الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(152)
49/ 2
مناقشة من القاضي العلامة محمد بن أحمد مشحم رحمه الله للبحث السابق (العين المسروقة) وهو السائل
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
وصف المخطوط:
1 -
عنوان الرسالة من المخطوط: مناقشة من القاضي العلامة محمد بن أحمد مشحم رحمه الله للبحث السابق (العين المسروقة) وهو السائل.
2 -
موضوع الرسالة: " فقه ".
3 -
أول الرسالة: الحمد لله تعالى وصلى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله. أشكل على الفقير أسير التقصير من هذا الجواب
4 -
آخر الرسالة: وقضت به العقول أولى بالترجيح، وأحق بالقبول لدى النظر الصحيح والله تعالى أعلم.
5 -
نوع الخط: خط نسخي مقبول.
6 -
عدد الصفحات: 3 صفحات.
7 -
عدد الأسطر في الصفحة: 23 سطرًا.
8 -
عدد الكلمات في السطر: 11 كلمة.
9 -
الرسالة من المجلد الثاني من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.
الحمد لله تعالى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله.
أشكل على الفقير أسير التقصير من هذا الجواب المفيد حمل الحديثين على الإطلاق والتقييد، فرأيت أن أكتب ما على البال مذيلا به السؤال معروضًا على المجيب - نفع الله بعلومه المسلمين - وليس القصد به إلا استفادة الحق منه، لا تصوير الباطل بصورة اليقين.
فأقول فيه أبحاث:
الأول: حمل المطلق على المقيد لا يتم إلا فيما اتحد حكمهما (1)، نحو إن ظاهرت
(1) في حالة اتحاد الحكم يقع الكلام في المطلق والمقيد على ستة أقسام:
1 -
أن يكون السبب واحد وكل منهما أمر: نحو أعتقوا رقبة. ثم قال: أعتقوا رقبة مؤمنة، وهذا لا خلاف في أن المطلق فيه محمول على المقيد.
2 -
أن يكون كل واحد من المطلق والمقيد نهيًا نحو أن تقول: لا تعتق رقبة ثم تقول: ولا تعتق رقبة كافرة فمن يقول بمفهوم الخطاب يلزمه أن يخصص النهي العام بالكفارة؛ لأن النهي الثاني عنده يدل على إجزاء من ليست كافرة.
3 -
أن يكون أحدهما أمرًا والآخر نهيًا. نحو أعتق رقبة، ولا تعتق رقبة كافرة أو العكس: وهذا لا خلاف في حمل المطلق فيه على المقيد وتقييده به.
4 -
أن يكون كل واحد منهما أمرًا ولكن السبب مختلف، نحو قوله تعالى في كفارة الظهار:{فتحرير رقبة} وفي كفارة القتل: {فتحرير رقبة مؤمنة} وهذا محل النزاع في هذه المسألة.
5 -
أن يكون كل واحد منهما نهيًا والسبب مختلف نحو. لا تعتق رقبة في كفارة الظهار، ولا تعتق رقبة كافرة في كفارة القتل، فالقائل بالمفهوم وتقييد المطلق بالمقيد إن وجد دليل يلزمه تخصيص النهي العام بالكافرة.
6 -
أن يكون أحدهما أمرًا والآخر نهيًا والسبب مختلف نحو: أعتق رقبة في كفارة الظهار ولا تعتق رقبة كافرة في كفارة القتل أو العكس نحو لا تعتق رقبة في كفارة الظهار ثم يقول أعتق رقبة مسلمة في كفارة القتل وحكمهما واحد.
انظر: " الكوكب المنير "(3/ 395 - 408)، " اللمع "(ص24)، " إرشاد الفحول "(542 - 543).
فأعتق رقبة، إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة، فإن رقبة في الأولى مطلقة، وقد قيدت في الثاني بمؤمنة، فيحمل الإطلاق على التقييد، ويكون الواجب حينئذ رقبة مؤمنة، ومن ثمة اختلفوا فيما إذا تأخر المقيد، هل هو ناسخ للمطلق، أو بيان له؟ وذلك لا يكون إلا مع اتحاد الحكمين. وأما إذا اختلف (1) حكمهما فإنه لا يحمل المطلق على المقيد ضرورة تحالف الحكمين.
فإذا قيل: إذا وجدت عالمًا فاكسه، وقيل: إذا وجدت عالمًا تميميًّا فأعطه دينارًا، فإنه وإن كان العالم مطلقًا في التركيب الأول، ومقيدًا في التركيب الثاني لا يحمل المطلق على المقيد؛ لأن الحكم في المطلق الأمر بالكسوة، وفي المقيد الأمر بإعطاء دينار، فيجري كل واحد منهما على حكمه، فيكسى العالم ولا يعطى دينارًا إلا بقيد كونه تميميًّا (2).
وما نحن فيه من هذا القبيل، فإن الحكم في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:" إذا سرق له متاع، أو ضاع فوجده بعينه عند رجل، فهو أحق به، ويتبع البيع من باعه، أو يرجع المشتري على البائع بالثمن "(3) يخالف الحكم في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إذا وجد السرقة بعينها في يد الرجل غير المتهم، فإن شاء أخذها بما اشتراها، وإن شاء اتبع سارقه "(4) فلا يحمل المطلق على المقيد لتخالف حكمهما.
نعم. قد يحمل المطلق على المقيد مع اختلاف حكمهما إذا كان المطلق مترتبًا على المقيد، نحو: إن ظاهرت فأعتق رقبة، ولا تملك إلا رقبة مؤمنة؛ فإن حكم المطلق غير حكم المقيد لكنه لترتب حكم المطلق، وهو العتق على حكم المقيد وهو الملك يحمل
(1) إذا اختلفا في الحكم، فلا خلاف في أنه لا يحمل أحدهما على الآخر بوجه من الوجوه سواء كانا مثبتين أو منفيين أو مختلفين اتحد سببهما أو اختلف وقد حكى الإجماع جماعة من المحققين.
انظر: " اللمع "(ص280)، " القواعد والفوائد الأصولية "(ص280).
(2)
ذكره الشوكاني في " إرشاد الفحول "(545 - 546).
(3)
تقدم تخريجه في الرسالة رقم (151).
(4)
تقدم تخريجه في الرسالة رقم (151).
المطلق على المقيد [1أ]، فلا يعتق إذًا إلا رقبة مؤمنة.
الثاني: إن حمل المطلق على المقيد فيه جمع بين الدليلين، بمعنى أنهما يصيران كالدليل الواحد، ولهذا قالوا إن من عمل بالمقيد فقد عمل بالمطلق، لكونه في ضمنه، وخرج عن العهدة، بخلاف من عمل بالمطلق، فإنه قد أهدر القيد.
وهذا الذي قرره المجيب -دامت إفادته - ليس فيه إلا أن المقيد بقي على حالته، والمطلق حمل على ضد المقيد، وذلك أنه قال - دامت إفادته -: ووجه عدم المعارضة أن لفظ رجل هاهنا مطلق، يعني في رواية سمرة، والرواية الأولى تقيده؛ لأن فيها التفصيل بين المتهم وغيره، وذكر حكم الوجود من السرقة في يد أحدهما وحكم الموجود في يد الآخر مفهومًا، فيحمل هذا المطلق على ذلك المقيد، ويكون هذا الرجل هو المتهم، فاندفع التعارض بينهما من هذه الحيثية.
انتهى ما قاله - دامت إفادته - فأنت ترى كيف حمل المطلق على ضد المقيد، فإن المقيد هو الرجل غير المتهم لا المتهم، وهذا شيء غير حمل المطلق على المقيد.
وخلاصته أن حديث أسيد المقيد بكون الرجل غير متهم قد قيد إطلاق رجل الذي في حديث سمرة الصالح للمتهم وغير المتهم، فيعمل بحديث أسيد في غير المتهم، وبحديث سمرة فيما بقي، وهذا أشبه شيء بتخصيص العام. (1)
الثالث: أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم- في حديث سمرة: " إذا سرق من الرجل متاع، أو ضاع منه، فوجده بيد رجل فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن "(2). وهكذا الرواية الأولى لا يستقيم إلا في الرجل غير المتهم، لأن من كان هو المتهم بالسرقة لا يقال فيه: إنه يرجع المشتري بالثمن، وهذا يفيد أنه وإن كان رجل في حديث سمرة مطلقًا، أي غير موصوف لفظًا، فإنه مقيد معنى، فإن حكم النبي
(1) انظر " إرشاد الفحول "(ص 544 - 546).
(2)
تقدم تخريجه.
- صلى الله عليه وآله وسلم برجوعه بالثمن يفيد أنه غير المتهم [1ب]، لأنه لو كان هو المتهم؛ لكان الحكم المناسب إنما هو المنازعة بينه وبين مالك العين.
ولا مانع من أن يكون التقييد بما يدل عليه الكلام، فإنه إذا جاز التخصيص والتقييد بمنفصل (1) من جملة من أخرى لا تعلق لها بالجملة الأولى فبالأولى ما كان من أصل الكلام. وقد مشى على هذا الظاهر، أعني أن الرجل في حديث سمرة مشتر. أخرجه ابن ماجه في سننه (2) فقال:" باب من سرق له شيء فوجده في يد رجل اشتراه ".
ثنا علي بن محمد، ثنا أبو معاوية، ثنا حجاج عن سعيد بن عبيد بن زيد بن عقبة، عن أبيه عن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إذا ضاع للرجل متاع، أو سرق له متاع، فوجده بيد رجل يبيعه فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن ".
وفي هذا السياق فائدة، وهو أن حديث سمرة قد روي من غير طريق الحسن، وليس في الحديث إلا ما يخشى من تدليس الحجاج (3)، فإنه أرطأة. وأما علي بن محمد شيخ ابن ماجه فقال ابن أبي حاتم (4) محله الصدق، وأما سعيد بن عبيد بن زيد بن عقبة فلم أجده في الخلاصة، والموجود فيها سعيد بن زيد بن عقبة (5) له فرد حديث عند ابن
(1) انظر " إرشاد الفحول "(ص583).
(2)
في " السنن " رقم (2331).
وهو حديث ضعيف. انظر " الضعيفة " رقم (1627).
(3)
حجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة بن شراحيل النخعي.
قال أبو زرعة: صدوق يدلس، وقال أبو حاتم: صدوق يدلس عن الضعفاء، يكتب حديثه.
قال النسائي: ليس بالقوي.
" تهذيب التهذيب ": (1/ 356 - 357).
(4)
في " الجرح والتعديل "(6/ 202 رقم 1112).
(5)
هو سعيد بن زيد بن عقبة الفزاري الكوفي.
قال ابن معين وأبو حاتم: ثقة.
وقال العجلي: ثقة.
انظر " تهذيب التهذيب "(2/ 19 - 20).
ماجه، وثقه أبو حاتم (1).
فإذا سلم أن الظاهر أن حديث سمرة إنما هو في غير المتهم بالسرقة، وحديث أسيد ابن حضير في غير المتهم بها أيضًا نفي التعارض بحاله، فيعدل إلى الترجيح (2) ولا شك أن ما كثرت طرقه، وعاضدته كليات الشريعة وجزئياتها وقضت به العقول أولى بالترجيح، وأحق بالقبول لدى النظر الصحيح والله تعالى أعلم [2أ].
(1) ذكره ابن حجر في " تهذيب التهذيب "(2/ 19).
(2)
انظر رد الشوكاني على هذا القول في الرسالة الآتية رقم (153).