الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(146)
42/ 2
بحث في قبول العدلة في عورات النساء
تأليف محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
وصف المخطوط:
1 -
عنوان الرسالة من المخطوط: بحث في قبول العدلة في عورات النساء.
2 -
موضوع الرسالة: " فقه ".
3 -
أول الرسالة: " بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآل رسولك وبعد:
فإنه جرى البحث مع بعض الأعلام في قبول العدلة في عورات النساء.
4 -
آخر الرسالة: " وقد تقرر في الأصول أنه واجب جمعًا بين الأدلة.
وفي هذا المقدار كفاية حرره الحقير محمد الشوكاني غفر الله له.
5 -
نوع الخط: خط نسخي مقبول.
6 -
عدد الصفحات: 7 صفحات.
7 -
عدد الأسطر في الصفحة: 22 سطرًا.
8 -
عدد الكلمات في السطر: 8 كلمات.
9 -
الناسخ: محمد بن علي الشوكاني.
10 -
الرسالة من المجلد الثاني من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمدك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآل رسولك، وبعد:
فإنه جرى البحث مع بعض الأعلام في قبول العدلة في عورات النساء، وفي اختلاف العلماء في ذلك، وفي الراجح من المرجوح من الأقوال في المسألة بحسب ما يقتضيه الدليل.
فأقول: الكلام على هذه المسألة، وما يتعلق بها ينحصر في وجوه ثلاثة:
الأول: في نقل الأقوال في المسألة وهي أربعة:
الأول: قول العترة (1)، وأبي حنيفة (2) وأصحابه أنها تقبل العدلة فيما يتعلق بعورات النساء.
(1)" البحر الزخار "(3/ 370)(5/ 21).
(2)
في " البناية في شرح الهداية "(8/ 130 - 131).
أبو حنيفة وأصحابه يقبلون شهادة النساء منفردات فيما لا يطلع عليه الرجال، كالولادة والبكارة وعيوب النساء. ويقبلون فيه شهادة امرأة واحدة.
قالوا: ولأنه لا بد من ثبوت هذه الأحكام، ولا يمكن للرجال الاطلاع عليها وإنما يطلع عليها النساء على الانفراد، فوجب قبول شهادتهن على الانفراد.
قالوا: وتقبل فيه شهادة الواحدة؛ لأن ما قبل فيه قول النساء على الانفراد لم يشترط فيه العدد، كالرواية.
قالوا: وأما استهلال الصبي. فتقبل شهادة المرأة فيه بالنسبة إلى الصلاة على الطفل ولا تقبل بالنسبة إلى الميراث، وثبوت النسب عند أبي حنيفة وعند صاحبيه يقبل أيضًا؛ لأن الاستهلال صوت يكون عقيب الولادة، وتلك حالة لا يحضرها الرجال، فدعت الضرورة إلى قبول شهادتهن، وأبو حنيفة يقضي بأحكام الشهادة. وأثبت الصلاة عليه بشهادة المرأة احتياطًا، ولم يثبت الميراث والنسب بشهادتها احتياطًا.
قالوا: أما الرضاع، فلا تقبل فيه شهادة النساء منفردات؛ لأن الحرمة متى ثبتت ترتب عليها زوال ملك النكاح، وإبطال الملك لا يثبت إلا بشهادة الرجال.
انظر: " جامع الفقه "(7/ 289).
انظر: " أعلام الموقعين "(4/ 252، 253)، " المغني "(14/ 136).
القول الثاني: لأصحاب الشافعي (1) أنه لا تقبل في عورات النساء إلا أربع عدلات، وهذا هو المعروف المقدر المعتمد عند الشافعية الآن. قال في المنهاج (2) ما لفظه: وما يختص بمعرفته النساء، أو لا يراه رجال غالبًا كبكارة، وولادة، وحيض، ورضاع، وعيوب تحت الثياب بما سبق، وبأربع نسوة، انتهى.
وهو يشير بقوله: بما سبق، إلى ما قدمه قبل هذا من الأمور التي اعتبر فيها شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين. قال شارحه المحلي في تفسير قوله: وعيوب تحت الثياب، ما لفظه: كبرص، ورتق، وقرن، وقال أيضًا: واحترز بقوله: تحت الثياب، عما قاله البغوي (3) العيب في وجه المرأة وكفيها لا يثبت إلا برجلين، وفي وجه الأمة وما يبدو عند المهنة تثبت برجل وامرأتين انتهى.
القول [1أ] الثالث: قول البتي (4) أنه لا يقبل في عورات النساء إلا ثلاث عدلات.
القول الرابع: قول مالك والأوزاعي (5) أنه لا يقبل في ذلك إلا عدلتان.
(1) قال الشافعي في " الأم "(13/ 360): "
…
ولا يجوز منهن أقل من أربع إذا انفردن قياسًا على حكم الله تبارك وتعالى فيهن؛ لأنه جعل اثنتين تقومان مع رجل مقام رجل وجعل الشهادة شاهدين أو شاهدًا وامرأتين، فإن انفردن فمقام شاهدين أربع ".
(2)
(8/ 312 - نهاية المحتاج).
(3)
انظر " شرح السنة "(9/ 87 - 88).
(4)
عزاه إليه ابن قدامة في " المغني "(14/ 136): قال عثمان البتي: يكفي ثلاث؛ لأن كل موضع قبل فيه النساء، كان العدد ثلاثة، كما لو كان معهن رجل.
(5)
ذكره ابن قدامة في " المغني "(14/ 135): وعن أحمد رواية أخرى لا تقبل فيه إلا امرأتان، وهو قول الحكم وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وإليه ذهب مالك والثوري؛ لأن كل جنس يثبت به الحق كفى فيه اثنان، كالرجال؛ ولأن الرجال أكمل منهن عقلاً ولا يقبل منهم إلا اثنان.
قال أبو عبيد: فأما الذين قالوا تقبل شهادة الواحدة في الرضاعة، فإنهم أحلوا الرضاع محل سائر أمور النساء التي لا يطلع عليها الرجال، كالولادة والاستهلال ونحوهما، وأما الذين أخذوا بشهادة الرجلين أو الرجل والمرأتين: فإنهم رأوا أن الرضاعة ليست كالفروج التي لا حظ للرجال في مشاهدتها وجعلوها من ظواهر أمور النساء، كالشهادة على الوجوه، والذين أجازوها بالمرأتين: ذهبوا - وإن لم يكن النظر في التحريم كالعورات، فإنها لا تكون بظهور الثدي والنحور، وهذه من محاسن النساء التي قد جعل الله فرضها الستر على الرجال الأجانب. ثم قال: والذي عندنا اتباع السنة فيما يجب على الزوج عند ورود ذلك، فإذا شهد به عنده المرأة الواحدة بأنها قد أرضعته وزوجته، فقد لزمته الحجة من الله في اجتنابها، ويوجب عليه مفارقتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمستفتي في ذلك دعها عنك وليس لأحد أن يفتي غيره.
" جامع الفقه "(7/ 289)، " أعلام الموقعين "(4/ 252).
هذه الأقوال حكاها صاحب البحر (1). وقال صاحب أصول الأحكام (2) في هذه المسألة ما لفظه: فقال أبو حنيفة وأصحابه مثل قولنا: تجوز شهادة امرأة واحدة. وروى ذلك عن الثوري، ذهب الشافعي، وابن شبرمة إلى أنه لا يقبل أقل من أربع نسوة، وعن البتي لا يقبل أقل من ثلاث في الولادة والاستهلال. وعن مالك، وابن أبي ليلى: لا يقبل أقل من شهادة امرأتين، انتهى.
قال في شرح البحر (3): وهذا يعني قبول العدلة في نحو الولادة، واستهلال المولود، والحيض. قال الإمام يحيى: وما يكون تحت الثياب من العيوب كالجذام، والبرص، والقرن، والرتق، والغفل.
قال في شرح البحر أيضًا (4): وأما الرضاع فالمذهب فيه ما مر في كتاب الرضاع عن
(1)(3/ 370) و (5/ 21).
(2)
" أصول الأحكام في الحلال والحرام ". تأليف أحمد بن سليمان الحسني اليمني.
فيه ما يزيد على ثلاثة آلاف وثلاثمائة حديث في الحلال والحرام من الأحكام الفقهية.
" مؤلفات الزيدية "(1/ 126 - 127).
(3)
انظر " ضوء النهار "(4/ 2088) و (3/ 1112).
(4)
انظر " ضوء النهار "(4/ 2088) و (3/ 1112).
العترة، وأبي حنيفة وأصحابه، أنه يعتبر فيه رجلان، أو رجل وامرأتان كما في الحقوق والأموال. قال: وحكى الإمام يحيى في هذا الموضع عن العترة، وأبي حنيفة وأصحابه أنه يكفي في الرضاع عدلة. انتهى.
الوجه الثاني: في الأدلة استدل صاحب البحر (1) لقول من قال: إنها تكفي عدلة في عورات النساء بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " كيف وقد شهدت السوداء بأنها أرضعتكما! " ثم قال: قلت: لعله صلى الله عليه وآله وسلم فهم حصول الظن بخبرها؛ إذ شهادة الواحدة لا تكفي في الرضاع، انتهى [1ب].
وأقول: الحديث الذي أشار إليه هو حديث عقبة بن الحارث عند البخاري (2)، والترمذي (3)، والنسائي (4) أنه تزوج بنتًا لأبي إهاب، فأتته امرأة فقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج بها، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتيني، فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر له الخبر فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم:" كيف وقد قيل! " ففارقها عقبة ونكحت زوجًا غيره. وفي رواية (5) أنه قال له: " دعها ". وفي أخرى (6) أنه نهاه عنها، ولكنه لا يخفى أنه لا يتم الاستدلال بهذا الدليل إلا بعد تسليم دلالته على ما ورد فيه، وهو الرضاع، وهو لا يدل على ذلك إلا إذا قامت به الحجة في الرضاع، فيلحق به غيره من عورات النساء بجامع أن ثدي المرأة
(1)(5/ 21).
(2)
في صحيحه رقم (5104).
(3)
في " السنن " رقم (1151).
(4)
في " السنن "(6/ 109).
قلت: وأخرجه أحمد (4/ 7) والدارمي (2/ 157 - 158) وأبو داود رقم (3603) والبيهقي (7/ 463). والطيالسي في مسنده (ص190 رقم 1337) وهو حديث صحيح.
(5)
عند البخاري في صحيحه رقم (2660).
(6)
عند البخاري في صحيحه رقم (2659).
عورة، وقد قبلت في رضاع الصبي منه عدلة، وأما من لم يجعله صالحًا للاستدلال به على الرضاع، ولم يكتف بقول العدلة فيه كما قاله صاحب البحر (1)، فكيف يصح الاستدلال به على قبول العدلة في العورات مع منع دلالته على ما ورد فيه وهو الرضاع! وكيف يسوغ الاستدلال بدليل في غير ما ورد فيه، مع منع دلالته فيما ورد فيه! فإن الدليل إذا لم يقو على ما هو نص فيه، أو على ما هو سبب له لا يقوى على ما هو خارج عنه، وإن ألحق به [2أ] بطريق من طرق القياس، ونوع من أنواعه؛ لأنه إذا قال المستدل به: يقبل قول العدلة في الحيض والولادة مثلاً قياسًا على الرضاع، فإنها قد قبلت فيه للحديث المتقدم. قال خصمه: أنت لا تقول بدلالة هذا الدليل على الأصل الذي هو الرضاع بل يعتبر فيه البينة الكاملة، فكيف تقول بأنه يدل على الفرع! وأما من قال بدلالته على قبول العدلة في الرضاع، وأقاس سائر العورات على الثدي، فلا يرد عليه ما ذكرناه.
وقد استدلت الشافعية على اعتبار أربع عدلات بما ذكره المحلي في شرح المنهاج (2)، قال: روى ابن أبي شيبة (3) عن الزهري قال: مضت السنة أنه تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادة النساء وعيوبهن، قال: وقيس على ما ذكر باقي المذكورات، انتهى.
وأقول: هذا الحديث أخرجه ابن أبي شيبة (4) في مسنده، كما ذكره المحلي، قال ابن أبي شيبة: حدثنا عيسى بن يونس الأوزاعي، عن الزهري: مضت السنة بأنها تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن، وأخرجه عبد الرازق (5) عن ابن جريج، عن ابن شهاب، قال: مضت السنة أنه تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادة
(1)(3/ 370).
(2)
انظر " نهاية المحتاج "(8/ 312).
(3)
في مصنفه (6/ 185 رقم 749).
(4)
في مصنفه (8/ 333).
(5)
في مصنفه (8/ 333).
النساء وعيوبهن. ولا يخفى عليك أن استدلال الشافعية بهذا الحديث إنما يتم بعد تسليم أن لفظ النساء لا يطلق إلا على الأربع، وهو ممنوع، بل لم يقل قائل من أهل اللغة [2ب]، وأهل علم العربية بذلك، والذي في كتب اللغة والعربية أن النساء جمع المرأة من غير لفظه، قال في القاموس (1) ما لفظه: النسوة بالكسر والضم، والنساء والنسوان والنسوان بكسرهن جموع المرأة من غير لفظها. انتهى.
وقد عرفت أن الثلاثة هي أقل (2) الجمع عند الجمهور، وعند جماعة من أهل اللغة كالزمخشري (3)، وجماعة من الفقهاء (4) أن أقل الجمع اثنان، فعلى فرض أن المراد بالنساء هنا الجمع لا الجنس لا يكون الحديث دليلاً على ما ذهبت إليه الشافعية، بل يكون دليلاً على ما قاله البتي أنه لا يقبل في عورات النساء إلا ثلاث عدلات. والظاهر أن المراد به هنا الجنس لوجهين:
أحدهما: أنه قد تقرر في علم البيان والأصول أن الألف واللام إذا دخلت على الجموع هدمت الجمعية (5) وصيرتها للجنس، ولفظ النساء هاهنا كذلك؛ فإنه جمع للمرأة من غير لفظه، وقد دخلت عليه الألف واللام، فانهدم الجمع وصار مفيدًا للجنس الصادق على الواحدة وما فوقها (6).
(1)(ص1725).
(2)
انظر " إرشاد الفحول "(ص427) و" تيسير التحرير "(1/ 207).
(3)
انظر " التبصرة "(ص127)، " القواعد والفوائد الأصولية "(ص238).
(4)
قال ابن حزم في " الإحكام "(1/ 391): هو قول جمهور أهل الظاهر وحكاه ابن الدهان النحوي عن محمد بن داود وأبي يوسف والخليل ونفطويه واختاره الغزالي في " المستصفى "(3/ 312) و" المنخول "(ص148).
(5)
انظر " إرشاد الفحول "(ص412)، " البحر المحيط "(3/ 93).
(6)
قال ابن قدامة في " المغني "(14/ 134 - 135) مسألة: قال: ويقبل فيما لا يطلع عليه الرجال، مثل الرضاع، والولادة، والحيض، والعدة، وما أشبهها، شهادة امرأة عدل.
ثم قال: لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في قبول شهادة النساء المنفردات في الجملة، قال القاضي: والذي تقبل فيه شهادتهن منفردات خمسة أشياء، الولادة، والاستهلال، والرضاع، والعيوب تحت الثياب كالرتق والقرن والبكارة والثيابة والبرص. وانقضاء العدة.
وانظر: " البناية في شرح الهداية "(8/ 130 - 132) و" جامع الفقه "(7/ 285) حيث قال أبو عبيد: الأقوال ثلاثة: أرجحها أنها تجوز شهادة النساء متفرقات فيما لا يطلع عليه الرجال غالبًا.
الوجه الثاني: أن الخطابات الشرعية الواردة على هذه الصفة لا يراد بها الجموع حتى تخرج المرأة والمرأتان كما يعرف ذلك من له إلمام بالأدلة الشريعة، بل يراد بها الجنس على وجه يشمل المرأة والمرأتين، وهذا [3أ] ظاهر لا يخفى.
الوجه الثالث: من الوجوه التي اشتمل عليها هذا البحث في بيان ما هو الراجح من الأقوال السابقة.
اعلم أن الراجح (1) قول من قال إنها تقبل العدلة في عورات النساء لوجوه:
الأول: حديث المرضعة الذي تقدم ذكره؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبلها ونهى الزوج عن المرأة التي تزوجها استنادًا إلى خبر تلك المرضعة، والثدي من جملة عورات النساء فيلحق غيره به لعدم الفارق.
الوجه الثاني: ما تقدم من قول الزهري (2) مضت السنة (3)
…
إلخ وهذه الصيغة لها حكم الرفع كما تقرر في الأصول، ولا يظن بمثله في حفظه وعلمه أن يقول هذه المقالة إلا بعد أن يطلع على ذلك من السنة. وقد قدمنا أن هذا الحديث من أدلة القائلين بقبول العدلة في عورات النساء.
الوجه الثالث: ما ذكره الأمير الحسين في الشفا (4) قال: خبر: وروى حذيفة عن
(1) انظر التعليقة السابقة.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
انظر " البحر المحيط "(4/ 376) و" إرشاد الفحول "(ص233).
(4)
(3/ 249 - 250).
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أجاز شهادة القابلة. وروى هذا الحديث أيضًا في أصول الأحكام فقال: خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قبل شهادة القابلة.
الوجه الرابع: ما أخرجه عبد الرازق في جامعه (1)، والضياء المقدسي في المختارة (2) والبيهقي في السنن (3) عن عبد الله بن يحيى أن عليًا - كرم الله وجهه - أجاز شهادة المرأة القابلة في الاستهلال.
الوجه الخامس: قال في أصول الأحكام (4) خبر: وعن علي عليه السلام أنه قبل شهادة امرأة واحدة فيما لا يطلع عليه الرجال.
الوجه السادس: أخرج عبد الرازق في جامعه (5) عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجاز [3ب] شهادة امرأة في الاستهلال.
الوجه السابع: أخرج البيهقي في السنن (6) عن ابن عمر أنه قال: لا تجوز شهادة النساء وحدهن إلا على ما لا يطلع عليه إلا هن من عورات النساء، وما يشبه ذلك من حملهن وحيضهن.
الوجه الثامن: قياس خبر المرأة عن الأمور المتعلقة بعورات النساء على قبول خبرها وحدها في سائر الأمور التي لا يتعلق بها خصومة، فإنها قد تفردت غير امرأة برواية الأحاديث الموجبة لإثبات شريعة يشمل الأمة التكليف بها، وتعم بها البلوى، فقبولها في
(1) في مصنفه (8/ 334).
(2)
لم أعثر عليه.
(3)
(10/ 151).
(4)
تقدم ذكره.
(5)
انظر مصنفه (8/ 334 رقم 15429).
(6)
(10/ 151 - 152).
وأخرجه عبد الرازق في مصنفه (8/ 333 رقم 15425).
قضية جزئية شخصية متعلقة بعورة امرأة أولى.
ولا منافاة بين هذه الأدلة الدالة على قبول العدلة في عورات النساء، وبين الأدلة الدالة على أنه يعتبر في الشهادة رجلان، أو رجل وامرأتان لأمور ثلاثة:
الأول: أن هذا خبر وليس بشهادة، فلا يشترط فيه ما يشترط في الشهادة.
الأمر الثاني: أنا لو فرضنا أنه يصدق على خبرها هذا أنه شهادة لكان الجمع ممكنًا بأن يقال: خبر العدلة في هذه الأمور لا تتعلق به خصومة، والشهادة الكاملة إنما اعتبرت في الأمور التي تتعلق بها الخصومات.
الأمر الثالث: أنا لو فرضنا أنه لا فرق بين ما يتعلق به خصومة وما لا يتعلق به خصومة، وأنه لا فرق بين الخبر والشهادة لكانت الأدلة المذكورة هنا الدالة على قبول خبر العدلة أخص مطلقًا من الأدلة الدالة على اعتبار رجلين، أو رجل وامرأتين، فيبنى العام على الخاص (1)، وقد تقرر في الأصول أنه واجب جمعًا بين الأدلة.
وفي هذا المقدار كفاية.
حرره الحقير محمد الشوكاني - غفر الله له -.
(1) انظر " إرشاد الفحول "(ص454).