المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السادس

- ‌تابع لكتاب الحج

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌مدخل

- ‌فصل: يحرم قلع شجر الحرم ونباته

- ‌فصل: حَدُّ الْحَرَمِ

- ‌فصل: تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْمِيَةُ بَلَدِهِ بِالْمَدِينَةِ

- ‌فصل: وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ

- ‌باب صفة الحج والعمرة

- ‌مدخل

- ‌فصل: ثُمَّ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا

- ‌فصل: ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى

- ‌فصل: أَرْكَانُ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضحية

- ‌فصل: مَنْ نَذَرَ هَدْيًا

- ‌فصل: الْمُضَحِّي: مُسْلِمٌ تَامٌّ مِلْكُهُ

- ‌كتاب البيع

- ‌‌‌مدخل

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ، وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِهِ

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌مدخل

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِذَا طَابَ أَكْلُ الثَّمَرِ وَظَهَرَ نُضْجُهُ جاز بيعه بشرط التبقية

- ‌باب الخيار

- ‌مدخل

- ‌باب خيار التدليس والغبن

- ‌مدخل

- ‌باب خيار العيب

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ وَالْإِقَالَةِ

- ‌مدخل

- ‌باب الخيار لاختلاف المتبايعين

- ‌مدخل

- ‌باب التصرف في المبيع وتلفه

- ‌مدخل

- ‌باب الربا

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَإِنْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ

- ‌باب السلم والتصرف في الدين

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ

- ‌باب القرض

- ‌مدخل

- ‌باب الرهن

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَيَحْرُمُ عِتْقُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ

- ‌فصل: وَالرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَانَةٌ

- ‌باب الضمان

- ‌مدخل

- ‌باب الحوالة

- ‌مدخل

- ‌باب الصلح وحكم الجوار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: مَنْ صُولِحَ بِعِوَضٍ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ مَعْلُومٍ فِي مِلْكِهِ صَحَّ

- ‌باب التفليس

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قِسْمَةُ مَالِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ

الفصل: ‌باب الفوات والإحصار

‌باب الفوات والإحصار

مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ لِعُذْرِ حَصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَا انْقَلَبَ إحْرَامُهُ عُمْرَةً، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، قَارِنًا وَغَيْرَهُ ; لِأَنَّ عُمْرَتَهُ لَا تَلْزَمُهُ أَفْعَالُهَا، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ عُمْرَةٍ عَلَى عُمْرَةٍ إذَا لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، فِي الْمَنْصُوصِ، لِوُجُوبِهَا كَمَنْذُورَةٍ، وَعَنْهُ: لَا يَنْقَلِبُ وَيَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، فَيَدْخُلُ إحْرَامُ الْحَجِّ عَلَى الْأَوِّلَةِ فَقَطْ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَدْخُلُ إحْرَامُ الْعُمْرَةِ وَيَصِيرُ قَارِنًا، احْتَجَّ الْقَاضِي بِعَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إحْرَامُ الْحَجِّ وَإِلَّا لَصَحَّ وَصَارَ قَارِنًا، وَاحْتَجَّ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَبِأَنَّهُ لَوْ جَازَ بَقَاؤُهَا لَجَازَ أَدَاءُ أَفْعَالِ الْحَجِّ بِهِ فِي السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَبِأَنَّ الْإِحْرَامَ إمَّا أَنْ يُؤَدَّى بِهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ، فَأَمَّا عَمَلُ عُمْرَةٍ فَلَا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ: يَتَحَلَّلُ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَلَيْسَ عُمْرَةً، وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ قَضَاءِ النَّفْلِ "وَ" كَالْإِفْسَادِ.

وَفِي الْفُصُولِ: لَا يَلْزَمُ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجَّةِ نَفْلٍ فَفَسَخَهُ لَزِمَهُ قَضَاءُ الْحَجِّ، وَعَنْهُ: لَا، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا، وَيَلْزَمُهُ إنْ لم يشترط1 أولا هدي على2

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل: "يلزمه".

2 بعدها في "ط": "الصحيح".

ص: 76

الصَّحِيحِ الْأَصَحِّ، قِيلَ: مَعَ الْقَضَاءِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي عَامِهِ "هـ" دَمٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ1 ذَبْحُهُ إلَّا مَعَ الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ، وَإِلَّا فِي عَامِهِ "م 1" وسواء كان ساق. هَدْيًا أَمْ لَا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُوجَزِ: وهو بدنة،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ عَلَى الْأَصَحِّ يَعْنِي مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ مُطْلَقًا قِيلَ: مَعَ الْقَضَاءِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي عَامِهِ دَمٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مَعَ الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ، كَدَمِ التَّمَتُّعِ، وَإِلَّا فِي عَامِهِ، انْتَهَى. هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِيهَا نَوْعُ خَفَاءٍ فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ وَحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: إنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي أَخْرَجَهُ مِنْ عَامِهِ، وَإِنْ قُلْنَا يَقْضِي أَخْرَجَهُ فِي عَامِ الْقَضَاءِ، وَقَطَعُوا بِذَلِكَ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ الَّذِي يُخْرِجُهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ الْفَوَاتِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَجِبُ عَلَيْهِ هَدْيٌ لِأَجْلِ الْفَوَاتِ يُخْرِجُهُ فِي سَنَتِهِ إنْ قُلْنَا: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ قُلْنَا: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، أَخْرَجَهُ فِي سَنَةِ الْقَضَاءِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ سَنَتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ، فَعَلَى هَذَا مَتَى يَكُونُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:"أَحَدُهُمَا" وَجَبَ فِي سَنَتِهِ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهُ إلَى قَابِلٍ. "وَالثَّانِي": أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ إلَّا فِي سَنَةِ الْقَضَاءِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيُخْرِجُهُ فِي سَنَةِ الْفَوَاتِ فَقَطْ إنْ سَقَطَ الْقَضَاءُ، وَإِنْ وَجَبَ فَمَعَهُ لَا قَبْلَهُ، سَوَاءٌ وَجَبَ الْهَدْيُ سَنَةَ الْفَوَاتِ، فِي وَجْهٍ، أَوْ سَنَةَ الْقَضَاءِ، انْتَهَى. وَتَابَعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْمُسْتَوْعِبِ، وَمَا قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ، وَاَللَّهُ أعلم

1 في "ب" و "س":"يجزيه".

2 5/424

3 463-464.

4 المقنع مع الشرح الكبر

ص: 77

فَإِنْ عَدِمَهُ زَمَنَ الْوُجُوبِ صَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ: ثلاثة في الحج وسبعة إذا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ1: وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ، قِيلَ: لُزُومُهُ مَعَ الْقَضَاءِ، أَوْ فِي عَامِ الْقَضَاءِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي قَوْلِهِ الْقَوْلُ الْآخَرُ "وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي عَامِهِ دَمٌ" وَقَوْلُهُ "دَمٌ" هُنَا لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ قَطْعًا ; لِأَنَّ الْكَلَامَ وَمَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي الْهَدْيِ الَّذِي لَزِمَهُ لِأَجْلِ الْفَوَاتِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: "وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ، عَلَى الْأَصَحِّ" وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْقَوْلِ الثَّانِي "وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مَعَ الْقَضَاءِ" صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ "إنْ وَجَبَ" يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ "قِيلَ مَعَ الْقَضَاءِ" أَيْ قِيلَ: يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ مَعَ الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ الْقَضَاءُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ "وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مَعَ الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ" وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، وَقَوْلُهُ: "بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ" يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ "يَلْزَمُهُ" وَتَقْدِيرُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مَعَ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ "وَإِلَّا فِي عَامِهِ" أَيْ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي لَزِمَهُ فِي عَامِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ رَأَيْت عَلَى بَعْضِ النُّسَخِ فِي حَاشِيَتِهَا مَكْتُوبٌ "هُنَا بَيَاضٌ وَحَزَرَ بِذَلِكَ الْمَكْتُوبِ" وَأَكْثَرُ النُّسَخِ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

عُدْنَا إلَى تَصْحِيحِ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ، فَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي وَقْتِ وُجُوبِ دَمِ الْفَوَاتِ هَلْ وَجَبَ فِي عَامِ الْفَوَاتِ وَيُؤَخِّرُ ذَبْحَهُ إلَى عَامِ الْقَضَاءِ؟ أَوْ وَجَبَ فِي عَامِ الْقَضَاءِ وَيَذْبَحُ فِيهِ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ فِي كَلَامِ الرِّعَايَةِ نَقْصًا أَيْضًا، وَتَقْدِيرُهُ: أَوْ سَنَةَ الْقَضَاءِ فِي آخَرَ، أَيْ فِي وَجْهٍ آخَرَ، فَيَكُونُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا،

أَحَدُهُمَا: وُجُوبُهُ مِنْ حِينِ الْفَوَاتِ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُ إلَى الْقَضَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ سَمَّيْنَا من الأصحاب قبل ذلك.

والقول بأنه وجب2 فِي عَامِ الْقَضَاءِ بَعِيدٌ جِدًّا فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ سوى هؤلاء الثلاثة والله أعلم.

1 أي: المصنف.

2 ليست في "ح" و "ط".

ص: 78

رَجَعَ "1إلَى أَهْلِهِ،1" وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ مِنْ قِيمَتَهُ يَوْمًا. وَعَنْهُ: يَمْضِي في حج فاسد ويقضيه.

وَإِنْ وَقَفَ النَّاسُ الثَّامِنَ أَوْ الْعَاشِرَ خَطَأً أَجْزَأَ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، قَالَ شَيْخُنَا: وَهَلْ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ بَاطِنًا؟ فِيهِ خِلَافٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهِلَالَ اسْمٌ لِمَا يَطْلُعُ فِي السَّمَاءِ، أَوْ لِمَا يَرَاهُ النَّاسُ وَيَعْلَمُونَهُ، وَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ،

وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ، قَالَ: وَالثَّانِي الصَّوَابُ. وَيَدُلُّ عليه لو أخطئوا: الغلط. فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ فَوَقَفُوا الْعَاشِرَ لَمْ يُجْزِئْهُمْ "ع" فَلَوْ اُغْتُفِرَ الْخَطَأُ لِلْجَمِيعِ لَاغْتُفِرَ لَهُمْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَوْمَ عَرَفَةَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَا خَطَأٌ وَصَوَابٌ لَا يُسْتَحَبُّ الْوُقُوفُ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ بِدْعَةٌ، لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا خَطَأَ،

وَمَنْ اعْتَبَرَ كَوْنَ الرَّائِي مِنْ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ بِمَكَانٍ لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَطَالِعُ فَقَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ فِي الْحَجِّ، فَلَوْ رَآهُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ لَمْ يَنْفَرِدُوا بِالْوُقُوفِ، بَلْ الْوُقُوفُ مَعَ الْجُمْهُورِ، وَيَتَوَجَّهُ وُقُوفُ مَرَّتَيْنِ إنْ وَقَفَ بَعْضُهُمْ لَا سِيَّمَا من رآه،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

ص: 79

وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ: إنْ أَخْطَئُوا لِغَلَطٍ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الرُّؤْيَةِ أَوْ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْإِغْمَاءِ أَجْزَأَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ: وَإِنْ أَخْطَأَ بَعْضُهُمْ وَفِي الِانْتِصَارِ عَدَدٌ يَسِيرٌ. وَفِي التَّعْلِيقِ فِيمَا إذَا أَخْطَئُوا الْقِبْلَةَ قَالَ: الْعَدَدُ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ. وَفِي الْكَافِي1 وَالْمُحَرَّرِ: نَفَرٌ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ يُقَالُ: إنَّ النَّفَرَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ، وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29] قِيلَ: سَبْعَةٌ، وَقِيلَ: تِسْعَةٌ، وَقِيلَ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ النَّفَرَ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْكَثِيرِ فَاتَهُ، وَقِيلَ: كَحَصْرِ عَدُوٍّ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. "عَرَفَةُ الْيَوْمُ الَّذِي يُعْرَفُ النَّاسُ فِيهِ" 2 فَإِذَا شَكَّ النَّاسُ فِي عَرَفَةَ، فَقَالَ قَوْمٌ: يَوْمُ النَّحْرِ، فَوَقَفَ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ، ثُمَّ عُلِمَ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ، أَجْزَأَهُمْ..

وَمَنْ مَنَعَ الْبَيْتَ وَاحِدًا أَوْ الْكُلَّ بِالْبَلَدِ أَوْ الطَّرِيقِ ظُلْمًا وَفِي الْإِرْشَادِ3 وَالْمُبْهِجِ وَالْفُصُولِ: فِي غَيْرِ عُمْرَةٍ ; لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ وَلَوْ خَافَ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ، وَفِيهِ في الخلاف منع وتسليم، قال في

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 2/465.

2 أخرجه الدارقطني في سننه 2/223.

3 ص 175.

ص: 80

الِانْتِصَارِ: وَأَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ إلَى جِهَةٍ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ: بَلْ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آمِنَةً وَلَوْ بَعُدَتْ، وَفَاتَ الْحَجُّ فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِأَنْ يَنْحَرَ هَدْيًا بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهِ وُجُوبًا مَكَانَهُ، كَالْحَلْقِ يَجُوزُ لَهُ فَقَطْ فِي الْحِلِّ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي الْحِلِّ، وَعَنْهُ: يَنْحَرُهُ فِي الْحَرَمِ، وَعَنْهُ: مُفْرِدٌ وَقَارِنٌ يَوْمَ النَّحْرِ، وَفِي الْكَافِي1: وَكَذَا مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَيَحِلُّ2.

وَالْمُحْصَرُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَاحِدٌ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: إنْ تَحَلَّلَ بَعْدَ فَوَاتِهِ فَهَدْيَانِ لِتَحَلُّلِهِ وَفَوَاتِهِ. وَمَنْ حُصِرَ عَنْ وَاجِبٍ لَمْ يَتَحَلَّلْ، بَلْ عَلَيْهِ دَمٌ لَهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَتَوَجَّهُ فِيمَنْ حُصِرَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ الثاني يتحلل وأومأ إلَيْهِ،

وَالتَّحَلُّلُ مُبَاحٌ لِحَاجَتِهِ فِي الدَّفْعِ إلَى قِتَالٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَالْعَدُوُّ مُسْلِمًا فَفِي وُجُوبِ الْبَذْلِ وَجْهَانِ "م 3" وَمَعَ كُفْرِ الْعَدُوِّ يُسْتَحَبُّ قِتَالُهُ إنْ قَوِيَ المسلمون،. وإلا فتركه أولى.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَالتَّحَلُّلُ مُبَاحٌ لِحَاجَتِهِ فِي الدَّفْعِ إلَى قِتَالٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَالْعَدُوُّ مُسْلِمًا فَفِي وُجُوبِ الْبَذْلِ وَجْهَانِ، انْتَهَى.

"أَحَدُهُمَا" يَجِبُ بَذْلُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشيخ الموفق والشارح: قياس الْمَذْهَبِ وُجُوبُ بَذْلِهِ، كَالزِّيَادَةِ فِي ثَمَنِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ، انْتَهَى. "قُلْت": بَلْ هُنَا أَوْلَى.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَجِبُ بَذْلُ خَفَارَةٍ بِحَالٍ، وَلَهُ التَّحَلُّلُ، كَمَا فِي ابْتِدَاءِ الْحَجِّ لَا يَلْزَمُهُ إذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آمِنًا مِنْ غَيْرِ خَفَارَةٍ، نَقَلَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَمَنْ حَصَرَهُ عَدُوٌّ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ عَنْ الْبَيْتِ وَاحْتَاجَ فِي دَفْعِهِ إلَى قِتَالٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ كَثِيرٍ وَقُلْنَا: لَا يَجِبُ لِدَفْعٍ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ يَسِيرٍ وقلنا: لا يجب دفعه، في الأصح،

1 2/466-467.

2 ليست في الأصل.

ص: 81

وإن عدم الهدي صام عشرة أيام1 بِالنِّيَّةِ، كَمُبْدَلِهِ، ثُمَّ حَلَّ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَلَا إطْعَامَ فِيهِ، وَعَنْهُ: بَلَى. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: إنْ عَدِمَ الْهَدْيَ مَكَانَهُ قَوَّمَهُ طَعَامًا وَصَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَحَلَّ، وَأُحِبُّ أَنْ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَصُومَ إنْ قَدَرَ، فَإِنْ صَعُبَ عَلَيْهِ حَلَّ ثُمَّ صَامَ،

وَفِي وُجُوبِ حَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ رِوَايَتَانِ، قِيلَ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ نُسُكٌ أَوْ لَا وَقِيلَ لَا يَجِبُ هُنَا "*""م 3" لِعَدَمِ. ذِكْرِهِ فِي الْآيَةِ ; وَلِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَيْسَ بنسك

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَى الْبَيْتِ تَرَكَ قِتَالَهُ مَعَ جَوَازِهِ، انْتَهَى. فَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ.

"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ حَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ رِوَايَتَانِ، قِيلَ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ نُسُكٌ أَوْ لَا، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ هُنَا، انْتَهَى. اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ لِلْمُحْصَرِ، فَقِيلَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ نُسُكٌ أَوْ إطْلَاقٌ مِنْ مَحْظُورٍ؟ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ جَزَمَ بِهَا فِي الْكَافِي2، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْوُجُوبَ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحُ: وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ مَعَ ذَبْحِ الْهَدْيِ أَوْ الصِّيَامِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلَعَلَّ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَلْقِ، هَلْ هُوَ نُسُكٌ أَوْ إطْلَاقٌ مِنْ مَحْظُورٍ؟ انْتَهَى.

فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ، عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ نُسُكٌ، فَكَذَا يَكُونُ هُنَا، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ هُنَا حَلْقٌ وَلَا تَقْصِيرٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ فِي حَقِّ غير الْمُحْصَرِ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْآيَةِ ; وَلِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَيْسَ بِنُسُكٍ خَارِجَ الْحَرَمِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ. وَقَدْ قَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَكَذَا ابْنُ رَزِينٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ.

"*" تَنْبِيهٌ: فِي قَوْلِهِ: وَفِي وُجُوبِ حَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ روايتان، قيل: مبني على أنه

1 ليست في "ب" و "ط".

2 2/468.

3 5/201.

ص: 82

خَارِجَ الْحَرَمِ ; لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْإِحْرَامِ كَرَمْيٍ وَطَوَافٍ،

وَلَوْ نَوَى التَّحَلُّلَ قَبْلَ هَدْيٍ وَصَوْمٍ لَمْ يَحِلَّ، وَلَزِمَهُ دَمٌ لِتَحَلُّلِهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ: لَا،

وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ نَفْلٍ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. ونقل أبو الحارث وأبو طالب: بلى "وهـ" وَمِثْلُهُ مِنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَخَرَّجَ مِنْهَا فِي الْوَاضِحِ مِثْلَهُ فِي مَنْذُورَةٍ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الْهَدْيُ: لَا يَلْزَمُ الْمَحْصَرَ هَدْيٌ وَلَا قَضَاءٌ لِعَدَمِ أَمْرِ الشَّارِعِ بِهِمَا، كَذَا قَالَ، وَاسْتَحْسَنَ ابن هبيرة: ولا فرض بعد إحرامه "وم ر"

وَإِنْ مُنِعَ فِي حَجٍّ عَنْ عَرَفَةَ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ مَجَّانًا، وَعَنْهُ: كَمَنْ مُنِعَ الْبَيْتَ، وَعَنْهُ: كَحَصْرِ مَرَضٍ، وَإِنْ حَصَرَهُ مَرَضٌ أَوْ ذَهَابُ نَفَقَةٍ بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْبَيْتِ، فَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ،

وَلَا يَنْحَرُ هَدْيًا مَعَهُ إلَّا بِالْحَرَمِ، نَصَّ عَلَى التَّفْرِقَةِ، وَفِي لُزُومِ الْقَضَاءِ وَالْهَدْيِ الخلاف، وأوجب الآجري القضاء هنا،. وعنه: يتحلل كمحصر بعدو1. وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَأَنَّ مِثْلَهُ حَائِضٌ تَعَذَّرَ مُقَامُهَا وَحَرُمَ طَوَافُهَا، أَوْ رَجَعَتْ وَلَمْ تَطُفْ لِجَهْلِهَا بِوُجُوبِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، أَوْ لِعَجْزِهَا عَنْهُ وَلَوْ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

نُسُكٌ أَوْ لَا، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ هُنَا "إيهَامٌ ; لِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَوَّلًا الرِّوَايَتَيْنِ ثُمَّ نَفَاهُمَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي، وَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: قِيلَ فِي حَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ رِوَايَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ عَلَى كَوْنِهِ نُسُكًا أَمْ لَا، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ هُنَا. وَعَلَى مَا قَالَهُ يُوهِمُ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ قَدْ صححت ولله الحمد.

1 في الأصل: "بعذر"، وفي "ط":"بعد".

ص: 83

لِذَهَابِ الرُّفْقَةِ، وَكَذَا مَنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَفِي التَّعْلِيقِ: لَا يَتَحَلَّلُ، وَاحْتَجَّ شَيْخُنَا لِاخْتِيَارِهِ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُوجِبْ عَلَى الْمُحْصِرِ أَنْ يَبْقَى مُحْرِمًا حَوْلًا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِ بَعِيدٍ أَحْرَمَ مِنْ بَلَدِهِ وَلَا يَصِلُ إلَّا فِي عَامٍ، بِدَلِيلِ تَحَلُّلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ لَمَّا حُصِرُوا عَنْ إتْمَامِ الْعُمْرَةِ1 مَعَ إمْكَانِ رُجُوعِهِمْ مُحْرِمِينَ إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ، وَاتَّفَقُوا أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لَا يَبْقَى مُحْرِمًا إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ.

وَيَقْضِي عَبْدٌ كَحُرِّ، وَفِيهِ فِي رِقِّهِ الْوَجْهَانِ، وَصَغِيرٌ كَبَالِغٍ. وَيَقْضِي مَنْ حَلَّ فِي حَجَّةٍ فَاسِدَةٍ فِي سَنَتِهِ إنْ أَمْكَنَهُ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِهَا، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَوْ جَازَ طَوَافُهُ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ لَصَحَّ أَدَاءُ حَجَّتَيْنِ فِي عَامٍ، وَلَا يَجُوزُ "ع" ; لِأَنَّهُ يَرْمِي وَيَطُوفُ وَيَسْعَى فِيهِ ثُمَّ يُحْرِمُ بِحَجَّةٍ أُخْرَى وَيَقِفُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَمْضِي فِيهَا، وَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَقُولُوا بِهِ ; لِأَنَّهُ إذَا تَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامِهِ فَلَا مَعْنًى لِمَنْعِهِ مِنْهُ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ،

وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ لَبَّى بِحَجَّتَيْنِ لَا يَكُونُ إهْلَالًا بِشَيْئَيْنِ ; لِأَنَّ الرَّمْيَ عَمَلٌ وَاجِبٌ بِالْإِحْرَامِ السَّابِقِ، فَلَا يَجُوزُ مَعَ بَقَائِهِ أَنْ يُحْرِمَ بِغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ في مسألة المحصر هذه. والله أعلم2.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه البخاري "1807" من حديث ابن عمر.

2 هنا نهاية النقل من النسخة المكملة لنسخة الأصل.

ص: 84