر المتدفق

(1) الحشر:10

(2)

أخرجه البخاري في صحيحة رقم (3673) ومسلم في صحيحة رقم (2540) من حديث أبي سعيد الخدري.

(3)

انظر: الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم لابن تيميه (3/ 1067 - 1072) والصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي (2/ 609 - 615).

(4)

المنطوق: هو المعنى المستفاد من اللفظ من حيث النطق له.

(5)

المفهوم: هو المعنى المستفاد من حيث السكوت اللازم للفظ انظر الكوكب المنير (3/ 473) وتيسير التحرير (1/ 91)

ص: 839

بقطرة، وقصر همه على الاشتغال، بمختصر من مختصرات كتبهم فلم يحظ من غيره بنظرة، فحصل بسبب ذلك الخبط والخلط من الجم الغفير، ونسب إلى أهل البيت من المسائل ما يخالف قول كبيرهم والصغير. وكان من جملة ذلك مسألة تعظيم القرابة للصحابة، فإن كثيرا من الغافلين عن العلوم يتجاري على ثلث أعراض جماعة من أبر خير القرون (1)، فإذا عوتب في ذلك قال: هذا مذهب أمل البيت وذلك فرية، صانهم الله، فإنهم عند من له أدنى إلمام. مذاهبهم مبرؤون عن هذه الخصلة الشنيعة. فأحببت بيان مذاهبهم في هذه المسألة بخصوصها؟ لأنها هي التي ورد فيها السؤال من بعض أهل العلم، ليستدل بذلك على صحة ما ذكرنا من اندراس معاهد علومهم الشريفة في هذه الأزمنة.

وقد اقتصرت على مقدار يسير من نصوصهم، لأن الإكثار من دواعي الإملال، ولم اشتغل بإيراد الأداة، لأن غرض السائل ليس إلا بيان ما يذهبون إليه في ذلك، فأقول.

قد ثبت إجماع الأئمة من أهل البيت على تحريم سب الصحابة، وتحريم التكفير

(1) أخرج البخاري في صحيحة رقم (2652) ومسلم رقم (2533) من حديث عبد الله بن مسعود. رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير الناس قربى، ثم الذين يلوهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته.

وأخرج مسلم في صحيحة رقم (2534) من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خر أمتي القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم ". والله وأعلم أذكر الثالث أما لا قال: " ثم يخلف قوم يحبون السمانة. يشهون قبل أن يستشهدوا ".

وأخرج مسلم في صحيحة رقم (2536) عن عائشة قالت: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال: " القرن الذي أنا فيه ثم الثاني، ثم الثالث ".

وأخرجه البخاري رقم (2651) ومسلم رقم (2535) من حديث عمران بن حصين بلفظ " خيركم

ص: 840

والتفسيق (1) لأحد منهم، إلا من اشتهر. مخالفته الدين، والمعاندة لسنة سيد المرسلين، فإن الصحبة ليست. موجبة لعصمة من اتصف ها. على ما ذهب إليه الجمهور، بل هو إجماع كما حققناه، ذلك في الرسالة المسماة" القول المقبول في رد رواية المجهول من غير صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم (2)

وهذا الإجماع الذي قدمنا ذكره عن أهل البيت مروي من طرق ثابتة عن جماعة من أكابرهم:

الطريق الأول:

عن الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسن (3) الهاروني، فإنه روى عن جميع آبائه من أئمة الآل تحريم سب الصحابة. حكى ذلك عنه صاحب حواشي الفصول.

الطريقة الثانية:

قال المنصور بالله عبد الله بن حمزة (4) في رسالته في جواب المسألة التهامية (5) بعد

(1) سيأتي ذكر ذلك والدليل عليه.

(2)

وهى ضمن كتابنا هذا "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني بتحقيقنا " في القسم الثالث- الحديث.

(3)

هو أحمد بن الحسين بن هارون القطع من أبناء زيد بن الحسن العلوي الطالي القرشي. من أهل طبرستان ولد بأمل سنة 333 هـ/ 945 م لقب بالسيد المؤيد بالله.

له مصنفات منها الآمال، "التجريد" لا علم الأثر وشرحه في أربعة مجلدات. توفي سنة 421 هـ الأعلام (1/ 116)

(4)

عبد الله بن حمزة الحسني اليمني إمام مجتهد، مجاهد مجدد 5611 - 614 هـ له مصنفات: حديقة الحكمة النبوية في شرح الأربعين السيلقية الاختبارات المنصورية في المسائل الفقهية/ الأجوبة الكافية بالأدلة الوافية.

انظر: أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 578 رقم 592).

(5)

الرسالة الأمامية في الرد على المسائل التهامية. أجاب فيها على أسئلة وردت من الفقيه

ص: 841

أن ذكر تحريم سب الصحابة- ما لفظه: " وهذا ما يقضى به علم آبائنا إلى على عليه السلام (1) ثم قال فيها ما لفظه: " وفي الجهة من يرى محض الولاء سب الصحابة رضي الله عنهم والبراعق منهم، فيتبرأ من محمد صلى الله عليه وآله وسلم من حيث لا يعلم:

فإن كنت لا أرمي وترمي كناني

تصب جانحات النبل كشحي ومنكي

انتهى.

قال في الترجمان (2) عند شرح قوله في الصحابة:

ورضي عنهم كما رضي أبو حسن

أوقف عن السب إما كنت ذا حذر

ما لفطة: " قال المنصور بالله عبد الله بن حمزة: ولا يمكن أحدا أن يصحح دعواه على أحد من سلفنا الصاع أفم نالوا من المشايخ أو سبوهم، بل يعتقدون فيهم أفم خير الخلق بعد محمد وعلي وفاطمة (3) صلوات الله عليهم وسلامه، ويقولون: قد أخطئوا

(1) قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في " المناهي اللفطية "(ص: 349 - 350). وقد غلب هذا على كثير من النساخ للكتب أن يفرد على-رضي الله عنه بأن يقال: عليه السلام. من دون سائر الصحابة أو كرم الله وجهة. هذا وإن كان معناه صحيحا لكن ينبغي أن يسوى بين التعظيم والتكريم، فالشيخان وأمر المؤمنين عثمان أولى بذلك منه- رضي الله عنهم أجمعين.

(2)

لعله الترجمان المفتح لثمرات كمائم البستان من مؤلفات الزيدية مؤلفه محمد بن أحمد بن يحي بن أحمد ابن علي من اليمنى الحميري فقيه عالم.

والترجمان- منه أربع نسخ في الغربية رقم 59، 60 (تاريخ).

شرحه على كتابه " البستان " بذكر علل مسألة وأدلتها وفي أوله قسم كبير مما يتعلق بالأسانيد بعض التواريخ وأحوال الرجال. مؤلفات الزيدية (1/ 282) وأعلام المؤلفين الزيدية (ص 855).

(3)

الصلاة والسلام على غير الأنبياء- تبعا أو استقلالا- أما على سبيل التبعية فهي جائزة بالإجماع كما في صيغ الصلاة الإبراهيمية وإنما الخلاف على سبيل الانفراد فهذا فيه نزاع على قولن فالجمهور منهم الثلاثة. على عدم الجواز ولهم في ذلك ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه منع تحريم.

والثاني: قول الأكثرين، أنه منع كراهه تنزيه.

والثالث: انه من باب ترك الأولى وليس مكروه، ذكره النووي في الأذكار (1/ 328).

وانظر جلاء الافهام ص: 638 - 639. والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهه تنزيه، لأنه شعار أهل البدع وقد فينا عن شعارهم

انظر المناهي اللفظية (ص: 349) وانظر فتح الباري (8/ 534)

ص: 842

التقدم وعصوا معصية لا يعلم قدرها إلا الله سبحانه، والخطأ لا يبرا منه [1ب] إلا الله تعالى وقد عصى آدم ربه فغوى، فإن حاسبهم الله فبذنب فعلوه وإن عفا عنهم، فهو أهل العفو، وهم يستحقونه بحميد سوابقهم " انتهى. .

الطريقة الثالثة:

قال المؤيد بالله يحط بن حمزة (1) حمزة عليه السلام في آخر " التصفية"(2) ما لفظه:

(1) هو الإمام المؤيد بالله يحط بن حمزة بن علي بن إبراهيم، أحد أعلام الفكر الإسلامي اليمني كان مولده بصنعاء 27 صفر منة 969 هـ.

وصحب الإمام المتوكل على الله المطهر بن يجيء في حربه.

توفي في حصن هران قبلي ذمار سنة 450 هـ م.

من مصنفاته: الإفحام لأفئدة الباطنية الطعام، الانتصار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، التحقيق في الإكفار والتفسيق.

انظر: أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 1124).

البدر الطالع (2/ 331)"الأعلام"(8/ 143 - 144).

(2)

التصفية: تصفية القلوب عن درن الأوزار والذنوب.

تأليف الإمام المؤيد في بن حمزة أبو مجلد يتناول الأخلاق الفاصلة والأوصاف الحميدة التي لابد للمسلم أن يتحلى ها. وهو مرتب قي عشر مقالات. مؤلفات الزيدية: (ص: 291). قال صاحب أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 1126): طبع مرارا ونسخه الخطية كثيرة.

وطبع بتحقيق الدكتور/حسن محمد مقبولي الأهدل/ مكتبة الجيل الجديد/ صنعاء

ص: 843

تنبيه (1): اعلم أن القول في الصحابة على فريقين:

القول الأول: مصرحون بالترحم عليهم والترضية، وهذا هو المشهور عن أمير المؤمنين، وعن زيد بن علي، وجعفر الصادق، والناصر للحق، والمؤيد بالله، فهؤلاء مصرحون بالترضية والترحم والموالاة، وهذا هو المختار عندنا، ودللنا عليه، وذكرنا أن الإسلام مقطوع به لا محالة، وعروض ما عرض من الخطأ في مخالفة النصوص ليس فيه إلا الخطأ لا غير، وأما كونه كفرا أو فسقا، فلم تدل عليه دلالة شرعية، فلهذا البطل القول به، فهذا هو الذي نختاره ونرتضيه مذهبا، ونحب أن نلقى الله به ونحن عليه.

والفريق الثماني متوقفون عن الترضية والترحم، وعن القول بالتكفير والتفسيق، وهذا دل عليه كلام القاسم والهادي وأولادهما، وإليه يشير كلام المنصور بالله، فهؤلاء يحكمون بالخطأ، ويقطعون به، ويتوقفون في حكمه.

فأما القول بالتكفير والتفسيق في حق الصحابة فلم يؤثر عن أحد من أكابر أهل البيت عليهم السلام وأفاضلهم، كما حكيناه وقررناه، وهو مردود على ناقله " انتهى.

وقال الإمام يحط بين حمزة في رسالته " الوازعة للمعتدين (2) عن سب أصحاب سيد المرسلين - بعد أن حكى عن أهل البيت أنهم لم يكفروا ولم يفسقوا من لم يقل بإمامة أمير المؤمنين، أو تخفف عنه، أو تقدمه- ما لفظه: "

ثم إن لهم بعد القطع بعدم التكفير والتفسيق مذهبين:

الأول: مذهب من صرح بالترحم والترضية عنهم، وهذا هو المشهور عن علما، وزيد بن على، وجعفر الصادق، والباقر، والناصر، والمؤيد بالله، وغيرهم، وهو المختار عندنا ". ثم قال (3):

(1)(ص 185).

(2)

(ص 185).

(3)

أي الإمام يحي بن حمزة في الرسالة الوازعة للمعتدين "ص: 185"

ص: 844

المذهب الثاني: من توقف عن الترضية والترحم والإكفار؟ التفسيق، وإلى هذا يشير كلام القاسم، والهادي، وأولادهما، والمنصور بالله، لأنهم قطعوا على الخطأ، ولم يدل دليل على عصمتهم بم فيكون الخطأ صغيرة في حقهم، وجاز أن يكون خطؤهم كبيرة فلذلك توقفوا عن الجهر بالترضية ". .

قال (1): " ويقابله ألا قاطعون على إيمانهم قبل هذه المعصية، فنستصحب الأصل، ولا ننتزع عنه إلا لدلالة قاطعة تدل على كفر أو فسق"

قال (2): وما روي عن المنصور بالله أنه قال: من رض عنهم فلا تصلوا خلفه (3)، ومن سبهم فاسألوه: ما الدليل؟ فالرواية المشهورة: من سبهم فلا تصلوا خلفه، ومن رضي عنهم فاسألوه: ما الدليل (4)؟ ".

(1)" أي الإمام يحي بن حمزة في الرسالة" الوازعة للمعتدين (ص: 192).

(2)

" أي الإمام يحي بن حمزة في الرسالة" الوازعة للمعتدين (ص: 192).

(3)

المرجع السابق (ص: 195).

(4)

الدليل من قول الله وقول رسوله:

قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74] وقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18]

ص: 845

"واعلم أن القائلين بالترضية على الصحابة من أهل البيت هم: أمر المؤمنين، والحسن، والحسين، وزين العابدين علي بن الحسن، والباقر، والصادق، وعبد الله بن الحسن، ومحمد بن عبد الله النفس الزكية، وإدريس بن عبد الله، وزيد بن علي، وكافة القدماء من أهل البيت.

ومن المتأخرين: سادة الجبل والديلم: المؤيد بالله، وصنوه أبو طالب، والناصر الحسن بن علي الأطروش، والإمام الموفق بالله، وولده السيد المرشد بالله، والإمام يحيى ابن حمزة.

ومن المتأخرين باليمن: الإمام المهدي أحمد بن يحط، والسيد محمد بن إبراهيم وصنوه الهادي، والإمام أحمد بن الحسن، والإمام عز الدين بن الحسن، الحسن ابن عز الدين، والإمام شرف الدين، وغيرهم.

وسائر الأئمة يتوقف: كالهادي، والقاسم، مع أن في رواية الهادي الترضية.

والمنصور بالله عبد الله (1) بن حمزة له قولان: التوقف، في كتابه الشافي (2). والترضية كما في " الجوابات التهامية (3).

(1) عبد الله بن حمزة الحسني اليمني الإمام المنصور بالله- إمام مجتهد، مجاهد. (361 هـ- 614 هـ) له مصنفات كثيرة أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 578) وقد تقدم.

(2)

الشافي: تأليف: الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة الحسني اليمني.

(614)

. رد على كتاب " الرسالة الخارقة " للفقيه عبد الرحيم بن أبى القبائل المتوفى سنة 616 هـ وهو في أربع مجلدات.

طبع مؤسسة الأعلمي في بيروت 1406 هـ في أربعة أجزاء.

مؤلفات الزيدية. (ص: 121 - 122).

(3)

تقدم التعليق عليها.

ص: 847

وكثير منهم لا حاجة بنا إلى تعداد أعيانهم، لأنه يكفي في ذلك القول الجملي بأن أئمة أهل البيت كافة بين متوقف ومترض، لا يرى أحد منهم السب للصحابة أصلا، يعرف ذلك من عرف " انتهى بلفظه.

الطريقة الرابعة:

حكى السيد الهادي بن إبراهيم (1) الوزير في كتابه المعروف بـ"تلقيح الألباب"(2): أنه سئل الإمام ناصر (3) محمد بن على المعروف بصلاح الدين عن المتقدمين لأمر المؤمنين وسائر من خالفه؟ فأجاب: "بأن مذهب الزيدية القول بالتغطية لمن تقدم أمير المؤمنين [2ب].

قال: " وهؤلاء فرقتان: فرقة تقول باحتمال الخطأ، ويتوقفون في أمرهم، وفرقة يتولونهم، ويقولون: إن خطأهم مغتفر في جنب مناقبهم وأعمالهم وجهادهم

(1) الهادي بن إبراهيم بن علي الوزير أحد أعلام الفكر الإسلامي في اليمن وعلماء الزيدية (7581 - 822) منها توفى في عيد الأضحى. كلدينة ذمار.

له مصنفات: درة الغواص في نظم خلاصة الرصاص.

رياض الأبصار في ذكر الأئمة الأقمار.

هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين.

انظر: أعلام المؤلفين الزيدية (ص 1069)، الضوء اللامع (10/ 206)، الأعلام (8/ 58)، والبدر الطالع (2/ 506).

(2)

تلقيح الألباب في شرح ألباب اللباب. تأليف: السيد الهادي بن إبراهيم الوزير

(822)

. شرح على منظومته " الباب المصاصة في نظم مسائل الخلاصة " واستعرض فيه جملة أقوال أئمة المذهب في المسائل الكلامية بالإضافة إلى ما أوردة من الأدلة العقلية والنقلية.

مؤلفات الزيدية (ص: 326).

(3)

الناصر محمد بن على بن محمد (المشهور بصلاح الدين) ولد سنة (739 هـ) وتوفي سنة 793 هـ في قصر صنعاء انظر: ترجمته في البدر الطالع (ص: 742)

ص: 848

وصلاحهم.

قال: وهذا القول الثاني هو الذي نراه، إذ هم وجوه الإسلام، وبدور الظلام ".

وحكى السيد الهادي في ذلك الكتاب عن الإمام المهدي عل! ط بن محمد بن علي والد الإمام صلاح الدين: أنه سئل عمن تقدم أمير المؤمنين أو خالفه؟ فأجاب أن مذهب جمهور الزيدية أن النص وقع على وجه يحتاج في معرفة المراد به إلى نظر وتأويل، ولا يكفرون من دافعه، ولا يفسقونه

إلى آخر كلامه في ذلك.

ولا يخفى أن حكايته لذلك عن جمهور الزيدية تنافي حكاية غيره له عن لأن الحاكي [عن](1) الجميع ناقل للزيادة، وقبولها متحتم، وغاية ما عند ما حكي عن البعض أو الأكثر أنه لم يعلم بأن ذلك قول الجميع، وعدم العلم ليس علما بالعلم، وقد علم غيره ذلك، ومن علم حجة على من لم يعلم.

الطريقة الخامسة:

قال يحي بن الحسين بن القاسم (2) بن محمد في كتابه "الإيضاح (3) لما خفي من الاتفاق على تعظيم الصحابة - بعد حكاية أقوال الأئمة من أهل البيت- ما لفظه: " وإذا تقرر ما ذكرنا، وعرفت أقوال أئمة العلم الهداة؟ علم من ذلك بالضرورة إلى لا تنتفي بشك ولا بشبهة: إجماع أئمة الزيدية على تحريم سب الصحابة؟ لتواتر ذلك عنهم، والعلم به، فما خالف ما علم ضرورة لا يعمل به

" إلى آخر كلامه، انتهى.

الطريقة السادسة:

حكاها السيد إدريس (4) في كتابه المعروف. . . . . . . . . . . . . .

(1) زيادة يقتضيها السياق.

(2)

تقدمت ترجمته

(3)

تقدم التعليق عليه

(4)

إدريس بن على بن عبد الله بن الحسن بن حمزة بن سليمان الحمزي الحسني اليمني أمير، عالم، أديب، شاعر توفي سنة 714 هـ له عده مصنفات: كنز الأخيار في معرفة السير والأحبار مسائل على الحرية. (الطبقات).

الأدب المذهب.

انظر: الدرر الكامنة (1/ 345)"الأعلام "(1/ 280) أعلام المؤلفين الزيدية. (ص: 217).

ص: 849

ب "كنز الأخيار"(1)

الطريقة السابعة:

حكاها الديلمي (2) من كتاب " عقائد اعتقاد آل محمد (3).

(1)" كنز الأخيار في معرفة السير والأخبار ".

تأليف: السيد إدريس بن علي الحمزي اليمني

(714)

. هو في أربعة أجزاء: الأول: في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده.

الثاني: في أخبار الملوك إلى قريب المائه الثانية للهجرة.

الثالث: في أخبار في العباس وسائر الملوك في أخره نبذه مختصره من أخبار اليمن.

الرابع: في أحبار الملوك قبل النحو وفتنة الخوارج.

الكتاب في الأصل مختصر من كتاب "الكامل" لابن الأثير مضيفا إليه أخبار العراق ومصر الشمام واليمن ست سنة تأليفه 7140 هـ مؤلفات الزيدية (ص: 388).

(2)

محمد بن الحسن الديلمى. عالم أصولي، متصوف أصله "من الديلي انتقل إلى اليمن وسكن صنعاء توفي بوادي مر في رجوعه إلى بلاده سنة 711 هـ.

من مصنفاته: التصفية عن الموانع المردية والمهلكة.

الصراط المستقيم والدبر القويم.

أعلام المؤلفين الزيدية (ص:883)، الأعلام (8616 - 87)، ملحق البدر الطالع (ص:194).

(3)

قواعد عقائد آل محمد، تأليف عز الدين محمد بن أحمد بن الحسين الديلمي 711 هـ.

استعرض بتفصيل المسائل الكلامية على قواعد آل الرسول من الزيدية وأجاب على من خالفهم باستدلالات طويلة وهو في ثلاثة فنور في كل ست منها لمحصول وهي:

الفن الأول: في أصول الدين وما يليق به من الكلام وليه سبعة فصول الفن الثاني: في إمامة أهل البيت من المعقول والمنقول. رفيه ستة فصول.

الفن الثالث: في مذهب أهل البيت في الفروع، وفيه خمسة فصول.

نشره محمد زاهد الكوثري في القاهرة ط السعادة 950 أم في (157) صفحة ونشر قسما من الكتاب بعنوان " بيان مذهب الباطنية وبطلانه " شتروثمان في استانبول عن مطبعة الدولة سنة 939 أم

في (137) صفحة وهو من أصول كتب الزيدية. وطبع في اليمن مرارا.

مؤلفات الزيدية (ص: 357). أ علام المؤلفين الزيدية (ص: 884).

ص: 850

الثامنة:

حكاها حميد بين أحمد (1) المحلي في كتابه " عقيدة أهل البيت "(2)

التاسعة:

حكاها السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد في " المسائل التي اتفق عليها الزيدية ".

العاشرة:

حكاها الكني في كتاب " كشف الغلطات "(3) له.

الحادية عشرة:

(1) حميد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الواحد المحلي التميمي، الوادعي الهمذاني 582هـ - 652 هـ. أبو عبد الله الشهيد، الفقيه من أكابر علماء الزيديه. عاصر الإمام عبد الله بن حمزة.

له مصنفات: الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية.

نصيحة الولاة الهادية إلي سبل النجاة.

مناهج الأنظار العاصمة من الأخطار.

انظر: أعلام المؤلفين الزيدية، (ص 407)، الأعلام (2/ 282 - 283)

(2)

ذكره الحسيني في مؤلفات الزيدية برقم (2267) عن رجال الأزهار 13 ولعله عمدة المسترشدين.

(3)

كشف الغلطات. تأليف الكني. في رد أراء القاضي أبي مضر ضريح بن المريد وغلطاته. مؤلفات الزيدية (ص: 383).

ص: 851

حكاها الإمام شرف الدين (1) في شرح مقدمة " الأثمار "(2)

الثانية عشرة:

حكاها [3 أ] في شرح البسامة (3) الصغير لبعض بني الوزير.

الثالثة عشرة:

(1) الإمام المتوكل على الله، يحط شرف الدين بن شمس الدين، أحد أعلام الفكر الزيدي ولد سنة 877 هـ. في حصن حضور الشيخ من أعمال كوكبان شبام.

توفي سنة 965 هـ ودفن بحصن الصفير.

له مصنفات منها: الرسالة الصادعة بأسنى المطالب

الجوابات والرسائل.

منظومة قصص الحق في مدح وذكر معجزات سيد الخلق.

أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 1134)، البدر الطالع (1/ 278) الأعلام (8/ 150).

(2)

الأثمار في فقه الأئمة الأطهار.

تأليف: الإمام المتوكل شرف الدين بن شمس الدين الحسيني اليمني 965 مختصر من كتاب "

الأزهار " للإمام المهدي، وهو من أشهر كتب فقه الزيدية.

انظر مؤلفات الزيدية (ص: 44).

(3)

البسامة.

نظم صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير الصنعاني (914).

تاريخ منظوم بالغ الشهرة لأئمة الزبدية الحاكمين على اليمن وبعض البلدان الأخرى، وهو في نحو مائتين وأربعين بيتا، ويسمى " جواهر الأخيار في سيرة الأئمة الأخيار " واعتني العلماء بشأنه كثرا فنظموا له ذيولا في العصور المختلفة.

أوله:

الدهر ذو عبر عظمى وذو غير

وصرفه شامل للبدو والحضر.

مؤلفات الزيدية (ص: 206)، أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 70).

وقد ثبت لدينا أن صاحب 11 البسامة الصغير " هو إبراهيم بن محمد بن عبد الله الوزير وذلك بالرجوع إلي فهرس مخطوطات المكتبة الغربية- صنعاء- (ص: 853).

ص: 852

حكاها القاضي عبد الله (1) الدوارى في كتاب "السير" من آخر "الديباج"(2) انتهى. فهذه طرق متضمنة لإجماع أهل النبيت من أئمة الزيدية ومن غيرهم؟ كما في بعض هذه الطرق، والناقل لهذا الإجماع من أسلفنا ذكره من أكابر أثمتهم.

فيا من أفسد دينه بذم خير التيرون وفعل بنفسه ما لا يفعله المجنون إن قلت إنك اقتديت في سبهم بالكتاب العزيز [كذبك](3) في هذه الدعوى من كان له في معرفة القرآن أدنى تبريز؛ فإنه مصرح بأن الله جل جلاله قد رضي عنهم ومشحون. بمناقبهم ومحاسن أفعالهم، ومرشد إلي الدعاء لهم.

وإن قلت: اقتديت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المطهرة؟ قام في وجه دعواك الباطلة العاطلة ما في كتب السنة الصحيحة من مؤلفات أهل البيت وغيرهم، من النصوص المصرحة بالنهي عن سبهم وعن أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وأنهم خير القرون (4)

وأنهم من أهل الجنة): (5) وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وهو راض عنهم، وما في طي الدفاتر الحديثة من ذكر

(1) عبد الله بن الحسن بن عطية المؤيد الدواري، الصعدي. عالم ففيه، مجتهد مصنف ولد سنة (715 هـ وتوفي سنة 805 هـ).

من مصنفاته: الإرادات على الزيادات (المستطاب).

شرح جواهر الأصول.

الدر النضيد الكاشف لمشكلات الوسيط.

أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 571)، الأعلام (4/ 78)، البدر الطالع (1/ 381).

(2)

الديباج النضير على لمع الأمير.

تأليف: شيخ الإسلام عبد الله بن الحسن الدواري الصعدي (800) جمعه وقت قراءته لكتاب "اللمع" للأمير علي بن الحسيني، وكان قد سماه أولا " الطراز " ثم غير اسمه. وهو شرح عليه فيه فوائد وتحاصيل للمسائل الواردة فيه.

مؤلفات الزيدية (ص: 479).

(3)

في المخطوط (كذلك) والصواب ما أثبتناه.

(4)

تقدم تخريجه (ص 255، ص 840).

(5)

من مثل قوله تعالي: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100].

ص: 853

مناقبهم الجمة، كجهادهم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيعهم نفوسهم (1) وأموالهم من الله،

(1) قال الله تعالي: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:218]. .

وقوله تعالي: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِفينَ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} [الحج:

58 -

59]. . وقوله تعالي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:64]. في هذه الآية الكريمة، أثني الله تعالي على جميع المؤمنين الذين اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يكفونه في جميع أموره أو أنهم يكفونه الحرب بينه وبن أعدائه من الكفار والمشركين، وفي ذلك تنويه بفضلهم وبيان لعظم شرفهم.

وهذا المعنى يتأتى إذا اعتبرنا أن من اتبعك في محل الرفع عطفا على اسم الله تعالي. وأما إذا اعتبرناه في محل النصب على أنه مفعول به فيكون المعنى. كفاك وكفى أتباعك الله ناصرا، وقيل هو في موضع الجر عطفا على الضمير كما هو رأى الكوفيين فيكون المعنى: كافيك وكافيهم.

انظر: روح المعاني (10/ 30) وإرشاد العقل السليم (4/ 33 - 34) بتحقيقنا. .

ومن مثل قوله تعالي: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:110] جعل سبحانه ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى للمهاجرين والأنصار والذين جاعوا من بعدهم مستغفرين للسابقين وداعين لله أن لا يجعل في قلوهم غلا لهم فعلم أن الاستغفار لهم وطهارة القلب من الغل لهم أمير يحبه الله ويرضاه، ويثنى على فاعله، كما أنه قد أمير بذلك رسوله في قوله تعالي:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا آله إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد:19] وقال تعالي: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [آل عمران:159] ومحبة الشيء كراهة لضده- فيكون الله- سبحانه وتعالي- يكره السب لهم الذي هو ضد الاستغفار والبغض لهم الذي هو ضد الطهارة وهذا معنى قول عائشة رضي الله عنها: "أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم "

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2317 رقم 3022) وكان هذا في ذم الروافض.

وانظر "الصارم المسلول "(3/ 1070 - 1071).

ص: 854

ومفارقتهم الأهل والأوطان والأحباب والأخدان، طلبا للدين وفرارا من مساكنة الجاحدين وكم يعد العاد من هذه المناقب التي لا يتسع لها إلا مجلدات، ومن نظر في كتب السمير والحديث، عرف من ذلك ما لا يحيط به الحصر.

وإن قلت أيها الساب في هذه الأمة من الأصحاب إنك اقتديت بأئمة أهل النبيت (1)

في هذه القضية الفظيعة بم فقد حكينا لك في هذه الرسالة إجماعهم على خلاف ما أنت عليه من تلك الطرف.

وإن قلت إنك اقتديت بعلماء الحديث، أو علماء المذاهب الأربعة، أو سائر المذاهب، فلتأتنا بواحد منهم يقول. ممثل مقالتك! فهذه كتبهم قد ملأت الأرض، وأتباعهم على ظهر البسيطة أحياء، وقد اتفقت كلمة متقدميهم ومتأخريهم على أن من سب الصحابة مبتدع، وذهب بعضهم إلي فسقه وبعضهم إلي كفره (2)؛ كما حكى ذلك جماعة من علمائهم؟ منهم: ابن حجر الهيثمي [3ب] فإنه ذكر في كتابه المعروف بـ " الصواعق المحرقة "(3) أن كثيرا من الأئمة كفروا من سب الصحابة. وفي " البحر "- في كتاب

(1) قال الشوكاني في وبل الغمام على شفاء الأوام (1/ 474 - 475) بتحقيقي: "والحاصل أن من صار من أتباع أهل البيت مشغولا بسب الصحابة وثلبهم والتوجع منهم- فليس هو من مذهب أهل البيت في شيء، بل هو رافضي خارج عن مذهب جماعتهم وقد تبت إجماعها من ثلاث عشرة طريقة - كما تقدم في هذه الرسالة - أنهم لا يسبون أحدا من الصحابة الذين هم أهل السوابق والفضائل، وقد قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة: من زعم أن أحدا من آبائه يسب أحدا من الصحابة، فهو كاذب"اهـ

(2)

انظر هذه الآراء في " فتاوى السبكي "(2/ 570 - 579) وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (2/ 689) وشرح أصول الاعتقاد

(4/ 706). وشرح الشفا للقاضي عياض (2/ 522 - 523).

(3)

(1/ 128 - 152).

ص: 855

"الشهادات " في قوله: فصل: والخلاف ضروب- ما لفظه: وضرب يقتضى الفسق لا غير، كخلاف الخوارج (1) الذين يسبون عليا. والروافض (2) الذين يسبون الشيخين لجرأتهم على ما علم تحريمه قطعا. انتهى.

وإن قلت أيها الساب: إنك اقتديت بفرقة من غلاة الإمامية، فنقول: صدقت؛ فإن فيهم فرقة مخذولة تصرح بسب أكابر الصحابة، وقد أجمع على تضليلهم جميع علماء الإسلام من أهل البيت وغيرهم وهم الرافضة، الذين رويت الأحاديث في ذمهم.

(1) الخوارج: فرقه خرجت على علي رضي الله عنه، ويلقب الخوارج بالحرورية والنواصب والمارقة والشرارة والبغاة، وهم الذين يكفرون أصحاب الكبائر، ويقولون أفم مخلدون في النار، ووجوب الخروج على أئمة الجور، وهم يكفرون عثمان وعلى وطلحة والزبير وعائشة رض الله عنهم.

انظر: " فرق معاصرة " للعواجي (1/ 63 - 123). و" المقالات "(1/ 86)" الفصل في الملل والأهواء والنحل "(2/ 132).

(2)

الرافضة: يطلق على تلك الطائفة ذات الأفكار والآراء الاعتقادية الذين رفضوا خلافة الشيخين. وأكثر الصحابة، وزعموا أن الخلافة في علي وذريته من بعده بنص من النبي صلى الله عليه وسلم.

وتقول الغرابية من الروافض: إن جبريل أخطأ بالوحي، وإنما كان النبي هو على بن أبي طالب وسموا بهذا الاسم لقولهم: كان النبي صلى الله عليه وسلم أشبه بعلي من الغراب بالغراب.

ومن فضائح الروافض أن القرآن غير وبدل وخولف بين نظمه وترتيبه

"

انظر: المعتمد في أصول الدين (ص: 256)، الشفا

(2/ 302). ومن أهم المسائل الاعتقادية عندهم:-

1):قصر الخلافة على علي وذريته.

2):دعواهم عصمة الأئمة والأوصياء.

3):تدينهم بالتقية.

4):دعواهم بالمهدية.

5):دعواهم بالرجعة.

6):القول بالبداءة على الله تعالي.

انظر: " فرق معاصرة " للعواجي (1/ 163 - 167).

ص: 856

فمن جملة من روى ذلك: الإمام الأعظم الهادي يحي بن الحسين (1) عليه السلام (2) فإنه روى في كتابه " الأحكام "(3) في كتاب الطلاق، منه بسنده المتصل بآبائه الأئمة الأعلام إلي أمير المؤمنين علي عليه السلام: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " يا علي يكون في آخر الزمان فرقة لهم نبز يعرفون به، يقال لهم: الرافضة، فإذا لقيتهم، فاقتلهم، قتلهم الله، فاقتلهم فإنهم كافرون "(4) أو كما قال.

(1) تقدت ترجمته.

(2)

نجد المصنف- رحمه الله أكثر من استخدام هذه العبارة في رسالتنا هذه في مواطن عديدة. وقد تقدم التعليق على ذلك فتنبه هداك الله (ص 842).

(3)

الأحكام الجامع لقواعد دين الإسلام.

تأليف: الإمام الهادي يحيى بن الحسين الهاشمي اليمني 2980.

كتاب فقه معروف فيه شيء من الأدلة على الأحكام وعناوينه "باب القول

" وقد طبع مرارا.

مؤلفات الزيدية (1/ 80 - 81).

(4)

وتمام الحديث: " قلت: يا رسول الله ما العلامة فيهم؟ قال: يقرضونك بما ليس فيك ويطعنون على أصحاب ويشتمونهم ".

أخرجه ابن أبن أبي عاصم في " السنة " رقم (979) بإسناد ضعيف، فيه محمد بن أسعد التغلنى، قال أبو زرعة والعقيلى: منكر الحديث.

وله شاهدان:

الأول: من حديث أم سلمة أحرجه ابن أبى عاصم في السنة رقم (981) إسناده ضعيف جدا. آفته سوار بن مصعب، قال البخاري منكر الحديث وقال النسائي وغيره: متروك.

والثاني: من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه ابن أبي عاصم في السنة رقم (981) وإسناده ضعيف، فيه الحجاج بن تميم ضعيف وقال النسائي ليس بثقة. وضعفه الأزدي والعقيلى وابن عدي.

وساق الذهب في الميزان (3/ 237) هذا الحديث في ترجمة عمران بن زيد- راويه عن الحجاج- وقال: وحجاج واه.

وخلاصة القول أن ضعف الأحاديث المتقدمة شديد لا ينجبر فيبقى الحديث ضعيفا.

ص: 857

فهذا الإمام الأعظم يروي هذا الحديث عن آبائه الأئمة، حتى قيل: إنه لم يكن في كتابه " الأحكام " حديث مسلسل من أول إسناده إلي آخره إلا هذا الحديث، ذكر ذلك العلامة محمد بن الوزير (1) وغره، وفيه التصريح بكفرهم. فكيف اقتديت أيها المغرور في مثل هذه المسألة التي هي مزلة الأقدام. ممثل هذه الفرقة؟!

فكيف تزعم أنك متبع لأهل البيت وهم مخالفون للإمامية ومصرحون بشتمهم ومتوجعون من اعتقاداتهم الفاسدة؟!

ولقد بالغ المؤيد (2) بالله في ذلك، حتى صرح في كتابه المعروف (بالإفادة)(3)، بأنها لا تقبل الأخبار المروية من طريقهم، قال: لأنهم يعتقدون أن كل ما يروى عن كل من يشار إليه من أئمتهم يجوز أن يروى عن رسول الله! كل. وقد بالغ الإمام الهادي في التوجع منهم في كتبه.

فإن قلت: ومن أين لك أنهم الرافضة؟

فأقول: قال في " القاموس "(4): " الرافضة فرقة من الشيعة، بايعوا زيد بن علي، ثم قالوا: تبرأ من الشيخين، فأبى، وقال: كانا وزيري جدي، فتركوه، ورفضوه وارفضوا عنه، والنسبة رافضي

" [4أ] انتهى.

فتقرر بهذا أن الروافض من رفض ذلك الإمام لتركه لسب الشيخين، والإمامية يسبون الشيخين وجمهور الصحابة، بل وسائر المسلمين، ما عدا من كان على مثل اعتقادهم، ويسبون أيضًا زيد بن علي؟ كما يعرف ذلك من له إلمام بكتبهم.

(1) العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في " العواصم والقواصم ".

(2)

وهو أحمد بن الحسيني الهاروني الديلمي تقدمت ترجمته.

(3)

و"الإفادة" في الفقه، ويسمى (التفريعات) وهو في مجلد تولى جمعه تلميذه القاضي أبو القاسم ابن تال، وسمي في بعض المصادر "بالفائدة".

مؤلفات الزيدية (1/ 138) وأعلام المؤلفين الزيدية (ص: 101).

(4)

أي القاموس المحيط (ص: 829 - 830) مادة رفض.

ص: 858

وقال النووي في " شرح مسلم "(1) في مباحث المقدمة ما لفظه: " وسموا رافضة من الرفض وهو الترك. قال الأصمعي وغيره: لأنهم رفضوا زيد (2) بن علي وتركوه " انتهى. وهكذا صرح جماعة من العلماء بأن الرافضة هم هؤلاء، وصرح جماعة أيضًا بأن

(1)(1/ 103).

(2)

قال ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 34 - 35): إنما ظهر لفظ الرافضة لما رفضوا زيد بن على بن الحسيني في خلافة هشام وقصة زيد كانت بعد العشرين ومائه سنة إحدى وعشرين أو اثنتين ومائه.

قال أبو حاتم البسي مثل زيد بن علي بن الحسين بالكوفة سنة اثنتين وعشرين ومائه وصلب على خشبة، وكان من أفاضل أهل البيت وعلمائهم، وكانت الشيعة تنتحله.

قال ابن تيمية عقب ذلك: ومن زمن خروج زيد افترقت الشيعة إلي رافضة وزيدية فإنه لما سئل عن أبي بكر وعمر فترحم عليهم، رفضه قوم فقال لهم: رفضتموني فسموا الرافضة لرفضهم إياه. وسمي من لم يرفضه من الشيعة زيديا لا تنساهم إليه، ولما صلب كانت العباد تأتي إلي خشبته بالليل فيتعبدون عندها. .

وقال ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 39): وهم يتبرأون من جمهور هؤلاء بل من سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا نحو بضعة عثر. وكذلك هجرهم لاسم أبي بكر وعمر وعثمان ولم يتسمى بذلك حتى إنهم يكرهون معاملته ..

وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف.

وقال الشافعي: ما رأيت في أهل الأهواء قوما أشهر بالزور من الرافضة.

وقال ابن تيمية في مناهج السنة (1/ 20 - 21): ولهذا قال علماء السنة: " الرافضة من أكذب الناس في النقليات، وأجهل الناس في العقليات.

وقد دخل منهم على الدين من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد. فالنصيرية والإسماعيلية من بأنهم دخلوا، والكفار المرتدون لطريقهم وصلوا وليسوا أهل خبرة بطريق من طريق الحق ولا معرفة لهم بالأدلة وما يدخل فيها من المنع والمعارضة. وقد اعتمدوا على تواريخ منقطعة الإسناد، وكثر منها من وضع الزنادقة وذوي الإلحاد ولذا لما سئل الإمام مالك عنهم قال:" لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون ".

انظر منهاج السنة (1/ 55 - 65).

ص: 859

الرافضة هم الذين يسبون الصحابة من غير تقييد.

ويا لله العجب من هذه الفرقة! كيف تبلغ هم محبة أمير المؤمنين إلي مالا يرضاه بلى إلي ما هو على خلافه كما أسلفناه عن الإمام يحط: أن مذهب أمير المؤمنين جواز الترضية. وقد حكى الإمام عبد الله (1) بن حمزة في كتابه " الكاشف للإشكال (2) الفارق بين التشميع والاعتزال " ما لفظه: " والمسلك الثاني: أن أمير المؤمنين هو القدوة، ولم يعلم من حاله عليه السلام لعن القوم، ولا التبرؤ منهم، ولا تفسيقهم "؛ يعني: المشايخ. قال: " وهو قدوتنا، فلا نزيد على حده الذي وصل إليه، ولا ننقص شيئا؟ لأنه إمامنا وإمام المتقن، وعلى المأموم اتباع آثار إمامه، [ومقلده] (3)، فإن تعدى خالف وظلم " انتهى.

وقد حكى هذا الكلام بألفاظه السيد الهادي (4) بن إبراهيم الوزير في كتابه المعروف ب " تلقيح الألباب في شرح (5) أبيات اللباب "، وحكى في " البسامة "(6) أن عليا عليه السلام كان يترضي عليهم، فقال شعرا:

ورض عنهم كما رضي أبو حسن

أوقف عن السب إما كنت ذا حذر

وروى الإمام المهدي (7) في. . . . . . . . . .

(1) تقدمت ترجمته.

(2)

قال الحبشي (خ) جامع بأخر أمالي الإمام أحمد بن عيسى.

أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 582).

(3)

في المخطوط (ومقالد) والصواب ما أثبتناه.

(4)

تقدمت ترجمته.

(5)

تقدم التعريف به.

(6)

تقدم التعريف به.

(7)

هو أحمد بن يحيى بن المرتضى بن مفضل بن منصور الحسني اليمني عالم ففيه لمجتهد ولد سنة 775 هـ وتوفي سنة 840 هـ في بلاد الضفير (حجة) أثرى المكتبة الإسلامية. بمؤلفاته وهي عمدة المذهب الزيدي.

من مؤلفاته: من الأزهار في فقه الأئمة الأطهار.

الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار.

رياضة الأفهام في علم الكلام، والبحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار.

أعلام المؤلفين الزيدية (ص 206)، البدر الطالع (1/ 122) الأعلام (1/ 296).

ص: 860

"يواقيت (1) السير": أنه حين مات أبو بكر؛ قال علي عليه السلام: "رض الله عنك، والله لقد كنت بالناس رؤوفا رحيما "(2) انتهى.

وقد روى أئمة الحديث والسير عن أمير المؤمنين: أنه كان يترضي عن الصحابة، ويترحم عليهم، ويمدحهم ويبالغ في الثناء، وذلك أمير معروف عند أهل العلم، ولكنا اقتصرنا على نقل كلام أولئك الأئمة من أولاده، لأن روايتهم أقطع لعرق الشك، وأحسم لداء اللجاج من رواية غيرهم.

فهل يليق من يعد نفسه من شيعة أمير المؤمنين أن يخالفه هذه المخالفة، قيلعن من كان يرضي عنه ويترحم عليه؟!

وهل هذا إلا من المعاندة له عليه السلام والمخالفة [41 ب] لهديه القويم، والخروج عن الصراط المستقيم؟!

فأي خير في تشيع يفضي إلي ميل ويوقع في الهلكة كما ورد: " أنه يهلك فيك فرقتان: محب غال، ومبغض قال "(3)

(1) اسم الكتاب " يواقيت السير في شرح سيرة سيد البشر وأصحابه العشرة الغرر والأئمة المنتجين الزهر " وهو الجزء الخامس من موسوعة المؤلف " غايات الأفكار ونهايات الأنظار" يشتمل على سيرة أئمة الزيدية من الإمام علي عليه السلام إلي أئمة عصره مرتب على ثمانية كتب.

مؤلفات الزيدية (3/ 172) وأعلام المؤلفين الزيدية (ص:209).

(2)

أخرج الإمام أحمد في فضائل الصحابة رقم (122، 178) عن أبي سريحة شيخ من أحمس قال: سمعت عليا يقول: " ألا إن أبا بكر كان أواه منيب القلب، ألا وإن عمر ناصح الله فنصحه الله " بإسناد ضعيف لضعف كثير النواء.

(3)

أخرجه أبو يعلى في المسند (1/ 406 - 407 رقم 274/ 534) وعبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند (1/ 160) وابن أبي عاصم في السنة رقم (983 - 987) و (1004 - 1005) وأحمد في فضائل الصحابة رقم (951، 952، 964، 1147) والبزار رقم (2566 - كشف) والحاكم في المستدرك (12313).

والبغوي في الجعديات رقم (126) والأصبهاني في الحجة (2/ 367رقم 361) من طرق عن على.

صححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: الحكم بن عبد الملك وهاه ابن معين.

قلت: وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، وليس بقوي وقال أبو داود: منكر الحديث وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال يعقوب بن شوبة: " ضعيف الحديث جدا، له أحاديث مناكير ".

وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 133): وقال: رواه عبد الله والبزار باختصار وأبو يعلى. وفي إسناد عبد الله وأبي يعلى الحكم بن عبد الملك وهو ضعيف، وفي إسناد البزار محمد بن كثير القرشي الكوفي وهو ضعيف.

قلت: وفي بعض الطرق مرسلة لأن أبا البحتري لم يلق عليا ويرسل عنه، كما قال شعبة وأبو حاتم الرازي (المراسيل ص: 74).

وفي بعض الطرق إسنادها حسن كطريق أبي مريم

ص: 861

وفرقة الإمامية هي الفرقة التي غلت في المحبة فهلكت فمن اقتدى بهم؛ فهو من جملة الهالكين، بنصوص الأحاديث الصحيحة وتصريح علماء الدين.

فيا من يدعي أنه من أتباع الإمام زيد بن علي كيف لا تقتدي في ذلك المنهج الجلي؟!

ألا تراه رضي بمفارقة تلك الجيوش التي قامت تنصره على منابذة سلاطين الجور، ولم يسمح بالتبري من الشيخين أبي بكر وعمر؟ بل احتج على الرافضة بأنهما كانا وزيري رسول الله!، ولا شك أنه يؤلم الرجل ما يؤلم وزيره، ومن أهان الوزير، فقد أهان السلطان.

ولهذا قال المنصور (1) بالله عليه السلام في كلامه السابق، " أن من تبرأ من الصحابة فقد تبرأ من محمد صلى الله عليه وسلم.

ولقد قال الإمام المهدي (2) في .......................

(1) تقدت ترجمته.

(2)

تقدت ترجمته.

ص: 862

- وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله! ولأعملن فيها. بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ". فأبى أبو بكر أن يدفع إلي فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت. وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ....

وانظر: العواصم من القواصم (ص: 49 - 50).

ص: 863

وقد جاءت بعلي وأم أيمن، فقال: المرأة مع المرأة، أو رجل مع الرجل. قال الإمام يحط فغضبت فاطمة لذلك، وإنما طلب أبو بكر الحق فإذا غضبت لأجله؟ فالحق أغضبها ". هذا كلام الإمام يحي بن (1) حمزة في ذلك الكتاب، وقد حكاه أيضًا السيد الهادي (2) ابن الوزير في كتابه المعروف ب " فأية التنويه: (3) في إزهاق التمويه ".

فانظر كيف صوب هذا الإمام أبا بكر في حكمه، ولو كان كير عدل عنده، لكان حكمه باطلا، سواء وافق الحق أو خالفه، لأن العدالة شرط في صحة الحكم.

وقال محمد بن المنصور بالله من قصيدة يفتخر ها على قحطان:

ومنا أبو بكر وصاحبه الذي

على السنن الغر الكريمة يغضب

ولو كان أبو بكر وعمر عند هذا السيد الجليل من الظلمة المتغلبين لما افتخر هما، والوصف بالغضب على السنن الغر الكريمة من آداب المتقن المناصرين لها.

ويا من [5أ] يدعى أنه من أتباع الإمام الهادي ير بن الحسين! هلا سلكت مسلكه، ومشيت على سنن مذهبه، فتوقف كما صح عنه التوقف. بما أسلفناه من حكاية الإمام الأجل يحط بن حمزة عنه!

(1) تقدمت ترجمته.

(2)

تقدمت ترجمته.

(3)

قصيدة قيمة نظمها الشارح نفسه في اثنين وسبعين بيتا سأل فيها عن عدة أشياء من المذهب الزيدي حول بعض الصحابة والأئمة التي يقول في أولها:

أقاويل غي في الزمان نواجم

وأوهام جهل بالضلال هواجم

وهذا الشرح يقع في عشرة مسائل:

انظرها في مؤلفات الزيدية (3/ 133) والبدر الطالع رقم (561).

ص: 864

وهلا عملت بكلامه الذي صرح به عليه السلام في كتابه الذي كتبه من المدينة جوابا على أهل صنعاء، قال فيه ما لفظه:"ولا ابغض أحدا من الصحابة رضي الله عنهم الصادقين، والتابعين لهم بإحسان المؤمنين منهم والمؤمنات، أتولى جميع من هاجر، ومن آوى منهم ونصر، فمن سب مؤمنا عندي استحلالا، فقد كفر، ومن سبه استحراما، فقد ضل عندي وفسق: ولا أسب إلا من نقض العهد والعزيمة، وفي كل وقت له هزيمة، من الذين بالنفاق تفردوا، وعلى الرسول مرة بعد مرة تمردوا، وعلى بيته اجتروا فطعنوا، وإني أستغفر الله لأمهات المؤمنين، اللاتي خرجن من الدنيا على يفين، وأجعل لعنة على من تناولهن. مما لا يستحققن من سائر الناس أجمعين " انتهى كلامه.

فأنت أيها الساب المدعى أنك من أتباع هذا الإمام بصريح كلامه هذا إما كافر أو ضال فاسق، وهذا الذي صرح به عليه السلام هو مذهب أتباعه من الهادوية إلي الآن.

قال ابن مظفر (1) في " النبيان "(2) - مدرسا لهادوية هذه الأزمان ما لفظه:

مسألة: قال الإمام يحيى: ولا يصح الائتمام بفاسق التأويل، ولا بمن يفسق الصحابة الذين تقدموا عليا عليه السلام " انتهى. ولم يحك خلافا لأحد.

(1) ير بن أحمد بن علي بن مظفر القاضي، عماد الدين من علماء الزيدية عالم مجتهد اخذ عن علماء عصره قرأ على الإمام المهدي أحمد بن يحي بن المرتضى.

توفي سنة 875 هـ في قرية حمدة من قبيلة عيال سريح.

من مصنفاته: النبيان الشافي المنتزع من البرهان الكافي.

الجامع المفيد إلي طاعة الحميد المجيد.

أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 1092) 0 الأعلام (8/ 136).

(2)

" النبيان الشافي المنتزع من البرهان الكافي ".

في مجلدين كبيرين وهو معتمد كثير من علماء الزيدية في الفقه وهو يجمع باختصار في كل مسألة آراء الأئمة وعلماء المذهب بالإضافة إلي ما يؤدي إليه اجتهاد المؤلف ونظره.

مؤلفات الزيدية (1/ 224)

ص: 865

قال في " البستان "(1): " قال عليه السلام يعني: الإمام يحي-: لا من يفسق الصحابة، فهو فاسق تأويل، لأنه اعتقد ذلك لشبهة طرأت عليه، وهو تقدمهم على أمير المؤمنين، فلا تصح الصلاة خلف من يسبهم لأنه جرأة على الله، واعتداء عليهم، مع القطع بتقدم إيمانهم، واختصاصهم بالصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والفضائل الجمة، وكثرة الثناء عليهم من الله سبحانه ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر الأئمة وعلماء الأمة، ولا دليل قاطع على كفرهم ولا فسقهم، فأما مطلق الخطأ، فهو- وإن قطع به- لا يكون كفرا ولا فسقا، إذ لا بد فيهما من دليل قطعي شرعي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمنكم ذو جرأة لي دينه " (2)، وأي جرأة أعظم من اعتقاد هلاك من له الفضل والسبق إلي الإسلام

(1) البستان في شرح البيان.

تأليف: القاضي محمد بن أحمد المظفر الحمدي 925.

شرح على كتاب " النبيان لشافي المنتزع من البرهان " لجده يحي بن أحمد الحميدي فذكر فيه أدلة المذاهب ووجه المسألة وعلتها.

اسمه الكامل " البستان الجامع للفواكه الحسان المثمر للياقوت والمرجان الناطق بحجج النبيان من السنة والقرآن.

مؤلفات الزيدية (1/ 207).

(2)

قال القاضي حسين في " شفاء الأوام "(1/ 335): (خبر) وعن على عليه السلام قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم إلي بني مجمم ذكره القاضي زيد وهو الذي ذكره في " المنتخب " وروى المؤيد بالله مجمم فقال: " من يؤمكم؟ فقالوا فلان، قال: لا يؤمكم ذو جرأة في دينه " ورواية المؤيد بالله ذو جرأة في دينه اهـ.

وقال محمد بن يحي بهران الصعدي في كتاب "جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار "(1/ 312): (قوله) لا يؤمنكم الخ.

روى عن على عليه السلام أنه قال: " أتى النبي صلى الله عليه وسلم إلي بني مجمم، يحمحم فقال: من يؤمكم؟

قالوا فلان. قال: لا يؤمكم ذو جرأة في دينه ".

وقال: حكاه في الشفاء.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار (3/ 163) عن هدا الحديث قد ثبت في كتب جماعة من أئمة أهل البيت: كأحمد بن عيسى والمؤيد بالله، وأبي طالب وأحمد ابن سليمان والأمير الحسين وغرهم عن على مرفوعا. وقد ضعفه الصنعاني في سبل السلام (3/ 99بتحفيقى) ط 1.

ص: 866

والهجرة [5ب]، وإحراز الفضل والمراتب العلية، والإنفاق في الجهاد، وبذل النفوس والأموال لله ولرسوله، وقد قال صلى الله عليه وسلم " لو أنفق أحدكم مثل احد ذهبا ما بلغ مد أحدهم "(1) فنعوذ بالله من الجهل والخذلان " انتهى بلفظه.

وقال المنصور بالله في كتابه " الكاشف للإشكال الفارق بين التشيع والاعتزال " ما لفظه: " إن القيوم - يعني: الصحابة - لهم حسنات عظيمة،. بمشايعة النبي صلى الله عليه وسلم، ونصرته، والقيام دونه، والرمي من وراء حوزته، ومعاداة الأهل والأقارب في نصرة الدين، وسبقهم إلي الحق، وحضور المشاهد التي تزيغ فيها الأبصار، وتبلغ القلوب الحناجر. . . " إلي آخر كلامه.

وعلى الجملة:

إنه إذا لم يقنع المتبع لأهل البيت. مما أسلفناه من إجماعاتهم ونصوصهم؛ فهو إما جاهل لا يفهم ما يخاطب به ولا يدري ما هو العلم، وإما مكابر قد أعمى التعصب بصر بصيرته، واستحوذ عليه الشيطان، فماده بزمام الغي والطغيان، إلي هذه المصيبة التي هي مهلكة الأديان، بإجماع حملة السنة والقرآن، وكلا الرجلين لا ينفعه التطويل والاستكثار، من نقل نصوص الأئمة، ومن صرائح الأدلة، فلنقتصر على هذا المقدار، فإن لم ينتفع به، لم ينتفع بأكثر منه (2)

(1) تقدم تخريجه.

(2)

وقد ذكر الشوكاني في كتابه أدب الطلب منتهى الأرب (ص: 40 - 41) بتحقيقي أثر هذه الرسالة التي بين أيدينا فقال: " وظننت أن نقل إجماع أهل العلم يرفع عنهم العماية. ويردهم عن طرق الغواية. فقاموا بأجمعهم، حرروا جوابات زيادة على عشرين رسالة مشتملة على الشتم والمعارضة. مما لا ينفق إلا على بهيمة، واشتغلوا بتحرير ذلك وأشاعوه بين العامة ولم يجدوا عن الخاصة إلا الموافقة، تقية لشرهم، وفرارا من معرتهم، وزاد الشر وتفاقم، حتى أبلغوا ذلك إلي أرباب الدولة، والمخالطين للملوك من الوزراء وغيرهم، وأبلغوه إلي مقام خليفة العصر- المنصور على بن العباسي- حفظه الله وعظم القضية عليه جمعة ممن يتصل به، فمنهم من يشير عليه بحبسي، ومنهم من ينتصح له بإخراجي من مواطن

".

ص: 867

فالعاقل المراعى لحفظ دينه، إذا لم يعمل. مما ورد في الصحابة الراشدين من نصوص القرآن والسنة القاضية بأنهم أفضل من غيرهم من جميع الوجوه [وأن بين طبقتهم وطبقة من بعدهم من الأمة كما بين السماء والأرض فأقل الأحوال](1) أن ينزلهم منزلة سائر المسلمين.

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أن: " قتال المسلم كفر، وسبابه فسوق "(2).

وثبت عنه في الصحيحين (3) أن: " لعن المؤمن كقتله ". وثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم في صحيح مسلم (4) أنه: " لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة ".

وفي سنن أبي داود (5) أنه قال: " إن العبد إذا لعن شيئا؛ صعدت اللعنة إلي السماء،

(1) زيادة في المخطوط [ب أ]

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (4044) ومسلم رقم (64) من حديث عبد الله بن مسعود. وأخرج النسائي (7/ 121) من حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قتال المسلم كفر وسبابه فسق ". وهو حديث صحيح. .

سباب المسلم فسوق وقتاله كفر: قيل هذا محمول على من سب مسلما أو قاتله من غير تأويل.

وقيل: إنما قال ذلك على جهة التغليظ، لا أن قتاله كفر يخرج عن الملة. جامع الأصول (10/ 68).

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6652) ومسلم وصحيحه رقم (110) من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه. مرفوعا.

(4)

رقم (2598).

قلت: وأخرجه أحمد في المسند (44816) وأبو داود رقم (4907) والبخاري في " الأدب المفرد " رقم (316) والحاكم في المستدرك (1/ 48) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا. وهو حديث صحيح.

(5)

رقم (4905) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعًا.

وله شواهد انظر في الصحيحة رقم (1269).

والخلاصة أن الحديث صحيح.

ص: 868

فتغلق أبوابها [دونها، ثم تهبط إلي الأرض فتغلق أبواها دونها (1)] ثم تأخذ يمينا وكالا، فماذا لم تجد مساغا؛ رجعت إلي الذي لعن، فمان كمان أهلا لذلك، وإلا رجعت إلي قائلها ".

وفي، مسند أحمد (2) وصحيح البخاري (3) وسنن النسائي (4)،: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسبوا الأموات؛ فأنهم أفضوا إلي مما قدموا ". وفي حديث آخر رواه أحمد (5) والنسائي (6): " لا تسبوا أمواتنا، فتؤذوا أحياءنا ". [6أ]

وفي صحيح مسلم (7) وسنن أبي داود (8) والترمذي (9) والنسائي (10): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتدرون ما الغيبة؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:" ذكرك أخاك بما يكره ". قال: [أرأيت](11) إن كان في أخي ما أقول؟ قال: " إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما لقول فقد بهته ".

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من [أ. ب] واستدركته من سنن أبي داود.

(2)

(180/ 6).

(3)

رقم (1393 ورقم 6516).

(4)

(53/ 4) كلهم من حديت عائشة وهو حديث صحيح.

(5)

في المسند (252/ 4)

(6)

في السنن (33/ 8) بسند حسن.

قلت: وأخرجه الترمذي رقم (1982) والطبراني في الكبير رقم (1013).

وابن حبان رقم (1987 - موارد) كلهم من حديث المغيرة بن شعبة مرفوعا.

وهو حديث صحيح.

(7)

رقم (2589).

(8)

رقم (4874).

(9)

في السنن رقم (1934).

(10)

في السنن الكبرى- كتاب التفسير رقم (538).

(11)

ما بين المعكوفتين سقط من [أ. ب] واستدركته من مصادر الحديث.

ص: 869

قال الترمذي (1): " حديث حسن صحيح ".

وفي " سنن أبي داود (2) والترمذي (3) قلت: (4): أن عائشة ذكرت صفية، فقالت: أنها قصيرة فقال عليه الصلاة والسلام: " كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته".

وفي سنن أبي داود (5): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لما عرج بي مررت على أقوام لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟! فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ". والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وهي متناولة للأموات تناولا أوليا، وبعضها نص في الأموات.

تنبيه:

ربما قال من يطلع على ما سقناه من الروايات القاضية بإجماع أهل البيت على عدم سب الصحابة: أنه قد وجد في مؤ! ف! لفرد من أفرادهم ما يشعر بالسب.

(1) في السنن (4/ 329).

قلت: وقد أخرجه أحمد في المسند (2/ 458،386،384،230). والبغوي في " شرح السنة ". (13/ 138 - 139) والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 247) كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وهو حديث صحيح.

(2)

رقم (4875).

(3)

في السنن رقم (2502).

(4)

وأخرجه أحمد (6/ 206،189،136) وأبو نعيم في أخبار أصفهان (2/ 278) كلهم من حديث عائشة رضي الله عنها.

وهو حديث صحيح.

(5)

رقم (4878).

قلت: وأخرجه أحمد في المسند (3/ 224) كلاهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا وهو حديث صحيح انظر الصحيحة رقم (533).

ص: 870

فنقول له - إن كان ممن بعقل الخطاب -: هذا الفرد الذي تدعي انه وجد في مؤلفه ما يشعر بالسب، إن كان عصره متقدما على عصر الأئمة الذين روينا عنهم إجماع أهل البيت فمن البعيد أن يحكوا الإجماع عن جميعهم، وثم فرد يخالفهم، للقطع بأنهم أخبر من غيرهم بعلم بعضهم بعضا، فدعواهم الإجماع من دون استثناء مشعر بعدم صحة ما وجد عن ذلك الفرد، فالمتوجه عليك وعلينا اعتقاد أن ذلك الموجود مدسوس [في ذلك المؤلف من بعض أهل الرفض لأن إثبات كونه من كلام المؤلف له](1) يخالف ما حكاه الأئمة من أهله المختبرين. بمذهبه.

وإن كان ذلك الفرد عصره متأخرا عن عصر الأئمة الذين حكوا الإجماع عن أهل البيت؛ فكلامه مردود؛ لأنه خالف إجماع آبائه، وشذ عن طريقتهم ومضى في غير منهجهم القويم، وسلك في غير صراطهم المستقيم، وما كان هذه المثابة فلا ينبغي لأحد أن يعمل به، ولا يحل لمؤمن أن يتمسك به في معارضة إجماع المتقدمين والمتأخرين من العترة المطهرة.

ومع هذا، فمسألة السب وما يترتب عليها من التكفير والتفسيق من المسائل المط لا يجوز التقليد فيها [6ب] عند أهل البيت، كما صرحت به مطولات كتبهم ومختصراتها، فعلى فرض أنه قد صرح فرد من أفراد العلماء من أهل البيت أو من غيرهم بجواز السب، لا يجوز لأحد أن يقلد في ذلك؛ لأن التقليد في المسائل الفرعية العملية، لا في المسائل العلمية، ولا فيما يترتب عليها، فمن رام اتباع الشيطان في سب أهل الإيمان؟ فليقف حتى يجتهد في المسألة، ثم يعمل. مما رجح له، ولا يخالف كتاب الله وسنة رسوله، وإجماع المسلمين من أهل البيت وغيرهم، وهو موثق بربقة التقليد، قاصر الباع، حقير الاطلاع، لا يعقل الأدلة ولا يعرف الحجج.

(1) ما بين المعكوفتين زيادة من المخطوط [ب].

ص: 871

* خاتمة:

ربما تجاوز بعض جهال الشيعة من أهل عصرنا سب الصحابة فيحكم على من لم يسب بأنه ناصبي (1)!!

وهذه قضية أشد من قضية السب؛ لأن ذلك الجاهل حكم على أهل بيت رسول الله أجمع، وعلى جميع العلماء من السلف والخلف بالنصب، والناصبي كافر، فيستلزم هذا الحكم تكفير جميع المسلمين وليس بعد هذا الخذلان خذلان، ولا أشنع من هذه الخصلة التي تبكى لها عيون الإسلام، ويضحك لمثلها ثغر الكفران! وما درى هذا المخذول أن من كفر مسلما واحدا؟ صار كافرا بنصوص (2) السنة المطهرة، فكيف. ممن كفر جميع المسلمين؟!

فيالله العجب من رجل يبلغ به جهله الفظيع إلي الكفر المضاعف، نسأل الله السلامة!!

وإنما قلنا: إن الناصبي كافر: لما تقرر في كتب اللغة وغيرها:

أن النصب بغض أمير المؤمنين عليه السلام.

قال في " القاموس "(3) ما لفظه: " النواصب والناصبية وأهل النصب: المتدينون

(1) النواصب: جمع ناصب وناصبي وهو الغالي في بغض على بن أبي طالب وهي من أسماء الخوارج وعوا بذلك لمبالغتهم في نصب العداء لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. "

فرق معاصرة " غالب بن علي عواجي (1/ 69) الملل والمحل (1/ 131) للشهرستاني.

(2)

من مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يرمي رجلا بالفسوق والكفر إلا ارتد عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك "، أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6045،3508) ومسلم رقم (61) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.

وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (60) من حديث ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما أمرئ قال لأخيه: يا كافر. فقد باء ها أحدها. إن ط ن كما قال. وإلا رجعت عليه ".

وأخرج البخاري في صحيحه رقم (6104) ومسلم رقم (111/ 60) من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما ".

(3)

(ص 176 - 177).

ص: 872

ببغضة علي رضي الله عنه، لأهم نصبوا له؛ أي: عادوه " انتهى.

وإذا ثبت أن الناصبي من يبغض عليا عليه السلام؛ فقد ثبت بالأحاديث الصحيحة الصريحة في كتب الحديث المعتمدة أن بغضه - كرم الله وجهه - نفاق وكفر:

فمن ذلك ما رواه مسلم في " صحيحه "(1)، وابن أبي شيبة (2)، والحميدي (3)، وأحمد (4)، والترمذي (5)، والنسائي (6)، وابن ماجه (7)، وابن حبان (8)، وأبو نعيم في "الحلية "(9)، وابن أبي عاصم (10)؛ عن علي عليه السلام: أنه قال: " والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي: أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق "[7أ].

وأخرج نحوه: الترمذي (11)، وعبد الله بن أحمد في " زيادات المسند "(12) عن أم

(1) رقم (78).

(2)

في المصنف (12/ 56).

(3)

في المسند رقم (58).

(4)

في المسند (1/ 128،95،84) وفي فصائل الصحابة رقم (1102،1059،961،948).

(5)

في السنن رقم (3736).

(6)

في السنن (8/ 117،115) وخصائص على رقم (100 - 102).

(7)

في السنن رقم (114).

(8)

في صحيحه رقم (6885).

(9)

(4/ 85).

(10)

في السنة رقم (1325). كلهم من حديث علي بن أبي طالب.

وهو حديث صحيح.

(11)

في السنن (5/ 635).

(12)

(6/ 292). قلت: وأخرجه أبو يعلى في المسند رقم (6931،6904) والطبراني في الكبير (23/ رقم 885 - 886). كلهم من طريق مساور الحميري عن أمه عن أم سلمه قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن بسند ضعيف لجهالة مساور وأمه لكن الحديث صحيح لغيره."

ص: 873

سلمة والديلمي (1) عن ابن عباس والخطيب في "تاريخه"(2) عن أنس.

وثبت أن: "من أبغض عليا، فقد أبغض الله ورسوله"، وبغض الله ورسوله كفر.

فمن ذلك ما رواه: الطبراني (3)، وابن عساكر، عن عمار بن ياسر. والدارقطني، والحاكم في "مستدركه "، والخطيب، عن علي (4) كرم الله وجهه. والطبراني (5) عن أبي رافع.

(1) في الفردوس (5/ 319 رقم 8313) بسند واه وفي بعض ألفاظه نكارة.

(2)

(9/ 345) مطولاً وفيه: "لا يحبكم إلا مؤمن تقي، ولا يبغضكم إلا منافق شقي".

وقال الخطيب عقبه: " هذا الحديث منكر جدا لا أعلم رواه هذا الإسناد إلا ضرار بن سهل وعنه الغباغي وهما جميعا مجهولان".

(3)

كما في مجمع الزوائد (9/ 108 - 109) وقال الهيثمي: "رواه الطبراني بإسنادين أحسب فيهما جماعة ضعفاء وقد وثقوا".

وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2126).

وقال ابن عدي: "ولمحمد بن عبيد الله غير ما ذكرت من الحديث وهو كوفي ويروي عنه الكوفيون، وغيرهم. وهو في عداد شيعة أهل الكوفة، ويروي من الفضائل أشياء لا يتابع عليها ".

وأورد المقدسي الحديث في ذخيرة الحفاظ (2/ 1019 رقم 2141) وقال: ومحمد بن عبيد الله ليس بشيء.

وخلاصته القول أن الحديث ضعيف جدا.

(4)

أخرج أبو يعلى في المسند (1/ 402 - 403 رقم 268/ 528) عن علي رضي الله عنه قال طلبني رسول الله صلى الله عليه وسلم: فوجدني في جدول نائما فقال قم .... وفيه ومن مات يحبك بعد موتك ختم له الله بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت، ومن مات يبغضك مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الإسلام" إسناده ضعيف.

وأورده الهيثمي في "المجمع"(9/ 121 - 122) وقال: "رواه أبو يعلي وفيه زكريا الصهباني وهو ضعيف".

(5)

أخرجه البزار رقم (2559 - كشف) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 129)، وقال: رواه البزار وفيه رجال وثقوا على ضعفهم.

ص: 874

وأخرجه ابن عساكر عن عمرو (1) .. وقال: " إسناد رجاله مشاهير؛ غير أبي عيسى المعروف ببلبل؛ فإنه غير مشهور ".

وأخرجه أيضًا ابن النجار عن ابن عباس (2).

وفي الباب أحاديث كثيرة من طرق عن جماعة من الصحابة.

وفي هذا المقدار كفاية؛ فإن به يثبت أن الناصبي كافر، وأن من قال لرجل: يا

(1) أخرجه أحمد في المسند (3/ 483) وفي فضائل الصحابة رقم (981) والبراز رقم (561 - كشف) وابن حبان في صحيحة رقم (2202 - موارد) من حديث عمرو بن شاش الأسلمى وفيه: " من آذى عليا فقد آذاني " وإسناد ضعيف ومنقطع.

(2)

أخرجه الحاكم في " المستدرك "(3/ 128). والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 41) وابن الجوزي في " العلل المتناهية " رقم (348) والطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (9/ 133) من حديث ابن عباس بلفظ " يا علي أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله والويل لمن أبغضك بعدي ".

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة، وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح، وتعقبه الذهبي في " التلخيص " فقال: وهذا وإن كان رواته ثقات فهو منكر ليس ببعيد من الوضع وإلا لأي شيء حدث به عبد الرزاق سرا ولم يجرؤ أن يتفوه به لأحمد وابن معين، والخلق الذين رحلوا إليه، وأبو الأزهر ثقة ذكر انه رافق عبد الرزاق من قرية له إلي صنعاء قال فلما ودعته قال وجب حقك علي وأنا أحدثك بحديث لم يسمعه مني غيرك. فحدثني بهذا الحديث لفظا.

وقال ابن الجوزي في العلل (1/ 222): " لا يصح عن رسول صلى الله عليه وسلم ومعناه صحيح فالويل لمن تكلف في وضعه إذ لا فائدة في ذلك.

ثم روى بسنده عن أبي حامد الشرفي أنه سئل عن هذا الحديث فقال: باطل والسبب فيه أن سرا كان له ابن أخ رافضيا يمكنه من كتبه فأدخل عليه الحديث هذا، وكان سر مهيبا لا يقدر عليه أحد في السؤال والمراجعة ".

قلت: والخلاصة أن علة الحديث ما ذكر، وأن الحمل فيه ليس على أبي الأزهر ومما يدل عليه متابعة محمد بن علي النجار له كما عند الخطيب في " تاريخ بغداد "(2/ 42).

ص: 875

ناصبي! فكأنه قال: له يا كافر! ومن كفر مسلما كفر كما تقدم وقد أحسن من قال:

علي يظنون بي بغضه

فهلا سوى الكفر ظنوه بي

وقد أراح الله سبحانه وتعالي من النواصب - وهم الخوارج ومن سلك مسلكهم - فلم يبق منهم أحد، إلا شرذمة يسيرة بعمان، وطائفة حقيرة بأطراف آلهند؟ يقال لهم: الإباضية (1). فليحذر المتحفظ من إطلاق مثل هذه اللفظة على أحد من أهل الإسلام غير هؤلاء؟ فإنه. بمجرد ذلك الإطلاق يخرج عن الإسلام، وهذا ما لا يفعله عاقل بنفسه.

ما يبلغ الأعداء من جاهل

ما يبلغ الجاهل من نفسه

ومن العجائب أنا سمعنا من جهال عصرنا من يطلق اسم النصب على من قرأ في كتب الحديث، بل على من قرأ في سائر علوم الاجتهاد! ويطلقونه أيضًا على أئمة الحديث! وأهل المذاهب الأربعة!

وهذه مصيبة مهلكة لدين من تساهل في ذلك، ولا يكون إلا أحد رجلين: إما جاهل لا يدري ما هو النصب؟ ولا ما هو الناصبي؟ أو غير مبال بهلاك دينه، ومن كان هذه المنزلة، لا ينتفع. ممثل هذا النصح الذي أودعناه هذه الرسالة، وليس علينا إلا القيام بعهدة النبيان للناس الذي [7ب] وجبه الله ورسوله علينا ليهلك من هلك عن بينة.

(1) الأباضية: إحدى الفرق الأربع الكبرى من فرق الخوارج وهى الأزارقة، والنجدات، والصفرية، والأباضية.

وحميت (الأباضية) نسبة إلي عبد الله بن أباض أحد بنى مرة من بني تميم وهو من زعماء الخوارج ويوافقهم في غالب أصولهم المعروفة في زمانه، خارجا عن جماعه المسلمين وعلى ألمتهم، منابذا للأئمة العداء كما كان ناقما على عثمان بن عفان وعلى رضي الله عنه.

وأشهر مسألة اختلفوا فيها مع غيرهم من فرق الخوارج بعد أن فارقوا ابن الزبير حيث لم يبرأ من عثمان رضي الله عنه.

[انظر مقالات الإسلاميين (1/ 207) وفرق معاصرة للعواجي (1/ 78)].

ص: 876

اللهم أرشد الخاص من عبادك والعام، واسلك بنا سبل السلام إلي دار السلام. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.

تم نقل هذه الرسالة الكريمة من خط مؤلفها شيخ الإسلام الحافظ العلامة محمد بن علي الشوكاني رحمه الله، الموجودة في مكتبه الجامع الكبير بصنعاء والحمد لله رب العالمين.

بتاريخ 29 شهر محرم الحرام سنة 1458 بخط المفتقر إلي رحمة الله محمد بن علي المنصور وفقه الله.] (1)

[انتهى منقول من خط مؤلفه القاضي العلامة القدوة إمام السنة النبوية، قامع البدعة الغوية محيي معالم الدين حافظ سنة سيد المرسلين: محمد بن علي بن محمد الشوكاني جعله الله قرة عين للمسلين، وأحيا بعلومه ما اندرس منها بحق سيد المرسلين آمن اللهم أمين. إنه جواد كريم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه الأكرمين](2).

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من المخطوط (أ).

(2)

ما بين المعقوفتين زيادة من المخطوط (ب).

ص: 877